تحتاج هذه المقالة إلى مصادر أكثر.

آسفي

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
آسفي
بلدية
صورة فوطغرافية لقصر البحر، أحد معالم مدينة آسفي

خريطة
الإحداثيات
32°18′N 9°14′W / 32.30°N 9.23°W / 32.30; -9.23
تقسيم إداري
 البلد  المغرب
 الجهة جهة مراكش آسفي
 الإقليم إقليم آسفي
 البلدية بلدية آسفي
الحكومة
 رئيس البلدية عبد الجليل البدوي
 نائبته فضيلة أربيب

آسَفِي (أيضًا أَسْفِي) مدينة مغربية ساحلية وعاصمة إقليم آسفي وثاني أكبر مركز حضري في جهة مراكش آسفي بعد أن كانت قبل عام 1436 عاصمة جهة دكالة عبدة الملغاة وكبرى مدنها. وصفها ابن خلدون بـ«حاضرة المحيط» في معرض ذكره لحدود المغرب الأقصى حيث قال: «هو ما بين وادي ملوية من جهة الشرق إلى آسفي حاضرة المحيط وجبال درن من جهة الغرب.»[1]

تضم آسَفي مجموعة من القلاع والمآثر التاريخية وتعد واحدة من المدن المغربية العريقة. ويقدر عدد سكانها بـ308.508 نسمة، حسب إحصاء سنة 2014.[2] تشتهر آسَفي بالخزف، صيد السردين، تصبير الأسماك، والصناعات المرتبطة بالفسفاط.

الجغرافيا

الموقع

بين الدرجة 31 والدرجة 36 شمالا بين مدينتي الجديدة والصويرة، وتبعد عن مدينة الدار البيضاء بحوالي 200 كلم، وعن مدينة مراكش بحوالي 160 كلم. أراضي الإقليم تغطي مساحة 6344 كلم مربع.[3]

التضاريس

تتميز المنطقة نسبيا بتضاريس لا يزيد ارتفاعها عن سطح البحر عن 500 متر.[4]

المناخ

يتميز مدينة آسَفي بمناخ شبه جاف، مع صيف حار وجاف ما بين شهري ماي وأكتوبر، وشتاء رطب وممطر ما بين شهري نوفمبر وأبريل. تغلب على المنطقة رياح شمالية غربية وشمالية شرقية تكون قوية في فصل الشتاء.[5]

التسمية

يعود أصل التسمية فيما يرجح ٳلى اللغة الأمازيغية،[6] فحسب العلامة والمؤرخ محمد بن أحمد العبدي الكانوني فإن أقدم إشارة لمدينة آسفي كان في كتاب الجغرافيا لبطليموس القلوذي في اللوح الأول من القسم الثاني من أقسام المعمورة وهو «تائسفه»، والظاهر لديه أن أصل الٳسم أمازيغي من كلمة «أسفو» وينطقها البعض «أسفي» ومعناه الضوء أو المضيئ، فيمكن أن تكون المدينة سميت بهذا الٳسم بسبب المنائر التي شيدت على الشواطئ لٳهتداء السفن عليها في سيرها.[7]

بينما يعد أول ذكر للمدينة في المصادر الٳسلامية في كتاب المسالك والممالك للجغرافي أبو عبيد البكري، ويشير بصريح العبارة إلى أن اسم مدينة آسفي مشتق من الكلمة الأمازيغية «أسيف» التي تعني مجرى مائي مؤقت، وفعلا لا يزال يخترق المدينة وادي يعرف بوادي الشعبة ويصب فيها. ويذكر أحمد توفيق في نفس السياق أن معنى التسمية أمازيغي ويعني مصب النهر، وفي اللهجة المزابية يسمى حوض الماء المصبوب بواسطة ناعورة ب «أسفي».[8][9][10]

أما الشريف الشريف الإدريسي في كتابه نزهة المشتاق، فيربط أصل التسمية بقصة فتية خرجوا من لشبونة مغامرين وركبوا البحر المظلم ليقفواعلى نهايته، فوصلوا إلى موضع مدينة أسفي، ولما رآهم جماعة من الأمازيغ، وعرفوا أمرهم، قال زعيمهم و آسفي تحسرا على ما قاسوه، فسمي المكان بتلك الكلمة.[11][12]

