عرض مصدر الخلافة الراشدة

{{محمية|1}}
{{عن|دولة الخلفاء الراشدين|لمقالة التي تتحدث عن الخُلَفاءِ الرَّاشدين أنفسهم|الخلفاء الراشدون}}
{{ص.م بلد سابق
| الاسم_المحلي = الخِلافة الراشدة - دولة الخلفاء الراشدين
| الاسم_الشائع = دَوْلَةُ الخِلافةُ الرَّاشِدَة
| خريطة = Mohammad adil-Rashidun-empire-at-its-peak-close.PNG
| تسمية الخريطة = أقصى الحدود التي بلغتها الخلافة الراشدة في عهد [[عثمان بن عفان|عثمان بن عفَّان]] سنة 654م
| القارة = أفرواسيا
| تسمية وصلة العلم = <small>الرَّاية</small>
| نظام الحكم = خلافة شوريَّة
| لقب الحاكم = [[خليفة|خليفة رسول الله]]، [[أمير المؤمنين]]¹
| الحاكم1 = [[أبو بكر الصديق|أبو بكر الصدّيق]]
| فترة الحاكم1 = 632–634
| الحاكم2 = [[عمر بن الخطاب|عُمر بن الخطَّاب]]
| فترة الحاكم2 = 634–644
| الحاكم3 = [[عثمان بن عفان|عُثمان بن عفَّان]]
| فترة الحاكم3 = 644–656
| الحاكم4 = [[علي بن أبي طالب|عليّ بن أبي طالب]]
| فترة الحاكم4 = 656–661
| الحاكم5 = [[الحسن بن علي|الحَسَن بن عليّ]]
| فترة الحاكم5 = 661
| الدين = [[الإسلام]] (الديانة الرسمَّية).<br /> <small>أقليَّات كُبرى وصُغرى: [[المسيحية|المسيحيَّة]]، و[[اليهودية|اليهوديَّة]]، و[[المندائية|الصابئيَّة]]، و[[الزرادشتية|المجوسيَّة]]</small>
| مساحة كم2 = 9000000
| تعداد السكان = 40300000
| العملة = [[دينار|الدينار]] و[[درهم|الدرهم]]
| العاصمة = [[المدينة المنورة|المدينة المنوَّرة]] (632–656م)<br />[[الكوفة]] (656–661م)
| اللغة = [[اللغة العربية|العربيَّة]] (اللغة الرسميَّة)<br /> <small>لُغات أُخرى: [[اللغة الآرامية|الآراميَّة]]، [[اللغة الأرمنية|الأرمنيَّة]]، [[لغات أمازيغية|البربريَّة]]، [[اللغة الجورجية|الكرجيَّة]]، [[اللغة اليونانية|الروميَّة]]، [[اللغة القبطية|القبطيَّة]]، [[عبرية توراتية (لغة)|العبرانيَّة]]، [[لغات أتراكية|التُركيَّة]]، [[اللغة البهلوية|الفهلويَّة]]، [[اللغة الكردية|الكُرديَّة]]</small>
| سنة البداية = 632
| سنة النهاية = 661
| حدث النهاية = الزوال
| لغة رسمية = لا
| بلد سابق1 = صدر الإسلام
| علم بلد سابق1 = BlackFlag.svg
| بلد سابق2 = الإمبراطورية البيزنطية
| علم بلد سابق2 = Labarum of Constantine the Great.svg
| صورة بلد سابق2 = [[ملف:LocationByzantineEmpire 550.png|30px|Byzantine Empire]]
| بلد سابق3 = الإمبراطورية الساسانية
| علم بلد سابق3 = Derafsh Kaviani.png
| صورة بلد سابق3 = [[ملف:Sassanid empire map.png|30px|Sassanid Empire]]
| بلد لاحق1 = الدولة الأموية
| علم بلد لاحق1 = Umayyad Flag.svg
| صورة علم = [[ملف:BlackFlag.svg|150بك|مركز]]
| ملاحظات = لُقّب أبو بكر "بخليفة رسول الله"، ولم يُلقَّب بأمير المؤمنين، فيما حمل اللقب الأخير باقي الخُلفاء الراشدين من بعده وفق المُعتقد السُنّي، أمَّا الشيعة فترى أنَّ عليًّا كان أوَّل من حمل لقب أمير المؤمنين.|
| اليوم = {{قائمة مخفية
|title = 31 دولة
|1 =          {{علم|أفغانستان}}
|2 =          {{علم|أرمينيا}}
|3 =          {{علم|أذربيجان}}
|4 =          {{علم|البحرين}}
|5 =          {{علم|قبرص}}
|6 =          {{علم|مصر}}
|7 =          {{علم|جورجيا}}
|8 =          {{علم|اليونان}}
|9 =          {{علم|إيران}}
|10 =         {{علم|العراق}}
|11 =         {{علم|إسرائيل}}
|12 =         {{علم|إيطاليا}}
|13 =         {{علم|الأردن}}
|14 =         {{علم|الكويت}}
|15 =         {{علم|لبنان}}
|16 =         {{علم|ليبيا}}
|17 =         {{علم|عمان}}
|18 =         {{علم|باكستان}}
|19 =         {{علم|فلسطين}} 
|20 =         {{علم|قطر}}
|21 =         {{علم|روسيا}}
|22 =         {{علم|السعودية}}
|23 =         {{علم|السودان}}
|24 =         {{علم|سوريا}}
|25 =         {{علم|طاجيكستان}}
|26 =         {{علم|تونس}}
|27 =         {{علم|تركيا}}
|28 =         {{علم|تركمانستان}}
|29 =         {{علم|الإمارات العربية المتحدة}}
|30 =         {{علم|أوزبكستان}}
|31 =         {{علم|اليمن}}
}}
}}
'''الخِلافةُ الرَّاشِدَة'''، أو '''الخِلافةُ الراشِدِيَّة'''، أو '''دولةُ الخُلَفاءِ الرَّاشِدين'''، هي أولى دُول [[خلافة إسلامية|الخِلافة الإسلاميَّة]] التي قامت عقِب وفاة الرسول [[محمد|مُحمَّد]] يوم الاثنين [[12 ربيع الأول|12 ربيع الأوَّل]] سنة [[11 هـ|11هـ]]، المُوافق [[7 يونيو]] سنة [[632]]م، وهي دولةُ الخِلافة الوحيدة التي لم يكن الحكم فيها وراثيًّا؛ فقد كان قائمًا على [[شورى|الشورى]]، عكس دول الخِلافة التالية؛ فقد كان الحُكمُ فيها قائمًا على التوريث.

توالى على حكم الدولة أربعة خُلفاء من كِبار [[الصحابة]]، وجميعهم من [[العشرة المبشرون بالجنة|العشرة المُبشرين بالجنَّة،]] وِفق المُعتقد الإسلامي السُنّي تحديدًا، وهم: [[أبو بكر الصديق|أبو بكر الصدّيق]] و[[عمر بن الخطاب|عُمر بن الخطَّاب]] و[[عثمان بن عفان|عُثمان بن عفَّان]] و[[علي بن أبي طالب|عليّ بن أبي طالب]]، يُضاف إليهم [[الحسن بن علي|الحسن بن عليّ بن أبي طالب]] الذي يعدّ البعض عهده القصير في الحكم مُتممًا لعهد الأربعة الذين سبقوه. اشتهر الخُلفاءُ الراشدون بالزُهد والتواضع، وعاشوا حياتهم دون أية أبَّهة وبشكلٍ مُماثل لباقي الناس، ويتَّفقُ عُلماء [[أهل السنة والجماعة|أهل السنَّة والجماعة]] أنَّهم أفضل حكَّام المُسلمين وأعدلهم، وأنَّهم كلَّهم سواسية ولا فضل لأحدٍ على آخر، بينما ينقسم الشيعة حول هؤلاء الخلفاء إلى رأيين: الأول هو رأي [[شيعة اثنا عشرية|الشيعة الاثنا عشريَّة]] و[[إسماعيلية|الإسماعيليَّة]] الذين يعتبرون عليّ بن أبي طالب هو الأحقَّ بالخِلافة، وأنَّ النبي مُحمَّدًا أوصى له بها؛ فهي من حق [[أهل البيت|أهل بيت مُحمَّدٍ]] فقط وقد اغتُصبت منهم، ولهذا فهم يتخذون موقفًا سلبيًّا من الراشدين الثلاثة الأوائل. وأما الرأي الثاني فهو رأي [[زيدية|الشيعة الزيديَّة]] القائل بخِلافة المفضول مع وجود الأفضل؛ أي إنَّ عليًّا أحقُ بالخِلافة لكنَّهم يقرّون بصحَّة خلافة أبي بكر وعُمر وعُثمان. كذلك ظهرت خِلال أواخر هذا العهد طوائف أخرى، بفعل الانقسام الذي حصل بين المُسلمين؛ منها من بالغ في حب عليّ بن أبي طالب، ومنها من بالغ في كرهه.

بلغت الخِلافةُ الرَّاشِدة أوج اتساعها خلال عهد الخليفة الثالث عُثمانَ بنِ عفَّان؛ فامتدت أراضيها من [[شبه الجزيرة العربية|شبه الجزيرة العربيَّة]] إلى [[بلاد الشام|الشام]] [[القوقاز|فالقوقاز]] شمالًا، ومن [[مصر]] إلى [[تونس]] غربًا، ومن [[الهضبة الإيرانية|الهضبة الإيرانيَّة]] إلى [[آسيا الوسطى]] شرقًا، وبهذا تكون الدولة قد استوعبت أراضي [[الإمبراطورية الساسانية|الإمبراطوريَّة الفارسيَّة الساسانيَّة]] كافَّة، وحوالي ثُلثيْ أراضي [[الإمبراطورية البيزنطية|الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة]]. وقد وقعت أغلب [[فتوحات إسلامية|الفتوحات الإسلاميَّة]] في عهد الخليفة الثاني عُمر بن الخطَّاب، وأخذت القبائل العربيَّة تتوطن في البلاد الجديدة، وتعمل على نشر الإسلام بين أهلها، فأصابت في ذلك نجاحًا كبيرًا؛ حيث اعتنقت الأغلبيَّة الساحقة من أهالي تلك البلدان [[الإسلام]] خلال السنوات اللاحقة، وقد برز في عهد الخِلافة الراشدة أسماء عدد من القادة العسكريين الذين احتلّوا منذ ذلك الحين مكانةً مرموقة في عالم الفاتحين التاريخيّين؛ منهم: [[خالد بن الوليد]] و[[عمرو بن العاص]] و[[سعد بن أبي وقاص|سعد بن أبي وقَّاص]]. وكان اتساع الدولة سببًا في جعل العرب يقتبسون لأوَّل مرَّة النظم الإداريَّة الأجنبيَّة؛ فاتبعوا التنظيمات والتقسيمات الإداريَّة البيزنطيَّة والفارسيَّة، وأبقوا على بعضها كما هو، وأدخلوا تعديلاتٍ على أخرى حتى تتناسب مع الظروف المُعاصرة.

أخذت المشاكل تدبُّ في جسم دولة الخِلافة الراشدة خلال عهد [[عثمان بن عفان|عُثمان بن عفَّان]]، عندما وقع الانقسام بين المُسلمين لأوَّل مرَّة ممَّا أدّى إلى [[فتنة مقتل عثمان|مقتل عثمان]]، وتفاقمت المشاكل لاحقًا في عهد [[علي بن أبي طالب]]، وقد انتهى العهد الراشِدي واقعيًّا بعدما تحاكم عليّ و[[معاوية بن أبي سفيان|مُعاوية بن أبي سُفيان]]، بعد رفع المصاحف في [[معركة صفين|معركة صفين؛]] فانقسمت الدولة على إقليمين، أحدهما خاضعٌ لعليّ والآخر لمُعاوية، وانتهت تمامًا بعد أن تنازل الحسن بن علي عن الخِلافة لمُعاوية في [[عام الجماعة]]، حقنًا لدماء المُسلمين، وبعد وفاة الحسن ثبَّت مُعاوية الحكم في [[بنو أمية (قبيلة)|البيت الأموي]] وجعلها وراثيَّة؛ فكان بذلك المؤسس للدولة الإسلاميَّة الثانية ([[الدولة الأموية]]).

== التاريخ ==
{{جدول زمني لعصر الخلفاء الراشدين}}
=== خلفيَّة تاريخيَّة ===
{{أيضا|سقيفة بني ساعدة}}
توفي النبي [[محمد|مُحمَّد]] ضحى يوم الاثنين في [[12 ربيع الأول|12 ربيع الأوَّل]] سنة [[11 هـ|11هـ]]، المُوافق [[7 يونيو]] سنة [[632]]م في بيت زوجته [[عائشة بنت أبي بكر]] [[المدينة المنورة|بالمدينة المنوَّرة]]، وقد تمَّ له 63 سنة،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=شبارو |الأول=عصام محمد |طبعة=3 |عنوان=الدولة العربيَّة الإسلاميَّة الأولى (1-41هـ/623-661م) |سنة=[[1995]]م |ناشر=[[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]] |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]]|صفحة=202}}</ref> فأحدثت وفاته صدمة عنيفة فاجأت المُسلمين عامَّةً، فتجمهروا خارج دار عائشة يريدون التأكد، وقام [[عمر بن الخطاب|عُمر بن الخطَّاب]] من هول صدمته يخطب الناس ويتوعَّد من قال «مات» بالقتل والقطع، حتى أقبل أبو بكر الصدّيق من السنح على دابَّته ونزل بباب المسجد، ودخل بيت عائشة وكشف عن جثمان النبيّ، وجثا عليه يُقبِّله ويبكي، ثمَّ قال: {{اقتباس مضمن|بأبي أنت وأُمِّي، طِبت حيًّا وميتًا، والذي نفسي بيده، لا يُذيقك الله الموتتين أبدًا، أمَّا الموتة التي كُتبت عليك فقد مُتَّها}}، ثمَّ خرج سريعًا إلى [[المسجد النبوي|المسجد]] حتى أتى المنبر.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن الزُبير |الأول=عروة |مؤلف-وصلة=ابن الزبير |عنوان=مغازي رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} (برواية أبي الأسود).|ناشر=جمعه وحققه محمد مصطفى الأعظمي |سنة=[[1401 هـ|1401هـ]]/[[1981]]م |مكان=[[الرياض]]-[[السعودية]]|صفحة=223}}</ref> وجلس عُمر وجلس باقي الصحابة والناس، [[الشهادتان|فتشهَّد]] أبو بكر و[[حمدلة|حمد الله]] وأثنى عليه ثمَّ قال: {{اقتباس مضمن|أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا {{صلى الله عليه وسلم}} فَإِنَّ مُحَمَّدًا {{صلى الله عليه وسلم}} قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ}}، وقرأ عليهم الآية 144 من [[سورة آل عمران]]: {{قرآن|آل عمران|144}}.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن هشام |الأول=أبو محمد عبد الملك هشام بن أيّوب الحِميري |مؤلف-وصلة=ابن هشام |عنوان=[[السيرة النبوية لابن هشام|السيرة النبويَّة]]، جـ 4 |طبعة=3 |سنة=[[1971]] |ناشر=تحقيق مصطفى السقَّا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي|مكان=بيروت-لبنان|صفحة=306}}</ref> وعندما تلا أبو بكر هذه الآية أيقن عُمر بن الخطَّاب والمُسلمون أنَّ مُحمَّدًا قد توفي بحق، وقد غُسل جثمانه في بيت عائشة وليس فيه إلَّا أهله: عمّه [[العباس بن عبد المطلب|العبَّاس بن عبد المطلب]] وابن عمِّه [[علي بن أبي طالب|عليّ بن أبي طالب]]، و[[الفضل بن العباس|الفضل بن العبَّاس]] و[[قثم بن العباس|قثم بن العبَّاس]] و[[أسامة بن زيد|أسامة بن زيد بن حارثة]] وصالح مولاه، ثُمَّ كُفِّن ودُفن حيث كان فراشه بعد أن قال أبو بكر: {{اقتباس مضمن|سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ {{صلى الله عليه وسلم}} يَقُولُ: "مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ"}}.<ref>[http://www.haditsdb.com/45/12/81/16176.htm قاعدة معلومات الحديث النبوي: صحيح مُسلم، سُنن ابن أبي داود، موطأ الإمام مالك، سُنن الترمذي، سُنن النسائي، صحيح البُخاري، سُنن ابن ماجه؛ ذكر وفاته ودفنه صلَّى الله عليه وسلَّم ← «مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ قَالَ فَرَفَعُوا فِرَاشَ رَسُولِ اللَّهِ»] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20131019100657/http://www.haditsdb.com/45/12/81/16176.htm |date=19 أكتوبر 2013}}</ref> خلقت وفاة النبي مُحمَّد وضعيَّة خاصَّة ذات ملامح مُتفرِّدة ومصيريَّة، وبرزت فورًا مسألة الحِفاظ على إنجازاته من دين ودولة، وبالتالي مسألة خِلافته. وأسهمت غيبته في إبراز الطابع الدُنيوي للأحداث؛ حيث أخذت المصالح الاجتماعيَّة للقبائل المُختلفة، التي مازالت ضمن الحظيرة الإسلاميَّة، تُعبِّرُ عن نفسها بأشكالٍ مُباشرةٍ وصريحةٍ تتلاءم ُ مُباشرةً مع محتواها. والواضح أنَّ مسألة قيادة المُسلمين بعد وفاة النبي، كانت المسألة الرئيسَة والحاسمة التي ارتبطت بها كل المسائل الأخرى، على أن تتلازم مع الأُسس التي وضعها لإقامة دولة؛<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=طقّوش |الأول=محمد سُهيل |عنوان=تاريخ الخُلفاء الراشدين: الفُتوحات والإنجازات السياسيَّة|طبعة=1 |سنة=[[1424 هـ|1424هـ]]/[[2003]]م |ناشر=دار النفائس |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |ردمك=9953-18-101-2 |صفحة=14-15}}</ref> ففي الوقت الذي أُعلن فيه خبر الوفاة، برزت لدى كِبار الصحابة من [[الأنصار]]، [[الأنصار|الأوس والخزرج]]، قضيَّة اختيار خليفة للنبي، ذلك أنَّه وفقًا لعلماء أهل السنَّة لم يرد في [[القرآن]] نصٌّ صريح يُحدد أُسس انتخاب خليفة للرسول، لكنَّه دعا إلى الشورى في [[سورة الشورى|سورةٍ تحملُ ذات الاسم]]: {{قرآن|وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}}، وفي [[سورة آل عمران]]: {{قرآن|وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}}، وكان النبيّ قد أمر بالشورى فيما لا نص فيه، وكان يتخذ من أهل الرأي والبصيرة مجلسًا للشورى، وكان يُكثر من مُشاورة الصحابة، وبالأخص كبارُهم السبَّاقون إلى الإسلام.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=السيِّد |الأول=رضوان |مؤلف-وصلة=رضوان السيد |عنوان=السُلطة في الإسلام: دراسة في نشوء الخِلافة|سنة=[[1987]] |ناشر=بحث في كتاب: بلاد الشام في صدر الإسلام؛ المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ بلاد الشام |مكان=[[عمان (مدينة)|عمَّان]]-[[الأردن]]|صفحة=407-408}}</ref> بالمُقابل يرى عُلماء [[الشيعة]] أنَّ مسألة اختيار خليفة للمُسلمين كانت محسومة بنصٍّ قرآنيّ، وبعددٍ من [[الحديث عند الشيعة|الأحاديث النبويَّة]]، وأنَّها كلّها تُشير إلى أحقيَّة آل بيت الرسول بالخِلافة، وفي مُقدِّمتهم عليّ بن أبي طالب، ومن ذلك الآية 55 من [[سورة المائدة]]: {{قرآن|إنَّمَا وَليّكم اللّه وَرَسوله وَالَّذينَ آمَنوا الَّذينَ يقيمونَ الصَّلاَةَ وَيؤتونَ الزَّكَاةَ وَهم رَاكعونَ}}؛ حيث ذهب المُفسرون والعُلماء إلى أنَّها نزلت في حق عليّ، حينما تصدَّق بخاتمه في أثناء [[الصلاة في الإسلام|الصلاة]]،<ref>[http://www.aqaed.com/faq/1419/ مركز الأبحاث العقائديَّة؛ السؤال: الأدلَّة على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ما هو الدليل على أحقية الامام علي بالخلافة دون سواه؟] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170803151740/http://www.aqaed.com/faq/1419/ |date=05 أغسطس 2017}}</ref> وقول النبي مُحمَّد لعليّ: {{اقتباس مضمن|أَمَا تَرضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَى؟}}، وقوله أيضًا: {{اقتباس مضمن|عَلِيُّ وَليُّ كُلِّ مُؤمِنٍ بَعدِي}}.<ref>[http://www.al-shia.org/html/ara/ahl/?mod=sire&id=46 مركز آل البيت العالمي للمعلومات: أحقية الإمام علي (عليه السلام) بالخلافة] {{وصلة مكسورة|date= يوليو 2017 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20150322043554/http://www.al-shia.org/html/ara/ahl/?mod=sire&id=46 |date=22 مارس 2015}}</ref>
{{خلافة}}
وفي جميع الأحوال فإنَّ ما جرى بعد ذلك كان اجتماعَ الأنصار في [[سقيفة بني ساعدة]] لاختيار خليفة للنبيّ، وقد تمَّت الدعوة للاجتماع على عجلٍ دون إعلام [[المهاجرون|المُهاجرين،]] بسبب عدَّة عوامل؛ لعلَّ أبرزها هو أنَّ أهل المدينة كانوا يرون أنَّهم أحق بالخِلافة، لأنَّهم أوَّل من ناصر النبي مُحمَّدًا واستقبلوه مع أصحابه المُهاجرين و[[جهاد|جاهدوا معه في سبيل الله]]،{{للهامش|1}} واتفق الأنصار على مُبايعة [[سعد بن عبادة|سعد بن عبادة الخزرجي]]،<ref name="الطبري1">{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جُرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرُسل والمُلوك]]، جـ 3 |سنة=[[1960]]|ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=201-218}}</ref> فأجلسوه وعصبوه بعصابة وثنوا له [[وسادة]].<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=اليعقوبي |الأول=أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب |مؤلف-وصلة=اليعقوبي |عنوان=[[تاريخ اليعقوبي]]، جـ 2 |سنة=[[1960]] |ناشر=دار صادر |مكان=بيروت-لبنان |صفحة=123}}</ref> بالمُقابل كان المُهاجرون آنذاك أكثرَ بُعدًا عن هذا المناخ السياسي؛ بعضهم قد شُغل بوفاة النبيّ مُحمَّد وجهازه ودفنه، وبعضهم لاتزال الصدمة تملأ نفسه، وبعضهم لم يُفكّر في اختيار خليفة، مُعتقدًا أنَّ هذا الأمر هو آخر ما يقع الاختلاف فيه، وهم على يقين أنَّ ما من طائفة من المُسلمين سوف تُنازعهم في هذا الأمر. ولمَّا بلغ خبر اجتماع السقيفة أبا بكر الصدّيق وعُمر بن الخطَّاب بعد ليلة الاثنين يوم وفاة الرسول مُحمَّد، مَضَيا إلى هُناك مُسرعَيْن بفعل أهميَّة وخطر الموضوع المطروح من مُشكلة الحُكم، وانطلق معهما [[أبو عبيدة بن الجراح|أبو عُبيدة بن الجرَّاح،]] ودخلوا سقيفة بني ساعدة حيث شقَّ أبو بكر طريقه إلى صدر الاجتماع، وألقى خُطبةً في المُجتمعين؛ بيَّن فيها وجهة نظر المُهاجرين عامَّة من قضيَّة اختيار خليفة للنبيّ،<ref name="الإمامة والسياسة">{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن قُتيبة الدينوري |الأول=أبو محمد عبد الله بن مسلم |مؤلف-وصلة=ابن قتيبة |عنوان=الإمامة والسياسة|سنة=[[1937]] |ناشر=دار المعارف |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]]|صفحة=8}}</ref> فجرت مُناقشةٌ هادئة انتهت إلى القول بالثنائيَّة في الحكم: «منَّا أمير ومِنكم أمير»، وكان صاحب هذه النظريَّة هو [[الحباب بن المنذر|الحبَّاب بن المنذر]].<ref name="الطبري1"/> لكنَّ أبا بكر ومن معه كانوا يُفضلون وحدة الأمَّة التي أسسها النبي، وحدَّد أبو بكر الأولويَّة بالأقدميَّة في حياة الإسلام، وبالعذاب في سبيل العقيدة والإيمان دون أن يَغمِط حقَّ الأنصار من التكريم، ودون التغافل عن مزاياهم، فتطوّرت المواقف المُتباينة التي عُرضت في الاجتماع نحو التأزّم، ولم تنفرج إلّا بعد أن أيَّد [[بشير بن سعد بن النعمان|بشير بن سعد بن النعمان الأنصاري]] موقف المُهاجرين،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن قُتيبة الدينوري |الأول=أبو محمد عبد الله بن مسلم |مؤلف-وصلة=ابن قتيبة |عنوان=الإمامة والسياسة|سنة=[[1937]] |ناشر=دار المعارف |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]]|صفحة=12-13}}</ref> فتحرَّك أبو بكر في تلك اللحظة مُستغلًّا تحوّل الموقف لصالح المُهاجرين، وبعد أن رأى أنَّ الفرصة سانحة لإقفال باب المُناقشة، فدعا المُجتمعين إلى مُبايعة عُمر بن الخطَّاب أو أبي عُبيدة بن الجرَّاح، لكنَّ عُمر أبى إلَّا أن يتولَّاها أبو بكر، فقال إنَّ لا أحد أحق بالخلافة من أفضل المُهاجرين وثاني اثنين إذ هما في الغار، فطلب منه أن يبسط يده ليُبايعه، فسبقه بشير بن سعد و[[أسيد بن حضير|أُسيد بن حضير]]، ثمَّ أقبل الأوس والخزرج على مُبايعته، باستثناء سعد بن عبادة بسبب حراجة وضعه كزعيم رشحته الخزرج، وصحَّة جسمه حيث كان عليلًا.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=طقّوش |الأول=محمد سُهيل |عنوان=تاريخ الخُلفاء الراشدين: الفُتوحات والإنجازات السياسيَّة|طبعة=1 |سنة=[[1424 هـ|1424هـ]]/[[2003]]م |ناشر=دار النفائس |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |ردمك=9953-18-101-2 |صفحة=22}}</ref>

