الدولة العباسية: الفرق بين النسختين

| الحاكم1 = [[أبو العباس عبد الله السفاح|أبو العبَّاس السفاح]]⁽¹⁾

| الدين = [[الإسلام]]: غالبيَّة [[أهل السنة والجماعة|سُنيَّة]] وأقليَّة [[الشيعة|شيعيَّة]]<br /><small>أقليَّات كُبرى وصُغرى: [[المسيحية|المسيحيَّة]]، و[[اليهودية|اليهوديَّة]] و[[المندائية|الصابئيَّة المندائيَّة]] و[[صابئة|الصابئيَّة الحرَّانيَّة]] و[[يزيدية|الإيزيديَّة]] و[[الزرادشتية|المجوسيَّة]]</small>

ويمكن إرجاع نضوج الدعوة العباسية إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وابنه إبراهيم الذي سجنه آخر الأمويين [[مروان بن محمد]] في مدينة [[حران (تركيا)|حران،]] إلى أن توفي عام [[746]]م،<ref>[http://islamtoday.net/bohooth/artshow-86-6797.htm الدعوة العباسية ودورها في نهاية الدولة الأموية]، بحوث ودراسات، 22 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200224044623/http://islamtoday.net/bohooth/errorpage.htm?aspxerrorpath=/bohooth/articles.aspx |date=24 فبراير 2020}}</ref> فتولى أخوه [[أبو العباس عبد الله السفاح|أبو العباس]] شؤون الحركة العباسية، بناءً على دعوة [[أبو مسلم الخراساني|أبي مسلم الخراساني]]؛ فقد قام [[أبو مسلم الخراساني|أبو مسلم]] بإعلان قيام الدولة العباسية في [[خراسان الكبرى|خراسان،]] وحارب [[نصر بن سيار الكناني|نصر بن سيار]] الوالي الأموي فيها، وانتصر عليه، ثم احتلّ مدينة [[مرو الشاهجان|مرو،]] ومنها انتقل [[أبو العباس عبد الله السفاح|أبو العباس]] إلى [[الكوفة]] في [[أغسطس]] سنة [[742]]م بشكل سري، وظل مختفيًا حتى [[29 أكتوبر]] [[750]]م، الموافق [[12 ربيع الأول]] سنة [[132 هـ|132هـ]] حين بايعه أهل [[الكوفة]] بالخلافة، لتدخل عملية خلق الدولة العباسية مرحلتها الأخيرة؛ إذ التقى إثر ذلك الجيش الأموي بقيادة [[مروان بن محمد|مروان بن محمد،]] وجيش العباسيين بقيادة [[أبو العباس عبد الله السفاح|أبي العباس]] قرب [[نهر الزاب الكبير|نهر الزاب]] شمال العراق بين [[الموصل]] و[[أربيل]]، وكانت الغلبة للعباسيين، الذين أتموا فتح [[عراق العرب|العراق،]] وانتقلوا منها إلى [[بلاد الشام]] [[تاريخ مصر الإسلامية|فمصر؛]] حيث طاردوا فلول الجيش الأموي، وقتلوا الخليفة [[مروان بن محمد]] في معركة بوصير. وبفتحهم [[تاريخ مصر الإسلامية|مصرَ]] دانت لهم سائر الأمصار التي كانت تابعة للأمويين، وتأسست الدولة العباسية، ثالث مراحل [[خلافة إسلامية|تاريخ الخلافة]]، بعد [[الخلفاء الراشدون|الراشدية]] و[[الدولة الأموية|الأموية]]، وبويع [[أبو العباس عبد الله السفاح|أبو العباس]] بالخلافة، ولقب بالسفّاح لكثرة سفكه الدماءَ،<ref>[http://islam.aljayyash.net/encyclopedia/book-6-22 خلافة أبو العباس السفاح]، موسوعة الأسرة المسلمة، 22 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20171011224605/http://islam.aljayyash.net/encyclopedia/book-6-22 |date=11 أكتوبر 2017}}</ref> خصوصًا لدى دخوله [[دمشق]] حاضرة الأمويين؛ إذ نهب بيوت الأسرة الأموية والمقربين منها، وأحرق قصورهم، ثم نبش قبور خلفائهم، ولم ينج من الأسرة الأموية سوى [[عبد الرحمن الداخل|عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك]]، الذي انتقل إلى [[المغرب|المغرب،]] ثم دخل [[الأندلس|الأندلس،]] فاستقلَّ بها مؤسسًا حكمًا أمويًا فيها. أما [[أبو العباس عبد الله السفاح|أبو العباس السفاح]] فقد نقل عاصمة الدولة من حران التي كان [[مروان بن محمد]] قد نقل إليها عاصمة الدولة الأموية، إلى [[الكوفة]] رغم أنه لم يلبث بها إلا قليلًا، حتى انتقل للعيش في [[محافظة الأنبار|الأنبار]]، وإثر وفاته عام [[754]]م، ودفنه في [[محافظة الأنبار|الأنبار]]، أخذت البيعة لأخيه [[أبو جعفر المنصور|أبي جعفر المنصور،]] والذي كان [[أبو العباس عبد الله السفاح|السفاح]] قد عينه [[ولي عهد|وليًّا للعهد]].<ref>[http://www.google.com/url?sa=t&source=web&cd=5&ved=0CDsQFjAE&url=http%3A%2F%2Fwww.bawazir.com%2FAbbasid-caliphate%2FAbu-jaafar-al-mansour-the-serious-ruler.htm&rct=j&q=%D8%A3%D8%A8%D9%88%20%D8%AC%D8%B9%D9%81%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B1&ei=GQRkTenXO5DBtgfI95XPCw&usg=AFQjCNGfyo1k2aHiU7fMDCaDfzmdhzUzWg&cad=rja أبو جعفر المنصور، الحاكم الجاد]، موقع أسرة باوزير العباسية الهاشمية، 22 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20230602014156/http://www.google.com/url?sa=t&source=web&cd=5&ved=0CDsQFjAE&url=http%3A%2F%2Fwww.bawazir.com%2FAbbasid-caliphate%2FAbu-jaafar-al-mansour-the-serious-ruler.htm&rct=j&q=%D8%A3%D8%A8%D9%88%20%D8%AC%D8%B9%D9%81%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B1&ei=GQRkTenXO5DBtgfI95XPCw&usg=AFQjCNGfyo1k2aHiU7fMDCaDfzmdhzUzWg&cad=rja|date=2023-06-02}}</ref>