المآثر التاريخية [4]

صورة لقصر البحر بمدينة آسَفي

تضم آسفي العديد من المواقع التاريخية التي توجد بالمدينة القديمة ومشارف البحر وبضواحي المدينة، والتي يعود أغلبها إلى الاستعمار البرتغالي. فقصر البحر الذي يوجد في مواجهة المحيط الأطلسي الذي يطل على البحر وعلى ميناء الصيد البحري أسس من طرف البرتغال في القرن 16 من أجل حماية المدخل الشمالي للميناء ومقر إقامة حاكم المدينة، وهو ما يفسر وجود العديد من المدافع الحربية به وعلى أبراجه. وقد أعيد ترميم هذا القصر في عام 1963. وأيضا، قلعة «القشلة» التي تطل على المدينة القديمة وقصر البحر أسسا من طرف البرتغال من أجل حماية المدينة.[13]

أما المدينة القديمة، التي تعود إلى العهد القديم، فإنها تتميز بأزقتها الضيقة وتزخر بالصناعات التقليدية، وبالخصوص صناعة الخزف. وقد اتخذها العديد من الفنانين والسياسيين والرسامين مستقرا لهم ليستمتعوا بسوقها وبحركتها الدؤوبة التي لا تخمد إلا بشكل متأخر في المساء.[13]

ومن بين المآثر المهمة أيضا التي تزخر بها مدينة آسَفي هناك المتحف الوطني للخزف الذي أسس عام 1990. ويضم مجموعة من القطع الخزفية المهمة التقليدية والحديثة والتي تتميز بأشكالها الهندسية المتميزة وبألوانها المتناسقة. وهناك صومعة الجامع الكبير التي تعود إلى العهد الموحدي.

الاقتصاد

دار السلطان والمقابر القديمة
لوحة فنية لآسَفي سنة 1572م
مقر جهة دكالة عبدة

الصيد البحري

جدران القصبة
متحف الخزف (مكتب العرب)
"الجامع الكبير"
منظر من أحد الشوارع
حي "بياضة"
إحدى مدارس مدينة آسَفي
القصبة

قطاع الصيد البحري من أهم القطاعات بآسَفي، فهو قطاع حيوي بالنسبة لسكان آسَفي لأنه يقدم العمل لما يناهز 21 ألف بحار. ويرجع الفضل في تطوير هذا القطاع وبالخصوص صيد السردين للرايس الحاج محمد عابد الذي عمل على استقدام أحدث التقنيات في صيده. وعلى الرغم من أن صناعة تصبير السمك قديمة جدا في المنطقة وتعود إلى عام 1930، فإنها لم تعرف تطورا مهما إلا في عام 1990، حيث أنشئت العديد من شركات تصبير السمك التي وصل عددها الآن إلى 28 شركة. وهي تقوم بتصدير السمك المغربي المصبر إلى أوروبا وإلى آسيا والدول العربية وغيرها.[14]

الصناعة

أصبحت آسَفي قطبا صناعيا مهما بالمغرب. ومن أهم الصناعات ما يتعلق بالفسفاط، إذ يوجد بها مصانع للمكتب الشريف للفوسفاط الذي يعالج الفسفاط ويصدره للخارج. مصنع إنتاج إسمنت المغرب، مصنع إنتاج الجبس. بالإضافة إلى المقالع الرملية والصخرية. كما أن آسفي مشهورة بصناعات السفن البحرية وتصبير الأسماك والنسيج.[15]

الطاقة والمعادن

أصبحت آسَفي تتوفر على محطة حرارية لإنتاج الطاقة الكهربائية تشتغل بالفحم الحجري.

الفلاحة

تعتبر الفلاحة قطاعا مهما بإقليم آسَفي. ومن ذلك زراعة الشمندر، أشجار الزيتون، الكُبار جل أنواع الخضر، العنب، الرمان، التين، الحبوب (القمح والذرة)والقطاني. كما تعتبر تربية المواشي، خاصة الغنم والبقر، كذلك الدواجن نشاطا مهما لسكان البوادي.

