عرض مصدر شبه الجزيرة الإيبيرية

{{عن|شبه جزيرة إيبِيرِيا||إبيريا (توضيح)}}
{{إحداثيات|40|18|N|3|43|W|type: | display=title}}
{{معلومات إقليم جغرافي
|الخريطة             =Iberia (orthographic projection).svg
|حجم_الخريطة         = 
|البلد           = [[إسبانيا]]، [[البرتغال]]، [[فرنسا]]، [[جبل طارق]]، [[أندورا]] 
|المساحة             = 583,254 كيلومتر مربع
|عدد السكان          =
|الكثافة السكانية    = 53 مليون نسمة
|يشمل       = 
|التقسيمات           =
|الحاكم             =
|اللغة               = 
|اللغات الإقليمية     = 
|المنطقة الزمنية     = 
|أكبر منطقة         = 
|أكثر المدن ازدحاما  =
|الثروات            = 
|الديانة=
}}
'''شبه جزيرة إيْبِيرِيَا''' {{إسبانية|Península ibérica}} أو '''شبه الجزيرة الإيْبِيرِيّة''' أو '''إِبَارِيَة'''،<ref name="إبارية">«الأندلس: هذه الجزيرة في آخر الإقليم الرابع إلى المغرب... وقيل اسمها في القديم: إبارية، ثم سميت بعد ذلك: باطقة» [[محمد بن عبد المنعم الحميري|الحميري]]، [[صفة جزيرة الأندلس]].</ref> وتعرف أحياناً باسم '''شبه قارة إسبانيا''' أو '''شبه القارة الإسبانية''' {{إسبانية|Subcontinente español}} {{برتغالية|Subcontinente Espanhol}} (كانت تسمى '''جزيرة الأندلس'''<ref name="الروض">«'''[[مارتلة]]:''' على [[نهر يانة|نهر بطليوس]] بـ'''جزيرة الأندلس'''، منها الزاهد [[موسى بن عمران المارتلي]]، اشتهر في [[إشبيلية]] بالصلاح». [[محمد بن عبد المنعم الحميري]]، [[الروض المعطار في خبر الأقطار]].</ref> أو '''شبه جزيرة الأندلس''' أو '''شبه الجزيرة الأندلسية''' أثناء فترة الحكم [[الإسلام]]ي {{ل|أندلس}}) تقع في الجزء الجنوبي الغربي من قارة [[أوروبا]]. تتكون من [[إسبانيا]] و[[البرتغال]] و[[أندورا]] ومنطقة [[جبل طارق]].

تشكل [[إسبانيا]] الجزء الأكبر منها بحوالي 85% في حين تحتل [[البرتغال]] الجزء الغربي فيها بنحو 14.9% من مساحة شبه الجزيرة. يحدها [[البحر الأبيض المتوسط|البحر المتوسط]] من الجنوب والشرق و[[المحيط الأطلسي]] من شمالها وغربها وتتصل مع أوروبا من طرفها الشمالي الشرقي. تشكل [[البرانس|جبال البرانس]] الحدود الطبيعية مع أوروبا لشبه الجزيرة الإيبيرية. تزيد مساحتها عن 582 ألف كم مربع في حين أن اندورا المشتركة مع الجمهورية الفرنسية تشكل مساحة 0.76 % أما منطقة جبل طارق فتشكل مساحة 0.5 % .

== التسمية ==
[[ملف:España y Portugal.jpg|تصغير|صورة بالقمر الصناعي لشبه الجزيرة الإيبيرية]]
=== الاسم اليوناني ===
كلمة '''إيبِيرْيَا''' هي اسم مقتبس من الكلمة [[اللغة اللاتينية|اللاتينية]] '''هيبيريا''' (Hiberia) التي اشتقت من الكلمة [[اللغة الإغريقية|الاغريقية]] القديمة '''Ἰβηρία ''' (أو Ibēríā)، والتي استخدمها الجغرافيون اليونانيون خلال حكم [[الإمبراطورية الرومانية]] للإشارة إلى ما يعرف اليوم باسم شبه الجزيرة الإيبيرية.<ref name="LyonsPapadopoulos2002">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=Claire L. Lyons|مؤلف2=John K. Papadopoulos|عنوان=The Archaeology of Colonialism|مسار=https://books.google.com/books?id=xB7EZ9L7y-gC&pg=PA68|سنة=2002|ناشر=Getty Publications|isbn=978-0-89236-635-4|صفحات=68–69| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170313232525/https://books.google.com/books?id=xB7EZ9L7y-gC&pg=PA68 | تاريخ أرشيف = 13 مارس 2017 }}</ref>  في ذلك الوقت، لم يصف الاسم كيانا جغرافيا واحدا معينا أو مجموعة سكانية مميزة؛ تم استخدام نفس الاسم أيضا لوصف [[مملكة أيبيريا]] التي كانت تقع في [[القوقاز]] ومعروفة في الأصل تحت اسم [[كارتلي]]، وهي المنطقة المركزية لما أصبح فيما بعد معروفا ب[[مملكة جورجيا]].<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Strabo|مؤلف-وصلة=Strabo|عنوان=Geographica|الفصل=Book III Chapter 1 Section 6|اقتباس=And also the other Iberians use an alphabet, though not letters of one and the same character, for their speech is not one and the same.|وصلة العنوان=Geographica}}</ref> كان المؤرخ اليوناني [[سترابو]] أول من أبلغ في أعماله عن إيبيريا باعتبارها كتلة قارية منفصلة عن بلاد الغال بواسطة جبال [[البرانس]]ي.<ref name="Ebel1976">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Charles Ebel|عنوان=Transalpine Gaul: The Emergence of a Roman Province|مسار=https://books.google.com/books?id=lbwUAAAAIAAJ&pg=PA49|سنة=1976|ناشر=Brill Archive|isbn=90-04-04384-5|صفحات=48–49| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170313232656/https://books.google.com/books?id=lbwUAAAAIAAJ&pg=PA49 | تاريخ أرشيف = 13 مارس 2017 }}</ref><ref name="Padrón2004">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Ricardo Padrón|عنوان=The Spacious Word: Cartography, Literature, and Empire in Early Modern Spain|مسار=https://archive.org/details/spaciouswordcart0000padr|التسجيل=registration|تاريخ=1 February 2004|ناشر=University of Chicago Press|isbn=978-0-226-64433-2|صفحة=[https://archive.org/details/spaciouswordcart0000padr/page/252 252]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20210309002634/https://archive.org/details/spaciouswordcart0000padr | تاريخ أرشيف = 9 مارس 2021 }}</ref> مع سقوط الإمبراطورية الرومانية وتوحيد [[لغات رومانسية|اللغات الرومانية]]، عوضت كلمة «إيبيريا» الكلمة الرومانية «هيبيريا» والكلمة الإغريقية "Ἰβηρία" المستعملة سابقا.

