ابن زنباع الطنجي
أبو الحسن بن زنباع الصنهاجي والمعروف ب ابن زنباع الطنجي كان أديب وطبيب وفقيه مغربي، تولى القضاء زمن المرابطين بطنجة بينما تم تعيين صديقه القاضي
أبو الحسن بن زنباع الطنجي | |
---|---|
أبو الحسن بن زنباع الصنهاجي | |
معلومات شخصية | |
الميلاد | غير معروف المغرب |
الوفاة | غير معروف المغرب |
العرق | عرب |
الديانة | الإسلام |
الحياة العملية | |
أعمال | كتاب ديوان أبي الحسن بن زنباع الطنجي |
المهنة | أديب مسلم |
سبب الشهرة | الأدب - العلوم - الفصاحة - البيان - الشعر - الطب - القضاء |
تعديل مصدري - تعديل |
عياض على قضاء سبتة. وينسبه أبو العباس القلقشندي في كتابه صبح الأعشى إلى أهل طنجة. ويروي الفتح بن خاقان أنه كان عالما بالطب واضح المنهاج «موفق العلاج».
كان ابن زنباع مولعا بالطبيعة وجمالها ووصفها في أشعاره. كما يذكر في أشعاره انتصارات وبطولات الجيوش المرابطية في الأندلس.[1]
نسبه
يعود نسبه إلى حمير - كما يقول القلقشندي - فصحيح بشهادته واقراره على هذا البيت من شعره :
وتَلافَنيِ قبل التلافِ فاننيٍ من حِمْيَرٍ وسيأخذونك في دمي
وحميْر هي أهلُ منهاجة عندهم كما قال الشاعرأبو محمد بن حامد في دولة المرابطين :
قوم لهم شرَف العلا من حِمْيَرٍ واذا انْتمَواْ صَنهاجة فهُمُ همو
وقال الراجز عبدالعزيز الملزوزي :
وإن صَنْهاجَ سَليلِ حِمْيَر وهْوَ ابنه لِصلْبه لا العنْصر
وتم أخذ جميع هذه القصائد من كتاب ابن زنباع الطنجي[2]
اسمه
ثم يقول عبد الله كنون : ثم وثقفنا بعد ذلك على نسخة مخطوطة مِنَ القلائد في المكتبة العامة بتطوان فوجدنا اسمه فيها : (ابن بَياع) لا ابن زنباع وهو كذلك وارد في طِراز المجالس لـشهاب الخفاجي الذي أنشد له بيتين مختلفتين من قصيدتين منسوبتين له في القلائد، مقتصراً على قوله في تسميته : (ابن بَياع) من قصيدة :
وقَفتْ عليها السحْب وقفةَ راحِمٍ فبكتْ لها بعيونـها وقلوبِـها
ومن أخرى :
أبِيت أُداري الشوقَ والشـوق مقبِل علي وأدعو الصبرَ والصبر مُعرِض
ولعل هذا ما حَمَل المستشرق الفرنسي (هـ. بيريس) على القول في كتابه الشعر الأندلسي في القرن الحادي عشر : انه يدعى بِكلا الاسمين، وكلما ذكره سواء في صلْب الكتاب أو في الفهرس يقول فيه : ابن زنباع أو ابن بياع
نبذه منه
كان الفقيه القاضي أبو الحسن بن زْنباع مليء حياء، وقنيء استحياء، طود سكون ووقار، وروضة نباهة يانعة الأزهار وسمت صفحات المهارق غرره، وانتظمت بلبات المغارب والمشارق درره، إن نطق رأيت البيان منسرباً من لسانه، والإحسان منتسباً لإحسانه، حوى العلوم وحازها، وتحقق حقائق العرب ومجازها، وروى قصائدها وارجازها، وعلم إطالتها وإيجازها، وهو في الطب موفق العلاج، واضح المنهاج، وله نظم تزهى به نحور الكعاب ويستسهل إلى سماعه سلوك الصعاب، وقد أثبت منه ما تجتليه فستستحليه، وتعقله فتنقله .
