بيت مري هي إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء المتن في محافظة جبل لبنان. وهي تطل على العاصمة بيروت. وهي بلدة نموذجية تمتد حضارتها غلي عصور غابرة قبل المسيح، وهي تشكل الواجهة الشرقية لبيروت، ترتفع عن سطح البحر حوالي 770م، وتبعد عن العاصمة "بيروت" حوالي 17 كم، مساحة اراضيها حوالي 830 هكتارًا.تتميز بيت مري بجمال الموقع وجودة المناخ، وقربها من المدينة الكبرى، بالإضافة إلي تمتعها بثروة اثرية هائلة جعلت منها مركزًا سياحياً مقصوداً من قبل اللبنانيين والزائرين الأجانب بالإضافة إلي كونها مركز أصطياف. ويشكل موقع بيت مري، الجبل القريب من الشاطئ، نموذجًا لما تتميز به طبيعة لبنان من هذه الخاصية، وقد زاد في اهمية هذا النموذج أن البلدة متاخمة لبيروت، بل وانها كانت في الماضي قسما من بيروت، اذ مازالت التداوين والتواريخ والصكوك تذكرها باسم "بيروت العتيقة" ، ولعل موقعها الفريد على كتف العاصمة وفي قلب الوطن جعلها مقراً لكثير من الحضارات التي توالت السيطرة في الشرق الاوسط بدء من العهد الأغريقي والفينيقي، فالروماني فالصليبي حتي العهد العثماني، حيث لا تزال آثارهم دامغة ومنها آثارات دير القلعة الشهيرة.[1][2] تبدو بيت مري للناظر إليها من الساحل وكأنها معلقة بين السماء والأرض، ويطل خلفها في الاعالي جبل صنين الشامخ فوق الجبال المتلاصقة في انحدار متواصل، حيث يتكون وادي الجعماني من التقاء واديين إلي الشرق من بيت مري ويجري بينهما نهر وادي بيروت في الشتاء، وتظهر للناظر منها بيروت في الليل كالبساط المزركش بالألوان والنقوش ، حيث تتراءي الأنوار البراقة في الظلمة كانها نثير من الدر والزمرد والياقوت، ولعل طبيعة بيت مري وسط غابة من الصنوبر المثمر جعلها من أنسب مواقع المصايف المثالية كونها تستقبل بين احضان أغصان الصنوبر نسيم البحر فتمتص منه الرطوبة، وتستقبل من اعالي الجبال المناخ الصخري الناشف فتقضي عليه الطراوة وكانها مكيفة الاجواء.[3]

بيت مري
تقسيم إداري
البلد  لبنان

هذه الـهضبة التي تُبهر زائريـها تُبسط ناظريك على 360 درجة بإطلالة ليس لـها مثيل، فبإمكانك وأنت واقف في موقعك أن تلتفت إلى الشمال لتحدق في جبال كسروان وجبيل وتنحدر رويداً لتتلاقى بسيدة حريصا، فالشاطئ اللبناني من البترون وبيبلوس حتى خلدة والناعمة والدامور، وتدور غرباً فتذهلك بيروت ليلاً بألوانـها الفسيفسائية تزينـها حركة المرفأ وأضواء البواخر في وسط البحر، وما إن تتجه جنوباً حتى ينقشع أمامك المطار الدولي يداعبه وميض الطائرات ذهاباً وأياباً، وتسرق لحظك مفاتن بلدات الشويفات وعاليه وبحمدون وصوفر إلى أن تصل شرقاً إلى ذاك الجبل الصامد والمتربع بوشاحه الأبيض على عرشه كالحارس الأمين، ألاّ وهو جبل صنين، الذي ينعشك بنسيمه العليل ويُظلل غابات وادي بيروت التي تقع في مشاع بيت مري بشعاعاته المعطرة بشمس الديجور لتمزج نضارة هذه الغابات بألوانـها الزاهية.[2] ردت بعض المصادر اسم بيت مري إلي اللغة الآرامية، وتعني مكان للسادات والأرباب، او بيت سيدي ومولاي إشارة إلي الإله الفينيقي الشهير"بعل مرقود" الذي تركزت عبادته في دير القلعة، وقد كان إله الرفص والطرب والغناء كما ذكر فريجه ، وقد يكون في عيد مار ساسيين أثر من آثار مراسيم الإله مرقود.[4] وربما إتخذت هذه التسمية نظراً إلى معبد الإله الفنيقي “بيريت” الذي لا تزال آثاره جاسمة في دير القلعة لغاية تاريخه، إما إلى كثرة المعابد التاريخية التي توالت عليها الحضارات من الآشوري إلى الفينيقي إلى الكداني فالروماني والبيزانطي، ولا تزال هياكل عشتروت وجونو تستقطب زائريـها في دير القلعة.[2]

