عرض مصدر أزمة إسبانيا 1917

'''أزمة عام 1917''' هو الاسم الذي أطلقه [[مؤرخ|المؤرخون]] الإسبان على الأحداث التي تزامن حدوثها مع صيف عام 1917 في [[إسبانيا]] والتي تجلت بشكل واضح في ثلاثة تحديات واجهت حكومة [[عودة البوربون إلى إسبانيا|عودة البوربون]]: الحركات العسكرية ([[مجالس الدفاع (إسبانيا)|المجالس العسكرية]]) الحركات السياسية ([[جمعية البرلمانيين]]) التي عقدتها [[المجموعة الإقليمية لكاتالونيا|للمجموعة الإقليمية]] في [[برشلونة (مقاطعة)|برشلونة]]) والحركات الاجتماعية ([[إضراب إسبانيا العام 1917|الإضراب الثوري العام]]) وذلك بالتزامن مع الظروف الدولية الحرجة في تلك السنة.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Edward Acton|عنوان=Rethinking the Russian Revolution|مسار=https://books.google.com/books?id=FLjQ2-BhdPcC|تاريخ الوصول=29 August 2010|سنة=1990|ناشر=Oxford University Press US|isbn=978-0-7131-6530-2| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170222122037/https://books.google.com/books?id=FLjQ2-BhdPcC | تاريخ أرشيف = 22 فبراير 2017 }}</ref><ref>{{استشهاد |الأخير = Shaw|الأول = Amy J|مؤلف2= |سنة =2009 |عنوان =Crisis of conscience: conscientious objection in Canada during the First World War |مسار = https://books.google.ca/books?id=mPWthPjkucsC&lpg=PA199&dq=Conscription%20Crisis%20of%201917&pg=PP1#v=onepage&q&f=true |ناشر=UBC Press |isbn=9780774815932|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20191208140226/https://books.google.ca/books?id=mPWthPjkucsC&lpg=PA199&dq=Conscription%20Crisis%20of%201917&pg=PP1#v=onepage&q&f=true|تاريخ أرشيف=2019-12-08}}</ref> في المقابل فإن مؤرخي العالم عادةً لا يستخدمون هذا الاسم لتلك الفترة من الأزمة وذلك بسبب بعض المسائل المتعلقة ب[[الحرب العالمية الأولى]]: مثل [[أزمة تجنيد سنة 1917|أزمة التجنيد في كندا]] وأزمة صناعة السفن في الولايات المتحدة.<ref>William J. Williams (1992) ''The Wilson Administration and the Shipbuilding Crisis of 1917: Steel Ships and Wooden Steamers'', Edwin Mellen Press ISBN 0-7734-9492-8</ref> يجب أن نتذكر أن [[إسبانيا في الحرب العالمية الأولى|إسبانيا ظلت محايدة]] طوال النزاع. تعتبر الأزمة الإسبانية لعام 1917 جزءًا من [[أزمة حكم عودة البوربون]].

== الوضع الدولي ==
[[ملف:Slawa.jpg|تصغير|''سلافا'' سفينة حربية روسية عطلها الألمان في بحر البلطيق أكتوبر 1917.]]
أسقطت [[ثورة فبراير]] 1917 في [[روسيا]] الحكم [[أوتوقراطية|الاستبدادي]] [[روسيا القيصرية|القيصري]]، وحاولت [[حكومة روسيا المؤقتة|حكومة كيرينسكي]] بناء نظام ديمقراطي مع الاستمرار في الحرب ضد [[قوى المركز|قوى المحور]] (كانت كارثية من الناحية العسكرية والاقتصادية والبشرية، ولم تحظى بأي شعبية). واستغل [[بلشفية|البلاشفة]] ذلك الاستياء المتنامي (رحلة [[فلاديمير لينين|لينين]] الشهيرة عبر أوروبا في عربة مغلقة) مما أوصلهم إلى السلطة في [[الثورة البلشفية|ثورة أكتوبر]] من نفس السنة.

