أرز الرب

هذه هي النسخة الحالية من هذه الصفحة، وقام بتعديلها عبود السكاف (نقاش | مساهمات) في 00:15، 27 ديسمبر 2023 (←‏التاريخ الحديث المبكر). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة.

(فرق) → نسخة أقدم | نسخة حالية (فرق) | نسخة أحدث ← (فرق)

أرز الرب هو موقع في وادي قاديشا بالقرب من بلدة بشري شمال لبنان. هي واحدة من آخر بقايا غابات الأرز اللبناني الواسعة التي ازدهرت في جميع أنحاء جبل لبنان في العصور القديمة. وعلى ما يبدو أن جميع روايات الرحالة المعاصرين للعصور الوسطى عن أشجار الأرز البرية تشير إلى الغابات الموجودة في بشري؛[1] وكان الرهبان المسيحيون في أديرة وادي قاديشا يبجلون الأشجار لعدة قرون في المنطقة. تم العثور على أقدم المراجع الموثقة لأرز الله في الألواح (4-6) من ملحمة جلجامش العظيمة، عثر عليها على بعد ستة أيام سيرًا على الأقدام من مدينة الوركاء القديمة.

أرز الرب
موقع اليونيسكو للتراث العالمي

* اسم الموقع كما هو مدون بقائمة مواقع التراث العالمي
** تقسييم اليونسكو لمناطق العالم
غابة أرز الرب

استهلك كمية هائلة من خشب الأرز منذ العصور القديمة لعدة أسباب، فقد استخدم المصريين القدماء الأرز لبناء السفن، واستخدم العثمانيين الأتراك الأرز لبناء السكك الحديدية. كما أن الفينيقيين وبنو إسرائيل والآشوريين والبابليين والفُرس والرومان والعرب استخدموا خشب الأرز لاستخدامات مختلفة.[2]

يُعتبر كل من وادي قاديشا (قنوبين) وغابة أرز الرب ذو أهمية دينية وتاريخية كبرى، فالوادي كان موقعًا استوطنه الرهبان المسيحيون الأوائل هربا من بطش الرومان الوثنيين، فبنوا الأديرة على جانبيه فكانت حصينة بوجه كل من حاول الوصول إلى هناك، إذ أن الوادي يقع في أرض وعرة جدًا في مدينة بشري في الجزء الشمالي من سلسلة جبال لبنان الغربية. تقع غابة أرز الرب في بشري بالقرب من الوادي، وقد أصبحت اليوم محمية طبيعية مخصصة لإنقاذ الأرز اللبناني، وتتجلى أهميتها التاريخية في أنها الغابة الأساسية التي قطع الفينيقيون أخشابها ليبنوا سفنهم ومعابدهم وليتاجروا بها مع المصريين والآشوريين. ومنها تم بناء هيكل سليمان.

التاريخ

التاريخ القديم

كانت جبال لبنان في العصور القديمة مظللة بغابات الأرز الكثيفة جدًا، وكانت الأشجار السمة المميزة للمنطقة. وبعد قرون من إزالة الغابات المستمرة، انخفض حجم هذه الغابات بشكل ملحوظ.

وحسب الميثولوجيا أن ذات مرة وقعت معركة بين أنصاف الآلهة والبشر على ملكية غابة أشجار الأرز الجميلة والمقدسة، وحدثت هذه المعركة بالقرب من جنوب بلاد ما بين النهرين.[3] ويُعتقد أن غابات أرز الرب كانت محميّة بواسطة الإله السومري إنليل، إلا أن البشر انتصروا في معركتهم مع أنصاف الآلهة، الذين كانوا يحرسون الغابة. ومنذ دخول البشر قبل 4700 عام إلى الغابة، بدأت الغابة بفقدان أشجارها.[3] كما يُذكر في هذه الأساطير أن جلجامش استخدم أخشاب أشجار الأرز في بناء مدينته.

استخدم العديد من الشعوب والحضارات أشجار الأرز كالمصريين القدماء والأشوريين والعرب وكذلك الفرس والرومان. وقد استخدم الفينيقيون الأرز في أساطيلهم التجارية، وجعلتهم غابات الأرز "أول دولة تجارية بحرية في العالم".[4] وتجاوز الفراعنة استغلال الأرز من أجل الأخشاب ليستخدموا الراتنج المفرز من الأرز، واستعمل الراتنج في عمليات التحنيط، كما أن أخشاب الأرز استخدمت في لفائف البردى الأولى التي تحمل الهيروغليفية الفرعونية.[4] وحسب نصوص الكتاب المقدس اشترى سليمان خشب الأرز لبناء هيكل القدس.[5] لاحقًا ادعى الإمبراطور هادريان أن هذه الغابات هي من ضمن مجاله الإمبراطوري، وخلال تلك الفترة توقف تدمير غابات الأرز مؤقتًا.

