تضامنًا مع حق الشعب الفلسطيني |
محمد في القرآن
جزء من سلسلة مقالات حول |
الرسول محمد |
---|
بوابة محمد |
محمد رسول الله ﷺ أسمه بالكامل محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي وكنيته أبو القاسم، ولد في 12 ربيع الأول عام 53 قبل الهجرة وتوفي في 12 ربيع الأول 11 هـ، وبحسب العقيدة الإسلامية هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد أرسله الله للناس كافة، وهو أشرف المخلوقات وسيد البشر، وحديثه وحي منزه عن الخطأ.
مصادر سيرته عند المسلمين
- القرآن الكريم
- كتب الحديث وشروحها
ومن أهمها: الكتب الستة وفي مقدمتها الصحيحان
- كتب التفاسير وأسباب النزول
ومن أهمها: تفسير القرطبي، تفسير ابن كثير، جامع البيان في تأويل آي القرآن للطبري، فتح القدير للشوكاني.
- كتب الناسخ والمنسوخ
ومن أهمها: الناسخ والمنسوخ لعبد القاهر البغدادي، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم لابن حزم، نواسخ القرآن لابن الجوزي، ناسخ القرآن ومنسوخه للبارزي.
- كتب الرجال والتراجم والطبقات
ومن أهمها: الطبقات الكبرى لابن سعد، الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر، أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير.
- كتب التاريخ
ومن أهمها: تاريخ الأمم والملوك، للإمام الطبري، تاريخ خليفة بن خياط العصفري، الكامل في التاريخ لابن الأثير، البداية والنهاية لابن كثير، تاريخ الإسلام للذهبي.
نسبه
هو «أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان»، حيث ينتهي نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم، ومحمد رسول اللهﷺ يعود نسبه إلى سادة مكة وأعرق قبائلها، وينسب إلى أطهر الأصلاب كما قال في الحديث النبوي «خرجتُ من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمّي»،[1] وقال أيضًا «إنَّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم»،[2] وقال أيضا «نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا»،[3] وقال «إنَّ الله تعالى خلق الخلق، فجعلني في خير فِرَقِهم، وخير الفرقتين، ثم تخيَّر القبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم تخيَّر البيوت فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرُهم نفسًا، وخيرُهم بيتًا».[4]
محمد في القرآن
ذُكر النبي محمد بلفظ صريح في مُجمل آيات القرآن الكريم خمسة مرات، أربعةٌ منها ذُكر اسم محمد ومرة ذُكر اسم أحمد (وهو أحد أسمائه)، فيما ذُكر ضمنيًا مرات كثيرة بألفاظ أخرى مثل الرسول والنبي والأمي، وتُسمى السورة رقم 47 في القرآن الكريم باسم سورة محمد.
مواضع الآيات التي ذًكر بها
السورة | رقم الآية | نص الآية |
---|---|---|
آل عمران | 144 | ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ١٤٤﴾ [آل عمران:144] |
الأحزاب | 40 | ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ٤٠﴾ [الأحزاب:40] |
محمد | 2 | ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ٢﴾ [محمد:2] |
الفتح | 29 | ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ٢٩﴾ [الفتح:29] |
الصف | 6 | ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ٦﴾ [الصف:6] |
صفاته في الإسلام
جزء من سلسلة مقالات حول |
الإسلام |
---|
بوابة الإسلام |
تعظيمه لقدر لله
يؤمن المسلمون أن ما من أحد عبد الله حق عبادته مثل محمد، وما من أحد عظم حرمات الله مثل محمد وكان أشدَّ الناس خشية من الله تعالى، وذلك لأنه أعلمهم بالله ولم يشرك بالله في حياته قط وهذا عكس غالبية قومه الذين كانوا يعبدون الأوثان. وكان يجل ويوقر اسم الله ولم يتخذه ابدا هزوا أو سخريا ولم يستخدمه لأغراض أو مصالح لا جدوى منها، وكان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ويسجد فيدعو ويسبح ويدعو ويثني على الله تبارك وتعالى ويخشع لله عز وجل حتى يُسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل.[5]، وكان يحب ذكر الله ويأمر به ويحث عليه، كما قال: (لأن أقول سبحانه الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس)[6]
أخلاقه
يعتقد فيه المسلمين العصمة كغيره من الأنبياء والرسل، وكما ورد في القرآن في عدة مواضع مثل ما رود في سورة القلم (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)[7] وما ورد في سورة الأحزاب (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[8]، وفي السنة ما ورد عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر قالت: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْانَ»[9][10] وعن أنس بن مالك قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا»[11]، كما أنه كان دوما ما يحث الناس على حسن الخلق كما قال: «البر حسن الخلق»[12]
من صفاته الأخلاقية
ورد في الأخبار والأحاديث السمات الخُلُقية للنبي ﷺ كما يتم ذكر بعض منها:
- رحمته: فعندما قيل له ادع على المشركين قال «إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة» ، وكان من دعائه: « اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئًا ، فشقَّ عليهم ، فاشقُق عليه ، و من ولي من أمر أمتي شيئًا ، فرفق بهم ، فارفق به»، وقال «هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم»[13] وقد وُصف في القرآن العظيم بالرحمة كما جاء في سورة آل عمران ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ١٥٩﴾ [آل عمران:159]، وقد ورد عنه في حثه على الرحمة حين قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»[14] وقال: «أهل الجنة ثلاثة وذكر منهم ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم».
