عرض مصدر الهجرة النبوية

{{شريط جانبي محمد}}'''الهجرة النبوية''' هي حدث تاريخي وذكرى ذات مكانة عند [[مسلم|المسلمين]]، ويقصد بها هجرة النبي [[محمد]] و[[الصحابة|أصحابه]] من [[مسار الهجرة النبوية|مكة إلى يثرب]] والتي سُميت بعد ذلك ب[[المدينة المنورة]]؛<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=2765&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=48&ayano=0&surano=0&bookhad=0 المكتبة الإسلامية، كتاب الجامع لأحكام القرآن، سورة الأحزاب، قوله تعالى: ''وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا''] تاريخ الوصول [[13 يوليو]] [[2009]] {{استشهاد ويب |مسار=http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=48&ID=2765 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=22 مارس 2016 |تاريخ أرشيف=10 مارس 2013 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20130310164104/http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=48&ID=2765 |حالة المسار=bot: unknown}}</ref> بسبب ما كانوا يلاقونه من أذى وعذاب من زعماء [[قريش]]، خاصة بعد وفاة [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبي طالب]]،<ref name="بداية1">{{استشهاد مختصر|ابن كثير|1997|ج=4|ص=333}}</ref> وكانت في عام 14 للبعثة، الموافق لـ [[622]]م، واتُّخِذَت الهجرة النبوية بداية [[تقويم هجري|للتقويم الهجري]]، بأمر من الخليفة [[عمر بن الخطاب]] بعد استشارته بقية [[الصحابة]] في زمن [[خلافة إسلامية|خلافته]]،<ref name="تأريخ">[http://www.saaid.net/Doat/Althahabi/2.htm التأريخ الهجري، أحداث ومناسبات] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20171214094228/http://saaid.net/Doat/Althahabi/2.htm |date=14 ديسمبر 2017}}</ref> واستمرت هجرة من يدخل في [[الإسلام]] إلى [[المدينة المنورة]]، حيث كانت الهجرة إلى [[يثرب|المدينة]] واجبة على المسلمين، ونزلت الكثير من [[آية|الآيات]] تحث المسلمين على [[الهجرة في الإسلام|الهجرة]]، حتى [[فتح مكة]] عام [[8 هـ]].<ref name="معنى" />

== تمهيد ==
=== الخروج إلى الطائف ===
[[ملف:Taifroad.jpg|تصغير|يسار|جبال مدينة [[الطائف]].]]
بعدما اشتد الأذى من [[قريش]] على النبي محمد وأصحابه بعد موت [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبي طالب]]، قرر النبي محمد [[زيارة محمد للطائف|الخروج إلى الطائف]] حيث تسكن قبيلة [[ثقيف]] يلتمس النصرة والمنعة بهم من قومه ورجا أن [[الإسلام|يسلموا]]،<ref name="ابن هشام-الطائف">السيرة النبوية، [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]، ج2، ص266-269، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فخرج مشيًا على الأقدام،<ref name="الرحيق-الطائف"/> ومعه [[زيد بن حارثة]]، وذلك في ثلاث ليال بَقَيْن من [[شوال]] سنة عشر من البعثة (3 ق هـ)،<ref name="ابن سعد-الطائف">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص210-212، دار صادر، بيروت.</ref> الموافق أواخر [[مايو]] سنة [[619]]م،<ref name="الرحيق-الطائف">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص100-101.</ref> فأقام بالطائف عشرة أيام<ref name="الأنوار-الطائف">الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، [[يوسف النبهاني]]، ص49-51، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فلم يجيبوه، وردّوا عليه ردًا شديدًا،<ref name="البوطي-الطائف">فقه السيرة النبوية، [[محمد سعيد رمضان البوطي]]، ص100-101، دار الفكر المعاصر، ط2006.</ref> وأغروا به سفهاءهم فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى أن رجليه كانتا تدميان و[[زيد بن حارثة]] يقيه بنفسه حتى جُرح في رأسه،<ref name="ابن سعد-الطائف"/> وانصرف النبي محمد وعاد إلى [[مكة]].<ref>[[مسند أحمد]]، [[أحمد بن حنبل]]، ج4، ص235.</ref>

=== عرض النبي نفسه على قبائل العرب ===
أخذ النبي يتبع [[حاج (حج)|الحجاج]] في [[منى]]، ويسأل عن [[قائمة قبائل العرب|القبائل]] قبيلة قبيلة، ويسأل عن منازلهم ويأتي إليهم في أسواق المواسم، وهي: [[سوق عكاظ|عكاظ]]، و[[سوق مجنة|مجنة]]، و[[سوق ذي المجاز|ذو المجاز]]، فلم يجبه أحد.<ref name="حلبية1">{{استشهاد مختصر|ابن برهان الحلبي|2006|ج=2|ص=3}}</ref> فعن [[جابر بن عبد الله الأنصاري|جابر بن عبد الله]] قال:<ref>السلسلة الصحيحة
 [[محمد ناصر الدين الألباني|للألباني]] (1947)</ref> {{اقتباس مضمن|كان النبي {{صلى الله عليه وسلم}} يعرض نفسه على الناس في الموقف ويقول: ألا رجل يعرض عليّ قومه، فإن [[قريش|قريشًا]] قد منعوني أن أبلغ كلام ربي}}، وذكر [[الواقدي]] أنه أتى [[بنو عبس|بني عبس]] و[[بنو سليم|بني سليم]] و[[غساسنة|غسان]] و[[بنو محارب|بني محارب]] وبني نضر و[[مرة بن كعب|مرة]] و[[عذرة (قبيلة)|عذرة]] و[[الحضارم|الحضارمة]]، فيردون عليه أقبح الرد، ويقولون: {{اقتباس مضمن|أسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك}}.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن برهان الحلبي|2006|ج=2|ص=4}}</ref>