مرت [[الحرب العالمية الأولى]] بمرحلة من عدم اليقين، لأن التقدم الألماني على الجبهة الشرقية (والتي توقفت بعد معاهدة السلام المنفصل -[[معاهدة برست ليتوفسك|معاهدة بريست ليتوفسك]] في 3 مارس 1918- مع [[جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية|السوفييت]]) عوّض عن دخول الولايات المتحدة في الحرب (6 أبريل)، والذي بسببه أخل بتوازن الجبهة الغربية.

بدون ظهور آثاره في ذلك الوقت في شتاء 1917-1918 بدأ ماحدث في فترة السنتين التاليتين (1918-1919) بخروج أكبر وباء في [[العصر الحديث|التاريخ الحديث]] (في الواقع كان آخر وفيات كارثية في التاريخ): [[الإنفلونزا الإسبانية]] واشتهرت بهذا الاسم لأن الوباء حظي بمزيد من الاهتمام من الصحافة في إسبانيا أكثر من بقية العالم، حيث لم تكن إسبانيا متورطة في الحرب وبالتالي لم تفرض رقابة على المعلومات المتعلقة بالمرض. بلغ عدد الوفيات حول العالم (بين 50 و 100 مليون) متجاوزة بكثير عدد الوفيات الناجمة عن الحرب. ولكن الحرب ساعدت إلى حد كبير في انتشار الوباء في جميع أنحاء العالم على نطاق وسرعة لم يسبق له مثيل. كانت الآثار في إسبانيا خطيرة: أصيب بالمرض في إسبانيا حوالي 8 ملايين شخص في مايو 1918 وحوالي 300,000 حالة وفاة (على الرغم من أن الأرقام الرسمية خفضت الضحايا إلى 147,114 فقط).<ref>Una breve descripción con una caricatura española de la época, por Juan Carlos Losada: [https://www.elmundo.es/ladh/numero56/gripe.html ''La gripe española''] En ''La aventura de la Historia'', El Mundo. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180525133508/http://www.elmundo.es/ladh/numero56/gripe.html |date=25 مايو 2018}}</ref>

== الأزمة في إسبانيا ==
[[ملف:Barraqueta06.jpg|تصغير|يمين|كوخ في هورتا فالنسيا. استمر هذا البناء الريفي التقليدي الضعيف ممثلا التخلف الهيكلي للزراعة في إسبانيا والظروف المعيشية البائسة لمعظم السكان. بدأ المزارعون بالهجرة إلى المناطق الحضرية والصناعية - [[كتالونيا|كاتالونيا]] و[[بلاد البشكنش|بلاد الباسك]] و[[منطقة مدريد|مدريد]] - وشكلوا طبقة [[بروليتاريا|البروليتاريا]] المتنامية والأكثر تنظيماً.]]
=== الاقتصاد والمجتمع ===
* '''انظر أيضا: [[التاريخ الاقتصادي لإسبانيا|تاريخ إسبانيا الاقتصادي]]'''
ساهم [[إسبانيا في الحرب العالمية الأولى|الحياد الإسباني]] في [[الحرب العالمية الأولى]] بزيادة [[تصدير]] جميع المنتجات، من [[مادة خام|المواد الخام]] (الزراعية والصناعية) وبعض [[تصنيع|المصنوعات]] مثل صناعات [[نسيج (توضيح)|النسيج]] والصناعات التعدينية. ونما [[ميزان تجاري|المؤشر التجاري]] من السلبية إلى الإيجابية وذلك بأكثر من مئة مليون [[بيزيتا إسبانية|بيزيتا]] ليصبح خمسمئة مليون.<ref>Genoveva García Queipo de Llano, ''op. cit.'' pg. 18.</ref> حيث أن هذه الإنتاجية في قطاع الأعمال كانت في صالح الطبقة المتوسطة الصناعية والتجارية، ولكن الوقت نفسه ذلك [[تضخم اقتصادي|التضخم الإقتصادي]] لم يكن مصحوباً بزيادات مماثلة في [[راتب|الأجور]]. في حين حققت [[ربح|الأرباح]] معدلات نمو مهمة للغاية، والذي كان سبباً في الضغط المستمر على زيادة الأجور. كما كان هناك انخفاض كبير في [[مستوى المعيشة|المستوى المعيشي]] في المناطق الحضرية والصناعية.

