هذه مقالةٌ جيّدةٌ، وتعد من أجود محتويات أرابيكا. انقر هنا للمزيد من المعلومات.

إبراهيم بن الأغلب: الفرق بين النسختين

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ط (استبدال قوالب (بداية قصيدة، بيت ، شطر، نهاية قصيدة) -> أبيات)
 
لا ملخص تعديل
 
سطر 1: سطر 1:
{{مراجعة الزملاء|16 ديسمبر 2023}}
{{صندوق معلومات ملكية
{{صندوق معلومات ملكية
| سابقة تشريفية =
| الاسم           = إبراهيم بن الأغلب التميمي
| الاسم = إبراهيم بن الأغلب التميمي
| الصورة         = إبراهيم_بن_الأغلب.png
| لاحقة تشريفية =
| تاريخ الولادة   = [[140 هـ]] / [[757]]م
| الاسم الأصلي =
| مكان الولادة   = [[مرو الروذ|مرو]]، {{الدولة العباسية}}
| لغة الاسم الأصلي =
| تاريخ الوفاة   = [[196 هـ]] / [[812]]م (56 سنة)
| الصورة = إبراهيم_بن_الأغلب.png
| مكان الوفاة   = [[القيروان]]، {{الدولة الأغلبية}}
| حجم الصورة =
| مكان الدفن     = [[القيروان]]
| اسم الولادة =
| نوع-الحكم     = [[ملكية وراثية]]
| تاريخ الولادة = [[140 هـ]] / [[757]]م
| فترة الحكم     = [[184 هـ]] -  [[196 هـ]]
| مكان الولادة = [[مرو الروذ|مرو]]، {{الدولة العباسية}}
| تاريخ التتويج = [[184 هـ]] / [[800]]م
| تاريخ الوفاة = [[196 هـ]] / [[812]]م (56 سنة)
| ولي العهد     = [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله بن إبراهيم]]
| مكان الوفاة = [[القيروان]]، {{الدولة الأغلبية}}
| الحاكم اللاحق   = [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله الأول]]
| سبب الوفاة =
| الديانة       = [[الإسلام|مسلم]] [[أهل السنة والجماعة|سني]]
| مكان الدفن = [[القيروان]]
| الأبناء         = [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله الأول]]<br />[[أبو محمد زيادة الله بن إبراهيم|زيادة الله الأول]]<br />[[أبو عقال الأغلب بن إبراهيم|الأغلب الثاني]]
| تاريخ الدفن =
| العائلة الملكية= [[بنو الأغلب]]
| معالم =
| الأب           = [[الأغلب بن سالم التميمي]]
| المعمودية =
| الخلافة =
| معلومات أخرى =
| نوع-الحكم = [[ملكية وراثية]]
| فترة الحكم = [[184 هـ]] -  [[196 هـ]]
| تاريخ التتويج = [[184 هـ]] / [[800]]م
| تقليد المنصب =
| ولي العهد = [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله بن إبراهيم]]
| وصي العرش =
| الحاكم السابق =
| الحاكم اللاحق = [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله الأول]]
| queen =
| consort =
| consortreign =
| consortto =
| native_lang1 =
| native_lang1_name1 =
| native_lang2 =
| native_lang2_name1 =
| native_lang3 =
| native_lang3_name1 =
| native_lang4 =
| native_lang4_name1 =
| native_lang5 =
| native_lang5_name1 =
| native_lang6 =
| native_lang6_name1 =
| native_lang7 =
| native_lang7_name1 =
| native_lang8 =
| native_lang8_name1 =
| othertitles =
| الخلافة1 =
| معلومات أخرى1 =
| نوع-الحكم1 =
| فترة الحكم1 =
| تاريخ التتويج1 =
| تقليد المنصب1 =
| ولي العهد1 =
| وصي العرش1 =
| الحاكم السابق1 =
| الحاكم اللاحق1 =
| الإقامة =
| الجنسية =
| أسماء أخرى =
| اللقب =
| الكنية =
| عرقية =
| مواطنة = {{الدولة الأغلبية}}
| تعليم =
| المهنة =
| تعلم لدى =
| النشيد الملكي =
| الشعار الملكي =
| اشتهر بـ =
| الديانة = [[الإسلام|مسلم]] [[أهل السنة والجماعة|سني]]
| الزوج =
| الأبناء = [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله الأول]]<br />[[أبو محمد زيادة الله بن إبراهيم|زيادة الله الأول]]<br />[[أبو عقال الأغلب بن إبراهيم|الأغلب الثاني]]
| العائلة الملكية = [[بنو الأغلب]]
| الأب = [[الأغلب بن سالم التميمي]]
}}
}}
'''أبو عبد الله إبراهيم بن الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة السعدي التميمي''' ([[140 هـ]] - [[196 هـ]] / [[757]]م - [[812]]م)<ref>{{استشهاد مختصر|الزركلي|2002|ج=1|ص=33}}</ref> مؤسس وأول ملوك [[الدولة الأغلبية]] التي حكمت بين عامي ([[184 هـ]] - [[296 هـ]] / [[800]]م - [[909]]م) في [[المغرب العربي]] و[[أوروبا الجنوبية|جنوب أوروبا]] في ما يعرف اليوم ب[[تونس]] و[[ليبيا]] و[[الجزائر]] وأجزاء واسعة من [[فرنسا]] و[[إيطاليا]] و جزر [[صقلية]] و[[سردينيا|سردانية]] و[[مالطا|مالطة]] لمدة قرن ونيف وتعاقب على المُلَك فيها عشرة ملوك من أولاده وأحفاده.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن وردان|1988|ج=|ص=53 - 62}}</ref>
'''أبو عبد الله إبراهيم بن الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة السعدي التميمي''' ([[140 هـ]] - [[196 هـ]] / [[757]]م - [[812]]م)<ref>{{استشهاد مختصر|الزركلي|2002|ج=1|ص=33}}</ref> مؤسس [[الدولة الأغلبية]] وأول ملوكها، والتي حكمت بين عامي ([[184 هـ]] - [[296 هـ]] / [[800]]م - [[909]]م) وتوسعت في [[المغرب العربي]] و[[أوروبا الجنوبية|جنوب أوروبا]] في ما يعرف اليوم ب[[تونس]] و[[ليبيا]] و[[الجزائر]] وأجزاء واسعة من [[فرنسا]] و[[إيطاليا]] وجزر [[صقلية]] و[[سردينيا|سردانية]] و[[مالطا|مالطة]] لمدة قرن ونيف وتعاقب على المُلَك فيها عشرة ملوك من أولاده وأحفاده.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن وردان|1988|ج=|ص=53 - 62}}</ref>


جمع إبراهيم بين الفروسية و الشجاعة والتدين فقد كان فارساً، شجاعاً، بطلاً، شاعراً، عالماً فقيهاً حافظاً [[القرآن|للقران الكريم]] وكان من تلاميذ [[الليث بن سعد]] قال [[ابن عذاري]]: {{اقتباس مضمن|كان إبراهيم بن الأغلب التميمي فقيهاً، أدبياً، شاعراً، خطيباً، ذا رأي ونجدة وبأس وحزم وعلم بالحروب ومكايدها، جري الجنان، طويل اللسان، لم يلي إفريقية أحسن سيرة منه، ولا أحسن سياسة، ولا أرأف برعية، ولا أوفى بعهد لحرمة منه، فطاعت له القبائل، وتمهدت إفريقية في أيامه، واستقامت الأحوال بها، وملك إبراهيم إفريقية، وقمع أهل الشرور فيها وضبط أمورها}}.<ref name="ReferenceA">{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=130}}</ref>
جمع إبراهيم بين الفروسية والشجاعة والتدين فقد كان فارساً، شجاعاً، بطلاً، شاعراً، عالماً فقيهاً حافظاً [[القرآن|للقرآن الكريم]] وكان من تلاميذ [[الليث بن سعد]] قال [[ابن عذاري]]: {{اقتباس مضمن|كان إبراهيم بن الأغلب التميمي فقيهاً، أدبياً، شاعراً، خطيباً، ذا رأي ونجدة وبأس وحزم وعلم بالحروب ومكايدها، جري الجنان، طويل اللسان، لم يلِ إفريقية أحسن سيرة منه، ولا أحسن سياسة، ولا أرأف برعية، ولا أوفى بعهد لحرمة منه، فطاعت له القبائل، وتمهدت إفريقية في أيامه، واستقامت الأحوال بها، وملك إبراهيم إفريقية، وقمع أهل الشرور فيها وضبط أمورها}}.<ref name="ReferenceA">{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=130}}</ref>


وصل إبراهيم بن الأغلب إلى الحكم في إفريقية بعد ثورة [[تمام بن تميم التميمي]] على [[محمد بن مقاتل العكي]] عامل [[الدولة العباسية|العباسيين]] والذي انتصر على العكي وطرده إلى المشرق، فخرج إبراهيم بمن أطاعه من الجند وحارب تمام وانتصر عليه واستولى على [[القيروان]] عاصمة إفريقية ودخل دار الإمارة وبذلك عمل إبراهيم على تأسيس نواة دولةٍ قويةٍ وحارب الخارجين عليه وكان لدولته شأن عظيم ودام مُلكه حتى وفاته عام 196 هـ وكانت دولته اثني عشر عاماً و أربعة أشهر، وخلفه في الحكم أكبر أولاده [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله الأول]] قال شمس الدين الذهبي: {{اقتباس مضمن|كان إبراهيم فَصِيْحاً، خَطِيْباً، شَاعِراً، ذَا دِيْنٍ، وَفِقهٍ، وَحَزْمٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَسُؤْدُدٍ عاش ستاً وخمسين سنة وتوفي في شوال سنة ست وتسعين ومائة وقام بعده بالمُلك ابنه عبد الله}}.<ref>{{استشهاد مختصر|الذهبي|1985|ج=9|ص=129}}</ref>
وصل إبراهيم بن الأغلب إلى الحكم في إفريقية بعد ثورة [[تمام بن تميم التميمي]] على [[محمد بن مقاتل العكي]] عامل [[الدولة العباسية|العباسيين]]، والذي انتصر على العكي وطرده إلى المشرق، فخرج إبراهيم بمن أطاعه من الجند وحارب تمام وانتصر عليه واستولى على [[القيروان]] عاصمة إفريقية ودخل دار الإمارة وبذلك عمل إبراهيم على تأسيس نواة دولةٍ قويةٍ وحارب الخارجين عليه، وكان لدولته شأن عظيم ودام مُلكه حتى وفاته عام 196 هـ، وكانت دولته اثني عشر عاماً وأربعة أشهر، وخلفه في الحكم أكبر أولاده [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله الأول]]، قال [[شمس الدين الذهبي]]: {{اقتباس مضمن|كان إبراهيم فَصِيْحاً، خَطِيْباً، شَاعِراً، ذَا دِيْنٍ، وَفِقهٍ، وَحَزْمٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَسُؤْدُدٍ عاش ستاً وخمسين سنة وتوفي في شوال سنة ست وتسعين ومائة وقام بعده بالمُلك ابنه عبد الله}}.<ref>{{استشهاد مختصر|الذهبي|1985|ج=9|ص=129}}</ref>


== نسبه ونشأته ==
== نسبه ونشأته ==
'''هو''': إبراهيم بن الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة بن عباد بن عبد الله بن محمد بن سعد بن حرام بن سعد بن مالك بن [[سعد بن زيد مناة]] بن [[تميم بن مر]] بن أد بن [[طابخة بن إلياس|عمرو]] بن [[إلياس بن مضر|إلياس]] بن [[مضر|مُضَر]] بن [[نزار بن معد|نزار]] بن [[معد بن عدنان|معد]] بن [[عدنان]] السعدي [[بنو تميم|التميمي]] يُكَنى بأبي عبد الله.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن حزم|1983|ج=|ص=221}}</ref>
=== نسبه ===
هو إبراهيم بن الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة بن عباد بن عبد الله بن محمد بن سعد بن حرام بن سعد بن مالك بن [[سعد بن زيد مناة]] بن [[تميم بن مر]] بن أد بن [[طابخة بن إلياس|عمرو]] بن [[إلياس بن مضر|إلياس]] بن [[مضر|مُضَر]] بن [[نزار بن معد|نزار]] بن [[معد بن عدنان|معد]] بن [[عدنان]] السعدي [[بنو تميم|التميمي]]، يُكَنى بأبي عبد الله.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن حزم|1983|ج=|ص=221}}</ref>


ولد إبراهيم بن الأغلب في [[مرو الروذ|مدينة مرو]] عاصمة [[خراسان الكبرى|إقليم خراسان]] في سنة ([[140 هـ]]/[[757]]م) ونشأ في كنف والده الأمير [[الأغلب بن سالم التميمي]].<ref>{{استشهاد مختصر|الذهبي|2003|ج=4|ص=1065}}</ref> وكان الأغلب من نقباء [[بنو العباس|بني العباس]] وكان له دور كبير في تأسيس [[الدولة العباسية]] والقضاء على [[الدولة الأموية]].<ref>{{استشهاد مختصر|ابن حبيب|1942|ج=|ص=465}}</ref> ويُعَد الأغلب من أكبر وأهم قادة الخليفة [[أبو جعفر المنصور|أبي جعفر المنصور]] وقد ولاه أميراً على بلاد إفريقية والمغرب عام [[148 هـ]] وبقي أميراً عليها لسنتين حتى توفي عام [[150 هـ]] وكان لإبراهيم من العُمَر يوم وفاة أبيه عشر سنين.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=108}}</ref>
=== مولده ونشأته ===
ولد إبراهيم بن الأغلب في [[مرو الروذ|مدينة مرو]] عاصمة [[خراسان الكبرى|إقليم خراسان]] في سنة ([[140 هـ]]/[[757]]م) ونشأ في كنف والده الأمير [[الأغلب بن سالم التميمي]].<ref>{{استشهاد مختصر|الذهبي|2003|ج=4|ص=1065}}</ref> وكان الأغلب من نقباء [[بنو العباس|بني العباس]] وكان له دور كبير في تأسيس [[الدولة العباسية]] والقضاء على [[الدولة الأموية]].<ref>{{استشهاد مختصر|ابن حبيب|1942|ج=|ص=465}}</ref> ويُعَد الأغلب من أكبر قادة الخليفة [[أبو جعفر المنصور|أبي جعفر المنصور]] وأهمهم، وقد ولاه أميراً على بلاد إفريقية والمغرب عام [[148 هـ]] وبقي أميراً عليها لسنتين حتى توفي عام [[150 هـ]] وكان لإبراهيم من العُمَر يوم وفاة أبيه عشر سنين.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=108}}</ref>