علمه وأدبه
أن هذا الرجل كان من صدور الرجال في عصره، جمع من صفات الفضل وأدوات الكمال، ما قل أن اجتمع في غيره، وتولى رفيع المناصب، وبلغ أعلى المراتب ويكفي أن يكون من رجال القلائد لمعرفة مكانته الأدبية، ومع ذلك، ولولا عمل ما يشبهه المعادلات الرياضية لمَا اهتدينا إلى اثبات مغربيته، ولمَا ظن أحد أنه من أبناء هذا المغرب الذي يقال بحق انه بلاد الغرائب .
لِذا فنحن لا نستطيع أن نقدم من المعلومات الشخصية عنه شيئاً غير مانفهم من تحلية الفتح له بالفقيه القاضي وصفته بالمشاركة في العلوم والآداب والفصاحة والبيان، والطب أيضاً، من أنه حقيقةً شخصيةٌ فذةٌ قضى عليها الإهمال، وكاد يمحوها النسيان من تاريخ المغرب، وأن الأدب هو أقل بضاعة كانت تتميز بها هذه الشخصية، فصار اليوم أكثر ما نذكرها به .
ودلالة هذا الكلام واضحة جداً على الأمور الآتية :
- انه كان من مشاهير رجال الفقه والقضاء، ويؤخذ ذلك من ذكر الفتح له في القسم الثالث من كتابه القلائد، الخاص بأعيان القضاء، والعلماء السراة، فهو في هذه الطبقة التي لها الصدارة والتقديم من الفقهاء والقضاة كـأبي وليد الباجي وابن حمدين وابن عطية والقاضي عياض ، ومن علماء اللغة والأدب كـأبي عبيد البكري وابن السيد البطليوسي وأمثالهم، ولذلك ذكره معهم، وعلى هذا فان ولايته للقضاء لابد أن تكون في مدينة من كبريات المدن، ولا نستبعد أن تكون في مدينة طنجة، وحيث إن تاريخها على عراقتها قد لفه النسيان فكذلك تاريخ صاحبنا وولايته، وهو من خيرِ من أنجبت وأنجب وأنجلت
- أنه كان من ذوي المشاركة في العلوم غير الفقه الذي استحق به ولاية القضاء ، وذلك ما تصرح به هذه العبارة : (( حوى العلوم وحازها، وتحقق حقائق العرب ومجازها )) فضلا عما قبلها وما بعدها من العبارات التي تشير إلى تضلعه في علوم العربية والآداب وضربه بسهم مصيب في صناعتي النظم والنثر، وانتشار آثاره في ذلك بالمشرق والمغرب
- أنه كان يتعاطى صناعة الطب وأنه كان فيها موفقاً صاحب طريقة واضحة، وهي كفاية زائدة على كفاياته المذكورة قبل، وربما دلت على أن له نظراً في غيرها من العلوم التجريبية التي لا تحصل المهارة في الطب الا بها
- أنه كان ذا أخلاق عالية وصفات كريمة يغلب عليها الحياء وهو يستلزم التواضع والانزواء ولعله بذلك لم يكن يخالط الناس كثيراً فاغفلوه ذكره... وهذا إلى سكون ووقار يقتضيهما سمت العلم وناموس الحكم
وكل هذه الدلالات مما يرفع من مقامه ويجعله من الشخصيات البارزة بين أهل عصره وان كنا الآن انما نلتمس ملامح شخصيته تلمساً من وحي الفقر والاسجاع التي أفرغ الفتح فيها ترجمته .