وصل الإغريق القدماء إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، التي سمعوا عنها من ال[[فينيقيا|فينيقيون]]، عن طريق ابحارهم غربا عبر [[البحر الأبيض المتوسط]].<ref name="WaldmanMason2006">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=Carl Waldman|مؤلف2=Catherine Mason|عنوان=Encyclopedia of European Peoples|مسار=https://books.google.com/books?id=kfv6HKXErqAC&pg=PA404|سنة=2006|ناشر=Infobase Publishing|isbn=978-1-4381-2918-1|صفحة=404| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170313230534/https://books.google.com/books?id=kfv6HKXErqAC&pg=PA404 | تاريخ أرشيف = 13 مارس 2017 }}</ref> أول من استخدم مصطلح «إيبيريا» كان هو المؤرخ اليوناني [[هكتيوس الملطي]]، الذي كتب عنه حوالي 500 سنة قبل الميلاد.<ref>{{استشهاد بكتاب|الأخير=Strabo|مؤلف-وصلة=Strabo|آخرون=Horace Leonard Jones (trans.) |عنوان=The Geography|المجلد=II|تاريخ=1988|ناشر=Bill Thayer|مكان=Cambridge|لغة=grc, en|صفحة=118, Note 1 on 3.4.19|مسار= http://penelope.uchicago.edu/Thayer/E/Roman/Texts/Strabo/3D*.html#note124|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230308141727/http://penelope.uchicago.edu/Thayer/E/Roman/Texts/Strabo/3D%2A.html#note124|تاريخ أرشيف=2023-03-08
|حالة المسار=live}}</ref> يقول [[هيرودوت]] عن ال[[بوجيا (الإغريق)|بوجيين]] «إنهم هم من جعلوا الإغريق يعرفون [...] أيبيريا».<ref name="Herodotus1827">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Herodotus|عنوان=The nine books of the History of Herodotus, tr. from the text of T. Gaisford, with notes and a summary by P. E. Laurent|مسار=https://books.google.com/books?id=rledbh92a0QC&pg=PA75|سنة=1827|صفحة=75| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170314000019/https://books.google.com/books?id=rledbh92a0QC&pg=PA75 | تاريخ أرشيف = 14 مارس 2017 }}</ref> وفقا ل[[سترابو]]،<ref name="III.4.19">Geography III.4.19.</ref> استخدم المؤرخون السابقون كلمة إيبيريا للإشارة للبلد الواقع على جانب نهر [[إبرة (نهر)|إبرة]] (Ἶβηρος) وصولا ل[[نهر الرون]] شمالا، مع ذلك وفي أيامه وصلت حدود إيبيريا إلى غاية جبال البرانسي. [[بوليبيوس]] من جهته يحترم هذه الحدود،<ref>III.37.</ref> لكنه يعرف إيبيريا على أنها تمتد من جهة المتوسطي حتى جنوب [[جبل طارق]]، في حين لم يذكر أي شئ عن حدودها من جهة الأطلسي. من جانب آخر،<ref>III.17.</ref> يقول إن [[مرباطر|ساغونتوم]] «تقع على سفوح سلسلة التلال المطلة على البحر والتي تربط بين إيبيريا وكلتيبيريا». يشير سترابو<ref>III.4.11.</ref> إلى الكريتانيين على أنهم أناس من «أصول أيبيرية» يعيشون في جبال البرانسي، ويختلفون عن ال[[قلط|كلتيين]] أو ال[[سلتيأيبيرون|سلتيأيبيريين]].

=== الاسم الروماني ===
وفقا ل[[تشارلز إبيل]]، لطالما استخدمت المصادر القديمة باللغتين اللاتينية واليونانية عبارات من قبيل '''هيسبانيا''' و'''هيبيريا''' (اليونانية: '''إيبيريا''') للإشارة للمنطقة. الخلط الحاصل في استخدام هذه الكلمات كان بسبب تداخل وجهات النظر السياسية والجغرافية. الكلمة اللاتينية هيبيريا، المشابهة للكلمة اليونانية إيبيريا، تترجم حرفياً إلى «أرض الهيبيريين». هذه الكلمة مشتقة من اسم '''نهر إيبيروس''' (يسمى حاليا نهر إبرة أو إبر).  وهكذا تم استخدام مصطلح هيبري (إيبيري) كمصطلح للإشارة إلى الشعب الذي عاش بالقرب من نهر إبرة.<ref name="Ebel1976" /><ref name="Gaffiot1934">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Félix Gaffiot|عنوان=Dictionnaire illustré latin-français|مسار=https://archive.org/stream/FelixGaffiotDictionnaireIllustr.LatinFrancais/DictionnaireIllustr-Latin-Franais#page/n773/mode/2up|سنة=1934|ناشر=Hachette|صفحة=764| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20160531014601/https://archive.org/stream/FelixGaffiotDictionnaireIllustr.LatinFrancais/DictionnaireIllustr-Latin-Franais | تاريخ أرشيف = 31 مايو 2016 }}</ref>