وكان إبراهيم ينتمي إلى [[بنو تميم|بني تميم]] التي تُعَد من أكبر قبائل العرب، وأكثرها عدداً، وأوسعها إنتشاراً وقد شارك أبناء هذه القبيلة في فتح خراسان زمن [[عمر بن الخطاب]] ومما يدل على كثرتهم هُنَاك ما ذكره [[محمد بن جرير الطبري|الطبري]] أن الخليفة الأموي [[هشام بن عبد الملك]] قال: {{اقتباس مضمن|إن [[بنو تميم|تميماً]] أكثر أهل [[خراسان الكبرى|خراسان]]}}.<ref>{{استشهاد مختصر|الطبري|1967|ج=7|ص=157}}</ref> وذكر [[معمر بن المثنى|أبو عبيدة البصري]] أن عدد المقاتلين المسجلة أسمائهم في ديوان الجند من بني تميم في سنة [[96 هـ]] أكثر من أربع وعشرين ألف مقاتل.<ref>{{استشهاد مختصر|أبو عبيدة|1998|ج=2|ص=539}}</ref>
وكان إبراهيم ينتمي إلى [[بنو تميم|بني تميم]] التي تُعَد من أكبر قبائل العرب، وأكثرها عدداً، وأوسعها انتشاراً وقد شارك أبناء هذه القبيلة في فتح خراسان زمن [[عمر بن الخطاب]] ومما يدل على كثرتهم هُنَاك ما ذكره [[محمد بن جرير الطبري|الطبري]] أن الخليفة الأموي [[هشام بن عبد الملك]] قال: {{اقتباس مضمن|إن [[بنو تميم|تميماً]] أكثر أهل [[خراسان الكبرى|خراسان]]}}.<ref>{{استشهاد مختصر|الطبري|1967|ج=7|ص=157}}</ref> وذكر [[معمر بن المثنى|أبو عبيدة البصري]] أن عدد المقاتلين المسجلة أسمائهم في ديوان الجند من بني تميم في سنة [[96 هـ]] أكثر من أربع وعشرين ألف مقاتل.<ref>{{استشهاد مختصر|أبو عبيدة|1998|ج=2|ص=539}}</ref>


وقد حفظ إبراهيم بن الأغلب [[القرآن|القران الكريم]] في صغره كاملاً، وطلب العلم في [[مصر]] وأخذ عن [[الليث بن سعد]] وغيره، وكان الليث يكرمه ويفضله على غيره قال [[شمس الدين الذهبي]]: {{اقتباس مضمن|كان إبراهيم بن الأغلب فقيهاً، ديناً، خطيباً، شاعراً، ذا رأي وحزم وبأس ونجدة وسيادة وحُسَن سيرة، وقد طلب العلم وأخذ عن الليث بن سعد وغيره وكان الليث يكرمه}}.<ref>{{استشهاد مختصر|الذهبي|2003|ج=4|ص=1064}}</ref> وقد توسم فيه الليث بن سعد صفات السيادة والرئاسة والحُكم مُنَذُ صغره وقال عنه: {{اقتباس مضمن|ليكونن لهذا الفتى شأن}}.<ref name="ReferenceA"/>
وقد حفظ إبراهيم بن الأغلب [[القرآن|القران الكريم]] في صغره كاملاً، وطلب العلم في [[مصر]] وأخذ عن [[الليث بن سعد]] وغيره، وكان الليث يكرمه ويفضله على غيره، قال [[شمس الدين الذهبي]]: {{اقتباس مضمن|كان إبراهيم بن الأغلب فقيهاً، ديّناً، خطيباً، شاعراً، ذا رأي وحزم وبأس ونجدة وسيادة وحُسَن سيرة، وقد طلب العلم وأخذ عن الليث بن سعد وغيره وكان الليث يكرمه}}.<ref>{{استشهاد مختصر|الذهبي|2003|ج=4|ص=1064}}</ref> وقد توسم فيه الليث بن سعد صفات السيادة والرئاسة والحُكم مُنَذُ صغره، وقال عنه: {{اقتباس مضمن|ليكونن لهذا الفتى شأن}}.<ref name="ReferenceA"/>


== حياته قبل الملك ==
== حياته قبل الملك ==
[[ملف:Abbasid Caliphate most extant.png|تصغير|300بك|خريطة الدولة العباسية في أقصى إتساعها.]]
[[ملف:Abbasids850.png|تصغير|300بك|خريطة الدولة العباسية في أقصى اتساعها.]]
عاش إبراهيم بن الأغلب أول حياته في مصر ولما شبّ لم تطب له الإقامة فيها، فخرج ومعه اثني عشراً رجلاً إلى إفريقية ودخلها وذلك في ولاية القائد [[هرثمة بن أعين]] عليها عام [[179 هـ]] فأكرمه هرثمة، وما لبث هرثمة في إمارته على إفريقية حتى طلب من الخليفة [[هارون الرشيد]] عزله بسبب ما رأهُ من كثرة الخلافات بين جند إفريقية وكثرة [[خوارج|الخوارج]] والعصبية القبلية فيها.<ref>{{استشهاد مختصر|النويري|2002|ج=24|ص=95 - 96}}</ref>
عاش إبراهيم بن الأغلب أول حياته في مصر ولما شبّ لم تطب له الإقامة فيها، فخرج ومعه اثنا عشر رجلاً إلى إفريقية ودخلها وذلك في ولاية القائد [[هرثمة بن أعين]] عليها عام [[179 هـ]] فأكرمه هرثمة، ولبث هرثمة في إمارته على إفريقية حتى طلب من الخليفة [[هارون الرشيد]] عزله بسبب ما رآهُ من كثرة الخلافات بين جند إفريقية وكثرة [[خوارج|الخوارج]] والعصبية القبلية فيها.<ref>{{استشهاد مختصر|النويري|2002|ج=24|ص=95 - 96}}</ref>


قام [[هارون الرشيد]] بقبول طلب هرثمة وعزله عن إفريقية وولى عليها مكانه [[محمد بن مقاتل العكي]]، ولم يكن ابن مقاتل محمود السيرة ولا من أهل السياسة فساءت سيرته بين الجند وكان من أهم ما فعله من سوء السيرة جلده للعالم [[البهلول بن راشد]] بالسياط ثم سجنه حتى مات، وقام ابن مقاتل بإنقاص اعطيات الجند وأساء السيرة أيضاً في الرعية، فخلعه أمير تونس [[تمام بن تميم التميمي]] وحاربه ابن مقاتل لكنه انهزم وتحصن في دار الإمارة في [[القيروان]]، ودخل تمام بن تميم القيروان وحاصره في دار الإمارة ثم أعطاه تمام الأمان على نفسه وماله وأهله على أن يخرج من إفريقية كلها فخرج العكي إلى المشرق واستولى تمام على بلاد إفريقية.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=126 - 127}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=21}}</ref>
قبل [[هارون الرشيد]] طلب هرثمة وعزله عن إفريقية وولى عليها مكانه [[محمد بن مقاتل العكي]]، ولم يكن ابن مقاتل محمود السيرة ولا من أهل السياسة، فساءت سيرته بين الجند وكان من أهم ما فعله من سوء السيرة جلده للعالم [[البهلول بن راشد]] بالسياط ثم سجنه حتى مات، وأنقص ابن مقاتل أعطيات الجند وأساء السيرة أيضاً في الرعية، فخلعه أمير تونس [[تمام بن تميم التميمي]] وحاربه ابن مقاتل لكنه انهزم وتحصن في دار الإمارة في [[القيروان]]، ودخل تمام بن تميم القيروان وحاصره في دار الإمارة ثم أعطاه تمام الأمان على نفسه وماله وأهله على أن يخرج من إفريقية كلها، فخرج العكي إلى المشرق واستولى تمام على بلاد إفريقية.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=126 - 127}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=21}}</ref>


وكان إبراهيم بن الأغلب في تلك الأثناء في [[الزاب (الجزائر)|بلاد الزاب]] في أقصى غرب إفريقية يراقب الأوضاع بين تمام والعكي ولما رأى ضعف العكي وانهزامه وطرده من ولايته، جمع إبراهيم أهل بيته ومن أطاعه من أهل الزاب وسار بهم إلى القيروان، فخرج تمام لقتاله، ووقعت معركة بين الطرفين قرب القيروان في عام [[184 هـ]] انهزم فيها تمام وترك القيروان ودخلها إبراهيم ورد ابن مقاتل العكي المطرود عنها وقال في ذلك:<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأبار|1985|ج=1|ص=96}}</ref>
وكان إبراهيم بن الأغلب في تلك الأثناء في [[الزاب (الجزائر)|بلاد الزاب]] في أقصى غرب إفريقية يراقب الأوضاع بين تمام والعكي ولما رأى ضعف العكي وانهزامه وطرده من ولايته، جمع إبراهيم أهل بيته ومن أطاعه من أهل الزاب وسار بهم إلى القيروان، فخرج تمام لقتاله، ووقعت معركة بين الطرفين قرب القيروان في عام [[184 هـ]] انهزم فيها تمام وترك القيروان ودخلها إبراهيم ورد ابن مقاتل العكي المطرود عنها وقال في ذلك:<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأبار|1985|ج=1|ص=96}}</ref>
سطر 103: سطر 44:
ألم ترني رددت طريد عك\\وَقد نزحت بِهِ أَيدي الركاب
ألم ترني رددت طريد عك\\وَقد نزحت بِهِ أَيدي الركاب
أخذت الثغر فِي سبعين منا\\وَقد أوفى على شرف الذّهاب}}
أخذت الثغر فِي سبعين منا\\وَقد أوفى على شرف الذّهاب}}
وكان إبراهيم قد خرج من الزاب في سبعين فارساً من أهل بيته وقومه فقيل له إلى أين ؟ قال: أطلب المُلك، فقيل له: أتطلب المُلك بهذا العدد القليل وجموع تمام عدد عظيم لا نأمن عليك، فلم يستمع إبراهيم إليهم وخرج لقتال تمام وظفر به ودخل دار الإمارة.<ref>{{استشهاد مختصر|الصفدي|2000|ج=5|ص=215}}</ref> ولما رأى الرشيد ذلك وكثرة الفتن بإفريقية وإنشغاله بالفتن في المشرق في [[العراق]] [[بلاد فارس|وبلاد فارس]] و[[خراسان الكبرى|خراسان]] وخوفه من زيادة نفوذ [[الدولة الأموية في الأندلس|الأمويين في الأندلس]] و[[الدولة الإدريسية|الأدارسة]] في [[المغرب الأقصى]] عقد اتفاقاً مع إبراهيم بن الأغلب على أن يوليه المُلك في [[المغرب العربي|المغرب]] وأولاده من بعده على أن يخطب للخليفة العباسي في منابر المغرب وبذلك تأسست [[الدولة الأغلبية]] وصار إبراهيم بن الأغلب أول ملوكها.<ref>{{استشهاد مختصر|اليعقوبي|1995|ج=2|ص=411 - 412}}</ref> ويذكر [[محمود إسماعيل عبد الرزاق|محمد إسماعيل]] أن إبراهيم بن الأغلب كان يرغب في تأسيس ملكٍ وراثي، وقد تحققت أماله فيما وصله إليه من مكانة مرموقة بعد إعادة العكي، وبفضل جيش الزاب الموالي له الذي مكنه من الظهور على مسرح الأحداث في إفريقية كأقوى رجلٍ فيها فضلاً عن تعلق قبائل البربر به ومحبتهم له كقائدٍ يحقق لهم أمانيهم في الإستقلال.<ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=27}}</ref>
وكان إبراهيم قد خرج من الزاب في سبعين فارساً من أهل بيته وقومه فقيل له: إلى أين؟ قال: أطلب المُلك، فقيل له: أتطلب المُلك بهذا العدد القليل وجموع تمام عدد عظيم لا نأمن عليك، فلم يستمع إبراهيم إليهم وخرج لقتال تمام وظفر به ودخل دار الإمارة.<ref>{{استشهاد مختصر|الصفدي|2000|ج=5|ص=215}}</ref> ولما رأى الرشيد ذلك وكثرة الفتن بإفريقية ولانشغاله بالفتن في المشرق في [[العراق]] [[بلاد فارس|وبلاد فارس]] و[[خراسان الكبرى|خراسان]] وخوفه من زيادة نفوذ [[الدولة الأموية في الأندلس|الأمويين في الأندلس]] و[[الدولة الإدريسية|الأدارسة]] في [[المغرب الأقصى]] عقد اتفاقاً مع إبراهيم بن الأغلب على أن يوليه المُلك في [[المغرب العربي|المغرب]] وأولادَه من بعده على أن يخطب للخليفة العباسي في منابر المغرب وبذلك تأسست [[الدولة الأغلبية]] وصار إبراهيمُ بن الأغلب أولَ ملوكها.<ref>{{استشهاد مختصر|اليعقوبي|1995|ج=2|ص=411 - 412}}</ref> ويذكر [[محمود إسماعيل عبد الرزاق|محمد إسماعيل]] أن إبراهيم بن الأغلب كان يرغب في تأسيس ملكٍ وراثي، وقد تحققت آماله فيما وصله إليه من مكانة مرموقة بعد إعادة العكي، وبفضل جيش الزاب الموالي له الذي مكنه من الظهور على مسرح الأحداث في إفريقية كأقوى رجلٍ فيها فضلاً عن تعلق قبائل البربر به ومحبتهم له قائداً يحقق لهم أمانيهم.<ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=27}}</ref>


وكانت الدولة الأغلبية أول دولة في إفريقية تستقل عن [[الدولة العباسية|الخلافة العباسية]] إذ كان يحكمها قبلهم ولاة يتم تعيينهم من قبل الخليفة العباسي في [[بغداد]] قال [[شهاب الدين النويري]]: {{اقتباس مضمن|كانت دولة بني الأغلب أول دولة قامت بإفريقية وجرى عليها اسم الدولة}}.<ref name="مولد تلقائيا1">{{استشهاد مختصر|النويري|2002|ج=24|ص=100}}</ref>
وكانت الدولة الأغلبية أول دولة في إفريقية تستقل عن [[الدولة العباسية|الخلافة العباسية]] إذ كان يحكمها قبلهم ولاة يُعينهم الخليفة العباسي في [[بغداد]]، قال [[شهاب الدين النويري]]: {{اقتباس مضمن|كانت دولة بني الأغلب أول دولةٍ قامت بإفريقية وجرى عليها اسم الدولة}}.<ref name="مولد تلقائيا1">{{استشهاد مختصر|النويري|2002|ج=24|ص=100}}</ref>


== عهده ==
== عهده ==
=== الإصلاحات الداخلية ===
=== الإصلاحات الداخلية ===
[[ملف:TUNISIE KAIROUAN 02.jpg|تصغير|180بك|صورة جامع مدينة القيروان]]
[[ملف:TUNISIE KAIROUAN 02.jpg|تصغير|180بك|صورة جامع مدينة القيروان]]
بدا إبراهيم بن الأغلب بتأسيس نواة دولةٍ قوية أستمرت بعده لأكثر من قرن من الزمان، فقد حرص على بناء جيش قوي يكون ولاهُ للدولة الأغلبية وملكها فقط وقام ببناء مدينةٍ جديدة وجعلها دار ملكه ونقل إليها جنوده وثقاته وخواصه.
بدأ إبراهيم بن الأغلب بتأسيس نواة دولةٍ قوية استمرت بعده لأكثرَ من قرنٍ من الزمان، فقد حرص على بناء جيش قوي يكون ولاؤهُ للدولة الأغلبية وملكها فقط وبنى مدينةً جديدةً وجعلها دار ملكه ونقل إليها جنوده وثقاته وخواصه.


