تضامنًا مع حق الشعب الفلسطيني |
موقع جرش الأثري
موقع جرش الأثري
|
موقع جرش الأثري، يقع في محافظة أحد رفيدة، كما يقع على مسافة 15 كم جنوب خميس مشيط التابعة لمنطقة عسير جنوب غرب السعودية. يحتوي الموقع على بقايا مبان ضخمة بعضها من الحجارة وأخرى من الطين، كما تضم معثورات يعود تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام والفترات الإسلامية المتعاقبة وصولاً إلى القرن الحادي عشر الميلادي،[1] حيث ظهرت دلائل على الاستيطان خلال الفترة العباسية في شمال ووسط الموقع، أما في جنوب الموقع فهناك دلائل على الاستيطان خلال الفترة الإسلامية الوسيطة والمتأخرة.[2] تقع جرش على طريق الحج القادم من اليمن، وقد اشتهرت بصناعاتها الجلدية[3] والحربية ومن ضمنها المنجنيق والعرادات وما كان يعرف باسم الدبابات[4]، كما كانت جرش معروفة في فترة البعثة النبوية كونها مركزاً تجارياً مهماً، وقد أسلم أهل جرش في عهد النبي محمد.[1]
جرش في التاريخ
بالقرب منها وقعت معركة جبل شكر بين المسلمين والمشركين في السنة العاشرة من الهجرة، وكان قائد المسلمين الصحابي صرد بن عبد الله، وقد انتصر عليهم في هذه المعركة، وقد وفدوا أهالي جرش على النبي محمد بالمدينة المنورة فأخبرهم عن المعركة، ولما عادوا إلى بلادهم وجدوا بأن المعركة حصلت كما قال الرسول،[5] وفي معركة جرش يقول الشاعر صرد بن عبد الله أبياته:[6]
التسمية
جرش عند اللغويين:
- قال الزبيدي في تاج العروس:«جرش الشيء قشره فهو مجروش، وجرش الجلد دلكه ليلامس، قال رؤبة: *لا يتقى بالدرق المجروش* أي المدلوك ليلامس ويلين، وجرش الشيء لم ينعم دقه فهو جريش».
- قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة:«جرش: الجيم والراء والشين أصلٌ واحد وهو جَرْش الشيء: أن يُدَقّ ولا يُنْعَمدَقّه. يقال جَرَشْته، وهو جرِيش. والجُراشة: ما سَقَط من الشيء المجروش».
- قال الزمخشري في أساس البلاغة: «جرش الملح والحبّ جَرْشاً: لم يُنْعِم طحنَه ودقّه، وملحٌ جريشٌ. وجرش الرأس بالمُشْطِ: حكّه حتى يهيج هِبْريَتَه، ويُقَال للمُشَاطة: الجُرَاشة، وكذلك ما يَتَحاتّ من الخشب».[7]
تعددت أسباب تسمية جرش بهذا الاسم، فقيل أن أسعد أبا كرب خرج غازياً من اليمن غزوته الأولى وعندما وصل إلى موقع جرش بأرض السراة رأى موضعاً به عدد قليل من السكان وكثير الخيرات، فترك به بعضاً من أتباعه، فقالوا بما نعيش. فقال: «اجترشوا من هذه الأرض وأثيروها واعمروها»، فسميت جرش، وقد أورد ياقوت الحموي هذه القصة إلا أنه لم يتفق قوله مع هذه الرواية، وإنما يرى بأن بعض من قومه تحيروا وضعفوا عن اللحاق بالجيش، فقال لهم «اجرشوا هاهنا»، أي البثوا، فسميت جرش بذلك.[1] ويذكر البكري أنها سميت بجرش بن أسلم كونه أول من سكنها، ويتفق ياقوت الحموي مع البكري نقلاً عن أبي المنذر هشام، فيذكر أن جرش بن أسلم هو منبه بن أسلم بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وآل بن الغوث بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ، وهو أول من سكن جرش فسميت باسمه، وهناك بعض من علماء النسب من يضع هذا القول كابن حزم الأندلسي والوزير المغربي اللذين يؤكدان بأن جرش أحد أبناء أسلم بن زيد الحميري، ويذكر ياقوت الحموي