وفي صبيحة الثلاثاء [[13 ربيع الأول|13 ربيع الأوَّل]] سنة [[11 هـ|11هـ]]، المُوافق 8 يونيو سنة [[632]]م، تمَّت في المسجد البيعة العامَّة من المُهاجرين والأنصار قاطبةً؛ حيث خطب عُمر بن الخطَّاب على المنبر ثمَّ صعد أبو بكر فبايعه عامَّة الناس. جرت هذه الوقائع في الوقت الذي كان فيه عليّ بن أبي طالب و[[الزبير بن العوام|الزُبير بن العوَّام]]، ونفر من [[بنو هاشم|بني هاشم]]، و[[طلحة بن عبيد الله|طلحة بن عُبيد الله]]، مشغولين بجهاز النبي ودفنه، فغابوا عن اجتماع السقيفة، وعليه؛ لم يكن لعليّ رأي مُباشر في النقاش إلَّا أنَّه بايع أبا بكر في نهاية المطاف. واختلف رأي العُلماء والباحثين السُنَّة مع رأي العُلماء والباحثين الشيعة في هذا المجال؛{{للهامش|2}} فقال السنَّة إنَّ عليًّا عتب على أبي بكر لأنَّه لم يأخذ مشورته قبل بيعة السقيفة والبيعة العامَّة، ثمَّ بايعه البيعة العامَّة في المسجد، بعد أن طلبه حين لم يرَهُ بين الجمهور، وإنَّ مُبايعة عليّ لأبي بكر كانت بملء إرادته، بينما قال الشيعة إنَّ عُمَرَ وجماعة من الصحابة أرغموا بني هاشم والزُبير على مُبايعة أبي بكر، في حين امتنع عليّ ستَّة أشهر عن المُبايعة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن قُتيبة الدينوري |الأول=أبو محمد عبد الله بن مسلم |مؤلف-وصلة=ابن قتيبة |عنوان=الإمامة والسياسة|سنة=[[1937]] |ناشر=دار المعارف |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]]|صفحة=14}}</ref>
{| class="wikitable sortable" style="width:100%; margin:0 auto; border:1px solid silver;"
|+ قائمة الخلفاء
|-
!اسم [[خليفة|الخليفة]]
!مدة [[خلافة إسلامية|الخلافة]]
!المدة بالأرقام
|-
| '''[[أبو بكر الصديق]]'''
| [[12 ربيع الأول]] سنة [[11 هـ|11هـ]] - [[22 جمادى الآخرة]] سنة [[13 هـ|13هـ]]
| سنتين و3 أشهر
|-
| '''[[عمر بن الخطاب]]'''
| [[23 جمادى الآخرة]] [[13 هـ|13هـ]]  - [[26 ذو الحجة]] سنة [[23 هـ|23هـ]]
| 10 سنوات و6 أشهر
|-
| '''[[عثمان بن عفان]]'''
|  [[3 محرم]] سنة [[24 هـ|24هـ]]  - [[24 ذو الحجة]] سنة [[35 هـ|35هـ]]
| 12 سنة
|-
| '''[[علي بن أبي طالب]]'''
| [[25 ذو الحجة]] سنة [[35 هـ|35هـ]]  - [[18 رمضان]] سنة [[40 هـ|40هـ]]
| 4 سنوات و9 أشهر
|-
| '''[[الحسن بن علي]]'''
| [[18 رمضان]] سنة [[40 هـ|40هـ]]  - [[25 ربيع الأول]] سنة [[41 هـ|41هـ]]
| 6 أشهر
|-
! '''المجموع'''
| [[12 ربيع الأول]] سنة [[11 هـ|11هـ]] - [[25 ربيع الأول]] سنة [[41 هـ|41هـ]]
| 30 سنة
|-
|}

=== عهد أبي بكرٍ الصدِّيق (11-13هـ/632-634م) ===
{{أيضا|أبو بكر الصديق{{!}}أبو بكر  الصدّيق|حروب الردة{{!}}حروب الردَّة|جمع القرآن|معركة ذات السلاسل|معركة اليرموك}}
[[ملف:Rashidun Caliph Abu Bakr as-Șiddīq (Abdullah ibn Abi Quhafa) - أبو بكر الصديق عبد الله بن عثمان التيمي القرشي أول الخلفاء الراشدين.svg|تصغير|يمين|تخطيط لاسم أبو بكر الصدّيق.]]
كان أوَّل عمل قام به أبو بكر بعد مُبايعته هو التصدّي لأهل [[ردة (إسلام)|الردَّة]] وأدعياء النبوَّة؛ فما إن انتشر نبأ وفاة النبي مُحمَّد في بلاد العرب اشتعلت الفتنة في كل أنحاء شبه الجزيرة العربيَّة بأشكالٍ مُختلفة، ولأسبابٍ مُتباينة، وبرزت ظاهرة التنبؤ (إدعاء النبوة) كإحدى الانعكاسات للنجاح الإسلامي في [[الحجاز]]، وإن كان بعض المُتنبئين قد أعلنوا دعوتهم في أواخر حياة النبي؛ فتنبأ [[الأسود العنسي]] في [[إقليم اليمن|اليمن]]، و[[مسيلمة الكذاب|مُسيلمة بن حبيب الحنفي]] في [[اليمامة (إقليم)|اليمامة]]، و[[طليحة بن خويلد الأسدي]]، و[[سجاح بنت الحارث|سجاح بنت الحارث التميميَّة]]، وذو التاج لقيط بن مالك الأزدي في [[إقليم عمان|عمان]].<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=البلاذري |الأول=أحمد بن يحيى بن جابر |مؤلف-وصلة=البلاذري |عنوان=[[فتوح البلدان]]، جـ 1 |سنة=1956-1957 |ناشر=تحقيق صلاح الدين المنجّد |مكان=القاهرة-مصر |صفحة=114}}</ref> والراجح أنَّ مقتل الأسود العنسي تمَّ قبل وفاة النبي بيومٍ أو بليلة، ولكن الرُسل وصلت في خلافة أبي بكر في آخر شهر ربيع الأوَّل عام 11هـ المُوافق لشهر يونيو عام 632م.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جُرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرُسل والمُلوك]]، جـ 3 |سنة=[[1960]]|ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=236}}</ref> ولكن قبل أن يحوِّل نظره شطر الأنحاء التي أعلن أهلها ارتدادهم عن الإسلام، قرر أبو بكر تلبية رغبة النبيّ مُحمَّد قبل وفاته، وهي إرسال [[سرية أسامة بن زيد|سريَّة أسامة بن زيد]] إلى مشارف [[بلاد الشام|الشام]] للإغارة على القبائل الشاميَّة على الطريق التجاري بين [[مكة|مكَّة]] و[[غزة|غزَّة]]، ولمُحاربة الروم. وقد أشار المُسلمون وفي مُقدمتهم عُمر بن الخطَّاب على أبي بكرٍ ألّا يُرسل حملة أسامة بن زيد حتى لا تضعف قوَّة المدينة المنوَّرة بحال هاجمتها قبائل الأعراب المُرتدَّة، ولحاجته إليها في قتالهم وغزوهم، لكنَّ أبا بكر أبى أن يُخالف وصيَّة النبي، وكان جوابه إلى الصحابة صريحًا؛ فقال: {{اقتباس مضمن|وَاللَّهِ لَا أَحُلُّ عُقْدَةً عَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ {{صلى الله عليه وسلم}}، وَلَوْ أَنَّ [[طائر|الطَّيْرَ]] تَخَطَفُنَا، وَ[[أسد|السِّبَاعَ]] مِنْ حَوْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَوْ أَنَّ [[كلب|الْكِلَابَ]] جَرَّتْ بِأَرْجُلِ [[أمهات المؤمنين|أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ]]، لَأُجَهِّزَنَّ جَيْشَ أُسَامَةَ}}.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جُرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرُسل والمُلوك]]، جـ 3 |سنة=[[1960]]|ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=212}}</ref> ثمَّ نهض أبو بكر بنفسه، في أواخر ربيع الأوَّل سنة 11هـ الموافقة لسنة 632م، واستعرض جيش أسامة بن زيد وأمره بالمسير، وسار معه ماشيًا وأسامة راكبٌ، و[[عبد الرحمن بن عوف]] يقود براحلة أبي بكر حتى اطمأن على توجه الحملة في طريقها نحو مشارف الشام، وقفل عائدًا إلى المدينة المنوَّرة ومعه عُمر بن الخطَّاب. وبخروج أسامة بن زيد، قلَّ عدد المُجاهدين في المدينة، وتشتَّتَتْ القوَّة الإسلاميَّة النامية، مما شجَّع الخارجين، وبخاصَّة قبائل [[بنو عبس|عبس]] و[[بنو ذبيان|ذبيان]]، على مهاجمة المدينة؛ فعسكروا حولها، وأرسلوا وفدًا إلى أبي بكر ليُساوموه على موقفهم بعدم دفع [[زكاة|الزكاة]]، وانتهت المُفاوضات بالفشل، بسبب التصلّب في المواقف، فشنَّ المُحاصرون هجومًا ليليًّا بعد ثلاثة أيَّام، غير أنَّهم لم يُحققوا أي نصر على الرغم من قلَّة المُدافعين وارتَدُّوا على أعقابهم.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جُرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرُسل والمُلوك]]، جـ 3 |سنة=[[1960]]|ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=246}}</ref> ثمَّ لاحقهم أبو بكر وفاجأهم عند الفجر ليُنزل فيهم هزيمة فادحة، وقُتل خلال المواجهة حبَّال بن طليحة الأسدي على يد [[عكاشة بن محصن|عُكاشة بن مُحصن]]، ونزل أبو بكر في ذي القصَّة، وكان ذلك أوَّلَ الفتح في حروب الردَّة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن الأثير |الأول=علي بن أحمد بن أبي الكرم |مؤلف-وصلة=ابن الأثير |عنوان=[[الكامل في التاريخ]]، جـ 2 |سنة=[[1967]] |ناشر=دار بيروت ودار صادر |مكان=بيروت-لبنان |صفحة=344-345}}</ref> 
{{إسلام}}
[[ملف:مسير خالد بن الوليد في حروب الردة.svg|تصغير|يمين|خط سير خالد بن الوليد ومعاركه في حروب الرِّدَّة.]]
ثمَّ عاد أبو بكر إلى المدينة المنوَّرة، وفي هذه الأثناء عادت حملة أسامة بن زيد بعد سبعين يومًا من خروجهم، فأبقاه أبو بكر في المدينة حتى يستريح هو وجنده، ثمَّ جهَّز من الجيوش أحد عشر لواء تتناسب في عديدها وفي إماراتها، وفي وجهتها، مع قوَّة القبائل التي وجهها إليها ومدى إلحاحها في رِدَّتِها. وجَّه أبو بكر [[خالد بن الوليد]] إلى بزاخة لمُحاربة طليحة بن خويلد الأسدي، فإذا فرغ سار إلى [[مالك بن نويرة]] بالبطاح إن قام له. وأرسل [[عكرمة بن أبي جهل]] نحو مُسيلمة بن حبيب (الكذَّاب) في اليمامة، و[[عمرو بن العاص|عمرَو بن العاص]] إلى [[قضاعة (قبيلة)|قضاعة]] و[[وديعة]] وبني الحارث في شمال [[الحجاز]]، و[[شرحبيل بن حسنة]] في إثر عكرمة بن أبي جهل لمُحاربة مُسيلمة الكذَاب في اليمامة، وأمره إذا فرغ من اليمامة أن يلحق بعمرو بن العاص إلى قضاعة. كما أرسل [[المهاجر بن أبي أمية|المُهاجر بن أبي أُميَّة]] لمُحاربة جنود الأسود العنسي في [[إقليم اليمن|اليمن]]، ومساعدة الأبناء ضد [[قيس بن المكشوح المرادي|قيس بن مكشوح]] ومن تبعه من أهل اليمن، فإذا فرغ يتوجَّه إلى [[مملكة كندة|كِندة]] [[إقليم حضرموت|بحضرموت]]. أيضًا بعث [[خالد بن سعيد|بخالد بن سعيد بن العاص]] إلى الحمقتين من مشارف الشام،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جُرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرُسل والمُلوك]]، جـ 3 |سنة=[[1960]]|ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=249}}</ref> و[[عرفجة بن هرثمة البارقي|عرفجة بن هرثمة]] إلى مهرة، على أن يلحق أولًا بحُذيفة بن محصن بعُمان الذي أمره بدوره أن يلحق بحُذيفة إن فرغ قبله، وطريفة بن حاجز إلى [[بنو سليم|بني سُليم]] ومن معهم من [[هوازن]]، وسويد بن مقرن إلى [[تهامة]] اليمن، و[[العلاء بن الحضرمي]] إلى [[إقليم البحرين|البحرين]] لمُحاربة من ارتدَّ بها من [[ربيعة (قبيلة)|ربيعة]]. ويُضيف [[البلاذري]] أميرًا آخر هو يُعلى بن مُنبِّه، حليف [[نوفل بن عبد مناف]]، إلى [[خولان]] باليمن.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=البلاذري |الأول=أبو العبَّاس أحمد بن يحيى بن جابر |مؤلف-وصلة=البلاذري |عنوان=[[فتوح البلدان]]|سنة=[[1991]] |ناشر=دار الكتب العلميَّة، تحقيق رضوان محمَّد رضوان |مكان=بيروت-لبنان |صفحة=109}}</ref> وأوصى أبو بكر قادة جيوشه بالحيطة والحذر ممن قد يندس بينهم، وعدم مُقاتلة من يُجيبهم إلى الإسلام، والرفق واللين بجند المُسلمين.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=حميد الله |الأول=محمد|عنوان=مجموعة الوثائق السياسيَّة للعهد النبويّ والخِلافة الراشدة |طبعة=4 |سنة=1983 |ناشر=دار النفائس |مكان=بيروت-لبنان|صفحة=340-341}}</ref> تمكَّن القادة العسكريّون المسلمون من القضاء على حركة المُرتدين في كامل أنحاء شبه الجزيرة العربيَّة، وقتلوا عددًا من مُدعيي النبوَّة فيما تاب عددٌ آخر؛ فهزم خالد بن الوليد طليحة الأسدي وحلفاءه وأرغمه على الفرار إلى الشام، (حيث أسلم فيما بعد)،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=البلاذري |الأول=أبو العبَّاس أحمد بن يحيى بن جابر |مؤلف-وصلة=البلاذري |عنوان=[[فتوح البلدان]]، جـ 1|سنة=[[1991]] |ناشر=دار الكتب العلميَّة، تحقيق رضوان محمَّد رضوان |مكان=بيروت-لبنان |صفحة=115}}</ref> وأعدم الأشخاص الذين نكَّلوا بالمُسلمين قبل مجيئه، وأرسل آخرين إلى أبي بكر وهم مُوثَقُو الأيدي، فتابوا فحقن دماءهم. كما قتل خالد بن الوليد امرأة يُقال لها «أم زمل» بعد أن تزعَّمت جيشًا كبيرًا من المرتدين.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن الأثير |الأول=علي بن أحمد بن أبي الكرم |مؤلف-وصلة=ابن الأثير |عنوان=[[الكامل في التاريخ]]، جـ 2 |سنة=[[1967]] |ناشر=دار بيروت ودار صادر |مكان=بيروت-لبنان |صفحة=350-351}}</ref> وانسحبت سجاح بنت الحارث إلى قومها بني تغلب لمَّا عرفت بجحافل المسلمين الزاحفة إليها، ثمَّ أسلمت في زمن عمر بن الخطَّاب، وقام المُسلمون بأسر مالك بن نويرة مع أصحابه ثمَّ قتله [[ضرار بن الأزور|ضرَّار بن الأزور]]، واختلفت الروايات في قتله.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=شبارو |الأول=عصام محمد |طبعة=3 |عنوان=الدولة العربيَّة الإسلاميَّة الأولى (1-41هـ/623-661م) |سنة=[[1995]]م |ناشر=[[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]] |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]]|صفحة=253}}</ref> وتعرَّض شرحبيل بن حسنة للهزيمة على يد قوَّات مُسيلمة الكذَاب، فلحق به خالد بن الوليد وقاتلوا مُسيلمة ومن معه من [[بنو حنيفة|بني حنيفة]] فقتلوا منهم الشيء الكثير، وسقط مُسيلمة نفسه قتيلًا بعد أن أرداه [[وحشي بن حرب]] بحربته.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=شبارو |الأول=عصام محمد |طبعة=3 |عنوان=الدولة العربيَّة الإسلاميَّة الأولى (1-41هـ/623-661م) |سنة=[[1995]]م |ناشر=[[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]] |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]]|صفحة=256}}</ref> وبعد القضاء على أخطر اثنين: طليحة الأسدي ومُسيلمة الكذَّاب، أخذت حركات الردَّة الأخرى تتساقط؛ الواحدة تلو الأخرى، حتى انتهت كليًّا، وأخذ أبو بكر يستعد لمواجهة الروم والفرس في الشام و[[عراق العرب|العراق،]] بعد أن أعاد توحيد العرب تحت راية الإسلام.

كان العمل الآخر الأبرز الذي قام به أبو بكر قبل توجيه الجيوش نحو الشام والعراق هو [[جمع القرآن]]؛ فقد أدَّت حروب الردَّة إلى مقتل عدد كبير من الصحابة من قرَّاء القرآن وحفَّاظه، فأشار عُمر بن الخطَّاب على أبي بكر أن يجمع الآيات المكتوبة على [[ورق|الورق]] وعلى [[جلد|الجلد]] وعلى [[ورقة نبات|ورق الشجر]] وعلى الحجر الأبيض وعلى [[عظم|العظام]]، وتلك المحفوظة في صدور الصحابة، في [[مصحف|مُصحفٍ]] واحد خوفًا من موت صحابة آخرين فتضيع بعض الآيات. وقد استغرق العمل على جمع القرآن ووضع النسخة الأولى الكاملة منه حوالي سنتين أو ثلاث، وقد تولّى زيد بن ثابت هذه المُهمَّة بمُساعدة عدد من الصحابة؛ في مُقدمتهم عليّ وعُمر.<ref>[https://www.islamweb.net/ar/article/14201/ إسلام ويب، موقع المقالات: جمع القرآن في عهد أبي بكر.] تاريخ التحرير: [[26 يوليو]] [[2003]]م {{استشهاد ويب |مسار=http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=14201 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=9 يوليو 2013 |تاريخ أرشيف=15 أكتوبر 2017 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20171015162840/http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=14201 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref> وبذلك جُمع القرآن في مُصحفٍ واحد ظلَّ عند أبي بكر حتى وفاته. خلال تلك الفترة قدِم إلى المدينة المنوَّرة [[المثنى بن حارثة الشيباني|المُثنّى بن حارثة الشيباني]]، وهو أحد القادة العرب الذين كانوا يُقارعون [[فرس (قوم)|الفُرس]] في العراق، يطلب الدعم من أبي بكر، فأجابه أبو بكر وأسرع إلى نصرته؛ فأرسل خالد بن الوليد في أوَّل حملة عسكريَّة إسلاميَّة خارج شبه الجزيرة العربيَّة. خرج خالد بن الوليد من اليمامة في ألفين من المسلمين، ثمَّ انضمَّ إليه ثمانية آلاف من المسلمين من ربيعة ومضر، وتوجَّه نحو العراق في شهر مُحرَّم سنة [[12 هـ|12هـ]]. وما إن بلغ خالد بن الوليد العراق اشتدَّ نضال قبائل العرب ضد الفُرس، وانضمَّ عددٌ منهم إلى صفوف المُسلمين، وجرت مع الفُرس وقعة شديدة انتصر فيها المُسلمون، وعُرفت [[معركة ذات السلاسل|بغزوة ذات السلاسل]] لكثرة من سُلسِل فيها من فرسان فارس حتّى لا يفرّوا من القتال.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=شبارو |الأول=عصام محمد |طبعة=3 |عنوان=الدولة العربيَّة الإسلاميَّة الأولى (1-41هـ/623-661م) |سنة=[[1995]]م |ناشر=[[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]] |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]]|صفحة=267}}</ref> وتابع خالد بن الوليد انتصاراته؛ فتمكَّن من [[الحيرة]] وأطراف العراق، وصالح أهلها من [[مسيحيون عرب|المسيحيّين العرب]] على أن يدفعوا [[جزية|الجزية]]، ثمَّ تحرَّك ففتح [[محافظة الأنبار|الأنبار]] و[[عين تمر|عين التمر]] و[[محافظة دومة الجندل|دومة الجندل]]، وبلغ الغراض على تخوم الشام؛ حيث هزم الروم لأوَّل مرَّة عن طريق الخدعة،{{للهامش|3}} ثمَّ عاد إلى الحيرة، لكن أبا بكر كتب إليه يأمره بالتوجه نحو الشام لقتال الروم فيها، بعد أن كان قد أرسل أربعة ألوية في مطلع صفر، نحو [[دمشق]] و[[الأردن]] و[[حمص]] و[[فلسطين]]، يُقدّرُ عدد رجالها بأربعة وعشرين ألفًا، وقيل واحد وعشرون ألفًا، وكذلك سبعة وعشرون ألفًا، وبعد أن حشد الروم جيشًا أعظم بأشواط؛ يُقدّر عدد أفراده بأكثر من مائتين وأربعين ألفًا من الرجال. وولَّى أبو بكر خالد بن الوليد قيادة الألوية كُلِّها،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن كثير |الأول=أبو الفداء إسماعيل بن عُمر |مؤلف-وصلة=ابن كثير |عنوان=[[البداية والنهاية]]، جـ 7 |سنة=1981 |ناشر=مكتبة المعارف |مكان=بيروت-لبنان|صفحة=5}}</ref> فسار بجيوشه حتى فتح [[بصرى|بُصرى]] صلحًا، ثم قابل الروم شمال [[اليرموك (إربد)|اليرموك]] في سهلٍ فسيح، واشتبك معهم في [[معركة اليرموك|معركةٍ كبيرة حاسمة]].
[[ملف:Abubakr'sreign.png|تصغير|دولة الخِلافة الراشدة عشيَّة وفاة أبي بكر.]]
خلال تلك الفترة وقع أبو بكر الصدّيق [[حمى|بالحمَّى]]، واستمرَّ مرضه طيلة خمسةَ عشرَ يومًا، ولمَّا أحسَّ بدنوّ أجله عهد بالخِلافة إلى عُمر بن الخطَّاب خوفًا من تجدد الخلاف بين المُسلمين، كما حصل في سقيفة بني ساعدة. ولئن اختلفوا هذه المرَّة فيكون اختلافهم أشدَّ خطرًا ورُبما أدَّى إلى الفتنة، وقد تشمل كافَّة العرب؛ إذ لم يعد الأمر محصورًا بين المُهاجرين والأنصار. وقد استشار في هذا كبار الصحابة من أهل الحل والعقد، فلم يجد مُعارضة لدى أغلبهم، فيما تردد آخرون مثل طلحة بن عُبيد الله خشيةَ أن تتفرَّق وحدة المُسلمين بفعل غلظة عُمر وشدَّته، لكن سُرعان ما تلاشى ذلك.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=البلاذري |الأول=أبو العبَّاس أحمد بن يحيى بن جابر |مؤلف-وصلة=البلاذري |عنوان=[[أنساب الأشراف]]، جـ 10 |طبعة=21 |سنة=1996 |ناشر=دار الفكر، تحقيق سُهيل زكَّا ورياض زركلي |مكان=بيروت-لبنان|صفحة=304-305}}</ref> وقد كتب عُثمان بن عفَّان عهدَ أبي بكرٍ إلى عُمر، وأوصى أبو بكر خليفته باستكمال الفتوح، وذكَّره بما يجب أن يكون عليه وليّ أمر المُسلمين، وفي يوم الاثنين [[22 جمادى الآخرة|22 جمادى الثانية]] سنة [[13 هـ|13هـ]] المُوافق [[23 أغسطس]] سنة [[634]]م، توفي أبو بكر في منزله بالمدينة المنوَّرة عن 61 سنة.