الخزف

تعد مدينة آسفي من المدن المغربية الأولى في صناعة الخزف، حيث تبدع أنامل الصانع التقليدي في تشكيل أنواع متعددة من المنتوجات الخزفية بختلاف أنواعها كالطاجين الذي يعتبر معلمة لدى ساكنة المسفيوية باعتبارها أول مدينة مغربية تصنع طاجين بحجم ضخم يعتبر معلمة من المعالم «العبدية».[16]

الصناعة التقليدية

الخزف [16]

تعتبر الصناعة التقليدية أحد القطاعات الحيوية التي تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمدينة، ويمثل الخزف أهم الحرف التقليدية بالمدينة وتراثا ثقافيا، ويشغل حوالي 2000 شخص بشكل مستمر وعددا كبيرا من العمال الموسميين.

تتمركز صناعة الخزف في حي الشعبة الذي أسس من أجل احتضان العدد المتزايد من حرفيي الخزف، حيث يوجد به حوالي 100 خزفي يمارسون عملهم في 74 ورشة مجهزة بـ130 فرنا تقليديا. ثم في هضبة الخزف، وهي أقدم حي في المدينة ويعمل فيها أكثر من 800 حرفي في 37 ورشة مجهزة بـ70 فرنا تقليدياً.

بالإضافة إلى هذين الحيين، توجد بالقرب من آسَفي قرية نموذجية لصناعة الخزف هي قرية سيدي عبد الرحمان التي تتوفر على 30 ورشة موزعة على القرية.

تتكون المواد الأولية للخزف من الطين والماء وبعض المواد الكيميائية والخشب.

الثقافة[13]

تتميز آسَفي بثقافة متنوعة. وذلك نتيجة لمجموعة من الروافد التي يمكن اختصارها في:

العنصر الأوربي يمكن لزائر ميناء آسَفي أن يلمس ذلك من خلال المصطلحات المتداولة من طرف الصيادين. هناك مثلا كلمات إسبانية مستوحاة من أسماء أشخاص استوطنوا المدينة سابقا: ف 'سافيوط' إسباني الأصل. ويمكن للزائر أن يرى أيضا عظمة القلعة البحرية التي تعتبر تحفة في الهندسة العسكرية خلال القرن السادس عشر.

العنصر اليهودي تعتبر الجالية اليهودية في آسَفي صغيرة مقارنة بالفترة القديمة. تكمن أهمية تواجد الجالية اليهودية قبل ظهور الإسلام، وفقا لبعض المؤرخين، في ضريح أولاد ابن زيمو والموسم السنوي والأطباق الشهية التي تحضى بالتقدير. هذا الوجود تم تناوله مثلا من خلال أعمال المؤرخ إبراهيم كريديا وأعمال الروائي صافيوط حسن «مخططات العبرية».

العنصر الصحراوي تمتد روابط المدينة بدول السودان منذ أن كانت المدينة تعتبر ميناء العاصمة مراكش، عاصمة العديد من السلالات الحاكمة. هناك الحضور الثقافي لاگناوة وطقوسها، التي هي جزء من الثقافة التي ضمتها سافيوط (؟؟؟). بدأ إحياء هذا الموروث الثقافي من جديد. نذكر مثلا البحث الذي يقوم به أحد الرومانيين تحت عنوان «آخر كناوة، تجوال المعلم السامبا».

العنصر الأندلسي العديد من العائلات ذات الأصل الأندلسي التي استقرت بالمنطقة أتت عبر طريق فاس - آسَفي. اليوم، وبالإضافة إلى الأطباق والأكلات المشهورة، هناك أيضا الموسيقى النقية (؟؟). وقد ساهمت الأسر الأندلسية إسهاما مهما في تطوير صناعة الفخار والخزف بآسَفي.

