تضامنًا مع حق الشعب الفلسطيني |
الحرب الباردة
جزء من سلسلة حول |
تاريخ الحرب الباردة |
---|
الحرب الباردة (بالروسية: Холодная война وبالإنجليزية: Cold War) هو مصطلح يُستخدم لوصف حالة الصراع والتوتر والتنافس التي كانت توجد بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وحلفائهم من فترة منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات.
خلال هذه الفترة، ظهرت الندية بين القوتين العظيمتين خلال التحالفات العسكرية والدعاية وتطوير الأسلحة والتقدم الصناعي وتطوير التكنولوجيا والتسابق الفضائي. ولقد اشتركت القوتان في الإنفاق الضخم على الدفاع والترسانات النووية والحروب غير المباشرة – باستخدام وكلاء.
في ظل غياب حرب معلنة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي قامت القوتان بالاشتراك في عمليات بناء عسكرية وصراعات سياسية من أجل المساندة. على الرغم من أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كانا حلفاء ضد قوات المحور إلا أن القوتين اختلفتا في كيفية إدارة ما بعد الحرب وإعادة بناء العالم. خلال السنوات التالية للحرب، انتشرت الحرب الباردة خارج أوروبا إلى كل مكان في العالم. حيث سعت الولايات المتحدة إلى سياسات المحاصرة والاستئصال للشيوعية وحشد الحلفاء خاصة في أوروبا الغربية والشرق الأوسط. خلال هذه الأثناء، دعم الاتحاد السوفيتي الحركات الشيوعية حول العالم خاصة في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية ودول جنوب شرق آسيا.
صاحبت فترة الحرب الباردة عدة أزمات دولية مثل أزمة حصار برلين 1948–1949 والحرب الكورية 1950–1953 وأزمة برلين عام 1961 وحرب فيتنام 1956–1975 والغزو السوفييتي لأفغانستان وخاصة أزمة الصواريخ الكوبية 1962 عندها شعر العالم أنه على حافة الانجراف إلى حرب عالمية ثالثة. آخر أزمة حدثت خلال تدريبات قوات الناتو 1983. شهدت الحرب الباردة أيضاً فترات من التهدئة عندما كانت القوتين تسعيان نحو التهدئة. كما تم تجنب المواجهات العسكرية المباشرة لأن حدوثها كان سيؤدى إلى دمار محتم لكلا الطرفين بسبب الأسلحة النووية.
اقتربت الحرب الباردة من نهايتها أواخر الثمانينات وبداية التسعينات. بوصول الرئيس الأمريكي رونالد ريغان إلى السلطة ضاعفت الولايات المتحدة ضغوطها السياسية والعسكرية والاقتصادية على الاتحاد السوفيتي. في النصف الثاني من الثمانينات، قدم القائد الجديد للاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف مبادرتي بيريستوريكا - إصلاحات اقتصادية – وغلاسنوت – مبادرة اتباع سياسات أكثر شفافية وصراحة. لينهار الاتحاد السوفيتي عام 1991 تاركا ً الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة في عالم أحادي القطب.
أصل المصطلح
هي حالة من الصراع والتوتر بين المعسكرين بقيادة الأمريكان من جهة والسوفييت من جهة أخرى، وقد أستخدم اللفظ لأول مرة من طرف الملك الإسباني خوان إيمانويل في القرن 14 ثم الاقتصادي الأمريكي برنارد باروش في بداية 1947 ثم أصبح شائع مع الصحفي ولتر ليمان. لا يوجد توافق بين المؤرخين فيما يتعلق ببداية الحرب الباردة. فبينما يقول معظم المؤرخين أنها بدأت بعد الحرب العالمية الثانية فورا، يقول بعض المؤرخون أنها بدأت في نهاية الحرب العالمية الأولى. على الرغم من أن المشكلات بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، إلا أن الخلاف في وجهات النظر بين الشيوعية والرأسمالية يعود إلى عام 1917، عندما انطلق الاتحاد السوفيتى من الثورة الروسية كأول دولة شيوعية في العالم. هذا أدى إلى جعل العلاقات الأمريكية الروسية مصدر قلق ومشكلات لفترة طويلة.
أدت العديد من الأحداث إلى نمو الشك وعدم الثقة بين (الولايات المتحدة) والاتحاد السوفيتى مثل: التحدى البلشيفكى للرأسمالية –من خلال عمليات إسقاط عنيفة للنظم الرأسمالية واستبدالها بنظم شيوعية-، وانسحاب روسيا من الحرب العالمية الأولى عن طريق عقد معاهدة بريست ليتوفسك مع ألمانيا، وتدخل الولايات المتحدة في روسيا لدعم الحركة البيضاء خلال الحرب الأهلية الروسية، ورفض الولايات المتحدة الاعتراف بالاتحاد السوفيتى حتى عام 1933.
أحداث أخرى حدثت في الفترة ما بين الحربين أدت إلى تعميق مناخ عدم الثقة المتبادل مثل: معاهدة رابللو والاتفاق على عدم الاعتداء بين ألمانيا والاتحاد السوفيتى.
نشأة المصطلح
في نهاية الحرب العالمية الثانية استخدم الكاتب الإنجليزي جورج اورويل الحرب الباردة كمصطلح عام، في مقال له «أنت والقنبلة الذرية» نشر في 19 أكتوبر عام 1945 في صحيفة تريبيون البريطانية. تامل فالعالم يعيش في ظل تهديدات الحرب النووية، يتطلع أوريل إلى تنبؤات جيمس بورنوهام لإستقطاب العالم، وكتب: «أنظر إلى العالم بأسره، الانجراف لعدة عقود ليس من اجل الفوضى بل لإعادة فرض العبودية...»
وقد نوقشت نظرية جيمس برونوهام كثيرا ولكن قلة من الناس تناولت أثارها الإديولوجية، وهذا يعني نوع رؤية العالم ونوع معتقداتهم والبناء الاجتماعي اللذي ربما يسود في الدولة التي كانت لا تقهر وفي حالة «حرب باردة» دائمة مع جيرانها.[1]
عندما نلاحظ ففي 10 مارس من عام 1946 كتب اورويل التالي "بعد مؤتمر موسكو في ديسمير الماضي بدات روسيا حرب باردة على الأمبروطورية البريطانية.[2] جاء أول أستخدام لهذا المصطلح لوصف المواجهات السياسية بعد الحرب بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في خطاب لبرنارد باروخ، وهو مستشار ذو نفوذ على الرؤساء الديموقراطيين، قال الصحفي هربرت بايارد في خطاب كتبه «دعونا لا نخدع نحن اليوم في خضم الحرب الباردة». قدم الكاتب الصحافي ولتر ليبمان المصطلح بشكل واسع النطاق في كتاب الحرب الباردة، وعندما سئل عام 1947 عن مصدر هذا المصطلح ارجعه الي مصطلح فرنسي ذكر عام 1930 la guerre froide.