كانت فترة حكم [[أبو جعفر المنصور|المنصور]] توطيدًا لدعائم الدولة الجديدة؛ فقضى على الثورات المتلاحقة التي هددتها، وقتل [[أبو مسلم الخراساني|أبا مسلم الخراساني،]] مع كونه سبب حصول العباسيين على الخلافة خوفًا من امتداد نفوذه، وقضى على ثورة [[المدينة المنورة]]، التي بايع أهلها [[محمد النفس الزكية|محمدَ بنَ عبدِ الله بن الحسن،]] الملقب بالنفس الزكية، بالخلافة، وقضى على ثورات شبيهة في [[البصرة]] و[[واسط (توضيح)|واسط]] و[[الأهواز]]، كما قام بخلع ابن أخيه [[عيسى بن موسى]] من ولاية العهد، بعد أن استغله لسنوات في توطيد حكمه والقضاء على مخالفيه، لذا يصفه الباحث عبد القادر عيّاش بالقول بأن [[أبو جعفر المنصور|أبا جعفر المنصور]] أعظم رجل من العباسيين، شدة وبأسًا ويقظة وثباتًا؛ شحن الثغور والأطراق، وأمن السبل، وعرف بميله إلى الاقتصاد في النفقات، حتى امتلأت خزائنه، تاركًا لابنه [[أبو عبد الله محمد المهدي|المهدي]] ثروة جعلته ينفق في سعة.<ref>حضارة وادي الفرات، عبد القادر عياش، دار الأهالي، دمشق 1996، ص.270</ref> ومن الأعمال العمرانية الهامة التي ارتبطت به تشييده مدينة [[بغداد]] على [[دجلة|نهر دجلة،]] ونقله عاصمة الخلافة إليها، وظل مقيمًا بها إلى أن توفي في [[7 أكتوبر]] سنة [[775]]م، الموافق [[6 ذو الحجة|6 ذي الحجة]] سنة [[158 هـ|158هـ]]،<ref>[http://www.google.com/url?sa=t&source=web&cd=4&ved=0CDYQFjAD&url=http%3A%2F%2Fislam.aljayyash.net%2Fencyclopedia%2Fbook-6-23&rct=j&q=%C8%E4%C7%C1%20%C8%DB%CF%C7%CF&ei=cwRkTdeiEIa4tgehibW-DA&usg=AFQjCNHTDAT2B41-wQFmZuYBXcyVEQyBGg&cad=rja خلافة أبي جعفر المنصور]، الموسوعة المسلمة، 22 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20230607162223/http://www.google.com/url?sa=t&amp;source=web&amp;cd=4&amp;ved=0CDYQFjAD&amp;url=http%3A%2F%2Fislam.aljayyash.net%2Fencyclopedia%2Fbook-6-23&amp;rct=j&amp;q=%C8%E4%C7%C1%20%C8%DB%CF%C7%CF&amp;ei=cwRkTdeiEIa4tgehibW-DA&amp;usg=AFQjCNHTDAT2B41-wQFmZuYBXcyVEQyBGg&amp;cad=rja|date=2023-06-07}}</ref> في قصر الخلد الذي شيَّده مقابل [[دجلة|نهر دجلة]]. أما على الصعيد الديني فقد توفي خلال عهده الإمام [[أبو حنيفة النعمان]] مؤسس [[حنفية|المذهب الحنفي]] لدى [[أهل السنة والجماعة|السنة]]. وقد تلا [[أبو جعفر المنصور|المنصور]] في الخلافة ابنُه [[المهدي|محمد المهدي،]] والذي اهتم بالخدمات الداخلية؛ فنظم البريد والطرقات، وأصلح الزراعة، ونقل عنه رفاهة الشعب وعدالة القضاء الذي كان يرأسه بنفسه، كما نقل عن المهدي ورعه وميله للالتزام [[الشريعة الإسلامية|بالشريعة]]، والعناية بالفقراء وأصحاب الأمراض والمساجين في جميع أنحاء الدولة، ممهدًا بذلك لبدء العصر الذهبي لسلالة آل العباس.<ref>حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.270-271</ref>

{{أيضا|هارون الرشيد|المأمون|المعتصم|برامكة|نكبة البرامكة|}}

توفي المهدي عام [[785|785م،]] وأخذت البيعة لابنه [[أبو محمد موسى الهادي|موسى الهادي]]، غير أن حكمه لم يطل؛ إذ توفي مسمومًا عام [[786|786م،]] مفسحًا المجال أمام أخيه [[هارون الرشيد|هارون]] لاستلام السلطة، وكان والد هارون قد خلع عليه لقب «الرشيد» في أعقاب إحدى الغزوات التي انتصر فيها على [[الإمبراطورية البيزنطية|البيزنطيين]]. اهتم [[هارون الرشيد]] بالإصلاحات الداخلية؛ فبنى [[مسجد|المساجد]] الكبيرة، والقصور الفخمة، وفي عهده استعملت القناديل لأول مرة في إضاءة الطرقات والمساجد، وتطورت العلوم؛ خصوصًا الفيزياء الفلكية والتقنية، وابتُكِرَ عدد من الاختراعات كالساعة المائية. وقد اعتنى الرشيد أيضًا بالزراعة وأُسُس نظامها؛ فبنت حكومته الجسور والقناطر الكبيرة، وحفرت الترع والجداول الموصلة بين الأنهار، وأسس ديوانًا خاصًّا للإشراف على تنفيذ تلك الأعمال الإصلاحية. ومن أعماله أيضًا تشجيع التبادل التجاري بين الولايات، وحراسة طرق التجارة بين المدن، وقد شيَّد مدينة الواقفة قرب [[الرقة|مدينة الرقة]] على [[الفرات|ضفاف الفرات،]] لتكون مقرًّا صيفيًّا لحكمه.<ref name="فرات">حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.275</ref> وقد نقل [[ابن خلكان|ابن خَلِّكَانَ]] أن الرشيد قد حجَّ تسع مرّات، وكان يصلي في اليوم مائة ركعة.<ref name="فرات" /> وقد [[التحالف العباسي الكارولينجي|راسل]] [[هارون الرشيد|الرشيد]] [[شارلمان]]، [[إمبراطور]] [[الإمبراطورية الرومانية المقدسة|الإمبراطورية الرومانية المقدسة؛]] فينسب المؤرخون صداقةً قامت بين الرجلين، وتبادل الهدايا؛ حتى قدَّم [[خليفة|الخليفة]] مفتاح [[القدس]] [[شارلمان|لشارلمان]]. كذلك اهتم [[هارون الرشيد]] بالفتوح وتوسيع رقعة الدولة؛ خصوصًا في [[القوقاز]] و[[آسيا الوسطى]] و[[الأناضول]]،<ref>[https://www.bawazir.com/Abbasid-caliphate/haroun-al-rasheed-the-golden-age.htm هارون الرشيد والعصر الذهبي للدولة العباسية]، موقع أسرة آل باوزير، 24 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200412065307/http://www.bawazir.com/Abbasid-caliphate/haroun-al-rasheed-the-golden-age.htm |date=12 أبريل 2020}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-08-02|bot=JarBot}}</ref> وقد سجّل عهده، عام [[782|782م،]] (كان حينها ولياً للعهد)، آخر محاولة عربية لفتح [[القسطنطينية]]، التي ظلَّت عصيّة على الفتح، إلى أن استطاع [[الدولة العثمانية|السلطان العثماني]] [[محمد الفاتح|محمد الثاني]] فتحها عام [[1453]]م.

توفي [[هارون الرشيد]] عام [[809]]م في خراسان، وأخذت البيعة لابنه [[محمد الأمين|الأمين،]] وفقًا لوصية والده، التي نصت أيضًا أن يخلف [[عبد الله المأمون|المأمون]] أخاه [[محمد الأمين|الأمين]]، إلا أن الخليفة الجديد سرعان ما خلع أخاه من ولاية العهد، وعين ابنه موسى الناطق بالحق [[ولي عهد|وليًّا للعهد]]، وكان [[عبد الله المأمون|المأمون]] آنذاك في خراسان، فلما أخذ العلم بأن أخاه قد خلعه عن ولاية العهد أخذ البيعة من أهالي خراسان، وتوجه بجيش لمحاربة أخيه، وقد استمرت الحروب بينهما أربع سنوات، إلى أن استطاع [[عبد الله المأمون|المأمون]] محاصرة [[بغداد|بغداد،]] والتغلب على [[محمد الأمين|الأمين]] وقتله عام [[813]]م، ظافرًا بالخلافة.<ref>[https://www.bawazir.com/Abbasid-caliphate/al-mamoun-bin-haroun-al-rasheed.htm عبد الله المأمون]، موق أسرة آل باوزير، 24 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200623062312/http://www.bawazir.com/Abbasid-caliphate/al-mamoun-bin-haroun-al-rasheed.htm |date=23 يونيو 2020}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-08-02|bot=JarBot}}</ref>

