سياسة التلقيح

هذه هي النسخة الحالية من هذه الصفحة، وقام بتعديلها عبود السكاف (نقاش | مساهمات) في 15:32، 8 يونيو 2023 (بوت: إصلاح أخطاء فحص أرابيكا من 1 إلى 104). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة.

(فرق) → نسخة أقدم | نسخة حالية (فرق) | نسخة أحدث ← (فرق)

يشير مصطلح سياسة التلقيح إلى سياسة صحة تتبناها الحكومة فيما يتعلق بتلقيح الشعب. تطورت سياسات التلقيح على مدى ما يقارب القرنين منذ اختراع اللقاح بغاية استئصال المرض أو إنتاج مناعة قطيع في الكثافة السكانية التي تطمح الحكومة إلى حمايتها.

تكون اللجنة الاستشارية للتلقيح في كل دولة مسؤولة عادةً عن تأمين المعلومات للحكومة التي اعتادت أن تتخذ القرارات بالاستناد إلى الدلائل فيما يخص التلقيح وسياسة التمنيع. يُعد التلقيح اختياريًا في بعض البلدان وإلزاميًا في دول أخرى، تشعل سياسات التلقيح الإلزامية فتيل المعارضة. تدفع بعض الحكومات كل أو جزء من تكاليف التلقيح وفقًا لبرنامج تلقيح وطني. أظهر تحليل الكلفة-المنفعة للتلقيح أن هناك حافز اقتصادي من تنفيذ سياسات التلقيح كونه قد ينقذ عددًا هائلًا من الأرواح ويدّخر كمًا هائلًا من التكاليف.

أهدافها

التمنيع ومناعة القطيع

تهدف سياسات التلقيح إلى إنتاج مناعة تجاه الأمراض القابلة للوقاية. وتهدف بعض سياسات التلقيح إلى جانب حماية الأفراد من المرض، إلى إكساب المجتمع ككل مناعة القطيع. يشير اصطلاح مناعة القطيع إلى فكرة كون العامل الممرض سيتعرقل انتشاره عندما يتمنّع كم معتبر من السكان تجاهه. يحمي هذا الأمر الأفراد غير القادرين على تلقي اللقاح بسبب حالتهم الصحية، مثل أمراض واعتلالات المناعة.[1] من ناحية أخرى، من أجل تفعيل مناعة القطيع بين مجموعة سكانية ما، يتوجب على غالبية الأفراد القادرين على تلقي اللقاح أن يتلقوا اللقاح.[2]

تُعد متطلبات التلقيح المحلية والدولية من أجل الرعاية اليومية والدخول إلى المدرسة، أدوات ضرورية من أجل الحفاظ على معدلات مرتفعة من تغطية عملية التلقيح، وبالمقابل، مستويات أخفض من الأمراض القابلة للوقاية باللقاح.[3]

تبقى الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاح سببًا رئيسًا للمواتة بين الأطفال بما يقدر بـ 3 ملايين وفية سنويًا. يمنع اللقاح سنويًا بين 2 إلى 3 ملايين حالة وفاة حول العالم،[4] وبكل الفئات العمرية، بالنسبة لجملة من الأمراض كالخناق والكزاز والسعال الديكي والحصبة.[5]

استئصال الأمراض

يكمن الهدف من التلقيح في إزالة المرض كليًا ببعض اللقاحات، بحيث يزول المرض عن وجه الكرة الأرضية بالوقت ذاته. ضافرت منظمة الصحة العالمية الجهود للقضاء على الجدري حول العالم من خلال اللقاح، سُجلت آخر الإصابات بالجدري في الصومال سنة 1977.[6] أزيل وباء الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية من خلال التلقيح في فلندا. وضعت منظمة الصحة العالمية هدفُا باستئصال فيروس شلل الأطفال مع حلول عام 2018.[7][8]