خلفية المصطلح
المقالة الأساسية منشا الحرب البارد هناك خلاف بين المؤرخين حول نقطة انطلاق الحرب الباردة. في حين ان معظم المؤرخين يعيدون أصولها إلى الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية مباشرة، فأخرون يقولون أنها بدأت في أواخر الحرب العالمية الأولى، هناك تاريخ يعود إلى أواسط القرن التاسع عشر رغم حدة التوتر بين الإمبروطورية الروسية وغيرها من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. وجدت روسيا السوفياتية نفسها معزولة عن الدبلوماسية الدولية نتيجة للإستيلاء البلشفي عام 1917. صرح الرئيس فلاديمير لينين أن الاتحاد السوفيتي احيط "بالتطويق الرأسمالي المعادي" وينظر إلى الدبلوماسية كسلاح لأبقاء أعداء السوفيت منقسمين بدأ من إنشاء الكومنترون السوفيتي اللذي دعا إلى تقلبات ثورية في الخارج.. الزعيم الاحق جوزيف ستالين، اللذي نظر إلى الاتحاد السوفيتي بأنها "جزيرة الاشتراكية" وذكر أنه يجب أن نرى أن التطويق الرأسمالي الحالي أستبدل بالتطويق الاشتراكي. في وقت مبكر من عام 1925, أعلن ستالين أنه ينظر إلى السياسة الدولية كعالم ثنائي القطب فيه الاتحاد السوفيتي الذي من شانه جذب الدول المنجذبة إلى الدول الاشتراكية أو الرأسمالية التي أيضا من شانها جذب الدول المنجذبة نحو الرأسمالية، في حين كان العالم في فترة "استقرار مؤقت للرأسمالية سبقت انهياره في نهاية المطاف. أثبتت الأحداث المختلفة قبل الحرب العالمية الثانية انعدام الثقة المتبادله والشك بين القوى الغربية والاتحاد السوفيتي، بعيدا عن التحدي الفلسفي العام اللذي صنعه الشيوعيين نحو الرأسمالية هناك دعم غربي للحركة البيضاء المناهضة للبلشفية في الحرب الأهلية الروسية، أن التمويل السوفيتي عام 1926 تسبب بإضراب العمال البريطاني العام لقطع العلاقات البريطانية مع الاتحاد السوفيتي، وأعلن ستالين عام 1927 التعايش السلمي مع الدول الرأسمالية «تراجع إلى الماضي», أظهرت الإدعاءات التآمرية خلال عام 1928 ومحاكمة شاختي المخطط بقيادة بريطانية فرنسية لانقلاب d'etat, ورفض أمريكي للاعتراف بالأتحاد السوفيتي حتى عام 1933 ومحاكمات موسكو الستالينية العظمى في موسكو مع ادعاءات تجسس بريطانية وفرنسية ويابانية وألمانية نازية. مع ذلك كان كلا من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي منعزلتين بشكل عام ما بين الحربيين العالميتين. وقع الاتحاد السوفيتي مع ألمانيا اتفاقية مبدئية بعدم الاعتداء. ولكن بعد عزو الجيش الألماني للاتحاد السوفيتي في يونيو 1941 والقصف الياباني لبيرل هاربور في ديسمبر كانون الأول عام 1941 شكل الاتحاد السوفيتي والقوى المتحالفة تحالف الائتلاف. وقعت بريطانيا على تحالف رسمي وقدمت الولايات المتحدة اتفاقية غير رسمية. في وقت الحرب، وفرت الولايات المتحدة لكل من بريطانيا والسوفيت طريق لبرنامج الإعارة والتأجير الخاص بها.. مع ذلك، ظلت ستالين مريب للغاية ويعتقد ان البريطانيين والأمريكان قد تأمروا لضمان تحمل السوفييت وطأت القتال على ألمانيا النازية. وفقا لوجهة النظر هذة، فأن الحلفاء الغربيون كانوا يتعمدون فتح مواجهة ثانية ضد ألمانيا بهدف التدخل في آخر لحظة وتشكيل التسوية السلمية. وبالتالي، تركت المفاهيم السوفيتية في الغرب تيار خفي قوي من التوتر والعداء بين القوى المتحالفة.
الحرب العالمية الثانية وما بعدها
خلال جهودهم المشتركة في المجهود الحربي من 1941، بدأ السوفيت يشتبهون بقوة في أن البريطانيين والأميركيين قد تآمروا لترك السوفييت يتحملون العبء الأكبر من المعركة ضد ألمانيا النازية. ووفقا لهذا الرأي، فإن الحلفاء الغربيين اشتركوا في الصراع في آخر لحظة من أجل التأثير على التسوية السلميه والسيطرة على أوروبا. وهكذا فإن العلاقات بين الاتحاد السوفياتي والغرب تحولت إلى حالة من العداء الخفى.
بعد الحرب، توافق الحلفاء[؟] على الشكل الذي يجب أن تكون عليه خريطة أوروبا، وطريقة ترسيم الحدود. كل من الجانبين، كان يحمل آراء مختلفة عن طرق التأسيس وحماية السلام الدولي في فترة ما بعد الحرب. مفهوم الأمريكان عن الأمن يعتبر أنه في حالة انتشار النموذج الأمريكي سياسيا واقتصاديا فإن الدول في هذه الحالة تستطيع حل خلافاتها في سلام عن طريق المنظمات الدولية. بينما اعتمد النموذج السوفيتى على التكامل مع حدودهم. تبنت روسيا هذا المفهوم بناء على تجاربها التاريخية حيث ظلت تتعرض للغزو من الغرب على مدى 150 سنة. الدمار الضخم الذي خلفه الألمان على الاتحاد السوفييتي لم يكن له مثيل سواء في خسائر الأرواح (حوالي 27 مليون شخص) أو مدى الدمار. اهتمت موسكو بأن يضمن النظام الجديد في أوروبا الأمن السوفيتى لفترة طويلة وسعت إلى القضاء على أي فرصة لقيام حكومة معادية على حدودها الغربية عن طريق التحكم في حكومات هذه الدول. بولندا بالذات كانت مشكلة مقلقة. في أبريل عام 1945، قام تشرشل والرئيس الأمريكي الجديد ترومان بالاعتراض على قرار السوفيت لدعم حكومة لبلن والتي كان يتحكم فيها السوفيت ضد الحكومة البولندية في المنفى التي كانت على علاقة سيئة بالاتحاد السوفيتى.
في فبراير 1945، عقد الحلفاء مؤتمر (يالتا) ليحاولوا تجديد مسار عمل لتسوية ما بعد الحرب في أوروبا لكنهم فشلوا في إيجاد توافق حقيقى فيما بينهم. في أبريل 1945 حذر وزير الدعاية الألمانى جوزيف غوبلز من أن «ستار حديدى» سينتشر في أوروبا. بعد انتصار الحلفاء[؟] في مايو، احتل السوفيت أوروبا الشرقية، بينما احتلت الولايات المتحدة وحلفاؤها أوروبا الغربية. في ألمانيا المحتلة، قامت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى بالاشتراك مع بريطانيا وفرنسا بإقامة أربعة مناطق تحكم كل دولة منطقة من هذه المناطق. قام الحلفاء[؟] بإنشاء الأمم المتحدة للحفاظ على السلام الدولي لكن مجلس الأمن لم يكن فعالا ً بما فيه الكفاية بسبب استخدام القوى العظمى الفيتو، مما جعل الأمم المتحدة تتحول إلى مجرد مكان للجدال وإلقاء الخطابات وهذا ما فهمه السوفيت.
شعر رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل بالقلق بسبب ضخامة حجم القوات السوفيتية المنتشرة في أوروبا في نهاية الحرب، وتصور ان الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين لا يمكن الاعتماد عليه، مما أدى إلى تواجد التهديد السوفيتي إلى أوروبا الغربية. في نيسان / أبريل - ايار / مايو 1945، وضعت اللجنة البريطانية لشؤون الحرب والتخطيط خطة أطلقت عليها «عملية الغير متوقع» تقضى هذه الخطة «أن يتم فرض إرادة الولايات المتحدة وبريطانيا على روسيا»، إلا أنه تم رفض الخطة لأنها غير ممكنة عسكريا.