=== بيعة العقبة الأولى ===
[[ملف:Mina Overview.JPG|تصغير|منطقة [[منى]]، والتي التقى عندها النبي محمد بستة من [[الأنصار|الخزرج]] فكانت بداية لسلسلة لقاءات انتهت [[الهجرة في الإسلام|بالهجرة]] إلى [[المدينة المنورة]].]]
وبينما كان النبي يعرض نفسه على القبائل عند «العقبة» في [[منى]]، لقي ستة أشخاص من [[الأنصار|الخزرج]] من [[يثرب]]، هم: [[أسعد بن زرارة]]، و[[عوف بن الحارث]]، و[[رافع بن مالك]]، و[[قطبة بن عامر بن حديدة|قُطبَة بن عامر بن حديدة]]، وعُقبة بن عامر بن نابي، و[[جابر بن عبد الله الأنصاري|جابر بن عبد الله]]»،<ref>{{استشهاد مختصر|ابن كثير|1997|ج=4|ص=372}}</ref> فدعاهم إلى [[الإسلام]]، فقال بعضهم لبعض {{اقتباس مضمن|يا قوم، تعلموا والله إنه للنبي توعدكم به [[يهود]]، فلا تسبقنّكم إليه}}. وقد كان [[يهود|اليهود]] يتوعدون [[الأنصار|الخزرج]] بقتلهم بنبي آخر الزمان. فأسلم أولئك النفر، ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم.<ref name="بداية2">{{استشهاد مختصر|ابن كثير|1997|ج=4|ص=371}}</ref> فلما قدموا [[المدينة المنورة|المدينة]] ذكروا لقومهم خبر النبي محمد، ودعوهم إلى [[الإسلام]]، حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور [[الأنصار]] إلا وفيها ذكرٌ من [[محمد|النبي محمد]].<ref>{{استشهاد مختصر|ابن كثير|1997|ج=4|ص=373}}</ref> حتى إذا كان العام المقبل، وافى الموسم من [[الأنصار]] اثنا عشر رجلًا، فلقوه بالعقبة في [[منى]]، فبايعوه، فكانت '''[[بيعة العقبة|بيعة العقبة الأولى]]'''.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن كثير|1997|ج=4|ص=374}}</ref>

=== إسلام الأنصار ===
بعث النبي [[مصعب بن عمير]] مع من بايعوه من يثرب، يُقرئهم [[القرآن]] ويعلمهم [[الإسلام]].<ref>{{استشهاد مختصر|ابن كثير|1997|ج=4|ص=376}}</ref> فأقام في بيت [[أسعد بن زرارة]] يدعو الناس إلى [[الإسلام]]، و[[الصلاة في الإسلام|يصلي]] بهم. فأسلم على يديه [[سعد بن عبادة]] و[[أسيد بن حضير]] وهما يومئذٍ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل، فأسلم جميع قومهما بإسلامهما، ثم أسلم [[سعد بن معاذ]]، وانتشر الإسلام في [[يثرب]]، حتى لم تبق دار من دور [[الأنصار]] إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد، وخطمة، ووائل، وواقف.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن كثير|1997|ج=4|ص=377: 381}}</ref>

=== بيعة العقبة الثانية ===
[[ملف:Madina old.jpg|تصغير|يسار|منظر عام [[المدينة المنورة|للمدينة المنورة]] قديمًا.]]
رجع [[مصعب بن عمير]] إلى [[مكة]]، وخرج ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان من [[الأنصار]] في موسم [[الحج في الإسلام|الحج]]،<ref>{{استشهاد مختصر|ابن كثير|1997|ج=4|ص=400}}</ref> وقالوا له {{اقتباس مضمن|يا رسول الله نبايعك؟}} فقال لهم:<ref>[[صحيح ابن حبان]] (6274)، السلسلة الصحيحة [[محمد ناصر الدين الألباني|للألباني]] (1/133)</ref> {{اقتباس مضمن|تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم [[جنة|الجنة]]}}، فبايعوه رجلًا رجلًا بدءًا من [[أسعد بن زرارة]] وهو أصغرهم سنًا.<ref name="تاريخ الإسلام-قبل الهجرة">[[تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام]]، [[شمس الدين الذهبي|الذهبي]]، ج1، ص297-309، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1987.</ref> فكانت '''[[بيعة العقبة|بيعة العقبة الثانية]]''' وقد كانت في شهر [[ذو الحجة|ذي الحجة]] قبل الهجرة إلى [[المدينة المنورة|المدينة]] بثلاثة أشهر،<ref>السيرة النبوية، [[ابن حبان]]، ص118.</ref> الموافق ([[يونيو]] سنة [[622]]م)، ثم قال لهم: {{اقتباس مضمن|أخرجوا إليَّ منكم اثني عشر نقيبًا يكونون على قومهم بما فيهم}}، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبًا، تسعة من [[الأنصار|الخزرج]] وثلاثة من [[الأنصار|الأوس]]، وقال للنقباء: {{اقتباس مضمن|أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين ل[[عيسى بن مريم]]، وأنا كفيل على قومي}}.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن كثير|1997|ج=4|ص=406}}</ref>

== الإذن بالهجرة ==
لما اشتد البلاء على [[الإسلام|المسلمين]] في [[مكة]] بعد [[بيعة العقبة]] الثانية، أذنَ [[محمد|النبي مُحمد]] [[الصحابة|لأصحابه]] بالهجرة إلى [[المدينة المنورة]]، وأمرهم باللَحاقِ بِإخوانهم من [[الأنصار]]،<ref name="بداية4" /> فعن [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] أنها قالت:<ref>[[صحيح البخاري]] (2297)</ref><ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=24447&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=6&ayano=0&surano=0&bookhad=0 مسند الإمام أحمد] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160414075552/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=6&ID=24447 |date=14 أبريل 2016}}</ref> {{اقتباس خاص|قال [[محمد|رسولُ اللهِ]] {{صلى الله عليه وسلم}} وهو يومئذٍ [[مكة|بمكةَ]]: {{اقتباس مضمن|قد أُرِيتُ دار هجرتكم، رأيتُ سَبْخَةً ذاتِ نخلٍ بين لابتين}} وهما الحَرَّتَانِ، فهاجرَ من هاجر قِبَلَ المدينةِ حين ذكر ذلك [[محمد|رسولُ اللهِ]] {{صلى الله عليه وسلم}}، ورجع إلى [[المدينة المنورة|المدينةِ]] بعضُ من كان هاجرَ إلى [[الإمبراطورية الإثيوبية|أرضِ الحبشةِ]]، وتجهَّزَ [[أبو بكر الصديق|أبو بكرٍ]] مهاجرًا، فقال لهُ [[محمد|رسولُ اللهِ]] {{صلى الله عليه وسلم}}: {{اقتباس مضمن|على رِسْلِكَ، فإني أرجو أن يُؤْذَنَ لي}} قال [[أبو بكر الصديق|أبو بكرٍ]]: {{اقتباس مضمن|هل ترجو ذلك بأبي أنت؟}} قال: {{اقتباس مضمن|نعم}} فحبسَ [[أبو بكر الصديق|أبو بكرٍ]] نفسَهُ على [[محمد|رسولِ اللهِ]] {{صلى الله عليه وسلم}} ليَصْحَبَهُ، وعلفَ راحلتينِ كانتا عندَهُ ورقَ السَّمُرِ أربعةَ أشهرٍ.}}
وذكر [[ابن إسحاق]]:<ref name="بداية4" /> {{اقتباس مضمن|أن [[محمد|رسول الله]] {{صلى الله عليه وسلم}} قال {{اقتباس مضمن|إن الله قد جعل لكم إخوانًا ودارًا تأمنون بها}} فخرجوا إليها أرسالًا}}.