==== بناء مدينة القصر القديم ====
==== بناء مدينة القصر القديم ====
شرع إبراهيم في أول عهده في بنى مدينةٍ جديدة عُرَفت باسم القصر القديم وأسس فيها دواوين الدولة وبنى فيها قصراً له صار فيما بعد مقرً لملوك الأغالبة، وجعل فيه أفراد جيشه، والسلاح، والأموال قال [[أبو عبيد البكري]]: {{اقتباس مضمن|أسس إبراهيم بن الأغلب مدينة القصر القديم سنة أربع وثمانين ومائة، وصارت دار أمراء الأغالبة، وهي تبعد عن مدينة القيروان ثلاثة أميال منها، وبنى بها جامع له صومعة مستديرة مبنية بالأجر والعمد سبع طبقات لم يبن أحكم منها ولا أحسن منظراً، وبالمدينة حمامات كثيرة وفنادق وأسواق جمة ومواجل للماء حتى أن القيروان إذا قحطت وفقد الماء منها نقلوا الماء إليها من مدينة القصر وكان لها خمسة أبواب وهي: باب الرحمة، وباب الحديد، وباب غلبون، وباب الريح، وباب السعادة}}.<ref>{{استشهاد مختصر|البكري|1992|ج=2|ص=680}}</ref>
شرع إبراهيم في أول عهده في بناء مدينةٍ جديدة عُرَفت باسم القصر القديم وأسس فيها دواوين الدولة وبنى فيها قصراً له صار فيما بعد مقرً ملوك الأغالبة، وجعل فيه أفراد جيشه، والسلاح، والأموال، قال [[أبو عبيد البكري]]: {{اقتباس مضمن|أسس إبراهيم بن الأغلب مدينة القصر القديم سنة أربع وثمانين ومائة، وصارت دار أمراء الأغالبة، وهي تبعد عن مدينة القيروان ثلاثة أميال منها، وبنى بها جامعاً له صومعة مستديرة مبنية بالأجر والعمد سبع طبقات لم يٌبْنَ أحكمَ منها ولا أحسنَ منظراً، وبالمدينة حمامات كثيرة وفنادق وأسواق جمة ومواجل للماء حتى إن القيروان إذا قحطت وفقد الماء منها نقلوا الماء إليها من مدينة القصر وكان لها خمسة أبواب وهي: باب الرحمة، وباب الحديد، وباب غلبون، وباب الريح، وباب السعادة}}.<ref>{{استشهاد مختصر|البكري|1992|ج=2|ص=680}}</ref>


وذكر [[ياقوت الحموي]] في [[معجم البلدان]] أن هذه المدينة بقيت مقر لملوك الأغالبة حتى خُربت بعمارة [[رقادة|مدينة رقادة]] التي بناها الملك الأغلبي [[إبراهيم بن أحمد الأغلبي|إبراهيم الثاني بن أحمد بن مُحَمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب]] عام [[264 هـ]].<ref>{{استشهاد مختصر|الحموي|1977|ج=4|ص=362}}</ref> وقال [[ابن عذاري]]: {{اقتباس مضمن|شرع إبراهيم في بناء مدينة القصر القديم وصار بعد ذلك دار الأمراء، وكان على ثلاثة أميال من القيروان، وكان اشترى موضعه من بني طالوت، فبناه ونقل إليه السلاح، والجنود سراً وسكن حوله عبيده وأهل الثقة من خدمه}}.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=131}}</ref>
وذكر [[ياقوت الحموي]] في [[معجم البلدان]] أن هذه المدينة بقيت مقراً لملوك الأغالبة حتى خُربت بعمارة [[رقادة|مدينة رقادة]] التي بناها الملك الأغلبي [[إبراهيم بن أحمد الأغلبي|إبراهيم الثاني بن أحمد بن مُحَمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب]] عام [[264 هـ]].<ref>{{استشهاد مختصر|الحموي|1977|ج=4|ص=362}}</ref> وقال [[ابن عذاري]]: {{اقتباس مضمن|شرع إبراهيم في بناء مدينة القصر القديم وصار بعد ذلك دار الأمراء، وكان على ثلاثة أميال من القيروان، وكان اشترى موضعه من بني طالوت، فبناه ونقل إليه السلاح، والجنود سراً وسكن حوله عبيده وأهل الثقة من خدمه}}.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=131}}</ref>


==== تنظيم الجيش ====
==== تنظيم الجيش ====
[[ملف:Aghlabid.jpg|تصغير|250بك|راية الأغالبة السواد ويتوسطها عبارة لا غالب إلا الله]]
[[ملف:Aghlabid.jpg|تصغير|250بك|راية الأغالبة السواد ويتوسطها عبارة لا غالب إلا الله]]
قام إبراهيم بن الأغلب بشراء عدد كبير من الموالي لحمل سلاحه وجعلهم حرساً خاص له في قصره قال [[لسان الدين بن الخطيب]]: {{اقتباس مضمن|كان إبراهيم بن الأغلب أول من اتخذ العبيد لحمل سلاحه، واستكثر من طبقاتهم، واستغنى عن استعمال الرعية في شيءٍ من أموره}}.<ref name="مولد تلقائيا2">{{استشهاد مختصر|ابن الخطيب|2003|ج=2|ص=297}}</ref>
اشترى إبراهيم بن الأغلب عدداً كبيراً من الموالي لحمل السلاح وجعلهم حرساً خاصاً له في قصره، قال [[لسان الدين بن الخطيب]]: {{اقتباس مضمن|كان إبراهيم بن الأغلب أول من اتخذ العبيد لحمل سلاحه، واستكثر من طبقاتهم، واستغنى عن استعمال الرعية في شيءٍ من أموره}}.<ref name="مولد تلقائيا2">{{استشهاد مختصر|ابن الخطيب|2003|ج=2|ص=297}}</ref>


كما قام بالقبض على رؤوس الجند الذين اشتهر عنهم الخروج على من قبله ونشر الفتن بين عامة الجند وكبلهم ونفاهم إلى بلاد المشرق، وقام بزيادة أجور الجند ومراعات أحوالهم وقصده من ذلك إصلاح طاعتهم قال [[شهاب الدين النويري]]: {{اقتباس مضمن|لما تولى إبراهيم ملك إفريقية قمع أهل الشرور بها، وضبط البلاد، وأحسن إلى من بها، وبعث بأهل الشر الذين جرت عادتهم بمخالفة الأمراء والوثوب عليهم إلى بغداد، وكان يراعي أمور أجناده ويصلح طاعتهم، وأخذ إبراهيم في شراء العبيد لحمل سلاحه وانتقل بهم إلى المدينة الجديدة التي بناها على أميال من القيروان}}. وكانت هذه السياسة الجديدة التي أتخذها إبراهيم هي التي دفعت بعض القادة للخروج عليه لاحقاً.<ref>{{استشهاد مختصر|النويري|2002|ج=24|ص=102}}</ref>
كما قبض على رؤوس الجند الذين اشتهر عنهم الخروج على من قبله ونشر الفتن بين عامة الجند وكبلهم ونفاهم إلى بلاد المشرق، وزاد أجور الجند ومراعات أحوالهم وقصده من ذلك إصلاح طاعتهم قال [[شهاب الدين النويري]]: {{اقتباس مضمن|لما تولى إبراهيم ملك إفريقية قمع أهل الشرور بها، وضبط البلاد، وأحسن إلى من بها، وبعث بأهل الشر الذين جرت عادتهم بمخالفة الأمراء والوثوب عليهم إلى بغداد، وكان يراعي أمور أجناده ويصلح طاعتهم، وأخذ إبراهيم في شراء العبيد لحمل سلاحه وانتقل بهم إلى المدينة الجديدة التي بناها على أميال من القيروان}}. وكانت هذه السياسة الجديدة التي أتخذها إبراهيم هي التي دفعت بعض القادة للخروج عليه لاحقاً.<ref>{{استشهاد مختصر|النويري|2002|ج=24|ص=102}}</ref>


=== الثورات التي قامت ضده ===
=== الثورات التي قامت ضده ===
==== ثورة خريش بن عبد الرحمن الكندي ====
==== ثورة خريش بن عبد الرحمن الكندي ====
كانت أول الثورات التي قامت ضد إبراهيم بن الأغلب ثورة [[خريش بن عبد الرحمن الكندي]] وهو من زعماء [[كندة (قبيلة)|قبيلة كندة]] اليمانية وقد أزعجته الإصلاحات الإدارية والعسكرية التي قام بها ابن الأغلب، فأعلن العصيان والثورة عليه، وتبعه عشرة ألاف مقاتل من [[قحطانيون|العرب اليمانية]] و[[أمازيغ|القبائل البربرية]] وذلك في سنة [[186 هـ]] وعسكر في مدينة تونس، فسير إليه ابن الأغلب جيشاً وعليه [[عمران بن مجالد|عُمَران بن مُجَالد]]، ولما اقتربت قوات ابن الأغلب من تونس أشار أصحاب خريش عليه أن لا يقاتلوه في تونس فيعين أهل تونس جيش ابن الأغلب عليهم، فجعل خريش قطعةً من قواته في مدينة تونس، وخرج بالقسم الأكبر منهم والتقى مع قوات ابن الأغلب في موضعٍ يُقَال له سبخة على بعد سبعة أميالٍ من مدينة تونس وأقتتلوا قتالاً شديداً حتى كان الظفر لجيش ابن الأغلب فَقُتِل خريش وجمعً كبير من أصحابه، وهرب عدد قليل منهم إلى تونس، فطاردهم ابن مُجَالد بأمرٍ من ابن الأغلب وقتلهم جميعاً.<ref>{{استشهاد مختصر|النويري|2002|ج=24|ص=103}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأبار|1985|ج=1|ص=104}}</ref>
كانت أولى الثورات التي قامت ضد إبراهيم بن الأغلب ثورة [[خريش بن عبد الرحمن الكندي]] وهو من زعماء [[كندة (قبيلة)|قبيلة كندة]] اليمانية وقد ساءته الإصلاحات الإدارية والعسكرية التي عملها ابن الأغلب، فأعلن العصيان والثورة عليه، وتبعه عشرة ألاف مقاتل من [[قحطانيون|العرب اليمانية]] و[[أمازيغ|القبائل البربرية]] وذلك في سنة [[186 هـ]] وعسكر في مدينة تونس، فسير إليه ابن الأغلب جيشاً وعليه [[عمران بن مجالد|عُمَران بن مُجَالد]]، ولما اقتربت قوات ابن الأغلب من تونس أشار أصحاب خريش عليه أن لا يقاتل في تونس فيعين أهل تونس جيش ابن الأغلب عليهم، فجعل خريش قطعةً من قواته في مدينة تونس، وخرج بالقسم الأكبر منهم والتقى مع قوات ابن الأغلب في موضعٍ يُقَال له سبخة على بعد سبعة أميالٍ من تونس واقتتلوا قتالاً شديداً حتى كان الظفر لجيش ابن الأغلب فَقُتِل خريش وجمعٌ كبيرٌ من أصحابه، وهرب عدد قليل منهم إلى تونس، فطاردهم ابن مُجَالد بأمرٍ من ابن الأغلب وقتلهم جميعاً.<ref>{{استشهاد مختصر|النويري|2002|ج=24|ص=103}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأبار|1985|ج=1|ص=104}}</ref>


قال [[ابن الأثير الجزري]]: {{اقتباس مضمن|خرج خريش على إبراهيم بن الأغلب في سنة ست وثمانين ومائة، وهو رجل من أبناء العرب بمدينة تونس، ونزع السواد، وكثر جمعه، فبعث إليه ابن الأغلب عمران بن مجالد في عساكر كثيرة وأمره أن لا يبقي على أحدٍ منهم إن ظفر بهم، فسار عمران والتقوا واقتتلوا وصبر الفريقان ثم انهزم خريش ومن معه وأخذهم السيف فقُتِل منهم عشرة ألاف رجلٍ ودخل عمران تونس}}.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأثير|1997|ج=5|ص=318}}</ref> قال عامر بن المعمر بن سنان التيمي يمدح إبراهيم ويذكر شجاعته ودفاعه عن أهل المغرب:<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأبار|1985|ج=1|ص=107}}</ref>
قال [[ابن الأثير الجزري]]: {{اقتباس مضمن|خرج خريش على إبراهيم بن الأغلب في سنة ست وثمانين ومائة، وهو رجل من أبناء العرب بمدينة تونس، ونزع السواد،<ref group="هامش">شعار العباسيين وراينهم كنايةً عن خلع البيعة.</ref> وكثر جمعه، فبعث إليه ابن الأغلب عمران بن مجالد في عساكرَ كثيرةٍ وأمره أن لا يبقي على أحدٍ منهم إن ظفر بهم، فسار عمران والتقوا واقتتلوا وصبر الفريقان ثم انهزم خريش ومن معه وأخذهم السيف فقُتِل منهم عشرة آلاف رجلٍ ودخل عمران تونس}}.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأثير|1997|ج=5|ص=318}}</ref> قال عامر بن المعمر بن سنان التيمي يمدح إبراهيم ويذكر شجاعته ودفاعه عن أهل المغرب:<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأبار|1985|ج=1|ص=107}}</ref>
{{أبيات|
{{أبيات|
لولا دفاعك يا ابن أغلبٍ أصبحت\\أرض الغروب رهينة لفسادِ
لولا دفاعك يا ابن أغلبٍ أصبحت\\أرض الغروب رهينة لفسادِ
سطر 135: سطر 76:


==== تمرد القائد عمران بن مجالد ====
==== تمرد القائد عمران بن مجالد ====
كان [[عمران بن مجالد]] من وزراء إبراهيم بن الأغلب ومن أبرز قادة جيشه لكنه تمرد عليه وخلع طاعته وأعلن العصيان في سنة [[194 هـ]] وتبعه عشرة ألاف رجل من أهل القيروان وبعض رجال القبائل الناقمين على ابن الأغلب، فسير إبراهيم جيشاً لقتاله فَأنهزم عُمَران وقُتِل أكثر جيشه وهرب هو إلى [[الزاب (الجزائر)|بلاد الزاب]] في [[المغرب الأوسط]] وتخفى فيها، ثم إن عمران أرسل إلى إبراهيم بن الأغلب يطلب الأمان، فأمنه إبراهيم فعاد إلى القيروان وأقام فيها بعد أن جرده إبراهيم من جميع مناصبه السياسية.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأبار|1985|ج=1|ص=105}}</ref>
كان [[عمران بن مجالد]] من وزراء إبراهيم بن الأغلب ومن أبرز قادة جيشه لكنه تمرد عليه وخلع طاعته وأعلن العصيان في سنة [[194 هـ]] وتبعه عشرة آلاف رجل من أهل القيروان وبعض رجال القبائل الناقمين على ابن الأغلب، فسير إبراهيم جيشاً لقتاله فَأنهزم عُمَران وقُتِل أكثر جيشه وهرب هو إلى [[الزاب (الجزائر)|بلاد الزاب]] في [[المغرب الأوسط]] وتخفى فيها، ثم إن عمران أرسل إلى إبراهيم بن الأغلب يطلب الأمان، فأمنه إبراهيم فعاد إلى القيروان وأقام فيها بعد أن جرده إبراهيم من جميع مناصبه السياسية.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأبار|1985|ج=1|ص=105}}</ref>


وذكر [[ابن الأثير الجزري]] أن عمران حاول استمالة شيوخ الدين وحشدهم ضد ابن الأغلب وأرسل للقاضي [[أسد بن الفرات]] يدعوه لخلع طاعة ابن الأغلب والمشاركة معه في تمرده ولكن ابن الفرات امتنع من الخروج ولم يقبل بذلك، فأرسل إليه عمران ثانيةً يلح عليه بالخروج فأبى ابن الفرات بشدة.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأثير|1997|ج=5|ص=408}}</ref>
وذكر [[ابن الأثير الجزري]] أن عمران حاول استمالة شيوخ الدين وحشدهم ضد ابن الأغلب وأرسل للقاضي [[أسد بن الفرات]] يدعوه لخلع طاعة ابن الأغلب والمشاركة معه في تمرده ولكن ابن الفرات امتنع من الخروج ولم يقبل بذلك، فأرسل إليه عمران ثانيةً يلح عليه بالخروج فأبى ابن الفرات بشدة.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأثير|1997|ج=5|ص=408}}</ref>


==== ثورة قبيلة هوارة في طرابلس ====
==== ثورة قبيلة هوارة في طرابلس ====
كان الأمير [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله بن إبراهيم الأغلبي]] والياً على [[طرابلس]] من قبل أبيه، فثار عليه الجند في طرابلس وحاصروه في داره، ثم اتفقوا معه على أن يخرج عنهم وذلك في سنة [[196 هـ]] فلما كان عبد الله في الطريق بين طرابلس والقيروان لحق به بعض الجند وانضموا إليه وجائه عدد كبير من قبائل البربر الموالية للأغالبة فقوي أمره وعاد بهم إلى طرابلس وحارب الجند المتمردين فيها وظفر بهم، ودخل عبد الله المدينة وأمن الناس وأقام بها.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن خلدون|1981|ج=4|ص=251}}</ref>
كان الأمير [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله بن إبراهيم الأغلبي]] والياً على [[طرابلس]] من قبل أبيه، فثار عليه الجند في طرابلس وحاصروه في داره، ثم اتفقوا معه على أن يخرج عنهم وذلك في سنة [[196 هـ]] فلما كان عبد الله في الطريق بين طرابلس والقيروان لحق به بعض الجند وانضموا إليه وجاءَه عدد كبير من قبائل البربر الموالية للأغالبة فقوي أمره وعاد بهم إلى طرابلس وحارب الجند المتمردين فيها وظفر بهم، ودخل عبد الله المدينة وأمن الناس وأقام بها.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن خلدون|1981|ج=4|ص=251}}</ref>


ثم عزل إبراهيم ولده عبد الله عن إمارة طرابلس وكتب إليه يأمره بالقدوم عليه، وولى مكانه سُفَيان بن المضاء، فثارت [[هوارة|قبيلة هوارة]] عليه فحاربهم ابن المضاء لكنهم هزموه بعد أن قاتل قتالاً شديداً، وهرب قسم كبير من جيش ابن المضاء إلى إبراهيم بن الأغلب، ودخلت هوارة طرابلس وهدموا أسوارها، وبلغ ابن الأغلب ذلك فسير إليهم جيشاً من ثلاثة عشراً ألف مُقَاتل وجعل عليهم ابنه أبو العباس عبد الله فقاتلهم عبد الله قتالاً شديداً وظفر بقبيلة هوارة وقتل منهم خلقاً كثيراً ودخل طرابلس وبنى أسوارها وحصنها.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأثير|1997|ج=5|ص=435}}</ref>
ثم عزل إبراهيم ولده عبد الله عن إمارة طرابلس وكتب إليه يأمره بالقدوم عليه، وولى مكانه سُفَيان بن المضاء، فثارت [[هوارة|قبيلة هوارة]] عليه فحاربهم ابن المضاء لكنهم هزموه بعد أن قاتل قتالاً شديداً، وهرب قسم كبير من جيش ابن المضاء إلى إبراهيم بن الأغلب، ودخلت هوارة طرابلس وهدمت أسوارها، وبلغ ابن الأغلب ذلك فسير إليهم جيشاً من ثلاثة عشر ألف مُقَاتل وجعل عليهم ابنه أبو العباس عبد الله فقاتلهم قتالاً شديداً وظفر بقبيلة هوارة وقتل منهم خلقاً كثيراً ودخل طرابلس وبنى أسوارها وحصنها.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأثير|1997|ج=5|ص=435}}</ref>


== سياسته الخارجية ==
== سياسته الخارجية ==
=== العلاقات مع الخلافة العباسية ===
=== العلاقات مع الخلافة العباسية ===
حافظ إبراهيم بن الأغلب بعلاقاتٍ قوية مع [[الدولة العباسية|الخلافة العباسية]]، وكان يخطب للخلفاء العباسيين على منابر الجوامع في بلاده دون أن يسمح لهم بالتدخل في شؤون بلاده الداخلية، كما كان [[قائمة الخلفاء العباسيين|خلفاء بني العباس]] ينظرون إلى [[الدولة الأغلبية]] كحليفٍ مهمٍ لهم وحاجزٍ قوي يحمي حدودهم الغربية من الدول المعادية لهم [[الدولة الأموية في الأندلس|كالدولة الأموية في الأندلس]] و[[الدولة الإدريسية|الدولة الإدريسية في المغرب الأقصى]] و[[رستميون|الدولة الرستمية في غربي المغرب الأوسط]]، وعن العلاقات بين الأغالبة والعباسيين يقول [[شهاب الدين النويري]]: {{اقتباس مضمن|كانت دولة بني الأغلب أول دولة قامت بإفريقية وجرى عليها اسم الدولة، وكانت إفريقية من قبلهم عمالاً إذا مات أحدهم أو صدر منه ما يوجب العزل عزله من يكون له أمر المسلمين من الخلفاء في الدولة الأموية والعباسية، فلما قامت دولة الأغالبة كانت مستقلةً بالأمر، وكان ملوكها يراعون طلبات الدولة العباسية ويعرفون لها الحق والفضل، ويظهرون طاعة مشوبة بمعصية، ولو أرادوا عزل واحدٍ منهم واستبداله لخالفوهم، وصار ملوك هذه الدولة يوصون بالملك بعدهم لمن يرونه من أولادهم وإخوتهم، فلا يخالفهم قوادهم}}.<ref name="مولد تلقائيا1" /><ref>{{استشهاد مختصر|الطالبي|1995|ص=364}}</ref>
احتفظ إبراهيم بن الأغلب بعلاقاتٍ قوية مع [[الدولة العباسية|الخلافة العباسية]]، وكان يخطب للخلفاء العباسيين على المنابر في بلاده دون أن يسمح لهم بالتدخل في شؤون بلاده الداخلية، كما كان [[قائمة الخلفاء العباسيين|خلفاء بني العباس]] ينظرون إلى [[الدولة الأغلبية]] كحليفٍ مهمٍ لهم وحاجزٍ قوي يحمي حدودهم الغربية من الدول المعادية لهم [[الدولة الأموية في الأندلس|كالدولة الأموية في الأندلس]] و[[الدولة الإدريسية|الدولة الإدريسية في المغرب الأقصى]] و[[رستميون|الدولة الرستمية في غربي المغرب الأوسط]]، وعن العلاقات بين الأغالبة والعباسيين يقول [[شهاب الدين النويري]]: {{اقتباس مضمن|كانت دولة بني الأغلب أول دولة قامت بإفريقية وجرى عليها اسم الدولة، وكانت إفريقية من قبلهم عمالاً إذا مات أحدهم أو صدر منه ما يوجب العزل عزله من يكون له أمر المسلمين من الخلفاء في الدولة الأموية والعباسية، فلما قامت دولة الأغالبة كانت مستقلةً بالأمر، وكان ملوكها يراعون طلبات الدولة العباسية ويعرفون لها الحق والفضل، ويظهرون طاعة مشوبة بمعصية، ولو أرادوا عزل واحدٍ منهم واستبداله لخالفوهم، وصار ملوك هذه الدولة يوصون بالملك بعدهم لمن يرونه من أولادهم وإخوتهم، فلا يخالفهم قوادهم}}.<ref name="مولد تلقائيا1" /><ref>{{استشهاد مختصر|الطالبي|1995|ص=364}}</ref>


وتذكر بعض المصادر التاريخية وقوف ملك الأغالبة إبراهيم بن الأغلب مع الخلافة العباسية في حربها ضد [[الإمبراطورية البيزنطية]] في زمن الخليفة العباسي [[هارون الرشيد]] الذي أعلن الجهاد والحرب ضد [[نقفور الأول]] ملك الروم بعد أن رفض نقفور دفع الجزية لهارون الرشيد كما كانت سلفه [[إيرين الأثينية]] تدفعها، وتكاتب الطرفان برسائلٍ فيها تهديد ووعيد، فأمر إبراهيم بن الأغلب الأساطيل البحرية الأغلبية بغزو [[اليونان البيزنطية|سواحل اليونان]] عام [[190 هـ]] كما أمرهم عام [[191 هـ]] بغزو [[رودس|جزيرة رودس]] التابعة للروم.<ref>{{استشهاد مختصر|أحمد عبد الحافظ|2015|ص=287}}</ref> كما وقف إبراهيم بن الأغلب مع الخليفة [[محمد الأمين|الأمين]] في حربه مع [[عبد الله المأمون|المأمون]]، وتذكر المصادر التاريخية أنه وجه ولده مُحَمد بن إبراهيم بن الأغلب إلى بغداد دعماً للخليفة الأمين، وقد بقي محمد مع الأمين حتى النهاية ونصحه بالخروج إلى الشام وإعادة ترتيب قواته ثم العودة إلى العراق وذلك بعد هزيمة قواته ولكن الخليفة الأمين لم يستمع إليه.<ref>{{استشهاد مختصر|النويري|2002|ج=22|ص=182}}</ref>
وتذكر بعض المصادر التاريخية وقوف إبراهيم بن الأغلب مع الخلافة العباسية في حربها ضد [[الإمبراطورية البيزنطية]] في زمن الخليفة العباسي [[هارون الرشيد]] الذي أعلن الجهاد والحرب ضد [[نقفور الأول]] ملك الروم بعد أن رفض نقفور دفع الجزية للرشيد كما كانت سلفه [[إيرين الأثينية]] تدفعها، وتكاتب الطرفان رسائلَ فيها تهديد ووعيد، فأمر إبراهيم بن الأغلب الأساطيل البحرية الأغلبية بغزو [[اليونان البيزنطية|سواحل اليونان]] عام [[190 هـ]] كما أمر عام [[191 هـ]] بغزو [[رودس|جزيرة رودس]] التابعة للروم.<ref>{{استشهاد مختصر|أحمد عبد الحافظ|2015|ص=287}}</ref> ووقف إبراهيم بن الأغلب مع الخليفة [[محمد الأمين|الأمين]] في حربه مع [[عبد الله المأمون|المأمون]]، وتذكر المصادر التاريخية أنه وجه ولده مُحَمد بن إبراهيم بن الأغلب إلى بغداد دعماً للخليفة الأمين، وقد بقي محمد مع الأمين حتى النهاية ونصحه -بعد هزيمة قواته- بالخروج إلى الشام وإعادة ترتيب قواته ثم العودة إلى العراق ولكن الخليفة الأمين لم يستمع إليه.<ref>{{استشهاد مختصر|النويري|2002|ج=22|ص=182}}</ref>


