ابن منير الطرابلسي

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أحمد بن منير بن أحمد الطرابلسي
معلومات شخصية
الميلاد 473 هـ
1080 م
طرابلس، الشام
الوفاة 548 هـ
1153 م
حلب، الشام
الحياة العملية
الفترة العصر العباسي
النوع أدب عربي تقليدي
الحركة الأدبية الأدب في العصر العباسي الثاني (تجزؤ الخلافة)
المهنة شاعر، لغوي
اللغات اللغة العربية
بوابة الأدب

أبو الحسين مهذب الدين أحمد بن منير بن أحمد الطرابلسي (473 هـ/1080 م - 548 هـ/1153 م) ويُعرَف بابن مُنِير ويُلقَّب بعين الزمان. هو شاعر ولغوي من طرابلس الشام عاش في القرن السادس الهجري.

سيرته

ولِدَ أحمد بن منير بن أحمد في مدينة طرابلس في الشام (لبنان حالياً)، وكانت ولادته في سنة 473 هـ، ونشأ هناك إلى أن اضطر إلى مغادرة طرابلس بسبب حصار الروم لها، فرحل إلى دمشق. بدأ ابن منير نظم الشعر في صغره، وفي دمشق اشتهر بهجائه اللاذع، فكاد تاج الملوك بوري صاحب دمشق أن يأمر بقطع لسانه، وبسبب هجائه اضطرَّ مرةً إلى مغادرة دمشق خوفاً على حياته ثُمَّ عاد إليها بعد مدَّةٍ. تدرَّج ابن منير في شهرته إلى أن غدا من أفضل شعراء الشام، متُقاسِماً هذا اللقب مع شرف الدين ابن القيسراني، الذي خاض معه سجالات شعرية طويلة، حتى شبَّههما الناس بابن جرير والفرزدق. تُوفِّي ابن منير الطرابلسي في مدينة حلب في سنة 548 هـ.[1][2][3]

شعره

أجاد ابن منير شعر الهجاء أكثر من أي غرض آخر، وله قصائد في المديح، وقصائد أخرى في الغزل يمتدحها النُّقاد.[3] نُشرَِ ديوانه في العصر الحديث في عام 1982 بتحقيق سعود محمود عبد الجبار في بيروت، ونُشِر مجدداً في بيروت بتحقيق عبد السلام تدمري في 1986، وفي نفس السنة نُشِر في بغداد بتحقيق وهيبة عمر.[4] له ديوان شعر، وكان أبوه ينشد الأشعار، ويغني في أسواق طرابلس ، ونشأ أبو الحسين وحفظ القرآن الكريم وتعلم اللغة والأدب، وقال الشعر، وقدم دمشق فسكنها، وكان رافضياً كثير الهجاء خبيث اللسان، ولما كثر منه ذلك سجنه بوري بن أتابك طغتكين صاحب دمشق مدة وعزم على قطع لسانه، ثم شفعوا فيه فنفاه، وكان بينه وبين أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير المعروف بابن القيسراني مكاتبات وأجوبة ومهاجاة، وكانا مقيمين بحلب ومتنافسين في صناعتهما كما جرت عادة المتماثلين (1) نشاهد في قصائده كلاما انيقا مرهف الاحساس فلديه من القصائد الغزلية الجميلة والتي تكشف لنا عن احساس هذا الشاعر المرهف والتي يصور بها المتغزل به ويرفعه كانه ملاك او مخلوق هارب من اعلى الجنان فتارة يجابه به القمر فيقول

قَمرٌ ما طَلَعتْ طَلْعَتهُ قَطُّ إِلّا سَجدَ البَدرُ لَها لَهَبيُّ السّخط مائِيُّ الرِّضَى فَهوَ المَعشوقُ كَيفَ اِتَّجَهَا وتارة الشمس والقمر معا تطْلُعُ الشَّمْسُ لنا من شَفَقٍ وهو يبدو طالعاً من شَفَقَينْ قُلت لِلكاهِن حينَ اِختَلَست عَينُهُ عَيني فَجر الحَين حَينْ قمرَ العَقربِ خوّفْتَ فَمَنْ مُنْقِذِي من قمرٍ في عَقْرَبَينْ ويصفه بانه النازل من السماء فيقول أَتِمْثالٌ مِنَ الكافورِ طابَتْ مَراشِفُ فيه أم تِمْثَالُ ماءِ فَقالَ بَلِ الهِلالُ فَقلتُ حَقّاً ولكنْ لِم نَزَلْتَ من السَّماءِ

ونراه دائم القتال مع من يسببون المشاكل بينه وبين احبابه فيقول

إِنْ يَحسِدوني فلا أَلُومُهُم مِثْلُكَ تَسْمُو لحُسْنِهِ الهِمَمُ رأوكَ لي جنَّةً مُزَخْرَفَةً ما وجدوا مثلَها ولا عَدِمُوا فَاِخْتَلَقُوا وَاِفتروا فَلَيْتَهُم حين رأوا ما رأيتُ فيك عَمُوا حتى يدعو الله عليهم ويخاصمهم فيه قائلا وتُخْجِلُ الرَّاحَ منك أربعةٌ خَدٌّ وثَغْرٌ ومُقْلَةٌ وفَمُ يا ربّ خُذْ لي مِنَ الوُشاةِ إذا قامُوا وقُمْنا لَدَيْكَ نَحْتَكِمُ