أول ذكر لهذا المصطلح في الأدب الروماني كان من قبل الشاعر [[إينيوس]] سنة 200 قبل الميلاد.<ref name="Woolf2012">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Greg Woolf|عنوان=Rome: An Empire's Story|مسار=https://books.google.com/books?id=Wb13HpLmecgC&pg=PA18|تاريخ=8 June 2012|ناشر=Oxford University Press|isbn=978-0-19-997217-3|صفحة=18|مؤلف-وصلة=Greg Woolf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20201207160558/https://books.google.com/books?id=Wb13HpLmecgC&pg=PA18 | تاريخ أرشيف = 7 ديسمبر 2020 }}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Berkshire Review|مسار=https://books.google.com/books?id=WJ4xAQAAIAAJ&q=%22Quintus%20Ennius%22|سنة=1965|ناشر=Williams College|صفحة=7| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20210129170413/https://books.google.com/books?id=WJ4xAQAAIAAJ&q=%22Quintus+Ennius%22 | تاريخ أرشيف = 29 يناير 2021 }}</ref><ref name="Vega2003">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Carlos B. Vega|عنوان=Conquistadoras: Mujeres Heroicas de la Conquista de America|مسار=https://books.google.com/books?id=60n1RxTE94EC&pg=PA15|تاريخ=2 October 2003|ناشر=McFarland|isbn=978-0-7864-8208-5|صفحة=15| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170314104654/https://books.google.com/books?id=60n1RxTE94EC&pg=PA15 | تاريخ أرشيف = 14 مارس 2017 }}</ref> يشير [[فيرجيل]] إلى ''إيباكاتوس هيبيروس'' («إيبيري لا يهدأ») في عمله ال[[جورجيين (قصيدة)|جورجيون]]. أطلق الجغرافيون الرومانيون وغيرهم من الكتاب الذين تحدثو عن [[الجمهورية الرومانية]] على شبه الجزيرة بأكملها [[هيسبانيا]].<ref name="Virgil1846">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Virgil|عنوان=The Eclogues and Georgics of Virgil|مسار=https://archive.org/details/ecloguesandgeor02virggoog|سنة=1846|ناشر=Harper & Brothers|صفحة=[https://archive.org/details/ecloguesandgeor02virggoog/page/n342 377]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20201107135656/https://archive.org/details/ecloguesandgeor02virggoog | تاريخ أرشيف = 7 نوفمبر 2020 }}</ref>

خلال العصور القديمة اليونانية والرومانية، تم استخدام اسم '''هيسبيريا''' للإشارة في آن واحد إلى شبه الجزيرة الإيطالية والإيبيرية؛ في الحالة الأخيرة، استخدم مصطلح '''هيسبيريا أولتيما''' (في إشارة إلى موقعها في أقصى الغرب) لوصف شبه الجزيرة الإيبرية بهدف توضيح حالة الغموض الأولى التي طبعت أعمال الكتاب الرومان الأوائل. إضافة إلى ذلك ومنذ العصور القديمة الرومانية، أطلق يهود في تلك المنطقة اسم [[سيفراد]] على شبه الجزيرة الإيبيرية. 

مع تزايد الاهتمام السياسي للرومان بالأراضي القرطاجية السابقة، استخدمو أسماء مثل '''[[هسبانيا سيتيريور]]''' و '''[[هيسبانيا أوليتير|هيسبانيا أولتيريور]]''' للإشارة إلى هيسبانيا «القريبة» و «البعيدة». في ذلك الوقت كانت هسبانيا مكونة من ثلاث [[مقاطعة رومانية|مقاطعات رومانية]]: [[هسبانيا بايتيكا]]، [[هسبانيا تاراكونيس]]، و[[لوسيتانيا|هيسبانيا لوسيتانيا]]. يقول سترابو  إن الرومان استخدمو هيسبانيا وأيبيريا بشكل مترادف للتمييز بين المقاطعات الشمالية القريبة والمقاطعات الجنوبية البعيدة. كان اسم «إيبيريا» حينها غامضا، لأنه كان أيضا اسم مملكة إيبيريا في القوقازية.

=== الاسم الحديث ===
صاغ الجغرافي الفرنسي [[جان بابتيست بوري دي سانت فنسنت]] العبارة الحديثة «شبه الجزيرة الإيبيرية» بحلول سنة [[1823]] في عمله الذي أطلق عليه اسم «دليل الرحالة في إسبانيا». قبل ذلك التاريخ، استخدم الجغرافيون مصطلحات أخرى مثل '''شبه الجزيرة الإسبانية''' أو '''شبه الجزيرة البرانسية'''.'''<ref>http://age.ieg.csic.es/hispengeo/documentos/quirosbory.pdf {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200925133710/http://age.ieg.csic.es/hispengeo/documentos/quirosbory.pdf|date=2020-09-25}}</ref>'''

== تاريخ ==
=== الحكم الروماني ===
خلال الحرب البونيقية الثانية ضد القرطاجيين وبالضبط في سنة 218 قبل الميلاد، احتلت القوات ال[[روما القديمة|رومانية]] الأولى شبه الجزيرة الأيبيرية؛ ومع ذلك، لم يتم ضمها إلى غاية عهد [[أغسطس قيصر|أغسطس]] بعد حوالي 200 عام من الحرب على ال[[قلط|الكلتيين]] وال[[إيبيريون|إيبيريين]]. فكانت النتيجة إنشاء مقاطعة هيسبانيا الرومانية. تم فيما بعد تقسيم هذه الأخيرة إلى هيسبانيا أولتيريور وهيسبانيا سيتيريور خلال أواخر [[الجمهورية الرومانية]]، ثم إلى هسبانيا تاراكونيس في الشمال الشرقي، وهسبانيا بايتيكا في الجنوب ولوسيتانيا في الجنوب الغربي خلال [[الإمبراطورية الرومانية]].