رأياً آخر نقلاً عن أبي المنذر هشام بن الكلبي قوله: «جرش قبائل من أفناء الناس تجرشوا وكان الذي جرشهم رجل من حمير يقال له زيد بن أسلم خرج بثور له عليه حمل شعير في يوم شديد الحر فشرد الثور فطلبه فاشتد تعبه فحلف لئن ظفر ليذبحنه ثم يجرش الشعير وليدعون على لحمه فأدركه بذات القصص عند قلعة جرش وكل من أجابه وأكل معه يومئذ كان جرشياً»، ولم يذهب ياقوت بعيداً عن الرأي الذي قاله البكري نقلاً عن كتب النسب المبكرة ولكن لم يرد في الرواية ذكر جرش وإنما ورد باسم زيد بن أسلم بينما ورد في الراوية السابقة باسم منبه بن أسلم، ومن المحتمل أن زيداً وأسلم هما اسم لشخص واحد، ثم بعد تمكنه من القبض على ثوره ووعدهم بجرش الشعير على لحم الثور صار يطلق عليه اسم جرش، ثم نسبت البلاد التي حصل بها جرش الشعير وأكل لحم الثور إلى اسم جرش.[1]
مخلاف جرش
هناك العديد من المصادر الإسلامية المبكرة التي أشارت إلى موقع مخلاف جرش، إلا أنها لم تذكر حدود الإقليم، فالبعض منهم يذكر جرش عند ذكر المحطات التجارية الواقعة على الطريق الموصل ما بين صنعاء ومكة المكرمة عبر الأجزاء الشرقية من بلاد السراة، ومعظم تلك المصادر التي أشارت إلى تلك الطريق، ذكرت المحطات الواقعة إلى الشرق من جرش، فهناك ابن خرداذبة والإدريسي أشارا إلى المحطات التي تربط مكة المكرمة بصنعاء، وبعد ذكرهما لمحطة مدينة بيشة، استمرا في تعداد المحطات صوب الجنوب حتى ذكرا محطة سروم راح الواقعة إلى الشرق من جرش على بعد ثمانية أميال، أما أبو الفرج قدامة فلم يتفق معهما في المسافة بين سروم راح وجرش، وأورد اسم محطة (كتنة) الواقعة إلى الشمال من محطتي سروم راح والثجة، وأكد أن كتنة هي التي تبعد عن جرش بثمانية أميال.
أما فيما يتعلق بالدراسات الحديثة فيقول الدكتور غيثان الجريس:
ويرجح الجريس هذا الرأي لأن مخلاف جرش بجميع مدنه وقراه في الوقت الحالي لا يشتمل فقط على خميس مشيط وما حولها فقط، بل يشمل يضم أغلب أقاليم عسير، وبخاصة الأجزاء السروية، حيث أن اسم جرش لم يكن يشمل المدينة فقط، وإنما كان يطلق على أغلب بلاد عشائر قحطان وشهران وعسير. وبهذا الامتداد، فإن القسم الشرقي من المخلاف، وربما كان يبعد قليلاً،
ومن النصوص التي تؤكد شمول التسمية على اتساع مخلاف جرش ما جاء في كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني تحت عنوان (جرش وأحوازها) قوله:
قال البكري: «ولها أعمال تنسب إلى المخاليف والأعراض»، وذكر جرش على أنها من المخاليف الواقعة في تلك الأجزاء. أما اليعقوبي في كتابه (البلدان) وتحت عنوان (من مكة إلى اليمن) فقد ذكر العديد من الأعمال والمخاليف ومن ضمنها جرش، وفي فصل مستقل لابن رسته سماه (الأقاليم السبعة، وأسماء مدنها المشهورة)، ذكر في الإقليم الأول العديد من مدن جنوب شبه الجزيرة العربية وكانت جرش من ضمنها، وأشار ابن خرداذبة إلى مخاليف مكة المكرمة، فذكر جرش على أنها من المخاليف التابعة لولاية مكة، وأشار الإدريسي إلى كل من نجران وجرش فقال: «هما مدينتان متقاربتان في الكبر وبهما نخل وبهما مدابغ للجلود...». وأشار البكري، وياقوت الحموي، وابن منظور إلى جرش فقالوا: «هو موضع باليمن»، ولكن ابن منظور زاد في حديثه قائلاً: «... هو من مخاليف اليمن من جهة مكة، ويوجد في الإقليم الأول، وهو مدينة عظيمة وولاية واسعة». وتعتبر جرش قاعدة المخلاف، من أهم المراكز الحضارية الواقعة شمال نجران وجنوب مكة المكرمة.[8]