=== عهد عُمر بن الخطَّاب (13-24هـ/634-644م) ===
{{مفصلة|عمر بن الخطاب{{!}}عُمر بن الخطَّاب|الفتح الإسلامي للشام{{!}}فتح الشام|الفتح الإسلامي لفارس{{!}}فتح فارس والعراق|الفتح الإسلامي لمصر{{!}}فتح مصر}}
[[ملف:Théodore Chassériau - Arab combat.jpg|تصغير|يمين|لوحة زيتيَّة تؤرّخ انتصار المُسلمين على الروم في اليرموك.]]
[[ملف:Rashidun Caliphs Umar ibn Al-Khattāb - عُمر بن الخطّاب ثاني الخلفاء الراشدين.svg|تصغير|تخطيط لاسم عُمر بن الخطَّاب.]]
هو أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، ويلقب أيضًا بالفاروق،<ref>أحمد، نذير، ''الإسلام في التاريخ العالمي: منذ وفاة النبي محمد {{صلى الله عليه وسلم}} وحتى نشوب الحرب العالمية الأولى''، المعهد الأمريكي للثقافة والتاريخ الإسلامي، 2001، ص. 34. ISBN 0-7388-5963-X.</ref> ولد بعد [[عام الفيل]]، وبعد مولد الرسول محمد بثلاث عشرة سنة.<ref>تاريخ الخلفاء، تأليف: [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، ص133.</ref> استدعى أبو بكر قبل وفاته بأيام كبار الصحابة وطلب منهم أن يختاروا خليفتهم بأنفسهم، وعندما ناقش الصحابة الأمر أخذ كل منهم يتعفف من المسؤولية، فعادوا إلى أبي بكر وطلبوا منه أن يرشِّح لهم أحدًا، فطلب إعطاءه وقتاً للتفكير.<ref>[http://www.diary-date.com/play-6989.html وفاة الصديقة - مفكرة التاريخ] {{webarchive|url=https://web.archive.org/web/20121101233533/http://www.diary-date.com/cgi-sys/suspendedpage.cgi |date=1 نوفمبر 2012 }}. تاريخ النشر 01-04-2012. تاريخ الولوج 25-06-2012. {{استشهاد ويب |مسار=http://www.diary-date.com/cgi-sys/suspendedpage.cgi |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=31 مايو 2020 |تاريخ أرشيف=1 نوفمبر 2012 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20121101233533/http://www.diary-date.com/cgi-sys/suspendedpage.cgi |حالة المسار=bot: unknown }}</ref> وقد استشار أبو بكرٍ بعدها عددًا من الصحابة في عمر،<ref name="الكامل في التاريخ – المجلد الثاني 1979 425">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الأثير|1979|p=425}}</ref> ثم أمر بجمع أهل المدينة، فعرض عليهم ترشيح عمر خليفة لهم، وسألهم إن كان لهم اعتراض، ووصَّاهم بالسمع والطاعة، فقالوا: «سمعنا وأطعنا».<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الأثير|1979|p=426}}</ref> وقد أحسن عمر بن الخطاب الحكم وإدارة الدولة، فاتَّسعت في عهده بسرعةٍ كبيرة، وبات أحد أشهر القادة في التاريخ الإسلامي.<ref>Islam in Global History: From the Death of Prophet Muhammad to the First World War</ref>
[[ملف:Shahnameh3-1.jpg|تصغير|رسم فارسي لمعركة القادسيَّة التي كانت فُتحت على أثرها أبواب العراق.]]
بدأ [[الفتح الإسلامي للشام|الفتح الإسلامي لبلاد الشام]] في عهد أبي بكر الصديق؛ حيث أرسل أربعة جيوش، قوام كل منها نحو 8,000 مقاتل،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الوجيز في الخلافة الراشدة|الطبعة الأولى سنة 2006|p=21}}</ref> وأمر قادتها بأن يحاربوا بشكل مستقل، فإن اقتضت الضرورة أن يجتمعوا فليجتمعوا تحت لواء [[أبو عبيدة بن الجراح|أبي عبيدة بن الجراح]]،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الوجيز في الخلافة الراشدة|الطبعة الأولى سنة 2006|p=22}}</ref> لكنهم عندما وصلوا اجتمعت لهم جيوش الروم من كل جهة، فاجتمعوا<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الكامل في التاريخ – المجلد الثاني|1979|p=406-407}}</ref> وخاضوا معها [[معركة أجنادين]]، التي كانت بقيادة [[خالد بن الوليد]] بعد سيره إلى الشام قادمًا من العراق.<ref>[http://islamstory.com/ar/موقعة_أجنـادين_فتح_الشام معركة أجنادين]. موقع قصة الإسلام، ل[[راغب السرجاني]]. تاريخ النشر 01-05-2006. تاريخ الولوج 27-06-2012. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161206040029/http://islamstory.com/ar/موقعة_أجنـادين_فتح_الشام |date=6 ديسمبر 2016}}</ref> توفي أبو بكر بعد المعركة، فتابع عمر إدارة الجيوش، وكان أول قرارٍ اتخذه هو عزل خالد بن الوليد عن قيادة الجيوش الفاتحة،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|فصل الخطاب في سيرة عمر بن الخطاب|الطبعة الأولى سنة 2002|p=544-545}}</ref> وأبلغ أبا عبيدة سرًّا بنبأ وفاة أبي بكر وعزل خالد، وتعيينه مكانه لقيادة الجيوش، إلا أنَّ الأنباء لم تصل لخالد إلا بعد فترة.<ref name="abc2">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الطريق إلى دمشق|الطبعة الثالثة سنة 1985|p=303}}</ref> سارت الجيوش الإسلامية بعد أجنادين إلى [[دمشق]]، فتمكَّنت [[فتح دمشق|من فتحها]]،<ref name="الكامل في التاريخ – المجلد الثاني 1979 430">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الكامل في التاريخ – المجلد الثاني|1979|p=430}}</ref> ثم خاضت [[معركة بيسان]] بعد محاولة فاشلة للتفاوض مع الروم عام 13هـ (634م)،<ref>[http://islamstory.com/ar/موقعة_بـيـسـان_فتوح_الشام موقعة بيسان]. موقع قصة الإسلام، ل[[راغب السرجاني]]. تاريخ النشر 01-05-2006. تاريخ الولوج 27-06-2012. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161114010444/http://islamstory.com/ar/موقعة_بـيـسـان_فتوح_الشام |date=14 نوفمبر 2016}}</ref> وفتحت بعدها [[حمص]] و[[وادي البقاع (لبنان)|سهل البقاع]].<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الطريق إلى دمشق|الطبعة الثالثة سنة 1985|p=387-380}}</ref> ثم التقى المسلمون مع الروم في [[معركة اليرموك]]، فاستمرت لستة أيام كاملة،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|اليرموك والفتح العمري الإسلامي للقدس|الطبعة الأولى سنة 2002|p=187}}</ref> وهزم فيها الروم هزيمة كبيرة.<ref name="اليرموك: اليوم الثاني">[http://islamstory.com/ar/اليرموك_اليوم_الثاني_فتح_الشام اليرموك: اليوم الثاني]. موقع قصة الإسلام، ل[[راغب السرجاني]]. تاريخ النشر 01-05-2006. تاريخ الولوج 27-06-2012. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160425062222/http://islamstory.com/ar/اليرموك_اليوم_الثاني_فتح_الشام |date=25 أبريل 2016}}</ref> وبعد اليرموك انقسمت جيوش المسلمين من جديد إلى أربعة أقسام، فتولت فتح ما تبقَّى من بلاد الشام.<ref name="abc4">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الطريق إلى دمشق|الطبعة الثالثة سنة 1985|p=511}}</ref> 
[[ملف:The entrance of Caliph Umar (581?-644) into Jerusalem, 638- colored engraving, 19th century..jpg|تصغير|يمين|رسم تخيُّلي للمُسلمين يدخلون بيت المقدس (إيلياء في حينها).]]
وكان من بين المدن التي حاصرتها الجيوش [[القدس]]؛ فاستمرَّ حصارها شهورًا طويلة، حتى قررت الاستسلام، فأرسل قائدها يطلب الأمان، شرط أن يُسلِّم المدينة للخليفة عمر بنفسه،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|اليرموك والفتح العمري الإسلامي للقدس|الطبعة الأولى سنة 2002|p=244}}</ref> فتردَّد عمر، وانقسم الصحابة في رأيهم بين مؤيد ومعارض لذهابه،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|اليرموك والفتح العمري الإسلامي للقدس|الطبعة الأولى سنة 2002|p=245}}</ref> إلا أنَّه قرر الذهاب، فاستلم مفاتيح المدينة في عام 15هـ،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الطريق إلى دمشق|الطبعة الثالثة سنة 1985|p=526-527}}</ref> ودخل [[المسجد الأقصى]] وأم المسلمين فيه.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الطريق إلى دمشق|الطبعة الثالثة سنة 1985|p=527}}</ref> شهدت الدولة الراشدية في عهد عمر نكبتين عام 18هـ (639م)؛ حيث انتشرت [[مجاعة|المجاعة]] والقحط في المدينة، واسودَّت الأرض من قلَّة المطر لتسعة شهور، حتى عُرِفَ باسم [[عام الرمادة]]،<ref>''[[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر]]''. [[البداية والنهاية]]، الجزء السابع، صفحة: 90-91. مكتبة المعارف - بيروت (1981) وكتبة العصر - الرياض (1966)</ref> وانتشر من جهةٍ أخرى [[طاعون|الطاعون]] في الشام بدءًا من مدينة [[عمواس]]، فعرف [[طاعون عمواس|بطاعون عمواس]].<ref>''[[البلاذري|البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر]]''. فتوح البلدان، الجزء الأول - صفحة: 165، تحقيق [[صلاح الدين المنجد]] - القاهرة (1956-1957).</ref> بعد انتهاء فتح الشام، توجه [[عمرو بن العاص]] منها إلى مصر لفتحها، بعد الحصول على إذنٍ من عمر؛<ref name="تاريخ خليفة1">[http://islamport.com/d/3/tkh/1/82/2074.html?zoom_highlightsub=%22%DD%CA%CD+%E3%D5%D1%22 تاريخ خليفة بن خياط.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200315095925/http://islamport.com/d/3/tkh/1/82/2074.html?zoom_highlightsub=%22%EF%BF%BD%EF%BF%BD%EF%BF%BD+%EF%BF%BD%EF%BF%BD%EF%BF%BD%22|date=22 مايو 2020}}</ref> ففتح عدة حصون، ثم سار إلى [[حصن بابليون]]، فضرب عليه الحصار لستة أشهرٍ كاملة حتى تمكَّن من فتحه.<ref name="فتح مصر2">[http://islamstory.com/ar/حصار_حصن_بابليون_أثناء_فتح_مصر حصار حصن بابليون]. موقع قصة الإسلام، ل[[راغب السرجاني]]. تاريخ النشر 22-07-2007. تاريخ الولوج 30-06-2012. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161122120403/http://islamstory.com/ar/حصار_حصن_بابليون_أثناء_فتح_مصر |date=22 نوفمبر 2016}}</ref> وبعدها اختُطَّت [[الفسطاط]]<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الكامل في التاريخ – المجلد الثاني|1979|p=565}}</ref> ثم [[الإسكندرية]]،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الكامل في التاريخ – المجلد الثاني|1979|p=567}}</ref> وسار بعدها إلى [[برقة]] (حاليًا شرق [[ليبيا]]) ففتحها دون مقاومة كبيرة،<ref name="فتح برقة">[http://www.brnieq.com/news/?p=50448 تاريخ برقة بعد الفتح الإسلامي]. صحيفة برنيق. تاريخ الولوج 30-06-2012. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20120521014919/http://www.brnieq.com/news/?p=50448 |date=21 مايو 2012}}</ref> ثم فتح [[طرابلس|طرابلس الغرب]] بعد حصار شهرٍ واحد،<ref name="الكامل في التاريخ – المجلد الثالث 1979 26">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الكامل في التاريخ – المجلد الثالث|1979|p=26}}</ref> وأراد بعدها فتح [[إفريقية]] (حاليًا [[تونس]]) إلا أنَّ عمر لم يأذن له خوفًا من توسُّع المسلمين السريع في بلاد مجهولة.<ref name="فتح المغرب">[http://islamstory.com/ar/فتوحات-إفريقية فتوحات إفريقية]. موقع قصة الإسلام، ل[[راغب السرجاني]]. تاريخ النشر 19-04-2010. تاريخ الولوج 30-06-2012. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161221102908/http://islamstory.com/ar/فتوحات-إفريقية |date=21 ديسمبر 2016}}</ref>
[[ملف:Mohammad adil rais-Caliph Umar's empire at its peak 644.PNG|تصغير|دولة الخِلافة الراشدة عشيَّة وفاة عُمر بن الخطَّاب.]]
عندما تولى عمر بن الخطاب الخلافة، كان المسلمون قد انتصروا بالفعل في عدة معارك بالعراق وفارس؛ من أهمِّها [[معركة ذات السلاسل|ذات السلاسل]] و[[معركة الولجة|الولجة]] و[[معركة عين التمر|عين التمر]]،<ref name="حملات خالد بالعراق"/> إلا أنَّ قائد جيوش الفتح [[خالد بن الوليد]] استُدْعِيَ بعد ذلك للسير إلى الشام،<ref name="البداية">[http://www.al-eman.com/الكتب/البداية+والنهاية+**/i111&p1 البداية النهاية] [[ابن كثير الدمشقي|لإبن كثير]] ص:105 {{استشهاد ويب |مسار=http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=251&CID=105 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=5 سبتمبر 2019 |تاريخ أرشيف=10 نوفمبر 2010 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20101110122007/http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=251&CID=105 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref> وأخذ معه نصف الجيوش الفاتحة، فتولَّى القيادة من بعده [[المثنى بن حارثة الشيباني|المثنى بن حارثة]] عام 12هـ. لكن بعد ذلك بعامٍ واحدٍ قام والٍ يدعى [[رستم فرخزاد]] بانقلاب في [[الإمبراطورية الساسانية|الدولة الساسانية]] واستولى على الحكم، فتمكَّن من إنهاء فترةٍ طويلة من الصِّراعات الداخلية في الدولة، وبدأت موازين القوى بالتغير.<ref name="حملات خالد بالعراق">[http://islamstory.com/ar/حملة_خالد_بن_الوليد_في_العراق خالد بن الوليد يشن حملات على العراق]. موقع قصة الإسلام، ل[[راغب السرجاني]]. تاريخ النشر 01-05-2005. تاريخ الولوج 28-06-2012. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161227031035/http://islamstory.com/ar/حملة_خالد_بن_الوليد_في_العراق |date=27 ديسمبر 2016}}</ref> فخرج المثنى في أواسط عام 13هـ من العراق قاصدًا المدينة، ليحدِّث أبا بكرٍ عن أحوال القتال ويطلب منه المدد لاستكمال الفتح،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الطريق إلى المدائن|الطبعة السادسة سنة 1986|p=376}}</ref> لكن عندما وصلها كان أبو بكر على فراش الموت، فلما حدثه المثنى عن أحوال فارس استدعى عمرَ، ووصَّاه بأن يندب الناس (يدعوهم إلى الخروج للقتال) مع المثنى كل يوم،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الطريق إلى المدائن|الطبعة السادسة سنة 1986|p=376-377}}</ref> وتوفي أبو بكر بعد ذلك بأيام.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الطريق إلى المدائن|الطبعة السادسة سنة 1986|p=377}}</ref> فعل عمر ما أوصاه به أبو بكر،<ref name="abc7">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الطريق إلى المدائن|الطبعة السادسة سنة 1986|p=378}}</ref> وتمَكَّن من حشد جيشٍ من 1,000 رجل من أهل المدينة، فأرسله إلى فارس،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الطريق إلى المدائن|الطبعة السادسة سنة 1986|p=379}}</ref> وبدأ عمر بعد ذلك يحشد للحرب على الفرس، فأعلن النفير في الجزيرة العربية، وأخذ يتنقل بين قبائل العرب ليجمع المقاتلين، ويحمِّس الناس،<ref name="معركة الجسر">[http://islamstory.com/ar/معركة_الجسر موقعة الجسر]. موقع قصة الإسلام، ل[[راغب السرجاني]]. تاريخ النشر 01-05-2005. تاريخ الولوج 28-06-2012. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161214163345/http://islamstory.com/ar/معركة_الجسر |date=14 ديسمبر 2016}}</ref> ويرسل الإمدادات تباعًا إلى فارس، واستعمل الوجهاء والخطباء والشعراء للتحريض على الفرس قائلاً: {{اقتباس مضمن|والله لأضربنَّ ملوك العجم بملوك العرب}}.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|القادسية|الطبعة الثالثة سنة 1977|p=26-27}}</ref>

ومن كبرى المعارك التي خاضتها الجيوش التي حشدها عمر [[معركة القادسية]] عام 15هـ،<ref name="معركة القادسية">[https://alahmad.com/node/22 معركة القادسية]. ناصر بن محمد الأحمد. تاريخ الولوج 28-06-2012. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141129015239/http://alahmad.com/node/22 |date=29 نوفمبر 2014}}</ref> و[[فتح المدائن]] عاصمة الدولة الساسانية عام 16هـ،<ref name="فتح المدائن">[http://islamstory.com/ar/فتح_المدائن فتح المدائن]. موقع قصة الإسلام، ل[[راغب السرجاني]]. تاريخ النشر 01-05-2005. تاريخ الولوج 28-06-2012. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161227031342/http://islamstory.com/ar/فتح_المدائن |date=27 ديسمبر 2016}}</ref> وأخيرًا [[معركة نهاوند]] المعروفة باسم {{ط|فتح الفتوح}} عام 21هـ،<ref name="موقعة نهاوند">كتاب "نهاوند: بقيادة النعمان بن مقرن المزني"، لشوقي أبو خليل. ص23. الطبعة الثالثة سنة 1979، دار الفكر.</ref> وكان النصر فيها جميعًا من نصيب المسلمين، وبعد نهاوند لم تقم للفرس قائمة، فتوالت فتوحات [[بلاد فارس|فارس]] حتى وقعت بالكامل في أيدي المسلمين.<ref name="فتح فارس">[http://islamstory.com/ar/الانسياح_في_بلاد_فارس توسع الفتح الإسلامي في بلاد فارس]. موقع قصة الإسلام، ل[[راغب السرجاني]]. تاريخ النشر 01-05-2005. تاريخ الولوج 28-06-2012. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161226173348/http://islamstory.com/ar/الانسياح_في_بلاد_فارس |date=26 ديسمبر 2016}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|سقوط المدائن|الطبعة الثالثة سنة 1984|p=403-404}}</ref> في شهر ذي الحجة عام 23هـ (أكتوبر 644م) توجَّه عمر لأداء [[الحج في الإسلام|الحج]] في مكة؛ حيث كان ذلك آخر حجٍّ له، وبعد عودته من الحج إلى المدينة المنورة بفترةٍ قصيرة، وبينما كان يؤم المسلمين في صلاة الفجر، طعنه رجل فارسي يُدعَى [[أبو لؤلؤة المجوسي|أبو لؤلؤة]]، فحمل إلى منزله وهو ينزف،<ref>''[[محمد بن جرير الطبري|الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير]]''. [[تاريخ الطبري|تاريخ الرسل والملوك]]، الجزء الرابع، صفحة: 190-191. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. [[دار المعارف]] - [[القاهرة]]، [[1960]]</ref><ref>''[[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر]]''. [[البداية والنهاية]]، الجزء السابع، صفحة: 137، 148، 149. مكتبة المعارف - بيروت (1981)، ومكتبة العصر - الرياض (1966).</ref> وتوفي عمر بعد ذلك بثلاثة أيامٍ عن 65 عامًا، وبعد خلافةٍ دامت 10 سنين، ودفن في أول شهر محرم عام 24هـ (644م).<ref>''[[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد، محمد أبو عبد الله]]''. الطبقات الكبرى، الجزء الأول، صفحة: 265. دار صادر ودار بيروت - بيروت (1957)</ref>

=== عهد عُثمان بن عفَّان (24-35هـ/644-655م) ===
{{أيضا|عثمان بن عفان{{!}}عُثمان بن عفَّان|الفتح الإسلامي للمغرب{{!}}فتح المغرب|معركة ذات الصواري|مصحف عثمان{{!}}مُصحف عُثمان|فتنة مقتل عثمان{{!}}فتنة مقتل عُثمان}}
[[ملف:Rashidun Caliph Uthman ibn Affan - عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين.svg|تصغير|يمين|تخطيط لاسم عُثمان بن عفَّان.]]
[[ملف:Balami - Tarikhnama - the election of 'Othman as the caliphate of Medina (cropped).jpg|تصغير|رسم فارسي يُظهر مُبايعة المُسلمين لعُثمان بن عفَّان في المسجد، وقد مُحي وجهه احترامًا.]]
عندما كان عمر يحتضر لم يرغب بأن يولّي على المسلمين بعده أحدًا بعينه؛ فقد قال: {{اقتباس مضمن|أن أعهَدَ فقد عهد من هو خيرٌ مني، وإن لم أعهد فلم يعهد من هو خير مني}} (يقصد أبا بكرٍ الذي عهد به، والرسول الذي رفض أن يعهد لأحد)،<ref name="الوجيز">محمد قبَّاني (1426 هـ/2006): الوجيز في الخلافة الراشدة، ص56. دار الفتح، دار وحي القلم، دمشق - سوريا.</ref> ورغم ذلك اختار عمر ستة من كبار الصَّحابة، وطلب منهم أن ينتخبوا خليفةً من بينهم، دون أن يرشح لهم أحدًا بعينه، وكان هؤلاء عثمانَ وعليًّا و[[طلحة بن عبيد الله]] و[[الزبير بن العوام]] و[[سعد بن أبي وقاص]] و[[عبد الرحمن بن عوف]]، وأمهلهم ثلاثة أيَّامٍ بعد وفاته لكي يختاروا الخليفة الجديد.<ref name="مولد تلقائيا1">[[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]: [[البداية والنهاية]]، الجزء السابع، "خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ثم استهلت سنة أربع وعشرين".</ref> ولكي لا يعتقد أحدٌ أن عمر أراد ترشيح شخص معين من الستة، أمر أن يؤمَّ الناس في الصلاة [[صهيب بن سنان|صهيب الرومي]].<ref name="الوجيز"/> جلس الصحابة الذين عيَّنهم عمر يتشاورون، وعند بدء المشاورة قرَّر عبد الرحمن بن عوف النأي بنفسه عن الترشُّح ليشرف على العملية،<ref name="محمود شاكر1">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): [http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover#v=onepage&q&f=false التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون]، ص219. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141202132852/http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover |date=02 ديسمبر 2014}}</ref> فأخذ يخلو بكلّ واحدٍ من الباقين ليسأله من يرشح من زملائه للخلافة، ورشَّح عليٌّ وسعدٌ عثمانَ، بينما رشح عثمانُ والزبيرُ عليًّا،<ref name="محمود شاكر2">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون، ص220.</ref> وأما طلحة فقد غاب،<ref name="محمود شاكر1"/> ولم يشأ عبد الرحمن أن يحسم الأمر بنفسه، فأخذ يسأل الناس لأيام، حتى وجد أن معظمهم يؤيّدون عثمانَ،<ref name="محمود شاكر2"/> وكانت بيعته في نهاية ذي الحجة أو مطلع محرَّم عام 24هـ (بداية نوفمبر عام 644م).<ref name="محمود شاكر3">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون، ص221-222.</ref>