- عفوه: كما أمره الله تعالى في القرآن العظيم بذلك، ففي العهد المكي نزلت الآيات ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ٨٥ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ٨٦﴾ [الحجر:85–86]، ثم أنزل عليه قوله﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ٨٩﴾ [الزخرف:89] فكان يقابل أذى أهل الشرك بالصفح الجميل، وهو الصفح الذي لا يكون مقرونًا بغضب أو كبر أو تذمر من المواقف المؤلمة، وكان كما أدَّبه الله. ثم كان يقابل أذاهم بالصفح الجميل، ويعرض قائلًا: سلام. وفي العهد المدني لقي الرسول ﷺ من يهود المدينة أنواعًا من الخيانة فأنزل الله عليه قوله: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٣﴾ [المائدة:13] فصبر الرسول ﷺ عليهم وعفا وصفح، حتى جاء الإذن الرباني بإجلائهم، ومعاقبة ناقضي العهد منهم، وقد وصفه عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ قائلا: «...ولا يَدفَعُ السيئةَ بالسيئةِ، ولكن يعفو ويَصفَحُ».[13]
- تواضعه: فقد ورد عنه انه كان يجيب دعوتهم دعوة الحر والعبد والغني والفقير ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر، من الأمثلة على تواضعه حينما قال «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله»[13]، وورد أن قال له رجل: يا محمَّد، أيا سيِّدنا وابن سيِّدنا، وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله ﷺ : «يا أيُّها النَّاس، عليكم بتقواكم، ولا يستهوينَّكم الشَّيطان، أنا محمَّد بن عبد الله، أنا عبد الله ورسوله، ما أحبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله»، وكان يتفقَّد أصحابه حتى في الغزوات والمعارك، ومِن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه مِن حديث أبي برزة: ((أنَّ النَّبيَّ ﷺ كان في مغزى له، فأفاء الله عليه، فقال لأصحابه: هل تفقدون مِن أحدٍ. قالوا: نعم فلانًا وفلانًا وفلانًا. ثمَّ قال: هل تفقدون مِن أحدٍ. قالوا: نعم فلانًا وفلانًا وفلانًا. ثمَّ قال: هل تفقدون مِن أحدٍ؟ قالوا: لا. قال: لكنِّي أفقد جليبيبًا، فاطلبوه. فطُلِب في القتلى، فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثمَّ قتلوه، فأتى النَّبيُّ ﷺ فوقف عليه، فقال: قتل سبعة ثمَّ قتلوه، هذا منِّي وأنا منه، هذا منِّي وأنا منه. قال: فوضعه على ساعديه ليس له إلَّا ساعدا النَّبيِّ ﷺ ، قال: فحفر له ووضع في قبره))، وكان يقوم بخدمة أصحابه، روى مسلم في صحيحه مِن حديث أبي قتادة، وفيه -في قصَّة نومهم عن صلاة الفجر-: ((...قال ودعا بالميضأة، فجعل رسول الله ﷺ يصبُّ وأبو قتادة يسقيهم -أي أصحابه- فلم يَعْدُ أن رأى النَّاس ماءً في الميضأة تكابُّوا عليها. فقال رسول الله ﷺ أحسنوا الْمَلَأَ كلُّكم سيَرْوى. قال: ففعلوا. فجعل رسول الله ﷺ يصبُّ وأسقيهم حتى ما بقي غيري وغير رسول الله ﷺ ، قال: ثمَّ صبَّ رسول الله ﷺ ، فقال: لي اشرب. فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله. قال: إنَّ ساقي القوم آخرهم شربًا. قال: فشربت، وشرب رسول الله ﷺ ، قال: فأتى النَّاس الماء جامِّين رِوَاء))
- حلمه مع الضعفاء : كما ورد في الأحاديث عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر قالت «مَا ضَرَبَ رَسُولُ الله ﷺ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ الله»[15]، وعن أنس بن مالك «خدمت النبي ﷺ عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا»[11]