العنصر العربي الإسلامي يعتبر العنصر الأساسي الذي عرفته آسَفي على الإطلاق، وذلك منذ وصول القائد الإسلامي عقبة بن نافع سنة 681 م، إلى عهد الموحدين والسعدين الذين سيعمرون هذه المنطقة بالقبائل العربية، وهي ما تسمى اليوم إتحادية عبدة العربية.[17][18]

وتشكل العيطة العبدية، والوترة العبدية، أهم ما يميز الثقافة الموسيقة العربية بالمغرب عامة ومنطقة عبدة خاصة، ومن أهم الشخصيات العبدية التي إشتهرت بالعيطة الشيخة خربوشة.[19]

التاريخ

منذ القديم حظيت آسَفي بأهمية بالغة حتى أن اسم المدينة ورد ضمن أمهات المعاجم التاريخية كمعجم البلدان لياقوت الحموي، والرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة ذكرها في مذكراته الشهيرة التي ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة. وتجدر الإشارة إلى أن آسَفي شكلت وجهة مفضلة للعديد من الأسر الأندلسية والعربية من تطوان وفاس والرباط وسلا، حتى أن ذ.أحمد بن جلون وصف آسَفي بأنها مدينة دبلوماسية يقطنها السفراء والقناصل، مثل غيوم بيرار الذي مثل فرنسا هنري الثالث لدى المولى عبد الملك وقنصل الدانمارك جورج هورست وجون موكي صيدلاني الملك هنري الرابع، كما كان المبعوثون البريطانيون يفدون بآسَفي قبل التوجه إلى مراكش حيث نزل بالمدينة البحار الإنجليزي هاريسن لتسليم رسالة من ملك إنجلترا تشارلز الأول إلى مولاي عبد الله.وهكذا تحولت آسفي إلى ميناء دبلوماسي ترسو به السفن الأوربية التي ترغب في إبرام الاتفاقيات الدولية بالعاصمة مراكش.[20]

وعبر التاريخ كانت آسَفي أهم الموانئ المغربية، مما جعلها تشهد رحلات علمية شهيرة (راع 69-70-الطوف 74). وقديما اتخذها المرابطون مركزا لتجميع قوافل الذهب الأفريقي الذي ينقل عبر السفن إلى الأندلس لسك النقود، وبالتالي أصبحت آسَفي مرسى الإمبراطورية المرابطية. والبرتغاليون جعلوها ميناء رئيسيا لتصدير الحبوب والسكر والصوف. ومع توافد جالية إنجليزية كبيرة على المدينة، أقام بها الإنجليز مركزا تجاريا ثم أنشؤوا في القرن 19 مخزنا لتجميع كل ما يصدر من آسَفي إلى إنجلترا، وذلك في المكان المسمى حاليا ساحة مولاي يوسف.[21]

وعن أهمية آسَفي لا بد من الإشارة إلى المحطة البارزة التي ظهرت فيها دبلوماسية السكر على حد تعبير المؤرخين الأوربيين. حيث كان السكر القادم من شيشاوة في مقدمة المواد التي تسوقها المدينة لإنجلترا، لأن المملكة لم تكن تقبل في مطبخها – على ما يقوله هنري روبيرتس - إلا السكر المغربي. ثم إن آسَفي كانت منطلقا لملح البارود المغربي الذي لم يكن يوازيه أي ملح في العالم، والذي كان الدفاع الحربي الإنجليزي يعتمده. فضلاً عن كون المدينة كانت تزود أوروبا بأجود الصقور المغربية التي ساهمت في تطوير هواية القنص بالصقر. وكانت آسَفي تصدر الشمع، حيث كان المستهلكون يقبلون عليه لقوة نوره وصفائه وللرائحة التي يستنشقونها عند احتراقه وكأنه مزج بمادة العطر. آسَفي مدينة الجوامع المنتشرة والأربعة والأربعين وليا. روضت الطين منذ العصور الغابرة وجعلته يستجيب للاحتياجات اليومية وحولته إلى لغة شعرية أو لوحة تشكيلية تمتزج فيها الألوان بتناسق بديع. آسَفي أفلحت في تحدي أمواج البحار، حيث اشتهر بها الربابنة و«الرياس» الكبار حتى أضحت عاصمة العالم في صيد السردين. آسفي أغرت بلذائذ أسماكها الأوربيين فجاؤوها محتلين...[22]

ومع الدولة العلوية حظي بعض أبناء آسَفي بمكانة رفيعة، حيث ضم المخزن الإسماعيلي سنة 1721 هيئة من القواد، يرأسهم أحمد بن حدو العطار وهو من أكبر حجاب المولى إسماعيل، بعث به السلطان سفيرا إلى إنجلترا، كما منحته الحكومة الإنجليزية وساما بعد أن تكلف بعقد اتفاق للسلام والتجارة سنة 1682م.