زودت هيسبانيا الإمبراطورية الرومانية بالفضة والطعام وزيت الزيتون والنبيذ والمعادن. إضافة إلى ذلك تنحذر عدد من الشخصيات البارزة خلال العهد الروماني من هذه المنطقة. حيث أن الأباطرة [[تراجان]]، [[هادريان]]، [[ماركوس أوريليوس]]، و[[ثيودوسيوس الأول]]، الفيلسوف [[لوكيوس سينيكا|سينيكا]] الأصغر، والشعراء [[مارتياليس]] و[[لوكان (شاعر)|لوكان]] كلهم ولدوا لعائلات عاشت في شبه الجزيرة الإيبيرية.

على مدى 600 سنة من احتلالهم لشبه الجزيرة الإيبيرية، ادخل الرومان إلى هذه المنطقة اللغة اللاتينية، والتي سرعان ما أثرت بشكل أو بآخر على عديد من اللغات التي ما تزال إلى غاية اليوم في شبه الجزيرة الإيبيرية.

=== ما قبل العصر الحديث ===
احتلت شبه الجزيرة الإيبيرية خلال أوائل القرن الخامس، من قبل [[جرمان|القبائل الجرمانية]] متمثلة في ال[[سويبيون]] وال[[وندال]] (ال[[سيلينجيون]] وال[[هادينجيون]]) وحلفاؤهم ال[[ألان]]. فقط [[سويبيون|مملكة السويبي]] (ال[[كواديون]] وال[[ماركومانيون]]) من ستتحمل بعد وصول موجة أخرى من الغزاة الجرمانيين متمثلة في [[قوط غربيون|القوط الغربيين]]، الذين احتلوا كل شبه الجزيرة الإيبيرية وطردوا الفاندال والآلان أو أدمجوهم جزئيا. احتل القوط الغربيون في النهاية مملكة السويبي وعاصمتها براكارا (براغا حاليا) بين سنتي 584 و585. سيحتلون أيضا بين سنتي 552 و624 مقاطعة [[سبانيا]] التابعة [[الإمبراطورية البيزنطية|للإمبراطورية البيزنطية]] والتي تشمل جزءا من جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية و[[جزر البليار]].

بحلول سنة [[711]] ميلادية، غزا المسلمة خلال [[الفتح الإسلامي للأندلس|الفتح الإسلامي لهيسبانيا]] مملكة القوط الغربيين. حيث نزلت الجيوش الإسلامية تحت قيادة [[طارق بن زياد]] في جبل طارق، خاص بعدها المسلمون حملة استمرت على مدى ثماني سنوات، تمكنوا خلالها احتلال جميع الممالك الهيسبانية باستثناء تلك الواقعة في شمال شبه الجزيرة. [[الأندلس]] (وهو اسم عربي قد يكون ناتجا ربما عن تحريف لمصطلح '''فانداليسيا''' أو «أرض الفندال»)،<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Abraham Ibn Daud's Dorot 'Olam (Generations of the Ages): A Critical Edition and Translation of Zikhron Divrey Romi, Divrey Malkhey Yisra?el, and the Midrash on Zechariah|مسار=https://books.google.com/books?id=XqNR6MqN8csC&pg=PA57|تاريخ الوصول=10 August 2013|تاريخ=7 June 2013|ناشر=BRILL|isbn=978-90-04-24815-1|صفحة=57| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20201207160613/https://books.google.com/books?id=XqNR6MqN8csC&pg=PA57 | تاريخ أرشيف = 7 ديسمبر 2020 }}</ref><ref name="Samsó1998">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Julio Samsó|عنوان=The Formation of Al-Andalus: History and society|مسار= https://books.google.com/books?id=3k9pAAAAMAAJ|تاريخ الوصول=10 August 2013|سنة=1998|ناشر=Ashgate|isbn=978-0-86078-708-2|صفحات=41–42|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20201207160619/https://books.google.com/books?id=3k9pAAAAMAAJ
|تاريخ أرشيف=2020-12-07}}</ref> هو الاسم العربي الذي يطلق على إيبيريا المسلمة. كنتيجة لذلك، قام الفاتحون المسلمون ([[عرب]] وال[[أمازيغ]]) بتحويل وتعريب الممالك الهيسبانيا الرومانية.<ref name="Fernández-Morera2016">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Darío Fernández-Morera|عنوان=The Myth of the Andalusian Paradise|مسار=https://books.google.com/books?id=PJNgCwAAQBAJ&pg=PT286|تاريخ=9 February 2016|ناشر=Intercollegiate Studies Institute|isbn=978-1-5040-3469-2|صفحة=286| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20201207160540/https://books.google.com/books?id=PJNgCwAAQBAJ&pg=PT286 | تاريخ أرشيف = 7 ديسمبر 2020 }}</ref> بعد حملة طويلة، استمرت على مدى القرنين التاسع والعاشر، اعتنق في النهاية غالبية السكان في الأندلس الإسلام.{{Sfn|Marín-Guzmán|1991|p=47}} تتم الإشارة إلى مسلمي شبه الجزيرة الإيبيرية عامة باسم ال[[موريون|موريس]].<ref name="Peters2009">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=F. E. Peters|عنوان=The Monotheists: Jews, Christians, and Muslims in Conflict and Competition, Volume I: The Peoples of God|مسار=https://books.google.com/books?id=RsafPfUjC6EC&pg=PA182|تاريخ=11 April 2009|ناشر=Princeton University Press|isbn=978-1-4008-2570-7|صفحة=182| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20210129211629/https://books.google.com/books?id=RsafPfUjC6EC&pg=PA182 | تاريخ أرشيف = 29 يناير 2021 }}</ref> انقسم المسلمين في الاندلس وفقا للعرق إلى عرب وأمازيغ ومولودين، وكان أغلبهم من العرب، الشئ الذي كان سببا في نشوء تنافس وصراعات من وقت لآخر، خاصة بين العرب والأمازيغ.{{Sfn|Marín-Guzmán|1991|p=43–44}} سُمح للمسيحيين واليهود بالعيش كجزء من المجتمع الأندلسي في ظل [[أهل الذمة|حماية المسلمين]]،{{Sfn|Marín-Guzmán|1991|p=46}} على الرغم من أن اليهود أصبحوا مهيمنين أكثر في بعض المجالات.{{Sfn|Marín-Guzmán|1991|p=49}} هاجر بعض المسيحيين إلى الممالك المسيحية الشمالية، في حين بقي بعضهم في الأندلس وتبنو لغة العرب وتقاليدهم وحرفهم حتى صارو يعرفون باسم ال[[مستعربون|مستعربين]].{{Sfn|Marín-Guzmán|1991|p=48}}