تفرَّد عهد [[عبد الله المأمون|المأمون]] بتشجيع مطلق للعلوم؛ من [[فلسفة]] و[[طب]] و[[رياضيات]] و[[علم الفلك|فلك،]] واهتمام خاص بعلوم اليونان. وقد أسس الخليفة عام [[830]]م [[بيت الحكمة|جامعة بيت الحكمة]] في [[بغداد|بغداد،]] والتي كانت من كبريات جامعات عصرها، واخترع في عهده [[أسطرلاب|الاسطرلاب،]] وعدد من الآلات التقنية الأخرى، وحاول العلماء قياس محيط [[الأرض|الأرض،]] ما يدلّ على الاعتراف بكرويتها من ناحية، وتطور العلوم من ناحية أخرى. وقد تكون عمليات الترجمة، التي رعاها هو وحاشيته وولاته، أبرزَ سمات عهده؛ إذ نقلت خلالها العلوم والآداب [[اللغة السريانية|السريانية]] و[[اللغة الفارسية|الفارسية]] و[[اللغة اليونانية|اليونانية]] إلى [[اللغة العربية|العربية]]،<ref>[http://terezia.org/section.php?id=633 الفكر السرياني وأثره على الفكر العربي]، موقع كنيسة القديسة تريزا في حلب، 24 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200315002645/http://terezia.org/section.php?id=633 |date=15 مارس 2020}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-10-13|bot=JarBot}}</ref> فاكتسبت من خلاله [[اللغة العربية]] مكانة مرموقة؛ إذ تحولت من لغة [[شعر (أدب)|شعر]] و[[أدب]] فحسب، إلى لغة علم و[[فلسفة]]، كما أسهمت عمليات الترجمة في إرساء منسوب ثقافي عالٍ في الدولة. وقد أثر الانفتاح الثقافي على المعتقدات الدينية؛ فقال [[عبد الله المأمون|المأمون]] [[محنة خلق القرآن|بخلق القرآن،]] وأجبر الناس على الحذو في هذه الصيغة،<ref>[http://terezia.org/section.php?id=633 خلق القرآن وقدمه]، إسلام أون لاين، 24 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200315002645/http://terezia.org/section.php?id=633 |date=15 مارس 2020}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-10-13|bot=JarBot}}</ref> كما أعلن [[المعتزلة]] عقيدة الدولة الرسمية، ثم عهد بولاية العهد، قسطًا من الزمن، [[علي الرضا|لعلي الرضا]] [[الشيعة|الشيعي،]] وأخذ الشعار الأخضر بدلًا من الشعار الأسود، ثم عاد إلى شعار بني العباس الأسود، وعيَّن أخاه وليًّا للعهد. وقد زار المأمون [[تاريخ مصر الإسلامية|مصر]] و[[دمشق]] و[[الجزيرة الفراتية|الجزيرة الفراتية،]] وتوفي ودفن [[طرسوس|بطرسوس،]] شمال [[بلاد الشام]] في [[10 أغسطس]] سنة [[833]]م، الموافق [[19 رجب]] سنة [[218 هـ|218هـ،]] وأخذت البيعة لأخيه [[المعتصم بالله|محمد المعتصم بالله]]، الذي بنى [[سامراء|مدينة سامراء،]] وفتح [[عمورية]] قرب [[أنقرة]] مسقط رأس العائلة الإمبراطورية البيزنطية، واستمرت عمليات الترجمة والنهضة العلمية في عهده، كما افتتحها سلفه [[عبد الله المأمون|المأمون]]، ولعلَّ قضاءه على ثورة بابك الخرمي، التي أسست دولة شاسعة في [[أذربيجان]] وجوارها، منذ عهد [[عبد الله المأمون|المأمون]] أبرز أعماله؛ إذ إن بابك الخرمي قد مزج بين [[الإسلام]] و[[مجوس|المجوسية،]] وأسس دينًا هجينًا، وعمد إلى إصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية، ما أسهم في بقائه عصيًّا على الدولة العباسية عشرين عامًا،<ref>[http://arab-ency.com.sy/ency/details/1655/4/%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D9%83+%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D9%85%D9%8A ثورة بابك الخرمي]، الموسوعة العربية، 24 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20221126161941/http://web.archive.org/screenshot/http://arab-ency.com.sy/ency/details/1655/4/%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D9%83+%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D9%85%D9%8A |date=23 يونيو 2020}}</ref> إلى أن استطاع القائد التركي أفشين القضاء عليه. ومن الثورات الأخرى [[ثورة الزط]] [[عراق العرب|جنوب العراق]]، وإجلاء المعتصم إياهم إلى [[الأناضول]].<ref>[http://arab-ency.com.sy/ency/details//7/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%B7 ثورة الزط]، الموسوعة العربية، 24 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20221126162427/http://web.archive.org/screenshot/http://arab-ency.com.sy/ency/details//7/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9%2B%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%B7 |date=26 مايو 2020}}</ref>

كانت والدة المعتصم تركية، لذلك أحاط نفسه بالحرس التركي، كما فعل أخوه [[عبد الله المأمون|المأمون]] مع الفرس، وكان قوام الحرس التركي بداية عهد المعتصم أربعة آلاف رجل، غير أنه استقدم المزيد من قبائلهم عامًا فعامًا، ما أثار قلاقل واضطرابات في [[بغداد]]، اضطر معها الخليفة لنقل عاصمته إلى [[سامراء]]، وإثر وفاته عام [[842]]م بويع ابنه [[هارون الواثق بالله|الواثق بالله،]] واستمر في سياسة والده القائمة على استيراد القبائل التركية، ومنحهم الوظاف العالية في الدولة، وجعلهم قوام الجيش فعليًّا. وكان الواثق قد خلع على القائد التركي أشناس لقب «السلطان»، ما مهد لضعف الدولة، وزوال سيطرة الخلفاء عليها. وإثر وفاته عام [[847]]م بويع أخوه [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله]] بالخلافة، والذي يحدد أغلب المؤرخين تاريخ خلافته بدءًا لانحطاط الدولة العباسية.

أبرز أوجه عصور الانحطاط، سوى استقلال الولاة والسلاطين في شؤون ولايتهم، بل وتأسيسهم دولًا مستقلة تمامًا في بعضها، كان تدخل الجيش في تعيين الخلفاء.<ref>[http://www.mostaghanem.com/t17992-topic الخلافة العباسية بين القوة والضعف والاستقواء]، موقع مستغانم، 25 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20181210090747/http://www.mostaghanem.com/t17992-topic |date=10 ديسمبر 2018}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-10-13|bot=JarBot}}</ref> توفي أول السلاطين الأتراك أشناس عام [[844]]م وخلفه [[وصيف التركي]]، وعندما توفي [[هارون الواثق بالله|الواثق]] عام [[847]]م ما كانت مبايعة [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله|المتوكل على الله]] لتتم لولا رغبة السلطان وصيف، في وقت كانت الأسرة العباسية والمقربون منها، تميل لمبايعة محمد بن الواثق بالخلافة.<ref>سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.157</ref>

[[ملف:Kerbela Hussein Moschee.jpg|يسار|250بك|تصغير|ضريح [[الحسين بن علي]] في [[كربلاء]]، ويسميه [[الشيعة]] «[[العتبة الحسينية|العتبة الحسينية المقدسة]]»، كان قد تعرض للهدم خلال خلافة [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله|المتوكل على الله]] عام [[850]]م.]]