وهذه العبارات الجميلة الانيقة تتسلسل بباقي شعره من رثاء ومدح ومن ذلك قوله في الرثاء أَتُرَى يُثْنِيهِ عَن قَسْوَتِهِ خدُّهُ الذّائب من رِقَّتِهِ أَفَأَستنجدُهُ وَهوَ الّذي لَوَّنَ الدَّمْعَ على صِبْغَتِهِ أَوْمَا حاجِبُهُ حاجبَهُ إنْ تَجَافَى عن مَدَى جَفْوَتِهِ فلِهذا قوسُهُ مُوتَرَةٌ تَستَمِدُّ النَّبْلَ من مُقْلَتِهِ قمرٌ لا فخرَ للبدْرِ سوَى أَنَّه صِيغَ على صورتِهِ

فنجد في شعر المديح خاصته كانه غزل بمحبوبة له، وحتى في الهجاء نشاهد هذا الاحساس المرهف اتجاه المهجى

ويلي مِنَ المُعْرِضِ الغَضْبان إذ نقلَ ال واشي إليه حديثاً كُلُّهُ زُورُ مقصّرُ الصُّدْغِ مَسبول ذَؤابَتهُ لي مِنهُ وجدان مَمدودٌ وَمَقصورُ سَلَّمتُ فَاِزوَرَّ يَزوي قَوسَ حاجِبِهِ كَأَنّني كأس خَمرٍ وهوَ مخْمُورُ فيهِ مَحاسِنُ شَتَّى قَد فُتِنْتُ بِها وكلّ مُفْتَتِنٍ بالحُسْنِ مَعْذُورُ مُهَفْهَفٌ في هَواه ما اِستَجَرتُ بهِ إِلّا وَجَدت غَرامي وَهوَ مَنصورُ

ونجده دائم التغزل بالخال او الشامة الي تنتبت على الممدوح فيعتبرها جزء منه قد نبتت على الشخص الاخر فيقول

أَتخالُ الخالَ يعلو خَدَّهُ نقطَ مِسْكٍ ذابَ مِن طُرَّتهِ ذاكَ قَلبي سُلِبَتْ حَبَّتُهُ وَاِسْتَوَتْ خالاً على وجْنَتِه وفي موضع اخر لا تَخالوا خَالَهُ في خَدّهِ قَطْرَةً مِن دَمِ جَفْني نَطَفَتْ ذاكَ مِن نارِ فُؤادي جَذْوَةٌ فيهِ ساخَتْ وَاِنْطَفَتْ ثُمَّ طَفَتْ

ومرة يذكر الخال ولكن بخفاء وخفة جميل فيقول

كَأَنَّ خَدَّيْهِ دينارانِ قَد وُزِنَا وَحَرّر الصَّيْرفيُّ الوَزْنَ وَاِحتاطا فَخفَّ إحداهما عَن وَزْنِ صاحِبِهِ فَحَطَّ فوق الذي قد خفَّ قيراطا

ونشاهد لديه قصائد مدحية يصور فيها صاحب الخلافة بالصفات القوية والناصر للدين الاسلامي والملتزم بكتاب الله يبجله ويعظمه عن باقي الخلفاء فضلا عن العامة مع الدعاء والتعبير عن المحبة له

فَدَتْكَ الملوكُ وأيّامُهَا ودام لنقضِكَ إِبْرامُهَا وزَلَّتْ لعَيْنِك أَقدامُهَا وزال لبطشك إِقدامُهَا ولو لم تُسَلَّم إليك القلوبُ هواها لما صحّ إسلامُهَا أيا محييَ العدل لمّا نَعاهُ أَيامَى البَرايا وَأَيتامهَا ومستنقِذَ الدين من أُمَّةٍ أزال المحاريبَ أصنامُهَا دَلِفْتَ لها تقتفيك الأُسُودُ والبيضُ والسُّمرُ آجامُهَا جزرتَ جزيرتها بالسُّيُو فِ حتى تشاءَمَها شامُهَا وصارت عوارِيُّ أكنافه مَتى شِئتَ أَرخص مُسْتامهَا

ونشاهد لديه هذا التعصب الديني الاسلامي الجميل الذي يستغله في شعر المدح فيقول

لا يَعدم الإِشراك حَدَّك إِنَّهُ ما سَلّ فيهم حاكِماً إِلّا اِعتَدى أَهمَدتهم مِن بَعدِ ما مَلأوا الملا رجلاً فَهل كانَت سُيوفُكَ مرقدا طَلَعتْ نُجومُ الحَقِّ مِن آفاقِها وَأَعادها كَرُّ العصورِ كَما بَدا وَهَوى الصَّليبُ وحِزْبُهُ وَتَبخترَ الْ إسْلامُ مِن بَعدِ التساقف أَغيَدا