=== العصر الحديث ===
خلال القرن السادس عشر، أنشأت إسبانيا إمبراطورية شاسعة امتدت إلى الأمريكتين، حيث تحولت [[إشبيلية]] لتصبح مركزا للتجارة عبر المحيط الأطلسي على أساس تجارة ال[[سبيكة|سبائك]].{{Sfn|Wallerstein|2011|p=169–170}} أدى التوسع الإمبريالي الإيبيري، من خلال إنشاء الاسبان والبرتغاليين لطرق التبادلات التجارية المؤدية إلى آسيا وفي وقت لاحق عبر المحيط الأطلسي مع العالم الجديد، إلى التدهور الاقتصادي ل[[شبه الجزيرة الإيطالية]].{{Sfn|O'Brien|Prados de la Escosura|1998|p=37–38}} عرف القرن السادس عشر نموا سكانيا كبيرا مما أدى إلى ازدياد الضغط على الموارد.{{sfn|Wallerstein|2011|p=116–117}} في حالة شبه الجزيرة الإيبيرية، انتقل جزء من السكان إلى الأمريكتين بينما تم نفي اليهود والموريسكيين إلى أماكن أخرى في حوض البحر الأبيض المتوسط.{{sfn|Wallerstein|2011|p=117}} بقي معظم الموريسكيين في إسبانيا بعد ثورة [[البشرات (1568-1571)|ثورة الموريسكيين]] في لاس ألبوخاراس خلال منتصف القرن السادس عشر، لكن تم فيما بعد [[طرد الموريسكيين من إسبانيا|طرد ما يقرب من 300000 منهم]] من البلاد بين سنتي [[1609]] و[[1614]]، حيث هاجروا بشكل جماعي إلى شمال إفريقيا واستقروا هناك.{{Sfn|Liang|Balbale|Devereux|Gómez-Rivas|2013|p=23}}
[[ملف:Chafariz d’El-Rey, c. 1570-80 (Colecção Berardo).png|تصغير|صورة مجهولة للشبونة التي كانت مركزا لتجارة الرقيق، خلال أواخر القرن السادس عشر.<ref>{{استشهاد بدورية محكمة|الأخير=Halikowski Smith|الأول=Stefan|سنة=2018|عنوان=Lisbon in the sixteenth century: decoding the Chafariz d'el Rei|صحيفة=[[Race & Class]]|المجلد=60|العدد=2|doi=10.1177/0306396818794355|صفحات=1–19|s2cid=220080922|مسار= https://cronfa.swan.ac.uk/Record/cronfa45477|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20210129205141/https://cronfa.swan.ac.uk/Record/cronfa45477
|تاريخ أرشيف=2021-01-29}}</ref>]]

في سنة [[1580]]، وبعد الأزمة السياسية التي أعقبت وفاة الملك [[سبستيان الأول ملك البرتغال|سيباستيان]] سنة [[1578]]، أصبحت البرتغال كيانا مركبا تحت حكم سلالة [[هابسبورغ]] الملكية؛ وهكذا، تم توحيد شبه الجزيرة سياسيا بين سنتي [[1580]] و[[1640]]، وهي الفترة المعروفة باسم [[الاتحاد الإيبيري]]. في عهد [[فيليب الثاني ملك إسبانيا]]، أضيفت مجالس البرتغال وإيطاليا وفلاندرز وبورجوندي إلى باقي مناطق نفوذ [[الإمبراطورية الإسبانية|المملكة الهيسبانية]] وأصبحت تحت سيادتها.{{Sfn|Barrios|2015|p=52}} خلال فترة الاتحاد الإيبيري، حدثت «أول موجة كبيرة» ل[[تجارة العبيد عبر الأطلسي]]، وفقا لما ذكره إنريكيتا فيلا فيلار، حيث عرفت هذه الحقبة ظهور أسواق جديدة بسبب هذا التوحد الذي أعطى دفعة لتجارة العبيد.{{sfn|Nemser|2018|p=117}}