ولقد حاول [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله|المتوكل على الله]] الثورة على واقعه؛ فقتل عددًا من قواد الجيش، كابن الزيات وإيناخ، ونقل عاصمة الدولة إلى [[دمشق]] عام [[858]]م إلا أنه اضطر إلى العودة إلى [[سامراء]] بعد شهرين فقط، بضغط الأتراك،<ref>[https://archive.today/20120805173841/http://www.reefnet.gov.sy/reef/index.php?option=com_content&view=article&id=1663&Itemid=267 <!--http://www.reefnet.gov.sy/reef/index.php?option=com_content&view=article&id=1663&Itemid=267--> الواثق والمتوكل]، موقع محافظة ريف دمشق، 25 شباط 2011.</ref> وقام أيضًا بتحويل المذهب الرسمي من [[المعتزلة|المذهب المعتزلي]] إلى [[أهل السنة والجماعة|المذهب السني]] [[شافعية|الشافعي]]، ما مثّل نقلة كبيرة لدى الدولة العباسية، التي طرأت عليها عدة مراحل من التطورات الدينية؛ إذ بدأت بتقارب مع [[الشيعة|الشيعة،]] وسرعان ما انقلبت عليهم،<ref>[http://www.shiaweb.org/shia/aqaed_12/pa4a.html الشيعة في العصر العباسي]، شبكة الشيعة العالمية، 25 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200301234550/http://www.shiaweb.org/shia/aqaed_12/pa4a.html |date=1 مارس 2020}}</ref> ثم اعتمدت [[المعتزلة|الاعتزال]] كعقيدة الدولة منذ عهد [[عبد الله المأمون|المأمون]]. وكان [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله|المتوكل على الله]] قد أمر عام [[850]]م بهدم كل من ضريح [[الحسين بن علي]] في [[كربلاء|كربلاء،]] وضريح [[علي بن أبي طالب]] في [[النجف|النجف،]] ومنع الناس من زيارتهما.<ref>جاء في [http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE+**/i46&p1 الكامل في التاريخ - ابن أثير]، موقع الإيمان، 25 شباط 2011: في هذه السنة أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي وهدم ما حوله من المنازل والدور وأن يبذر ويسقى موضع قبره وأن يمنع الناس من إتيانه فنادى عامل صاحب الشرطة بالناس في تلك الناحية: من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة حبسناه في المطبق! فهرب الناس وتركوا زيارته وحرث وزرع. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200405010507/http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE+**/i46&p1 |date=5 أبريل 2020}}</ref> كما أمر بهدم جميع الكنائس في [[عراق العرب|العراق]] ومناطق أخرى، وكذلك [[كنيس|الكنس اليهودية،]] مع وضع شارات معينة على لباس [[المسيحية|المسيحيين]] و[[اليهودية|اليهود،]] ومنعهم من ركوب الخيل.<ref>سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.158. يمكن أخذ فكرة عن الاضطهاد الذي وقع خلال خلافته على أقباط مصر على [http://www.coptichistory.org/new_page_991.htm الاضطهاد الديني وتمييز الأقباط من خلال الزي الإسلامي]، تاريخ الأقباط، 25 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200315024853/http://www.coptichistory.org/new_page_991.htm |date=15 مارس 2020}}</ref> وعلى الرغم من دعواته المتلاحقة للعمل [[الشريعة الإسلامية|بالشريعة الإسلامية]] أقدم على أمور يتنافى فعلها مع قواعدها؛ حيث كفل نظام [[أهل الذمة]] الإسلامي حقوقًا وكرامة أوسع [[يهود|لليهود]] و[[المسيحية|المسيحيين]].

أخيرًا؛ اتفق بعض الجند الأتراك مع ابنه [[المنتصر بالله]] على قتله في مجلس شرابه، يوم [[10 ديسمبر|10 ديسمبر،]] سنة [[861]]م، الموافق [[3 شوال|3 شوّال،]] سنة [[247 هـ|247هـ]]، غير أن خلافة [[المنتصر بالله]] لم تطل؛ إذ سرعان ما قضى عليه الأتراك بالسم، في [[مايو]] [[862]]م، وبويع [[أحمد المستعين بالله|أبو العباس أحمد المستعين بالله،]] ابن [[المعتصم بالله]]، بالخلافة،<ref>[https://www.webarchive.icu/islamcvoice/ ثورة الزنج]، صوت الإسلام، 25 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200313175221/http://www.islamcvoice.com/play.php?catsmktba=3727 |date=13 مارس 2020}}</ref> لأن رجال السلطان لم يريدوا أن يبايِع أحد أولاد [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله|المتوكل]] خليفةً.

وفي خلافة [[محمد المعتز بالله|المعتز بالله]] قامت [[الدولة الطولونية]] في [[تاريخ مصر الإسلامية|مصر]]، والتي لم تترك للخليفة سوى الخطبة والسكة، واستولى [[صفاريون|يعقوب الصفار]] على [[بلاد فارس]]، ما دفع المؤرخ محمد فريد بك للقول بأن أملاك الخلافة العباسية لا تزيد عن ربع ما كانت قبلًا [[الدولة الأموية|لدولة بني أمية]].<ref name="مرجع">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، محمد فريد بك المحامي، تحقيق إحسان حقي، طبعة تاسعة، بيروت 1982، مقدمة في من ولي الخلافة قبل بني عثمان، ص.49</ref> ورغم مسالمة المعتز للأتراك، وتعيين من شاؤوا في مناصب الدولة العليا، خلعوه عام [[870]]م، لتردي الوضع الاقتصادي، ونضوب خزينة الدولة،<ref>[http://www.islammemo.cc/zakera/methl-haza-elyawm/2010/07/14/103537.html مقتل الخليفة العباسي المعتز بالله]، مفكرة الإسلام، 28 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160310105655/http://islammemo.cc/zakera/methl-haza-elyawm/2010/07/14/103537.html |date=10 مارس 2016}}</ref> وبايعوا [[أبو إسحاق محمد المهتدي بالله|المهتدي بالله]] بن [[هارون الواثق بالله|الواثق]] بالخلافة، وقد مات [[محمد المعتز بالله|المعتز]] في سجنه من العطش والجوع.<ref name="مرجع" />

حاول الخليفة الجديد كسر شوكة الأتراك؛ فقتل قائدهم بايكال بعد أشهر من توليه الخلافة، فقتله الأتراك ولم يمض على خلافته عام واحد بعد. وبويع [[أبو العباس أحمد المعتمد على الله|المعتمد على الله]] بن [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله|المتوكل على الله]] خليفة، وفي عهده [[ثورة الزنج|ثار الزنوج]] في [[البصرة]] و[[واسط (توضيح)|واسط،]] وعاثوا فسادًا في [[بغداد]] نفسها؛ احتجاجًا على سوء الأوضاع الاقتصادية، والمعاملة الاجتماعية الدونية. كما أكمل [[الدولة الطولونية|الطولونيون]] استقلالهم [[تاريخ مصر الإسلامية|بمصر،]] مانحين السيادة الاسمية للخليفة، المتمثلة بذكر اسمه في الخطبة. وقد استطاع [[الدولة الطولونية|الطولونيون]] السيطرة على أغلب [[بلاد الشام|بلاد الشام،]] فلم يبق للعباسيين سوى [[عراق العرب|العراق]]. ويعود لخلافة المعتمد وفاة الإمامين [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] و[[مسلم]]، اللذين اشتهرا بتصحيح [[الحديث النبوي|الأحاديث النبوية]]، وظهور [[إسماعيلية|الإسماعيلية]].