أهداف الأفراد مقابل أهداف المجتمع

يميل الأفراد العاقلون إلى تقليل خطر الإصابة بالمرض، ويسعون إلى تلقيهم وأفراد عائلتهم للقاح في حال أدركوا وجود خطر كبير بالإصابة بالمرض بالمقارنة مع الخطر المرفق بالتلقيح.[9] من ناحية أخرى، إذا نجح نظام التلقيح في الحد من خطر الإصابة بالمرض، قد يخفض الأمر خطر الإصابة بالمرض بشكل كافٍ بحيث تكون إستراتيجية الشخص المثلى تكمن في تشجيع الجميع باستثناء أفراد عائلتهم، أن يتلقوا اللقاح، أو على نحو أعم، رفض التلقيح عند وصول معدلات التلقيح إلى مستوى معين، حتى لو كان هذا المستوى أدنى من المستوى الأمثل للمجتمع.[10][11] على سبيل المثال، وجدت دراسة منشورة سنة 2003 أن هجمات الإرهاب الحيوي باستخدام فيروس الجدري قد ينتج عنها حالات يكون فيها اللقاح الاختياري أو الطوعي لا يصل بالضرورة إلى المستويات المثلى للولايات المتحدة الأمريكية ككل،[12] ووجدت دراسة أجريت في عام 2007 أنه لا يمكن منع انتشار أو تفشي أوبئة الإنفلونزا الشديدة فقط من خلال سياسة التلقيح الاختيارية، دونما تقديم حوافز معينة.[13]

تسمح الحكومات في معظم الأحيان بإعفاء من التلقيح الإلزامي لأسباب دينية أو فلسفية، إلا أن تناقص معدلات التلقيح قد يؤدي بدوره إلى خسارة مناعة القطيع، مما يزيد من المخاطر بشكل كبير حتى على الأفراد الذين تلقوا اللقاح.[14] من ناحية أخرى، تثير سياسات التلقيح الإلزامية ظهور معضلات أخلاقية فيما يخص حقوق الوالدين والموافقة المستنيرة.[15]

التلقيح الإلزامي

أسست العديد من الحكومات والمؤسسات الأخرى سياسات تتطلب تلقيح، بغاية الحد من خطر الإصابة بالمرض. على سبيل المثال، تطلب القانون الصادر عام 1853 تلقيحًا شاملًا تجاه فيروس الجدري في إنكلترا وويلز، مع فرض الضرائب على الناس الذين لم يمتثلوا له.[16] في الولايات المتحدة الأمريكية، حكمت المحكمة العليا في قضية «جاكوبسون ضد ماساتشوستس» عام 1905، أن للولايات السلطة بفرض التلقيح ضد الجدري خلال الوباء به.[17] تطالب جميع الولايات الخمسين في الولايات المتحدة الأمريكية بتلقيح جميع الأطفال ضد الجدري كي يستطيعوا الالتحاق بالمدارس العامة،[18] على الرغم من أن 47 ولاية قد خصصت حالات إعفاء من هذه السياسة على أساس معتقدات دينية أو فلسفية.[19] عادةً ما يُعد التلقيح المكره أو القسري (مثل فرض الغرامات أو الحرمان من خدمات معينة في حال عدم الامتثال إليه) نادرًا ويحدث فقط كإجراء طارئ خلال تفشي المرض. تتبع دول قليلة أخرى هذه الممارسة أيضًا.

يقلل التلقيح الإلزامي بشكل كبير من حالات الإصابة بالأمراض التي جرى التلقيح تجاهها. أثارت هذه السياسات معارضة العديد من المجموعات الذين أطلق عليهم مجتمعين برافضي اللقاح، الذين اعترضوا على اللقاح بناءً على أسس أخلاقية وسلامة طبية ودينية بالإضافة إلى أسباب أخرى. يمكن لأسباب أخرى تضم التباين الاجتماعي والاقتصادي وأن يكونوا أقلية عرقية، أن يمنع الوصول المنطقي أو تلقي اللقاح.[20][21][22]