ونراه يقدم لقصيدة المدح بمقدمة بها من الحكمة والنصح ما بها ما يظهر نباهة هذا الشاعر العالية

وإذا الكريمُ رأى الخُمُولَ نَزِيلَهُ في بَلدةٍ فالحَزْمُ أن يترحَّلا كَالبدرِ لَمّا أَنْ تَضاءَلَ جَدَّ في طَلَبِ الكَمالِ فَحازَهُ متَنقّلا سفَهَاً لحلْمِكَ إِنْ رَضِيتَ بمشْرَبٍ رَنِقٍ ورزقُ اللَّه قَد مَلأَ المَلا حتى يصل الى المدح وَإِذا أَطالَ لدى ابن محمودٍ يدي صاحبتُ أَيْمانَ النَّدَى مُتَطَوِّلا مَلِكٌ كَفَتني كَفُّهُ أَنْ أَجْتَدِي وأَجَلَّني فأبيتُ أن أَتَبَدَّلا

وقد تكون علاقة هذا الشاعر مع ذويه سيئة لانه يجحدهم في هذه القصيدة ويعلي الممدوح عليهم ولربما من المبالغة في المدح فيقول

خَوَّلتني وعمَّمتني وعشيرتي قُلٌّ فَصرتُ بك المعمَّ المُخْوِلا وغَدَوْتَ أحفَى بي وأرأفَ مِن أبي وأَبَرَّ من أَخي الشقيق وأَوْصَلا

ونراه على غرار الغزل و الرومانسية التي سبقت ذكرها اذا اراد ايراد القوة بالممدوح فانه يأتي بذلك فيشبه الخليفة بالاسد كما فعل مع نور الدين زنكي

أسدٌ إِذا ما عاد من ظفرٍ بمفْ ترسٍ أحدَّ لمثلِهِ أظفورا يَتَناذَرُ الأَعداء مِنه سَطوة ملء الزّمان تغيُّظاً وَزَفيرا

ونراه يحب تصوير الخليفة اثناء المدح بعودة ايام عز الاسلام

أَعَدْتَ بِعَصركَ هذا الأَني قِ فُتُوحَ النّبيِّ وأَعصارَها لِمُجرّب عُمَرِيَّة غضباتُه للَّه مُعْتَصِمِيَّةٌ غَزَواتُهُ إِثقابَ آراءِ المُعِزّ وَخَفقِ رايا تِ العَزيزِ وَيَقظةِ المُسْتَنْصِرِ

ونجد له ابيات يرثو بها شخصا بخيلا فيضحك السامع لرثائه

رَغيفُهُ مِن ذَرَّةٍ يَصنَعُه أو أَصْغَرا مُبَيَّتاً مُلَفَّفاً مُبَريَقاً مُبَيْكَرا لَو جازَ في عَينِ الّذي يَأكلهُ لَما دَرَى أو بَلَعَ الصَّائمُ أل فاً مثلَهُ ما أَفْطَرا كأَنَّما خَبَّازُهُ به تَحَدَّى البَشَرا فَهاتِ قُل أَعَرَضاً تَجِدْهُ أَمْ جَوْهَرا

ونجد لديه ايمانا عاليا وصبرا على ما يؤوله الزمان عليه من اخذ الاحباب غير معترض راضٍ ذاكرا لمحاسن موتاه وغير ما نجد لديه من الحكمة الموعظة الحسنة ومن ذلك قوله

مَن زارَ قَبري فلْيَكُنْ مُوقِناً أنّ الذي ألْقَاهُ يَلْقَاهُ فَيَرْحَمُ اللَّهُ اِمْرَأً زَارَني وقال لي يرحَمُكَ اللَّهُ وتتجلى لديه الحكمة احيانا مع طابعه الغزلي خَدعُ الخدودِ يَلوحُ تَحتَ صَفائِها فَحَذَارِهَا إنْ مُوِّهَتْ بِحَيائِها تِلكَ الحَبائِلُ لِلنُفوسِ وَإنّما قطْعُ الصَّوارِم تحتَ رَوْنَقِ مائِها (2)

المراجع

  1. ^ خير الدين الزركلي. الأعلام. دار العلم للملايين - بيروت. الطبعة الخامسة - 2002. ج. 1، ص. 255
  2. ^ عفيف عبد الرحمن، مُعجم الشعراء العباسيين. جروس برس - طرابلس. دار صادر - بيروت. الطبعة الأولى - 2000، ص. 638
  3. ^ أ ب اختيار, أسامة. "ابن منير الطرابلسي". الموسوعة العربية (بالعربية). Archived from the original on 2020-04-14. Retrieved 2017-05-23.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
  4. ^ عفيف عبد الرحمن، ص. 638

(1) ابو العباس، شمس دين، ابن خلكان، كتاب وفيات الاعيان وانباء ابناء الزمان، تحقيق احسان عباس، نشر دار صادر بيروت، الجزء ١ الصفحة ١٥٦. (2) جميع الاشعار تم اخذها من ديوان الشاعر بتعليق كاتب البحث محمد أبو هندي