بينما في الريف كان الوضع مختلفاً: فقد كان أثر التضخم الاقتصادي عظيماً، اذ كان من الممكن أن يكون مفيداً لهم. لكن الإمداد المباشر للغذاء ووفرته حدّ من تأثير التضخم على الفلاحين مُلاك الأراضي الصغيرة والمستأجرين (في الجزء الشمالي من إسبانيا) الذين كانوا على استعداد للاستفادة منه. بالمقابل لم يكن الوضع مشابهاً تماماُ بالنسبة للعُمال الذين لا يملكون أرضاً والذين يشكلون الجزء الأساسي من القوى العاملة في النصف الجنوبي من إسبانيا (خاصة في [[الأندلس (إقليم)|أندلوسيا]] و[[إكستريمادورا]]).

أصبحت النتائج العملية واضحة بالفعل عام 1917, فكان هناك إعادة لتوزيع [[مقاييس الدخل والإنتاج القومي|الدخل القومي]] (بين الطبقات الاجتماعية وبين المناطق على حد سواء) مرافقاً لذلك تفاقم التوترات بين [[الهجرة القروية|أهل الريف]] والمدينة ومناطق الوسط والأطراف.<ref>[[José Luis García Delgado]] ''Proceso inflacionista y política económica. Algunas conclusiones'' en ''La economía española entre 1900 y 1923'' en Tuñón de Lara (dir). ''op. cit.'', pgs. 447-448.</ref>

=== التحدي العسكري ===
{{مفصلة|المجالس العسكرية (إسبانيا){{!}}المجالس العسكرية}}
مثلت عملية إنشاء المجالس العسكرية دون أن يشملها التشريع تحدياً واضحاً للحكومة الليبيرالية برئاسة [[مانويل غارسيا برييتو]] الذي عجز عن السيطرة عليها وأجبر على الاستقالة. وتولى [[قائمة رؤساء وزراء إسبانيا|رئاسة الحكومة]] بدلا منه [[سياسة محافظة|المحافظ]] [[إدواردو داتو|إدوارد داتو]] الرئاسة وقام بجعل هذه الهيئات العسكرية قانونية وذلك بإضفاء الشرعية عليها.

كانت المجالس العسكرية تدَعي اهتمامها بمصالح الضباط من الطبقة المتوسطة والدفاع عنهم ولكن دعوتهم كانت دليلاً على تدخَلهم في الحياة السياسية.

إحدى القضايا ذات القدرة التحفيزية الأكبر داخل الجيش الذي هوسه هو الوحدة الوطنية، وتجلى بوضوح بالعدوان على مجلة كوكات! الكاتالونية ساخرة (1905)، وبعد ذلك تنازلت الحكومة لإرضائهم بإصدار {{وإو|قانون الاختصاص القضائي|Ley de Jurisdicciones|لغ=es}} (Ley de Jurisdicciones)، الذي تقدم للعدالة العسكرية أي مخالفات شفهية أو خطية تؤثر على وحدة الوطن أو العلم أو شرف الجيش. كان الوضع الاجتماعي للجيش غريب، لأنه في حين يصعد زملائهم من العالم كله بسرعة عن طريق مزايا الحرب والحاجة إلى تأطير الأعداد الضخمة من الجنود، كانوا يخفضونهم إلى التقاعس عن العمل، بحيث لا يمكن تعويضه بارسالهم في مهمات إلى المستعمرات لأنها فقدت في [[الحرب الأمريكية الإسبانية|الحرب الاسبانية الأمريكية]] 1898. في الواقع كان هناك «زيادة مهولة من الضباط» (16,000 الضباط أمام 80,000 جندي، في حين كانت الحشود الفرنسية 29,000 ضابط أمام نصف مليون جندي)<ref>Genoveva García Queipo de Llano, ''op. cit.'', pg. 56.</ref> كانت هناك حالات من الظلم في الجيش الإسباني مقارنة بوجهتها الاستعمارية الوحيدة (المغرب) وباقي الجيوش. فالتضخم قوض بازدياد القوة الشرائية لرواتب الجيش، الذي عكس على عقود أكثر مرونة لجلب عمالة اعتمدت على [[ميزانية حكومية|موازنة عامة جامدة للدولة]].