=== العلاقات مع مملكة الفرنجة ===
=== العلاقات مع مملكة الفرنجة ===
[[ملف:Frankish Empire 481 to 814-ar.svg|تصغير|300بك|مملكة الفرنجة في أقصى إتساعها]]
[[ملف:Frankish Empire 481 to 814-ar.svg|تصغير|300بك|مملكة الفرنجة في أقصى اتساعها]]
أيقن ملك الفرنجة [[شارلمان]] بتصاعد قوة الدولة الأغلبية حديثة النشأة في بلاد المغرب، وبتغير ميزان القوة هناك حيث كانت إفريقية قبل عصر الأغالبة تعاني من مشاكلٍ داخليةٍ كبيرة عجز الولاة في الدولتين الأموية والعباسية حلها، ولما قدم إبراهيم بن الأغلب قام بإخضاع جميع تلك الصعوبات وإصلاح الأحوال الداخلية في إفريقية ونشر الأمان في ربوعها، كما قام ببناء جيشٍ قوي في البر والبحر، وتذكر المصادر التاريخية أن شارلمان بعث بسفرائه إلى ملك الأغالبة إبراهيم بن الأغلب في سنة [[185 هـ]] طالباً محالفته وتعزيز العلاقات بين الدولتين وذلك على غرار قوة العلاقات بين شارلمان والخليفة العباسي [[هارون الرشيد]]، وقد استقبل إبراهيم سفراء شارلمان في قصره في مدينة القصر القديم التي كانت عاصمة الدولة الأغلبية في زمانه، وبعث رسولاً من قبله إلى شارلمان، ويذكر المؤرخ الألماني [[كارل بروكلمان]] أن شارلمان ملك الفرنجة قد طلب عقد تحالفٍ عسكري كبير مع الأغالبة ضد [[الدولة الأموية في الأندلس]] ويرى [[محمود إسماعيل عبد الرزاق|الدكتور محمود إسماعيل]] عدم صحة هذا القول.<ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=167}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|الطالبي|1995|ص=455}}</ref>
أيقن ملك الفرنجة [[شارلمان]] بتصاعد قوة الدولة الأغلبية حديثة النشأة في بلاد المغرب، وبتغير ميزان القوة هناك حيث كانت إفريقية قبل عصر الأغالبة تعاني من مشاكلَ داخليةٍ كبيرة عجز الولاة في الدولتين الأموية والعباسية عن حلها، ولما قدم إبراهيم بن الأغلب ذلّلَ جميع تلك الصعوبات وأصلح الأحوال الداخلية في إفريقية ونشر الأمان في ربوعها، كما بنى جيشاً قوياً في البر والبحر، وتذكر المصادر التاريخية أن شارلمان بعث بسفرائه إلى ملك الأغالبة إبراهيم بن الأغلب في سنة [[185 هـ]] طالباً محالفته وتعزيز العلاقات بين الدولتين على غرار قوة العلاقات بين شارلمان والخليفة العباسي [[هارون الرشيد]]، وقد استقبل إبراهيم سفراء شارلمان في قصره في مدينة القصر القديم عاصمة الدولة الأغلبية في زمانه، وبعث رسولاً إلى شارلمان، ويذكر المؤرخ الألماني [[كارل بروكلمان]] أن شارلمان ملك الفرنجة طلب عقد تحالفٍ عسكري كبير مع الأغالبة ضد [[الدولة الأموية في الأندلس]] ويرى [[محمود إسماعيل عبد الرزاق|الدكتور محمود إسماعيل]] عدم صحة هذا القول.<ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=167}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|الطالبي|1995|ص=455}}</ref>


ومن الواضح أن هذه العلاقات مع شارلمان لم تدم طويلاً حيث قام إبراهيم بن الأغلب في سنة [[194 هـ]] بتوجيه قواته البحرية لغزو [[سردينيا|جزيرة سردانية]] و[[كورسيكا|جزيرة قُرشقة]] في [[البحر الأبيض المتوسط]] وكانتا تحت حماية شارلمان ملك الفرنجة، وقد تمكنت القوات الأغلبية من الاستيلاء عليهما بالكامل وطرد قوات الفرنجة عنهما، ويذكر الدكتور محمود إسماعيل أن العلاقات الهادئة بين إبراهيم بن الأغلب وشارلمان كانت بسبب مجاملة ابن الأغلب للخليفة العباسي هارون الرشيد الذي كانت بينه وبين شارلمان صداقة ويستدل بغزو ابن الأغلب لبعض ممتلكات شارلمان بعد وفاة الرشيد.<ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=168}}</ref>
ومن الواضح أن هذه العلاقات مع شارلمان لم تدم طويلاً، فقد وجَّه إبراهيم بن الأغلب في سنة [[194 هـ]] قواته البحرية لغزو [[سردينيا|جزيرة سردانية]] و[[كورسيكا|جزيرة قُرشقة]] في [[البحر الأبيض المتوسط]] وكانتا تحت حماية شارلمان ملك الفرنجة، وقد تمكنت القوات الأغلبية من الاستيلاء على الجزيرتين وطرد قوات الفرنجة منهما، ويذكر الدكتور محمود إسماعيل أن العلاقات الهادئة بين إبراهيم بن الأغلب وشارلمان كانت بسبب ولاء ابن الأغلب للخليفة العباسي هارون الرشيد الذي كانت بينه وبين شارلمان صداقة ويستدل بغزو ابن الأغلب لبعض ممتلكات شارلمان بعد وفاة الرشيد.<ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=168}}</ref>


=== العلاقات مع الإمبراطورية البيزنطية ===
=== العلاقات مع الإمبراطورية البيزنطية ===
[[ملف:PosPeloponnisosGeo.png|تصغير|يمين|150بك|جزيرة بَلْبُونَس التي غزتها الأساطيل الأغلبية بأمرٍ من إبراهيم بن الأغلب.]]
[[ملف:PosPeloponnisosGeo.png|تصغير|يمين|150بك|جزيرة بَلْبُونَس التي غزتها الأساطيل الأغلبية بأمرٍ من إبراهيم بن الأغلب.]]
كانت الإمبراطورية البيزنطية تتدخل في شؤون ولاية إفريقية في عهد الولاة في الدولة الأموية والعباسية بدعمها للثورات هُنَاك، وبقيامها بعددٍ من الغارات البحرية على المدن الساحلية فيها، ولم يكن لولاية إفريقية القدرة على الرد لانشغال ولاتها في الفتن الداخلية في الولاية، وبعد وصول إبراهيم بن الأغلب للسلطة وتأسيسه الدولة الأغلبية في سنة [[184 هـ]] نجح في إرساء الاستقرار في مدن إفريقية وقام بتأمين سواحل إفريقية وتحصينها، حيث قام إبراهيم ببناء سلسلة من الحصون والرباطات بين طبرق وطرابلس وبذلك قطع خطر الغارات البحرية للدولة البيزنطية، وصارت القوات البحرية الأغلبية تُهَاجم ممتلكات البيزنطيين ففي سنة [[189 هـ]] أمر إبراهيم الأسطول الأغلبي بالإغارة على [[بيلوبونيز|شبه جزيرة بَلْبُونَس]] التابعة [[الإمبراطورية البيزنطية|للإمبراطورية البيزنطية]]، كما ساعد إبراهيم في نفس العام [[سلاف|الثوار الصقالبة]] المتمردين على الدولة البيزنطية في حصار [[باتراس|مدينة باتراس]] الأمر الذي دفع البيزنطيين إلى تكليف قسطنطين أمير [[صقلية]] إلى عقد معاهدة صلح بإسم الإمبراطورية البيزنطية مع إبراهيم بن الأغلب مدتها عشرة سنوات، وهذه المعاهدة إعتراف منهم بقوة الحاكم الجديد، وقد حافظ إبراهيم على بنود هذه المعاهدة طيلت أيامه الباقية وكف عن الإغارة على السواحل والممتلكات البيزنطية.<ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=144}}</ref>
كانت الإمبراطورية البيزنطية تتدخل في شؤون ولاية إفريقية في عهد الولاة في الدولة الأموية والعباسية بدعمها للثورات هُنَاك، وبقيامها بعددٍ من الغارات البحرية على المدن الساحلية فيها، وفي أحيانٍ كثيرةٍ لم يكن لولاية إفريقية القدرة على الرد لانشغال ولاتها بالفتن الداخلية في الولاية، وبعد وصول إبراهيم بن الأغلب للسلطة وتأسيسه الدولة الأغلبية في سنة [[184 هـ]] نجح في إرساء الاستقرار في مدن إفريقية وأمَّن سواحل إفريقية وحصَّنها، وبنى سلسلة من الحصون والرباطات بين طبرق وطرابلس وبذلك قطع خطر الغارات البحرية البيزنطية، وصارت القوات البحرية الأغلبية تُهَاجم ممتلكات البيزنطيين ففي سنة [[189 هـ]] أمر إبراهيم الأسطول الأغلبي بالإغارة على [[بيلوبونيز|شبه جزيرة بَلْبُونَس]] التابعة [[الإمبراطورية البيزنطية|للإمبراطورية البيزنطية]]، كما ساعد إبراهيم في نفس العام [[سلاف|الثوار الصقالبة]] المتمردين على الدولة البيزنطية في حصار [[باتراس|مدينة باتراس]] الأمر الذي دفع البيزنطيين لتكليف قسطنطين أمير [[صقلية]] إلى عقد معاهدة صلح باسم الإمبراطورية البيزنطية مع إبراهيم بن الأغلب مدتها عشر سنوات، وهذه المعاهدة اعتراف منهم بقوة الحاكم الجديد، وقد حافظ إبراهيم على بنود هذه المعاهدة طيلة أيامه الباقية وكف عن الإغارة على السواحل والممتلكات البيزنطية.<ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=144}}</ref>


=== العلاقات مع الدولة الإدريسية ===
=== العلاقات مع الدولة الإدريسية ===
[[ملف:Shattering isochamend ar.png|تصغير|250بك|خريطة توضح الحدود التقريبية بين الدولة الأغلبية والدولة الإدريسية]]
كانت [[الدولة الإدريسية]] قد قامت في المغرب الأقصى في سنة [[172 هـ]] على يد [[إدريس بن عبد الله|إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب]] بعد نجاته من [[موقعة فخ|معركة فخ]]، وكان إبراهيم بن الأغلب حينها والياً على [[الزاب (الجزائر)|منطقة الزاب]] في [[المغرب الأوسط]]، ولما قامت [[الدولة الأغلبية]] في سنة [[184 هـ]] كان [[إدريس الثاني|إدريس بن إدريس]] قد خلف أباه في حكم دولة الأدارسة، وبدأ ابن الأغلب بتأليب قبائل البربر في المغرب الأقصى على إدريس الثاني حتى تفرق عنه جمع كبير كما دبر قتل راشد البربري وزير إدريس ومدبر أمره في سنة [[186 هـ]] فكتب إدريس الثاني كتاباً إلى إبراهيم يستكفيه عن ناحيته ويذكره بقرابته من [[محمد|رسول الله]] {{صلى الله عليه وسلم}} فأجابه إبراهيم إلى ذلك وكتب كتاب أمانٍ بينهما.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الخطيب|2003|ج=2|ص=298}}</ref> وذكر [[الرقيق القيرواني]] أن راشداً مولى إدريس كان قد جمع جموعاً كثيرةً يريد غزو إفريقية والاستيلاء عليها فدبر ابن الأغلب قتله وبعث برأسه إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد.<ref>{{استشهاد مختصر|الرقيق القيرواني|1994|ص=129}}</ref>
كانت [[الدولة الإدريسية]] قد قامت في المغرب الأقصى في سنة [[172 هـ]] على يد [[إدريس بن عبد الله|إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب]] بعد نجاته من [[موقعة فخ|معركة فخ]]، وكان إبراهيم بن الأغلب حينها والياً على [[الزاب (الجزائر)|منطقة الزاب]] في [[المغرب الأوسط]]، ولما قامت [[الدولة الأغلبية]] في سنة [[184 هـ]] كان [[إدريس الثاني|إدريس بن إدريس]] قد خلف أباه في حكم دولة الأدارسة، وبدأ ابن الأغلب بتأليب قبائل البربر في المغرب الأقصى على إدريس الثاني حتى تفرق عنه جمع كبير كما دبر قتل راشد البربري وزير إدريس ومدبر أمره في سنة [[186 هـ]] فكتب إدريس الثاني كتاباً إلى إبراهيم يستكفيه عن ناحيته ويذكره بقرابته من [[محمد|رسول الله]] {{صلى الله عليه وسلم}} فأجابه إبراهيم إلى ذلك وكتب كتاب أمانٍ بينهما.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن الخطيب|2003|ج=2|ص=298}}</ref> وذكر [[الرقيق القيرواني]] أن راشداً مولى إدريس كان قد جمع جموعاً كثيرةً يريد غزو إفريقية والإستيلاء عليها فدبر ابن الأغلب قتله وبعث برأسه إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد.<ref>{{استشهاد مختصر|الرقيق القيرواني|1994|ص=129}}</ref>


ويذكر الدكتور محمود إسماعيل أن العلاقات بين الدولة الأغلبية والدولة الإدريسية قامت منذ بدايتها على العداوة الظاهرة، ولم يحافظ الأغالبة على حسن الجوار مع الأدارسة وبادروهم بالعدوان وقد اكتفى الأدارسة من جانبهم باستقبال الفارين من أهل إفريقية والمغرب من بطش الأغالبة وتوطينهم بدولتهم نكايةً بالأغالبة.<ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=108}}</ref>
ويذكر الدكتور محمود إسماعيل أن العلاقات بين الدولة الأغلبية والدولة الإدريسية قامت منذ بدايتها على العداوة الظاهرة، ولم يحافظ الأغالبة على حسن الجوار مع الأدارسة وبادروهم بالعدوان وقد اكتفى الأدارسة من جانبهم باستقبال الفارين من بطش الأغالبة من أهل إفريقية والمغرب وتوطينهم بدولتهم نكايةً بالأغالبة.<ref>{{استشهاد مختصر|محمود إسماعيل|2000|ص=108}}</ref>