ما إن انتشر نبأ وفاة عمر بدأت الأقاليم المفتوحة بنقض العهود التي أبرمتها مع المسلمين، فأمر عثمان على الفور بإرسال الجيوش إليها؛ فقد نقض العهد معظم أقاليم فارس، فأمر عثمان أمير الكوفة [[الوليد بن عقبة]] والبصرة [[عبد الله بن عامر بن كريز|عبد الله بن عامر]] بإعادة فتحها،<ref name="الوجيز2">محمد قبَّاني (1426 هـ/2006): الوجيز في الخلافة الراشدة، ص59.</ref> ونقضت [[الإسكندرية]] العهد في عام 25هـ، فأعاد ضمَّها [[عمرو بن العاص]] أمير مصر. وكان عمر قد منع عَمْرًا من التوغُّل في المغرب أبعد من طرابلس، إلا أنَّ عثمان أذن له، فدخل [[إفريقية|أفريقية]] وخاض معركة في [[سبيطلة]]، وكذلك غزا [[النوبة|بلاد النوبة]]، إلا أنَّه لم يستول على أيّ منهما، بل عاود الانسحاب.<ref name="محمود شاكر4">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون، ص224.</ref> أذن عثمان كذلك لمعاوية بأن يبني أسطولًا بحريًّا بعد أن كان عمر قد منعه، ففتح به [[قبرص]] وخاض [[معركة ذات الصواري]] مع الدولة البيزنطية،<ref name="محمود شاكر5">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون، ص225.</ref> وانتصر المسلمون فيها نصرًا كبيرًا. شهد عهد عثمانَ أيضًا عدة غزوات ضدَّ البيزنطيين في الشام والأناضول، إضافةً إلى غزوات أخرى في [[القوقاز]] بأذربيجان وأرمينيا بعد نقضهما العهدَ، ووصلت الغزوات في المشرق إلى [[نهر السند]] و[[كابل (توضيح)|كابل]] و[[فرغانة]].<ref name="محمود شاكر6">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون، ص226.</ref> من جهةٍ أخرى؛ من أهمّ الإنجازات غير العسكرية التي قام بها عثمان في عهده [[مصحف عثمان|جمع المصحف]] بأول نسخةٍ مكتوبة في تاريخ الإسلام.<ref name="الوجيز3">محمد قبَّاني (1426 هـ/2006): الوجيز في الخلافة الراشدة، ص65.</ref>

سار النصف الأول من خلافة عثمان على ما يرام، وكانت الدولة خلاله مستقرَّة، لكن بحلول عام 31هـ بدأت القلاقل والتوترات تظهر وتتصاعد، واستمرَّت حتى نهاية عهده ونهاية دولة الخلافة الراشدة بأكملها.<ref name="الوجيز4">محمد قبَّاني (1426 هـ/2006): الوجيز في الخلافة الراشدة، ص66.</ref> من بين الاضطرابات الأولى التي واجهها عثمان في خلافته حادثة مقتل [[هرمزان|الهرمزان]] و[[قائمة الصحابة|جفينة الجهني]] وابنة [[أبو لؤلؤة المجوسي|أبي لؤلؤة]] على يد [[عبد الله بن عمر بن الخطاب|عبد الله بن عمر]]، قصاصًا لأبيه، إلا أنَّه قام بذلك دون أمرٍ من الخليفة،<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين"/> وطالب البعض بقتل ابن عمر قصاصًا لأنه تجاوز القانون، بينما صعب على البعض ذلك، وسوَّى عثمان الأمر بأن دفع الدِّيَة لابن الهرمزان من ماله الخاص وانتهت المشكلة هكذا.<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين22">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون، مرجع سابق، ص232.</ref>
[[ملف:Uthman Koran Taschkent a.jpg|تصغير|نسخة قديمة من المُصحف محفوظة في متحف في مدينة [[طشقند]]. يُعتقد أنَّها ذات النسخة التي كان عُثمان بن عفَّان يقرأ فيها عند مقتله، حيثُ قيل أنَّ آثار دمائه لا تزال ظاهرة عليها.]]
لاحقًا، بدأت الاضطرابات تنشب في الدولة، وكان من الأسباب الرئيسة لذلك أقارب عثمان، الذين كان يقربهم إليه أكثر من الآخرين، ويعطيهم الأموال والمناصب،<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين2"/> وحابى بعض أقربائه ونسبائه بمنحهم منصب الولاية، فتوالت الاعتراضات والشكَاوى من ظلم أقربائه، والمطالبة بخلعهم،<ref name="مقرر جامعة أم القرى"/> وأصبح يبدل ولاة الأقاليم مرَّة تلو الأخرى.<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين23">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون، مرجع سابق، ص233.</ref> كما اعترض آخرون على الترف الذي استشرى في مجتمع المدينة المنورة؛<ref name="الوجيز43">محمد قبَّاني (1426 هـ/2006): الوجيز في الخلافة الراشدة، ص67-68.</ref> حيث انقلب مجتمعها من حياة الفقر والتواضع في عصر الرسول إلى الغنى واللهو في عصر عثمان، وذلك نتيجة الأموال والغنائم الكبيرة التي أتت بها الفتوحات.<ref name="عثمان">صادق إبراهيم عرجون (1402 هـ/1982): عثمان بن عفان، ص79. الطبعة الثانية، الدار السعودية.</ref> بحسب بعض المؤرخين؛ فقد كان أولَ من أشعل الثورة على عثمان رجلٌ يهوديٌّ في اليمن يدعى [[عبد الله بن سبأ]]، الذي أخذ يُحرِّض الناس -خصوصًا في العراق- على عثمان وعمر وبعض الصحابة، ويُمجِّد عليًّا بصفته أحقَّ بالخلافة.<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين26">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون، مرجع سابق، ص236-237.</ref> [[فتنة مقتل عثمان|انتشرت الفتنة واشتدَّت]] في الولايات والأقاليم، وفي نهاية عام 34هـ جاء إلى المدينة وفودٌ من الأقاليم بدعوى الحج، فتفاوضوا مع عثمان ولانوا، لكن يقال إنهم وبينما كانوا عائدين إلى أقاليمهم قابلوا رسولًا من عثمان فأمسكوه، ووجدوا معه رسالة يأمر فيها والي مصرَ بقتلهم، فعادوا إلى المدينة وبدأوا الثورة عليه.<ref name="الوجيز44">محمد قبَّاني (1426 هـ/2006): الوجيز في الخلافة الراشدة، ص72.</ref> ضرب الثوار الحصار على منزل عثمان،<ref name="الوجيز44"/> وبينما الحال كذلك جاء يوم الجمعة، فخرج إلى المنبر ليخطب، وخاطب الثوار في كلامه، وقام أحد الصحابة يشهد على قوله، بينما قام آخرُ يعترض، ونشب قتالٌ في المسجد، وضُرِبَ عثمان خلاله، فأغمي عليه وحمل إلى منزله.<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين244">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون، مرجع سابق، ص240.</ref> ظلَّ عثمان محاصرًا في منزله أيامًا، ومعه عددٌ من الصحابة يحرسونه؛ بينهم [[الحسن بن علي]] و[[عبد الله بن الزبير]] و[[مروان بن الحكم]] و[[سعيد بن العاص]]، حتى بدأ الثوار يحاولون اقتحام منزله نفسه، فأحرقوا الباب، ودخلوا المنزل، وضرب أحدهم عثمان بحديدةٍ على رأسه،<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين245">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون، مرجع سابق، ص241.</ref> ثم ضُرِبَ بسيفٍ وقتل ونهب منزله في 18 ذي الحجة عام 35هـ (20 يونيو عام 656م)، وعمره اثنان وثمانون عامًا، وبعد خلافةٍ دامت ثنتي عشرة سنة.<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين246">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون، مرجع سابق، ص242.</ref>

=== عهد عليّ بن أبي طالب (35-41هـ/655-661م) ===
{{أيضا|علي بن أبي طالب{{!}}عليّ بن أبي طالب|معركة الجمل|معركة صفين{{!}}معركة صفّين|معركة النهروان|الخوارج}}
{{أهل السنة}}
[[ملف:Rashidun Caliph Ali ibn Abi Talib - علي بن أبي طالب.svg|تصغير|يمين|تخطيط لاسم عليّ بن أبي طالب.]]
بعد [[فتنة مقتل عثمان|مقتل عُثمان بن عفَّان]] اتخذ الانقسام الذي أفرزته الثورة عليه طابعًا نهائيًّا، بفعل عمق الجرح واتساع الهوَّة بين الفئات المُتناقضةِ التوجهاتِ في المُجتمع الإسلامي، وخَلَق فرزًا اجتماعيًّا جذريًّا بين الجمهور القبلي من جانب، وبين النخبة القُرشيَّة من جانبٍ آخر، بالإضافة إلى ولادة الفِرق السياسيَّة، ونُشوء الفكر السياسي في تاريخ الإسلام.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=إبراهيم |الأول=أيمن |مؤلف-وصلة=أيمن إبراهيم |عنوان=الإسلام والسُلطان والملك|سنة=1998 |ناشر=دار الحصاد للنشر والتوزيع |مكان=دمشق-سوريا|صفحة=262}}</ref> كان الخيار المطروح بعد مقتل عُثمان هو إمَّا العودة إلى نظام عُمر بن الخطَّاب الذي اعتمد أساسًا على المصالح القبليَّة وقيمها، وإمَّا الاستمرار على نهج عُثمان من واقع النظام الجديد الذي يعتمد على أولويَّة المصالح القُرشيَّة، وقد توزَّعت مواقف الصحابة بخاصَّة والمُسلمين بعامَّة بين هذين الخيارين، وقد تبنّى عليٌّ مطالب الثائرين في حين جسَّد [[معاوية بن أبي سفيان|مُعاوية بن أبي سُفيان]] الاستمراريَّة الحيَّة المُباشرة لنهج عُثمان.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=طقّوش |الأول=محمد سُهيل |عنوان=تاريخ الخُلفاء الراشدين: الفُتوحات والإنجازات السياسيَّة|طبعة=1 |سنة=[[1424 هـ|1424هـ]]/[[2003]]م |ناشر=دار النفائس |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |ردمك=9953-18-101-2 |صفحة=429}}</ref> كان الثائرون لايزالون يُسيطرون على المدينة، ويملكون ناصية القرار السياسي والعسكري، إلَّا أنهم لم يُمارسوا السلطة فعليًّا، وافتقروا إلى الرؤية الواضحة للخروج من المأزق الذي خلقته حركتهم، هذا في الوقت الذي أخذ فيه مُعظم الصحابة يتوارون عن الأنظار في عاصمة الخِلافة، مُفضِّلين الابتعاد عن التطوّرات التي أفلتت من أيديهم، وكان الفراغ في السُلطة يُنذر بأسوأ النتائج، واشتدَّت الحاجة إلى مُنقذ يتمتَّع بتأييد الأغلبيَّة في التوجهات السياسيَّة وبخاصَّة المُمثلة لجماعة الثائرين.<ref name="خلافة علي1">{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جُرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرُسل والمُلوك]]، جـ 4 |سنة=[[1960]]|ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=432}}</ref> بناءً على هذا توجَّه بعض الصحابة من المُهاجرين والأنصار نحو عليّ وخاطبوه قائلين: {{اقتباس مضمن|إنَّ هذا الرجل قد قُتل ولا بُدَّ للناس من إمام، ولا نجد اليوم أحدًا أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة، ولا أقرب من رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}}}،<ref>[http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=837&pid=407195 إسلام ويب؛ موسوعة الحديث الشريف: الكتب » المنتظم في تاريخ الأمم لابن الجوزي » أبواب ذكر المخلوقات » باب ذكر ما جرى في سني الهجرة » باب خلافة علي رضوان الله عليه] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170629200542/http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=837&pid=407195 |date=29 يونيو 2017}}</ref><ref>[http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3495_الكامل-في-التاريخ-ابن-الأثير-ج-3/الصفحة_188&nbsp;الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج 3 - الصفحة 190]، {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200531141940/http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3495_الكامل-في-التاريخ-ابن-الأثير-ج-3/الصفحة_188&nbsp;الكامل |date=31 مايو 2020}}</ref> والواضح أنَّ معالم شخصيَّة عليّ وحياته العامَّة جعلته آنذاك رجل الإسلام المُهم، وكان اسمه يفرض نفسه؛ فهو الأكثر نشاطًا من خلال الأزمة، والذي بدا من خلال هذا الموقع المُحاور الوحيد بعد انكفاء طلحة والزُبير واعتزال سعد بن أبي وقَّاص،<ref name="خلافة علي1"/> وهم الأربعة الذين بقُوا من أهل الشورى، ومثَّلوا النخبة السياسيَّة في المدينة، كما أنَّه لم يكن موضع اتهام. ولم يكن عليّ في البداية راغبًا في تولّي الخِلافة، وخاطب الذين رشّحوه قائلًا: {{اقتباس مضمن|لا تفعلوا فإني أكون وزيرًا خيرٌ من أن أكون أميرًا}}.<ref>[http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3476_تاريخ-الطبري-الطبري-ج-3/الصفحة_450&nbsp; تاريخ الطبري - الطبري - ج 3 - الصفحة 450]، {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200531134608/http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3476_تاريخ-الطبري-الطبري-ج-3/الصفحة_450&nbsp; |date=31 مايو 2020}}</ref><ref>[http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3495_الكامل-في-التاريخ-ابن-الأثير-ج-3/الصفحة_189&nbsp;الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج 3 - الصفحة 191]، {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200531134609/http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3495_الكامل-في-التاريخ-ابن-الأثير-ج-3/الصفحة_189&nbsp;الكامل |date=31 مايو 2020}}</ref> عندئذٍ صعَّد أهل الأمصار ضغوطهم، فهدَّدوا أهل المدينة بقتل هؤلاء الثلاثة: عليّ وطلحة والزُبير وناسٌ كثير، مما دفع عليًّا بقبول البيعة خوفًا من الفتنة، وخشيةً على الدين والمُسلمين من مزيدٍ من التمزّق، وهدف إلى وأد الفتنة وإعادة تجميع جسم الأمَّة المُتناثر وترميم النظام القائم للسُلطة، وتعزيز التواصل بين القوى الاجتماعيَّة الأكثر اعتدالًا والأقل تورُّطًا في قتل عُثمان.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جُرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرُسل والمُلوك]]، جـ 4 |سنة=[[1960]]|ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=427}}</ref>
[[ملف:Ali and Aisha at the Battle of the Camel.jpg|تصغير|يمين|رسم تُركي عُثماني لموقعة الجمل، وقد غُطي وجه كلًّا من عائشة وعليّ باللون الأبيض.]]
كانت أوَّل مُشكلة اعترضت الخليفة الجديد هي العُمَّال الذين عيَّنهم عُثمان على الأمصار، ثمَّ مُشكلة المُطالبة بأخذ الثأر من قتلة عثمان. وكان التغيير الأكثر إلحاحًا، من وجهة نظر عليّ، هو إعادة النظر في الجهاز الإداري المسؤول مُباشرةً، بوصفه الأداة التنفيذيَّة للخِلافة، وذلك من واقع تغيير العُمَّال والموظفين. غير أنَّ التصدّي لرواسب النظام السابق كان يعني المُواجهة مع قوى نافذة بلغت مبلغًا كبيرًا من القوَّة، بالإضافة إلى الاصطدام مع عدد من كِبار الصحابة الذين وقفوا موقفًا سلبيًّا، لذلك كان من الضروري أن يُسبَق قرارُ التغييرِ باتخاذِ خطوات تُمهّد لتنفيذه من أجل تجنّب إثارة المُعترضين، وهذا ما أشار به [[عبد الله بن عباس|عبد الله بن عبَّاس]]، وهو الإبقاء على عُمَّال عُثمان وبالأخص [[معاوية بن أبي سفيان|مُعاوية]]،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=المسعودي |الأول=أبو الحسن عليّ بن الحسين |مؤلف-وصلة=المسعودي |عنوان=[[مروج الذهب|مروج الذهب ومعادن الجوهر]] ، جـ 2  |سنة=[[2005]] |ناشر=المكتبة العصرية، اعتنى به وراجعه: كمال حسن مرعي|مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |صفحة=354}}</ref>{{للهامش|4}} ونصحهُ [[المغيرة بن شعبة|المُغيرة بن شُعبة]] بالتريّث في هذا الأمر حتى تهدأ الأوضاع وتستقر، وتتوطَّد له أسباب الحُكم، ثمَّ ينظر ما يكون.<ref name="علي">{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جُرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرسل والملوك]]، جـ 4 |سنة=[[1960]] |ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=438، 440، 441}}</ref> والرَّاجح أنَّ عليًّا أدرك ذلك، إلَّا أنَّ موقف الثائرين في المدينة، والجوّ العام في الأمصار المشحون بالنقمة كان ضاغطًا، بالإضافة إلى ذلك فإنَّ مبدأ التغيير كان يعني الشموليَّة وعدم التجزئة،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=بيضون |الأول=إبراهيم |عنوان=ملامح التيَّارات السياسيَّة في القرن الأوَّل الهجري |سنة=[[1979]] |ناشر=[[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]] |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |صفحة=212}}</ref> أضف إلى ذلك أنَّ عليًّا كان شديدًا في الحق، لا يستطيع أن «يُداهن في دينه»،<ref name="علي"/> ولم يكن بوسعه أن يلجأ إلى مُهادنة وُلاة عُثمان، والمعروف أنَّ خلع وُلاة عُثمان كان أحد مطالب الثائرين والمُعارضين في [[الكوفة]] و[[البصرة]] و[[تاريخ مصر الإسلامية|مصر]]، لهذا كان إبعاد عمَّال عُثمان عن الوظائف العامَّة مسألة مبدئيَّة تصعب المُساومة عليها.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=إبراهيم |الأول=أيمن |مؤلف-وصلة=أيمن إبراهيم |عنوان=الإسلام والسلطان والملك |سنة=1998 |ناشر=دار الحصاد للنشر والتوزيع |مكان=[[دمشق]]-[[سوريا]] |صفحة=266}}</ref> لذلك بادر عليّ إلى تعيين عُمَّاله على الأمصار المُختلفة وعزل عُمَّال عُثمان سنة [[36 هـ|36هـ]] المُوافقة لسنة [[656]]م، وكان أكثر هؤلاء العُمَّال الأجِدَّاء من الصَّحابة الذين اتصفوا بأعلى درجات الزُهد والتَّقشّف، والتفَّ حول عليّ كِبار أعلام بني طالب و[[بنو هاشم|بني هاشم]]؛ مثل: عبد الله بن عبَّاس ومحمد بن جعفر و[[محمد بن الحنفية|محمد بن الحنفيَّة]]، بالإضافة إلى شخصيَّات صحابيَّة كُبرى؛ مثل: [[محمد بن أبي بكر]] و[[سليمان بن صرد|سُليمان بن صرد الخزاعي]] و[[أبو قتادة الأنصاري|أبي قتادة بن ربعي]] و[[أبو أيوب الأنصاري|أبي أيّوب الأنصاري]] و[[عمار بن ياسر|عمَّار بن ياسر]] وغيرهم.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=طقّوش |الأول=محمد سُهيل |عنوان=تاريخ الخُلفاء الراشدين: الفُتوحات والإنجازات السياسيَّة|طبعة=1 |سنة=[[1424 هـ|1424هـ]]/[[2003]]م |ناشر=دار النفائس |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |ردمك=9953-18-101-2 |صفحة=433}}</ref>