عقيدة الدمار المتبادل المؤكد (MAD)
بغض النظر عن تطوير الترسانة النووية بين كلا الجانبين ونشر القوات العسكرية التقليدية وأعرابها عن النضال للهيمنة من خلال الحروب بالوكالة في جميع انحاء العالم والحرب النفسية والدعائية والمسابقات التكنلوجية مثل سباق الفضاء. بدأت المرحلة الأولى من الحرب الباردة في أول عامين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945. عززت الاتحاد السوفيتي سيطرتها على دول الكتلة الشرقية في حين بدأت الولايات المتحدة أستراتيجية الأحتواء العالمي لتحدي السلطة السوفيتية، بتمديد المساعدات العسكرية والمالية لبلدان أوروبا الغربية (على سبيل المثال، دعم الجانب المناهض للشيوعية في الحرب اليونانية الأهلية) وخلق حلف شمال الأطلسي. وكان حصار برلين (1948-49) أول أزمة كبرى في الحرب الباردة. مع أنتصار الجانب الشيوعي في الحرب الأهلية الصينية واندلاع الحرب الكورية عام (1950-53) فقد توسع الصراع. يتنافس الأتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية على النفوذ في أمريكا الاتينية ودول تصفية الأستعمار الأفريقية والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. وفي الوقت نفسه أوقف السوفيت الثورة الهنقارية عام 1956. ان أثار التوسيع والتصعيد ادت إلى المزيد من الأزمات مثل أزمة السويس (1956) وأزمة برلين لعام 1961 وأزمة الصواريخ الكوبية 1962, وبعد هذه الازمة الأخيرة بدات مرحلة جديدة شهدت انقسام بين الصين والاتحاد السوفيتي وتعقيد العلاقات داخل المجال الشيوعي في حين اظهر حلفاء الولايات المتحدة خاصة فرنسا استقلالية أكبر للعمل. سحق الأتحاد السوفيتي برنامج تحرير ربيع براغ عام 1968 في تشيكوسلوفاكيا وحرب فيتنام (1955-1975) التي أنتهت بهزيمة الجمهورية المدعومة من الولايات المتحدة فيتنام الجنوبية مما دفع لمزيد من التعديلات. أرتفع مستوى التوتر في أخر فترة، وذلك مع اسقاط السوفيت خطوط الطيران الكورية الرحلة 007 عام (1983) ومناورات الناتوالعسكرية (ايبل ارتشر) عام (1983) رفعت الولايات المتحدة المستويات الدبلوماسية والعسكرية والضغوط الأقتصادية على الأتحاد السوفيتي في الوقت اللذي كانت الدولة الشيوعية تعاني بالفعل من ركود أقتصادي. في منتصف عام 1980, قدم الزعيم السوفيتي الجديد ميخائيل غورباتشوف الإصلاحات لتحرير البروستريكا («إعادة التنظيم»1985) والغلاسنوست («الانفتاح» كاليفورنيا. 1975) وأنتهت بمشاركة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان. فقد تنامت الضغوط بشكل قوي من أجل الاستقلال الوطني في أوروبا الشرقية، خاصة بولندا. حيث رفض غورباتشوف في الوقت نفسة استخدام القوات السوفيتية لدعم أنظمة حلف وارسو المتعثرة كما حدث في الماضي. وكانت النتيجة في عام 1989 موجة من الثورات السلمية (بأستثناء الثورة الرومانية) والإطاحة بكل الأنظمة الشيوعية في أوروبا الوسطى والشرقية. فقد الحزب الشيوعي للإتحاد السوفيتي السيطرة وحظر بعد محاولة انقلاب فاشلة في اغسطس عام 1991, وهذا بدوره ادى إلى تفكك رسمي للاتحاد السوفيتي في ديسمبر كانون الأول 1991 وانهيار الأنظمة الشيوعية في بلدان أخرى مثل منغوليا وكمبوديا وجنوب اليمن. وظلت الولايات المتحدة بأعتبارها القوى العظمى الوحيدة بالعالم. خلفت الحرب الباردة واحداثها أثر كبير، وغالبا ما يشار إليها في الثقافة الشعبية، وخاصة في وسائل الإعلام التي تضم موضوعات التجسس (مثل سلسة أفلام جيمس بوند الناجحة عالميا) وخطر الحرب النووية.
نهاية الحرب العالمية الثانية (1945-1947)
مؤتمرات زمن الحرب مابعد حرب أوروبا
اخلتف الحلفاء حول كيف ينبغي ان تبدو الخريطة الاوربية وكيفية وضع حدودها عقب الحرب. حيث عقد كل جانب افكار متباينة فيما يتعلق بإنشاء الأمن والحفاظ علية فيما بعد الحرب. أراد الحلفاء الغربيين نظام امن انشائته الحكومات الديموقراطية على اوسع نطاق ممكن فأن البلدان التي تسمح لحل سلمي للخلافات عن طريق المنظمات الدولية. وبالنظر أيضا إلى التجارب التاريخية الروسية للغزوات المتكرره وحصيلة القتلى الهائلة (تقدر بنحو 27 مليون) وتدمير الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، فقد سعى الاتحاد السوفيتي لزيادة الأمن وذلك من خلال الهيمنة على الشؤون الداخلية للدول التي تحدها.. خلال الحرب إنشاء ستالين مراكز تدريبية خاصة للشيوعيين من مختلف البلدان حتى يتمكنوا من إقامة قوات الشرطة السرية الموالية لموسكو في أقرب وقت وتولي الجيش الأحمر السيطرة. أستغرق وكلاء السوفيت في السيطرة على وسائل الإعلام ولاسيما الإذاعة بمضايقات سريعة ثم حظر لجميع المؤسسات المدنية المستقلة من مجموعات الشباب إلى المدارس والكنائس والأحزاب السياسية المتنافسة. وسعى ستالين أيضا لأستمرار السلام مع بريطانيا والولايات المتحدة، أملا في التركيز على إعادة البناء الداخلي والنمو الاقتصادي. أنقسم الحلفاء الغربييون في رؤيتهم للعالم الجديد عقب الحرب. اهداف روزفيلت: وهي تحقيق الانتصار العسكري في كل من أوروبا وأسيا والتفوق العالمي للاقتصاد الأمريكي على الأمبروطورية البريطانية وإنشاء منظمة السلام العالمي، كانت أكثر عالمية من أهداف تشرشل والتي ركزت بشكل اساسي بضمان السيطرة على البحر الأبيض المتوسط وضمان بقاء الامبروطورية البريطانية واستقلال دول أوروبا الوسطى والشرقية كقوى عازلة بين السوفييت والمملكة المتحدة. في وجهة نظر أمريكية بدا ستالين حليفا محتملا في تحقيق أهدافها في حين انه في النهج البريطاني ظهر ستالين أكبر تهديد لتحقيق أجندتها. ومع الاتحاد السوفيتي اللذي احتل معظم أوروبا الوسطى والشرقية فأن ستالين كان ميزة ينافس عليها اثنين من القادة الغربيين للحصول على امتيازاته. ادت الخلافات بين روزفيلت وتشارشل لعدة صفقات منفصلة مع السوفييت. في أكتوبر عام 1944, سافر تشرشل إلى موسكو ووافق على تقسيم البلقان إلى ميادين لكل منها تأثيرها اما في يالطا فقد وقع روزفلت اتفاق منفصلا مع ستالين فيما يخص أسيا ورفض دعم تشرشل بشأن قضايا بولندا والتعويضات. بالإضافة إلى، دخول التحالف في مفاوضات بشأن مكانة التوازن عقب الحرب في مؤتمر يالطا في فبراير عام 1945 وإن كان هذا المؤتمر فشل أيضا في التوصل لإتفاق راسخ على إيطار التسوية فيما بعد الحرب في أوروبا.. في ابريل عام 1945, توفي الرئيس فرانكلين روزفيلت وخلفه هاري ترومان اللذي لايثق في ستالين واتجه للحصول على المشورة لنخبة من مثقفين السياسة الخارجية. عارض كلا من تشرشل وترومان بين أمور أخرى قرار السوفييت في دعم حكومة لوبلين والسيطرة السوفييتيه لمنافسة منفى الحكومة البولندية في لندن والعلاقات المنقطعة مع السوفيت. بعد أنتصار الحلفاء في مايو عام 1945, احتل السوفيت أوروبا الوسطى والشرقية بفعالية، بينما بقيت الولايات المتحدة وقوات التحالف الغربية القوية في أوروبا الغربية. أنشاء الأتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في ألمانيا التي يحتلها الحلفاء مناطق الاحتلال ووضع ايطار فضفاض لتتوزع السيطرة بين القوى الأربعة. أنشاء مؤتمر الحلفاء في سان فرانسيسكو عام 1945 الأمم المتحدة متعددة الجنسيات (UN) للحفاظ على السلام العالمي ولكن القدرة على تطبيق مجلس الأمن الدولي كان مشلولا بفعالية من امكانية أفرادها على استخدام حق النقيض.. وبناء عليه، جرى تحويل أساسي للأمم المتحدة إلى منتدى خاص لتبادل الخطاب، والتي ينظر اليها السوفيتيين بمثابة منصة دعائية.
مؤتمر بوتسدام وهزيمة اليابان
ظهرت خلافات خطيرة في مؤتمر بوتسدام - الذي بدأ في أواخر يوليو بعد استسلام ألمانيا - حول مستقبل ألمانيا وبقية أوروبا الوسطى والشرقية. علاوة على ذلك، ساهم تصاعد لغة الكرهية والعدوانية للمشاركين في تأكيد شكوكهم حول النوايا العدوانية لبعضهم البعض وترسيخ مواقفهم.[3] أبلغ ترومان - في هذا المؤتمر ستالين أن الولايات المتحدة تمتلك سلاحاً جديداً قوياً.
