دار بعشتار

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
دار بعشتار
تقسيم إداري

دار بشتار هي قرية لبنانية من قرى قضاء الكورة في محافظة الشمال. تبعد عن بيروت مسافة 85 كلم عبر شكا- كفر جزير، أو ضهر العين- عابا- أميون، وترتفع عن سطح البحر مسافة 380 م. تمتد علي مساحة 6000م تقريباً، وتتربع فوق سهل فسيح وخصب شكل منذ التاريخ نقطة استقطاب للعديد من الغزاة والفاتحين الذين مروا فوق أرض هذه البلدة الكورانية الهادئة ،يحد بلدة دار بعشتار شمالاً اميون ودار شمزين، وشرقاً بزيزا والمجدل الزكزوك ووطى فارس، غرباً كفتون وبتعبورة، جنوباً المجدل الزكزوك وطى فارس. وتمتاز بلدة دار بعشتار بوجود عدد كبير من أصحاب الاختصاص البارعين في مجالات الطب والهندسة والمحاماة وغيرها من الاختصاصات. كما إن معظم الأهالي فيها يعتمدون على الوظائف العامة، والقلة القليلة فقط تعتمد على الزراعة وخاصة الزيتون حيث تنتشر الحقول الواسعة منها في محيط البلدة.[1][2][3]

الاسم والآثار

تتفاوت الآراء عما تعنيه تسمية دار بعشتار، فهناك في البداية من يري أن أصل الاسم هو "بيت عشتار" وأصبح بعد الإدغام "بعشتار" وأضيفت اليها الدار لاحقاً، وكلمة دار في اسماء القرى اللبنانية تعني هيكل او معبد او مقام، اما في اللفظة السامية فهي من جذر "دور" ويفيد الاستدارة، حيث يبدو ان المساكن الديقمة بنيت بشكل مستدير. اما عشتار فتعني عشتروت إلهة الحب والخصب عند القدماء وزوجة الإله تموز (البعل). ولذلك فمن بين معاني الاسم " الأرض الخصبة"، ودار بعشتار بلدة عريقة في القدم يدل على قدمها وجود نواويس محفورة في الصخور، وبقايا اوانٍ خزفية مطمورة في التراب تظهر عند الحفر للبناء او للزراعة. كما تزخر البلدة بمعاصر وبقايا هياكل يقال انها مطمورة قرب كنيسة السيدة تكدّست فوقها الأتربة مع مرور الأجيال. وتضم القرية مزاراً فينيقياً مكرساً لآلهة الخصوبة، كما تضم أيضاً كهف مار الياس.[3][4][5]

مغارة مار إلياس

جنوب غرب البلدة، يقع وادٍ سحيق في أسفله مغارة طبيعية، تناقل الأقدمون أخبارها فقالوا ان المسيحيين الأوائل لما قدموا الى البلدة، كانوا يرعون قطعانهم في جنبات الوادي، وكانوا يشاهدون على مدخل المغارة راهباً يركع ويصلي التبشير الملائكي فيقصدونه ليصلّوا معه فلا يعثرون عليه في اي مكان. وبعد السؤال والاستفسار اقتنع الجميع ان هذا الراهب هو النبي ايليا فكرّسوا له المغارة التي يعتقد انه لجأ إليها قديماً. ويحتفل بالقداس في هذه المغارة يوم عيد النبي ايليا في تموز، ويقال انه جرت بشفاعته عجائب كثيرة لمن زاروا المغارة وتباركوا من المياه التي تتساقط من السقف والجدران وتملأ بعض الأجران[4] وعليه فهذه هي مغارة مار الياس الحي وهي عبارة عن نحو ٧ مغاور يصعب الوصول اليها كلها، وبداخلها “أجران” مليئة بالماء. وقد أشار الأب جوزيف عبود أنّها “مغارة صخرية أثرية، لا أحد يعلم تاريخها وتشكّل محاج للمؤمنين من مختلف المناطق اللبنانية. خاصة النساء الذين لديهم مشاكل في الإنجاب”. وهذه المغارة، تصل لها سيراً عبر طريق بين أحضان الطبيعة، في مكان تشعر فيه بالسكون وهمسات الشجر، ومثل هذا الدرب، هناك درب في الوادي أيضاً. وأشار مسؤول في أخوية فرسان العذراء جوزي شالوحي أنّ ” هناك العديد من الأشخاص يحبون المجيء للقيام بالـ Hiking بداربعشتار فهم كجماعات وشباب “.[6]