تتضمن الاعتراضات الشائعة حجة كون من واجب الحكومات ألا تنتهك حرية الأفراد باتخاذ القرارات الصحية لأنفسهم أو لأبنائهم، أو الادعاءات بكون التلقيح بحد ذاته عامل خطر. تسمح العديد من سياسات التلقيح الحديثة بإعفاء الأفراد ذوي الأجهزة المناعية المضعفة أو عند وجود حساسية تجاه مكونات اللقاح أو اعتراضات أخرى شديدة التحيز.[23] ودار جدل حول قدرة اللقاح على منع المرض بشكل فعال، إذ لا يتوجب وجود لقاحات متاحة وجماعات عازمة على تلقي اللقاح فحسب، بل بالإضافة إلى ذلك وجود قدرة كافية لرفض اللقاح على أساس المعتقدات الشخصية.[24]

في عام 1904 في مدينة ريو جي جانيرو في البرازيل، وباتباع برنامج تجديد حضري شرد العديد من الفقراء، أثار برنامج التلقيح الإلزامي تجاه فيروس الجدري تمردًا على اللقاح في أيام عدّة من الشغب مع إحداث أضرار جسيمة بالممتلكات بالإضافة إلى عدد من القتلى.[25]

المراجع

مراجع

  1. ^ Legislatures، National Conference of State. "Immunizations Policy Issues Overview". www.ncsl.org. مؤرشف من الأصل في 2020-04-02.
  2. ^ Hendrix، Kristin S.؛ Sturm، Lynne A.؛ Zimet، Gregory D.؛ Meslin، Eric M. (فبراير 2016). "Ethics and Childhood Vaccination Policy in the United States". American Journal of Public Health. ج. 106 ع. 2: 273–278. DOI:10.2105/AJPH.2015.302952. PMC:4815604. PMID:26691123.
  3. ^ "State Vaccination Requirements / CDC" en-us (بen-us). Archived from the original on 2020-04-02. Retrieved 2020-04-02. {{استشهاد ويب}}: الوسيط غير صالح |script-title=: بادئة مفقودة (help)صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
  4. ^ Obasi Chinedu (أكتوبر 2018). Immunization in Nigeria (Report). Public Health Nigeria. مؤرشف من الأصل في 2020-04-02. اطلع عليه بتاريخ 2018-10-28. {{استشهاد بتقرير}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
  5. ^ UNICEF (فبراير 2014). Global Immunization Data (PDF) (Report). World Health Organization. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2020-04-13. اطلع عليه بتاريخ 2015-04-23.
  6. ^ "Frequently asked questions and answers on smallpox". World Health Organization. مؤرشف من الأصل في 2020-04-02.
  7. ^ Peltola، Heikki؛ Jokinen، Sari؛ Paunio، Mikko؛ Hovi، Tapani؛ Davidkin، Irja (ديسمبر 2008). "Measles, mumps, and rubella in Finland: 25 years of a nationwide elimination programme". The Lancet Infectious Diseases. ج. 8 ع. 12: 796–803. DOI:10.1016/S1473-3099(08)70282-2. PMID:19022194.
  8. ^ "GPEI-Strategy". polioeradication.org. مؤرشف من الأصل في 2020-04-02. {{استشهاد ويب}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
  9. ^ Damnjanović، Kaja؛ Graeber، Johanna؛ Ilić، Sandra؛ Lam، Wing Y.؛ Lep، Žan؛ Morales، Sara؛ Pulkkinen، Tero؛ Vingerhoets، Loes (13 يونيو 2018). "Parental Decision-Making on Childhood Vaccination". Frontiers in Psychology. ج. 9: 735. DOI:10.3389/fpsyg.2018.00735. PMC:600888. PMID:29951010.
  10. ^ Fine PE، Clarkson JA (ديسمبر 1986). "Individual versus public priorities in the determination of optimal vaccination policies". American Journal of Epidemiology. ج. 124 ع. 6: 1012–20. DOI:10.1093/oxfordjournals.aje.a114471. PMID:3096132. 
  11. ^ Shim، Eunha؛ Chapman، Gretchen B.؛ Townsend، Jeffrey P.؛ Galvani، Alison P. (7 سبتمبر 2012). "The influence of altruism on influenza vaccination decisions". Journal of the Royal Society Interface. ج. 9 ع. 74: 2234–2243. DOI:10.1098/rsif.2012.0115. PMC:3405754. PMID:22496100.