كان ستالين على وعي أن الأمريكيين يعملون على القنبلة الذرية، ونظراً إلى أن البرنامج المنافس الخاص بالاتحاد السوفيتي مُلائم، أظهر ستالين ردود فعل هادئة. أعرب الزعيم السوفيتي عن سعادته بتلك الأنباء وأمله في أن يستخدم السلاح ضد اليابان. بعد أسبوع واحد من انتهاء مؤتمر بوتسدام، قصفت الولايات المتحدة هيروشيما وناغازاكي. بعد الهجمات بفترة قصيرة، احتج ستالين إلى المسؤولين الأمريكيين عندما عرض ترومان على السوفييت نفوذ حقيقي ضئيل في اليابان المُحتلة.
بدايات الكتلة الشرقية
وضع الاتحاد السوفيتي أساس نشأة الكتلة الشرقية - خلال المراحل الأولى من الحرب العالمية الثانية - بضم عدة دول مباشرة لتُكون جمهوريات الاتحاد السوفيتي، والتي تنازلت عنها مبدئياً (وفعلياً) ألمانيا النازية في الاتفاق الألماني السوفييتي. تشمل تلك الدول شرق بولندا (أًدرجت في جمهوريتين مختلفتين تابعتين لجمهوريات الاتحاد السوفيتي)، ولاتفيا (التي صارت جمهورية لاتفيا السوفيتية الاشتراكية)، وإستونيا (التي صارت جمهورية إستونيا السوفيتية الاشتراكية)، وليتوانيا (صارت جمهورية ليتوانيا السوفيتية الاشتراكية)، وجزء من شرق فنلندا (صارت جمهورية كاريليا الفنلندية السوفيتية الاشتراكية) وشرق رومانيا (صارت جمهورية مولدوفا السوفيتية الاشتراكية).[4]
أُضيفت الأراضي التابعة لوسط وشرق أوروبا - الني حُررت من النازيين واحتُلت من القوات المسلحة السوفيتية - إلى الكتلة الشرقية بتحويلها إلى دول تابعة مثل شرق ألمانيا، وجمهورية بولندا الشعبية، وجمهورية بلغاريا الشعبية، وجمهورية المجر الشعبية، وجمهورية تشيكوسلوفاكيا الاشتراكية،[5] وجمهورية رومانيا الشعبية، وجمهورية ألبانيا الشعبية.[6]
أعادت الأنظمة التي نشأت على النمط السوفيتي في الكتلة الشرقية ليس فقط الاقتصاد السوفيتي المُوجه، لكن أيضاً تبنت الطرق الوحشية التي استخدمها جوزيف ستالين والشرطة السرية السوفيتية لقمع المعارضة الحقيقية والمحتملة. كما سيطر الجيش الأحمر -[7] في آسيا - على منشوريا في الشهر الأخير من الحرب، واستمر في احتلال أجزاء كبيرة من الأراضي الكورية الواقعة شمال خط العرض 38.
أشرفت المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية - بقيادة لافرينتي بيريا - على وضع أنظمة الشرطة السرية على النمط السوفيتي في الكتلة - كجزء من تعزيز سيطرة ستالين على الكتلة الشرقية -، والتي من المفترض أن تقضي على المقاومة المناهضة للشيوعية. عندما بدأت الشرارات الأولى للاستقلال في الظهور في الكتلة الشرقية، اتبع ستالين الاستراتيجية التي استخدمها للتعامل مع منافسيه الداخليين في فترة قبل الحرب: أُزيلوا من السلطة، وقُدموا للمحاكمة، وسُجنوا، وفي عديد من الحالات، أُعدموا.
قلق ونستون تشرشل - رئيس الوزراء البريطاني - من وجود تهديد سوفيتي لأوروبا الغربية، نظراً للحجم الهائل للقوات السوفيتية المنتشرة في أوروبا في نهاية الحرب، واعتقاد أن جوزيف ستالين - القائد السوفيتي - غير موثوق به.[8]
الاستعداد لحرب جديدة
ساعدت «الرسالة التلغرافية الطويلة» ل «جورج كينان» القادمة من موسكو - في فبراير عام 1946 - في التعبير عن التشدد المتزايد لحكومة الولايات المتحدة في التعامل مع السوفييت، كما أصبح الأساس الاستراتيجي للولايات المتحدة في التعامل مع الاتحاد السوفييتي خلال فترة الحرب الباردة.[9] في سبتمبر التالي أصدر الجانب السوفيتي تلغراف نوفيكوف - أرسله السفير السوفيتي لكن كُلف فياتشيسلاف ميخائيلوفيتش مولوتوف به كما ساعد في تأليفه - حيث وصف الولايات المتحدة بكونها واقعة في قبضة الرأسماليين الاحتكاريين الذين يعملون على بناء القدرة العسكرية «لتهيئة الظروف للفوز بالسيادة العالمية في حرب جديدة».[10]
في 6 سبتمبر عام 1946 ألقى جيمس بيرنز خطاباً في ألمانيا يستنكر فيه خطة مورجنثاو (وهو اقتراح بتقسيم ألمانيا ما بعد الحرب وإزالة إمكانيات التصنيع بها)، ويحذر السوفييت أن الولايات المتحدة تهدف إلى الحفاظ على الوجود العسكري في أوروبا إلى أجلٍ غير مُسمى. كما اعترف بيرنز بعد مرور شهر أن «جوهر برنامجنا هو الفوز بالشعب الألماني ... كانت معركة بيننا وبين روسيا للاستحواذ على العقول...»[11]
بعد أسابيع قليلة من إرسال «الرسالة التلغرافية الطويلة»، ألقى رئيس الوزراء البريطاني السابق خطابه الشهير «الستار الحديدي» في فولتون بولاية ميزوري. دعا الخطاب إلى تحالف أنجلو-أمريكي ضد الاتحاد السوفيتي الذين اتهمهم بإنشاء ستار حديدي من شتتين في بحر البلطيق إلى ترييستي في البحر الأدرياتيكي.
بدايات الحرب الباردة
كومنفورم وانفصال تيتو-ستالين
في سبتمبر عام 1947 أنشأ السوفييت الكومنفورم بغرض فرض العقيدة داخل الحركة الشيوعية العالمية، وتشديد السيطرة السياسية على الدول التابعة للاتحاد السوفيتي من خلال تنسيق الأعمال بين الأحزاب الشيوعية في الكتلة الشرقية. واجه الكومنفورم إخفاق حرج في يونيو التالي عندما ألزم انفصال تيتو-ستالين أعضائها بطرد يوغوسلافياالتي ظلت شيوعية لكن تبنت موقف عدم الانحياز.[12]
سياسة الاحتواء ومبدأ ترومان
بحلول عام 1947 حث مستشارو الرئيس الأمريكي هاري ترومان باتخاذ خطوات فورية لمواجهة نفوذ الاتحاد السوفيتي، مُشيراً إلى جهود ستالين (وسط ارتباك وانهيار ما بعد الحرب) لتقويض الولايات المتحدة من خلال تشجيع التنافس بين الرأسماليين التي يُمكن أن تُعجل حرب أخرى. في فبراير عام 1947 أعلنت الحكومة البريطانية أنها لم تعد قادرة على تمويل النظام العسكري الملكي اليوناني في الحرب الأهلية ضد المتمردين تحت سيطرة الشيوعية.
تبنت الحكومة الأمريكية سياسة الاحتواء رداً على تلك الأنباء، والهدف من ذلك هو وقف انتشار الشيوعية. ألقى ترومان خطاب يدعو فيه لتخصيص 400 مليون دولار للتدخل في الحرب؛ الأمر الذي كشف النقاب عن مبدأ ترومان، والذي حدد إطار الصراع على أنه منافسة بين الشعوب الحرة والأنظمة الشمولية. على الرغم من مساعدة يوغوسلافيا التابعة لجوزيف بروز تيتو للمتمردين، اتهم صناع السياسة الأمريكيين الاتحاد السوفيتي بالتآمر ضد الملكيين اليونانيين في محاولة لتوسيع نطاق النفوذ السوفيتي.