بدأ نشاط المجالس العسكرية في الربع الأول لسنة 1916 نتيجة لبعض اختبارات اللياقة البدنية للقيادات، وهي جزء من برنامج تحديث روجت له حكومة ال[[ألفارو دي فيجويرا وتورس|كونت رومانونس]]. لم يقبل بالاحتجاجات في البداية، لكنه رأى خطر في وجود حركة شبه نقابية في الجيش فأمر بحل المجالس ولكن لم يكن لأمره أي فعالية.<ref>Genoveva García Queipo de Llano, ''op. cit.'', pg. 58.</ref> وزادوا من نبرتهم منذ نهاية 1916 حتى وهم في وضع غير القانوني، خصوصا مع القوى النشطة والدافعة للحركة: مجلس الدفاع عن مشاة برشلونة بقيادة العقيد بينيتو ماركيز. وفي نهاية مايو 1917 كان هناك رد فعل قوي تأديبي من حكومة [[مانويل غارسيا برييتو|غارسيا برييتو]] الجديدة خلال وزير الحرب الجنرال أغيليرا: سجن في [[قلعة مونتخويك]]. من العديد من أعضائه (من بينهم بينيتو ماركيز أبرز قادة الحركة). ومع ذلك فإن الدستور الفوري للمجلس العسكري البديل الذي حصل على تضامن مجالس [[مدفعية|المدفعية]] و[[هندسة عسكرية|المهندسين]] وحتى [[الحرس المدني]] في طلبه «باحترام» لإطلاق المعتقلين (1 يونيو)، وكانت زيادة التوتر العسكري مثيرة، فلم ينل غارسيا برييتو ما يكفي من الدعم لاتخاذ (دور الملك نظرا لطبيعة المسئلة وعلاقة الملك الخاصة مع الجيش التي لايمكن تجاهلها). وقد اختار الاستقالة وبعدها طلب ألفونسو الثالث عشر من إدواردو داتو تشكيل الحكومة، الذي اعتبر أنه من المناسب الاستسلام للمطالب العسكرية وإطلاق سراح من اعتقلوا وإضفاء الشرعية على المجالس. وللحفاظ على موقف حازم من السيطرة على الوضع، تم تعليق الضمانات الدستورية وازدادت [[رقابة|الرقابة]] الصحفية.<ref>David Ruiz González: ''La crisis de 1917'', en Tuñón de Lara, ''op. cit.'', tomo 8, pg. 498; Genoveva García Queipo de Llano, ''op. cit.'', pg. 58.</ref>

=== التحدي السياسي ===
{{مفصلة|جمعية البرلمانيين}}
مثلت [[المجموعة الإقليمية لكاتالونيا]] عن الطبقة البرجوازية الكاتالونية بزعامة [[فرانسيسك كامبو|فرانشيسكو كامبو]] ومعه قاعدة من السلطة المحلية التي فازت معه (الكومنولث الكاتالوني الذي أنشئ سنة 1914 من دمج مجالس المقاطعات الكاتالونية الاربعة ورأسها إنريك برات ديلا ريبا الذي توفي سنة 1917). طلب كامبو في ضوء الأزمة الحالية من الحكومة استدعاء [[برلمان إسبانيا|الكورتيس]] وهو مارفضته. وأمام هذا الرفض وعدم القدرة على استخدام القنوات البرلمانية العادية وأيضا عدم عقد جلسات البرلمان، التقى كامبو بكثير من النواب الكاتالونيين، (جميعهم عدا المنتسبين إلى الحزبين الحاكمين) ودعاهم لانعقاد الجمعية البرلمانية في برشلونة بداية شهر يوليو 1917، والتي طالبت بعقد انتخابات لجمعية التأسيسية في مواجهة مع الهيكل الجديد للدولة التي اعترفت بالحكم الذاتي لمناطق كاتالونيا. كما طُلب منها إجراء تدابير عاجلة في المجال الاقتصادي والعسكري. كان اتصال هذه الحركة مع ضباط الرتب الدنيا في مجالس الدفاع المستائين اقتصاديا غير وارد إلى حد كبير، ولكن لا يمكن استبعاده، أو على الأقل تم إجراء محاولة صريحة في إعلان للجمعية.