== هجرة الصحابة إلى المدينة ==
[[ملف:Hejaz622-ar.png|تصغير|يمين|خريطة توضح مسار [[الهجرة في الإسلام|الهجرات]] إلى [[المدينة المنورة]] وإلى [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]].]]
بعد الإذن بالهجرة بدأ [[الصحابة]] يخرجون إلى [[يثرب]] ويُخفون ذلك، فكان أول من قدِم إليها [[أبو سلمة بن عبد الأسد]]، ثم قدِم المسلمون أرسالًا فنزلوا على [[الأنصار]] في دورهم فآووهم ونصروهم، ولم يبقَ [[مكة|بمكة]] منهم إلا [[محمد|النبي محمد]] و[[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] و[[علي بن أبي طالب]]، أو محبوس، أو ضعيف عن الخروج.<ref name="ابن سعد-الهجرة">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص224-238، دار صادر، بيروت.</ref> وأخذ المسلمون يغادرون [[مكة]] متسللين منها خفية، فرادى وجماعات، خشية أن تعلم [[قريش]] بأمرهم فتمنعهم من ذلك، تاركين وراءهم كل ما يملكون من بيوت وأموال وتجارة، فرارًا بدينهم وعقيدتهم.<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=306&idfrom=558&idto=595&flag=0&bk_no=58&ayano=0&surano=0&bookhad=0 السيرة النبوية لابن هشام] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170523151418/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=558&idto=595&bk_no=58&ID=306 |date=23 مايو 2017}}</ref>

=== هجرة آل أبي سلمة ===
كان أول من هاجر إلى المدينة [[أبو سلمة بن عبد الأسد]]،<ref>[[كتاب الطبقات الكبير|الطبقات الكبير]] جـ3، ص 220</ref> وكانت هجرته إليها قبل [[بيعة العقبة|بيعة العقبة الثانية]] بسنة لأن [[قريش]]ًا آذته بعد مرجعه من [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]] فعزم على الرجوع إليها، ثم بلغه إسلام بعض أهل [[يثرب]] فعزم على الهجرة إليها، فلما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة، قام رجال من بني المغيرة (قوم [[أم سلمة]]) بمنع زوجته [[أم سلمة]] من الهجرة معه، ومنع بنو عبد الأسد (قوم [[أبو سلمة بن عبد الأسد|أبي سلمة]]) ابنه من الهجرة معه،<ref name="السرجاني1">[http://islamstory.com/ar/تأملات-في-هجرة-أبي-سلمة تأملات في هجرة أبي سلمة] ـ [[راغب السرجاني]] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161124021531/http://islamstory.com/ar/تأملات-في-هجرة-أبي-سلمة |date=24 نوفمبر 2016}}</ref> تقول [[أم سلمة]]: {{اقتباس مضمن|فكنت أخرج كل غداة فأجلس في الأبطح فما أزال أبكي حتى أمسي حتى مرَّ بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني، فقال لبني المغيرة: ألا تخرجون من هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها، فقالوا لي: الحقي بزوجك إن شئت.}}، فأخدت ولدها وارتحلت إلى [[يثرب]]، حتى لقيت [[عثمان بن طلحة]] بالتنعيم فأوصلها إلى [[يثرب]].<ref name="بداية4" />
<br/>ثم توالت هجرة الصحابة بعد أبي سلمة، فهاجر [[عامر بن ربيعة]] وامرأته [[ليلى بنت أبي حثمة]]،<ref>{{استشهاد مختصر|ابن برهان الحلبي|2006|ج=2|ص=28}}</ref> ثم [[عبد الله بن جحش]]، وأخوه [[أبو أحمد بن جحش]]، ونزلوا ب[[قباء]] على [[مبشر بن عبد المنذر]].<ref name="بداية4" />
[[ملف:Rashidun Caliphs Umar ibn Al-Khattāb - عُمر بن الخطّاب ثاني الخلفاء الراشدين.svg|تصغير|[[عمر بن الخطاب]] أول من هاجر علانيةً]]
=== هجرة عمر بن الخطاب ===
رُوي أن [[عمر بن الخطاب]] لما هاجر، لم يهاجر متخفيًا،<ref>{{استشهاد مختصر|ابن برهان الحلبي|2006|ج=2|ص=29}}</ref> بل تقلد سيفه ووضع قوسه على كتفه وحمل أسهمًا، وذهب إلى [[الكعبة]] حيث طاف سبع مرات، ثم توجه إلى [[مقام إبراهيم]] فصلى، ثم قال لحلقات [[قريش]] المجتمعة: {{اقتباس مضمن|شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده أو يُرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي}}.<ref>''سيرة حضرة عمر فاروق''، محمد إلياس عادل، صفحة: 119</ref> فلم يتبعه أحد منهم،<ref>صحيح التوثيق في سيرة الفاروق، ص30.</ref><ref name="طبقات بن سعد">[http://www.al-eman.com/الكتب/الطبقات+الكبرى+**/i54&p1#s2 الطبقات الكبرى، باب هجرة عمر وإخائه] ل[[ابن سعد (توضيح)|ابن سعد]]. {{استشهاد ويب |مسار=http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=185&CID=37 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=22 مارس 2016 |تاريخ أرشيف=3 سبتمبر 2007 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20070903152404/http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=185&CID=37 |حالة المسار=bot: unknown}}</ref> ثم مضى إلى [[يثرب]] ومعه ما يقارب العشرين شخصًا من أهله وقومه، منهم أخوه [[زيد بن الخطاب]]، و[[عمرو بن سراقة]] وأخوه عبد الله، و[[خنيس بن حذافة]]، وابن عمه [[سعيد بن زيد]]، ونزلوا عند وصولهم في [[قباء]] عند [[رفاعة بن عبد المنذر]]، وكان قد سبقه [[مصعب بن عمير]] و[[عبد الله بن أم مكتوم|ابن أم مكتوم]] و[[بلال بن رباح]] و[[سعد بن أبي وقاص]] و[[عمار بن ياسر]].<ref name="بداية4" />

=== هجرة صهيب بن سنان الرومي ===
ذكر [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]:<ref name="بداية4" /> أن [[صهيب بن سنان|صُهيبًا]] حين أراد الهجرة قالت له قريش: {{اقتباس مضمن|أتيتنا صعلوكًا حقيرًا فكثر مالك عندنا وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك، والله لا يكون ذلك.}}، فقال لهم صهيب: {{اقتباس مضمن|أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي؟}} قالوا: {{اقتباس مضمن|نعم}} قال: {{اقتباس مضمن|فإني قد جعلت لكم مالي}} فبلغ ذلك [[محمد|رسول الله]] فقال: {{اقتباس مضمن|ربح [[صهيب بن سنان|صهيب]]، ربح [[صهيب بن سنان|صهيب]]}}.<ref>[[كتاب الطبقات الكبير|الطبقات الكبير]] جـ3، ص 206</ref>