وازداد اهتمام السلاطين بآسَفي فأقاموا بها دارا للسكة ما بين سنة 1716 و 1830م، كانت توجد بموقع ضريح «سيدي أبي الذهب» حسب ما أورده الكانوني الذي يقول:«دار السكة كانت تعالج الذهب والفضة فكانت تعرف بدار الذهب».[23]

ولعل أهم حدث عرفه آسَفي على الإطلاق، هو وصول القائد الإسلامي عقبة بن نافع سنة 681 م، بعد أن ترك صاحبه شاكر لتعليم البربر اللغة العربية والتعاليم الإسلامية. هذا التابعي له رباط مشهور يعرف إلى اليوم برباط سيدي شيكر، وهو من أقدم الرباطات بالمغرب. كان يحضره العلماء ويقام به موسم سنوي حضره بن الزيات وسجل أخباره.

واذا كانت بعض النواحي معروفة بما يوجد بها من كبار الصلحاء، فكذلك الشأن بآسَفي التي صارت مقرونة بذكر الولي الصالح أبي محمد صالح، مؤسس ركب الحاج المغربي لأول مرة بالمغرب، حيث أنشأ رباطه الشهير بآسَفي، وأسس 46 رباطا تربط المغرب بالمشرق عن طريق الحج، لأن الحاجة كانت ماسة لانعاش الجانب الروحي، خاصة أن آسفي عرفت النحلة البرغواطية، وتزامنت الدعوة للحج مع الموقف الذي تبناه بعض فقهاء المغرب والأندلس في إسقاط شعيرة الحج، حماية للمسلمين من مخاطر الطريق.

والواقع أن صيت رباط الشيخ أبي محمد صالح، وزواياه المنبتة في مجال واسع قد منح حركته شهرة وتقديرا، حتى أن ملوك الدولة السعدية والعلوية كانوا يصدرون ظهائر التوقير والاحترام للشيخ ورباطه، بل ان أبناء عبد المومن كانوا عندما يضربون السكة يبعثون بالمسكوكات الأولى إلى رباط الشيخ أبي محمد صالح الذي بلغ إشعاعه بعد وفاته أكثر من ثلاثة قرون. وقد أورد البادسي في كتابه «المقصد الشريف والمنزع اللطيف» أنه «عندما رحل الشيخ عبد الملك الوجانسي نزيل سبته إلى الديار المصرية، فأراد أن يأخذ على شيوخها، فقال له ذلك الشيخ: إنما شيخك أبي محمد صالح بآسَفي، وهو يروي كيفية دخوله على أبي محمد صالح وكيف بادره بالقول: يا عبد الملك، ما جئت حتى وجهت».

ولم يكن رباط الشيخ رباطا للمجاهدة فقط، بل كان ملتقى لأهل العلم وطلابه، حتى بلغت سمعة آسَفي كل الآفاق، فقصدها العلماء من كل حدب وصوب، وعلى رأسهم لسان الدين ابن الخطيب وابن قنفد وغيرهم كثير.[بحاجة لمصدر]

والإمام البوصيري صاحب البردة والهمزيتين اللتين يحفظهما المغاربة، وهو من أصل مغربي، كان له حب في الشيخ، عبر عنه في قصيدة مشهورة مطلعها:

«قفا على الجرعاء في الجانب الغربي \/\/\/ ففيها حبيب لي يهيم به قلبي»[بحاجة لمصدر]

وبالرجوع لتاريخ آسَفي الحافل بالبطولات، تستوقفنا مقاومة أهالي آسَفي للغزاة البرتغاليين، وهو ما يفسر وجود أضرحة كثيرة على طول ساحل المدينة، تضم رفات العديد من المجاهدين، نذكر من بينهم المجاهد أبو محمد بن عبد الله بن ساسي، سيدي بوشتى الركراكي، الشيخ أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي -الذي اختار الإقامة بآسَفي ليقود الجهاد ولا يزال رباطه موجودا بآسَفي قرب قصر البحر-، الفقيه عبد الكريم الرجراجي، ابن الحسن علي ابن أحمد بن حسن بنكرارة الرجراجي، المجاهد «مول البركي»، أخاه عزوز، سيدي الغازي وسيدي واصل.[بحاجة لمصدر]