- عدالته: كما ورد في حادثة يرويها أبو سعيد الخدري قال: بعث علي وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله ﷺ ، فقسمها رسول الله ﷺ بين أربعة نفر، الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري، وعلقمة بن علاثة العامري، ثم أحد بني كلاب، وزيد الخير الطائي، ثم أحد بني نبهان، فغضبت قريش، فقالوا: أتعطي صناديد نجد وتدعنا، فقال رسول الله ﷺ : (إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم، فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين محلوق الرأس، فقال اتق الله يا محمد، قال، فقال رسول الله ﷺ : فمن يطع الله إن عصيته، أيأمنني على أهل الأرض، ولا تأمنوني) [15]، وكما أنه كان يكره التميز على اصحابه في حمل المشاقات كما ورد عن عبد الله بن مسعود قال: (كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، وكان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله ﷺ ، قال: وكانت عقبة -دور- رسول الله ﷺ ، فقالا: نحن نمشي عنك، فقال : ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما) [16] وورد عن عدالته بين أهل بيته عن أنس قال: (أهدت بعض أزواج النبي ﷺ إلى النبي ﷺ طعاما في قصعة، فضربت عائشة القصعة بيدها، فألقت ما فيها، فقال النبي ﷺ : «طعام بطعام ، وإناء بإناء»)[17] وفي قضائه بين المتخاصمين ورد عن حرام بن محيصة عن أبيه أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدته (فقضى رسول الله ﷺ على أهل الأموال حفظها بالنهار، وعلى أهل المواشي حفظها بالليل)[16]
- كلامه: كما جاء عن عائشة بنت أبي بكر أنها قالت: «ما كان رسول الله ﷺ يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه»[15]، وورد عن الحسن بن علي قال: سألت خالي هند بن أبي هالة، وكان وصافا، فقلت: صف لي منطق رسول الله ﷺ قال: «كان رسول الله ﷺ متواصل الأحزان دائم الفكرة ليست له راحة، طويل السكت، لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختمه باسم الله تعالى، ويتكلم بجوامع الكلم، كلامه فصل، لا فضول ولا تقصير، ليس بالجافي ولا المهين، يعظم النعمة، وإن دقت لا يذم منها شيئا غير أنه لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا، ولا ما كان لها، فإذا تعدي الحق لم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها، وضرب براحته اليمنى بطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، يفتر عن مثل حب الغمام».[18]
أسماؤه
لغوياً كلمة محمّد تعني: الشخص المحمود حمدًا كثيرًا[19]، وتوجد في الآثار الإسلامية أحاديث حول أسمائه مثل:
أنا محمد وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشَرُ الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي |
أنا محمد وأحمد والمقفى والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة |
وقد اختلف علماء الدين الإسلامي في أسماء كثيرة، هل تصح نسبتها إلى نبي الإسلام أو لا، فأدى ذلك إلى اختلافهم في تعداد هذه الأسماء فجعلها بعضهم كعدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسمًا، وعدّ منها الجزولي في «دلائل الخيرات» مائتي اسم، وأوصلها ابن دحية في كتابه «المستوفى في أسماء المصطفى» نحو ثلاثمائة اسم. وقد كان من أهم أسباب الخلاف أن بعضهم رأى كل وصف وُصف به النبي في القرآن من أسمائه. في حين قال آخرون إن هذه أوصاف وليست أسماء أعلام. قال النووي: «بعض هذه المذكورات صفات، فإطلاق الأسماء عليها إنما هو مجاز»[20] ويقول السيوطي «وأكثرها صفات».[21] وقد صنف العلماء في جمع أسماء نبي الإسلام مصنفات كثيرة، تزيد على الأربعة عشر مصنفا، وهي: لابن دحية، والقرطبي، والرصاع، والسخاوي، والسيوطي، وابن فارس، والجزولي، ويوسف النبهاني، وغيرهم. منها: «الرياض الأنيقة في شرح أسماء خيرالخليقة» للسيوطي.