== أحداث الهجرة النبوية ==
ظل النبي محمدٌ ب[[مكة]] ينتظر أن يُؤذَن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة، إلا [[علي بن أبي طالب]] و[[أبو بكر الصديق|أبو بكر]]، وكان [[أبو بكر الصديق]] يستأذنه بالخروج إلى [[المدينة المنورة]]، ولكن كان يقول له: {{اقتباس مضمن|'''لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبًا'''}}، فأراد [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] أن يكون النبي صاحبه.<ref name="بداية5">[[s:البداية والنهاية/الجزء الثالث/فصل في سبب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة|البداية والنهاية ـ الجزء الثالث ـ فصل في سبب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة]] على
[[ويكي مصدر]]</ref>
[[ملف:علي بن أبي طالب.gif|تصغير|200بك|تخطيط اسم [[علي بن أبي طالب]]، وهو من بات في فراش [[محمد|النبي محمد]] ليلة الهجرة]]

=== ليلة هجرة النبي ===
لما رأت [[قريش]] خروج المسلمين، خافوا خروج النبي محمد، فاجتمعوا في [[دار الندوة]]، واتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة من [[قريش]] شابًا فيقتلون النبي محمدًا فيتفرّق دمه بينَ القبائل.<ref name="ابن سعد-الهجرة"/> فأخبر [[جبريل]] النبي محمدًا بالخبر وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فأمر النبي محمد [[علي بن أبي طالب|عليًا]] أن يبيت في فراشه بدلا منه ويتغطى ببرده الأخضر ليظن الناس أن النبي محمدا نائم في فراشه. واجتمع أولئك النفر عِند بابه، لكنه خرج من بين أيديهم لم يره منهم أحد، وهو يحثو على رؤوسهم التراب تاليًا: {{قرآن|يس|9|لا تخريج=1}}<small>[[سورة يس]]:9</small>،<ref name="بداية5" /><ref name="الروض-الهجرة"/> فلما أصبحوا ساروا إلى [[علي بن أبي طالب|علي]] يحسبونه النبي، فلما رأوا عليًا، فقالوا: {{اقتباس مضمن|أين صاحبك؟}}، قال: {{اقتباس مضمن|لا أدري}}، فنزلت الآية : {{قرآن|الأنفال|30}}،<ref name="بداية4">[[s:البداية والنهاية/الجزء الثالث/باب الهجرة من مكة إلى المدينة|البداية والنهاية/الجزء الثالث/باب الهجرة من مكة إلى المدينة]] على [[ويكي مصدر]]</ref><ref name="الكامل2">[http://www.al-eman.com/الكتب/الكامل+في+التاريخ+**/i46&p1 الكامل في التاريخ] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20090113054528/http://islamtoday.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=174&CID=20 |date=13 يناير 2009}}</ref> وقيل أن هذه الليلة كانت يوم [[سبت (توضيح)|السبت]] وهو غير ثابت.<ref>في موضوعات [[ابن الجوزي]] (2/342):عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] عن النبي قال: {{اقتباس مضمن|إنَّ يومَ السَّبتِ يومُ مكرٍ ومكيدةٍ. قالوا : ولم ذاك يا رسولَ اللهِ ؟ قال : إنَّ قريشًا أرادوا أن يمكروا فيه ، فأنزل اللهُ {{قرآن|وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا}}}}، وقال [[ابن الجوزي]]: [[حديث موضوع]]</ref><br/>
وكان النبي محمدٌ قد أمر [[علي بن أبي طالب|عليًا]] أن يؤدي الأمانات إلى أهلها ففعل، حيث كان أهل [[قريش]] يضعون أماناتهم عند النبي محمد. وكانوا في [[مكة]] يعلمون أن عليًا يتبع النبي محمدًا أينما ذهب، لذا فإن بقاءه في [[مكة]] بمثابة تمويه لجعل الناس يشكون في هجرة النبي لاعتقادهم بأنه لو هاجر لأخذ عليًا معه، وبقي علي في [[مكة]] ثلاثة أيام حتى وصلته رسالة النبي محمد عبر رسوله [[أبو واقد الليثي|أبي واقد الليثي]] يأمره فيها بالهجرة للمدينة.<ref name="المجالس السنية">[http://www.holykarbala.net/books/tarikh/majales_sania12/13.html المجالس السنية، الجزء الثاني 199] {{وصلة مكسورة|date= يوليو 2017 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20100626170454/http://www.holykarbala.net/books/tarikh/majales_sania12/13.html |date=26 يونيو 2010}}</ref>

=== غار ثور ===
[[ملف:Mecca 9.jpg|تصغير|يمين|[[غار ثور]] الذي اختبأ به النبي محمد وصاحبه [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] في رحلة الهجرة، ماكثين فيه ثلاث ليال.]]
[[ملف:Abu bakr.png|تصغير|يسار|250بك|تخطيط لاسم [[أبو بكر الصديق|أبي بكر الصديق]] رفيق النبي محمد في هجرته إلى [[المدينة المنورة]].]]
جاء النبي إلى [[أبو بكر الصديق|أبي بكر]]، وكان أبو بكر قد جهز راحلتين للسفر، فأعطاها [[محمد|النبي محمد]] ل[[عبد الله بن أريقط|عبد الله بن أرَيْقِط]]، على أن يوافيهما في [[غار ثور]] بعد ثلاث ليالٍ، ويكون دليلًا لهما، فخرجا ليلة [[27 صفر]] سنة 14 من البعثة النبوية، الموافق [[12 سبتمبر]] سنة [[622]]م، وحمل [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] ماله كلّه ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف،<ref name="ابن هشام-الهجرة2">السيرة النبوية، [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]، ج2، ص236</ref> فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته، ثم عمدا إلى [[غار ثور]]، وهو كهف في [[جبل]] بأسفل مكة فدخلاه. وأمر أبو بكر ابنه [[عبد الله بن أبي بكر|عبد الله]] أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر، وأمر مولاه [[عامر بن فهيرة]] أن يرعى [[ضأن (جنس)|غنمه]] نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى في الغار، فكان [[عبد الله بن أبي بكر]] يكون في قريش نهاره معهم، يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن النبي محمد وأبي بكر، ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر. وكان [[عامر بن فهيرة]] يرعى في رعيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا، فإذا غدا [[عبد الله بن أبي بكر]] من عندهما إلى مكة اتبع [[عامر بن فهيرة]] أثره بالغنم يعفي عليه.<ref name="بداية4" />