وفي فترة الاستعمار الفرنسي، كانت آسَفي سباقة إلى إعلان شرارة المقاومة، حيث شهدت المدينة العديد من المنظمات المسلحة، نذكر منها منظمة الأحرار بمبادرة من عبد الله الناصري، منظمة أسود التحرير بزعامة الطيب التقراشي، منظمة المقاومة والتحرير برئاسة عبد الرحمان الكتاني، منظمة المقاومة السرية بقيادة محمد بن هدى الرضاوي ومنظمة اليد المباركة بقيادة فايضي الحبيب. ولا غرابة في ذلك حيث يرقد بمقبرة آسفي ثلاثة من الموقعين على وثيقة الاستقلال وهم: الفقيه عبد السلام المستاري، محمد البعمراني ومحمد بلخضير.[بحاجة لمصدر]

ونظرا لأهمية آسَفي فقد ذكرها الكُتاب والرحالة الأجانب في كتاباتهم، فهذا الطبيب الإنجليزي ارثر ليرد يقول«آسَفي مدينة عريقة في القدم، وهي عاصمة عبدة.. ولا تزال بها آثار قصور ومعاقل البرتغال..» أما الكاتبة فرنسيس مكنب والتي زارت آسَفي سنة 1902م فقد خلدتها بكلام جميل: «كانت آسَفي في القرن ما قبل الماضي 19 مركزا تجاريا مهما تشرف عليه شركة دنمركية، وكان البرتغاليون من قبل يشجعون التجارة فيها وبلغت شهرتها في القرن 17 درجة عظيمة صدر معها الأمر إلى كل سفينة بريطانية تزور المغرب أن تبدأ بزيارة آسَفي»، وتوالت الكتابات مع الرحالة الفرنسي أوبان أوجين وايتيان ريسيت، فضلا عن أرمان أنطونا الذي استقر بآسَفي وكتب عن تاريخها وعاداتها كتابا أسماه «منطقة عبدة»، ثم جاء الكاتب الإنجليزي سكون أوكنور فتحدث عن المدينة وهي تحت الحماية الفرنسية.[بحاجة لمصدر]

ومع الحماية الفرنسية ظهرت إلى الوجود دار فرنسية للنشر بمدينة البيضاء، أصدرت مجلة أطلق عليها اسم «مغربنا» يديرها بول بوري، خصصت أحد أعدادها لمدينة آسَفي سنة 1949، ثم عادت لإصدار عدد ثان عن آسفي سنة 1953.[بحاجة لمصدر]

النمو السكاني

تطور النمو الديموغرافي آسفي بين 1960 و 2014[24]

1960 1971 1982 1994[25]

2004[25]

2014[24]