== صفاته ==
== صفاته ==
جمع إبراهيم بن الأغلب صفات الرئاسة والزعامة التي جعلته يظهر على مسرح الأحداث السياسية في [[إفريقية|بلاد إفريقية]] ويكون الرجل الأول فيها، وقد كان إبراهيم شجاعاً، بطلاً، على علمٍ بفنون الحرب والسياسية، وكان كذلك شاعراً، خطيباً، فصيحاً، ويضاف لذلك أنه كان فقيهاً، عالماً، حافظاً للقران الكريم وعلى علمٍ بالعلوم الشرعية قال [[الرقيق القيرواني]]: {{اقتباس مضمن|كان إبراهيم بن الأغلب فقيهاً ديناً، عالماً شاعراً خطيباً، ذا رأي وبأس وحزم وعلمٍ بالحروب ومكائدها، جرئ الجنان طويل اللسان، حسن السيرة، ولم يتولى إفريقية قبله أحدٍ أعدل منه سيرةً ولا أحسن سياسية ولا أرفق برعية، ولا أضبط لأمر، وكان كثير الطلب للعلم}}.<ref>{{استشهاد مختصر|الرقيق القيرواني|1994|ص=127}}</ref>
جمع إبراهيم بن الأغلب صفات الرئاسة والزعامة التي جعلته يظهر على مسرح الأحداث السياسية في [[إفريقية|بلاد إفريقية]] ويكون الرجل الأول فيها، وقد كان إبراهيم شجاعاً، بطلاً، على علمٍ بفنون الحرب والسياسة، وكان كذلك شاعراً خطيباً فصيحاً، يضاف لذلك أنه كان فقيهاً عالماً حافظاً للقران الكريم وعلى علمٍ بالعلوم الشرعية، قال [[الرقيق القيرواني]]: {{اقتباس مضمن|كان إبراهيم بن الأغلب فقيهاً ديناً، عالماً شاعراً خطيباً، ذا رأي وبأس وحزم وعلمٍ بالحروب ومكائدها، جريء الجنان، طويل اللسان، حسن السيرة، ولم يتولَّ إفريقية قبله أحدٌ أعدلَ منه سيرةً ولا أحسنَ سياسةً ولا أرفقَ برعيةٍ، ولا أضبطَ لأمرٍ، وكان كثير الطلب للعلم}}.<ref>{{استشهاد مختصر|الرقيق القيرواني|1994|ص=127}}</ref>


وكان إبراهيم عادلاً أحسن إلى رعيته ورد عليهم مظالمهم حتى من كبار رجال دولته فأحبوه لذلك، كما كان إمام الناس في صلاتهم قال [[لسان الدين بن الخطيب]]: {{اقتباس مضمن|لما تولى إبراهيم بن الأغلب قمع أهل الشر  بإفريقية، وضم الكلمة، وضبط الأمور، وأحسن التدبير، وأوسع في العطاء، وكان يتولى الصلاة بنفسه بالمسجد الجامع في القيروان}}.<ref name="مولد تلقائيا2" />
وكان إبراهيم عادلاً أحسن إلى رعيته ورد عليهم مظالمهم حتى من كبار رجال دولته فأحبوه لذلك، كما كان إمام الناس في صلاتهم، قال [[لسان الدين بن الخطيب]]: {{اقتباس مضمن|لما تولى إبراهيم بن الأغلب قمع أهل الشر  بإفريقية، وضم الكلمة، وضبط الأمور، وأحسن التدبير، وأوسع في العطاء، وكان يتولى الصلاة بنفسه بالمسجد الجامع في القيروان}}.<ref name="مولد تلقائيا2" />


== أولاده ==
== أولاده ==
[[ملف:The Minaret of the Great Mosque Okba of Kairouan, Tunisia.jpg|تصغير|250بك|مئذنة جامع القيروان عاصمة الدولة الأغلبية]]
[[ملف:The Minaret of the Great Mosque Okba of Kairouan, Tunisia.jpg|تصغير|250بك|مئذنة جامع القيروان عاصمة الدولة الأغلبية]]
كان لإبراهيم بن الاغلب ثلاثة أولادٍ من الذكور، وكلهم قد ولي المُلك وهُمَ:
كان لإبراهيم بن الاغلب ثلاثة أولادٍ من الذكور، وكلهم قد ولي المُلك وهُم:
* [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله بن إبراهيم]] ويعرف '''بعبد الله الأول''' وهو أكبر أولاد إبراهيم بن الأغلب وولي عهده وواليه على [[طرابلس]]، ولما توفي إبراهيم خلفه عبد الله في المُلك في سنة [[196 هـ]] وأستمر ملكاً حتى وفاته سنة [[201 هـ]] وكانت إمارته خمسة أعوام.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=135}}</ref>
* [[أبو العباس عبد الله بن إبراهيم|عبد الله بن إبراهيم]] ويعرف '''بعبد الله الأول''' وهو أكبر أولاد إبراهيم بن الأغلب وولي عهده وواليه على [[طرابلس]]، ولما توفي إبراهيم خلفه عبد الله في المُلك في سنة [[196 هـ]] وأستمر ملكاً حتى وفاته سنة [[201 هـ]] وكانت إمارته خمسة أعوام.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=135}}</ref>
* [[أبو محمد زيادة الله بن إبراهيم|زيادة الله بن إبراهيم]] ويعرف '''بزيادة الله الأول''' وهو الابن الأوسط من أبناء إبراهيم بن الأغلب، وثالث ملوك [[الدولة الأغلبية]] في الفترة بين عامي [[201 هـ]] - [[223 هـ]] وذلك بعد وفاة أخيه عبد الله، وكانت مدة إمارته إحدى وعشرين سنة وسبعة أشهر وثمانية أيام.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=147}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأبار|1985|ج=1|ص=163}}</ref>
* [[أبو محمد زيادة الله بن إبراهيم|زيادة الله بن إبراهيم]] ويعرف '''بزيادة الله الأول''' وهو الابن الأوسط من أبناء إبراهيم بن الأغلب، وثالث ملوك [[الدولة الأغلبية]] في الفترة بين عامي [[201 هـ]] - [[223 هـ]] وذلك بعد وفاة أخيه عبد الله، وكانت مدة إمارته إحدى وعشرين سنة وسبعة أشهر وثمانية أيام.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=147}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأبار|1985|ج=1|ص=163}}</ref>
سطر 179: سطر 119:


== وفاته ==
== وفاته ==
توفي إبراهيم بن الأغلب في [[القيروان|مدينة القيروان]] في شهر [[شوال]] سنة [[196 هـ]] وله ست وخمسين عاماً، وكانت مدة إمارته اثنتي عشرة سنة وأربعة أشهر وعشرة أيام.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=133}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأثير|1997|ج=5|ص=436}}</ref>
توفي إبراهيم بن الأغلب في [[القيروان|مدينة القيروان]] في شهر [[شوال]] سنة [[196 هـ]] وله ستة وخمسون عاماً، وكانت مدة إمارته اثنتي عشرة سنة وأربعة أشهر وعشرة أيام.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن عذاري|2013|ج=1|ص=133}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|ابن الأثير|1997|ج=5|ص=436}}</ref>


== أنظر أيضًا ==  
== انظر أيضًا ==
* [[الدولة العباسية]]
* [[الدولة العباسية]]
* [[بنو تميم]]
* [[بنو تميم]]
* [[المغرب العربي]]
* [[المغرب العربي]]
* [[إفريقية]]
* [[إفريقية]]
== الهوامش ==
{{مراجع|مجموعة=هامش}}


== المراجع ==
== المراجع ==
=== فهرس المراجع ===
=== فهرس المراجع ===
{{مراجع}}
{{مراجع}}
=== بيانات المراجع كاملة ===
=== بيانات المراجع كاملة ===
{{بداية المراجع|2}}
{{بداية المراجع|2}}
سطر 218: سطر 162:
{{ولاة إفريقية}}
{{ولاة إفريقية}}
{{ضبط استنادي}}
{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات|أعلام|الإسلام|التاريخ الإسلامي|المغرب العربي|الدولة العباسية}}
{{روابط شقيقة|commons=Ibrahim I ibn al-Aghlab}}
{{شريط بوابات|أعلام|الإسلام|التاريخ الإسلامي|الدولة العباسية|المغرب العربي}}
{{شريط محتوى متميز|1=جيدة|التاريخ=7 أبريل 2024|النسخة=66596236|تاريخ مراجعة الزملاء=6 فبراير 2024}}
{{لا لربط البوابات المعادل}}
{{لا لربط البوابات المعادل}}
[[تصنيف:أغالبة]]
[[تصنيف:أغالبة]]
[[تصنيف:أمراء إفريقية الأغالبة]]
[[تصنيف:أمراء إفريقية الأغالبة]]

النسخة الحالية 09:50، 22 أبريل 2024

إبراهيم بن الأغلب التميمي

فترة الحكم
184 هـ - 196 هـ
نوع الحكم ملكية وراثية
تاريخ التتويج 184 هـ / 800م
ولي العهد عبد الله بن إبراهيم
 
عبد الله الأول
معلومات شخصية
الميلاد 140 هـ / 757م
مرو،  الدولة العباسية
الوفاة 196 هـ / 812م (56 سنة)
القيروان،  الدولة الأغلبية
مكان الدفن القيروان
الديانة مسلم سني
الأولاد عبد الله الأول
زيادة الله الأول
الأغلب الثاني
الأب الأغلب بن سالم التميمي
عائلة بنو الأغلب

أبو عبد الله إبراهيم بن الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة السعدي التميمي (140 هـ - 196 هـ / 757م - 812م)[1] مؤسس الدولة الأغلبية وأول ملوكها، والتي حكمت بين عامي (184 هـ - 296 هـ / 800م - 909م) وتوسعت في المغرب العربي وجنوب أوروبا في ما يعرف اليوم بتونس وليبيا والجزائر وأجزاء واسعة من فرنسا وإيطاليا وجزر صقلية وسردانية ومالطة لمدة قرن ونيف وتعاقب على المُلَك فيها عشرة ملوك من أولاده وأحفاده.[2]

جمع إبراهيم بين الفروسية والشجاعة والتدين فقد كان فارساً، شجاعاً، بطلاً، شاعراً، عالماً فقيهاً حافظاً للقرآن الكريم وكان من تلاميذ الليث بن سعد قال ابن عذاري: «كان إبراهيم بن الأغلب التميمي فقيهاً، أدبياً، شاعراً، خطيباً، ذا رأي ونجدة وبأس وحزم وعلم بالحروب ومكايدها، جري الجنان، طويل اللسان، لم يلِ إفريقية أحسن سيرة منه، ولا أحسن سياسة، ولا أرأف برعية، ولا أوفى بعهد لحرمة منه، فطاعت له القبائل، وتمهدت إفريقية في أيامه، واستقامت الأحوال بها، وملك إبراهيم إفريقية، وقمع أهل الشرور فيها وضبط أمورها».[3]

وصل إبراهيم بن الأغلب إلى الحكم في إفريقية بعد ثورة تمام بن تميم التميمي على محمد بن مقاتل العكي عامل العباسيين، والذي انتصر على العكي وطرده إلى المشرق، فخرج إبراهيم بمن أطاعه من الجند وحارب تمام وانتصر عليه واستولى على القيروان عاصمة إفريقية ودخل دار الإمارة وبذلك عمل إبراهيم على تأسيس نواة دولةٍ قويةٍ وحارب الخارجين عليه، وكان لدولته شأن عظيم ودام مُلكه حتى وفاته عام 196 هـ، وكانت دولته اثني عشر عاماً وأربعة أشهر، وخلفه في الحكم أكبر أولاده عبد الله الأول، قال شمس الدين الذهبي: «كان إبراهيم فَصِيْحاً، خَطِيْباً، شَاعِراً، ذَا دِيْنٍ، وَفِقهٍ، وَحَزْمٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَسُؤْدُدٍ عاش ستاً وخمسين سنة وتوفي في شوال سنة ست وتسعين ومائة وقام بعده بالمُلك ابنه عبد الله».[4]

نسبه ونشأته

نسبه

هو إبراهيم بن الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة بن عباد بن عبد الله بن محمد بن سعد بن حرام بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن عمرو بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان السعدي التميمي، يُكَنى بأبي عبد الله.[5]

مولده ونشأته

ولد إبراهيم بن الأغلب في مدينة مرو عاصمة إقليم خراسان في سنة (140 هـ/757م) ونشأ في كنف والده الأمير الأغلب بن سالم التميمي.[6] وكان الأغلب من نقباء بني العباس وكان له دور كبير في تأسيس الدولة العباسية والقضاء على الدولة الأموية.[7] ويُعَد الأغلب من أكبر قادة الخليفة أبي جعفر المنصور وأهمهم، وقد ولاه أميراً على بلاد إفريقية والمغرب عام 148 هـ وبقي أميراً عليها لسنتين حتى توفي عام 150 هـ وكان لإبراهيم من العُمَر يوم وفاة أبيه عشر سنين.[8]

وكان إبراهيم ينتمي إلى بني تميم التي تُعَد من أكبر قبائل العرب، وأكثرها عدداً، وأوسعها انتشاراً وقد شارك أبناء هذه القبيلة في فتح خراسان زمن عمر بن الخطاب ومما يدل على كثرتهم هُنَاك ما ذكره الطبري أن الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك قال: «إن تميماً أكثر أهل خراسان».[9] وذكر أبو عبيدة البصري أن عدد المقاتلين المسجلة أسمائهم في ديوان الجند من بني تميم في سنة 96 هـ أكثر من أربع وعشرين ألف مقاتل.[10]

وقد حفظ إبراهيم بن الأغلب القران الكريم في صغره كاملاً، وطلب العلم في مصر وأخذ عن الليث بن سعد وغيره، وكان الليث يكرمه ويفضله على غيره، قال شمس الدين الذهبي: «كان إبراهيم بن الأغلب فقيهاً، ديّناً، خطيباً، شاعراً، ذا رأي وحزم وبأس ونجدة وسيادة وحُسَن سيرة، وقد طلب العلم وأخذ عن الليث بن سعد وغيره وكان الليث يكرمه».[11] وقد توسم فيه الليث بن سعد صفات السيادة والرئاسة والحُكم مُنَذُ صغره، وقال عنه: «ليكونن لهذا الفتى شأن».[3]

حياته قبل الملك

خريطة الدولة العباسية في أقصى اتساعها.