بحلول سنة [[1600]]، قاربت نسبة سكان المناطق الحضرية السبانية 11.4 في المائة، بينما قُدِّرت نسبة السكان في نفس المناطق بالنسبة للبرتغال بـ 14.1 في المائة، حيث كانت كلا النسبتين أعلى من المتوسط الأوروبي في ذلك الوقت البالغ 7.6 في المائة.{{Sfn|Gelabert|1994|p=183}} ظهرت بعض الاختلافات اللافتة بين العوالم الأيبيرية المختلفة. قشتالة، التي تمتد على مساحة 60 في المائة من أراضي شبه الجزيرة، تمركز 80 في المائة من سكانها في مناطق حضرية إلى حد ما، ولكن مع توزيع متمدد للمدن.{{Sfn|Gelabert|1994|p=183–184}} بالموازاة مع ذلك، تمركز سكان الحواضر في [[تاج أرغون]] بشكل كبير في عدد قليل من المدن: [[سرقسطة]] (مملكة أراغون)، [[برشلونة]] (إمارة كاتالونيا)، وبدرجة أقل في [[مملكة بلنسية]]، في كل من [[بلنسية]]، [[لقنت]] و[[أوريولة|أوريويلة]].{{Sfn|Gelabert|1994|p=183–184}} في حالة البرتغال عرفت عاصمتها الموسعة [[لشبونة]] (التي زاد عدد سكانها بشكل كبير خلال القرن السادس عشر، من 56000 إلى 60000 نسمة سنة [[1527]]، إلى حوالي 120000 نسمة بحلول الربع الثالث من نفس القرن) بفضل ازدهار التجارة الاسيوية دينامية ديموغرافية،{{sfn|Miranda|2017|p=75–76}} تلتها في ذلك بفارق كبير مدينتي [[بورتو]] و[[يابرة]] (بلغ عدد سكانهما حوالي 12500).{{sfn|Miranda|2017|p=76}} خلال القرن السادس عشر، كانت كل من لشبونة وإشبيلية من بين أكبر مدن أوروبا الغربية وأكثرها ديناميكية.{{Sfn|O'Flanagan|2008|p=18}}

بحلول سنوات القرن السابع عشر، شهدت الاقتصادات الإيبيرية فترة سلبية كان يُنظر إليها على أنها فترة ركود أو أزمة أو حتى انحدار،{{Sfn|Yun Casalilla|2019|p=418}} الشئ الذي أدى إلى انتقال الديناميكية الحضرية بشكل رئيسي إلى شمال أوروبا.{{Sfn|Yun Casalilla|2019|p=418}} تفككت خلال هذه الفترة شبكة وسط المدينة على هضبة قشتالة (بالموازاة مع زيادة النشاط الاقتصادي بالعاصمة [[مدريد]])، [[قشتالة الجديدة (توضيح)|قشتالة الجديدة]] فقط من قاومت الركود الداخلي. {{Sfn|Yun Casalilla|2019|pp=421; 423}} فيما يتعلق بالواجهة الأطلسية لقشتالة، وبصرف النظر عن انقطاع التجارة مع شمال أوروبا، فقد عانت إلى حد ما التجارة البينية مع المناطق الأخرى في شبه الجزيرة الأيبيرية.{{Sfn|Yun Casalilla|2019|p=424}} في أراغون، التي تعاني من مشاكل مماثلة لقشتالة، أدى طرد الموريسكيين من مملكة بلنسية سنة [[1609]] إلى تفاقم الركود. تحول الحرير من صناعة محلية إلى سلعة خام يتم تصديرها.{{Sfn|Yun Casalilla|2019|p=425—426}} مع ذلك، كان تأثير هذه الأزمة متفاوتا (أثرت لفترة أطول على وسط شبه الجزيرة)، حيث تعافت كل من البرتغال والمناطق المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط خلال الجزء الأخير من القرن مدفوعة بتزايد النمو.{{Sfn|Yun Casalilla|2019|p=428—429}}

أدت تداعيات [[حرب الاستعادة البرتغالية]] التي اندلعت بشكل متقطع بين سنتي [[1640]] و[[1668]] إلى بروز [[بيت براغانزا|أسرة براغانزا]] باعتبارها السلالة الحاكمة الجديدة للأراضي البرتغالية في جميع أنحاء العالم (باستثناء [[سبتة]])، الشئ الذي وضع نهاية للاتحاد الإيبيري.
على الرغم من بدء كل من البرتغال وإسبانيا طريقهما نحو التحديث مع بروز الثورات الليبرالية خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، فقد كانت هذه العملية فيما يتعلق بالتغييرات الهيكلية في التوزيع الجغرافي للسكان، فاشلة نسبيا مقارنة بما حدث  في شبه الجزيرة الأيبيرية بعد الحرب العالمية الثانية، عندما سارت التنمية الحضرية القوية بالتوازي مع تنامي أشكال [[الهجرة القروية]].{{Sfn|Silveira|Alves|Painho|Costa|2013|p=172}}