 

توفي المعتمد على الله عام [[892]]م، وبويع [[أحمد المعتضد بالله|المعتضد بالله]] خليفة، وكانت خلافته وخلافة ابنه [[علي المكتفي بالله|المكتفي بالله]] تحسنًا في الأوضاع الاقتصادية والسياسية على السواء،<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=2468&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=60&ayano=0&surano=0&bookhad=0 الخليفة المكتفي بالله]، مكتبة الإسلام، 28 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200224064159/https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=2468&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=60&ayano=0&surano=0&bookhad=0 |date=24 فبراير 2020}}</ref> كما استعاد العباسيون [[تاريخ مصر الإسلامية|مصر،]] وهزموا الإسماعيلية في عدة مواقع، وظهرت [[الدولة السامانية|الدولة السامانية،]] التي استعادت طبرستان، وسيطرت على [[بلاد فارس]] وخراسان، مع حفظ السلطة الاسمية للخليفة، كما أعيدت عاصمة الدولة إلى [[بغداد]].

 

وإثر وفاة [[علي المكتفي بالله|المكتفي]] في [[أغسطس]] [[908]]م، بويع [[جعفر المقتدر بالله|المقتدر بالله]] خليفة، إلا أنه خلع مرتين: الأولى لدى بداية عهده، وبويع [[عبد الله بن المعتز|عبد الله بن المعتز،]] إلا أنه قتل في اليوم التالي، خلال الفتن بين أنصاره وأنصار المقتدي؛<ref>[http://www.birehlibrary.org/webopac/records/1/14466.aspx عبد الله بن المعتز، خليفة ليوم وليلة]، مكتبة البيرة، 28 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200526110222/http://www.birehlibrary.org/webopac/records/1/14466.aspx |date=26 مايو 2020}}</ref> فكانت خلافته يومًا واحدًا، ولم يعتبره جميع المؤرخين خليفة، والثانية عام [[929]]م؛ حيث خلعه الجند ورجال الدولة، بسبب سيطرة النساء والخدم على الدولة، إلا أنه عاد بعد ثلاثة أيام، واستمر في الخلافة حتى قتل عام [[932|932م،]] خلال معركة بينه وبين مؤنس التركي أحد قواد الجيش،<ref>سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.158</ref> وأصبح أخوه [[محمد القاهر بالله|القاهر بالله]] خليفة، إلا أن مؤنسًا نفسَه خلعه بعد عامين، وسمل عينيه وسجنه، وفي خلافته ظهرت [[الدولة البويهية]] في [[بلاد فارس]] وخراسان، كما استقلت [[تونس]] و[[الجزائر]] و[[ليبيا]] نهائيًا مع ظهور [[الدولة الفاطمية|الدولة الفاطمية،]] التي قضت على حكم [[الدولة الأغلبية]]، و[[رستميون|بنو رستم]] وبنو مدرار الذين، وإن استقلوا فعليًا عن الدولة العباسية حفظوا سيادتها الاسمية.

 

وفي خلافة [[محمد الراضي بالله|الراضي بالله]]؛ ظهرت [[الدولة الإخشيدية]] في [[تاريخ مصر الإسلامية|مصر،]] وسيطرت على أجزاء واسعة من [[بلاد الشام|بلاد الشام،]] وأصبح نفوذ [[أمير الأمراء]] بالغ القوة؛ إذ إنه عندما مات [[محمد الراضي بالله|الراضي بالله]] عام [[940]]م لم تتم مبايعة الخليفة مباشرة، خلافًا للعرف القائم منذ عهد [[أبو بكر الصديق|أبي بكر،]] بل انتظر أسبوعًا لحين عودة بحكم أمير الأمراء من [[واسط (توضيح)|واسط،]] ومبايعته [[إبراهيم المتقي لله|المتقي لله]].<ref>[http://arab-ency.com.sy/ency/details/1502/3/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A9 الإمارة]، الموسوعة العربية، 28 شباط 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20221126162729/http://web.archive.org/screenshot/http://arab-ency.com.sy/ency/details/1502/3/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A9 |date=23 يونيو 2020}}</ref>

شهدت تلك المرحلة أيضًا، خصوصًا خلال [[القرن 10|القرن العاشر،]] هجرة قبائل [[كرد]]ية من جوار [[بحر قزوين]] للاستقرار في [[عراق العرب|العراق]] وشمال [[بلاد الشام]]، وازدهار هجرة القبائل أدى إلى تعاسة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، فضلًا عن تكاثر الحروب الداخلية والخارجية. أحد أمثلة ذلك [[عقيليون|الدولة العقيلية،]] وكذلك الدولة المروانية؛ فكلتاهما ورثت [[الدولة الحمدانية]] بعد انهيارها عام [[979]]م، وغلب الطابع العربي على الأولى، بينما الطابع الكردي على الثانية، وقد اقتتلا طويلًا للسيطرة على [[الجزيرة الفراتية]]، كما قادت [[عقيليون|الدولة العقيلية]] حروبًا عدة ضد [[الدولة البويهية]] في [[بغداد]]. أما الحروب الخارجية فتتمثل بغارات [[الإمبراطورية البيزنطية]] على [[حلب]] و[[أنطاكية (تركيا)|أنطاكية،]] واحتلالهما قسطًا من الزمن، نتيجة تشقق الوضع الداخلي.<ref>من أوربان الثاني إلى جورج بوش الثاني، أمير الصوّا، دار الينابيع، دمشق 2004، ص.28</ref>

{{مفصلة|المستعصم بالله|سقوط بغداد (1258)}}

[[ملف:HulaguInBagdad.JPG|يسار|210بك|تصغير|[[هولاكو خان|هولاكو]] يسجن [[عبد الله المستعصم بالله|الخليفة]] ويمنع عنه الطعام والشراب حتى موته في [[20 فبراير]] سنة [[1258]]م، وقد ترك [[هولاكو خان|هولاكو]] للخليفة صحون وأكواب الذهب التي كان يأكل بها فارغة أمامه في السجن.]]

طالب هولاكو الخليفة المستعصم بالله بالاستسلام، ولكن الخليفة رفض محذرًا المغول من العقاب الإلهي الذي سيحلّ بهم في حال هاجموا الخلافة؛ يشير الكثير من المؤرخين إلى أن أحد أسباب نجاح الهجوم المغولي هو الحالة الضعيفة للجيش العباسي، وتسريح عدد كبير من جنده لتقليص النفقات خلال تولي [[مؤيد الدين بن العلقمي|ابن العلقمي]] شؤون الوزارة، فضلًا عن ضعف استحكامات المدينة، وعدم تقوية أسوارها؛ يقول ديفيد نيكول: إن الخليفة، بالإضافة لفشله بتجهيز آلية الدفاع عن المدينة بشكل جيد، قد أساء كثيرًا لهولاكو بتهديده إياه، إضافة إلى وثوقه المبالغ فيه لوزيره ابن العلقمي، ما أسهم في تدمير المدينة والخلافة، مع أن [[مونكو خان]] أمر أخاه هولاكو بالمحافظة على الخلافة إن وافق الخليفة الخضوع لسلطة المغول.<ref name="David Nicolle ">David Nicolle</ref>

 