81.072 129.113 200.689 262.276 284.750 308.508

مراجع

  1. ^ ابن خلدون، «كتاب العبر وديوان المبتدإ والخبر»، دار الفكر، الطبعة الأولى، 1401، المجلد 6، الصفحة 133.
  2. ^ "أسفي مدينة تاريخية فتحها الصحابي عقبة بن نافع وتصدت للغزاة البرتغاليين - Maroc 24". www.maroc24.com. مؤرشف من الأصل في 2023-09-28. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-17.
  3. ^ الصميدعي، د علي فليح (1 يناير 2014). أهل الذمة في المغرب الأقصى من الفتح الإسلامي حتى نهاية دولة الموحدين. دار غيداء للنشر والتوزيع. ISBN:978-9957-572-31-0. مؤرشف من الأصل في 2023-09-28.
  4. ^ أ ب الاتحاد, صحيفة (11 Mar 2021). "«آسفي» المغربية.. مدينة الخزف والمآثر العمرانية". صحيفة الاتحاد (بar-AR). Archived from the original on 2023-09-28. Retrieved 2023-09-17.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
  5. ^ "مناخ : آسفي, , المغرب". ar.allmetsat.com. مؤرشف من الأصل في 2023-12-09. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-17.
  6. ^ الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر (1989). معلمة المغرب. مطابع سلا. ص. 427.
  7. ^ kitabweb-2013.forumaroc.net. آسفي و ما إليه قديما و حديثا - محمد بن أحمد العبدي الكانوني.
  8. ^ بالوز محمد بن عبد المجيد, محسن مصطفى. صفحات من تاريخ مدينة آسفي (ط. 2004). جمعية البحث و التوثيق و النشر. ص. 14.
  9. ^ أحمد التوفيق (1989). دراسات تاريخية وحضارية : أعمال الملتقى الفكري الأول لمدينة أسفي. المجلس البلدي لمدينة أسفي. ص. 72.
  10. ^ "كتاب المسالك والممالك للبكري - المكتبة الشاملة". shamela.ws. مؤرشف من الأصل في 2023-07-14. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-19.
  11. ^ الإدريسي، أبي عبد الله محمد بن محمد/الشريف (1 يناير 2020). نزهة المشتاق في اختراق الآفاق. Dar Al Kotob Al Ilmiyah دار الكتب العلمية. ISBN:978-2-7451-6563-3.
  12. ^ محمد،, “ال”ادريسى، الشريف محمد بن (1864). صفة المغرب وارض السودان ومصر والاندلس: مأخوذة من كتاب نزهة المشتاق في اختراق الافاق (بfrançais). مطبعة بريل. Archived from the original on 2023-12-09.
  13. ^ أ ب ت الجواهر الصفية في تاريخ الديار الآسفية - ج 2 من تاريخ آسفي وما إليه (1357) | مجلد 1 | صفحة 11 | تاري. مؤرشف من الأصل في 2023-12-09.
  14. ^ "الاقتصاد بجهة مراكش أسفي". جهة مراكش آسفي (حكومي). مؤرشف من الأصل في 2023-06-05.
  15. ^ "آسفي المدينة التي تُنتج الثروة ولا تستفيد منها". Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية. 6 أكتوبر 2018. مؤرشف من الأصل في 2023-12-09. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-17.
  16. ^ أ ب "خزف آسفي المزين بأبهى رسومات التراث الإسلامي... حرفة تقليدية بجذور فينيقية". arabic.cnn.com. 26 أغسطس 2015. مؤرشف من الأصل في 2023-12-09. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-17.
  17. ^ العربي، التاريخ (28 فبراير 2023). "القبائل العربية في المغرب - المنصة العربية Alarabiya تاريخ وأحداث قبائل عرب المغرب". المنصة العربية Alarabiya. مؤرشف من الأصل في 2023-10-06. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-17.
  18. ^ "تاريخ...منطقة عبدة بالمغرب بلد الف ولي وصالح - الجريدة 24". aljarida24.ma. مؤرشف من الأصل في 2023-09-28. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-17.
  19. ^ التواصل، جسر (12 سبتمبر 2020). "العيطة العبدية أو الحصباوية". جريدة جسر التواصل. مؤرشف من الأصل في 2023-11-17. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-17.
  20. ^ "آسفي . . مدينة الخزف و44 ولياً". صحيفة الخليج. مؤرشف من الأصل في 2023-12-09. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-17.
  21. ^ "الموروث الحضاري بآسفي آخذ في الإندثار والتلاشي". مغرس. مؤرشف من الأصل في 2023-12-09. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-17.
  22. ^ "آسفي..المدينة الضّاربة في أعماق التاريخ". Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية. 8 أبريل 2016. مؤرشف من الأصل في 2023-09-28. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-17.
  23. ^ "آســــفي حاضــــرة البحر المُحـــيط.. عِشْــــــق أبَـــــدي". لكم-lakome2. مؤرشف من الأصل في 2023-12-09. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-17.
  24. ^ اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع Census2014
  25. ^ أ ب المندوبية السامية للتخطيط (2 ديسمبر 2005). "الإحصاء العام للسكان والسكنى 2004" (PDF) (بالعربية والفرنسية). ص. 1–68. مؤرشف من الأصل (pdf) في 2012-04-23. اطلع عليه بتاريخ 2019-11-13.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)

وصلات خارجية