على الرغم من ضعف الحضور من مجموع النواب (أقل من 10٪) إلا أنه سيطرت عليه أجواء ماقبل الثورة، التي شككت في أسس النظام السياسي ل[[عودة البوربون إلى إسبانيا|عودة البوربون]]: فأحزاب [[تبادل السلطة السلمي (إسبانيا)|تداول السلطة]] الذي أسسه [[أنطونيو كانوباس ديل كاستيو|كانوباس]] و[[براخسيدس ماتيو ساغستا|ساغستا]] وسيطرة السلطة التنفيذية الواضحة على السلطة التشريعية، مع دور تحكيمي للملك. وجاء إعلان داتو سريعا بأن الجمعية البرلمانية فتنة، فعلقت الصحف وقام الجيش باحتلال برشلونة. ولكن عقدت الجمعية مرة أخرى في قاعة الاجتماعات في قصر منتزه القلعة (Parc de la Ciutadella)، مع مجموعة من عدة نواب من مناطق أخرى (حوالي 68 نائبا) من الأحزاب الجمهورية (أليخاندرو لييروس) الإصلاحيين ([[ميلكياديس ألفاريز|ملكياديس ألفاريز]]) والنائب الاشتراكي الوحيد ([[بابلو إيغليسياس]]) الذي جهز حركة إضراب مخطط لها في الشهر التالي. اتفق الاجتماع على أنه «لا غنى عن دعوة الكورتيس التي يمكنها أن تتداول حول هذه المشاكل [في البلاد] وأن تحلها». لكنهم أضافوا بأنه قد لا يمكن انعقاد هذ البرلمان حسب رغبة الحكومة، ولكن وافقوا «على أن الحكومة تجسد وتمثل إرادة السيادية للبلاد».<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير1=Juliá |الأول1=Santos |apellido2= |nombre2= |enlaceautor= |عنوان=La Constitución de 1931 |مسار= |fechaacceso= |idioma= |otros= |edición= |سنة=1978 |محرر= |editorial=Iustel |ubicación=Madrid |isbn=978-84-9890-083-5|capítulo= |صفحة=15-16 |cita= }}</ref> واتفقوا على عقد الاجتماع مرة أخرى في 16 أغسطس في [[أبيط (إسبانيا)|أوفييدو]]، لكن حلت القوات الحكومية جمعية البرلمانيين يوم 19 يوليو والأحداث اللاحقة منعت ذلك.<ref>David Ruiz González: ''La crisis de 1917'', en Tuñón de Lara, ''op. cit.'', tomo 8, pg. 498-499.</ref> لم يشارك انطونيو مورا في تلك الأحداث.<ref>Genoveva García Queipo de Llano, ''op. cit.''</ref>