وكانت [[أسماء بنت أبي بكر]] تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما، قالت أسماء: {{اقتباس مضمن|ولما خرج رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} و[[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] أتانا نفر من [[قريش]] فيهم [[أبو جهل|أبو جهل بن هشام]]، فوقفوا على باب أبي بكر، فخرجتُ إليهم فقالوا: «أين أبوك يا ابنة أبي بكر؟»، قلت: «لا أدري والله أين أبي»، فرفع [[أبو جهل]] يده وكان فاحشًا خبيثًا، فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي ثم انصرفوا}}.<ref name="بداية4" /> وقالت [[أسماء بنت أبي بكر]]: {{اقتباس مضمن|لما خرج رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} وخرج [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] معه، احتمل [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] ماله كله معه: خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف [[درهم]]، فانطلق بها معه، فدخل علينا جدي [[أبو قحافة]] وقد ذهب بصره، فقال: «والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه»، قلت: «كلا يا أبت، إنه قد ترك لنا خيرًا كثيرًا»، قالت: وأخذتُ أحجارًا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبًا، ثم أخذت بيده فقلت: «يا أبت ضع يدك على هذا المال»، قالت: فوضع يده عليه فقال: «لا بأس، إذا كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم»، قالت: ولا والله ما ترك لنا شيئًا ولكن أردت أن أسكن الشيخ بذلك}}.<ref name="بداية4" />

ولما وصلا إلى [[غار ثور|الغار]] قال [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] للنبي: {{اقتباس مضمن|والذي بعثك بالحق لا تدخل حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك}}، فدخل وجعل يلتمس بيده كلما رأى جحرًا قال بثوبه فشقه، ثم ألقمه الجحر حتى فعل ذلك بجميع ثوبه، فبقي جحر، وكان فيه حية فوضع عقبه عليه، فلسعته وصارت دموعه تنحدر.<ref>{{استشهاد مختصر|ابن برهان الحلبي|2006|ج=2|ص=48}}</ref>

=== مطاردة قريش للنبي ===
ذكر [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]] أن النبي وأبا بكر لما دخلا إلى [[غار ثور]] ضربت العنكبوت على بابه بعش،<ref name="ابن هشام-الهجرة">السيرة النبوية، [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]، ج3، ص5-24، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فخرجت [[قريش]] في طلبه حتى وصلوا باب الغار، فقال بعضهم: {{اقتباس مضمن|إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد}} فانصرفوا. وقصة العنكبوت والحمامتين قد ضعفها بعض المحدثين وحسنها بعضهم،<ref>[https://www.islamweb.net/ar/fatwa/146915/ هل نسج العنكبوت على الغار وهل تروى تلك القصة، فتاوى إسلام ويب بتاريخ 11-1-2011] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161210154441/http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=146915 |date=10 ديسمبر 2016}}</ref> والذي ثَبت في [[صحيح مسلم]] قول [[أبو بكر الصديق|أبي بكر الصديق]]:<ref>[http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=158&pid=108067&hid=4396 صحيح مسلم، كِتَاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رقم الحديث: 4396] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161003064010/http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=158&pid=108067&hid=4396 |date=03 أكتوبر 2016}}</ref> {{اقتباس مضمن|نظرتُ إلى أقدامِ المشركين على رؤوسِنا ونحن في الغارِ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! لو أنَّ أحدَهم نظر إلى قدمَيه أبصَرَنا تحت قدمَيه، فقال: {{اقتباس مضمن|يا أبا بكرٍ ! ما ظنُّك باثنَين اللهُ ثالثُهما}}}}
{{صندوق اقتباس|اقتباس=قال الله تعالى: {{قرآن|التوبة|40|لا تخريج=1}}<ref>سورة التوبة، الآية: 40</ref>|المصدر='' التوبة: 40''}}
<br/>ومكث النبي محمد و[[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما [[عبد الله بن أبي بكر]]، حتى خرجا من الغار في يوم الاثنين [[1 ربيع الأول]] [[1 هـ]]، وقيل [[4 ربيع الأول]].<ref name="ابن سعد-الهجرة"/>

==== موقف سراقة بن مالك ====
خرج النبي محمد وصاحبه من الغار متجهان إلى [[يثرب]]، وكانت [[قريش]] قد جعلت جائزة 100 [[جمل|ناقة]] لمن يردّ محمدًا عليهم.<ref name="ابن هشام-الهجرة"/> وبينما هما في الطريق، إذ عرض لهما [[سراقة بن مالك المدلجي|سراقة بن مالك]] وهو على فرس له، فدعا عليه النبي محمد فساخت قوائم فرسه، فقال: {{اقتباس مضمن|يا محمد أدع الله أن يطلق فرسي وأرجع عنك وأرد من ورائي}}، ففعل فأطلق ورجع فوجد الناس يلتمسون النبي محمدا فقال: {{اقتباس مضمن|ارجعوا فقد استبرأت لكم ما ههنا}} فرجعوا عنه.<ref name="ابن هشام-الهجرة"/> ويروي [[سراقة بن مالك المدلجي|سراقة]] قصة لحاقه بالنبي فيقول:<ref>[[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]]: كتاب فضائل الصحابة، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، (3693)، واللفظ له، و[[أحمد بن حنبل]] (17627)، و[[ابن حبان]] (6280)، و[[حاكم (توضيح)|الحاكم]] (4269)، و[[الطبراني]]: [[المعجم الكبير (الطبراني)|المعجم الكبير]] (6617)</ref>
{{اقتباس خاص|جاءنا رُسُل كفار قريش يجعلون في [[محمد|رسول الله]] {{صلى الله عليه وسلم}}، و[[أبو بكر الصديق|أبي بكر]]، دية كل منها لمن قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج، إذ أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا [[سراقة بن مالك المدلجي|سراقة]] إني رأيت آنفا أَسْوِدة. بالساحل أُراها محمدًا وأصحابه، قال [[سراقة بن مالك المدلجي|سراقة]]: فعرفت أنهم هم: فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي، وهى من وراء أكمة فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض وخفضت عالية حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها، أضرهم أم لا، فخرج الذي أكره، فركبت فرسي، وعصيت الأزلام؛ تُقَرّب بي، حتى إذا سمعت قراءة [[محمد|رسول الله]] {{صلى الله عليه وسلم}} وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضتْ فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم، أن سيظهر أمر [[محمد|رسول الله]] {{صلى الله عليه وسلم}} فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني. ولم يسألاني، إلا أن قال: أخف عنا، فسألته أن يكتب لي في كتاب آمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ثم مضى [[محمد|رسول الله]] {{صلى الله عليه وسلم}}.}}
ولما رجع [[سراقة بن مالك المدلجي|سراقة]] صار يردّ عنهم الطلب، لا يلقى أحدًا إلا ردّه، يقول لهم: {{اقتباس مضمن|سيرت - أي اختبرت - الطريق فلم أرد أحدًا}}.<ref name="حلبية2">[[s:السيرة الحلبية/باب الهجرة إلى المدينة|السيرة الحلبية/باب الهجرة إلى المدينة]] على [[ويكي مصدر]]</ref>