== الجغرافيا ==
[[ملف:Spain topo.png|تصغير|خريطة طوبوغرافية لشبه الايبيرية.]]
=== الموقع ===
تقع شبه الجزيرة الإيبيرية في [[أوروبا الجنوبية|جنوب القارة الأوروبية]]، حيث يحدها البحر الأبيض المتوسط من الجنوب والجنوب الشرقي، والمحيط الأطلسي من الجنوب الغربي والغرب والشمال الغربي، وجبال البرانس التي تفصل إسبانيا عن فرنسا من جهة الشمال الشرقي. تتكون شبه الجزيرة أساسا من الدول والأقاليم التالية: 
{| class="wikitable" border="1"
! الدولة أو الاقليم
! المساحة (كيلومتر مربع)
! نسبتها من شبه الجزيرة (%)
|-
| {{إسبانيا}}
| 490000
| 84.5
|- 
| {{البرتغال}}
| 89261
| 15.3
|-
| {{علم أندورا}}
| 468
| 0.1
|-
| {{جبل طارق}}
| 6.8~
| 0.001
|-
| {{ فرنسا}}
| 600
| 0.1
|- bgcolor="#EFEFEF"
| المجموع
| 583254
| 100
|}
حسب إحصائيات سنة [[2005]]، يقدر عدد سكان في شبه الجزيرة الإيبيرية بحوالي 54 مليون نسمة.<ref>{{أيقونة إسبانية}} « [http://www.eclac.org/publicaciones/xml/7/27087/lcg2328e_cap7.pdf Asimetrías socioeconómicas en Iberoamérica] », 1. « Iberoamérica: un espacio geográfico y socioeconómico heterogéneo y asimétrico », Espacios iberoamericanos. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20070214070019/http://www.eclac.org:80/publicaciones/xml/7/27087/lcg2328e_cap7.pdf|date=2007-02-14}}</ref> تحتل إسبانيا المرتبة الأولى من حيث عدد السكان  حيث تضم وحدها حوالي 84 في المائة من مجموع سكان شبه الجزيرة، تليها في المرتبة الثانية البرتغال بنسبة 15 في المائة، والباقي يتوزع على الجزء الفرنسي ودولة أندورا وجبل طارق.

=== المناخ ===
تتميز شبه الجزيرة الأيبيرية بمناخ متوسطي بشكل أساسي، خاصة في المناطق ذات الارتفاع المنخفض وعلى ال[[نطاق شاطئي|ساحل]]. اعتمادًا على الارتفاع والتضاريس، تمتاز بعض مناطق المرتفعة بمناخ جبلي مع فصول شتاء أكثر برودة مع احتمالية تساقط للثلوج.

تتميز المناطق الساحلية بدرجات حرارة أكثر اعتدالا خلال الشتاء مقارنة بالمناطق الداخلية. كما تتميز السهول البرتغالية والإسبانية الشاسعة بمناخ متوسطي مع صيف حار إلى حار جدا وجاف وشتاء معتدل ورطب. تمتاز منطقة شبه الجزيرة الإيبيرية بسطوع الشمس على مدار السنة، حيث  تتراوح مدة سطوعها بين 1550 إلى 2900 ساعة في السنة. كلما انتقلنا نحو جنوب شبه الجزيرة، كلما زاد ال[[قحط|جفاف]] وانخفضت كمية هطول الأمطار في السهول وعلى طول الساحل.

=== التحديات المناخية ===
تتعرض شبه الجزيرة الإيبيريا في كثير من الأحيان لموجات جفاف تؤثر على ما لا يقل عن 20 في المائة من أراضيها، وقد تصل النسبة إلى 50 في المائة خلال الجفاف الشديد.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Vicente-Serrano|2006|p=87}}</ref>

يصعب أحيانا التنبؤ بحالات الجفاف هذه سواء مكانيا وزمانيا، مما يجعل التكيف مع هذه الظروف أمرا صعبا أحيانا. بالإضافة إلى هذه الظروف السيئة، يسمح الموقع الجغرافي لشبه الجزيرة (بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط) بمرور ليس فقط [[منخفض جوي|العواصف الشاملة]] وبقايا [[إعصار استوائي|الأعاصير المدارية]] ولكن أيضا [[هطول]] الأمطار غير المنتظمة: أحيانا تكون نادرة، وأحيانا وفيرة، وتؤدي إما إلى موجات حرارية مصحوبة بنقص المياه أو فيضانات مدمرة مصحوبة بانهيارات أرضية.<ref name="FM41">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Fernandez-Montes|2013|p=41}}</ref> وبالتالي، تولد كل هذه الأحداث المناخية عواقب مجتمعية، وقبل كل شيء اقتصادية، تؤدي في النهاية إلى تقويض ال[[زراعة]] بشكل خاص، نتيجة لتدهور تربة [[حقل زراعي|الحقول الزراعية]]، مما يحد من التنمية الزراعية.

إذا كانت هناك مناطق أخرى في قارات أخرى حيث المشاكل الناجمة عن تغير المناخ أكثر كارثية، فإن الوضع في شبه الجزيرة الإيبيرية يظل مقلقا نسبيا في منطقة أوروبا. تهتم الدراسات المناخية في شبه الجزيرة بشكل أكثر بحالة إسبانيا، التي تمتد على 85 في المائة من الأراضي الإيبيرية. تعتبر إسبانيا من بين أكثر دول أوروبا التي تأثرت زراعتها بسبب ظاهرة الاحترار العالمي، حيث تقلصت أراضيها بالفعل إلى 40 في المائة فقط من المساحة الوطنية، والباقي غير قابل للزراعة بسبب التضاريس.<ref name=rosenzweig69>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Iglesias|Rosenzweig|Pereira|2000|p=69}}.</ref> تظل التأثيرات مختلفة جدا من منطقة لأخرى نظرا لوجود تباينات جغرافية: في الشمال والجنوب، يكون نقص المياه وانخفاض المحاصيل (حتى 30 في المائة) أكبر مما هو عليه في المناطق الوسطى حيث تكون خسارة المحاصيل أقل. لكن البلد كله لا يزال يطالب بالمزيد من مياه للري.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Iglesias|Rosenzweig|Pereira|2000|p=78}}</ref> على أرض الواقع، تم تزويد شبه الجزيرة الأيبيرية بأكملها منذ عدة سنوات، بأنظمة ري تتطلب الكثير من المياه (75 في المائة من احتياجات المياه).<ref name="VAP3">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Vargas-Amenlin|Pindado|2013|p=3}}</ref> أدت فترات الجفاف الطويلة والانخفاض في موارد المياه (ثلثي موارد مياه الأمطار تبخرت بسبب التأثيرات القارية وظاهرة الاحترار العالمي<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Drain|1996|p=1}}</ref>) إلى زيادة هذا الطلب.