  12. ^ Bauch CT، Galvani AP، Earn DJ (سبتمبر 2003). "Group interest versus self-interest in smallpox vaccination policy". Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America. ج. 100 ع. 18: 10564–7. Bibcode:2003PNAS..10010564B. DOI:10.1073/pnas.1731324100. PMC:193525. PMID:12920181.
  13. ^ Vardavas R، Breban R، Blower S (مايو 2007). "Can influenza epidemics be prevented by voluntary vaccination?". PLoS Computational Biology. ج. 3 ع. 5: e85. Bibcode:2007PLSCB...3...85V. DOI:10.1371/journal.pcbi.0030085. PMC:1864996. PMID:17480117.
  14. ^ Centers for Disease Control and Prevention (August 2014). "Parent's Guide to Childhood Immunizations" (PDF). Department of Health and Human Services. CS250472. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2020-04-02. اطلع عليه بتاريخ أغسطس 2020. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  15. ^ "WHO - Ethical considerations for vaccination programmes in acute humanitarian emergencies". www.who.int. مؤرشف من الأصل في 2020-04-02.
  16. ^ Amin، Alvin Nelson El؛ Parra، Michelle T؛ Kim-Farley، Robert؛ Fielding، Jonathan E (2012). "Ethical Issues Concerning Vaccination Requirements". Public Health Reviews. ج. 34. DOI:10.1007/BF03391666. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)
  17. ^ Mariner WK، Annas GJ، Glantz LH (أبريل 2005). "Jacobson v Massachusetts: it's not your great-great-grandfather's public health law". American Journal of Public Health. ج. 95 ع. 4: 581–90. DOI:10.2105/AJPH.2004.055160. PMC:1449224. PMID:15798113.
  18. ^ Walkinshaw E (نوفمبر 2011). "Mandatory vaccinations: The international landscape". CMAJ. ج. 183 ع. 16: E1167–8. DOI:10.1503/cmaj.109-3993. PMC:3216445. PMID:21989473.
  19. ^ "State Vaccination Exemptions for Children Entering Public Schools - Vaccines - ProCon.org". vaccines.procon.org. مؤرشف من الأصل في 2020-04-02.
  20. ^ Wolfe RM، Sharp LK (أغسطس 2002). "Anti-vaccinationists past and present". BMJ. ج. 325 ع. 7361: 430–2. DOI:10.1136/bmj.325.7361.430. PMC:1123944. PMID:12193361.
  21. ^ "Ethical Issues and Vaccines | History of Vaccines". www.historyofvaccines.org (بEnglish). Archived from the original on 2020-04-02. Retrieved 2019-04-30.
  22. ^ Lees، KA؛ Wortley، PM؛ Coughlin، SS (ديسمبر 2005). "Comparison of racial/ethnic disparities in adult immunization and cancer screening". American Journal of Preventive Medicine. ج. 29 ع. 5: 404–11. DOI:10.1016/j.amepre.2005.08.009. PMID:16376703.
  23. ^ Salmon DA، Teret SP، MacIntyre CR، Salisbury D، Burgess MA، Halsey NA (فبراير 2006). "Compulsory vaccination and conscientious or philosophical exemptions: past, present, and future". Lancet. ج. 367 ع. 9508: 436–42. DOI:10.1016/S0140-6736(06)68144-0. PMID:16458770. 
  24. ^ Salmon DA، Teret SP، MacIntyre CR، Salisbury D، Burgess MA، Halsey NA (فبراير 2006). "Compulsory vaccination and conscientious or philosophical exemptions: past, present, and future". Lancet. ج. 367 ع. 9508: 436–42. DOI:10.1016/s0140-6736(06)68144-0. PMID:16458770.
  25. ^ Meade، Teresa (2009). "'Living Worse and Costing More': Resistance and Riot in Rio de Janeiro, 1890–1917". Journal of Latin American Studies. ج. 21 ع. 1–2: 241–266. DOI:10.1017/S0022216X00014784. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)