=== التحدي الإجتماعي ===
{{مفصلة|إضراب إسبانيا العام 1917}}
عانت مدينة [[برشلونة]] العاصمة الاقتصادية لإسبانيا<ref>كان هذا التقييم شائعًا جدًا في ذلك الوقت، واستجابة بيانات المواضيع (السكان والإنتاج الاقتصادي) بأنها غير منطقية. هناك تفسير حالي لخلافة "العواصم الاقتصادية الإسبانية" لخوان فيلاردي [http://www.abc.es/hemeroteca/historico-30-04-2007/abc/Opinion/el-impetu-economico-de-madrid_1632828159337.html الدافع الاقتصادي لمدينة مدريد''] بالإسبانية (ABC, 30-4-2007) {{اقتباس|خلال المرحلة الأولى من [[الثورة الصناعية]] كانت العاصمة الإقتصادية لإسبانيا في إنتاج [[فحم حجري|الفحم]] وصناعة [[نقل بالسكك الحديدية|السكك الحديدية]] و[[نسيج (توضيح)|المنسوجات]] هي [[برشلونة]]. أما في [[الثورة الصناعية الثانية|الثانية]] فكانت عاصمة [[صناعة المركبات|صناعة السيارات]] و[[صناعة كيميائية|الصناعات الكيميائية]] و[[كهرباء|الكهرباء]] بلاشك هي [[بلباو]]. اما الثورة لصناعية الثالثة فكانت عاصمة [[تقانة المعلومات|تكنولوجيا المعلومات]] و[[اتصالات (توضيح)|الاتصالات]] و[[عولمة اقتصادية|العولمة الاقتصادية]] والنشاط دون تدخل هي [[مدريد]]}} {{استشهاد ويب |مسار=http://www.abc.es/hemeroteca/historico-30-04-2007/abc/Opinion/el-impetu-economico-de-madrid_1632828159337.html |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=26 مايو 2018 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20180527023239/http://www.abc.es/hemeroteca/historico-30-04-2007/abc/Opinion/el-impetu-economico-de-madrid_1632828159337.html |تاريخ أرشيف=27 مايو 2018 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref> من صراعات كما كان ظاهراً في [[الأسبوع المأساوي (كاتالونيا)|الأسبوع المأساوي]] (كاتالونيا) 1909. فقد كانت الأزمة الاجتماعية تتمثل في حركات عمّالية، مقسمة بين [[اشتراكية|الإشتراكيين]] و[[لاسلطوية|الفوضويين]]، حيث كانوا يستخدمون مختلف الوسائل: السلمية منها (مثل الإضراب) والعنيفة منها (مثل سلسلة من [[مواجهة مباشرة|هجمات عشوائية مباشرة]] كما حدث بمسرح في برشلونة سنة 1893). واستخدم أرباب الأعمال جميع أنواع التكتيكات (من إفساد الإضرابات إلى الرجال المسلحين). أما الحركات العمَالية في المناطق الأخرى لإسبانيا فكانت أقل تطوراً، وإلا أن فرصها بالاستفادة من ضعف المواجهة بين [[برجوازية|البرجوازية]] الصناعية والحكومة أكبر، وذلك عن طريق: [[اتحاد العمال العام]] UGT (المُمثل في نقابات اشتراكية تركزت في مدريد ومدن الباسك). الذين اجمعوا على [[إضراب إسبانيا العام 1917|الإضراب الثوري العام]] في (أغسطس 1917) والذي كان مدعوماً من [[الاتحاد الوطني للعمل|الإتحاد الوطني للعمل]] CNT (الاتحاد الأناركي الأغلبية تركزت في كاتالونيا). اقتربت النقابتان من الوحدة، على الأقل منذ أن عملهما معا في إضراب ديسمبر 1916 ومايسمى ميثاق سرقسطة (Pacto de Zaragoza). تم التوقيع على اتفاقية لإضراب عام في مدريد في أواخر شهر مارس 1917، حيث تضمن بيانا مطولا:<ref>David Ruiz González: ''La crisis de 1917'', en Tuñón de Lara, ''op. cit.'', tomo 8, pg. 500.</ref>
{{اقتباس|من أجل تغيير الطبقات الحاكمة إلى تغييرات أفضل وأساسية للنظام كي تكفل للناس الحد الأدنى من ظروف الحياة اللائقة وتنمية أنشطتها التحررية، من الضروري أن تستخدم [[بروليتاريا|البروليتاريا]] الإسبانية الإضراب العام دون تحديد نهائي باعتبارها السلاح الأقوى يجب عليها المطالبة بحقوقها.}}
وتفاوضت المجموعة المنظمة للإضراب مع المعارضة الفوضوية ومع الأحزاب البرجوازية ولا سيما الجمهوري اليخاندرو ليروكس. فكان هناك حديث عن دستور حكومة مؤقتة والتي كان من الممكن أن يرأسها شخصية معتدلة مثل [[ميلكياديس ألفاريز]] و[[بابلو إيغليسياس]] وزير للعمل.

صاحب تعميم الدعوة للإضراب بعض الغموض، لأنه كان هناك حديث في البداية عن «اضراب ثوري»، ولكن بعد اتصالات لاحقة أصر على طابعها «السلمي». وقبل كل شيء حاول اتحاد العمال العام (UGT) متعمدا تجنب الإضرابات الجزئية والمناطقية والمحلية. ومع ذلك فإن الوقت الطويل لإعداد الإضراب لم يكن في صالحه. فاعتقل الموقعين على البيان وإغلق مقر اتحاد العمال العام (Casa del pueblo) وهو مكان لاجتماع الاشتراكيين، وتسببت مناورات الحكومة العديدة في تشتت الجهود، لاسيما اضراب اتحاد سكك حديد فالنسيا التابع لUGT -يوم 9 أغسطس - احتجاجا على الاعتقالات، ولكن مع تحرك العمال الداخلي والذي عجل المجموعات الأخرى من الاتحاد في جميع أنحاء البلاد بالحركة ما بين 10 و 13 أغسطس.<ref>Genoveva García Queipo de Llano, ''op. cit''. pg. 60</ref>