لم يُصادف الوُلاة الأجِدَّة عقبات تُذكر، باستثناء ما كان مُنتظرًا من مُعاوية بن أبي سُفيان والي الشام، الذي رفض الدخول في طاعة عليّ، ولم يسمح لسهل بن حنيف أن يدخل الشام ويستلم منصبه كوالٍ عيَّنه عليّ، وكان مُعاوية قد استمال أهل الشام إليه، فالتفّوا حوله، وشكَّلوا قوَّة؛ يُناصرونه ويأتمرون بأمره، ويُوافقونه في عدم الهدوء حتى توقيع الحدّ على قتلة عُثمان. وفي المُقابل نجح عليّ في الحصول على تأييد أغلبيَّة المُسلمين في الأمصار؛ فعلى الرغم من أنَّهم كانوا يستنكرون مقتل عُثمان، حاولوا الحفاظ على وحدتهم من خلال الوقوف الحذر وراء الخليفة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=جعيط |الأول=هشام |مؤلف-وصلة=هشام جعيط |عنوان=الفتنة |مسار= https://archive.org/details/Al-Jihad-Wa-Ma3rakat-Al-Shobohat |طبعة=3 |سنة=[[1995]]|ناشر=دار الطليعة |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]]|صفحة=144|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20220411161330/https://archive.org/details/Al-Jihad-Wa-Ma3rakat-Al-Shobohat|تاريخ أرشيف=2022-04-11}}</ref> بيد أنَّ موقف مُعاوية الرافض لم يكن الشاغل الوحيد للخليفة؛ إذ نما في أوساط بعض الصحابة أنَّ عليًّا يتهاون في مُعاقبة قتلة عُثمان، فقد ذهب إليه كُلٌّ من طلحة والزُبير مع نفر من أهل المدينة المنوَّرة، بعد أربعة أشهر من مقتل عُثمان، وطلبوا منه إقامة الحد على القتلة، فاعتذر إليهم بأنَّ القتلة لهم مدد وأعوان، وأنَّ الوقت لم يحن لذلك بعد؛ فالأولويَّة هي تهدئة الأجواء والنفوس واستقرار الأوضاع. ويبدو أنَّهما لم يقتنعا بوجهة نظره، فخرجا إلى مكَّة لأداء [[عمرة|العُمرة]]، وهُناك لقيا [[عائشة بنت أبي بكر]] زوجة الرسول مُحمَّد، التي كانت تُندد بمقتل عُثمان ولا تُطيق رؤية المدينة، وقد وقعت تحت «سُلطة غوغاء الأمصار وبدو نهَّابين وعبيد آبقين»، الذين «سفكوا الدَّمَ الحرام، واستحلّوا البلد الحرام، وأخذوا المال الحرام، واستحلّوا الشهر الحرام»،<ref name="علي2">{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جُرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرسل والملوك]]، جـ 4 |سنة=[[1960]] |ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=248-249}}</ref> وأنَّ الأمر لن يستقيم طالما لهذه الغوغاء أمر؛ فلا بُدَّ من المُطالبة بدمِ عُثمان.<ref name="علي2"/> وسُرعان ما استقطبت دعوة عائشة كل الذين كانوا يُعارضون مقتل عُثمان بن عفَّان، أو يُحاولون إسقاط عليّ بن أبي طالب، وبخاصَّة أفراد الأسرة الأمويَّة؛ فانضمَّ إليها الكثيرون، وساروا إلى المدينة المنوَّرة، وهُناك رفض بعض الصحابة وباقي [[أمهات المؤمنين|أمَّهات المؤمنين]] السير معها أبعد من ذلك، فخرج الثائرون بعدد كبير من الجنود إلى [[البصرة]] لإنزال العقاب بالقتلة هُناك أوَّلًا، فتمكنوا من السيطرة على المدينة وهزيمة عاملها.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن الأثير |الأول=عليّ بن أحمد بن أبي الكرم |مؤلف-وصلة=ابن الأثير |عنوان=[[الكامل في التاريخ]]، جـ 3 |سنة=[[1967]] |ناشر=دار بيروت ودار صادر |مكان=بيروت-لبنان|صفحة=212-226}}</ref> في ذلك الحين كان عليّ قد قرر الخروج نهائيًّا من المدينة المنوَّرة وجعل [[الكوفة]] مقرًّا له؛ فهي في نظره مُستقر أعلام ورجال العرب، وقد اتخذ هذا القرار من واقع استحالة البقاء في [[الحجاز]] الذي أفرغته [[فتوحات إسلامية|الفتوح]] من طاقاته البشريَّة والاقتصاديَّة، وانتقال محاور الصراع الأساسيَّة إلى مناطق الأطراف البعيدة عنه، فخرج من المدينة في الأيَّام الأخيرة من شهر ربيع الثاني عام [[36 هـ|36هـ]].<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جُرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرسل والملوك]]، جـ 4 |سنة=[[1960]] |ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=459}}</ref> وما إن بلغ عليّ ومن معه من الصحابة [[الربذة|الرُبذة]] بلغته تفاصيل ما جرى في البصرة، فسار بسرعة حتى بلغ موضع [[ذي قار (محافظة)|ذي قار؛]] حيثُ انضمَّ إليه الآلاف من أهل الكوفة.<ref name="الدينوري">{{استشهاد بكتاب |الأخير=الدينوري |الأول=أبو حنيفة أحمد بن داود |مؤلف-وصلة=الدينوري |عنوان=الأخبار الطوال|سنة=1961 |ناشر=تحقيق عبد المنعم عامر |مكان=القاهرة-مصر |صفحة=143-148}}</ref> وقد حاول عليّ حقن الدماء، ودعا إلى الصُلح حتى لا يُقاتل المُسلمون بعضُهم بعضًا، فاقتنع الزُبير وانسحب من المُواجهة ومضى نحو البصرة، بقصد العودة إلى الحجاز، لكنَّه قُتل غدرًا بوادي السباع.<ref name="الدينوري"/> ووقعت [[موقعة الجمل|المعركة]] بين التيَّارين الهاشمي والعُثماني في آخر شهر [[جمادى الآخرة]] سنة [[36 هـ|36هـ]] الموافقة لسنة [[656]]م، وانتهت بانتصار عليّ بن أبي طالب في يومٍ واحد، ثمَّ أعطى عليٌّ أمره إلى محمَّد بن أبي بكر بأن يوصل أخته عائشة إلى المدينة المنوَّرة، بعد أن جهَّزها بالزاد والمتاع، وسيَّر معها سبعين امرأة من [[عبد القيس]] في ثياب الرجال، وقيل أربعون امرأة،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=اليعقوبي |الأول=أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب |مؤلف-وصلة=اليعقوبي |عنوان=[[تاريخ اليعقوبي]]، جـ 2  |سنة= [[1960]]|ناشر=دار صادر |مكان=بيروت-لبنان |صفحة=183}}</ref> وكان طلحة قد أُصيب بسهمٍ في المعركة، فاعتزل القتال ثمَّ توفي جرَّاء النزيف. ودخل عليّ البصرة بعد المعركة؛ حيثُ بايعه البصريّون طائعين.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جُرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرسل والملوك]]، جـ 4 |سنة=[[1960]] |ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=541}}</ref>
[[ملف:First Fitna map blank.svg|تصغير|يمين|دولة الخِلافة الراشدة بعد التحكيم بين عليّ ومُعاوية:
{{مؤشر لوني|#009900|الأقاليم الخاضعة لعليّ}}
{{مؤشر لوني|#ef1000|الأقاليم الخاضعة لمُعاوية}}
{{مؤشر لوني|#0000FF|الأقاليم الخاضعة لعمرو بن العاص}}]]
بعد ذلك كان علَى عليٍّ أن يُدخل مُعاوية بن أبي سُفيان في الطاعة مُجددًا، وظلَّ يأمل بحصول ذلك سلميًّا وأن يستقطب مُعاوية باللين ويُجنّب المُسلمين مزيدًا من إراقة الدماء، فأرسل إليه رسولًا من الكوفة هو جرير بن عبد الله البجلي ليدعوه إلى الجماعة ويحمله على البيعة،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن مزاحم |الأول=نصر (المنقري)|عنوان=كتاب وقعة صفّين |سنة=[[1981]] |ناشر=تحقيق محمد عبد السلام هارون |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]]|صفحة=27-28}}</ref> لكنَّ مُعاوية أمسك الرسول سالف الذِكر وأبقاه إلى جواره لحين وصول [[عمرو بن العاص]] من فلسطين بعد أن استدعاه لمُشاورته في الأمر، نظرًا لما عُرف عنه من الدهاء وسعة الحيلة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن مزاحم |الأول=نصر (المنقري)|عنوان=كتاب وقعة صفّين |سنة=1981 |ناشر=تحقيق محمد [[عبد السلام هارون]] |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=55}}</ref> ولمَّا وصل عمرو إلى دمشق أغراه مُعاوية بولاية مصر مدى الحياة في حال انتصاره،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن قتيبة الدينوري |الأول=أبو محمد عبد الله بن مسلم |مؤلف-وصلة=ابن قتيبة |عنوان=الإمامة والسياسة  |سنة=[[1937]] |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=96}}</ref> فدبَّر له عمرو حيلةً مُحكمة يستغلُّها في حال الفشل في مواجهة عليّ بن أبي طالب، وتقضي هذه الحيلة برفع [[مصحف|المصاحف]] على الرماح والدعوة لأن يكون القرآن حكمًا بينهما، الأمر الذي من شأنه أن يضع عليًّا في موقفٍ حرج؛ سواء قبل بالتحكيم أم رفضه، لأنَّ أي موقفٍ له سيُحدث انقسامًا في جيشه؛ حيثُ سيكونُ هناك فريقٌ رافض لكلِّ موقفٍ على حدٍّ سواء، فيتحوَّل الأمر لصالح مُعاوية. وهكذا أمر مُعاوية أصحابه بحمل مئات النسخ من المُصحف؛ حدَّدها [[المسعودي]] بخمسمائة،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=المسعودي |الأول=أبو الحسن عليّ بن الحسين |مؤلف-وصلة=المسعودي |عنوان=[[مروج الذهب|مروج الذهب ومعادن الجوهر]] ، جـ 2  |سنة=[[2005]] |ناشر=المكتبة العصرية، اعتنى به وراجعه: كمال حسن مرعي|مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |صفحة=390}}</ref> وسار بجيشه حتى بلغ [[معركة صفين|صفّين]] قرب الفُرات؛ حيث احتكَّ بجيش عليّ في [[معركة صفين|معركةٍ طاحنة]] استمرَّت عشرة أيَّام، رجحت فيها كفَّة عليّ على مُعاوية، ولمَّا أحسَّ معاويةُ باقتراب الهزيمة عمد إلى الحيلة المُدبَّرة، فرُفعت المصاحف عاليًا ونودي بالتحكيم.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن كثير |الأول=أبو الفداء إسماعيل بن عمر |مؤلف-وصلة=ابن كثير |عنوان=[[البداية والنهاية]]، جـ 7  |سنة=[[1981]] |ناشر=مكتبة المعارف |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]]|صفحة=273-276}}</ref> 
[[ملف:Bataille de Siffîn.gif|تصغير|رسم تخّيُلي لمعركة صفّين.]]
قبِل عليٌّ بالتحكيم رغم أنَّه فطن للحيلة بحسب الظاهر، لكنَّه تاق لإنهاء الصراع بين المُسلمين، وفي شهر رمضان سنة [[37 هـ|37هـ]]، المُوافق شهر فبراير سنة [[658]]م، اجتمع الحكمان: عمرو بن العاص عن مُعاوية و[[أبو موسى الأشعري]] عن عليّ في [[محافظة دومة الجندل|دومة الجندل]]، وهُناك خدع عمرو بن العاص أبا موسى فأقنعه بوجوب خلع عليّ ومُعاوية وترك الخلافة شورى بين المُسلمين ليتفقوا على من يختارونه لأنفسهم،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن كثير |الأول=أبو الفداء إسماعيل بن عمر |مؤلف-وصلة=ابن كثير |عنوان=[[البداية والنهاية]]، جـ 7  |سنة=[[1981]] |ناشر=مكتبة المعارف |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]]|صفحة=282-284}}</ref> وتركه يتقدَّم عليه بإصدار الحُكم نظرًا لكبر سنّه، فأعلن خلع عليّ ومُعاوية، فتقدَّم عمرو بن العاص وأعلن خلع عليّ وتثبيت مُعاوية. ونتيجة قبول عليّ بالتحكيم وخداع مُعاوية خرج عن الهاشميَّة فئة أنكرت على عليّ قبوله بتحكيم الناس، مُعتبرةً أنَّ الحكم لله وحده، وطالبت المضيّ بالقتال حتى القضاء على مُعاوية،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الدينوري |الأول=أبو حنيفة أحمد بن داود |مؤلف-وصلة=الدينوري |عنوان=الأخبار الطوال|سنة=1961 |ناشر=تحقيق عبد المنعم عامر |مكان=القاهرة-مصر |صفحة=210}}</ref> وهكذا انقسم أهل العراق الذين اعتمد عليهم عليّ، وكثُر خصومه، وأصبح لزامًا عليه قتال [[خوارج|الخوارج]] الذين خرجوا على طاعته من أهل العراق، ليتفرَّغ لقتال أهل الشام بزعامة مُعاوية الذي اعتبر نفسه الخليفة بعد صدور قرار التحكيم، فأصبح الأمر شبيهًا بحروب الردَّة التي خاضها أبو بكر وأنقذ المُسلمين من التفكك، لكن عليًّا لم يتسنَّ له ذلك؛ فعلى الرغم من [[معركة النهروان|إنزاله الهزيمة بالخوارج في النهروان]] سنة [[38 هـ|38هـ]] المُوافقة لسنة [[658]]م، تمكَّن مُعاوية من ضم مصر وأطراف العراق وشمال الجزيرة والحجاز واليمن؛ حيث أرغم الناس على مُبايعته،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=اليعقوبي |الأول=أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب |مؤلف-وصلة=اليعقوبي |عنوان=[[تاريخ اليعقوبي]]، جـ 2  |سنة= [[1960]]|ناشر=دار صادر |مكان=بيروت-لبنان |صفحة=197}}</ref> فاضطرَّ عليّ إلى مُهادنته على أن يكون لعليّ مُلك العراق ولمُعاوية مُلك الشام. وفي أثناء ذلك اتفق ثلاثة من الخوارج؛ هم: [[عبد الرحمن بن ملجم|عبد الرحمن بن ملجم الحميري]]، والبرك بن عبد الله التميمي وعمرو بن بكر التميمي على قتل عليّ ومُعاوية وعمرو في وقتٍ واحد، في أثناء [[صلاة الفجر]] في [[17 رمضان]] سنة [[40 هـ|40هـ]]، وقد استطاع عبد الرحمن بن ملجم إصابة عليّ بجُرحٍ بالغ فيما فشل الاثنان الباقيان، وتوفي عليّ بعد يومين من الحادثة عن 63 سنة، وقيل 65 أو 68، واختلفت الروايات في موقع دفنه، فقيل في دار الإمارة بالكوفة خوفًا عليه من الخوارج أن ينبشوا جثته، وقيل إنَّه حُمل على راحلته وأُطلقت في الصحراء فلا يعلم أحد أين قبره.<ref>[https://www.islamweb.net/ar/fatwa/45219/ إسلام ويب، مركز الفتوى: مكان قبر علي، وتفنيد ما يشاع بشأن الناقة.] تاريخ التحرير: الإثنين [[17 محرم]] [[1425 هـ|1425هـ]]؛ [[8 مارس]] [[2004]]م {{استشهاد ويب |مسار=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/45219/ |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=19 نوفمبر 2014 |تاريخ أرشيف=27 يوليو 2017 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20170727202303/http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=45219 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref><ref>[http://www.saaid.net/Doat/Zugail/270.htm مكتبة صيد الفوائد: بطلانِ نسبةِ القبرِ في النجفِ إلى عليِّ بنِ أبي طالبٍ.] كتابة: عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل في [[5 رجب]] [[1424 هـ|1424هـ]] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170831091834/http://www.saaid.net/Doat/Zugail/270.htm |date=31 أغسطس 2017}}</ref>

=== عهد الحسن بن عليّ (41هـ/661م) ونهاية العصر الراشدي ===
{{أيضا|الحسن بن علي|عام الجماعة}}
[[ملف:Meshed ali usnavy (PD).jpg|تصغير|يمين|[[العتبة العلوية|الروضة الحيدريَّة]]: مقام عليّ بن أبي طالب حسب الرواية الشيعيَّة.]]
بعد وفاة عليّ بن أبي طالب بويع [[الحسن بن علي|الحسن]]، وهو أكبر أبنائه، في الكوفة. كما بويع مُعاوية من جديد في [[القدس|بيت المقدس]]، ودعاه أهل الشام بأمير المؤمنين.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن الأثير |الأول=عليّ بن أحمد بن أبي الكرم |مؤلف-وصلة=ابن الأثير |عنوان=[[الكامل في التاريخ]]، جـ 3 |سنة=[[1967]] |ناشر=دار بيروت |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |صفحة=403}}</ref> وكان الحسن لا يُريد القتال وينفر من الحرب،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن قتيبة الدينوري |الأول=أبو محمد عبد الله بن مُسلم |مؤلف-وصلة=ابن قتيبة |عنوان=الإمامة والسياسة |سنة=[[1937]] |ناشر=[[دار المعارف]] |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |صفحة=153}}</ref> خاصَّةً وأنَّ مُعاوية تحرَّك نحو العراق ونزل الأنبار في طريقه إلى [[المدائن]]، فأراد أن يحقن دماء المُسلمين،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=السيوطي |الأول=جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد |مؤلف-وصلة=جلال الدين السيوطي |عنوان=[[تاريخ الخلفاء (كتاب)|تاريخ الخلفاء أمراء المؤمنين القائمين بأمر الأئمة]]|سنة=[[1371 هـ|1371هـ]]/1952م |ناشر=المكتبة التجاريَّة، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]]|صفحة=177}}</ref> وهو يُدرك توحّد كلمة أهل الشام حول مُعاوية وتفرّق أهل العراق رغم مُبايعتهم له؛ فلم يعد يثق بهم بعد أن خذلوه كما خذلوا أباه في صفّين.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرسل والملوك]]، جـ 1 |سنة=[[1960]] |ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]]|صفحة=92}}</ref> لذلك كتب إلى مُعاوية يُسالمه ويُراسله في الصلح، واصطلح معه على أن يتولّى مُعاوية الخِلافة ما كان حيًّا، فإذا مات فالأمر للحسن، ثمَّ تنازل عن الخِلافة لمُعاوية في شهر ربيع الأوَّل من عام [[41 هـ|41هـ]]، الموافق لعام [[661]]م، ودخل مُعاوية الكوفة وبايعه الناس ثمَّ عاد إلى دمشق بعد أن ولّى [[المغيرة بن شعبة]] على الكوفة، في حين رحل الحسن إلى المدينة المُنوَّرة لينزوي بها مع من بقي من الصحابة وأبنائهم. وقد سُمّي هذا العام «[[عام الجماعة|بعام الجماعة]]» لإجماع المُسلمين فيه على خليفةٍ واحد.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=المسعودي |الأول=أبو الحسن علي بن الحسين |مؤلف-وصلة=المسعودي |عنوان=[[مروج الذهب|مروج الذهب ومعادن الجوهر]]، جـ 3|سنة=[[2005]] |ناشر=المكتبة العصريَّة، اعتنى به وراجعه: كمال حسن مرعي |مكان=بيروت-لبنان |صفحة=24}}</ref> عمل مُعاوية خلال عهده على جعل الخِلافة محصورة في [[بنو أمية (قبيلة)|البيت الأموي]] وجعلها وراثيَّة عن طريق البيعة لابنه [[يزيد بن معاوية|يزيد]]، وبعد وفاة الحسن سنة [[49 هـ|49هـ]] المُوافقة لسنة [[670]]م، سنحت الفُرصة التي كان ينتظرها مُعاوية، فدبَّر مُبايعة ابنه من قِبل وفودٍ تنوب عن أهل العراق والشام، في حين عارض أبناء الحجاز، وبالأخص أبناء المدينة المُنوَّرة، وفي مُقدمتهم أبناء الصحابة [[عبد الرحمن بن أبي بكر]]، و[[عبد الله بن عمر بن الخطاب|عبد الله بن عُمر]]، و[[عبد الله بن الزبير|عبد الله بن الزُبير]]، و[[عبد الله بن عباس|عبد الله بن عبَّاس]]، و[[عبد الله بن جعفر بن أبي طالب]]؛ عارضوا هذه الخطوة، فاستنكر عبد الرحمن بن أبي بكر ولاية العهد قائلًا: {{اقتباس مضمن|والله ما الخيار أردتم لأمَّةِ مُحَمَّد، ولكنَّكم تُريدون أن تجعلوها هِرَقْليَّة؛ كلما مات هِرقْل قام هِرَقْل}}، كما قال عبد الله بن عُمر: {{اقتباس مضمن|إنَّ هذه الخلافة ليست بهرقليَّة، ولا قيصريَّة ولا كسرويَّة يتوارثها الأبناء عن الآباء ولو كان كذلك كنت القائمَ بها بعد أبي}}.<ref>[http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3671_الامامة-والسياسة-ابن-قتيبة-الدينوري-تحقيق-الزيني-ج-1/الصفحة_147 المكتبة الشيعيَّة: الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج 1 - الصفحة 150] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20191216202547/http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3671_الامامة-والسياسة-ابن-قتيبة-الدينوري-تحقيق-الزيني-ج-1/الصفحة_147 |date=16 ديسمبر 2019}}</ref> لكنَّ مُعاوية تابع خطَّته؛ فقدِم إلى الحجاز في ألف فارس سنة [[50 هـ|50هـ]] المُوافقة لسنة [[671]]م، وأدّى [[الحج في الإسلام|فريضة الحجِّ]] بمكَّة ثمَّ دخل المدينة المُنوَّرة، وأمر القوم بمُبايعة يزيد تحت ضغط السيوف، فبايعه الناس. وهكذا انتهى عهد الدولة الإسلاميَّة الراشدة وبدأ عهد الدولة الإسلاميَّة الثانية؛ أي [[الدولة الأموية|الأمويَّة]]، وتحوَّل نظام الحكم من الشورى وبساطة العيش إلى التوريث، وسارت على هذا النهج باقي دول الخِلافة الإسلاميَّة بعد الأمويَّة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=شبارو |الأول=عصام محمد |طبعة=3 |عنوان=الدولة العربيَّة الإسلاميَّة الأولى (1-41هـ/623-661م) |سنة=[[1995]]م |ناشر=[[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]] |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]]|صفحة=370}}</ref>

== التنظيم الإداري ==
=== الخُلفاء والولاة والعمَّال ===
امتاز عصر الخلافة الراشدة باتِّباع الدولة مبادئ [[الشريعة الإسلامية]]، وكان التنظيم الإداري في الدولة يتألَّف من [[سلطة مركزية]] يترأسها الخليفة، وإدارات إقليمية تتفرَّع عنها للإشراف على ولايات الدولة المختلفة،<ref name="الخلفاء الراشدون">[http://higec.150m.com/08-%20Alkholafaa%20arrachidoune.htm 8-الخلفاء الراشدون: 2-التنظيم الإداري]. تاريخ الولوج 18-07-2013. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160304131711/http://higec.150m.com/08-%20Alkholafaa%20arrachidoune.htm |date=04 مارس 2016}}</ref> تعمل مثل الإدارة المحلية في العصر الحديث،<ref name="مقدمة في الحضارة">أحمد بن داوود المزجاجي الأشعري (2000): مقدمة في الإدارة الإسلامية، ص90-100. الطبعة الأولى، السعودية.</ref> وعُمِلَ في إدارة الولايات على فصل [[سلطة تشريعية|السلطة التشريعية]] التي يترأسها الخليفة، عن [[سلطة تنفيذية|السلطة التنفيذية]] التي يترأسها الولاة، كما فُصِلَ جهاز [[قضاء|القضاء]] عن السلطة الحاكمة.<ref name="إدارة الحضارة الإسلامية">[[راغب السرجاني]] (2006): [http://islamstory.com/ar/الإدارة_في_الحضارة_الإسلامية الإدارة في الحضارة الإسلامية]، [[قصة الإسلام (موقع)|قصة الإسلام]]. تاريخ الولوج 18-07-2013. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161121071130/http://islamstory.com/ar/الإدارة_في_الحضارة_الإسلامية |date=21 نوفمبر 2016}}</ref>

كانت الخلافة تتمُّ [[بيعة|بالبيعة]]؛ حيث يبايع الناس الخليفة على أن ينتهج سنة الله والرسول محمد في حكمه لهم، وإن التزم بذلك فإن البيعة قائمة، وإن نكصه بَطَلَت وألغيت.<ref name="مفاهيم حول الحكم2">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=204}}</ref> وإذا ما التزم الخليفة، فإنَّ حكمه كان يدوم مدى الحياة،<ref name="مفاهيم حول الحكم1"/> وكان الحكم الأول والأخير في جميع الأمور هو للخليفة نفسه. لم تكن هناك في عهد الخلفاء الراشدين قيادةٌ جماعية للدولة، ولم يكن للخليفة نائب ولا ولي ولا وكيل،<ref name="مفاهيم حول الحكم124">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=166}}</ref> إلا إن اضطرَّ للغياب فإنَّه يُعيِّن عندها من يتولَّى مكانه ويُدبِّر شؤون الدولة إلى حين عودته.<ref name="مفاهيم حول الحكم3">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=172}}</ref> تعد دولة الخلفاء الراشدين نظامَ الحكم الإسلامي المثالي في خلافة الرسول، خصوصًا في عهدي أبي بكرٍ وعمر، وهي النموذج الذي يصبو إليه مؤيِّدو [[خلافة إسلامية|الخلافة الإسلامية]] في العصر الحديث.<ref name="الخلافة">مصطفى حلمي (2006): [http://books.google.com.sa/books?id=AdbnOjtRltQC&printsec=frontcover#v=onepage&q&f=false الخلافة]، فصل الخوارج، ص156. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141203065522/http://books.google.com.sa/books?id=AdbnOjtRltQC&printsec=frontcover |date=03 ديسمبر 2014}}</ref> ويَعدُّ بعض الدارسين والمؤرخين -خصوصًا الغربيُّون منهم- الخلافة الراشدة [[ثيوقراطية|دولة ثيوقراطية]]، إلا أنَّ عددًا من الباحثين المسلمين في المقابل ينفون ذلك.<ref name="مولد تلقائيا2">مصطفى حلمي (2006): [http://books.google.com.sa/books?id=AdbnOjtRltQC&printsec=frontcover#v=onepage&q&f=false الخلافة]، فصل الخوارج، ص24. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141203065522/http://books.google.com.sa/books?id=AdbnOjtRltQC&printsec=frontcover |date=03 ديسمبر 2014}}</ref>

اختلفت سياسات الخلفاء الراشدين وطرق تعاملهم مع شؤون الدولة فيما بينهم؛ فكان لكلٍّ منهم معاييره الخاصة في انتقاء الولاة والعمَّال على أقاليم الدولة. فعمرُ كان يرى دائمًا تقديم [[الصحابة]] للولاية، وأما عثمانُ فلم يكن يهتم بذلك كثيرًا، وكان يضع الأولوية لقوة وأمانة الوالي، بينما كان عليٌّ يضع الأولوية للقوة والشدة، وعندما يأتي ولاته الأفعال غير المناسبة كان يعالج ذلك بمعاقبتهم وتقويمهم.<ref name="مفاهيم حول الحكم1"/> ورغم ذلك اتَّجه جميع الخلفاء بالمجمل إلى تولية الصَّحابة لقدراتهم ومؤهلاتهم، وكان معظم ولاتهم من صحابة الرسول. ولم تدم ولاية العامل لمدَّة معيَّنة، وإنَّما كانت ترجع إلى رضا الخليفة عنه وعن نجاحه في إدارة ولايته. وقد شملت مهامُّ الوالي تحصين الثغور وتدريب الجنود وتقصِّي أخبار الأعداء، وتعيين العمال والموظَّفين الأقل رتبة على المدن، وإعمار الولايات؛ (كحفر العيون و[[نهر|شق الأنهار]] وتعبيد الطرق وإقامة الجسور والأسواق و[[مسجد|المساجد]] وتخطيط المدن وغيرها).<ref name="مقرر جامعة أم القرى"/> إلا أنَّ سلطات العمَّال وأعمالهم اتسعت تدريجيًّا مع تقدم الخلافة الراشدة، حتى امتلكوا في عهد عثمان سلطاتٍ عسكريةً كاملة؛ حيث يقومون بالفتوحات ويبنون الحصون، إلا أنَّ هذه الصلاحيات لم تتسع لتشمل السلطة المالية التي بقيت في أيدي عمَّال الخراج وجامعي الصدقات و[[زكاة|الزكوات]].<ref name="دعوة الحق"/>