التاريخ الحديث المبكر

تشير الروايات التي كتبها الرحالة في العصور الوسطى عن غابات الأرز في منطقة بلاد الشام إلى غابات بشري على الأغلب. حيثُ زار الرحالة الفرنسي بيير بيلون المنطقة سنة 1550، ويعتبر أول رحالة حديث يشير إلى غابات أرز الرب في مذكراته.[1] وقد أحصى بيلون 28 شجرة خلال رحلته، وكتب في مذكراته:

«وعلى ارتفاع كبير فوق الجبال يصل المسافر إلى دير السيدة العذراء الواقع في الوادي. ومن ثم يتقدم أربعة أميال فوق الجبل، ويصل إلى الأرز، حيث يقوم الموارنة أو الرهبان بدور المرشدين. وأشجار الأرز تنتشر في الواد، وليس في قمة الجبل، ويفترض أن يصل عددها إلى 28 شجرة، رغم صعوبة إحصاؤها، لبعدها عن بعضها البعض بضع خطوات. وقد سعى رئيس أساقفة دمشق إلى إثبات أنها هي نفسها التي زرعها سليمان بيديه بطريقة التخمسية المربعة كما هي الآن. ولا تنمو أي شجرة أخرى في الوادي الذي ينتشر فيه الأرز، وهو عمومًا مغطى بالثلوج بحيث لا يمكن الوصول إليه إلا في الصيف.[6]»

أما الرحالة ليونهارت راوولف فقد يكون زار المنطقة بين عامي (1573 - 1575)، وقد أحصى 24 شجرة بقوله:

«"لم أر شيئًا أعلى منها، وأمامي تلة صغيرة، كلها مغطاة بالثلوج، وفي أسفلها كانت أشجار الأرز العالية قائمة... وعلى الرغم من أن هذا التل، في العصور السابقة، كان مغطى تمامًا بأشجار الأرز، إلا أنه منذ ذلك الحين انخفض عددها لدرجة أنني لا أستطيع أن أعد سوى 24 منها تقف حولي في دائرة، وقد اضمحلت أغصانها تمامًا مع تقدم العمر. لقد ذهبت أيضًا إلى هذا المكان للبحث عن أشجار صغيرة حديثة، لكن لم أجد شيئًا على الإطلاق".[7]»

الرحالة جان دي تيفنو أحصى 23 شجرة سنة 1655، بقوله:

«"من الحماقة القول أن شخصًا أحصى أشجار أرز جبل لبنان مرتين، سينتج له رقم مختلف، لأن كلها كبيرها وصغيرها، لا يوجد أكثر أو أقل من ثلاثة وعشرين منها".[8]»

الموقع الجغرافي

يعود عمر هذه الغابة لحوالي 2500 سنة، وهي تربض في أحضان جبل المكمل مشرفة على الوادي المقدس (قنوبين)، متربعّة فوق مساحة 102566 مترًا مربعًا وهي تتوسط مساحة جرداء تغمرها الثلوج بدءا من منتصف فصل الخريف وحتى أطراف فصل الربيع. ترتفع الغابة عن سطح البحر بمعدل 1880 مترًا، وتصل في بعض المواضع إلى 1936 مترا.[9]

الأشجار المعمرة

تمتد غابة أرز الرب على مساحة 11 هكتارا، تمتاز بأنها تضم أقدم أشجار الأرز في العالم، ولم يبق فيها سوى 48 شجرة معمرة يصل عمر أكبرها إلى أكثر من ألف سنة، وبعضهم يشير إلى 2500 سنة. كما تضم 375 شجرة يصل عمرها إلى بضع مئات من السنين من بينها اربع يصل ارتفاعها إلى 35 مترا وقطرها بين 12 و 14 مترا. وتمتاز هذه الأشجار باستقامة جذوعها، وبأغصانها المروحية الشكل التي تنبثق متعامرة مع الجذوع.[10]

معرض الصور

مراجع

  1. ^ أ ب "The Bsharré Cedars of Lebanon as seen by Travellers" (PDF). 2001. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2023-09-12. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الاستشهاد بدورية محكمة يطلب |دورية محكمة= (مساعدة) والوسيط |الأول= يفتقد |الأخير= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
  2. ^ "The Cedars". www.middleeast.com. مؤرشف من الأصل في 2023-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-05.
  3. ^ أ ب "Blue Planet Biomes - Lebanon Cedar". blueplanetbiomes.org. مؤرشف من الأصل في 2023-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-05.
  4. ^ أ ب "Tourism @ Lebanon.com". www.lebanon.com. مؤرشف من الأصل في 2023-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-06.
  5. ^ "Welcome to Our Lady Of Lebanon Maronite Church's Homepage". web.archive.org. 2 يونيو 2009. مؤرشف من الأصل في 2009-06-02. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-06.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  6. ^ P. Belon, De Arboribus Coniferis. 1553, p.4, quoted by J. C. Loudon, Arboretum and Fruticetum. London, 1844, vol.4, p.2409
  7. ^ K.H. Dannenfeldt, Leonard Rauwolff, sixteenth century physician, botanist and traveler, Cambridge, Mass.: Harvard Univ. Press, 1970
  8. ^ Jean de Thévenot, Voyage du Levant, part 1, p.221, 443 (1664)
  9. ^ مجلة الجيش (اللبناني) - العدد 349 الصادر في تموز 2014 - مقال بعنوان ( غابة أرز بشري ) - إعداد: تريز منصور
  10. ^ جريدة الشرق الأوسط - الاربعـاء 01 ربيـع الاول 1430 هـ 25 فبراير 2009 العدد 11047 - مقال بعنوان (غابة الأرز تستقبل الزائر بالـ «أهلا وسهلا» ) - الكاتب مارون حداد