ومع ذلك فعند بداية الإضراب شلت أنشطة في جميع المناطق الصناعية الكبرى تقريبا ([[بلاد البشكنش|الباسك]] و[[برشلونة]]، وحتى بعض المدن الصغرى مثل [[يكلا (مرسية)|يكلا]] و[[بليانة]]) وفي المناطق الحضرية ([[مدريد]] و[[بلنسية]] و[[سرقسطة]] و[[قرجيطة|لاكورونيا]])، ومناطق التعدين ([[نهر لبلة]] و[[جيان (مقاطعة)|خاين]] و[[أشتورية|أستورياس]] و[[ليون (مقاطعة)|ليون]]) ولكن فقط لبضعة أيام وعلى الأكثر كان أسبوع. وكان تأثيرها ضئيلا في المدن الصغيرة ومناطق الريف. لم يتأثر نظام سكك الحديد وهو قطاع رئيس طوال تلك الفترة.<ref>David Ruiz González: ''La crisis de 1917'', en Tuñón de Lara, ''op. cit.'', tomo 8, pg. 500-501.</ref>

=== النتائج ===
{{مفصلة|أزمة حكم عودة البوربون|الثلاثية البلشفية}}
[[ملف: Joaquin Sorolla Retrato Del Rey Don Alfonso XIII con el Uniforme De Husares.jpg|تصغير|200بك|صورة ألفونسو الثالث عشر مع زي الفارس، بريشة [[خواكين سورويا]] (1907).]]
بعد [[الثورة الروسية]] خافت الحكومة من التحدي الثلاثي لها (الجيش والمسألة الكاتالونية والبروليتارية) قد يؤدي إلى ثورة مماثلة؛ لكن ماحدث هو أن الجيش لم يتردد في وضع نفسه تحت إمرة الحكومة لقمع أي إضراب خلال ثلاثة أيام، باستثناء بعض المناطق مثل أحواض التعدين الأستورية التي استمر النزاع فيها لمدة شهر تقريبا. ولقد برز العقيد ماركيز في قمعه الثورة في [[ساباديل]]. فقد كان تدخل الجيش عنيفًا جدًا مع المضربين إلى حد التطرف مما أوجب عدم رضا شديد للمؤسسات، مثل انتهاك [[حصانة برلمانية|الحصانة البرلمانية]] لنائب جمهوري اعتقله القبطان العام لكاتالونيا.<ref>Genoveva García Queipo de Llano, ''op. cit''. pg. 60.</ref>

وفي الوقت ذاته خافت [[المجموعة الإقليمية لكاتالونيا|الرابطة]] من اضطرابات اجتماعية، لذلك وافقت على دعم حكومة ائتلاف وطني برعاية الملك ويرأسها الليبرالي غارسيا برييتو ويكون كامبو وزيرا فيها، مع الالتزام بإجراء انتخابات العام المقبل ([[الانتخابات الإسبانية العامة 1918|فبراير 1918]])، وكانت النتيجة غير مؤكدة بدون أغلبية مطلقة لأي من الأحزاب. وكان هذا الوضع لم يسبق له مثيل، حيث كان من المعتاد أن الحكومات الأحادية التي تأتي للسلطة لن تفوز في الانتخابات إلا عند دعوة الملك وإعداد ملائم لها (التي في الخانة المناسبة للمرشحين، وتكون انتخابات مضمونة من [[زعماء محليون (إسبانيا)|الزعماء المحليين]] و[[تزوير الانتخابات الإسبانية|التزوير]] أو احتيال وقح إذا لزم الأمر) للحصول على البرلمان من السهل السيطرة عليه. في هذه الحالة منع تكوين التعددية الحزبية مما أجبر الحكومة الجديدة لتكوين ائتلاف، هذه المرة برئاسة مورا. وحدث نفس الشيء في الانتخابات التالية [[الانتخابات الإسبانية العامة 1919|يونيو 1919]]. لم يحدث انتعاش [[تبادل السلطة السلمي (إسبانيا)|لتداول السلطة]] التقليدي حتى [[الانتخابات الإسبانية العامة 1920|انتخابات ديسمبر 1920]] التي نظمها داتو وحده.