بعد تولِّي أبي بكرٍ الحكم، رفض عددٌ من ولاة الرسول محمد أن يعملوا لغيره من الخلفاء، فتنازلوا عن مناصبهم، وقام أبو بكر بتعيين ولاة أَجِدَّة.<ref name="إدارة الحضارة الإسلامية"/> قام عمر بن الخطاب، بعد الفتوحات الواسعة التي شهدها عصره، بتقسيم دولة الخلافة الراشدة إلى ولاياتٍ مختلفة، وعيَّن على كل ولاية منها عاملًا ينوب عنه في تدبير شؤون حكمها، وكان يراقب ويحاسب هؤلاء العمَّال بدقَّة؛ حيث كان أقسى الخلفاء الراشدين في معاملة الولاة وأشدَّهم إصرارًا على التقشُّف والتزام العدل، حتى إنه كان يستدعيهم في الحج من كلِّ عامٍ لتفقُّد أحوالهم،<ref name="دعوة الحق"/> وكان يطلب من حملة البريد أن يقفوا، (بعد وصولهم إلى الولايات والأقاليم)، فيسألوا الناس من عنده شكوى على الوالي، وذلك ليرسلها إلى الخليفة دون تدخُّل الوالي نفسه وحيلولته دون وصول الشكوى.<ref name="الإدارة"/> وإلى جانب العمال، كان في كل ولاية قاضٍ لتولِّي القانون، وعامل خراج لتحصيل [[ضريبة|الضّرائب]]. وأسَّس عمر عدَّة أنظمةٍ للمساعدة في إدارة هذه الأقاليم وتنظيمها؛ من أبرزها العسس و[[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر|الحسبة]] والبريد و[[قضاء|القضاء]]. وقرَّر عمر أن الأراضي المفتوحة يجب أن تظلَّ تحت إدارة فاتحيها لأنهم الأدرى بها والأكثر قدرةً على الانتفاع منها، فعُرِفَ ذلك باسم [[خراج (ضريبة)|الخراج]]، وقد أمر عمر بإلغاء العديد من الضرائب التي قد فرضها الفرس والبيزنطيون، وأعفى النساء والأطفال والشيوخ والفقراء من أداء [[جزية|الجزية]].<ref name="مقرر جامعة أم القرى"/> إلا أنَّ عثمان لم يدر الدولة في تَعييِن الولاة بنفس صرامة عمر؛ إذ يعتقد الكثيرون أنه حابى بعض أقربائه ونسبائه بمنحهم منصب الولاية، فكان ذلك سببًا في ثورة أهالي الأقاليم عليه وتشكِّيهم من ظلم أقربائه.<ref name="مقرر جامعة أم القرى"/> وقد خلع عليٌّ عند تولِّيه الخلافة معظم ولاة عثمان، ورغم أنه ولَّى عمالًا من أقاربه مثل عثمان، إلا أنَّه حاسبهم بصرامةٍ عندما ارتكبوا التجاوزات؛ مثل [[عبد الله بن عباس]] الذي عزله عن [[البصرة]].<ref name="دعوة الحق"/>

=== الولايات والأجناد ===
انقسمت دولة الخلافة الراشدة في عهد أبي بكر إلى سبع ولايات؛ هي: [[الحجاز]] و[[نجد]] و[[إقليم البحرين|البحرين]] و[[إقليم عمان|عمان]] و[[إقليم اليمن|اليمن]] (مع [[إقليم حضرموت|حضرموت]]) و[[عراق العرب|العراق]] و[[بلاد الشام|الشام]]. وكانت المدينة المنورة عاصمة الدولة التي تخضع لإدارة الخليفة المباشرة، فإن تغيَّب لسببٍ ما ولَّى أحدًا مكانه عليها إلى حين عودته.<ref name="مقرر جامعة أم القرى">سحر علي محمد دعدع: [http://uqu.edu.sa/page/ar/194614 تاريخ عصر الراشدين - المقرر 102113]. [[جامعة أم القرى]]. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20121006071729/http://uqu.edu.sa/page/ar/194614 |date=06 أكتوبر 2012}}</ref> وكان تقسيم الدولة في عهد أبي بكر أشبه بامتدادٍ للتقسيم الذي تم العمل به في العهد النبوي.<ref name="إدارة الحضارة الإسلامية"/> لكن الدولة اتَّسعت اتساعًا كبيرًا في عهد عمر حتى شملت الكثير من البلاد الجديدة، وكان سُكَّان هذه البلاد من الشعوب المتحضِّرة المتطورة، فأخذ العرب عنهم وسائلهم في التَّقسيم الإداري، ويعد عمر أوَّل من وضع نظام تقسيم إداريٍّ متطور للدولة الإسلامية. انقسمت فارس في عهد الدولة الراشدة إلى ثلاث ولايات، و[[عراق العرب|العراق]] إلى ولايتين ([[البصرة]] و[[الكوفة]])،<ref name="دعوة الحق"/> و[[بلاد الشام|الشام]] إلى ولايتين ([[دمشق]] و[[حمص]]، و[[فلسطين]] ولاية مستقلة)، وشمال أفريقيا إلى ثلاث ولايات. ولم يشهد عهد عثمان ولا عهد علي لاحقًا تغيّرات أو تطوّرات إداريَّة ذات شأن بعد ما أنجزه عمر.<ref name="إدارة الحضارة الإسلامية"/> قام عمر خلال فترة تولِّيه الخلافة بتوحيد [[إقليم اليمن|اليمن]] تحت حكم والٍ واحد، وأما بلاد الشام فقد عاملها كمقاطعاتٍ عسكرية مؤقتة؛ حيث قُسِّمَت بين فاتحيها<ref name="دعوة الحق">[http://habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/5346 النظام الإداري والإقليمي في صدر الإسلام]. مجلة دعوة الحق، العدد 206. [[وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (المغرب)|وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية]]. تاريخ الولوج 18-07-2013. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200531141920/http://habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/5346 |date=31 مايو 2020}}</ref> إلى خمسة أقسامٍ سُمِّيت {{ط|أجنادًا}}، وكانت هذه الأجناد هي: جند دمشق وجند حمص وجند قنسرين و[[جند الأردن]] و[[جند فلسطين]] (ولم يُستَعمل تقسيم الأجناد هذا في أية ولاية أخرى من ولايات الدولة).<ref>قال صاحب معجم البلدان 1/38: {{اقتباس مضمن|وأما الجند فيجيء في قولهم: جند قنسرين، وجند فلسطين، وجند حمص، وجند دمشق، وجند الأردن؛ فهي خمسة أجناد، وكلها بالشام. ولم يبلغني أنهم استعملوا ذلك في غير أرض الشام}}</ref> وكان بعض هذه الأجناد يُجمَع أحيانًا تحت إدارة والٍ واحد؛ حيث ضُمَّت - على سبيل المثال - قنسرين وحمص معاً إلى [[معاوية بن أبي سفيان]] عام 31 هـ، وبعدها جند فلسطين، وكذلك كانت اليمن تُقسَّم أحيانًا إلى ولايتين؛ فيتبع قسمٌ منها [[صنعاء]] والآخر [[مخلاف الجند|الجند]]، وأحيانًا أخرى تُوحَّد ضمن ولاية واحدة.<ref name="دعوة الحق"/>

=== الشورى ===
تفاوت الخلفاء الراشدون في منهج تطبيقهم للشورى وتعاملهم مع السياسة؛ فكان أبو بكرٍ على سبيل المثال يستشير ثم يُقرِّر، بينما كان عمر يستشير ثم يُنفِّذ.<ref name="مفاهيم حول الحكم1">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=39}}</ref> ولم يكن مجلس الشورى في عصر الخلفاء الراشدين يتألَّف من عددٍ محدد من الناس، ولم تكن آراء أهل الشورى ملزمةً للخليفة، ولم تكن تتخذ القرارات فيه بالأغلبية أو بالجماعة، بل كان البتُّ الأخير في الأمر للخليفة نفسه.<ref name="مفاهيم حول الحكم1244">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=205}}</ref> اعتمد أبو بكر<ref name="مفاهيم حول الحكم10">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=220}}</ref> وعمر بن الخطاب<ref name="مفاهيم حول الحكم11">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=231}}</ref> وعثمان بن عفان<ref name="مفاهيم حول الحكم12">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=238}}</ref> بصورةٍ كبيرة على الشورى؛ فكانت لها آثارٌ إيجابية كبيرةٌ خلال فترات حكمهم، وساعدت على اتخاذ وتسوية القرارات والخلافات في تدبير شؤون الدولة.<ref name="مفاهيم حول الحكم11"/> لكن، من جهةٍ أخرى، اختلفت هذه الحال في عهد علي؛ ففي بداية حكمه كان يستشير صحابة المدينة مثل باقي الخلفاء الراشدين، وكانت أمور الشورى تسير جيدًا، إلا أنَّه بعد انتقاله إلى [[الكوفة]] لم يكن حوله من يعتمد عليه من الصحابة؛ فقد أصبح معظم من حوله من جيل التابعين الأقل منزلة، فخسرت الشورى نتائجها المرجوَّة التي حقَّقتها في عهد من سبقوه من الخلفاء.<ref name="مفاهيم حول الحكم13">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=240}}</ref> ورغم أن الشورى استمرَّت في الدولة الإسلامية بعد انقضاء عهد الخلفاء الراشدين لم تكتسب قطٌّ الأهمية والقوة التي اكتسبتها في عهدهم.<ref name="مفاهيم حول الحكم14">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=241}}</ref>

للشورى في عهد الخلفاء الراشدين أمثلة كثيرة،<ref name="مفاهيم حول الحكم5">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=206}}</ref> كان منها ما عَقَبَ وفاةَ الرسول مباشرةً؛ حيث كان قدْ أعد جيشًا بقيادة [[أسامة بن زيد]] لغزو الدولة البيزنطية، وعسكر الجيش خارج المدينة ينتظر حشد المقاتلين، إلا أنَّ النبي محمَّداً توفِّي في هذه الأثناء، وبدأت [[حروب الردة|حركة الردة]].<ref name="مفاهيم حول الحكم6">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=221}}</ref> وأمر أبو بكرٍ أسامة بالسير بجيشه، لكنَّ عددًا من الصحابة قلقوا من تهديد المرتدِّين للمدينة بينما يتجه كلُّ رجاله لغزو الروم، فجاء إلى أبي بكرٍ، [[عمر بن الخطاب|عمر]] و[[عثمان بن عفان|عثمان]] و[[أبو عبيدة بن الجراح]] و[[سعد بن أبي وقاص]] و[[سعيد بن زيد]]، وطلبوا منه تأجيل حملة أسامة إلى ما بعد القضاء على حركة الردة، حتى يأمنوا خطر المرتدِّين، إلا أنَّ أبا بكرٍ أقنعهم بعد أن ذكَّرهم بتوصية الرسول بإنفاذ حملة أسامة وهو على فراش الموت.<ref name="مفاهيم حول الحكم7">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=222}}</ref> وقد أعاد أبو بكرٍ الكرة عند وفاته؛ حيث طلب من الصحابة في البداية اختيار خليفتهم بأنفسهم، فلمَّا احتاروا في أمرهم طلبوا منه أن يرشِّح لهم أحدًا، ففكَّر في عمر، وأخذ يشاور الصَّحابة في أمره، حتى قرَّر ترشيحه للخلافة.<ref name="مفاهيم حول الحكم8">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|شاكر| Ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|2000|p=229}}</ref> ويمكن القول بأنَّ مجلس شورى أبي بكر تألَّف بصورةٍ أساسية من عمر وعثمان وعلي و[[عبد الرحمن بن عوف]] و[[معاذ بن جبل]] و[[أبي بن كعب|أُبَيّ بن كعب]] و[[زيد بن ثابت]].<ref name="إدارة الحضارة الإسلامية"/>

=== الشرطة ===
اتَّسم جهاز الشرطة في عهد الخلافة الراشدة بالبساطة، وكان في البداية تابعًا للنظام القضائي؛ يُعنَى بتطبيق الأحكام القضائية، ثمَّ تطور فانفصل عن القضاء وصار لكلِّ مدينةٍ نظام شرطة.<ref name="الشرطة الإسلامية">[[راغب السرجاني]] (2010): [http://islamstory.com/ar/الشرطة-في-النظام-الإسلامي-أهميتها-وشروط-صاحبها الشرطة في النظام الإسلامي.. أهميتها وشروط صاحبها]. موقع [[قصة الإسلام (موقع)|قصة الإسلام]]. تاريخ الولوج 18-07-2013. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161129143356/http://islamstory.com/ar/الشرطة-في-النظام-الإسلامي-أهميتها-وشروط-صاحبها |date=29 نوفمبر 2016}}</ref> لم يكن للشرطة وجودٌ حقيقيٌّ طوال عهدي أبي بكرٍ وعمر؛ حيث كانت الدولة عسكرية اعتمدت في الجيش على حماية أمنها، لكنَّ الحاجة برزت للشرطة بعد انقضاء عهد عمر.<ref name="دعوة الحق"/> كان أول من أسَّس نظام العسس للقيام بمهامّ الشرطة في الليل هو عمر بن الخطاب، والذي كان يتولَّى مهامَّ العسس هذه بنفسه<ref name="حضارة الإسلام">[http://alghoraba.com/hadara/21_alshurta.htm الحسبة والشرطة والعسس في الدولة الإسلاميّة]. مجلة الغرباء. تاريخ الولوج 18-07-2013. {{وصلة مكسورة|date= يوليو 2017 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20140622182028/http://alghoraba.com/hadara/21_alshurta.htm |date=22 يونيو 2014}}</ref> مع الصحابي [[عبد الرحمن بن عوف]]،<ref name="دعوة الحق"/> وكان كذلك أول من أنشأ حبسًا لاعتقال الجناة؛ أطلق عليه {{ط|السّجن}} (بعد أن كان هؤلاء يحبسون في المساجد)،<ref>''[[الماوردي|المَاوَرْدِيُّ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ]]''. [[الأحكام السلطانية]]. صفحة: 197</ref><ref>[https://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=12735 صحيفة الوقت: العسس والبصَّاصون. بقلم: رضي الموسوي] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160310043230/http://alwaqt.com/blog_art.php?baid=12735 |date=10 مارس 2016}}</ref> ثم قام عثمان بتأسيس أجهزة شرطة في الولايات والأقاليم؛ فكان أول من أنشأ جهاز الشرطة في الدولة الراشدة،<ref name="دعوة الحق"/> وقام من بعده علي بن أبي طالب بتنظيم جهاز الشرطة في عهده، وعيَّن له رئيسًا يُسمَّى {{ط|صاحب الشرطة}}،<ref name="مقرر جامعة أم القرى"/> وعُرِفَت هذه باسم {{ط|شرطة الخميس}}.<ref name="الطبري">[[محمد بن جرير الطبري|الطبري]]: [[تاريخ الطبري]]، الجزء السادس، ص94</ref>

=== القضاء ===
اهتمَّ الخلفاء الراشدون بتحرِّي العدل وتطبيقه طوال فترة حكمهم، لكونه إحدى قيم المجتمع الإسلامي المهمة،<ref name="القيم السياسية">إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي (2006): [http://books.google.com.sa/books?id=58qfVRM93n0C&printsec=frontcover#v=onepage&q&f=false القيم السياسية في الإسلام]، 7-نماذج من تطبيق قيمة العدالة، ص183. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141203184318/http://books.google.com.sa/books?id=58qfVRM93n0C&printsec=frontcover |date=03 ديسمبر 2014}}</ref> وقد قامت الدولة الراشدة على احترام [[حقوق الإنسان]] والعدل، رغم أنَّ هذه القيم انهارت بدرجةٍ كبيرة بعد انتهاء الدولة وانبثاق [[الدولة الأموية|الخلافة الأموية]] وما تبعها من دولٍ عنها.<ref name="منهج الإسلام في حقوق الإنسان">جمال البنا (1999): [http://books.google.com.sa/books?id=iB4uSjREJgEC&printsec=frontcover#v=onepage&q&f=false منهج الإسلام في تقرير حقوق الإنسان]، الباب الثاني منهج الإسلام، الفصل الرابع، ص117-118. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141203162328/http://books.google.com.sa/books?id=iB4uSjREJgEC&printsec=frontcover |date=03 ديسمبر 2014}}</ref> قام أبو بكر في عهده - مثل الرسول محمد - بأداء مهمَّة القضاء والتحكيم بنفسه، إلى جانب عددٍ من الصحابة الذين كان يستشيرهم الناس، وكان أول من بدأ بتعيين القضاة على ولايات الدولة وأقاليمها البعيدة هو عمر؛<ref name="مقرر جامعة أم القرى"/> فقد كان عمر أوَّل من فصل السلطة القضائية عن سلطة الحكم، وعيَّن قضاة لكل الولايات، وقد قام بسنِّ قوانين وأحكام لقضاة الدولة ليسيروا عليها، وأمرهم بتحرِّي العدل.<ref>هذا الدستور هو رسالة من عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري عامله في البصرة</ref><ref>عبد الساتر (2003). ص 254</ref>

=== الدواوين ===
نشأ نظام [[الديوان|الدواوين]] في الدولة الإسلامية خلال عهد الخليفة عمر، واختلف المؤرخون في توقيت هذا؛ فيقول [[محمد بن جرير الطبري|الطبري]] إن الدواوين تأسَّست عام 15هـ (636م)، بينما يذكر [[الماوردي]] أنها تأسَّست عام 20هـ.<ref name="الإدارة">[[راغب السرجاني]] (2006): [http://islamstory.com/ar/إدارة_بن_الخطاب#_ftn4 إدارة عمر بن الخطاب]. تاريخ الولوج 18-07-2013. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161216141128/http://islamstory.com/ar/إدارة_بن_الخطاب |date=16 ديسمبر 2016}}</ref> ويُروَى أنَّ ذلك كان عندما جاء [[أبو هريرة]] من [[إقليم البحرين]] ومعه نصف مليون درهم، فخطب عمر بالناس مقترحًا طرقًا لتوزيعها، وكان أن أشار أحد الحاضرين إلى تدوين ديوانٍ تُسجَّل فيه هذه الأجور، فأمر عمر بذلك. ولاحقًا مع ازدياد تدفُّق أموال الغنائم من فتوح فارس والشام ظهرت الحاجة إلى تنظيم توزيع وتشغيل هذه الأموال، فأنشأ عمر لذلك {{ط|ديوان بيت المال}}، وكانت تلك بداية العمل بالدواوين في تاريخ الإسلام.<ref name="الألوكة">محمد بن سالم بن علي جابر : [https://www.alukah.net/culture/0/5799/ التراتيب الإدارية في عهد عمر بن الخطاب]. شبكة الألوكة. تاريخ النشر 12-05-2009. تاريخ الولوج 18-07-2013. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170825185216/http://www.alukah.net/culture/0/5799/ |date=25 أغسطس 2017}}</ref> وقد توسَّعت الدواوين لاحقًا، فنشأ {{ط|ديوان العطاء}} لتنظيم منح الأعطيات للناس، (وفاضل عمر بين الناس، فجعل الأولوية [[أهل البيت|لآل البيت]]، فالأسبق إسلامًا، فالأسبق جهادًا، فالأقدر قتالًا)، وكذلك {{ط|ديوان الجيش}} لتسجيل أسماء الجنود والمقاتلين وتنظيم صرف مُرتَّباتهم، و{{ط|ديوان الاستيفاء}} لتسجيل وحساب [[خراج (ضريبة)|خراج]] البلاد المفتوحة.<ref name="الإدارة"/>

== الاقتصاد ==
=== الموارد الاقتصاديَّة ===
{{أيضا|الزكاة|جزية|الخمس (شعائر دينية){{!}}الخُمس|فيء|خراج (ضريبة){{!}}الخَراج|غنيمة}}
سارت دولة الخِلافة الراشدة بمنهج يعمل على تحقيق التوازن بين مواردها ومصارفها، وكانت حاصلاتها تأتيها عن طريق: [[زكاة|الزكاة]]، والعُشور، و[[جزية|الجزية]]، و[[الأخماس]]، و[[فيء|الفيء]]، و[[خراج (ضريبة)|الخَراج]]، و[[غنيمة (إسلام)|الغنائم العسكريَّة]]. أمَّا الزكاة فهي المبلغ السنويّ الذي يتوجَّب على كُل مُسلمٍ أن يدفعه بحال تخطَّت ثروته نسبة مُعيَّنة، وهي فريضة من الفرائض الإسلاميَّة ورُكنٌ من [[أركان الإسلام]]، أمَّا فُقراء المُسلمين المُعدمين أو الذين لم تتخطّ ثروتهم تلك النسبة فلا تُفرض عليهم الزكاة؛ بل قد يكونون من مُستحقيها. وتصل نسبة ما يدفعه المُسلم المُقتدر منها سنويًّا إلى 2.5% من دخله السنويّ، وقد سار الخُلفاء الراشدون على نهج النبيّ مُحمَّد الذي شرَّعه الإسلام؛ فكانوا يجمعون الزكاة ويوزعونها على فُقراء المُسلمين بالعدل.

أمَّا الخَراج فهو الضريبة المفروضة على الأرض التي فتحها المُسلمون عنوة ـ أي بالسيف ـ ولم تُقسم بين الغانمين،<ref name="الخراج">[https://www.islamweb.net/ar/fatwa/6032/ إسلام ويب؛ مركز الفتوى: الخراج معناه وأنواعه وأحكامه.] تاريخ التحرير: الأربعاء [[27 شوال]] [[1421 هـ|1421هـ]] - [[24 يناير]] [[2001]]م {{استشهاد ويب |مسار=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/6032/ |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=27 يوليو 2013 |تاريخ أرشيف=24 يونيو 2017 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20170624190807/http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=6032 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref> فهذه تصير للمُسلمين؛ يضرب الإمام أو الخليفة عليها خَراجًا معلومًا يُؤخذ في كل عام، وتقر في أيدي أربابها ماداموا يؤدون خراجها؛ سواء أكانوا مُسلمين أم كانوا من أهل الذمَّة، ولا يسقط خراجها بإسلام أربابها ولا بانتقالها إلى مُسلم، بل إذا أسلم أهلها أو انتقلت إلى مُسلم يجتمع مع الخراج أيضًا عُشر ما تخرج، زكاةً عليها، ولا يمنع أحدهما وجوب الآخر، وهذا وفق رأي جمهور العُلماء المُسلمين.<ref name="الخراج"/> وأوَّل من وظَّف الخراج هو عُمر بن الخطَّاب، عندما فُتح العراق؛ حيث اجتهد مع الصحابة، ولم تُقسم بين الفاتحين وضرب عليها الخَراج، وكذلك سائر ما فُتح في عصره، كأرض الشام ومصر وغيرهما؛ لم يقسم منهما شيء، وضرب عليهما الخَراج.<ref name="الخراج"/> وكان هُناك نظامان لجباية الخَراج: نظام المُقاسمة ونظام الالتزام، وكان الخُلفاء الراشدون يُعينون عمَّالًا مُستقلين عن الولاة والقادة لجباية الخَراج، وكان يجب أن تتوفر فيمن يتولى جباية الخَراج شروط مُعيَّنة؛ فيجب أن يكون فقيهًا وعالمًا ومشاورًا لأهل الرأي، ويشتهر بالعفَّة والتُقى.<ref>[http://www.al-eman.com/الكتب/الموسوعة%20الفقهية%20الكويتية%20****/%20شروط%20تعيين%20عامل%20الخراج/i232&d140239&c&p1 موقع نداء الإيمان: كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية، الخَراج] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200531135145/http://www.al-eman.com/الكتب/الموسوعة%20الفقهية%20الكويتية%20****/%20شروط%20تعيين%20عامل%20الخراج/i232&d140239&c&p1 |date=31 مايو 2020}}</ref> أمَّا نصاب الخَراج فهو ما يُعادل عشرين دينارًا ذهبيًّا.<ref name="الخراج"/>

كذلك اعتمدت دولة الخِلافة الراشدة على «العُشور»، وهي ما يُقابل [[جمرك|الجمارك]] و[[ضريبة|الضرائب]] على التجار في الزمن المُعاصر، وأوَّل من اعتمدها كان عُمر بن الخطَّاب كذلك؛ فبعد فتح الشام كتب إليه أبو موسى الأشعري يُخبره أنَّ السلطات البيزنطيَّة في الشام كانت تأخذ من التجار العُشر قبل الفتح الإسلامي، وكانوا يأخذون من التُجَّار المُسلمين نفس القدر، فكتب له عُمر أن يأخذ منهم كما كانوا يأخذون من تُجَّار المُسلمين، وأن يأخذ من تُجَّار أهل الذمَّة نصف العُشر ومن المسلمين 2.5%، وجعل حد الإعفاء 200 درهم.<ref>[http://www.ahl-alquran.com/?main_id=262 أهل القرآن: ما هي العشور؟ وهل هي من الزكاة؟] تاريخ التحرير: الثلاثاء [[12 يونيو]] [[2007]] {{استشهاد ويب |مسار=http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_fatwa.php?main_id=262 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=27 يوليو 2013 |تاريخ أرشيف=25 أغسطس 2017 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20170825192910/http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_fatwa.php?main_id=262 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref> أمَّا الجزية فهي مبلغٌ من المال يدفعه من توافرت فيه شروطٌ خاصَّة، وتُشبه الخَراج، ووجبت على [[أهل الكتاب]] الذين سبقوا المُسلمين في الإيمان بالله، وهم [[يهود|اليهود]] و[[مسيحيون|المسيحيون]] و[[المندائية|الصابئة المندائيون]]، كما وجبت الزكاة على المُسلمين حتى يتكافأ الفريقان في عيشهما في وطنٍ واحد، والجزية تجب على الرجال الأحرار العُقلاء الأصحَّاء القادرين على الدفع، ولا تؤخذ من المسكين الذي يُتصدَّق عليه، أو [[عمى|الأعمى]] أو [[شلل|المُقعد]]، ولا تجب على النساء والأطفال. وبناءً على هذا كان المُسلمون يعفون من الجزية الرُهبان والمطارنة والأحبار المُعتكفين في الأديرة والصوامع، أمَّا نسبتها فكانت تقل عن نسبة الزكاة التي يدفعها المُسلمون؛ أي أقل من 2.5% سنويًّا.<ref name="الجزية">[http://islamstory.com/ar/الجزية-في-الإسلام موقع قصَّة الإسلام، إشراف الدكتور راغب السرجاني: الجزية في الإسلام.] تاريخ التحرير: [[27 فبراير]] [[2011]] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161015103805/http://islamstory.com/ar/الجزية-في-الإسلام |date=15 أكتوبر 2016}}</ref>

كانت الغنائم العسكريَّة أحد موارد الدولة الإسلاميَّة الرئيسيَّة؛ فقد أصاب المُسلمون نجاحًا كبيرًا في فتوحاتهم وعادوا بغنائم عظيمة، في مُقدِّمتها غنائم قصور فارس و[[إيوان المدائن|إيوان كسرى]]، التي قيل إنَّها كانت «تفوق الوصف لكثرتها وعظمتها»،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=شبارو |الأول=عصام محمد |طبعة=3 |عنوان=الدولة العربيَّة الإسلاميَّة الأولى (1-41هـ/623-661م) |سنة=[[1995]]م |ناشر=[[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]] |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]]|صفحة=293}}</ref> حتّى أصاب الفارس منهم اثني عشر ألف دينار بعد أن عثروا على كنز كسرى في القصر الأبيض مما لم يستطع [[يزدجرد الثالث|يزدجرد]] حمله فأخفاه في القصر، فأُرسلت تلك الغنائم إلى عُمر في المدينة؛ حيثُ قام بتقسيمها بين المُسلمين على أساس الخُمس، وبناءً على هذا، فإنَّ الخُمس يُقصد به دفع خُمس المال المغنوم في الحرب وفق ما جاء في القرآن: {{قرآن|وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}}، وهي محل خِلاف حاليًا بين السُنَّة والشيعة. أخيرًا، كان من بين موارد الدولة الماليَّة المالُ الفيء، وهو كُل ما حصل عليه المُسلمون من ممتلكات الحربيين بدون قتال، وهو يُطلق أيضًا على ما بذله الطرف الآخر من أموال ومعدات للمُسلمين كي يكفّوا عن قِتالهم،<ref>[https://www.islamweb.net/ar/fatwa/65957/ إسلام ويب - مركز الفتوى: الفيء أنواعه وأحكامه.] تاريخ التحرير: الثلاثاء [[10 رجب]] [[1426 هـ|1426هـ]] - [[16 أغسطس]] [[2005]]م {{استشهاد ويب |مسار=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/65957/ |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=27 يوليو 2013 |تاريخ أرشيف=24 يونيو 2017 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20170624171539/http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=65957 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref> وقد ورد ذِكره في القرآن [[سورة الحشر|بسورة الحشر]]: {{قرآن|مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}}.