قائمة بعض الأسماء
فيما يلي بعض ما ورد من أسمائه وصفاته وألقابه:[22]
صفاته الشكلية
وردت العديد من الروايات عن الصحابة في صفة الرسول ﷺ محمد بن عبد الله الشكلية. قال الصحابي حسان بن ثابت شاعر الرسول في وصف جمال خلقته:
وقد جمع المسلمون ما توارثوه من وصف خلقة نبيّهم في كتب كثيرة عرفت باسم كتب الشمائل، وأشهر هذه الكتب هو (الشمائل المحمدية)، للترمذي. حيث ذكر فيه أحاديث كثيرة في وصفه.
حديث أم معبد
وقد اشتهرت قصة عن الصحابية أم معبد حيث وصفته أجمل الوصف والقصة هي:[33]
عندما كان النبي مهاجرًا من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر، وعامر بن فهيرة مولى أبى بكر، ودليلهم عبد الله بن أريقط اشتد بهم العطش، وبلغ الجوع بهم منتهاه، جاءوا إلى أم معبد ونزلوا بخيمتها، وطلبوا منها أن يشتروا لحمًا وتمرًا، فلم يجدوا عندها شيئاً، فنظر النبي في جانب الخيمة فوجد شاة، فسألها: يا أم معبد! هل بها من لبن؟ قالت: لا. هي أجهد من ذلك (أي أنها أضعف من أن تُحلب)، فقال: أتأذنين لى أن أحلبها؟ قالت: نعم، إن رأيت بها حلبًا، فمسح ضرعها بيده الشريفة، وسمَّى اللَّه، ودعا لأم معبد في شاتها، فدرّت واجترّت، فدعاها وطلب منها إناءً، ثم حلب فيه حتى امتلأ عن آخره، وقدَّمه إليها فشربت، حتى رويت، ثم سقى أصحابه حتى رَوُوا، وشرب آخرهم. ثم حلب ثانيًا، وتركه عندها، وارتحلوا عنها. فما لبثت إلا قليلاً حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أَعْنُزًا عجافًا هزالاً، تسير سيرًا ضعيفًا لشدة ضعفها، فلمّا رأى اللبن عجب، وقال: من أين هذا يا أم معبد، والشاة عازب بعيدة عن المرعي، حيال غير حامل، ولا حَلُوبةَ في البيت؟ قالت: مرّ بنا رجل كريم مبارك، كان من حديثه كذا وكذا! قال: صفيه لى يا أم معبد. فقالت:
فقال أبو معبد: هو واللَّه صاحب قريش، الذي ذُكر لنا من أمره ما ذُكر بمكة، ولو كنت وافقتُه لالتمستُ صحبته، ولأفعلن إن وجدتُ إلى ذلك سبيلاً، فأعدت أم معبد وزوجها العدة؛ كى يلحقا برسول الله في المدينة، وهناك أسلما، ودخلا في الإسلام.
الأوصاف
كان مما جاء في كتب الشمائل مفرقًا:[34]
- جسمه: كان فخما مفخمًا[35]، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه.[36] وكان رجلاً مربوعًا، ليس بالطويل ولا بالقصير، وكان إلى الطول أقرب[37]، لم يكن يماشي أحدًا من الناس إلا طاله، ولا جلس في مجلس إلا يكون كتفه أعلى من الجالسين. وكان معتدل الخَلق، حسن الجسم، متماسك البدن، أنور المتجرد (ما تجرد من جسده).