وفي شهر أغسطس من 1917 اعتقل أعضاء لجنة الإضراب ومن بينهم زعيما المستقبل الاشتراكيان [[فرانثيسكو لارجو كابييرو|فرانسيسكو لارجو كاباليرو]] وجوليان بيستيرو (كان بابلو إغليسياس في السنوات الأخيرة من عمره) وحُكم عليهما بالسجن المؤبد، على الرغم من أن ذلك لم يمنعهما من الترشح في انتخابات فبراير عام 1918 وأصبحا كليهما نوابا. فصار إبقاء النواب سجناء ومحرومين من حقهم هي فضيحة مما أدى إلى حملة واسعة لإطلاق سراحهم حظيت بدعم بعض المفكرين الكبار. هرب [[إنداليسيو برييتو]] إلى فرنسا ولم يعد إلا بعد أن أصبح نائبا (أبريل 1918). وكانت نتيجة قمع الإضراب ما مجموعه 71 قتيلا 156 جريحا وحوالي 2000 اعتقلوا.<ref>David Ruiz González, ''op. cit.'', pg. 502</ref>

بعد تلك الأحداث تعزز دور الملك ودور الجيش أيضا في الحياة العامة وازدادت العلاقة الوثيقة بينهما. كما ازداد استياء قطاعات واسعة من السكان (المثقفين والطبقة العاملة والطبقة الوسطى) ضد النظام السياسي الذي كان منذ أواخر القرن الماضي وهو يتلقى انتقادات [[البعثية في إسبانيا|المجددين]] مثل انتقاد [[خواكين كوستا]] الذي طلب جراحة قاسية له. ولم ينفع الجدل الخطابي والأرقام، ثم أتت [[معركة أنوال|كارثة أنوال]] التي أفقدت النظام السياسي الجاذبية، فبرزت المؤسسة التي أثبتت أنها أكثر قوة: «الجيش» بشخص قائد برشلونة العام: [[ميغيل بريمو دي ريفيرا]] الذي شجعته البورجوازية الكاتالونية وقبلها نال موافقة الملك، فتولى السلطة المطلقة في [[ديكتاتورية بريمو دي ريفيرا|ديكتاتوريته]] (1923).

== مصادر ==
=== كتب ومصادر ===
{{يسار إلى يمين|1|
* Balanzá, M. Roig, J. and others (1994) ''Ibérica. Geografía e Historia de España y de los Países Hispánicos. [Iberia. Geography and History of Spain and Hispanic countries.]'' Barcelona: Vicens Vives. {{ردمك|84-316-3480-4}}.
* Garcia Queipo, Genoveva (1996) ''El reinado de Alfonso XIII. La modernización fallida. [The reign of Alfonso XIII. Modernization failed.]'' Madrid: Issues of Today. {{ردمك|84-7679-318-9}}.
* Martinez Cuadrado, Miguel (1973) ''LLa burguesía conservadora (1874-1931). [The conservative middle class (1874-1931).]'' 7th edition. History of Spain. Madrid: Alianza. 1981. {{ردمك|84-206-2049-1}}.
* Tunon de Lara, Manuel (ed.) (1984)''Historia de España. [History of Spain.]'' Barcelona: Labor. {{ردمك|84-335-9420-6}} (volumes), volume 8:'' bourgeois revolution, oligarchy and Constitutionalism (1834-1923)'', 2nd edition, 1987. {{ردمك|84-335-9439-7}}.}}

=== مراجع ===
{{مراجع}}
{{شريط بوابات|إسبانيا|الحرب العالمية الأولى|السياسة}}

[[تصنيف:إسبانيا في 1917]]
[[تصنيف:إسبانيا في الحرب العالمية الأولى]]
[[تصنيف:ثورات 1917-1923]]
[[تصنيف:السياسة في 1917]]