أرابيكا:مقالة الصفحة الرئيسية المختارة/82

شاهجهان
شاهجهان

شهاب الدين شاهجهان هو خامس سلاطين مغول الهند، وقد حكم بلاد آبائه من سنة 1037هـ المُوافقة لِسنة 1628م إلى سنة 1068هـ المُوافقة لِسنة 1658م. لقَّبه والده بِـ«شاهجهان» أي «ملك العالم» بِالفارسيَّة، وذلك لقاء كفاءته العسكريَّة وحملاته الناجحة التي قام بها على بلاد الدكن، وسمح لهُ أن يكون الرّجُل الوحيد الذي يجلس في حضرته. لكن رُغم ذلك، شابت علاقة شاهجهان بِوالده جهانكير بضعة شوائب خِلال السنوات الأخيرة من عهد الأخير، وذلك بِفعل تدخُّل زوجة أبيه نورجهان في الحياة السياسيَّة، وعملها على إقصاء شاهجهان عن ولاية العهد وتنصيب أخيه الضعيف شهريار بدلًا منه، لكنَّ ذلك لم يُجدِ نفعًا، إذ تمكَّن شاهجهان من اعتلاء عرش المغول بُعيد وفاة أبيه، وأزاح شقيقه ومن نافسه من أعضاء البيت التيموري، بِدعمٍ من الساسة والجيش، وعفا عن كُل من ائتمر ضدَّه. واجه شاهجهان بعض المصاعب والاضطرابات في بداية عهده، لكنَّهُ تمكَّن من تذليل أغلبها، وشرع يُمكِّن دعائم دولة آبائه، فأبطل الكثير من البدع التي أدخلها جدُّه جلال الدين أكبر واستمرَّ بعضها خلال عهد والده جهانكير، وأثارت سخط المُجتمع الإسلامي في الهند، كما أجرى الكثير من الإصلاحات الإداريَّة، وشجَّع العُلُوم والآداب والفُنُون، ومكَّن رابطة رعيَّته بِالإسلام، فازدهرت دولته وبلغت شأنًا عظيمًا من الرُقي والتقدُّم، حتَّى عُدَّ عهده العصر الذهبي لِسلطنة مغول الهند. وكان شاهجهان مُتدينًا مُتمسكًا بِالعقيدة والشعيرة السُنيَّة، فانعكس ذلك سلبًا على علاقته مع الصفويين، في حين انعكس إيجابًا على علاقته مع العُثمانيين، كما اشتهر بالحزم الشديد مع رجاله وعُمَّاله على الأمصار، وبِسهره على مصالح رعيَّته وحرصه على تحقيق العدل وإنزال العقاب بِمن يُلحقُ الضُرَّ بهم. من أبرز الأُمُور التي اشتهر بها شاهجهان في وسط العامَّة: شغفه وهيامه الكبيرين بِزوجته أرجمند بانو بيگم، التي لقَّبها «مُمتاز محل»، وحُبُّه الكبير لِلعمارة، بحيثُ شاد روائع مُعماريَّة عديدة، أصبح بعضها من أبرز المعالم المعماريَّة الإسلاميَّة في العالم، ومن الرُمُوز التاريخيَّة والثقافيَّة لِلهند، ومنها على سبيل المثال: الحصن الأحمر والمسجد الجامع لِمدينة تھتة وضريح تاج محل، الذي بُني خصيصًا لتُدفن فيه مُمتاز محل التي تُوفيت وهي بعدُ شابَّة. وفي أواخر عهده، أُصيب شاهجهان بِمرضٍ أقعده، فعجز عن مُباشرة الحُكم بِنفسه، فتصارع أبناؤه على العرش، وكانت الغلبة في نهاية المطاف لِأورنكزيب، الذي كان أقدرهم دون مُنازع، فحجر على والده في قلعة أغرة وأحاطه بِمظاهر التكريم، وبقي شاهجهان مريضًا في حجره إلى أن أدركه الموت يوم 17 رجب 1076هـ المُوافق فيه 22 كانون الثاني (يناير) 1666م.

تابع القراءة