==== موقف أم معبد ====
مر [[محمد|النبي محمد]] و[[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] و[[عامر بن فهيرة]]، ودليلهما [[عبد الله بن أريقط]] في الطريق [[أم معبد|بخيمة]] [[أم معبد]] واسمها «عاتكةُ»، فسألاها شراء شيئًا يأكلانه، فقالت: {{اقتباس مضمن|واللهِ ما عندنا طعامٌ ولا لنا منحةٌ ولا لنا شاةٌ إلا حائلٌ}}، قال [[ابن إسحاق]]: {{اقتباس مضمن|فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ببعضِ غنمِها فمسح ضرْعَها بيدِه ودعا اللهَ وحلبَ في العسِّ حتى أرغى وقال اشربي يا أم معبدٍ فقالت اشرب فأنتَ أحقُّ بهِ فردَّه عليها فشربت ثم دعا بحائلٍ أخرى ففعل مثلَ ذلك بها فشربَه ثم دعا بحائلٍ أخرى ففعل بها مثلَ ذلك فسقى دليلَه ثم دعا بحائلٍ أخرى ففعل بها مثلَ ذلك فسقى عامرًا ثم تروَّحَ}}.<ref name="بداية4" /><ref name="حلبية2" /><ref name="أم معبد الخزاعية">[http://islamstory.com/ar/أم_معبد_الخزاعية أم معبد الخزاعية] 01/05/2006 قصة الإسلام {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170109160939/http://islamstory.com/ar/أم_معبد_الخزاعية |date=09 يناير 2017}}</ref>
<br/>ثم جاءت سرية [[قريش]] إلى [[أم معبد]] فسألوها عن رسول الله، فأنكرت رؤيته؛ فقالت: {{اقتباس مضمن|إنكم تسألوني عن أمر ما سمعت به قبل عامي هذا}}، ثم قالت:{{اقتباس مضمن|لئن لم تنصرفوا عني لأصرخنّ في قومي عليكم}} وكانت في عز من قومها، فانصرفوا.<ref name="حلبية2" />
<br/>ولما جاء زوجُها حكت له القصة فقال لها:<ref>[[الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح]] ل[[ابن تيمية]] (5/455)</ref> {{اقتباس مضمن|صِفيه لي يا أمَّ مَعبدٍ}}، فقالت :{{اقتباس مضمن|رأيتُ رجلاً ظاهرَ الوَضاءةِ، حُلوَ المَنطقِ فصلٌ لا نزْرٌ ولا هذْرٌ، كأنَّ منطقَه خَرَزاتُ نظمٍ يتحدَّرْنَ}}.

=== الوصول إلى المدينة ===
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}<br/> [[المدينة المنورة|المدينة]] أضاء منها كل شيء، فلما كان<br/> اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء»<ref>رواه الترمذي في [[سنن الترمذي|سننه]]، رقم: 3618.</ref>|المصدر='' [[أنس بن مالك]]''}}
[[ملف:Masjid khuba.JPG|تصغير|230بك|يسار|من داخل [[مسجد قباء]]، أول مسجد أسس بعد بعثة النبي محمد، قال فيه «من [[وضوء|توضأ]] وأسبغ الوضوء ثم جاء [[مسجد قباء]] [[الصلاة في الإسلام|فصلى]] فيه كان له أجر [[عمرة]]».<ref>السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص237، دار المعرفة.</ref>]]

وصل النبي محمد [[قباء]] يوم الاثنين [[8 ربيع الأول]]،<ref name="الروض-الهجرة">[[الروض الأنف]]، [[أبو القاسم السهيلي|السهيلي]]، ج2، ص312-332.</ref> فنزل على كلثوم بن الهدم، وجاءه المسلمون يسلمون عليه، ونزل [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] على خبيب بن إساف.<ref name="ابن هشام-الهجرة"/> وأقام [[علي بن أبي طالب]] ب[[مكة]] ثلاث ليال وأيامها حتى أدّى الودائع التي كانت عند محمد للناس، حتى إذا فرغ منها لحق بمحمد فنزل معه على [[كلثوم بن الهدم|كلثوم بن هدم]].<ref name="ابن هشام-الهجرة"/> وبقي محمد وأصحابه في قباء عند بني عمرو بن عوف 4 أيام، وقد أسس [[مسجد قباء]] لهم، ثم انتقل إلى [[المدينة المنورة]] فدخلها يوم الجمعة [[12 ربيع الأول]]،<ref name="الوصول إلى المدينة">في [[كتاب الطبقات الكبير|الطبقات الكبرى]]، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص6: «قدم رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} المدينة حين هاجر من [[مكة]] يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر [[ربيع الأول]]، '''وهو المجتمع عليه'''».</ref><ref>[[السيرة النبوية لابن هشام|السيرة النبوية]]، [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]، ج3، ص135، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> سنة [[1 هـ]] الموافق [[27 سبتمبر]] سنة [[622]]م،<ref name="الروض-الهجرة"/> وعمره يومئذٍ 53 سنة. ومن ذلك اليوم سُميت بمدينة الرسول {{صلى الله عليه وسلم}}، بعدما كانت تُسمى [[يثرب]].

=== الاستقبال ===
[[ملف:Old Al-Masjid Al-Nabawi 1908.jpg|تصغير|يمين|صورة [[المسجد النبوي|للمسجد النبوي]] في أواخر العهد العثماني عام 1908.]]
[[ملف:Umar Farrukh's Prophet Arrives to Medina.png|230بك|تصغير|رسمٌ تخيُّليٌ لِبعض أهالي المدينة وهم يستقبلون الرسول بِالأهازيج والمدائح عند وصوله إليها.]]
كان [[الأنصار]] يخرجون كل يوم إلى الحرة ينتظرون النبي، فإذا اشتد حر الشمس رجعوا إلى منازلهم، فلما كان يوم [[12 ربيع الأول]] خرجوا على عادتهم فلما حمي الشمس رجعوا، فصعد رجل من اليهود على أطم من آطام المدينة، فرأى [[محمد|النبي محمد]] وأصحابه فقال: {{اقتباس مضمن|يا بني قيلة! هذا صاحبكم قد جاء هذا جدكم الذي تنتظرونه}} فثار الأنصار إلى السلاح ليستقبلوا [[نبي|النبي]].<ref name="مختصر3" />