الكنائس الأثرية

زار المطران بولس موسى دار بعشتار وكرّس كنيستها الأولى عام 1864 على اسم القديس جرجس. وبعد فترة رأى كاهن الرعية بولس الشالوحي مع أهالي الضيعة ان الكنيسة القديمة قد ضاقت بهم، فتنادوا لبناء اخرى جديدة، وعلى اسم شفيعهم مار جرجس. وفي العام 1902 هدموا الكنيسة القديمة وأقاموا على انقاضها كنيسة جديدة وانتهى البناء عام 1904 فأتت بطول 25 متراً، وبعرض 16 متراً على ارتفاع 01 أمتار. وكانت ارضها بلاط حجر ومذبحها من الخشب، وتعلوها قبّة حجرية ترتفع عن سطحها 10 أمتار بحجارة منحوتة جميلة جداً. ويروي بعض الشيوخ انه في سنة 1923 تم شراء مذابح وبلاط من الرخام للكنيسة من ايطاليا، وقد نقل من مرفأ جبيل الى دار بعشتار على ظهور الحمير.

وفي العام 2000 تمّ حفر جدران الكنيسة من الداخل فظهرت الحجارة المرصوفة آية في الفن والذوق والاتقان. وفي البلدة كنائس اخرى اثرية، فكنيسة السيدة الكائنة شرقي دار بعشتار بنيت كما يقال على أنقاض معبد الآلهة عشتروت الاّ انها تحولت الى كنيسة منذ حوالى 200 سنة، وقد تمّ ترميمها منذ وقت غير طويل فعادت جديدة وأضيفت عليها قبّة مناسبة يعلوها جرس نحاسي صغير. اما كنيسة مار شليطا فهي تقع وسط كروم الزيتون وحجارتها الرمادية الغامقة تدل على قدم بنائها، كما ان الحجر النافر في حنية المذبح شاهد على انها تعود الى العهد الصليبي، ويرجح انها بنيت على معبد وثني قديم.[4]

تاريخ دار بعشتار

في الماضي القريب، في القرن الماضي كانت بيوت دار بعشتار من الحجر مسقوفة بالجزوع والأخشاب والتراب. وفي الداخل قناطر وأعمدة تجعلها صامدة وقوية وكانت ارض البيت ترابية تصقل بحجارة نهرية (المدلّكة) وتفرش بحصر من القش، وفي الشتاء تمد عليها الفرش للنوم. وكان الأهالي يجمعون مؤونتهم للشتاء من منتوجات أرضهم، وقرب كل بيت بئر تجمع فيها مياه المطر لأيام الصيف، وقبو للحيوانات ودار لتربية دود القزّ الذي كان موسم القرية الأساسي في معيشة العائلات. عاش السكان قديماً من العمل في الأرض والمواسم الزراعية، واليوم ايضاً لم يتنكروا للأرض الى جانب وظائفهم وحبهم للعلم والتقدّم والتطور، يتعاونون ويتشاركون في الأفراح والأحزان ويعيشون بالاتفاق والإلفة. وكانت البلدة صلة وصل بين الساحل والجبل عبر طريق ترابي يقطعه المتّجه من البترون الى بشري مشياً على الأقدام او ركوباً على الخيل، فكانت دار بعشتار محطة استراحة للقوافل والمسافرين في الصيف والشتاء.

أما مدرستها الأولى فشأنها شأن سائر مدارس القرى اللبنانية التي نشأت تحت السنديانة او في ساحة الكنيسة، ثم تطورت لتصبح رسمية يتعلّم فيها معظم اولاد القرية ، أما بعشتار اليوم فهي بلدة عامرة، بيوتها جميلة الشكل والبناء تمتد على مسافة كيلومتر وتحيطها البساتين والحدائق. يمتاز أهل دار بعشتار بحبهم الكبير لضيعتهم ولكل منهم منزل فيها، وهم متعلقون جداً بأرضهم التي تجود عليهم بخيراتها.