- لونه: كان أزهر اللون[35]، ليس بالأبيض الأمهق (أي لم يكن شديد البياض والبرص)، ولا بالآدم (الأسمر).[38]
- رأسه وشعره: كان ضخم الرأس، عظيم الهامة. كان شديد سواد الشعر[37] ولم يكن شعره بالجعد القَطَط (شديد الجعودة) ولا بالسَّبِط (المرسل)، كان جعدًا رِجلا (فيه تثن قليل).[36] وكان شعره يصل إلى أنصاف أذنيه حينًا ويرسله أحيانًا فيصل إلى شَحمَة أُذُنيه أو بين أذنيه وعاتقه، وغاية طوله أن يضرب مَنكِبيه إذا طال زمان إرساله بعد الحلق. ولم يحلق رأسه بالكلية في سنوات الهجرة إلا عام الحديبية، ثم عام عمرة القضاء، ثم عام حجة الوداع. كان يرسل شعره، ثم ترك ذلك وصار يفرقه من وسط الرأس. توفي وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.[38]
- عنقه: كانت عنقه كأنها جيد دُمية في صفاء الفضة.
- ذراعاه ويداه: كان طويل الزندين (الذراعين) أشعرهما (كثيرا الشعر)، رحب الراحة (الكف) شثن الكفين والقدمين (غليظ الأصابع)[36]، سائل الأطراف (أصابعه طويلة ليست بمنعقدة).
- إبطاه: كان أبيض الإبطين، وهي من علامات النبوة.
- منكباه وصدره وبطنه: كان منكباه واسعين، كثيري الشعر، وكذا أعالي الصدر. وكان عاري الثديين والبطن. سواء البطن والصدر، عريض الصدر. طويل المسربة موصول ما بين اللبة (النقرة التي فوق الصدر) والسرة بشعر يجري كالخيط.
- مفاصله: كان ضخم الكراديس (المفاصل).
- خاتم النبوة: غُدّة حمراء مثل بيضة الحمامة[39]، أو مثل الهلال، فيها شعرات مجتمعات كانت بين كتفيه. وهي من علامات النبوة.
- وجهه: كان أسيل الوجه (المستوي) سهل الخدين[37] ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة.
- جبينه: كان واسع الجبين.[35] (ممتد الجبين طولاً وعرضًا) مستويًا.
- حاجباه: كان حاجباه قويين مقوَّسين، متّصلين اتصالاً خفيفًا، لا يُرى اتصالهما إلا أن يكون مسافرًا وذلك بسبب غبار السفر. بينهما عرق يدرّه الغضب.
- عيناه: كان أشكل (طويل شِق العينين)[40] أدعج (شديد سواد العينين)[36] في بياضها حمرة (عروق حمر رقاق) وهي من دلائل نبوته. وكانت عيناه واسعتين جميلتين. ذات أهداب طويلة (الرموش) كثيرة حتى تكاد تلتبس من كثرتها. إذا نظر إليه الشخص قال أكحل العينين وهو ليس بأكحل[41]
- أنفه: يحسبه من لم يتأمله أشم ولم يكن أشم (الشمم ارتفاع في قصبة الأنف مع اسـتواء أعلاه وإشراف الأرنبة قليلا)، وكان مستقيمًا، أقنى (طويلاً في وسطه بعض ارتفاع)، مع دقة أرنبته (هي ما لان من الأنف).
- فمه وأسنانه: كان ضليع الفم (واسع)[40]، أحسن الناس شفتين وألطفهم ختم فم. أشنب (في أسنانه رقة وتحدد) مفلج الأسنان (متفرق الأسنان) إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه.
- لحيته: كان حسن اللحية، كثّ اللحية (كثير منابت الشعر)، وكانت عنفقته (هي الشعر الذي يظهر تحت الشفة السفلى وفوق الذقن) بارزة وحولها كبياض اللؤلؤ، في أسفل عنفقته شعر منقاد حتى يصل اللحية.
- قدماه: كان ضخم القدمين، يطأ الأرض بقدمه كلها ليس لها أخمص[37] (الجزء المرتفع عن الأرض من القدم)، وكان منهوس العقبين (قليل لحم العَقِب).[40]
مصادر
- ^ رواه الهيثمي في مجمع الزوائد، عن علي بن أبي طالب، ج8، ص217.
- ^ رواه مسلم في صحيحه، عن واثلة بن الأسقع، رقم: 2276.