قبل التوجه إلى بغداد، دمر هولاكو قبائل [[لر|اللور،]] ومن ثم حصَّل استسلام [[إسماعيلية|الإسماعيليين]]، المعروفين أيضًا باسم [[الحشاشون|الحشاشين]] بعد أن حاصر حاضرتهم «[[قلعة ألموت]]» في شمال [[إيران|إيران،]] على شواطئ [[بحر قزوين]]، ورغم ذلك قتل هولاكو الكثير منهم، باستثناء [[نصير الدين الطوسي]] وأتباعه الذين لحقوا بجيش هولاكو المتوجه لمحاصرة بغداد منذ عام [[1256]]م. قسم هولاكو جيشه إلى قسمين، وضرب حصارًا حول بغداد بدءًا من يوم [[29 يناير]] سنة [[1258]]م؛ دمر المغول السدود وقنوات الري، ما أسهم في تدمير الزراعة، وإفاضة المياه داخل المدينة، ثم إن قصف المقالع والمجانيق، (المنجنيقات)، سهل سقوط استحكامات العباسيين؛ الواحدة تلو الأخرى، حتى أحاط المغول بالمدينة من كل جانب يوم 5 فبراير 1258م/ 30 محرم 656هـ. حاول المستعصم أن يفاوض المحاصرين، لكن هولاكو رفض، واقتحم بغداد يوم 10 فبراير 1258م/ 4 صفر 656هـ، مرتكبين [[مذبحة|مذابحَ]] بحق أبنائها، وبحسب بعض المصادر؛ بلغ عدد القتلى من الجند والمدنيين مليوني شخص، بل إن المغول عَمَدُوا إلى قتل كل من حاول الفرار من الأهالي،<ref>[https://www.strategypage.com/articles/default.asp?target=mongol.htm&target=mongol.htm جيوش المغول حتى معركة عين جالوت (بالإنجليزية)]، موقع صفحة استراتيجية، 6 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20191222032735/https://www.strategypage.com/articles/default.asp?target=mongol.htm&target=mongol.htm |date=22 ديسمبر 2019}}</ref> ويُذكَر أن هولاكو أمر بنقل مقر المخيم بسبب روائح الموت المنبعثة، كما بدؤوا عمليات سلب ونهب، ثم إحراق؛ فتلفت المكتبات وما تحويها، وقيل إن مياه [[دجلة|نهر دجلة]] تحولت إلى اللون الأسود لكثرة ما رمي فيها من أوراق محترقة،<ref>[http://www.aljahraa.com/home/2010-05-18-11-30-10/286-%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%84%D9%8A.html سقوط بغداد نهاية الحضارة]، الجهراء الثقافية، 6 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20120118124832/http://www.aljahraa.com/home/2010-05-18-11-30-10/286-%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%84%D9%8A.html |date=18 يناير 2012}}</ref> وكذلك حال المساجد والقصور والجامعات.<ref>[https://www.ankawa.com/forum/index.php?action=printpage;topic=103549.0 سقوط بغداد بسيوف هولاكو خان]، عنكاوا، 6 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200623050431/https://www.ankawa.com/forum/index.php?action=printpage;topic=103549.0 |date=23 يونيو 2020}}</ref> أما الخليفة فقد أمر هولاكو بحبسه، ثم منع عنه الطعام والشراب حتى مات في 20 فبراير 1258م، لتزول بذلك الخلافة العباسية في بغداد.<ref>[http://www.elbashayer.com/news-96203.html هولاكو وجنده هدموا بغداد أم المستعصم بالله]، جريدة البشاير، 6 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200515165044/https://elbashayer.com/news-96203.html |date=15 مايو 2020}}</ref>

* [[بهدينانيون|إمارة بهدينان]]: أقدم الإمارات العباسية المستقلة تأسيسًا، ويعود قيامها إلى عام [[1367|1367م،]] في [[كردستان العراق|كردستان العراق،]] على يد الملك بهاء الدين العباسي، أحد أحفاد الخليفة [[عبد الله المستعصم بالله|المستعصم بالله]]. وكانت مدينة العمادية، الواقعة في [[دهوك (محافظة)|محافظة دهوك]] حاليًا، عاصمتَها، وقد تمددت في أوجها لتشمل أجزاءً من [[أربيل (محافظة)|محافظتي أربيل]] و[[نينوى (محافظة)|نينوى]]. عاشت هذه الإمارة زمنًا طويلًا، استطاعت فيه الحفاظ على استقلالها، رغم كونها تقع على حدود إمبراطوريتين عظيمتين ومتحاربتين بشكل دائم؛ هما [[الدولة العثمانية|الإمبراطورية العثمانية،]] و[[الدولة الصفوية|الإمبراطورية الصفوية]]، وعلى الرغم من ذلك لم تكن نهايتها على يد إحدى هاتين الإمبراطوريتين؛ إذ كانت نهايتها على يد إمارة كردية منافسة وقريبة منها، هي [[سورانيون|إمارة سوران]] عام [[1834]]م، وسرعان ما قضى العثمانيون على هذه الإمارة أيضًا، وأتبعوها ولاية الموصل العثمانية. وقد هربت الأسرة الحاكمة، أحفاد [[عبد الله المستعصم بالله|المستعصم بالله،]] إلى [[حلب|حلب،]] وانتقل قسم منهم إلى [[جيزان]] و[[إقليم اليمن|اليمن]]، وهم مشهورون إلى اليوم بكنية «آل عاصم».

هناك من يشير إلى كون [[خلافة إسلامية|الخلافة]] منصبا دينيًّا لا دنيويًّا، أو جامعًا بين الطرفين، انطلاقًا من ذلك؛ كان [[الدولة العثمانية|الخلفاء العثمانيون]] ينادون بصيغة «خليفة المسلمين وسلطان العثمانيين»، أي إن الخليفة هو رأس الهرم والإمام الأول دينيًّا، ويمكن ألا يجمع في منصبه هذا صفة الحكم.<ref>[http://www.arabpostonline.net/index.php?option=com_content&view=article&id=791&catid=45&Itemid=77 الإسلام وأصول الحكم]، عرب بوست، 9 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20121029050907/http://www.arabpostonline.net/index.php?option=com_content&view=article&id=791&catid=45&Itemid=77 |date=29 أكتوبر 2012}}</ref> غير أن عددًا آخر من الباحثين يرفض هذه الفكرة، لكون [[محمد|النبي محمد]] قد جمع في وقت واحد بين الزعامتين: الدينية والسياسية. وعلى الرغم من النظريتين المتناقضتين؛ فإن الخلفاء العباسيين قد طبقوهما كليهما؛ إذ قد جمعوا بين الزعامة الدينية والزعامة السياسية خلال عهودهم الذهبية، ثم عادوا في عصور الانحطاط ليشكلوا رمز الدولة فحسب، بما يشبه [[جمهورية برلمانية|الجمهوريات البرلمانية]] في العصر الراهن. ورغم كون أغلب خلفاء آل العباس؛ سواء في [[بغداد]] أم في [[القاهرة|القاهرة،]] لم يتمتعوا بالسلطة، حاول عددٌ منهم القبض على زمامها؛ كما فعل [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله|المتوكل على الله،]] أو كتب بعضهم طوعًا أو كرهًا تنازلًا للسلطان عن صلاحيات الملك؛ كما فعل [[أحمد المستنصر بالله|المستنصر بالله الثاني]]،<ref>[http://www.alkatib.co.uk/sunniweb/1-12.htm تفويض الوزارة والسلطنة]، موقع الكتاب، 9 آذار 2011. {{وصلة مكسورة|date= يوليو 2017 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20110210020632/http://alkatib.co.uk/sunniweb/1-12.htm |date=10 فبراير 2011}}</ref> ما يدل على أن النظرية الثانية كانت الأكثر انتشارًا في العصر العباسي، قبل أن تكرّس النظرية الأولى خلال [[الدولة العثمانية|العهد العثماني]].