ومواسم دار بعشتار الخصبة كثيرة وأهمها اضافة الى الفواكه الموسمية، الزيتون واللوز والتين والعنب وكلها خيرات لا زالت الأرض المباركة تقدمها لأبنائها منذ القديم.[4] في 14-7-1963 عرفت البلدة اول مجلس بلدي لها، وبتاريخ 24-7-1963 تم انتخاب جان الياس فرنسيس بو عاصي رئيسا وعزيز حاتم الشالوحي نائبا له. وبعد غياب الرئيس كلف المجلس نائب الرئيس عزيز الشالوحي بمهام الرئاسة وكان ذلك بتاريخ 17-4-1966 ليعود المجلس وينتخبه رئيسا اصيلاً في 22-12-1968 وانتخاب ملحم عيد بو غصن نائباً له. وبتاريخ 29-2-1978 وبناء على قرار وزير الداخلية الذي حمل الرقم 28\أد حل مجلس بلدية داربعشتار، وكلف قائمقام الكورة انذاك القيام باعمال المجلس البلدي ورئيس السلطة التنفيذية. وبقي الوضع على حاله حتى العام 1998 حيث تم انتخاب مجلس بلدي مؤلف من اثني عشر عضواً برئاسة غاوي شحاده الغاوي، وفالديمار يوسف ابي غصن نائبا للرئيس، وهذا المجلس استمر لمدة ستة اعوام حتى تاريخ 30-5-2004 حيث تم انتخاب مجلس بلدي جديد برئاسة البروفسور ادوار الشالوحي، وجورج الياس باتور الزغبي نائباً له.[2]

معارك دار بعشتار

شهدت دار بعشتار احداثاً وحروباً خلال تاريخها الطويل ونذكر هنا معركتين حصلتا في أرجاء سهلها الواسع: الأولى حصلت حين قرر الملك يوستينيانوس إدخال بدعة جديدة لتسويقها في المنطقة ولمحاربة الكنيسة الكاثوليكية التي ناضل البابا سرجيوس والبطريرك يوحنا مارون والموارنة دفاعاً عن معتقدها الكاثوليكي. فحاول الملك يوستينيانوس استدراج البابا سرجيوس الى القسطنطينية فيما أرسل قائداً الى سورية لينكّل بالموارنة ويأتي اليه ببطريركهم. وعندما طلب يوستينيانوس من قائد جيشه لاون إحضار البطريرك يوحنا مارون مكبّلاً اليه، أحجم القائد عن المسير معتذراً بأن البطريرك معزز بقومه ولا يمكن الإتيان به الا بعد حرب طائفية، فسخط الملك على لاون وطرحه في السجن وأمر القائدين موريق ومرقيان بالسير بجيش الى سوريا. إلاّ ان البطريرك يوحنا مارون علم بما يدبّره الملك فاستدعى الأمير ابراهيم الذي أتاه باثني عشر ألف مقاتل، ثم تم نقل البطريرك من العاصي الى سمار جبيل. وقد روى العلاّمة السمعاني خبر الحملة قائلاً أنه في العام 694 بلغ جيش الملك سوريا في آخر الربيع، فوثبوا أولاً الى العاصي وقتلوا 500 راهب من دير مار مارون، ثم اكملوا فحلّوا في السهل الذي بين قرية أميون وقرية الناوس (لسهل دار بعشتار). وسأل بعض أعيان تلك البلاد القائدين اعطاءهم هدنة مقابل ان يحملوا قومهم على الطاعة فقبلوا. وفجأة حدث ما لم يكن في الحسبان حين وردت رسائل من القائد لاون الى البطريرك يبشّره بخلع يوستينيانوس من الملك وترقيته هو اي لاون الى منصبه، ويطلب منه ضرب الجيش الموجود في سهل دار بعشتار بصفته عدواً للملك. فانتشر الخبر بسرعة وهجم الأهالي من أعالي الجبال وتدفقوا على السهل فلاذ الموجودون بالفرار وتفرّقت صفوفهم. أما المعركة الثانية فحصلت بين مشايخ الحمادية والأمير بشير حيدر نائب الأمير يوسف في بلاد جبيل في العام 1771، وكان يومها في العاقورة ومعه شيخا بشري واهدن ودام القتال نهاراً كاملاً؛ فظهر الأمير عليهم وقتل ثمانية رجال منهم وابعدهم عن القرية، وقتل من جماعته ثلاثة أنصار. ثم حضر رجال الجبّة لنجدة الأمير بشير فخاف الحمّاديون وقاموا بعيالهم من جبّة المنيطرة ووادي علمات في الكورة ولحقهم رجال جبّة بشري. وبلغ الأمير يوسف ذلك فوجّه مدبره الشيخ سعد الخوري الى جبيل الذي عند وصوله بلغه ان الحمّاديين انهرموا الى الكورة، فأدركهم في دار بعشتار فأغار عليهم بمن اجتمع اليه من أهل تلك البلاد فظفر بهم وهرب الباقون وظل يطاردهم الى القلمون، فأهلك منهم حوالى 100 رجل وقبض على الشيخ علي ابي النصر الذي التمس الشيخ ميلاد الخازن اطلاقه فأخلى سبيله.[4]