أرخ إعلان مبدأ ترومان بداية التوافق في السياسة الخارجية وسياسة الدفاع للولايات المتحدة بين الحزب الديمقراطي[؟] والجمهوري التي ركزت على الاحتواء والردع، والتي ضعفت أثناء وبعد حرب فيتنام، لكنها استمرت بعد ذلك في النهاية.[13][14] أعطت الأحزاب المعتدلة والمحافظة في أوروبا - فضلاً عن الديمقراطيين الاشتراكيين - بالفعل الدعم غير المشروط إلى التحالف الغربي؛[15] بينما انضم الشيوعيون الأمريكيون والأوروبيون - المدفوعين من قبل الاستخبارات السوفييتية والمشاركين في العمليات الاستخباراتية - إلى صف موسكو على الرغم من بدء ظهور الانشقاق بعد عام 1956. ظهرت انتقادات لسياسات التوافق من قبل نشطاء مناهضين لحرب فيتنام وحملة نزع السلاح النووي وحركة تجميد البرنامج النووي.[16]
مشروع مارشال وانقلاب تشيكوسلوفاكيا
في أوائل عام 1947 فشلت كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في الوصول إلى اتفاق مع الاتحاد السوفيتي بشأن خطة تُحقق اكتفاء ذاتي اقتصادي لألمانيا، بما في ذلك حساب مُفصل بشأن المنشآت الصناعية والسلع[؟] والبنية التحتية التي أزالها السوفييت بالفعل.[17] في يونيو عام 1947 بالتزامن مع مبدأ ترومان، فَعَّلت الولايات المتحدة خطة مارشال؛ وهو تعهد بتقديم المساعدات الاقتصادية لجميع دول أوروبا الراغبة بالمشاركة، بما في ذلك الاتحاد السوفيتي.[17]
هدفت الخطة لإعادة بناء النظم الاقتصادية والديمقراطية لأوروبا ومواجهة التهديدات الملموسة لتوازن السلطة في أوروبا مثل فرض سيطرة الأحزاب الشيوعية من خلال الثورات والانتخابات. أكدت الخطة أيضاً على أن الازدهار الأوروبي يتوقف على تعافي الاقتصاد الألماني. بعد مرور شهر وقع ترومان قانون الأمن الوطني لعام 1947، مما ترتب عليه إنشاء وزارة دفاع موحدة، ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، ومجلس الأمن القومي (NSC). أصبحت تلك السلطات البيروقراطيات الأساسية لسياسة الولايات المتحدة في الحرب الباردة.[18]
يعتقد ستالين أن التكامل الاقتصادي مع الغرب يتيح لدول الكتلة الشرقية الهروب من السيطرة السوفيتية، وأن الولايات المتحدة كانت تحاول عقد صفقة لكسب دولة موالية ومنحازة للولايات المتحدة في أوروبا. لذلك منع ستالين دول الكتلة الشرقية من تلقي مساعدات خطة مارشال. أصبحت خطة مولوتوف (والتي أخذت طابع مؤسسي في يناير عام 1949 يُعرف بمجلس التعاون الاقتصادي) هي بديل الاتحاد السوفيتي لخطة مارشال، والتي تزعم تضمن التجارة والمساعدات السوفيتية مع أوروبا الوسطى والشرقية. كان يخشى ستالين من إعادة إعمار ألمانيا؛ فرؤيته لألمانيا بعد الحرب لا تشمل القدرة على إعادة تسليح نفسها أو تشكيل أي نوع من التهديد للاتحاد السوفيتي.
في أوائل عام 1948 بعد متابعة تقارير عن تعزيز «العناصر الرجعية»، قضى عملاء الاتحاد السوفيتي على انقلاب في تشيكوسلوفاكيا، وهي الدولة الوحيدة في الكتلة الشرقية التي سمح السوفييت بالاحتفاظ بهياكل الديمقراطية بها.[19] أصاب القمع الوحشي لجموع الانقلاب صدمة لدول الغرب أكثر من أي حدث حتى ذلك الوقت، مع إطلاق العنان لذعر من حدوث حرب وجرفت آخر بقايا المعارضة لخطة مارشال في الكونغرس الأمريكي.[20]
أدت السياستان التوأم لمبدأ ترومان وخطة مارشال إلى بلايين من المساعدات العسكرية والاقتصادية لأوروبا الغربية واليونان وتركيا. فاز الجيش اليوناني في الحرب الأهلية بفضل مساعدة الولايات المتحدة.[18] تحت قيادة ألتشيدي دي غاسبيري، هزم الحزب الديمقراطي المسيحي الإيطالي التحالف الشيوعي الاشتراكي الضخم في انتخابات عام 1948.[21] في نفس الوقت كان هناك زيادة في النشاط الاستخبارتي والتجسسي، وانشقاقات الكتلة الشرقية، والترحيل الدبلوماسي.[22]
حصار برلين والجسر الجوي
دمجت الولايات المتحدة وبريطانيا الأراضي المحتلة لألمانيا الغربية التابعة لهم في اتحاد ذي منطقتين (كان ذلك 1 يناير عام 1947، صارت فيما بعد اتحاد ذي ثلاث مناطق بعد انضمام فرنسا إليهم عام 1949). في أوائل عام 1948، أعلن ممثلي الولايات المتحدة وعدد من الحكومات الأوروبية الغربية - كجزء من إعادة البناء الاقتصادي لألمانيا - اتفاقية لدمج المناطق الألمانية الغربية إلى نظام حكومي فيدرالي. بالإضافة إلى ذلك، وفقاً لخطة مارشال، بدأوا بإعادة بناء وتصنيع الاقتصاد الألماني، بما في ذلك إدخال عملة المارك الألمانية الجديدة بدلاً من العملة القديمة رايخ مارك التي بخس السوفييت من قيمتها.
بعد ذلك بفترة قصيرة، فرض ستالين حصار برلين (24 يونيو 1948 - 12 مايو 1949)؛ وهي واحدة من الأزمات الكبرى للحرب الباردة حيث مُنعت المواد الغذائية والمعدات والإمدادات من الوصول إلى غرب برلين. بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وعدة بلدان أخرى في إمداد غرب برلين بالطعام وغيرها من المؤن من خلال جسر برلين الجوي الضخم.
شن الاتحاد السوفيتي حملة علاقات عامة ضد تغيير السياسة المتبعة. كما حاول شيوعيو ألمانيا الشرقية مرة أخرى تعطيل الانتخابات البلدية لبرلين (كما فعلوا في انتخابات 1946)، التي عُقدت 5 ديسمبر 1948 وكانت نسبة الإقبال بها تتعدى 86.3%، وكانت النتيجة فوزاً ساحقاً للأحزاب غير الشيوعية. كانت النتائج ذي تأثير فعال مما تسبب بتقسيم المدينة إلى شرق وغرب لما كان عليه سابقاً. تظاهر نحو 300000 برليني، ودعوا لاستمرار الجسر الجوي الدولي، كما قام غيل هالفرسون - طيار في السلاح الجوي الأمريكي - بعمليات نقل مؤن، والتي وفرت الحلوى للأطفال الألمان. في مايو عام 1949 تراجع ستالين ورفع الحصار.
في عام 1952 اقترح ستالين عدة مرات خطة لتوحيد شرق وغرب ألمانيا في ظل حكومة واحدة منتخبة تحت إشراف الأمم المتحدة إذا كانت ألمانيا الجديدة ستظل خارج التحالفات العسكرية الغربية. رفضت السلطات الغربية هذا الاقتراح نتيجة لطعن بعض المصادر في صدق الاقتراح.[23]
بدايات حلف الناتو وإذاعة أوروبا الحرة
وقعت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وكندا وثماني دول أوروبية غربية معاهدة حلف شمال الأطلسي في أبريل عام 1949، والذي مهد لتأسيس منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). في أغسطس التالي تم تفجير أول مفاعل نووي سوفيتي في سيميبالاتينسيك في كازاخستان السوفيتية. بعد رفض الاتحاد السوفيتي المشاركة في جهود إعادة إعمار ألمانيا التي أطلقتها الدول الأوروبية الغربية عام 1948، قادت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تأسيس ألمانيا الغربية ابتداءً من المناطق الغربية الثلاثة المحتلة في أبريل 1949.[24] أعلن الاتحاد السوفيتي منطقته المحتلة في ألمانيا - في أكتوبر التالي - الجمهورية الديمقراطية الألمانية.[25]
كان الإعلام في الكتلة الشرقية جهازاً من أجهزة الدولة؛ يعتمد كلياً على الحزب الشيوعي وتابعاً له بالتزان مع منظمات الإذاعة والتليفزيون التابعة للدولة، بينما تمتلك المنظمات السياسية عادة وسائل الإعلام المقروءة والتي تكون غالباً مملوكة من الحزب الشيوعي المحلي. استخدمت الدعاية السوفيتية الفلسفة الماركسية لمهاجمة الرأسمالية، وادعت أن الاستغلال في العمل والإمبريالية المُروجة للحرب أشياء متأصلة في النظام.[26]
بدأ بث إذاعة أوروبا الحرة/الإذاعة الحرة [27] كجهد دعائي كبير عام 1949 - جنباً إلى جنب مع بث هيئة الإذاعة البريطانية وصوت أمريكا في أوروبا الوسطى والشرقية - مُكرسة جهودها لمحاولة تحقيق الزوال السلمي للنظام الشيوعي في الكتلة الشرقية. حاولت إذاعة أوروبا الحرة تحقيق تلك الأهداف من خلال عملها بمثابة محطة إذاعية منزلية بديلة، بديلاً عن الصحافة المحلية التي يسيطر عليها الحزب ويهيمن عليها. إذاعة أوروبا الحرة هي نتاج واحد من أبرز مهندسي الاستراتيجية الأمريكية للحرب الباردة المبكرة؛ خاصة أولئك الذين اعتقدوا أن خوض الحرب الباردة سيكون أخيراً بوسائل سياسية لا عسكرية مثل جورج كينان.