أول لقب حازه الرجل الثاني في الدولة العباسية هو «وزير»، وقد كانت مهمة الوزير خلال عهد القوة العباسية مساعدة الخليفة في إدارة شؤون البلاد، والإشراف على تنفيذ ما يقرره الخليفة فقط. لاحقًا، ونتيجة تولي قادة الجيش الأتراك الوزارة، مال ولاء الجيش من شخص الخليفة إلى شخص قائدهم الوزير، وبالتالي مال ميزان قوة التأثير من الخليفة إلى وزيره الذي أصبح لقبه السلطان،<ref>[http://www.alshirazi.com/compilations/history/men_tamaddon/part4/8.htm العصر التركي الأول]، الشيرازي، 9 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200623043945/http://www.alshirazi.com/compilations/history/men_tamaddon/part4/8.htm |date=23 يونيو 2020}}</ref> وبات في بعض الأحيان يحصر مهام السلطنة بذريته فقط، ولم يكتف السلاطين بذلك؛ فقد احتكروا السلطة فعليًّا، وقاموا هم لا الخلفاء، بتسيير شؤون البلاد والدولة، بل إن كثيرًا من الخلفاء قضوا قتلًا أو اغتيالًا على أيدي سلاطينهم؛ كما حصل مع كل من: [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله|المتوكل على الله،]] و[[الفضل المسترشد بالله|المسترشد بالله]]،و[[محمد المعتز بالله|المعتز بالله]]، و[[جعفر المقتدر بالله|المقتدر بالله]] وغيرهم.<ref>[http://press-history.blogspot.com/2010/01/blog-post_29.html استبداد الأتراك بالخلفاء العباسيين]، تاريخ برس، 9 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200412065440/http://press-history.blogspot.com/2010/01/blog-post_29.html |date=12 أبريل 2020}}</ref>

الجيش العباسي كان جيشًا دائمًا مستقرًا، يقيم أغلب جنده في [[بغداد]] إلى جانب الخليفة، مع وجود جيوش منفصلة في الولايات، ومن ثم للدول التي نشأت في كنف الدولة العباسية. كان الجيش خلال عهد القوة يأتمر بأمر الخليفة، ثم بات خلال عهود الضعف يتحرك بأمر الولاة والسلاطين. ولم يكن هناك عسكرية إجبارية في الدولة العباسية، غير أن كل ذكر قادر على حمل السلاح يجب عليه الانضمام للجيش عند إعلان [[جهاد|الجهاد،]] بما يشبه النفير العام في حالات الحرب، والجيش العباسي هو بالمقام الأول جيش عقائدي، يقوم على المفاهيم والشرائع الإسلامية، والتي أبرزها نشر [[الإسلام]] وحماية [[خليفة|الخلافة]].

كان ينفق على الجيش من خزينة الدولة مباشرة، ولما زاد عدد الجند إلى درجة أثرت على الأسعار والاستقرار المعيشي في [[بغداد|بغداد،]] اضطر الخليفة إلى نقل عاصمة الدولة إلى [[سامراء|سامراء،]] مسكنًا كتائب جيشه فيها.<ref>[http://www.khayma.com/samarra/arabic/capital_est.htm تأسيس سامراء وعمرانها]، موقع سامراء، 9 آذار 2011.{{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20120318103340/http://www.khayma.com/samarra/arabic/capital_est.htm |date=18 مارس 2012}}</ref> وفي عهود الضعف اللاحقة لعب الجيش الدور البارز في إدارة دفة الحكم، وشكل قادة الجيش جزءًا أساسيًّا من الطبقة الحاكمة،<ref>[http://www.islamstory.com/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3%D9%8A الوزارة في العصر العباسي]، قصة الإسلام، 9 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20181003142955/http://islamstory.com/ |date=3 أكتوبر 2018}}</ref> بل إن مهمة الجهاد والدفاع عن حدود الدولة تُرِكَت لجيوش سلاطين الولايات أغلب الأحيان، في حين اهتمّ جيش الخلافة في [[بغداد]] بالحروب الداخلية وتعيين الخلفاء والسلاطين وعزلهم. على أن جيش [[بغداد]] قد تبع دومًا إمرة السلطان، مع وجود فصيل مستقل يدعى «حرس الخلافة»، ويلقب قائده بـ«مؤتمن الخلافة»، ويتبع القصر مباشرة. وعمومًا؛ فإن جيوش الولايات كانت أكبر وأقوى من جيش [[بغداد|بغداد،]] وقد حققت إنجازات أعمق؛ كجيشي كل من: [[الدولة الزنكية]] و[[الدولة الأيوبية]].<ref>[http://www.araspress.com/ar/book-detail/190 الجيش الأيوبي في عهد صلاح الدين]، أرى برس، 9 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160311054227/http://araspress.com/ar/book-detail/190 |date=11 مارس 2016}}</ref> أما أسلحة الجيش فقد كانت بالنسبة للجندي تقليدية، ممثلة بالسيوف والدروع والهِراوات. هذا، وقد تمتع الجيش بأسلحة أخرى متطورة بمقاييس عصرها؛ [[منجنيق|كالمنجنيق]] والمدق و[[ضبر (آلة حرب)|الضبر]]،<ref>[http://arab-ency.com.sy/ency/details/3551/7/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A الجيش العربي الإسلامي]، الموسوعة العربية، 9 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20221126164239/http://arab-ency.com.sy/ency/details/3551/7/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A |date=23 يونيو 2020}}</ref> غير أنه في عصور انحطاط [[الدولة المملوكية|المماليك]] كان الجيش من ناحية الأسلحة متخلفًا، ولم يدخله البارود والسلاح الناري مطلقًا، ما سهل من سيطرة [[الدولة العثمانية|العثمانيين]] على البلاد بين عامي [[1516|1516م،]] و[[1517]]م.

على مستوى [[الشيعة|الطائفة الشيعية]]؛ فإن العصر العباسي يعتبر حاسمًا في تكوين معالم هذه الطائفة، كما تبدو اليوم؛ إذ إن الدعوة العباسية، وإن قامت على تقارب مع [[الشيعة|الشيعة،]] سرعان ما انقلبت عليهم،<ref>[http://www.coptichistory.org/new_page_84.htm جرائم العباسيين ضد الشيعة]، تاريخ الأقباط، 10 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200526110403/http://www.coptichistory.org/new_page_84.htm |date=26 مايو 2020}}</ref> ورغم أن العباسيين قد حفظوا [[إمام|الإمامة الشيعية]] قائمة، كما تم الاتفاق بين [[الحسن بن علي]] و[[معاوية بن أبي سفيان|معاوية بن أبي سفيان،]] تم اغتيال بعض أئمة الشيعة، وتسميم آخرين من قبل الخلفاء،<ref name="نزعات">النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.51</ref> وعلى الرغم من أن الإمام السادس [[جعفر الصادق]] قد حرّم على الشيعة التدخل في شؤون الدولة، ظلت العلاقة متوترة،<ref name="نزعات" /> إضافة إلى أن الإمام الثاني عشر [[المهدي|محمد المهدي]] قد اختفى خلال خلافة [[أبو العباس أحمد المعتمد على الله|المعتمد على الله]] بظروف غامضة، ويعتقد الشيعة، حتى اليوم، أن الإمام في حالة غيبة، بسبب استشراء الظلم والفساد في المجتمع، وأنه سيعود قبل موعد [[نهاية الزمان|يوم القيامة]]، ليقيم الحكم الإسلامي العادل.<ref>[https://arabic.tebyan.net/index.aspx?pid=71889 غيبة الإمام الكبرى]، موقع تبيان، 10 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20150930071523/http://arabic.tebyan.net/index.aspx?pid=71889 |date=30 سبتمبر 2015}}</ref><ref>النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.53</ref> في الحقيقة؛ إن عقيدة [[المهدي|غيبة الإمام]] التي ظهرت في العصر العباسي، ستشكل إحدى الركائز الأساسية للطائفة الشيعية ومعتقداتها.<ref>النزاعات الأصولية، مرجع سابق، ص.55</ref>

ومع كون [[الإسلام]] هو دين الدولة، لا يمكن تحديد مذهب من مذاهبه أو طوائفه دينًا رسميًّا؛ فخلال خمسة قرون من عمر الخلافة في [[بغداد]]، كان دين الدولة يتأثر بطائفة الخليفة؛ [[عبد الله المأمون|فالمأمون]] و[[المعتصم بالله|المعتصم]] و[[هارون الواثق بالله|الواثق]] أعلنوا [[المعتزلة|الاعتزال]] عقيدة الدولة،<ref>[http://www.alwasatnews.com/news/342927.html فرق المعتزلة: الصعود إلى الدولة]، صحيفة الوسط، 10 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200525091851/http://www.alwasatnews.com/news/342927.html |date=25 مايو 2020}}</ref> وقام [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله|المتوكل]] بتعيين [[شافعية|الشافعية]] مذهبًا رسميًّا، أما [[عبد الله المستعصم بالله|المستعصم بالله]] فكان يميل نحو [[الشيعة|الشيعة،]] وكذلك الخلفاء الذين تعاقبوا خلال [[الدولة البويهية]]،<ref>[http://www.islamstory.com/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D9%8A%D9%87%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%A9 الدولة البويهية الشيعية]، قصة الإسلام، 10 آذار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200312203150/http://islamstory.com/ |date=12 مارس 2020}}</ref> على عكس الخلفاء الذين تعاقبوا خلال [[الدولة السلجوقية]] ومالوا نحو [[أهل السنة والجماعة|السنة]].