شعره
هذا ولئن كان ما بقي من آثاره، إنما هو هذا النبذة من أشعاره، التي نجدها في القلائد، فانا نعد ذلك كسباً هاماً، لأنه يظهرنا على ناحية من حياته الفكرية المتعددة الوجود، وهي براعته الشعرية التي لا نزاع فيها، فنحن لو كان لنا أن نتخير من إنتاجه الشعري المتنوع الأغراض، لما زدنا على ما تخيره منه أديب الأندلس في عصره، وضمنه مجموعته الأولى التي هي قلائد العقيان.[3]
ان الشعر المترجم طبقة عالية في البلاغة والانجسام متين الحوك، رقيق الديباجة، جميل التصور، لطيف التخيل، يصدر عن ثقافة واسعة، ونظرة متفتحة على الحياة، ولو لم يصل منه الا هذه القصيدة البائية التي يقولها في وصف الربيع لكانت كافية في التعرف إلى إبداعة الشعري، فان من الشعراء، من خلد ذكره بقصيدة واحدة .
وهناك قصائد كثير لابن زنباع الطنجي سوف نعرض منها واحدة وهي ربيعيته المنوه بها :[4]
أبدت لنا الأيام زهرة طيبها
وتسربلت بنضيرها وقشيبها
واهتز عطف الأرض بعد خشوعها
وبدت بها النعماء بعد شحوبها
وتطعلت في عنفوان شبابها
من بعدما بلغت عتي مشيبها
وقفت عليها السحب وقفة راحمٍ
فبكت لها بعيونها وقلوبها
قعجبت للازهار كيف تضاحكت
ببكائها وتباشرت بقطوبها
وتسربلت حللاً تجر ذيولها
من لدمها فيها وشق جيوبها
فلقد أجاد المزن في إنجادها
وأجاد حر الشمس في تربيبها
ما أنصف الخيري يمنع طيبه
لحضورها ويبيحه لمغيبها
وهي التي قامت عليه بفئها
وتعاهدته بدرها وحليبها
فكأنه فرض عليه مؤقتٌ
ووجوبه متعلق بوجوبها
وعلى سماء الياسمين كواكب
أبدت ذكاء العجز عن تغييبها
زهر تؤقت ليلها ونهارها
وتفوت شأو خسوفها وغروبها
فضلت على سير النجوم بأسرها
وسروها في الخلفتين وطيبها
فتأرجت أرجاؤها بهبوبها
وتعانقت أزهارها بنكوبها
وتصوبت فيها فروع جداولٍ
تتصاعد الأبصار في تصويبها
تطفو وترسب في أصول ثمارها
والحسن بين طفوها ورسوبها
فكأنما هي موجسات أساودٍ
تنساب من أنقابها للصوبها
فأدر كؤوس الأنس في حافاتها
واجعل سديد القول من مشوربها
فحديث إخوان الصفاء لذاذة
تجنى ويومن من جناية حوبها
واركض إلى اللذات في ميدانها
واسبق لسد ثغورها ودروبها
اعريت خيلك صيفها وخريفها
وشتاءها هذا أوان ردوبها
أو ما ترى الازهار ما من زهرةٍ
إلا وقد ركبت فقار قضيبها
والطير قد خفقت على أفنانها
تلقي فنون الشدو في أسلوبها
تشدو وتهتز الغصون كأنما
حركاتها رقص على تطريبها
لقد اشتملت هذه القصيدة على فنون من بديع القول، قلما تأتت الا بمن طال باعه في صناعة الكلام، وقد مر بنا البيت الذي أنشده منها الشهاب الخفاجي لاستجادته إياه، وهو البيت الرابع الذي يصف فيه تعاطف السحاب مع الأرض بعدما بلغت من المشيب عتياً ؛ فرحمتها حتى بكت عليها، وهو تخييل بارع يتضمن تعليلا شعرياً لنزول المطر، ولمعرفة المزيد من أشعاره النظر إلى ذكريات مشاهير المغرب، ابن زنباع الطنجي، للمؤلف عبد الله كنون .
مراجع
- ^ تاريخ الأدب العربي 10 موريتانيا والمغرب الجزائر تونس ص 401-403 نسخة محفوظة 13 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ ذكريات مشاهير رجال المغرب، إبن زنباع الطنجي، للمؤلف عبدالله كنون
- ^ الفتح مجموعة ثانية هي مطمح الأنفس كما هو معلوم
- ^ ذكريات مشاهير المغرب، ابن زنباع الطنجي، صفحة 15 و 16