تعطل حالات الجفاف هذه المرتبطة بالأمطار غير المنتظمة، الدورات الخضرية<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Fernandez-Montes|2013|p=42}}</ref> وتؤثر بشكل سلبي على البيئة من خلال التسبب على وجه الخصوص في حدوث [[حرائق الغابات]] والتصحر. أدى ذلك إلى [[فقدان التنوع البيولوجي]] واختلال النظم البيئية في المنطقة بسبب تقلص الأراضي الرطبة وكذلك اختفاء النباتات والحيوانات المرتبطة بها.<ref name="VAP3"/> أدت هذه الظاهرة أيضا إلى زيادة عملية تآكل التربة وتملحها، مما أدى إلى تقلص الأراضي الصالحة للزراعة.<ref name="VAP4">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Vargas-Amenlin|Pindado|2013|p=4}}</ref> في مواجهة هذه المشاكل، تضاعف بشكل طبيعي الاعتماد على الري باعتباره وسيلة جيدة لمكافحة التصحر.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Drain|1996|p=61}}</ref>

بالإضافة إلى العواقب البيئية للمناخ، هناك أيضا العديد من المشكلات الاقتصادية المرتبطة. تم الإبلاغ بحلول سنة [[1999]] عن وجود تباين في الإنتاج الزراعي السنوي بنسبة تصل إلى 20 في المائة،<ref name=rosenzweig69/> ولم يتحسن هذا في الآونة الأخيرة مع انخفاض الأهمية الاقتصادية للزراعة غير المسقية (خاصة الحبوب).<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Vicente-Serrano|2006|p=84}}</ref> ينضاف إلى ذلك تكلفة المياه التي ازدادت بسبب شحها. في بلد مثل إسبانيا، التي تعد رابع أكبر منتج للمياه المحلاة (إنتاج 1.9 مليون متر مكعب يوميا في عام [[2009]])، فإن هذه الزيادة تؤثر بشكل خطير على القطاع الزراعي على وجه الخصوص من خلال التسبب في فقدان الزراعة في بعض المناطق.<ref name="VAP4"/> بالإضافة إلى ذلك، نظرا لأن الري لم يعد حتى موردا مائيا موثوقا به، يبدو أن تمديده يبقى خيار لاينصح به.

بسبب الري المفرط، يجب دائما توقع العواقب الوخيمة غير المباشرة مثل تلوث طبقات المياه الجوفية وتدهور جودة المياه. تبرز هنا الحاجة الملحة للاتجاه نحو الاستثمار في تكييف البنى التحتية لمعالجة مياه الصرف الصحي والحماية من الفيضانات وندرة المياه والجفاف؛ وأيضا انفاق تكاليف إضافية لتوسيع وتعزيز شبكات مراقبة الأحوال الجوية والإنذار.<ref name="VAP4"/> وأخيرا، توعية المزارعين وزيادة مشاركتهم وانخراطهم في الاستخدامات الأفضل للموارد المتاحة (توفير المياه، إلخ) وطرق تكييف المحاصيل.<ref name="VAP4"/>

== الاقتصاد ==
يعتمد اقتصاد دول شبه الجزيرة الإيبيرية بشكل أساسي على التعدين والسياحة والمزارع الصغيرة والصيد. بفضل اطلالتها على الساحل لمسافات شاسعة، فإن صيد الأسماك يعد شائعا في دول شبه الجزيرة، وخاصة صيد السردين والتونة والأنشوجة. تتمركز معظم أنشطة التعدين في جبال البيرينيه. هذه الأخيرة التي تضم مخزونا هاما من المعادن على غرار: الحديد والذهب والفحم والرصاص والفضة والزنك والملح. فيما يتعلق بدور دول شبه الجزيرة في الاقتصاد العالمي، توصف كل من الدويلات الصغيرة [[أندورا]] وإقليم ما وراء البحار البريطاني في [[جبل طارق]] على أنهما [[ملاذ ضريبي|ملاذات ضريبية]].{{Sfn|Cooley|2005|p=167}} 

فيما يخص الفلاحة، تعد البرتغال وإسبانيا من بين أكثر بلدان أوروبا جفافا وسخونة، وهو ما ساعدهما على احتلال مكانة هامة في مجال زراعة بعض من نباتات وأشجار الفاكهة المميزة لمنطقة البحر الأبيض المتوسط مثل الزيتون واللوز والتين الشوكي والليمون والبرتقال ونخيل التمر.

== المراجع ==
{{مراجع|2}}

{{تصنيف كومنز}}
{{شريط بوابات|أوروبا|جبل طارق|فرنسا|إسبانيا|البرتغال|جغرافيا|أندورا}}
{{ضبط استنادي}}

[[تصنيف:شبه الجزيرة الإيبيرية| ]]
[[تصنيف:أشباه جزر البرتغال]]
[[تصنيف:أشباه جزر إسبانيا]]
[[تصنيف:أشباه جزر في أوروبا]]
[[تصنيف:أشباه جزر في فرنسا]]
[[تصنيف:جغرافيا أندورا]]
[[تصنيف:جغرافيا البرتغال]]
[[تصنيف:جغرافيا إسبانيا]]
[[تصنيف:جغرافيا جبل طارق]]
[[تصنيف:جغرافيا فرنسا]]
[[تصنيف:مجتمعات يهودية تاريخية]]
[[تصنيف:مناطق أوروبا]]