عاش إبراهيم بن الأغلب أول حياته في مصر ولما شبّ لم تطب له الإقامة فيها، فخرج ومعه اثنا عشر رجلاً إلى إفريقية ودخلها وذلك في ولاية القائد هرثمة بن أعين عليها عام 179 هـ فأكرمه هرثمة، ولبث هرثمة في إمارته على إفريقية حتى طلب من الخليفة هارون الرشيد عزله بسبب ما رآهُ من كثرة الخلافات بين جند إفريقية وكثرة الخوارج والعصبية القبلية فيها.[12]

قبل هارون الرشيد طلب هرثمة وعزله عن إفريقية وولى عليها مكانه محمد بن مقاتل العكي، ولم يكن ابن مقاتل محمود السيرة ولا من أهل السياسة، فساءت سيرته بين الجند وكان من أهم ما فعله من سوء السيرة جلده للعالم البهلول بن راشد بالسياط ثم سجنه حتى مات، وأنقص ابن مقاتل أعطيات الجند وأساء السيرة أيضاً في الرعية، فخلعه أمير تونس تمام بن تميم التميمي وحاربه ابن مقاتل لكنه انهزم وتحصن في دار الإمارة في القيروان، ودخل تمام بن تميم القيروان وحاصره في دار الإمارة ثم أعطاه تمام الأمان على نفسه وماله وأهله على أن يخرج من إفريقية كلها، فخرج العكي إلى المشرق واستولى تمام على بلاد إفريقية.[13][14]

وكان إبراهيم بن الأغلب في تلك الأثناء في بلاد الزاب في أقصى غرب إفريقية يراقب الأوضاع بين تمام والعكي ولما رأى ضعف العكي وانهزامه وطرده من ولايته، جمع إبراهيم أهل بيته ومن أطاعه من أهل الزاب وسار بهم إلى القيروان، فخرج تمام لقتاله، ووقعت معركة بين الطرفين قرب القيروان في عام 184 هـ انهزم فيها تمام وترك القيروان ودخلها إبراهيم ورد ابن مقاتل العكي المطرود عنها وقال في ذلك:[15]

ألم ترني رددت طريد عك
وَقد نزحت بِهِ أَيدي الركاب
أخذت الثغر فِي سبعين منا
وَقد أوفى على شرف الذّهاب

وكان إبراهيم قد خرج من الزاب في سبعين فارساً من أهل بيته وقومه فقيل له: إلى أين؟ قال: أطلب المُلك، فقيل له: أتطلب المُلك بهذا العدد القليل وجموع تمام عدد عظيم لا نأمن عليك، فلم يستمع إبراهيم إليهم وخرج لقتال تمام وظفر به ودخل دار الإمارة.[16] ولما رأى الرشيد ذلك وكثرة الفتن بإفريقية ولانشغاله بالفتن في المشرق في العراق وبلاد فارس وخراسان وخوفه من زيادة نفوذ الأمويين في الأندلس والأدارسة في المغرب الأقصى عقد اتفاقاً مع إبراهيم بن الأغلب على أن يوليه المُلك في المغرب وأولادَه من بعده على أن يخطب للخليفة العباسي في منابر المغرب وبذلك تأسست الدولة الأغلبية وصار إبراهيمُ بن الأغلب أولَ ملوكها.[17] ويذكر محمد إسماعيل أن إبراهيم بن الأغلب كان يرغب في تأسيس ملكٍ وراثي، وقد تحققت آماله فيما وصله إليه من مكانة مرموقة بعد إعادة العكي، وبفضل جيش الزاب الموالي له الذي مكنه من الظهور على مسرح الأحداث في إفريقية كأقوى رجلٍ فيها فضلاً عن تعلق قبائل البربر به ومحبتهم له قائداً يحقق لهم أمانيهم.[18]

وكانت الدولة الأغلبية أول دولة في إفريقية تستقل عن الخلافة العباسية إذ كان يحكمها قبلهم ولاة يُعينهم الخليفة العباسي في بغداد، قال شهاب الدين النويري: «كانت دولة بني الأغلب أول دولةٍ قامت بإفريقية وجرى عليها اسم الدولة».[19]

عهده

الإصلاحات الداخلية

صورة جامع مدينة القيروان

بدأ إبراهيم بن الأغلب بتأسيس نواة دولةٍ قوية استمرت بعده لأكثرَ من قرنٍ من الزمان، فقد حرص على بناء جيش قوي يكون ولاؤهُ للدولة الأغلبية وملكها فقط وبنى مدينةً جديدةً وجعلها دار ملكه ونقل إليها جنوده وثقاته وخواصه.

بناء مدينة القصر القديم

شرع إبراهيم في أول عهده في بناء مدينةٍ جديدة عُرَفت باسم القصر القديم وأسس فيها دواوين الدولة وبنى فيها قصراً له صار فيما بعد مقرً ملوك الأغالبة، وجعل فيه أفراد جيشه، والسلاح، والأموال، قال أبو عبيد البكري: «أسس إبراهيم بن الأغلب مدينة القصر القديم سنة أربع وثمانين ومائة، وصارت دار أمراء الأغالبة، وهي تبعد عن مدينة القيروان ثلاثة أميال منها، وبنى بها جامعاً له صومعة مستديرة مبنية بالأجر والعمد سبع طبقات لم يٌبْنَ أحكمَ منها ولا أحسنَ منظراً، وبالمدينة حمامات كثيرة وفنادق وأسواق جمة ومواجل للماء حتى إن القيروان إذا قحطت وفقد الماء منها نقلوا الماء إليها من مدينة القصر وكان لها خمسة أبواب وهي: باب الرحمة، وباب الحديد، وباب غلبون، وباب الريح، وباب السعادة».[20]

وذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان أن هذه المدينة بقيت مقراً لملوك الأغالبة حتى خُربت بعمارة مدينة رقادة التي بناها الملك الأغلبي إبراهيم الثاني بن أحمد بن مُحَمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب عام 264 هـ.[21] وقال ابن عذاري: «شرع إبراهيم في بناء مدينة القصر القديم وصار بعد ذلك دار الأمراء، وكان على ثلاثة أميال من القيروان، وكان اشترى موضعه من بني طالوت، فبناه ونقل إليه السلاح، والجنود سراً وسكن حوله عبيده وأهل الثقة من خدمه».[22]

تنظيم الجيش

راية الأغالبة السواد ويتوسطها عبارة لا غالب إلا الله

اشترى إبراهيم بن الأغلب عدداً كبيراً من الموالي لحمل السلاح وجعلهم حرساً خاصاً له في قصره، قال لسان الدين بن الخطيب: «كان إبراهيم بن الأغلب أول من اتخذ العبيد لحمل سلاحه، واستكثر من طبقاتهم، واستغنى عن استعمال الرعية في شيءٍ من أموره».[23]

كما قبض على رؤوس الجند الذين اشتهر عنهم الخروج على من قبله ونشر الفتن بين عامة الجند وكبلهم ونفاهم إلى بلاد المشرق، وزاد أجور الجند ومراعات أحوالهم وقصده من ذلك إصلاح طاعتهم قال شهاب الدين النويري: «لما تولى إبراهيم ملك إفريقية قمع أهل الشرور بها، وضبط البلاد، وأحسن إلى من بها، وبعث بأهل الشر الذين جرت عادتهم بمخالفة الأمراء والوثوب عليهم إلى بغداد، وكان يراعي أمور أجناده ويصلح طاعتهم، وأخذ إبراهيم في شراء العبيد لحمل سلاحه وانتقل بهم إلى المدينة الجديدة التي بناها على أميال من القيروان». وكانت هذه السياسة الجديدة التي أتخذها إبراهيم هي التي دفعت بعض القادة للخروج عليه لاحقاً.[24]

الثورات التي قامت ضده

ثورة خريش بن عبد الرحمن الكندي

كانت أولى الثورات التي قامت ضد إبراهيم بن الأغلب ثورة خريش بن عبد الرحمن الكندي وهو من زعماء قبيلة كندة اليمانية وقد ساءته الإصلاحات الإدارية والعسكرية التي عملها ابن الأغلب، فأعلن العصيان والثورة عليه، وتبعه عشرة ألاف مقاتل من العرب اليمانية والقبائل البربرية وذلك في سنة 186 هـ وعسكر في مدينة تونس، فسير إليه ابن الأغلب جيشاً وعليه عُمَران بن مُجَالد، ولما اقتربت قوات ابن الأغلب من تونس أشار أصحاب خريش عليه أن لا يقاتل في تونس فيعين أهل تونس جيش ابن الأغلب عليهم، فجعل خريش قطعةً من قواته في مدينة تونس، وخرج بالقسم الأكبر منهم والتقى مع قوات ابن الأغلب في موضعٍ يُقَال له سبخة على بعد سبعة أميالٍ من تونس واقتتلوا قتالاً شديداً حتى كان الظفر لجيش ابن الأغلب فَقُتِل خريش وجمعٌ كبيرٌ من أصحابه، وهرب عدد قليل منهم إلى تونس، فطاردهم ابن مُجَالد بأمرٍ من ابن الأغلب وقتلهم جميعاً.[25][26]

قال ابن الأثير الجزري: «خرج خريش على إبراهيم بن الأغلب في سنة ست وثمانين ومائة، وهو رجل من أبناء العرب بمدينة تونس، ونزع السواد،[هامش 1] وكثر جمعه، فبعث إليه ابن الأغلب عمران بن مجالد في عساكرَ كثيرةٍ وأمره أن لا يبقي على أحدٍ منهم إن ظفر بهم، فسار عمران والتقوا واقتتلوا وصبر الفريقان ثم انهزم خريش ومن معه وأخذهم السيف فقُتِل منهم عشرة آلاف رجلٍ ودخل عمران تونس».[27] قال عامر بن المعمر بن سنان التيمي يمدح إبراهيم ويذكر شجاعته ودفاعه عن أهل المغرب:[28]

لولا دفاعك يا ابن أغلبٍ أصبحت
أرض الغروب رهينة لفسادِ
ولعمنا ذاك الخلاف بفتنةٍ
تعدو كتائبها بغير سوادِ
فمنوا بأشوس ماتزال حيادهُ
تشكو الوحى من غارة وطرادِ
فخرت به سعد فأصبح بيتها
فوق الفرقد ثابت الأوتادِ

تمرد القائد عمران بن مجالد

كان عمران بن مجالد من وزراء إبراهيم بن الأغلب ومن أبرز قادة جيشه لكنه تمرد عليه وخلع طاعته وأعلن العصيان في سنة 194 هـ وتبعه عشرة آلاف رجل من أهل القيروان وبعض رجال القبائل الناقمين على ابن الأغلب، فسير إبراهيم جيشاً لقتاله فَأنهزم عُمَران وقُتِل أكثر جيشه وهرب هو إلى بلاد الزاب في المغرب الأوسط وتخفى فيها، ثم إن عمران أرسل إلى إبراهيم بن الأغلب يطلب الأمان، فأمنه إبراهيم فعاد إلى القيروان وأقام فيها بعد أن جرده إبراهيم من جميع مناصبه السياسية.[29]

وذكر ابن الأثير الجزري أن عمران حاول استمالة شيوخ الدين وحشدهم ضد ابن الأغلب وأرسل للقاضي أسد بن الفرات يدعوه لخلع طاعة ابن الأغلب والمشاركة معه في تمرده ولكن ابن الفرات امتنع من الخروج ولم يقبل بذلك، فأرسل إليه عمران ثانيةً يلح عليه بالخروج فأبى ابن الفرات بشدة.[30]

ثورة قبيلة هوارة في طرابلس

كان الأمير عبد الله بن إبراهيم الأغلبي والياً على طرابلس من قبل أبيه، فثار عليه الجند في طرابلس وحاصروه في داره، ثم اتفقوا معه على أن يخرج عنهم وذلك في سنة 196 هـ فلما كان عبد الله في الطريق بين طرابلس والقيروان لحق به بعض الجند وانضموا إليه وجاءَه عدد كبير من قبائل البربر الموالية للأغالبة فقوي أمره وعاد بهم إلى طرابلس وحارب الجند المتمردين فيها وظفر بهم، ودخل عبد الله المدينة وأمن الناس وأقام بها.[31]

ثم عزل إبراهيم ولده عبد الله عن إمارة طرابلس وكتب إليه يأمره بالقدوم عليه، وولى مكانه سُفَيان بن المضاء، فثارت قبيلة هوارة عليه فحاربهم ابن المضاء لكنهم هزموه بعد أن قاتل قتالاً شديداً، وهرب قسم كبير من جيش ابن المضاء إلى إبراهيم بن الأغلب، ودخلت هوارة طرابلس وهدمت أسوارها، وبلغ ابن الأغلب ذلك فسير إليهم جيشاً من ثلاثة عشر ألف مُقَاتل وجعل عليهم ابنه أبو العباس عبد الله فقاتلهم قتالاً شديداً وظفر بقبيلة هوارة وقتل منهم خلقاً كثيراً ودخل طرابلس وبنى أسوارها وحصنها.[32]

سياسته الخارجية

العلاقات مع الخلافة العباسية

احتفظ إبراهيم بن الأغلب بعلاقاتٍ قوية مع الخلافة العباسية، وكان يخطب للخلفاء العباسيين على المنابر في بلاده دون أن يسمح لهم بالتدخل في شؤون بلاده الداخلية، كما كان خلفاء بني العباس ينظرون إلى الدولة الأغلبية كحليفٍ مهمٍ لهم وحاجزٍ قوي يحمي حدودهم الغربية من الدول المعادية لهم كالدولة الأموية في الأندلس والدولة الإدريسية في المغرب الأقصى والدولة الرستمية في غربي المغرب الأوسط، وعن العلاقات بين الأغالبة والعباسيين يقول شهاب الدين النويري: «كانت دولة بني الأغلب أول دولة قامت بإفريقية وجرى عليها اسم الدولة، وكانت إفريقية من قبلهم عمالاً إذا مات أحدهم أو صدر منه ما يوجب العزل عزله من يكون له أمر المسلمين من الخلفاء في الدولة الأموية والعباسية، فلما قامت دولة الأغالبة كانت مستقلةً بالأمر، وكان ملوكها يراعون طلبات الدولة العباسية ويعرفون لها الحق والفضل، ويظهرون طاعة مشوبة بمعصية، ولو أرادوا عزل واحدٍ منهم واستبداله لخالفوهم، وصار ملوك هذه الدولة يوصون بالملك بعدهم لمن يرونه من أولادهم وإخوتهم، فلا يخالفهم قوادهم».[19][33]

وتذكر بعض المصادر التاريخية وقوف إبراهيم بن الأغلب مع الخلافة العباسية في حربها ضد الإمبراطورية البيزنطية في زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد الذي أعلن الجهاد والحرب ضد نقفور الأول ملك الروم بعد أن رفض نقفور دفع الجزية للرشيد كما كانت سلفه إيرين الأثينية تدفعها، وتكاتب الطرفان رسائلَ فيها تهديد ووعيد، فأمر إبراهيم بن الأغلب الأساطيل البحرية الأغلبية بغزو سواحل اليونان عام 190 هـ كما أمر عام 191 هـ بغزو جزيرة رودس التابعة للروم.[34] ووقف إبراهيم بن الأغلب مع الخليفة الأمين في حربه مع المأمون، وتذكر المصادر التاريخية أنه وجه ولده مُحَمد بن إبراهيم بن الأغلب إلى بغداد دعماً للخليفة الأمين، وقد بقي محمد مع الأمين حتى النهاية ونصحه -بعد هزيمة قواته- بالخروج إلى الشام وإعادة ترتيب قواته ثم العودة إلى العراق ولكن الخليفة الأمين لم يستمع إليه.[35]