=== بيتُ المال ===
{{مفصلة|بيت المال}}
عرَف المُسلمون نِظام بيتِ المال مُنذ عهد النبيّ مُحمَّد؛ فقد كان النبيُّ يُعينُ أُمراء وعُمَّال الأقاليم، وكانت مُهمَّة كُل أمير أن يقوم بجمع الصدقات والجزية وأخماس الغنائم والخَراج. وفي عهد عُمر بن الخطَّاب اضطرَّ المُسلمون إلى تنظيم الجهاز المالي للدولة تنظيمًا أدق وأشمل، بسبب توسّع الفتوحات وتدفّق الأموال على العاصمة، وازدياد عدد المُسلمين بما في ذلك من تجب عليه الصدَقة؛ فأمر عُمر على الفور بوضع الدواوين على غِرار دولتيْ الروم والفُرس، فأنشأ [[ديوان العطاء]] وديوان الجُند وديوان الجباية، وقيل إنَّ [[خالد بن الوليد]] أو [[هرمزان|الهُرمزان]] أو [[الوليد بن المغيرة|الوليد بن هشام بن المُغيرة]]، أشار بإنشاء مثل هذه الدواوين لإحصاء الأموال وطريقة توزيعها.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=شبارو |الأول=عصام محمد |طبعة=3 |عنوان=الدولة العربيَّة الإسلاميَّة الأولى (1-41هـ/623-661م) |سنة=[[1995]]م |ناشر=[[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]] |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]]|صفحة=330}}</ref> وكانت سياسة عُمر بن الخطَّاب تقوم على عدم ادِّخار الأموال في بيت المال للنوائب؛ بل كان يجري توزيعها لمستحقيها أولًا بأوَّل؛ فيذكر [[ابن الجوزي]] أنَّ عُمرَ كان يُفرغُ بيت المال مما فيه، لتوزيعه على مستحقيه كُلَّ عام.<ref name="بيت المال">[http://islamstory.com/ar/بيت-المال-في-عهد-النبي-والخلفاء-الراشدين موقع قصَّة الإسلام، إشراف الدكتور راغب السرجاني: بيت المال في عهد النبي والخلفاء الراشدين.] تاريخ التحرير: [[16 مايو]] [[2010]] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161129114042/http://islamstory.com/ar/بيت-المال-في-عهد-النبي-والخلفاء-الراشدين |date=29 نوفمبر 2016}}</ref> كما كان عليّ بن أبي طالب يُقَسِّم أموال بيت المال كُلَّ جُمعة حتى لا يُبقي فيه شيئًا؛ «خوفًا من فتنة المال على الراعي والرعيَّة».<ref name="بيت المال"/> وكان الخُلفاء الراشدون يفصلون بين الإدارتين السياسيَّة والماليَّة؛ فقد عيَّن عُمر بن الخطَّاب [[عمار بن ياسر|عمَّار بن ياسر]] على إمارة الكوفة، وبعث معه [[عبد الله بن مسعود]] على بيت المال، وجعله «مُعلِّمًا ووزيرًا».<ref name="بيت المال"/> وكان ينالُ أهل الكتاب من الذين يتطوعون في الخدمة بالجيش الإسلامي أجرتهم من بيت المال.<ref name="الجزية"/>

=== العُملة النقديَّة ===
[[ملف:First Islamic coins by caliph Uthman-mohammad adil rais.jpg|تصغير|عملة نقديَّة فارسيَّة تعود للعهد الراشدي أُضيف إليها نقش [[البسملة]].]]
كان النظام المالي القائم في بداية العهد الراشدي هو نفس النظام الذي ساد في [[عصر صدر الإسلام|صدر الإسلام]]،<ref name="النقود">[https://www.yabeyrouth.com/pages/index3609.htm موقع "يا بيروت": النقود العربيَّة الإسلاميَّة.] تأليف الدكتور حسَّان علي حلَّاق {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20151218002341/http://www.yabeyrouth.com/pages/index3609.htm |date=18 ديسمبر 2015}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-10-13|bot=JarBot}}</ref> وهو نفسه الذي ساد أيَّام [[جاهلية|الجاهليَّة]] قبل ظهور الإسلام، وأقرَّه النبي مُحمَّد، وسار عليه أبو بكر ثمَّ عُمر في بداية عهده،<ref name="النقود"/> ولكن عندما اصطدمت الخِلافة الإسلاميَّة بدولٍ ذات أنظمة نقديَّة ثابتة، في فارس والشام ومصر، أصبح من الضروري التعامل مع تلك الأنظمة بنظامٍ نقديّ ثابت بدوره، فأظهرت الحاجة ضرورة وجود عملات تضربها الدولة الإسلاميَّة، فظهرت عملات عُمر بن الخطّاب.<ref name="النقود"/>

وأبقى عُمر على النقود الذهبيَّة والفضيَّة التي كانت مُتداولة وعليها نقوشٌ بيزنطيَّة مسيحيَّة أو فارسيَّة، لكنَّه أضاف إلى هذه النقود كلمة «جائز» ليُميِّزها عن النقود الزائفة. وفي سنة [[18 هـ|18هـ]] المُوافقة لسنة [[639]]م، أصبح عُمر أوَّل من ضرب النقود في الإسلام، فاعتمد النقش الفارسي، وأضاف إليها عبارة «الحمد لله» وفي بعضها «لا إله إلَّا الله» وعلى جزء منها اسم «عُمر».<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن المقريزي |الأول=تقيّ الدين أحمد |مؤلف-وصلة=المقريزي |عنوان=شذوذ العقود في ذكر النقود|سنة=[[1937]] |مكان=[[النجف|النجف الأشرف]]-[[العراق]]|صفحة=31-33}}</ref> أمَّا عُثمان بن عفَّان فاكتفى بنقش «الله أكبر».<ref name="النقود"/>

== التركيبة السكَّانيَّة ==
=== المُسلمون ===
كان مجتمع المسلمين متماسكًا بقوَّة في بداية عصر الخلافة الراشدة، وكان الناس راضين عن الحكم.<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): [http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover#v=onepage&q&f=false التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون]، ص231. الطبعة الثامنة، المكتب الإسلامي، [[دمشق]] - [[سوريا]]. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141202132852/http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover |date=02 ديسمبر 2014}}</ref> وكانت الدولة في هذه الفترة لاتزال متواضعة اقتصاديًّا؛ فقد عاش سكانها حياة بسيطة، وانشغلوا بالقتال والفتوحات بدلا من تحسين ظروفهم المعيشية. إلا أنَّ المال بدأ يكثر بعد ذلك نتيجة الفتوحات، خصوصًا في عهد عثمان، فارتفعت معيشة الناس، وأصبحوا أكثر تطلًّبًا.<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين2">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): [http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover#v=onepage&q&f=false التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون]، مرجع سابق، ص234. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141202132852/http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover |date=02 ديسمبر 2014}}</ref> ومع توسُّع الدولة وازدياد وتيرة الفتوحات، أخذت التركيبة السكانية بالتغيُّر؛<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين3">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): [http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover#v=onepage&q&f=false التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون]، مرجع سابق، ص235. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141202132852/http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover |date=02 ديسمبر 2014}}</ref> إذ استقرَّ كثيرٌ من العرب والمسلمين الفاتحين في البلاد المفتوحة حديثًا، فأقاموا فيها، واختلطوا بسكانها.<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين2"/> ومن جهةٍ أخرى، قلَّ سكان شبه الجزيرة العربية من العرب والمسلمين؛ إذ توجَّه كثيرٌ منهم إلى الأمصار الجديدة للقتال أو غيره، خصوصًا سكان المدينة، بينما كانَّ الأجانب من [[موالٍ|الموالي]] و[[عبودية|الرق]] يتدفقون إلى المنطقة قادمين من الأقاليم المفتوحة، فتغيَّرت تركيبتها بصورةٍ كبيرة نتيجة لذلك، فأصبحت منطقةً مختلطة لا متجانسة. وقد تشكَّلت بعض الفئات الطبقية في المجتمع بسبب هذه التغيُّرات، على عكس ما كان في السَّابق.<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين3"/> انقسم المسلمون انقسامًا كبيرًا في عهد عثمان؛ إذ بدأ البعض بالاعتراض على عددٍ من السياسات التي كان ينتهجها في الحكم، و[[فتنة مقتل عثمان|اندلعت الفتنة]] في الدولة، حتى انتهى الأمر باقتحام منزل عثمان وقتله.<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين5">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): [http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover#v=onepage&q&f=false التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون]، مرجع سابق، ص236-245. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141202132852/http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover |date=02 ديسمبر 2014}}</ref> استمرَّ هذا الانقسام في أيَّام علي، خصوصًا في [[بني أمية (قبيلة)|بني أميَّة]] الذين ترك العديد منهم المدينة متّجهين إلى مكة،<ref name="تاريخ الخلفاء الراشدين4">[[محمود شاكر (مؤرخ)|محمود شاكر]] (1421 هـ/2000م): [http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover#v=onepage&q&f=false التاريخ الإسلامي - ج 3: الخلفاء الراشدون]، مرجع سابق، ص257. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141202132852/http://books.google.com.sa/books?id=A0y2OCXgfigC&printsec=frontcover |date=02 ديسمبر 2014}}</ref> وتفرَّق المسلمون بين فئتين: أنصار علي ومؤيّدي خلافته ([[الشيعة|شيعة علي]])، وأنصار عثمان المطالبين بالثأر من قتلته (شيعة عثمان)، وكان من أبرز قادة الفئة الثانية [[معاوية بن أبي سفيان]] و[[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] زوجة النبي محمَّد، وتطوَّر هذا الانقسام إلى صراعٍ ومعارك عدَّة دارت بين الطرفين؛ من أبرزها [[موقعة الجمل]] و[[معركة صفين]]. وازداد الانقسام حدة بظهور فئة جديدة أطلق عليها [[خوارج|الخوارج]]؛ انشقوا عن معسكر علي بن أبي طالب، وظلَّ الأمر على هذه الحال حتى مقتل عليّ على يد أحد هؤلاء الخوارج في رمضان عام 40هـ (فبراير عام 661م)، وتسليم [[الحسن بن علي]] الأمر إِلى [[معاوية بن أبي سفيان]]، لتنتهي بذلك دولة الخلافة الراشدة وتخمد الفتنة.<ref name="علي بن أبي طالب">{{استشهاد ويب |مسار=http://www.ahl-ul-bayt.org/newlib/aalam/02e_ali/022.htm#_ftn3 |عنوان=علي بن أبي طالب - الباب4 - الفصل5 |تاريخ الوصول=20 يوليو 2013 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20200410114254/http://www.ahl-ul-bayt.org/newlib/aalam/02e_ali/022.htm#_ftn3 |تاريخ أرشيف=10 أبريل 2020 |حالة المسار=dead}}</ref><ref>ابن الأثير، أسد الغابة ص 805</ref><ref>[[البلاذري]]، أنساب الأشراف ص376</ref>

=== الموالي وأهل الذمة ===
بصورةٍ عامة؛ التزم الخلفاء الراشدون في تعاملهم مع غير المسلمين وغير العرب من سكان الجزيرة العربية والأقاليم المفتوحة من ([[موال|الموالي]] و[[أهل الذمة]]) نفس أسلوب الرسول محمَّد، وذلك بضمان حقوقهم وكفل حرياتهم، ويؤيد ذلك الكثير من الباحثين المسلمين، إضافةً إلى عددٍ من [[استشراق|المستشرقين]] والباحثين الأوروبيّين؛ مثل [[توماس أرنولد]] و[[جوستاف لوبون|غوستاف لوبون]].<ref name="السكينة"/><ref name="اتحاد علماء المسلمين"/> وقد كان العاجزون والفقراء من غير المسلمين في الأماكن المفتوحة يُعفَون من [[جزية|الجزية]]، وأحياناً كانت تتمُّ إعانتهم بأعطياتٍ من [[بيت المال|بيت مال المسلمين]]. وكان أبو بكرٍ يأمر قادة الفتوحات بألا يتعرَّضوا لأماكن عبادة غير المسلمين ولا يضايقوا أهلها،<ref name="السكينة">[http://www.assakina.com/politics/6565.html سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين]. السكينة للحوار. تاريخ النشر 11-02-2011. تاريخ الولوج 18-07-2013. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170806084748/http://www.assakina.com/politics/6565.html |date=06 أغسطس 2017}}</ref> كما أعطى قادته العسكريّين عدَّة توصيات أخرى لإحسان معاملة أهل الشام غير المسلمين عند فتحها؛ فقال: {{اقتباس مضمن|يا أيُّها الناس، قِفُوا أوصِّيكم بعشرٍ فاحفظوها عني: لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيرًا ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلًا، ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرةً مثمرة، ولا تذبحوا شاة، ولا بقرة، ولا بعيرًا إلا لمأكلة، وسوف تمرُّونَ بأقوامٍ قد فَرَّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرَّغوا أنفسهم له}}. وكذلك خطب عمر عند دخوله [[القدس]] فاتحًا معطيًا أهلها الأمان وكافلًا حرّياتهم الدينية، وكتب [[عمرو بن العاص]] في عهده لأهل [[تاريخ مصر الإسلامية|مصر]] بعد فتحها: {{اقتباس مضمن|هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم ومِلَّتِهم، وأموالِهِم، وكنائِسِهم، وصُلُبهم، وبَرِّهِم، وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك، ولا يُنتَقَص، ولا يساكنهم النُّوب (أي أهل [[النوبة]])}}.<ref name="اتحاد علماء المسلمين">[[راغب السرجاني]]: [http://www.iumsonline.net/ar/default.asp?ContentID=3551&menuID=10 النصارى في عصر الخلفاء الراشدين (راغب السرجاني)] {{webarchive|url=https://web.archive.org/web/20140125063635/http://www.iumsonline.net/ar/Default.asp?ContentID=3551&menuID=10 |date=25 يناير 2014 }}. [[الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين]]. تاريخ الولوج 18-07-2013. {{استشهاد ويب |مسار=http://www.iumsonline.net/ar/Default.asp?ContentID=3551&menuID=10 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=11 سبتمبر 2019 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20140401023738/http://www.iumsonline.net/ar/Default.asp?ContentID=3551&menuID=10 |تاريخ أرشيف=1 أبريل 2014 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref>

هناك خلافٌ بين الباحثين على معاملة أعطيات المال الممنوحة [[موالي|للموالي]] (غير العرب) في الدولة الراشدة؛ حيث يذهب البعض إلى أنَّهم حظوا بالمساواة، بينما يقول آخرون بأنه كان هناك بعض التمييز بينهم وبين العرب. تظهر المصادر التاريخية أن عهد أبي بكرٍ شهد مساواة تامة بين العرب والموالي؛<ref name="عطاء الموالي">نجمان ياسين: [http://www.reefnet.gov.sy/booksproject/turath/81-82/15mawalee.pdf عطاء الموالي في عصر الراشدين وبني أمية - محاولة تقويم جديد]. مجلة التراث العربي، ص200. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20140403102812/http://www.reefnet.gov.sy/booksproject/turath/81-82/15mawalee.pdf |date=03 أبريل 2014}}</ref> فكان يسمح لهم بالانضمام إلى الجيش للمشاركة في المعارك، وكانوا يتلقَّون نفس أعطيات العرب المسلمين، وكانت لهم مشاركة هامة في العديد من الفتوحات؛ كفتح الشام وغيره.<ref name="عطاء الموالي3"/> وأما عمر فقد فاضل بين عامة الناس بأن أعطى الأولوية في العطاء لآل البيت، ثم الأسبقين إسلامًا، ثم الأسبق إلى الجهاد، إلا أنَّ هذه المعايير طُبِّقت على الجميع بالتساوي، ولم تكن فيها معاملة خاصَّة للموالي.<ref name="عطاء الموالي2">نجمان ياسين: عطاء الموالي في عصر الراشدين وبني أمية - محاولة تقويم جديد، مرجع سابق، ص201.</ref> ورغم ذلك شهد عهد عثمان بعض المفاضلات في العطاء؛ حيث مُنِحَت امتيازاتٌ أكبر في العطاء للموالي المتزوّجين من النساء العربيَّات، وكانت هذه السياسة وما شابهها من سياساته المالية من أسباب ثورة أهل [[الكوفة]] في العراق عليه. أما علي فقد حرص - بعكس عثمانٍ - على إرضاء قبائل الكوفة؛ فألغى هذه المفاضلة، وساوى العطاء مرَّة أخرى بين العرب والموالي.<ref name="عطاء الموالي3">نجمان ياسين: عطاء الموالي في عصر الراشدين وبني أمية - محاولة تقويم جديد، مرجع سابق، ص202.</ref>

== الجيش ==
{{مفصلة|جيش الخلفاء الراشدين}}
=== القوَّات البريَّة ===
[[ملف:Mohammad Adil Rais-Muslim warrior during rashidun caliphate.svg|تصغير|يمين|رسم تخيُّلي لِما كان عليه لِباس الجُنود المُسلمين زمن الخُلفاء الراشدين.]]
كان عُمر بن الخطَّاب أوَّل من نظَّم الجيش الإسلامي تنظيمًا حديثًا، بعد أن رأى ضرورة ذلك بفعل اتساع رقعة الإسلام، وأدرك أهميَّة الجيش في نشر الإسلام حتى أقصى الأصقاع المعروفة، لذلك أوجد فرقًا نظاميَّة يُقدَّر كلٌّ منها بأربعة آلاف فارس، لتُرابط في كُل بلد من البُلدان الداخلة ضمن الحظيرة الإسلاميَّة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرسل والملوك]]، جـ 4 |سنة=[[1960]] |ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]]|صفحة=232}}</ref> وهذا يعني تأسيس جيشٍ نظاميّ ثابت يُقدّر باثنين وثلاثين ألف فارس، عدا المُشاة والمُتطوعين مما يكفل حماية الدولة، ونظَّم الرُتب في الجيش على أساسٍ عشريّ؛ فكان «أمير الجيش» على رأس عشرة آلاف عسكريّ أو أكثر بقليل، و«أمير الكردوس» على ألف، و«القائد» على مئة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ابن الأثير |الأول=عليّ بن أحمد بن أبي الكرم |مؤلف-وصلة=ابن الأثير |عنوان=[[الكامل في التاريخ]]، جـ 2 |سنة=[[1967]] |ناشر=دار بيروت |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |صفحة=200}}</ref> وكان أبرزُ جزء من [[مشاة (عسكرية)|سلاح المُشاة]] هو {{ط|المُبارزين}}، وهؤلاء كانوا في الغالب من أكثر الرجال قوَّةً وشدَّةً، ومُهمَّتهم الأساس تقويض الروح المعنويَّة للعدوّ؛ فكانوا يتقدمون لتحدّي أبطال الجيش المُقابل وقتلهم قبل بداية المعركة. أمَّا [[سلاح الفرسان|سلاح الفُرسان]] فكان أحد أنجح أسلحة ذلك العصر، واشتهر بكونه سلاحًا خفيفًا اعتمد عليه المُسلمون في مُقارعة الروم والفُرس في [[معركة اليرموك|اليرموك]] و[[معركة القادسية|القادسيَّة]]، فكان سببًا من أسباب تفوقهم؛<ref name="دار العلم للملايين">{{استشهاد بكتاب |الأخير=شفيق جحا، [[بهيج عثمان]]، [[منير البعلبكي]] |عنوان=المصوَّر في التاريخ، جـ 9 |سنة=[[1999]] |ناشر=[[دار العلم للملايين]] |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |طبعة=19 |صفحة=345-346}}</ref> إذ إنَّ الفُرس والروم لم يُحسنوا استعمال هذا السلاح كما استعمله [[عرب|العرب]]، وكان هذا السلاح ينقسم إلى [[سلاح الفرسان|خيَّالة]] وهجَّانة، والخيَّالة هم الفرسان مُمتطو الخيول، والهجَّانة هم مُمتطو [[جمل عربي|الجِمال]]، وبعض تلك الأخيرة كان يُستعمل في القتال وبعضها الآخر في نقل المياه والمؤن.<ref name="دار العلم للملايين"/> بالإضافة إلى سلاح الفُرسان والمُشاة، قام خالد بن الوليد بتنظيم سلاح الجاسوسيَّة، وكانت مُهمَّته الأساسيَّة ضبط مُخابرات العدوّ ومعرفة تحرُّكاته ونشاطاته، وكان الكثير من الجواسيس من أبناء القبائل العربيَّة قاطنة المناطق حديثة الفتح.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الواقدي |الأول=أبو عبد الله محمَّد بن عُمر |مؤلف-وصلة=الواقدي |عنوان=[[الفتح الإسلامي للشام|فتوح الشام]]، جـ 1|سنة=[[1417 هـ|1417هـ]]/[[1997]]م |ناشر=[[دار الكتب العلمية]]، ضبطه وصححه: عبد اللطيف عبد الرحمن |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |صفحة=61}}</ref>

كان الجيش الإسلامي في عهد الخُلفاء الراشدين يتسلَّح بأسلحة عهده المألوفة، وفي مُقدمتها السيوف العربيَّة القصيرة، والسيوف الفارسيَّة الطويلة و[[رمح|الرماح]] و[[قوس (سلاح)|القسيّ]] و[[سهم|السهام]]،<ref name="سلاح">[http://acpss.net/site/index.php?go=news&more=71 المركز العربي للدراسات السياسيَّة والاستراتيجيَّة: صناعة الأسلحة في صدر الإسلام وفى عهد الدولتين الأموية والعباسية.] تاريخ التحرير: الجمعة [[30 مارس]] [[2012]] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160311105752/http://acpss.net/site/index.php?go=news&more=71 |date=11 مارس 2016}}</ref> وبعض هذه الأسلحة حصل عليها العرب عبر التجارة مع الشام والعراق وفارس وبيزنطة ومصر، وبعضها الآخر كان غنيمة المعارك مع الروم والفُرس. وكان المُشاة أكثر الجنود تذرُّعًا، وارتدوا في بداية عهدهم الجلد القاسي المصنوع محليًّا في شبه الجزيرة العربيَّة، ثمَّ تحوَّلوا إلى ارتداء دروعٍ سلسليَّة؛ يُحتمل أنَّها كانت من الغنائم.<ref>اليرموك 636، فتح سوريا نيكول ديڤيد</ref> وكان الفارس والراجل يحمل درعًا مصنوعًا من الجلد المُقوّى، يقيه ضربات السيوف ويحميه من السهام. ولمَّا احتكَّ المُسلمون بالروم في أطراف شبه الجزيرة العربيَّة وفي الشام، اقتبسوا عنهم استعمال أسلحة الحِصار؛ مثل: [[منجنيق|المنجنيق]] والأبراج والدبَّابة وأكباش الدَّك.<ref name="سلاح"/>