آثار الموقع
يضم موقع جرش الأثري، حصن جرش، ومسجد المتعاقبين، كما يحتوي الموقع على معثورات أثرية متنوعة، حيث هناك الأواني الزجاجية والمصنوعات الحجرية، ومعثورات دقيقة، وأواني فخارية من فترة ما قبل الإسلام، إضافة إلى ذلك يوجد نقش على صخرة لأسد وثور مكتوب أسفل منهما بخط المسند، وقد نفذ هذا الرسم بأسلوب الحفر البارز، ويعتقد بأنه يرمز إلى النماء والقوة التي كانت تتمتع بها مدينة جرش في ذلك الوقت.[9] وقد وجدت نفس النفوش في منطقة حائل وعدد من مواقع الفنون الصخرية ويعتقد أنها ترمز للحرب بين المعبودات السريانية المتمثلة في «بعل» في صورة الثور والذي يرمز للحياة و«موت» في صورة الأسد والذي يرمز للدمار والخراب. كما أن البعض قد أعزى النقش إلى الوجود الواقعي لمملكتي إسرائيل الشمالية والجنوبية (يهوذا) حيث يعتقد أن جرش عرفت باسم «قادش» أو البيت المقدس بالسريانية القديمة، وقد قضي على المملكتين الشمالية والجنوبية نتيجة للحروب الفارسية الحبشية والاستيلاء الفارسي على جنوب جزيرة العرب، وقد عُثر على الأحجار والأدوات المنحوتة على صخور جبل حمومة الواقع خلفها.[10]
مركز الزوار
في مارس 2015 تم توقيع عقد مشروع تأهيل مركز الزوار في موقع جرش الأثري، الذي يضم صالات متعددة، إحداها لعرض المقتنيات الأثرية بالموقع، وأخرى خاصة بعرض الأفلام الوثائقية عن الموقع، بالإضافة إلى صالة انتظار للزوار، ومقهى لخدمة الزوار، وإدارة المركز.[9]
انظر ايضاً
وصلات خارجية
المراجع
موقع جرش الأثري في المشاريع الشقيقة: | |
- ^ أ ب ت ث "جرش وجه الحضارة المندثر". صحيفة عكاظ. مؤرشف من الأصل في 2016-03-05. اطلع عليه بتاريخ 2015-03-11.
- ^ "سلطان بن سلمان يتفقد أعمال التنقيب في موقع جرش الأثري بمنطقة عسير". الهيئة العامة للسياحة والآثار. مؤرشف من الأصل في 2016-03-05. اطلع عليه بتاريخ 2015-03-11.
- ^ الشواهد الأثرية والتاريخية في المملكة العربية السعودية، محمد بن سعود بن صنداح الحمود، 1414هـ/1994م، ص114.
- ^ مدينة جرش من المراكز الحضارية القديمة، محمد أحمد معبر، دار جرش للنشر والتوزيع، خميس مشيط، 1408هـ/1988م، ص41-42.
- ^ "الموسوعة الشاملة - ملتقى أهل الحديث، مخلاف جرش". islamport.com. مؤرشف من الأصل في 2022-10-19. اطلع عليه بتاريخ 2022-10-19.
- ^ من مذكرات تركي بن محمد بن تركي الماضي عن العلاقات السعودية اليمنية، دار الشبل للنشر والتوزيع والطباعة، الرياض، 1417هـ/1997م، ص357.
- ^ مدينة جرش من المراكز الحضارية القديمة، محمد أحمد معبر، دار جرش للنشر والتوزيع، خميس مشيط، الطبعة الأولى، 1408هـ/1988م، ص25
- ^ "مخلاف جرش". صحيفة عكاظ. مؤرشف من الأصل في 2015-09-24. اطلع عليه بتاريخ 2015-03-11.
- ^ أ ب "سلطان بن سلمان يوقع عقد مشروع تأهيل مركز الزوار في «جرش» عسير". جريدة الرياض. مؤرشف من الأصل في 2019-02-07. اطلع عليه بتاريخ 2015-03-11.
- ^ ذاكرة المكان ملامح من جغرافيا وطبيعة وتراث المملكة العربية السعودية، أيمن إبراهيم فوده، ط1، مكة المكرمة، 1424هـ، ص67.