العائلات في دار بعشتار

غالبية العائلات في دار بعشتار من الديانة المسيحية، والتي تشكل حوالي 98% من عائلات البلدة، من طوائف عدة تتمثل في: المارونية، الأرمن الأرثوذكس، الروم الكاثوليك، الروم الأرثوذكس، السريان الأرثوذكس، البروستانت، الطائفة اللاتينية، الأرمن الكاثوليك، بالإضافة إلي بعض العائلات من المسلمين من طائفتي السنة والشيعة، وأهم اسماء العائلات هناك: الشالوحي، بو غصن، عبود، سارة، الزغبي، جرجس، حوا، طنوس، بو عاصي، أنظون، العلم، أبي غصن، مخايل، بو شاهين، فرنسيس، عيسى، جريج، العنداري، رزق، عساف، الغاوي، الحاج، سليمان، طوبيا، الغصين، مارون، سرور، بطرس، عيد، مرعب، نعمة، الجهجهة، الخوري، يوسف، ساسين، عقل، الياس، عنداري، منصور، رفول، بو عاصي، الشلفون، حمورة، سليم، عاصي، رومانوس، الصراف، كتوره، نادر، فيصل، موسى، داود، فياض.[7][8]

معرض الصور

المراجع

  1. ^ دار بعشتار - لوكاليبان نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2010 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ أ ب "Dar Bechtar - North Lebanon". www.kobayat.org. مؤرشف من الأصل في 2021-03-06. اطلع عليه بتاريخ 2023-11-05.
  3. ^ أ ب طوتي مفرج. موسوعة قرى ومدن لبنان. بيروت: دار نوبليس. ج. 10. ص. 261.
  4. ^ أ ب ت ث ج "دار بعشتار". الموقع الرسمي للجيش اللبناني. مؤرشف من الأصل في 2023-06-07. اطلع عليه بتاريخ 2023-11-05.
  5. ^ "دار بعشتار | Archiqoo". archiqoo.com. مؤرشف من الأصل في 2021-09-18. اطلع عليه بتاريخ 2023-11-05.
  6. ^ waed (25 Jun 2022). "تخبىء كنوزاً وعجائب في مغاورها .. تعرفوا إلى دار بعشتار في قضاء الكورة! - Leb Economy". Leb Economy (بar-AR). Archived from the original on 2022-07-14. Retrieved 2023-11-05.{{استشهاد بخبر}}: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
  7. ^ "أسماء العائلات في بلدة دار بعشتار، قضاء الكورة، محافظة الشمال في لبنان". إعْرَفْ لبنان (بEnglish). Archived from the original on 2023-11-05. Retrieved 2023-11-05.
  8. ^ طوني مفرج. موسوعة قرى ومدن لبنان. بيروت: دار نوبليس. ج. 10. ص. 262.