يتوقف تاريخ بيت مري القديم مع اجتياح المماليك 1305م، ويبدأ تاريخها الحديث مع عودة السكان إليها بعد الفتح العثماني 1516م، ومع مرور السنين تألف مجتمع بيت مري من العائلات الآتية: (الموارنة) واهم عائلاتها- أبو جبرايل، أبو ماضي، ماضي، باز، بركات، داود، ابو هيلا، إدة، الخوري إده، الأسمر، الاعسر، باحوط، باسيلا، بو دامس، جرماني، الحاج، حامض، خوري، دانيال، راضي، رحال، رعد، روحانا، سابان ساسيين، سرور، سليمان، شديد، واكيم. ومن الروم الأرثوذكس - أبو فاضل، فاضل، حداد، الرحباني، زامل، عبد المسيح، فرحة، كريكر، مخيبر، مقبل. ومن الملكيين الكاثوليك- أبو حمد. ومن الموحدين الدروز- النجار، رشيد.[5]

وتوجد في بلدة بيت مري العديد من المؤسسات الدينية مثل: كنيسة مار ساسيين (رعائية مارونية)، كنيسة مار جرجس ( رعائية مارونية)، كنيسة مار الياس ( رعائية أرثوذكسية)، كنيسة مار أغسطينوس ( رعائية للملكين الكاثوليك)، كتيسة نوتردام في مدرسة الفرير. كما يوجد بالبلدة بعض الجمعيات مثل: جمعية بيت مري للعمل الاجتماعي، نادي الفرير الرياضي، جمعية أهل الحارة الخيرية، جمعية آل ماضي. كما يوجد بها بعض المؤسسات السياحية مثل: الفنادق والمرابع، ومراكز التسلية واللهو وسلسلة مطاعم ومقاهي ومتنزهات وصالات سينما، وقد اشتهر في بيت مري فندق البستان ، والذي جعل من بيت مري محطاً لكبار رجال السياسة والأفتصاد وللمؤتمرات المحلية والأقليمية والدولية الكبرى، وهناك أيضاً فندق بيت مري وهو فندق شهير من الدرجة الأولى.[6][7] وبيت مري كالكثير من بلدات لبنان تحييان عدد من الإحتفالات والمـهرجانات التقليدية السنوية أبرزها عيد مار ساسين (15 أيلول) عيد مار الياس (19 تموز) عيد السيدة (15 آب) العشاء السنوي لعيد مار جرجس (نيسان) هذا بالإضافة إلى الإحتفالات السنوية والمـهرجانات التي تُنظـمها النوادي والجمعيات الأهلية.[2]

أعلام

المراجع

  1. ^ طوني مفرج. موسوعة قرى ومدن لبنان. بيروت: دار نوبليس. ج. 5. ص. 241.
  2. ^ أ ب ت ث "تاريخ البلدة". www.beitmery.gov.lb (بEnglish). Archived from the original on 2022-06-19. Retrieved 2023-10-10.
  3. ^ طوني مفرج. موسوعة قرى ومدن لبنان. بيروت: دار نوبليس. ج. 5. ص. 241–242.
  4. ^ طوني مفرج. موسوعة قرى ومدن لبنان. بيروت: دار نوبليس. ج. 5. ص. 242.
  5. ^ طوني مفرج. موسوعة قرى ومدن لبنان. بيروت: دار نوبليس. ج. 5. ص. 243.
  6. ^ طوني مفرج. موسوعة قرى ومدن لبنان. بيروت: دار نوبليس. ج. 5. ص. 243–245.
  7. ^ "بيت مري... حاضنة تراثها وتاريخها العريق". annahar.com (بEnglish). Archived from the original on 2021-03-07. Retrieved 2023-10-10.

د . شفيق سليمان ( صحافي واذاعي ومؤرخ ) . مؤرخ بيت مري . مؤلف موسوعة «تاريخ لبنان كما كان» .