العلاقات مع مملكة الفرنجة

مملكة الفرنجة في أقصى اتساعها

أيقن ملك الفرنجة شارلمان بتصاعد قوة الدولة الأغلبية حديثة النشأة في بلاد المغرب، وبتغير ميزان القوة هناك حيث كانت إفريقية قبل عصر الأغالبة تعاني من مشاكلَ داخليةٍ كبيرة عجز الولاة في الدولتين الأموية والعباسية عن حلها، ولما قدم إبراهيم بن الأغلب ذلّلَ جميع تلك الصعوبات وأصلح الأحوال الداخلية في إفريقية ونشر الأمان في ربوعها، كما بنى جيشاً قوياً في البر والبحر، وتذكر المصادر التاريخية أن شارلمان بعث بسفرائه إلى ملك الأغالبة إبراهيم بن الأغلب في سنة 185 هـ طالباً محالفته وتعزيز العلاقات بين الدولتين على غرار قوة العلاقات بين شارلمان والخليفة العباسي هارون الرشيد، وقد استقبل إبراهيم سفراء شارلمان في قصره في مدينة القصر القديم عاصمة الدولة الأغلبية في زمانه، وبعث رسولاً إلى شارلمان، ويذكر المؤرخ الألماني كارل بروكلمان أن شارلمان ملك الفرنجة طلب عقد تحالفٍ عسكري كبير مع الأغالبة ضد الدولة الأموية في الأندلس ويرى الدكتور محمود إسماعيل عدم صحة هذا القول.[36][37]

ومن الواضح أن هذه العلاقات مع شارلمان لم تدم طويلاً، فقد وجَّه إبراهيم بن الأغلب في سنة 194 هـ قواته البحرية لغزو جزيرة سردانية وجزيرة قُرشقة في البحر الأبيض المتوسط وكانتا تحت حماية شارلمان ملك الفرنجة، وقد تمكنت القوات الأغلبية من الاستيلاء على الجزيرتين وطرد قوات الفرنجة منهما، ويذكر الدكتور محمود إسماعيل أن العلاقات الهادئة بين إبراهيم بن الأغلب وشارلمان كانت بسبب ولاء ابن الأغلب للخليفة العباسي هارون الرشيد الذي كانت بينه وبين شارلمان صداقة ويستدل بغزو ابن الأغلب لبعض ممتلكات شارلمان بعد وفاة الرشيد.[38]

العلاقات مع الإمبراطورية البيزنطية

جزيرة بَلْبُونَس التي غزتها الأساطيل الأغلبية بأمرٍ من إبراهيم بن الأغلب.

كانت الإمبراطورية البيزنطية تتدخل في شؤون ولاية إفريقية في عهد الولاة في الدولة الأموية والعباسية بدعمها للثورات هُنَاك، وبقيامها بعددٍ من الغارات البحرية على المدن الساحلية فيها، وفي أحيانٍ كثيرةٍ لم يكن لولاية إفريقية القدرة على الرد لانشغال ولاتها بالفتن الداخلية في الولاية، وبعد وصول إبراهيم بن الأغلب للسلطة وتأسيسه الدولة الأغلبية في سنة 184 هـ نجح في إرساء الاستقرار في مدن إفريقية وأمَّن سواحل إفريقية وحصَّنها، وبنى سلسلة من الحصون والرباطات بين طبرق وطرابلس وبذلك قطع خطر الغارات البحرية البيزنطية، وصارت القوات البحرية الأغلبية تُهَاجم ممتلكات البيزنطيين ففي سنة 189 هـ أمر إبراهيم الأسطول الأغلبي بالإغارة على شبه جزيرة بَلْبُونَس التابعة للإمبراطورية البيزنطية، كما ساعد إبراهيم في نفس العام الثوار الصقالبة المتمردين على الدولة البيزنطية في حصار مدينة باتراس الأمر الذي دفع البيزنطيين لتكليف قسطنطين أمير صقلية إلى عقد معاهدة صلح باسم الإمبراطورية البيزنطية مع إبراهيم بن الأغلب مدتها عشر سنوات، وهذه المعاهدة اعتراف منهم بقوة الحاكم الجديد، وقد حافظ إبراهيم على بنود هذه المعاهدة طيلة أيامه الباقية وكف عن الإغارة على السواحل والممتلكات البيزنطية.[39]

العلاقات مع الدولة الإدريسية

كانت الدولة الإدريسية قد قامت في المغرب الأقصى في سنة 172 هـ على يد إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بعد نجاته من معركة فخ، وكان إبراهيم بن الأغلب حينها والياً على منطقة الزاب في المغرب الأوسط، ولما قامت الدولة الأغلبية في سنة 184 هـ كان إدريس بن إدريس قد خلف أباه في حكم دولة الأدارسة، وبدأ ابن الأغلب بتأليب قبائل البربر في المغرب الأقصى على إدريس الثاني حتى تفرق عنه جمع كبير كما دبر قتل راشد البربري وزير إدريس ومدبر أمره في سنة 186 هـ فكتب إدريس الثاني كتاباً إلى إبراهيم يستكفيه عن ناحيته ويذكره بقرابته من رسول الله فأجابه إبراهيم إلى ذلك وكتب كتاب أمانٍ بينهما.[40] وذكر الرقيق القيرواني أن راشداً مولى إدريس كان قد جمع جموعاً كثيرةً يريد غزو إفريقية والاستيلاء عليها فدبر ابن الأغلب قتله وبعث برأسه إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد.[41]

ويذكر الدكتور محمود إسماعيل أن العلاقات بين الدولة الأغلبية والدولة الإدريسية قامت منذ بدايتها على العداوة الظاهرة، ولم يحافظ الأغالبة على حسن الجوار مع الأدارسة وبادروهم بالعدوان وقد اكتفى الأدارسة من جانبهم باستقبال الفارين من بطش الأغالبة من أهل إفريقية والمغرب وتوطينهم بدولتهم نكايةً بالأغالبة.[42]

صفاته

جمع إبراهيم بن الأغلب صفات الرئاسة والزعامة التي جعلته يظهر على مسرح الأحداث السياسية في بلاد إفريقية ويكون الرجل الأول فيها، وقد كان إبراهيم شجاعاً، بطلاً، على علمٍ بفنون الحرب والسياسة، وكان كذلك شاعراً خطيباً فصيحاً، يضاف لذلك أنه كان فقيهاً عالماً حافظاً للقران الكريم وعلى علمٍ بالعلوم الشرعية، قال الرقيق القيرواني: «كان إبراهيم بن الأغلب فقيهاً ديناً، عالماً شاعراً خطيباً، ذا رأي وبأس وحزم وعلمٍ بالحروب ومكائدها، جريء الجنان، طويل اللسان، حسن السيرة، ولم يتولَّ إفريقية قبله أحدٌ أعدلَ منه سيرةً ولا أحسنَ سياسةً ولا أرفقَ برعيةٍ، ولا أضبطَ لأمرٍ، وكان كثير الطلب للعلم».[43]

وكان إبراهيم عادلاً أحسن إلى رعيته ورد عليهم مظالمهم حتى من كبار رجال دولته فأحبوه لذلك، كما كان إمام الناس في صلاتهم، قال لسان الدين بن الخطيب: «لما تولى إبراهيم بن الأغلب قمع أهل الشر بإفريقية، وضم الكلمة، وضبط الأمور، وأحسن التدبير، وأوسع في العطاء، وكان يتولى الصلاة بنفسه بالمسجد الجامع في القيروان».[23]

أولاده

مئذنة جامع القيروان عاصمة الدولة الأغلبية

كان لإبراهيم بن الاغلب ثلاثة أولادٍ من الذكور، وكلهم قد ولي المُلك وهُم:

  • عبد الله بن إبراهيم ويعرف بعبد الله الأول وهو أكبر أولاد إبراهيم بن الأغلب وولي عهده وواليه على طرابلس، ولما توفي إبراهيم خلفه عبد الله في المُلك في سنة 196 هـ وأستمر ملكاً حتى وفاته سنة 201 هـ وكانت إمارته خمسة أعوام.[44]
  • زيادة الله بن إبراهيم ويعرف بزيادة الله الأول وهو الابن الأوسط من أبناء إبراهيم بن الأغلب، وثالث ملوك الدولة الأغلبية في الفترة بين عامي 201 هـ - 223 هـ وذلك بعد وفاة أخيه عبد الله، وكانت مدة إمارته إحدى وعشرين سنة وسبعة أشهر وثمانية أيام.[45][46]
  • الأغلب بن إبراهيم وهو أصغر أبنائه ويعرف بالأغلب الثاني وقد ولي المُلك بعد وفاة أخيه زيادة الله عام 223 هـ وبقي ملكاً حتى وفاته عام 226 هـ، وكانت إمارته سنتين وتسعة أشهر وأياماً.[47] وجميع ملوك الأغالبة بعده من أولاده وأحفاده قال ابن الأبار: «ولي إفريقية بعد إبراهيم بن الأغلب ثلاثة من أبنائه أولهم أبو العباس عبد الله وثانيهم أبو محمد زيادة الله وثالثهم أبو عقال الأغلب وكان أقصرهم ولاية غير أن المُلوك منهم من عقبه دون أخويه، وكل من ولي بعده من بني الأغلب إلى أن انقرض ملكهم وزال سلطانهم من ولده».[48]

وفاته

توفي إبراهيم بن الأغلب في مدينة القيروان في شهر شوال سنة 196 هـ وله ستة وخمسون عاماً، وكانت مدة إمارته اثنتي عشرة سنة وأربعة أشهر وعشرة أيام.[49][50]

انظر أيضًا

الهوامش

  1. ^ شعار العباسيين وراينهم كنايةً عن خلع البيعة.

المراجع

فهرس المراجع

  1. ^ الزركلي (2002)، ج. 1، ص. 33.
  2. ^ ابن وردان (1988)، ص. 53 - 62.
  3. ^ أ ب ابن عذاري (2013)، ج. 1، ص. 130.
  4. ^ الذهبي (1985)، ج. 9، ص. 129.
  5. ^ ابن حزم (1983)، ص. 221.
  6. ^ الذهبي (2003)، ج. 4، ص. 1065.
  7. ^ ابن حبيب (1942)، ص. 465.
  8. ^ ابن عذاري (2013)، ج. 1، ص. 108.
  9. ^ الطبري (1967)، ج. 7، ص. 157.
  10. ^ أبو عبيدة (1998)، ج. 2، ص. 539.
  11. ^ الذهبي (2003)، ج. 4، ص. 1064.
  12. ^ النويري (2002)، ج. 24، ص. 95 - 96.
  13. ^ ابن عذاري (2013)، ج. 1، ص. 126 - 127.
  14. ^ محمود إسماعيل (2000)، ص. 21.
  15. ^ ابن الأبار (1985)، ج. 1، ص. 96.
  16. ^ الصفدي (2000)، ج. 5، ص. 215.
  17. ^ اليعقوبي (1995)، ج. 2، ص. 411 - 412.
  18. ^ محمود إسماعيل (2000)، ص. 27.
  19. ^ أ ب النويري (2002)، ج. 24، ص. 100.
  20. ^ البكري (1992)، ج. 2، ص. 680.
  21. ^ الحموي (1977)، ج. 4، ص. 362.
  22. ^ ابن عذاري (2013)، ج. 1، ص. 131.
  23. ^ أ ب ابن الخطيب (2003)، ج. 2، ص. 297.
  24. ^ النويري (2002)، ج. 24، ص. 102.
  25. ^ النويري (2002)، ج. 24، ص. 103.
  26. ^ ابن الأبار (1985)، ج. 1، ص. 104.
  27. ^ ابن الأثير (1997)، ج. 5، ص. 318.
  28. ^ ابن الأبار (1985)، ج. 1، ص. 107.
  29. ^ ابن الأبار (1985)، ج. 1، ص. 105.
  30. ^ ابن الأثير (1997)، ج. 5، ص. 408.
  31. ^ ابن خلدون (1981)، ج. 4، ص. 251.
  32. ^ ابن الأثير (1997)، ج. 5، ص. 435.
  33. ^ الطالبي (1995)، ص. 364.
  34. ^ أحمد عبد الحافظ (2015)، ص. 287.
  35. ^ النويري (2002)، ج. 22، ص. 182.
  36. ^ محمود إسماعيل (2000)، ص. 167.
  37. ^ الطالبي (1995)، ص. 455.
  38. ^ محمود إسماعيل (2000)، ص. 168.
  39. ^ محمود إسماعيل (2000)، ص. 144.
  40. ^ ابن الخطيب (2003)، ج. 2، ص. 298.
  41. ^ الرقيق القيرواني (1994)، ص. 129.
  42. ^ محمود إسماعيل (2000)، ص. 108.
  43. ^ الرقيق القيرواني (1994)، ص. 127.
  44. ^ ابن عذاري (2013)، ج. 1، ص. 135.
  45. ^ ابن عذاري (2013)، ج. 1، ص. 147.
  46. ^ ابن الأبار (1985)، ج. 1، ص. 163.
  47. ^ ابن عذاري (2013)، ج. 1، ص. 148.
  48. ^ ابن الأبار (1985)، ج. 1، ص. 168.
  49. ^ ابن عذاري (2013)، ج. 1، ص. 133.
  50. ^ ابن الأثير (1997)، ج. 5، ص. 436.

بيانات المراجع كاملة

  • Q121009112، QID:Q121009112
  • Q114456807، QID:Q114456807
  • Q114913343، QID:Q114913343
  • Q114684142، QID:Q114684142
  • Q114955882، QID:Q114955882
  • Q113078038، QID:Q113078038
  • Q121086331، QID:Q121086331
  • Q121791735، QID:Q121791735
  • Q120885797، QID:Q120885797
  • Q123853255، QID:Q123853255
  • Q114988669، QID:Q114988669
  • Q111421498، QID:Q111421498
  • Q114660797، QID:Q114660797
  • Q114760860، QID:Q114760860
  • Q113528574، QID:Q113528574
  • Q123644268، QID:Q123644268
  • Q114648205، QID:Q114648205
  • Q113504685، QID:Q113504685
  • Q113519441، QID:Q113519441
  • Q123738676، QID:Q123738676
  • Q121789590، QID:Q121789590
  • Q115058304، QID:Q115058304