فعن [[عروة بن الزبير]] قال:<ref name="بداية4" /><ref>[[صحيح البخاري]]، كتاب مناقب الانصار، باب هجرة النبي {{صلى الله عليه وسلم}} إلى المدينة، رقم (3906)</ref>
{{اقتباس مضمن|أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} لقي [[الزبير بن العوام|الزبير]] في ركب من المسلمين كانوا تجارًا قافلين من [[بلاد الشام|الشام]] (إلى مكة)، فكسى الزبيرُ رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} وأبا بكر ثياب بياض، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حرُّ الظهيرة، فانقلبوا يوماً بعدما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من [[يهود|اليهود]] على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: «يا معشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون»، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر [[ربيع الأول]]، فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} صامتاً، فطفق من جاء من [[الأنصار]] ممن لم ير رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يحيي أبا بكر، حتى أصابت الشمسُ رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناسُ رسولَ الله {{صلى الله عليه وسلم}} عند ذلك، فلبث رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، ثم ركب راحلته وسار يمشي معه الناسُ حتى بركت عند [[المسجد النبوي|مسجد رسول الله]] {{صلى الله عليه وسلم}} بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربداً للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر [[أسعد بن زرارة]]، فقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} حين بركت به راحلته: {{اقتباس مضمن|هذا إن شاء الله المنزل}}، ثم عاد رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً، فقالا: «بل نهبه لك يا رسول الله»، فأبى رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجداً، فطفق رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} ينقل معهم اللبن في بنيانه، وهو يقول حين ينقل اللبن:
{{أبيات|
'''هذا الحمال لا حمال خيبر'''\\'''هذا أبر ربنا وأطهر'''}}
ويقول:
{{أبيات|
'''اللهم إن الأجرَ أجرُ الآخِرهْ'''\\'''فارحَمِ الأنصارَ والمهاجرهْ'''}}
فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يُسَمَّ لي.}}
{{خريطة مواقع| السعودية
| width = 230
| float = left
| alt = المدينة المنورة
| label = المدينة المنورة
| position = right
| caption = مدينة [[يثرب]] التي سُميت ب[[المدينة المنورة]] بعد قدوم [[محمد|النبي محمد]] إليها
| mark = Green pog.svg <!--green dot-->
| lat_deg = 24 | lat_min = 28 | lat_sec = 00 <!-- default: lat_dir = N -->
| lon_deg = 39 | lon_min = 36  | lon_sec = 00<!-- default: lon_dir = E -->
}}
=== جدول خط سير زمني للهجرة ===
<div style="text-align: center;">
{| align="center" class="wikitable" style="text-align: top;"
|-
! التاريخ
! خط سير الهجرة
|-
|ليلة الجمعة [[27 صفر]] [[1 هـ]]<br/>(13 سبتمبر [[622]]م)<ref name="ابن هشام-الهجرة2" /><ref name="ميقات زمني">[https://www.islamweb.net/ar/fatwa/49466/ الميقات الزمني لهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم] ـ فتاوى [[إسلام ويب]] {{استشهاد ويب |مسار=http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=49466 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=28 مارس 2016 |تاريخ أرشيف=28 نوفمبر 2016 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20161128091455/http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=49466 |حالة المسار=bot: unknown}}</ref>
|غادر [[مكة]] ومكث ثلاثة أيام في [[جبل ثور|غار ثور]] بالقرب من [[مكة]].
|-
|الاثنين [[1 ربيع الأول]] [[1 هـ]]<br/>(16 سبتمبر [[622]]م)<ref name="ميقات زمني" />
|غادر [[جبل ثور]] متجها إلى منطقة [[يثرب]].
|-
|الاثنين [[8 ربيع الأول]] [[1 هـ]]<ref name="الروض-الهجرة" /> <br/>(23 سبتمبر [[622]]م)<ref name="ميقات زمني" />
|وصل إلى [[مسجد قباء|قباء]] بالقرب من [[المدينة المنورة]]، ومكث فيها عدة أيام.
|-
|الجمعة أو الاثنين<ref name="الوصول إلى المدينة" /> [[12 ربيع الأول]] [[1 هـ]]<br/>{{بدون لف|(27 سبتمبر [[622]]م)}}<ref name="ميقات زمني" />
|وصل إلى [[المدينة المنورة]].
|}
</div>

== استمرار هجرة المسلمين إلى المدينة ==
استمرت هجرة المسلمين إلى [[المدينة المنورة]] حتى [[فتح مكة]] سنة [[8 هـ]]، وظلت الهجرة إلى [[يثرب|المدينة]] واجبة على المسلمين، ونزلت الكثير من الآيات تحث المسلمين على الهجرة إلى [[يثرب|المدينة]]، بينما ظل بعض من أسلم في مكة ولم يهاجر، فنزل فيهم قول الله يبين أنهم إما أن يكونوا مستضعفين غير قادرين على الهجرة؛ فهؤلاء معذورون، عسى الله أن يتوب عليهم، وإما أن يكونوا قادرين عليها لكنهم لم يهاجروا حتى ماتوا؛ فهؤلاء تاركون لواجب، وواقعون في ذنب عظيم: {{قرآن|النساء|97|إلى آية=99}}، وقد أخرج [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] عن [[عبد الله بن عباس|ابن عبَّاسٍ]] أنه قال: {{اقتباس مضمن|إن أُناساً من المسلمين كانوا مع المشركين، يكثرون سواد المشركين على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيأتي السهم فيُرمى، فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضربُه فيقتله، فأنزل الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ"}}.<ref>{{استشهاد ويب
| ناشر = إسلام ويب، مركز الفتوى
| لغة = ar
| عنوان = 363079 - حكم من لم يهاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة
| تاريخ الوصول= 2023-01-27
| تاريخ أرشيف= 27 فبراير 2023
| مسار = https://www.islamweb.net/ar/fatwa/363079/حكم-من-لم-يهاجر-مع-رسول-الله-صلى-الله-عليه-وسلم-من-مكة-إلى-المدينة
| مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230227004113/https://www.islamweb.net/ar/fatwa/363079/حكم-من-لم-يهاجر-مع-رسول-الله-صلى-الله-عليه-وسلم-من-مكة-إلى-المدينة
}}</ref>