اعترف صناع الحرب الأمريكيين - بما فيهم كينان وجون فوستر دالاس - أن الحرب الباردة كانت في جوهرها حرب أفكار. مولت الولايات المتحدة - التي تعمل من خلال وكالة المخابرات المركزية - قائمة طويلة لمواجهة النداء الشيوعي بين المثقفين في أوروبا والعالم النامي. ترعى وكالة المخابرات المركزية سراً أيضاً حملة دعائية محلية تُدعى الحملة الصليبية من أجل الحرية.
عملت الولايات المتحدة - في أوائل خمسينيات القرن العشرين - لإعادة تسليح ألمانيا الغربية، وفي عام 1955 حصلت على عضويتها الكاملة في حلف الناتو.[25] قدمت بيريا في مايو عام 1953 - التي تولت في ذلك الوقت منصب حكومي - اقتراح غير ناجح لإعادة توحيد دولة ألمانية محايدة لمنع ضم ألمانيا الغربية إلى حلف شمال الأطلسي.
الحرب الأهلية الصينية وسياتو
في عام 1949 هزم جيش التحرير الشعبي لماو تسي تونغ حكومة الكومينتانغ الوطنية لشيانج كاي شيك المدعوم من الولايات المتحدة، وسارع الاتحاد السوفيتي لعقد تحالف مع جمهورية الصين الشعبية التي شكلت حديثاً. وفقاً لما قاله المؤرخ النرويجي أود أرني ويستاد، فقد ربح الشيوعيون الحرب الأهلية لأنها ارتكبت أخطاء عسكرية أقل من شيانج كاي شيك، ولأن في بحثه عن حكومة مركزية قوية، عادى شيانج الكثير من جماعات المصالح في الصين. علاوة على ذلك، تم إضعاف حزبه في الحرب ضد اليابان. في الوقت نفسه أخبر الشيوعيون مختلف المجموعات - مثل الفلاحين - ما يريدون سماعه بالضبط، وتستروا على أنفسهم في غطاء القومية الصينية.
تراجع شيانج وحكومة الكومينتانغ إلى جزيرة تايوان. بعد مواجهة الثورة الشيوعية في الصين ونهاية الاحتكار الذري الأمريكي عام 1949، أسرعت حكومة ترومان لتصعيد سياسة الاحتواء وتوسيعها. اقترح مجلس الأمن القومي في وثيقته السرية لعام 1950 (NSC-68) تعزيز نظم التحالف الموالي للغرب ومضاعفة الإنفاق على الدفاع.
انتقل مسؤولون من الولايات المتحدة بعد ذلك لتوسيع الاحتواء في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية لمواجهة الحركات القومية الثورية، التي تقودها في الغالب الأحزاب الشيوعية ويمولها الاتحاد السوفيتي، للنضال ضد استعادة الامبراطوريات الاستعمارية الأوروبية في جنوب شرق آسيا وكل مكان آخر. في أوائل خمسينيات القرن العشرين (تُعرف الفترة أحياناً باسم "Pactomania")، عقدت الولايات المتحدة سلسلة من التحالفات مع اليابان وأستراليا ونيوزيلندا وتايلاند والفلبين (لا سيما أنزوس عام 1951 وسياتو عام 1954)، وبالتالي يكفل للولايات المتحدة عدداً من القواعد العسكرية طويلة المدى.[25]
الحرب الكورية
كان واحداً من النتائج البارزة للاحتواء هو اندلاع الحرب الكورية. في يونيو 1950 الجيش الشعبي لشمال كوريا التابع لكيم إل سونغ اجتاح جنوب كوريا. خطط جوزيف ستالين للغزو وأعد له وبدأه، وأنتج خطط حرب مفصلة التي شاركها مع كوريا الشمالية.[28][29][30][31] فوجئ ستالين لدعم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الدفاع عن كوريا الجنوبية، على الرغم أن الاتحاد السوفيتي قاطع الاجتماعات التي تتظاهر بسبب حصول تايوان والصين غير الشيوعية على مقعد دائم في مجلس الأمن. اجتمعت قوة من موظفي الأمم المتحدة من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتركيا وكندا وكولومبيا وأستراليا وفرنسا وجنوب إفريقيا والفلبين وهولندا وبلجيكا ونيوزيلندا ودول أخرى لوقف الغزو.
كان من ضمن النتائج الأخرى أن الحرب الكورية حفزت حلف الناتو لتطوير البنية العسكرية. انقسم الرأي العام[؟] في البلدان المعنية - مثل بريطانيا العظمى ما بين مؤيد ومعارض للحرب. يخشي العديد التصعيد إلى حرب عامة مع الصين الشيوعية، وحتى حرب نووية. تسببت المعارضة القوية في الأغلب للحرب في توتر العلاقات الأمريكية البريطانية، لذلك سعى المسؤولون البريطانيون لوضع نهاية سريعة للصراع على أمل توحيد كوريا تحت رعاية الأمم المتحدة وانسحاب جميع القوات الأجنبية.
على الرغم أن الصين وشمال كوريا أُستنزفت بسبب الحرب، وكانوا على استعداد لإنهائها بنهاية عام 1952، لكن أصر ستالين على استمرار الصراع، وتمت الموافقة على الهدنة فقط في يوليو عام 1953 بعد وفاة ستالين. أسس كيم إل سونغ - زعيم كوريا الشمالية - لديكتاتورية شمولية ذات مركزية عالية - وهي مستمرة حتى الآن - ليمنح نفسه سلطة غير محدودة والتمهيد لعبادة الشخصية المفرطة. في جنوب كوريا،[25] أدار إي سنغ مان -الديكتاتور المدعوم من أمريكا[؟] - نظام أقل وحشية بشكل ملحوظ لكن أكثر فساداً وتسلطاً. بعد الإطاحة بإي سنغ مان عام 1960، سقطت كوريا الجنوبية في خلال عام تحت الحكم العسكري الذي استمر حتى إعادة إنشاء نظام متعدد الأحزاب في أواخر ثمانينات القرن العشرين.
الأزمة والتصعيد
خروتشوف وآيزنهاور وعملية اجتثاث الستالينية
تسببت التغيرات في القيادة السياسية في كلا الجانبين - عام 1953 - في تحول دينامكية الحرب الباردة.[32] نُصِّب دوايت آيزنهاور رئيس البلاد في يناير التالي. خلال ال18 أشهر الماضية من إدارة ترومان، تضاعفت ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية أربع مرات. عمل آيزنهاور على تقليل الإنفاق العسكري بنسبة الثلث مع الاستمرار في صراع الحرب الباردة على نحو فعال.
بعد وفاة جوزيف ستالين، أصبح نيكيتا خروتشوف الزعيم لسوفيتي بعد خلع لافرينتي بيريا وإعدامه، بالإضافة إلى التخلص من منافسيه مثل جورجي مالينكوف وفياتشيسلاف ميخائيلوفيتش مولوتوف. في 25 فبراير عام 1956، صدم خروتشوف مندوبي المؤتمر ال20 للحزب الشيوعي السوفيتي بعد تعديد جرائم ستالين وإدانتها. كجزء من حملة اجتثاث الستالينية، أعلن أن السبيل الوحيد للإصلاح والابتعاد عن سياسات ستالين هو الاعتراف بأخطاء الماضي.[18]
في 18 نوفمبر عام 1958، بينما كان يلقى خطاباً للسفراء الغربيين في حفل استقبال بالسفارة البولندية في موسكو، ألقى خروتشوف تعبيره الشهير (إذا كنتم ترغبون ذلك أم لا، التاريخ هو ملكنا. سوف ندفنكم) الذي صدم جميع الحضور. ادعى بعد ذلك أنه لم يكن يتحدث عن حرب نووية، لكن عن انتصار الشيوعية المثبت تاريخياً على الرأسمالية. في عام 1961 أعلن خروتشوف أنه حتى لو كان الاتحاد السوفيتي لم يلحق بالغرب، لكن في غضون عقد ستختفي أزمة الإسكان، وتتوفر السلع الاستهلاكية، وخلال عقدين من الزمان على الأغلب سيُكتمل بناء مجتمع شيوعي في الاتحاد السوفيتي.