- ^ رواه ابن ماجه في صحيحه، عن الأشعث بن قيس، 2132.
- ^ رواه السيوطي في الجامع الصغير، عن العباس بن عبد المطلب، رقم: 1735.
- ^ رواه أبو داود وصححه الألباني
- ^ رواه مسلم
- ^ آيه 4 سورة القلم
- ^ آيه 21 سورة الأحزاب
- ^ أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) (308) قال : حدثنا عبد السلام . و"النَّسائي" في "الكبرى" تحفة الاشراف 17688 عن قُتيبة.
- ^ أخرجه أحمد 6/91 قال : .حدثنا هاشم بن القاسم . وفي 6/112 قال : حدثنا حُسين بن محمد. كلاهما (هاشم ، وحُسين ) قالا : حدثنا مبارك ، عن الحسن ، عن سعد بن هشام بن عامر ، فذكره
- ^ أ ب رواه الشيخان وأبو داود والترمذي
- ^ رواه مسلم [ رقم : 2553 ]
- ^ أ ب ت رواه البخاري
- ^ رواه الترمذي وصححه الألباني
- ^ أ ب ت رواه الشيخان
- ^ أ ب رواه أحمد
- ^ رواه الترمذي وحسنه ، والحديث في البخاري بلفظ آخر
- ^ كتاب الشمائل المحمدية
- ^ أسماء الرسول نسخة محفوظة 19 ديسمبر 2008 على موقع واي باك مشين.[وصلة مكسورة]
- ^ تهذيب الأسماء واللغات، النووي، ج1، ص49.
- ^ تنوير الحوالك شرح موطأ مالك، السيوطي، ج1، ص27.
- ^ ذكر هذه الأسماء وغيرها القاضي عياض في الشفا، ص144-148.
- ^ الشفا بتعريف حقوق المصطفى، تأليف: القاضي عياض، ص145.
- ^ صححه الباني في صحيح الجامع.
- ^ في شرح البخاري، لابن الملقن، ج20، ص58، عن جبير «أن رسول الله قال: "وأنا نبي الملحمة"»
- ^ في الجامع الصغير، للسيوطي، رقم:2583، عن أبي هريرة: «أن رسول الله قال: "إنما أنا رحمة مهداة"»
- ^ في سنن الترمذي، للترمذي، رقم:3148، عن أبي سعيد الخدري: «أن رسول الله قال: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر"» قال الترمذي عنه: حسن صحيح.
- ^ في آية (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ).
- ^ تفسير آية (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)، من تفسير القرطبي، الجزء السادس صفحة 77، موقع إسلام ويب "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2014-10-10. اطلع عليه بتاريخ 2017-02-24.
{{استشهاد ويب}}
: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link) - ^ تفسير آية (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)، من تفسير البغوي، الجزء الثالث صفحة 33، موقع إسلام ويب نسخة محفوظة 04 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ في آية (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
- ^ في آية (وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَّلَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) قال علي بن أبي طالب في معناها: هو محمد شفيع لهم يوم القيامة. راجع الدر المنثور في التفسير بالمأثور، تأليف: جلال الدين السيوطي، تفسير سورة يونس.
- ^ قال ابن كثير بعد ما ساق بعض طرق هذه القصة: وقصتها مشهورة مروية من طرق يشد بعضها بعضا. انظر البداية والنهاية 3/190. وأخرج القصة الحاكم (3/9-10) من حديث هشام بن حبيش وقال: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي.
- ^ الشمائل المحمدية، تأليف: الحافظ الترمذي، ص2-14.
- ^ أ ب ت رواه السيوطي في كتابه الجامع الصغير عن هند بن أبي هالة، رقم:6493.
- ^ أ ب ت ث رواه ابن عبد البر في كتابه الاستذكار عن علي بن أبي طالب، ج7، ص336.
- ^ أ ب ت ث رواه ابن كثير في البداية والنهاية عن أبي هريرة، ج6، ص21.
- ^ أ ب رواه البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك، رقم: 3547.
- ^ رواه الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد عن سلمان الفارسي، ج9، ص343.
- ^ أ ب ت رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة، رقم:2339.
- ^ رواه الترمذي في سننه عن جابر بن سمرة، رقم: 3645.