وقد أدى هذا الاختلاط أيضًا، وبشكل تدريجي، إلى نشوء [[لهجات عربية|اللهجات المحلية]] في [[اللغة العربية|العربية]]، خصوصًا خلال عهد الدولة المتأخر. ويعود سبب نشوء اللهجات واختلافها إلى اللغات التي كانت سائدة من قبلُ؛ فتأثرت [[لهجات شامية|اللهجات الشامية]] و[[لهجة عراقية|العراقية]] [[اللغة السريانية|بالسريانية،]] و[[لهجة مصرية|اللهجة المصرية]] [[اللغة القبطية|بالقبطية]]، أما [[لهجات مغاربية|لهجات المغرب العربي]] فقد تأثرت [[لغات أمازيغية|باللغتين الأمازيغية]] و[[لغات أمازيغية|البريرية]].

[[ملف:Great Mosque of Samarra.jpg|210بك|تصغير|مئذنة مسجد [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله|المتوكل على الله]] في عاصمته [[سامراء]]، أحد أشكال العمارة العباسية.]]

قال [[ابن خلدون]]: {{خط/عربي|«ما زال فن الغناء يتدرج عند العرب حتى كمُل أيام بني العباس»}}،<ref name="موسيقى">[http://www.infpe.edu.dz/cours/Enseignants/secondaire/music/lycee21/_private/index.htm الموسيقى العربية في العصر العباسي]، تاريخ الموسيقى العربية، 13 نيسان 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180218091439/http://www.infpe.edu.dz/cours/Enseignants/secondaire/music/lycee21/_private/index.htm |date=18 فبراير 2018}}</ref> ويقول عدد من النقاد: {{خط/عربي| إن الموسيقى العربية في العصر العباسي بلغت ذروة مجدها من ناحيتي الأداء الغنائي وانتشار العلوم والبحوث والدراسات الموسيقية، واستمرت بغداد حتى منتصف القرن التاسع الميلادي مركزًا حيويًّا تنبعث منه إشعاعات النهضة الموسيقية العربية.}}<ref name="حكواتي" /> وقد اقترن تطور الموسيقى بحالة الرخاء الاقتصادي في الدولة خلال عهود قوتها من ناحية، ومن ناحية أخرى اقترن تطور الموسيقى بدعم الخلفاء غير المنقطع لها منذ مؤسس الدولة [[أبو العباس عبد الله السفاح|أبي العباس السفاح]] الذي أحب غناء سلمك الفارسي، مرورًا [[عبد الله المأمون|بالخليفة المأمون]] الذي كان يروقه، بنوع خاص، الغناء الإغريقي اليوناني، وهو من أمر بترجمة الأصول النظرية للموسيقى إلى [[اللغة العربية|العربية؛]] فشكل بذلك أساس العلوم الموسيقية النظرية، وموسى الهادي الذي كان ابنه عبد الله مغنيًا ويجيد العزف على [[عود (آلة موسيقية)|العود]]، و[[هارون الرشيد]] الذي أنفق ثروة في منح الجوائز للمغنين والملحنين،<ref name="موسيقى" /> وكان [[هارون الواثق بالله|الخليفة الواثق بالله؛]] حسب شهادة المؤرخ حماد بن إسحق الموصلي: {{خط/عربي|بأنه أعلم الخلفاء بهذا الفن، وأنه كان مغنيًا بارعًا وعازفًا ماهرًا على العود. وقد لقي الفن من التشجيع والكرم في بلاطه ما يجعل المرء يظن أنه تحول إلى معهد للموسيقى، بدلا من كونه مجلسًا لأمير المؤمنين.}}<ref name="حكواتي">[https://alarab.co.uk/%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%8A%D9%82%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D9%84%D8%AA-%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%AD%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A2%D8%B0%D8%A7%D9%86%D9%86%D8%A7 موسيقى العباسيين مازالت صادحة في آذاننا]، جريدة العرب. تاريخ النشر:  

وهناك أيضًا الكندي، وهو من أبرز الفلاسفة، و[[أبو بكر الرازي|الرازي]] الذي كان له مؤلفات طبية؛ أبرزها «الحاوي»، ومؤلفات فلكية ناقش خلالها كروية الأرض وعدم تمركزها في قلب العالم. كما اشتهر علم التاريخ، وفق الروايات المتناقلة، ومن المؤرخين [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]] و[[تقي الدين المقريزي|المقريزي]]، وانبثق منه علم [[أنساب العرب]]، وتدوين سير أعلامهم، ومن الكتب الهامة في هذا الصدد كتاب «وَفَيَات الأعيان» لابن خَلِّكان. ومن العلوم التي نشأت أيضًا في كنف العباسيين علم الجبر، وقد ابتكر [[محمد بن موسى الخوارزمي|الخوارزمي]] أول [[لوغاريتم]] في العالم.<ref name="خصائص" /> ولم يقتصر الأمر على المسلمين؛ إذ برز العديد من العلماء غير المسلمين، كثيوفيل بن توما، الذي شغل منصب كبير علماء الفلك لدى الخليفة، وقيس الماروني، المؤرخ الذي وضع مؤلفًا أرخ فيه تاريخ البشرية، منذ خلق [[آدم]] وحتى خلافة [[أحمد المعتضد بالله|المعتضد]]،<ref>[http://www.landcivi.com/new_page_176.htm حلب و10 آلاف سنة من عمر الزمن]، أرض الحضارات، 3 نيسان 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20181005023634/http://www.landcivi.com/new_page_176.htm |date=5 أكتوبر 2018}}</ref> وجرجس بن [[بختيشوع|بختيشوع،]] المولود عام [[771|771م،]] و[[جبريل بن بختيشوع]]؛ تلميذه المولود عام [[809|809م،]] وهم أبناء أسرة [[المسيحية|مسيحية]] من الأطباء والعلماء، و[[حنين بن إسحاق]]، وابن أخته [[حبيش بن الأعسم]]، و[[عبد المسيح الكندي]] من [[القرن 9|القرن التاسع،]] و[[يوحنا بن ماسويه]] والذي كان، وأبوه قبله، مدير مشفى [[دمشق]] خلال خلافة [[هارون الرشيد]]، وغيرهم.<ref name="خصائص">دراسة في خصائص الحضارة العربية الإسلامية، الدكتور مصباح كامل، 12 نيسان 2011. موقع: www.aoua.com/vb/attachment.php?attachmentid=3839&d=1116843664</ref> وفي الواقع؛ فإنه من الصعب حصر جميع علماء العباسيين ومؤلفاتهم، لكثرتها وتنوعها.

[[تصنيف:الدولة العباسية| ]]