=== القوَّات البحريَّة ===
[[ملف:Greekfire-madridskylitzes1.jpg|تصغير|250بك|نموذج عن السفن البيزنطية التي اقبسها المسلمون عن الروم.]]
كان عُمر بن الخطَّاب يكره ركوب البحر، ونهى قادة جيشه عن القتال فيه،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=البلاذري |الأول=أحمد بن يحيى بن جابر |مؤلف-وصلة=البلاذري |عنوان=[[فتوح البلدان]]|سنة=[[1956]]-[[1957]] |ناشر=تحقيق صلاح الدين المنجد |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]]|صفحة=157}}</ref> وقد قام بعزل [[العلاء بن الحضرمي]] والي البحرين لأنَّه ركب البحر في اثنيْ عشر ألفًا غازيًا بلاد فارس.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الطبري |الأول=أبو جعفر محمد بن جرير |مؤلف-وصلة=الطبري |عنوان=[[تاريخ الطبري|تاريخ الرسل والملوك]]، جـ 6 |سنة=[[1960]] |ناشر=[[دار المعارف]]، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]]|صفحة=212}}</ref> وكان عامل الشام مُعاوية بن أبي سُفيان قد كتب إلى عُمر بن الخطَّاب يطلب الإذن بإنشاء أسطول بحري إسلامي يواجه الروم ويعين على حصار [[طرابلس (لبنان)|طرابلس]] التي صمدت في وجه ضربات الجيوش الإسلامية، فرفض طلبه، ونصحه بإصلاح الحصون الساحليَّة القديمة التي تركها العدو عوض ذلك، وإنشاء مناظر لمراقَبة الأعداء، واتخاذ المواقيد لطلب الإمداد إذا حدث هجوم مفاجئ.<ref name="سلاح"/> وبعد وفاة عُمر عاود مُعاوية الكتابة إلى عُثمان بن عفَّان يستأذنه في فتح جزيرة [[قبرص]]، ولكن الخليفة كرر الأمر بالالتزام بالسياسة الدفاعيَّة المقرَّرة، ولكن بعد أن زاد تهديد الروم لسواحل الشام وافق الخليفة على بناء أُسطول إسلامي، على أن لا يجبر الوالي المسلمين على ركوب البحر، إلَّا باختيارهم، فشُيِّدَ أسطولٌ قويّ فُتِحتا به جزيرتا قبرص و[[رودس]]،<ref name="سلاح"/> ولمَّا [[معركة ذات الصواري|اشتبك ذلك الأسطول مع أسطول الروم في مياه الإسكندريَّة]] تمكَّن من إنزال الهزيمة الفادحة به، وأضحى سيِّدَ [[البحر الأبيض المتوسط|البحر المتوسّط]] دون مُنازع.<ref name="سلاح"/>

لمعت أسماءُ عدَّةِ قادةٍ عسكريين في الجيش الإسلامي الراشدي، وخُلِّدَ ذكرهم في التاريخ إلى جانب الفاتحين الكبار قديمًا؛ مثل: [[الإسكندر الأكبر]] و[[حنبعل]] و[[يوليوس قيصر]] و[[أغسطس قيصر]]، و[[نابليون بونابرت|نابليون الأوَّل]] حديثًا، ومنهم: خالد بن الوليد وأبي عُبيدة بن الجرَّاح وعمرو بن العاص وسعد بن أبي وقَّاص، وهم الذين أظهروا من النبوغ والمهارة في قيادة الجيوش وفنون الحرب ما دفع المؤرخين إلى وضع أسمائهم إلى جانب أسماء الفاتحين الكِبار.<ref name="دار العلم للملايين"/>

== الآراء حول الخلافة الراشدة ==
الآراء حول الخِلافة الراشدة هي ذاتها الآراء التي تتناول الخُلفاء الراشدين إلى حدٍ كبير، ويُمكنُ تقسيمها إلى قسمين: رأي المُسلمين ورأي غير المُسلمين، ورأيُ المُسلمين بدوره يمكنُ تقسيمه إلى رأي [[أهل السنة والجماعة|السُنَّة]] ورأي [[الشيعة]]، والأخير أيضًا يُقسم إلى رأي [[إمامية|الشيعة الجعفريَّة]] ([[شيعة اثنا عشرية|الاثنا عشريَّة]] و[[إسماعيلية|الإسماعيليَّة]])، ورأي [[زيدية|الزيديَّة]].
* '''رأي أهل السُنَّة والجماعة''': يعد عُلماء المذاهب الأربعة لأهل السُنَّة والجماعة ([[حنفية|الحنفيَّة]] و[[شافعية|الشافعيَّة]] و[[مالكية|المالكيَّة]] و[[حنابلة|الحنابلة]]) دولة الخِلافة الراشدة أعدل دول الخِلافة الإسلاميَّة على الإطلاق وأصحّها تطبيقًا لنهج الإسلام وأكثرها تسامحًا وقِسطًا، وأنَّ الخُلفاء الراشدين جميعَهم سواسية، لا فضل لأحدٍ منهم على الآخر، وأنَّ ما حصل في عهد عليّ بن أبي طالب إنَّما هو خِلافٌ سياسيّ دُنيوي يقع في أي عهد وأية دولة وعند أي حاكم، وبناءً عليه فإنَّهم يقولون بترك الحكم لله في خِلاف مُعاوية وعليّ، دون المُغالاة في حُب أو كره أحدهما. وفي حديثٍ عن الإمام [[أحمد بن حنبل]]، نقلًا عن سفينة أبي عبد الرحمن، أنَّه قال: {{اقتباس مضمن|قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: "الْخِلاَفَةُ فِي أُمّتِي ثَلاَثُونَ سَنَةً، ثُمّ مُلْكٌ بَعْدَ ذَلِكَ". ثُمّ قَالَ سَفِينَةُ: "امْسِكْ عَلَيْكَ خِلاَفَةَ أَبي بَكْرٍ"، ثُمّ قَالَ: "وَخِلاَفةَ عُمَرَ وَخِلاَفَةَ عُثْمانَ"، ثُمّ قَالَ لي: "امسِكْ خِلاَفَةَ عَلِيّ قال: فَوَجَدْنَاهَا ثَلاَثِينَ سَنَةً"}}.<ref>[https://www.islamweb.net/ar/fatwa/36833/ إسلام ويب، مركز الفتوى: حديث: "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة" رتبته ومعناه.] تاريخ التحرير: الثلاثاء [[4 رجب]] [[1424 هـ|1424هـ]] - [[2 سبتمبر]] [[2003]]م {{استشهاد ويب |مسار=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/36833/ |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=30 يوليو 2013 |تاريخ أرشيف=26 أغسطس 2017 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20170826075850/http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=36833 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref><ref>[https://www.dorar.net/hadith الموسوعة الحديثيَّة، حديث: "الخلافة في أمتي ثلاثون سنة"] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200522090552/https://www.dorar.net/hadith |date=22 مايو 2020}}</ref>
* '''رأي الشيعة الجعفريَّة''': يرى جمهور عُلماء الشيعة الجعفريَّة أنَّ الخِلافة كانت من حق عليّ بن أبي طالب ونسله من بعده، لأنَّهم يؤمنون بأن النبي مُحمَّد أوصى له بها بعد وفاته، وبهذا فإنَّ الاعتقاد بها أصل من أصول [[شيعة اثنا عشرية|المذهب الجعفري]]. ويعد العُلماء الجعفريّون أنَّ خِلافة أبي بكر وعُمر وعُثمان خِلافة غير صحيحة، ويتخذون منهم موقفًا سلبيًّا يصل عند البعض إلى حد اللعن والسَّب، ويقولون باغتصابهم الخِلافةَ من عليّ، الذي هو أفضل الخلق بعد مُحمَّد. وقد خالف بعضُ عُلماء الجعفريَّة هذا المُعتقد، فقالوا بشيءٍ قريب لما يقوله أهل السُنَّة، وهو عدم جواز التبرّؤ من الراشدين الثلاثة الأوائل، وعدم جواز سبِّهم، مع حفاظهم على أصل العقيدة الجعفريَّة وهي إمامة عليّ بن أبي طالب، ومن الذين قالوا بذلك: العلَّامة [[محمد حسين فضل الله]]؛ على سبيل المِثال. 
* '''رأي الشيعة الزيديَّة''': يؤمنُ الزيديَّة «بإمامة المفضول مع وجود الأفضل»؛ فهم يقرّون بصحَّة خِلافة أبي بكر وعُمر وعُثمان ولا يسبّونهم ولا يتبرؤون منهم، وفي هذا يتفقون مع موقف السُنَّة، لكنهم يعتقدون بأنَّ عليًّا أحق منهم في الخِلافة، وبهذا يتفقون مع الجعفريَّة.<ref>[http://www.shiaweb.org/shia/imama/pa11.html شبكة الشيعة العالميَّة؛ الإمامة وأهل البيت: المستبصر الدكتور: محمد بيومي مهران - ج1 : ص 151. تاسعًا: إمامة المفضول] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170810184445/http://www.shiaweb.org/shia/imama/pa11.html |date=10 أغسطس 2017}}</ref> 
* '''رأي المسيحيِّين''': تنعَّمَ المسيحيّون في العقود الستَّة الأولى لفتح الشام والعراق ومصر بالسلام والطمأنينة، ولم تتبدّل أوضاعهم كثيرًا، سوى أنّ الضرائب المترتّبة عليهم أصبحت تُدفع إلى العرب بدلًا من البيزنطيّين، وكانت لاتزال مُحتملة ولم تتزايد وتتضاعف إلَّا في أواسط العهد الأموي تقريبًا.<ref>[http://terezia.org/section.php?id=2940 موقع كنيسة القدّيسة تيريزا بحلب: المسيحيّون في عهد الخلفاء الراشدين والأمويين الأوائل؛ بقلم: الأرشمندريت أغناطيوس ديك] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160306064814/http://terezia.org/section.php?id=2940 |date=06 مارس 2016}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-10-13|bot=JarBot}}</ref> وقد التزم الخُلفاء الراشدون بالعهد الذي قطعهُ النبيُّ مُحمَّد لنصارى نجران، والذي يُشيرُ الباحثون أنَّهُ كان مُلزمًا للمُسلمين في كُلِّ زمانٍ ومكانٍ حتى [[يوم القيامة في الإسلام|قيام الساعة]]، وبناءً على ذلك حافظ الراشدون على كنائس وصوامع وأديرة المسيحيين، وأعفوا الرُهبان والمُتصوفين والبطاركة من الجزية، كما جاء في نص العهد.<ref>[http://www.elshaab.org/news/64676/نصّ-العهد-النبوى-لنصارى-نجران-ملزم-للمسلمين-فى-كلّ-مكان-وزمان نصّ العهد النبوي لنصارى نجران ملزم للمسلمين في كلّ مكان وزمان؛ بقلم: أمين عام اللجنة الوطنيَّة للحوار الإسلامي - المسيحي محمَّد السمَّاك.] {{webarchive|url=https://web.archive.org/web/20201202024647/http://www.elshaab.org/news/64676/%D9%86%D8%B5%D9%91-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%89-%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%89-%D9%86%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%84%D8%B2%D9%85-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%89-%D9%83%D9%84%D9%91-%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B2%D9%85%D8%A7%D9%86 |date=2 ديسمبر 2020 }} جريدة العهد الجديد؛ نقلًا عن جريدة اللواء عدد: [[3 يونيو|3 حزيران]] [[2013]]م الموافق [[24 رجب]] [[1434 هـ]] {{وصلة مكسورة|date= يوليو 2017 |bot=JarBot}} {{استشهاد ويب |مسار=http://aliwaa.com/article.aspx?articleid=166893 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=18 يوليو 2017 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20160307145037/http://aliwaa.com/article.aspx?articleid=166893 |تاريخ أرشيف=7 مارس 2016 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref> لهذا يتخذ الباحثون [[مسيحية شرقية|المسيحيّون المشرقيّون]] بالأخص موقفًا إيجابيًّا من الخِلافة الراشدة والخُلفاء الراشدين. 
* '''رأي المُوحدين الدروز''': يقول [[موحدون دروز|الدروز]] إنَّ الله أعلم إن كان عُمر وأبو بكر وعُثمان هم أحق من عليّ بالخلافة أم العكس صحيح، وأنَّ العُمر محتوم عملًا بالآية القُرآنيَّة: {{قرآن|وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا}}، وبما أنَّ أبا بكر وعُمر وعُثمان توفوا في حياة عليّ فلو وُليَ عليٌّ الخِلافة بعد النبيّ مُحمَّد لكان أبو بكر وعُمر وعُثمان توفوا في حياته، ولم يتسنَّ لهم تأدية رسالتهم إلى الأمَّة الإسلاميَّة، وما كان الإسلام قد بلغ مبلغه، لذلك قضت مشيئة الله أن يكونوا قبله. وهم يُفضلون الخُلفاء الأربعة حسب ترتيبهم بالخِلافة، ولكن في ذات الوقت لا يُفضلونهم في المنزلة، بل يعتقدون أنَّ عليًّا أعلى منهم.<ref>[https://www.alifta.net/fatawa/fatawaDetails.aspx?BookID=3&View=Page&PageNo=1&PageID=697&languagename= الرئاسة العامَّة للبحوث العلميَّة والإفتاء في المملكة العربيَّة السعوديَّة؛ فتاوى اللجنة الدائمة: الدروز] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20181204202646/http://www.alifta.net/fatawa/fatawaDetails.aspx?BookID=3 |date=4 ديسمبر 2018}}</ref> وبهذا فإنَّ موقف الدروز تجاه الخِلافة الراشدة ليس بموقفٍ سلبيّ ولا إيجابيّ مُطلق.

== المصادر ==
=== حواشٍ ===
<div class="reflist4" style="height: 220px; overflow: auto; padding: 3px">
* {{هامش|1}}: يفترض المؤرخين والباحثين وجود عدَّة عوامل دفعت الأنصار للاجتماع على عجل، لعلَّ أهمَّها: شعورهم بأنَّهم بحاجة ماسَّة إلى اختيار خليفة يتولّى شؤون المدينة وأمر المسلمين لا سيَّما وأنَّ مدينتهم مُهددة بعد وفاة النبي من [[بدو|الأعراب]] ورجال القبائل بوصفها العاصمة الإسلاميَّة، كما أنَّ كثيرًا من الأعراب ومُعظم رجال القبائل لم يؤمنوا، وأنَّما أسلموا بلسانهم خوفًا من قوَّة المسلمين المُتنامية. كما أنَّهم أدركوا أنَّهم مُهددون قبل غيرهم من أولئك لأنَّهم كانوا السند للرسول، وهم الذين ناصروه واستطاعوا مع المُهاجرين أن يضعوا نواة الدولة الإسلاميَّة الأولى، التي تمكنت من إخضاعهم والسيطرة على ديارهم. بالإضافة إلى أنَّهم رأوا أنَّهم أصحاب المدينة وأصحاب الغَلَبة والنفوذ فيها، وأنَّهم ما زالوا أصحاب الضرع والزرع، وأنَّ الحكم حقٌ لهم دون غيرهم وأنَّه لا يجوز لغيرهم أن يحكمهم في بلدهم بعد وفاة النبي، ولأنَّهم من السبَّاقين إلى الإسلام، وهم من نصر النبيّ وأصحابه، وإيوائهم له، وإليهم كانت [[الهجرة النبوية|الهجرة]]، وما نتج عن ذلك من فضائل لم تتوافر لأي قبيلة عربيَّة أخرى. وأخيرًا أرادوا تحاشي هيمنة [[قريش]] الظاهرة منذ [[فتح مكة|فتح مكَّة]] والتي ارتضوها احترامًا للنبي، وخشوا إن انتُخب مُرشَّح قُرشي من المُهاجرين أن يستبد بالأمر، فيقعوا تحت سيطرة قُريش التي حاربوها ثماني سنوات، مما يُهدد باختلال التوازن لغير مصلحتهم في المرحلة القادمة.
* {{هامش|2}}: من الثوابت المُتفق عليها أنَّ عليّ بن أبي طالب كان همّه الأساس وحدة المسلمين وعدم تفرّقهم وتشتتهم، وهذا ما يستند إليه الكثير من العُلماء المُسلمين عند الحديث عن مُبايعة عليّ لأبي بكر، فقد استمرّ عليّ طيلة عهد خلافة أبي بكر يبذل النصيحة والمشورة له، وخرج معه إلى ذي القصة عند بدء [[حروب الردة|حروب الردَّة]]، وشهد معه الصلوات. وفي مصادر أهل السنَّة أنَّ عليًّا كان أوَّل من عمل على وأد الفتنة والانقسام بين المُسلمين عند مُبايعة أبي بكر، لذلك رفض مُبايعة بني هاشم له عندما طلب عمّه العبَّاس أن يبسط يده ليُبايعه، كما رفض طلب [[أبو سفيان بن حرب|أبي سُفيان بن حرب بن أميَّة]] أن يبسط يده ليُبايعه ولينصره بالرجال والخيل، وكان جوابه له: {{اقتباس مضمن|لَطَالَمَا عَادَيْتَ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ يَا أَبَا سُفْيَانَ، فَلَمْ يَضُرَّهُ شَيْئًا إِنَّا وَجَدْنَا أَبَا بَكْرٍ لَهَا أَهْلا}}.
* {{هامش|3}}: التقى الجمعان، المُسلمون والبيزنطيون، و[[الفرات|نهر الفُرات]] يفصل بينهما، فتحدّى الروم خالدًا بأن يعبر إليهم. لكن فطنته الحربيَّة جعلته يثبت في مكانه ويطلب إليهم العبور، فما أن عبروا حتّى حلَّت بهم الهزيمة، ورجع خالد إلى الحيرة.
* {{هامش|4}}: كان [[النعمان بن بشير|النُعمان بن بشير]] قد خرج من المدينة المنوَّرة ومعه قميص عُثمان مُضمَّخ بدمه ومعه أصابع [[نائلة بنت الفرافصة|نائلة]] زوجة عُثمان التي قُطعت وهي تُدافع عنه بيدها، وورد به على معاوية بالشام. فوضعه مُعاوية على المنبر ليراه الناس وعلَّق الأصابع في كُمّ القميص. وبدأت الدعوة للأخذ بالثأر.
</div>

=== الكتب ===
* {{استشهاد بكتاب|مؤلف=[[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير]]، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن أبي الكرم الشيباني|عنوان=[[الكامل في التاريخ]] – المجلد الثاني|ناشر=دار صادر|سنة=1979}}
* {{استشهاد بكتاب|مؤلف=[[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير]]، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن أبي الكرم الشيباني|عنوان=[[الكامل في التاريخ]] – المجلد الثالث|ناشر=دار صادر|سنة=1979}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=علي محمد محمد الصلابي|الأخير=فصل الخطاب في سيرة عمر بن الخطاب|ناشر=مكتبة الصحابة، مكتبة التابعين|سنة=الطبعة الأولى سنة 2002}}
* {{استشهاد بكتاب|مؤلف=[[أحمد عادل كمال]]|عنوان=الطريق إلى دمشق|ناشر=دار النفائس|سنة=الطبعة الثالثة سنة 1985}}
* {{استشهاد|عنوان=سيف الله: خالد بن الوليد&nbsp;– دراسة عسكرية تاريخية عن معاركه وحياته|الأول=آغا إبراهيم|الأخير=أكرم|ناشر=مؤسسة الرسالة|سنة=1982|isbn=0195977149}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|الأول=شاكر|الأخير=محمود|ناشر=الطبعة الرابعة، المكتب الإسلامي، [[دمشق]] - [[سوريا]].|سنة=2000|مؤلف-وصلة=محمود شاكر (مؤرخ)| ref =التاريخ الإسلامي - ج9: مفاهيم حول الحكم الإسلامي|مسار= http://books.google.com.sa/books?id=Hpajz4aLiYYC&printsec=frontcover|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200310010501/http://books.google.com.sa/books?id=Hpajz4aLiYYC&printsec=frontcover|تاريخ أرشيف=2020-03-10}}

=== المراجع ===
{{مراجع}}

== وصلات خارجيَّة ==
{{روابط شقيقة}}
* كتاب: [http://dar.bibalex.org/webpages/mainpage.jsf?PID=DAF-Job:130061&q= العلاقات العربيَّة اليهوديَّة حتى نهاية عهد الخُلفاء الراشدين.] تأليف الدكتور صالح موسى درادكه، رئيس قسم التاريخ في [[الجامعة الأردنية|الجامعة الأردنيَّة]].
* مقال: [http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?id=387739cd-ec46-4ad6-be73-b7abb5ef6973 زمن الخلافة الراشدة.. مدة أم فترة؟ ] [[الشروق الجديد (جريدة مصرية)|جريدة الشروق المصريَّة]]، بقلم: جمال قطب. تاريخ النشر: الأربعاء [[8 أغسطس]] [[2012]]م.
* مقال: [https://web.archive.org/web/20171223230627/http://4nahda.com/article/659 الخلافة الراشدة والمُجتمع الراشد.] مشروع النهضة، تأليف: [https://web.archive.org/web/20180228115314/http://www.4nahda.com/users/24 محمد الشنقيطي]. تاريخ التحرير: الثلاثاء [[17 أغسطس]] [[2010]]م.
* دراسة: [http://www.alqadisiyya3.com/q3/index.php?option=com_k2&view=item&id=5336:حصر-الخلافة-الراشدة-بأربعة-مفهوم-تاريخي-لا-تنصيص-شرع حصر «الخلافة الراشدة» بأربعة مفهوم تاريخي .. لا تنصيص شرعي.] تأليف: الشيخ الدكتور طه حامد الدُليمي. تاريخ التحرير: السبت [[23 مارس]] [[2013]]م.
* مقالة: [http://www.saaid.net/Doat/almubark/1.htm الإنجازات التنموية الرائدة في عصر الخلافة الراشدة.] شبكة صيد الفوائد. تأليف: محمَّد بن حسن المُبارك.
{{مواضيع الخلافة الراشدة}}
{{الخلفاء الراشدون}}
{{الدول التاريخية الإسلامية}}
{{مواضيع الإسلام}}
{{إمبراطوريات}}
{{تاريخ الإسلام}}
{{مواضيع السعودية}}

{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات|الإسلام|التاريخ الإسلامي|الخلافة الراشدة|تاريخ الشرق الأوسط}}
{{شريط محتوى متميز|مختارة|النسخة=11886323|تاريخ=30 أكتوبر 2013}}
{{لا لربط البوابات المعادل}}

[[تصنيف:الخلافة الراشدة| ]]
[[تصنيف:الأردن القروسطي]]
[[تصنيف:الإسلام في القرن 1 هـ]]
[[تصنيف:الإسلام في القرن 7]]
[[تصنيف:الخلفاء الراشدون]]
[[تصنيف:العراق في العصور الوسطى]]
[[تصنيف:الفتح الإسلامي لمصر]]
[[تصنيف:الفتوحات الإسلامية المبكرة]]
[[تصنيف:إيران في القرن 7]]
[[تصنيف:مصر في القرن 7]]
[[تصنيف:انحلالات القرن 7 في آسيا]]
[[تصنيف:انحلالات القرن 7 في إفريقيا]]
[[تصنيف:انحلالات سنة 661]]
[[تصنيف:تأسيسات سنة 632]]
[[تصنيف:تاريخ آسيا الوسطى]]
[[تصنيف:تاريخ السعودية]]
[[تصنيف:تاريخ سوريا]]
[[تصنيف:تاريخ فلسطين]]
[[تصنيف:خلافة إسلامية]]
[[تصنيف:دول إفريقيا الوسيطة]]
[[تصنيف:دول سابقة في غرب آسيا]]
[[تصنيف:دول في الأناضول القروسطية]]
[[تصنيف:دول وأقاليم انحلت في القرن 7]]
[[تصنيف:دول وأقاليم أسست في عقد 630]]
[[تصنيف:سوريا في العصور الوسطى]]
[[تصنيف:فلسطين الوسيطة]]
[[تصنيف:مقالات عن مجموعات أشخاص]]