استخدم جون فوستر دالاس - وزير خارجية آيزنهاور - سياسة «نيو لوك» في سياسة الاحتواء، داعياً إلى زيادة الاعتماد على الأسلحة النووية ضد أعداء الولايات المتحدة في وقت الحرب.[18] أكد دالاس أيضاً على عقيدة «الانتقام الهائل» التي تهدد برد قاسٍ للولايات المتحدة على أي عدوان سوفيتي. سمح امتلاك التفوق النووي لآيزنهاور على مواجهة التهديدات السوفيتية للتدخل في الشرق الأوسط خلال العدوان الثلاثي عام 1956.
حلف وارسو والثورة المجرية
بينما كان لموت ستالين أثره في تخفيف التوترات قليلاً عام 1953، ظل الوضع في أوروبا هدنة مسلحة غير مستقرة.[27] عقد الاتحاد السوفيتي - الذي أنشأ بالفعل شبكة من معاهدات المساعدة المتبادلة في الكتلة الشرقية عام 1949 -[33] تحالف رسمي هناك، وهو حلف وارسو عام 1955.
اندلعت الثورة المجرية عام 1956 بعد فترة وجيزة من ترتيب خروتشوف لعزل ماتياش راكوشي، الزعيم الستاليني للمجر. نتيجة للانتفاضة الشعبية، أزال النظام الجديد الشرطة السرية، مُعلناً نيته للانسحاب من حلف وارسو والتعهد بإعادة الانتخابات الحرة. قام الجيش السوفيتي بالغزو. اُعتقل آلاف المجريين وسُجنوا ورُحلوا إلى الاتحاد السوفيتي، وفر حوالي 200000 مجري من المجر خلال الفوضى. نُفذ حكم الإعدام على القائد المجري إيمري ناج وآخرين بعد محاكمات سرية.
التنافس في العالم الثالث
غالبًا ما كانت الحركات القومية في بعض البلدان والمناطق، ولا سيما في غواتيمالا وإندونيسيا والهند الصينية، متحالفة مع الجماعات الشيوعية أو كان يُنظر إليها على أنها معادية للمصالح الغربية. في هذا السياق، تنافست الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بشكل متزايد على النفوذ بالوكالة في العالم الثالث حيث اكتسب إنهاء الاستعمار زخمًا في الخمسينيات من القرن العشرين وأوائل الستينيات. كان كلا الجانبين يبيع الأسلحة لكسب النفوذ. ورأى الكرملين في خسارة القوى الإمبريالية لبعض الأقاليم نذيرًا لانتصار أيديولوجيتها في نهاية المطاف.[34][35]
استخدمت الولايات المتحدة وكالة الاستخبارات المركزية لتقويض حكومات العالم الثالث المحايدة أو المعادية ولدعم الحكومات الحليفة. في عام 1953، نفّذ الرئيس آيزنهاور عملية أجاكس، التي كانت انقلابًا سريًا للإطاحة برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق. كان مصدق المنتخب شعبيًا عدوًا لبريطانيا في الشرق الأوسط منذ تأميم شركة النفط الأنغلو إيرانية المملوكة من قبل بريطانيا في عام 1951. أبلغ وينستون تشرشل الولايات المتحدة أن مصدق كان «يتجه بصورة متزايدة نحو النفوذ الشيوعي». اعتلى الشاه الموالي للغرب، محمد رضى بهلوي، السلطة كملك أوتوقراطي. وتضمنت سياساته حظر حزب توده الشيوعي الإيراني، وقمعًا عامًا للمعارضة السياسية من قبل السافاك التي كانت وكالة الاستخبارات والأمن الداخلي التابعة للشاه. [36]
وفي غواتيمالا، جمهورية الموز، أطاح انقلاب عام 1954 بالرئيس اليساري جاكوبو أربينز بعد دعم مادي من السي آي إيه. ألغت حكومة ما بعد أربينز، والتي كانت مجلسًا عسكريًا ترأسه كارلوس كاستيو أرماس، قانون الإصلاح الزراعي التقدمي وأعادت الممتلكات المؤممة التي كانت تعود لشركة الفاكهة المتحدة وأقامت لجنة وطنية لمواجهة الشيوعية، وأقرت قانون عقوبات وقائي ضد الشيوعية بناء على طلب الولايات المتحدة.[37][38][39]
واجهت حكومة سوكارنو الإندونيسية غير المنحازة تهديدًا كبيرًا لشرعيتها بداية من العام 1956 حين بدأ العديد من القادة الإقليميين بالمطالبة بالحكم الذاتي من جاكرتا. وبعد أن فشلت الوساطة، اتخذ سوكارنو إجراءات للتخلص من القادة المنشقين. في فبراير من عام 1958، أعلن القادة العسكريون المنشقون في سومطرة الوسطى (العقيد أحمد حسين) وشمال سولاويزي (العقيد فينتجي سوموال) تشكيل حركة الحكومة الثورية لجمهورية إندونيسيا-بيرميستا التي كانت تهدف إلى الإطاحة بنظام سوكارنو. وانضم إليهم العديد من السياسيين المدنيين من حزب ماسيومي، مثل سجافرودين براويرانيغارا، الذي عارضوا النفوذ المتزايد للحزب الشيوعي الإندونيسي. ونظرًا إلى خطابهم المناهض للشيوعية، تلقى المتمردون أسلحة وتمويلًا ومساعدات سرية أخرى من السي آي إيه إلى أن أُسقطت طائرة الطيار الأمريكي آلين بوب لورينس بعد غارة على أمبون التي كانت تحت سيطرة الحكومة في شهر أبريل من عام 1958. ردت الحكومة المركزية بشن غزوات عسكرية جوًا وبحرًا على معاقل المتمردين في بادانغ ومانادو. وبحلول نهاية عام 1958، هُزم المتمردون عسكريًا، وأعلنت آخر العصابات المتمردة المتبقية استسلامها بحلول أغسطس من عام 1961. [40]
في جمهورية الكونغو، المستقلة حديثًا عن بلجيكا منذ شهر يونيو منذ شهر يونيو من عام 1960، اندلعت أزمة الكونغو في 5 يوليو مما أدى إلى انفصال منطقتي كاتانغا وجنوب كاساي. أمر الرئيس جوزيف كاسا فوبو المدعوم من السي آي إيه بإقالة رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيًا باتريس لومومبا وبإقالة حكومة لومومبا في شهر سبتمبر بسبب المذابح التي ارتكبتها القوات المسلحة أثناء غزو جنوب كاساي وبسبب استدعاء السوفييت إلى البلاد. في وقت لاحق، حشد الكولونيل موبوتو سيسي سيكو المدعوم من السي آي إيه قواته للاستيلاء على السلطة عبر انقلاب عسكري، وعمل مع وكالات الاستخبارات الغربية لسجن لومومبا وتسلميه إلى سلطات كاتانغان التي أعدمته رميًا بالرصاص.[41][42]
وفي غيانا البريطانية، فاز المرشح اليساري لحزب الشعب التقدمي، تشيدي جاغان، بمنصب رئيس الوزراء في انتخابات أدارها المستعمرون في عام 1953، غير أنه سرعان ما أُجبر على الاستقالة من السلطة بعد تعليق بريطانيا لدستور الأمة التي لم تكن قد نالت استقلالها بعد. وبسبب الشعور بالحرج من الانتصار الانتخابي الساحق لحزب جاغان الماركسي المزعوم، سجن البريطانيون قيادة حزب الشعب الباكستاني وقاموا بمناورة لإثارة انقسام ضمن المنظمة في عام 1955، الأمر الذي أدى إلى انشقاق بين جاغان وزملائه في حزب الشعب الباكستاني. فاز جاغان مرة أخرى بالانتخابات الكولونيالية في عامي 1957 و1961، على الرغم من تحول بريطانيا إلى إعادة نظر في رؤيتها لجاغان اليساري كشيوعي على الطراز السوفييتي في هذا الوقت. ضغطت الولايات المتحدة على البريطانيين لتعليق استقلال غيانا إلى أن يُحدد بديل لجاغان ويتلقى الدعم ويتولى منصبه.[43]
ومع إنهاكهم في الحرب الهندو-صينية الأولى وتلقيهم هزيمة كاسحة على يدي متمردي فيت منه الشيوعيين في معركة ديان بيان فو في عام 1954، قبل الفرنسيون بالتفاوض على التخلي عن حصتهم الاستعمارية في فيتنام. في مؤتمر جنيف، وُقعت اتفاقيات السلام وتُركت فيتنام مقسمة بين إدارة موالية للسوفييت في شمال فيتنام إدارة موالية للغرب في جنوب فيتنام عند خط العرض 17 شمالًا. بين عامي 1954 و1961، أرسلت حكومة الرئيس آيزونهاور مساعدة اقتصادية ومستشارين عسكريين لتقوية نظام جنوب فيتنام الموالي للغرب في وجه المساعي الشيوعية لزعزعة استقراره.[44]
رفضت العديد من الدول الصاعدة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية الضغوط للانحياز إلى أحد الجانبين في تنافس الشرق والغرب. وفي عام 1955، في مؤتمر باندونغ في إندونيسيا، قررت عشرات الحكومات في العالم الثالث البقاء خارج الحرب الباردة. بلغ الإجماع الذي جرى التوصل إليه في باندونغ ذروته مع إنشاء حركة عدم الانحياز التي اتخذت من بلغراد مقرًا لها في عام 1961. وفي غضون ذلك، وسع خروتشوف سياسة موسكو لإقامة علاقات مع الهند والدول المحايدة الرئيسية الأخرى. حولت حركات الاستقلال في العالم الثالث نظام ما بعد الحرب إلى عالم أكثر تعددية من الدول الأفريقية والشرق أوسطية التي تخلصت من الاستعمار، ومن القومية الصاعدة في آسيا وأمريكا اللاتينية.[45]
الانقسام الصيني السوفياتي
بعد عام 1956، بدأ التحالف الصيني السوفييتي بالانهيار. كان ماو قد دافع عن ستالين حين انتقده خروتشوف في عام 1956، وعامل الزعيم السوفييتي الجديد باعتباره مغرورًا وسطحيًا، واتهمه بأنه قد فقد روحه الثورية. من جانبه، أشار خروتشوف، الذي أثار انزعاجه الموقف اللطيف لماو حيال الحرب النووية، إلى الزعيم الصيني بأنه «مجنون على العرش». [46]
بعد ذلك، قام خروتشوف بالعديد من المحاولات اليائسة لإعادة تشكيل التحالف الصيني السوفييتي، إلا أن ماو اعتبره عديم الفائدة ورفض أي اقتراح. اشتعلت العداوة الصينية السوفييتية في حرب دعائية ضمن المنظومة الشيوعية. وإضافة إلى ذلك، ركز السوفييت على التنافس المرير مع الصين الماوية على قيادة الحركة الشيوعية العالمية. تحدث المؤرخ لورنز إم. لوثي عن أن:
كان الانقسام الصيني السوفييتي واحدًا من الأحداث الرئيسية في الحرب الباردة، وقد كان مساويًا في أهميته لبناء جدار برلين وأزمة الصواريخ الكوبية وحرب فيتنام الثانية والتقارب الصيني الأمريكي. ساعد الانقسام في تحديد إطار الحرب الباردة الثانية بشكل عام، وأثر على مسار حرب فيتنام الثانية بشكل خاص. [47]
سباق الفضاء
على جبهة الأسلحة النووية، سعت الولايات المتحدة واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية إلى إعادة التسلح النووي وطور كل جانب أسلحة بعيدة المدى يمكن بواسطتها ضرب أراضي الطرف الآخر. وفي أغسطس من عام 1957، نجح السوفييت في إطلاق أول صاروخ بالستي عابر للقارات وفي شهر أكتوبر أطلقوا أول قمر صناعي أرضي، سبوتنيك1.[48]
انظر أيضًا
- آثار الحرب الباردة
- معسكر (تكتل سياسي)
- تجريد عسكري
- التسلسل الزمني لأحداث الحرب الباردة
- جمعية العلاقات الثقافية مع الدول الأجنبية
- لجنة الأمم العشر لنزع السلاح
- ستانيسلاف بيتروف
مراجع
- ^ Orwell, Tribune 19 October 1945 نسخة محفوظة 20 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- ^ Orwell, George, The Observer, 10 March 1946
- ^ Alan Wood, p. 62
- ^ Shirer 1990, p. 794
- ^ Grenville 2005, pp. 370–71
- ^ Cook 2001, p. 17
- ^ Roht-Arriaza 1995, p. 83
- ^ Fenton, Ben at the https://en.wikipedia.org/wiki/Wayback_Machine , telegraph.co.uk, 1 October 1998. Retrieved 23 July 2008. نسخة محفوظة 22 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
- ^ Schecter 2003, pp. 152–154
- ^ Kydd 2005, p. 107
- ^ Morgan, Curtis F. James F. Byrnes Institute. Retrieved 9 June 2008. نسخة محفوظة 12 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ Carabott & Sfikas 2004, p. 66
- ^ Hahn 1993, p. 6
- ^ Higgs 2006, p. 137
- ^ Moschonas & Elliott 2002, p. 21
- ^ Crocker, Hampson & Aall 2007, p. 55
- ^ أ ب Miller 2000, p. 16
- ^ أ ب ت ث Karabell 1999, p. 916
- ^ Patterson 1997, p. 132
- ^ Miller 2000, p. 19
- ^ Gaddis 2005, p. 162
- ^ Cowley 1996, p. 157
- ^ Van Dijk, Rudd. Woodrow Wilson International Center for Scholars. Cold War International History Project, Working Paper 14, May 1996. نسخة محفوظة 2 مايو 2019 على موقع واي باك مشين.
- ^ Heike Bungert, "A New Perspective on French-American Relations during the Occupation of Germany, 1945–1948: Behind-the-Scenes Diplomatic Bargaining and the Zonal Merger." Diplomatic History (1994) 18#3 pp: 333-352.
- ^ أ ب ت ث Byrd, Peter (2003). "Cold War (entire chapter)". في McLean, Iain؛ McMillan, Alistair (المحررون). The concise Oxford dictionary of politics. Oxford University Press. ISBN:0-19-280276-3. مؤرشف من الأصل في 2020-04-02. اطلع عليه بتاريخ 2008-06-16.
{{استشهاد بموسوعة}}
:|archive-date=
/|archive-url=
timestamp mismatch (مساعدة) - ^ James Wood, p. 111
- ^ أ ب Cold War - Wikipedia, the free encyclopedia
- ^ Douglas J. Macdonald, "Communist Bloc Expansion in the Early Cold War," International Security, Winter 1995–6, p. 180.
- ^ John Lewis Gaddis, We Know Now: Rethinking Cold War History (Oxford University Press, 1997), p. 71.
- ^ Sergei N. Goncharov, John W. Lewis and Xue Litai, Uncertain Partners: Stalin, Mao and the Korean War (Stanford University Press, 1993), p213
- ^ William Stueck, The Korean War: An International History (Princeton University Press, 1995), p. 69.
- ^ Karabell, p. 916
- ^ Feldbrugge, p. 818
- ^ Tucker 2010، صفحة 1566.
- ^ Karabell 1999، صفحة 916.
- ^ Towle 2000، صفحة 160.
- ^ Gasiorowski & Byrne 2004، صفحة 125.
- ^ Smith 1953.
- ^ George Washington University 1953.
- ^ Bulmer-Thomas 1987، صفحة 142.
- ^ Nzongola-Ntalaja 2011.
- ^ Gerard 2015، صفحات 216–18.
- ^ Palmer 2010، صفحات 247–48.
- ^ Gaddis 2005، صفحة 126.
- ^ LaFeber 1993، صفحات 194–97.
- ^ Kempe 2011، صفحة 42.
- ^ Lüthi 2010، صفحة 1.
- ^ Klesius 2008.
وصلات خارجية
في كومنز صور وملفات عن: الحرب الباردة |