فلما فتحت [[مكة]] أصبحت [[دار الإسلام ودار الكفر|دار إسلام]]،<ref name="معنى">[https://ar.islamway.net/fatwa/13686/ما-معنى-الهجرة-ومتى-تجب-على-المسلم معنى الهجرة ومتى تجب] ل[[محمد الحسن ولد الددو|محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي]] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180916093210/https://ar.islamway.net/fatwa/13686/ما-معنى-الهجرة-ومتى-تجب-على-المسلم |date=16 سبتمبر 2018}}</ref> فقال [[محمد|النبي محمد]]:<ref name="متفق">[[صحيح البخاري]] (2783) عن [[عبد الله بن عباس]]، و[[صحيح مسلم]] (1864) عن [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]]</ref> {{اقتباس مضمن|''' لا هجرةَ بعدَ [[فتح مكة|الفتحِ]]، ولكن [[جهاد]]ٌ و[[نية|نِيَّةٌ]]، وإذا استُنفِرْتُم فانفِروا'''}}، فذكر بعض العلماء أن [[الهجرة في الإسلام|الهجرة]] نٌسخت بعد [[فتح مكة]]، وأن ما بقى من مفهوم الهجرة هو الهجرة المعنوية بمعني هجرة ما حرم الله هي ما بقي من مفهوم الهجرة،<ref name="إمام">[https://alimam.ws/ref/1916 الهجرة] ـ موقع إمام المسجد {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160312100739/http://www.alimam.ws/ref/1916 |date=12 مارس 2016}}</ref> وقيل: أن حكمها لم ينسخ، وهو باقِ،<ref name="إمام" /> وأن ما نُسخ هو الهجرة إلى المدينة المنورة، ولكن الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام باقية،<ref name="مقال1">[http://www.habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/6693-في-عهد-الهجرة-النبوية مقال :في عهد الهجرة النبوية ـ محمد الحاج ناصر] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180526054208/http://habous.gov.ma:80/daouat-alhaq/item/6693-في-عهد-الهجرة-النبوية |date=26 مايو 2018}}</ref> وهو قول [[يحيى بن شرف النووي|النووي]]،<ref>[[شرح صحيح مسلم]] ج:13 – ص :8.</ref> و[[ابن حجر العسقلاني]]،<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=5140&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=52&ayano=0&surano=0&bookhad=0 فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية، جـ 6، صـ 39] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170104162919/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=52&ID=5140 |date=04 يناير 2017}}</ref> و[[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]،<ref>[http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura4-aya97.html تفسير ابن كثير، جـ 1، صـ 543، تفسير الآية 97 من سورة النساء] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170507045106/http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura4-aya97.html |date=07 مايو 2017}}</ref> وغيرهم.

=== عودة مهاجري الحبشة ===
{{صندوق اقتباس|اقتباس={{اقتباس مضمن|ما أدري بأيهما أنا أفرح ب[[غزوة خيبر|فتح خيبر]] أم بقدوم [[جعفر بن أبي طالب|جعفر]]}}|المصدر= ''[[محمد|النبي محمد]]''<ref name="مستدرك2">[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=1810&idfrom=4120&idto=4123&flag=0&bk_no=74&ayano=0&surano=0&bookhad=0 المستدرك على الصحيحين] (4308) {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160207202956/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=74&ID=1810&idfrom=4120&idto=4123&bookid=74&startno=3 |date=07 فبراير 2016}}</ref>}}
عاد من تبقى من مهاجري [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]] مع [[جعفر بن أبي طالب]] إلى [[يثرب|المدينة]]؛ بعدما كتب [[محمد|النبي محمد]] إلى [[نجاشي|النجاشي]] أن يزوجه [[أم حبيبة|أم حبيبة بنت أبي سفيان]] وكان زوجها [[عبيد الله بن جحش]] قد مات في [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]].<ref name="مختصر3">[[s:مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم#كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي يزوجه أم حبيبة|مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم]] ل[[محمد بن عبد الوهاب]] باب:كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي يزوجه أم حبيبة</ref> وكتب إليه أيضًا أن يبعث إليه من بقي من أصحابه، فزوجه [[نجاشي|النجاشي]] [[أم حبيبة]] وأصدقها عنه أربعمائة دينار وحمل بقية أصحابه في سفينتين فوصلوا المدينة بعد [[غزوة خيبر]] عام [[7 هـ]].<ref name="مختصر3" />

=== آخر من هاجر إلى المدينة ===
كان آخر من هاجر من مكة المكرمة هو [[العباس بن عبد المطلب]]، فقد هاجر بأهله في [[رمضان]] في السنة [[8 هـ|الثامنة من الهجرة]]، وفي الطريق لقي النبي مع جيشه يريد [[فتح مكة]] بعد نقض [[قريش]] ل[[صلح الحديبية]]، فواصل أهله الهجرة ورجع هو مع النبي.<ref name="آخر من هاجر">[https://www.islamweb.net/ar/fatwa/148057/ آخر المهاجرين من مكة إلى المدينة] ـ فتاوى [[إسلام ويب]] {{استشهاد ويب |مسار=http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=148057 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=28 مارس 2016 |تاريخ أرشيف=8 مارس 2017 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20170308134501/http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=148057 |حالة المسار=bot: unknown}}</ref>

== الهجرة وبداية التأريخ الهجري ==
{{مفصلة|تقويم هجري|تقويم أم القرى}}
[[ملف:Mevlana - Schrift über Eingang.jpg|تصغير|يمين|التاريخ الهجري في متحف مدينة [[قونية]] التركية]]
كان [[محمد|النبي محمد]] قد أمر بال[[تاريخ|تأريخ]] بعد قدومه إلى [[يثرب]]، وقد حدث هذا التأريخ منذ العام الأول للهجرة، كان النبي يُرسل الكتب إلى الملوك والأمراء ورؤساء القبائل المختلفة بتاريخ الهجرة.<ref>''[[محمد بن جرير الطبري|الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير]]''. [[تاريخ الطبري|تاريخ الرسل والملوك]]، الجزء الثاني، صفحة: 110-114. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. [[دار المعارف]] - [[القاهرة]] ([[1960]])</ref>
<br/>وفي سنة [[17 هـ]] اعتمد الخليفة [[عمر بن الخطاب]] التأريخ بداية من غرة [[المحرم (شهر)|شهر محرم]] من العام الأول للهجرة النبوية، ومما ذُكر في سبب اعتماد عمر للتاريخ أن [[أبو موسى الأشعري|أبا موسى]] كتب إلى [[عمر (توضيح)|عمر]] أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع [[عمر (توضيح)|عمر]] الناس، فقال بعضهم: {{اقتباس مضمن|أرخ بالمبعث}}، وبعضهم: {{اقتباس مضمن|أرخ بالهجرة}}، فقال [[عمر (توضيح)|عمر]]: {{اقتباس مضمن|الهجرة فرقت بين الحق والباطل}}، فأرخوا بها، فلما اتفقوا قال بعضهم: {{اقتباس مضمن|ابدءوا ب[[رمضان]]}}، فقال عمر: {{اقتباس مضمن|بل [[المحرم (شهر)|بالمحرم]] فإنه منصرف الناس من حجهم}}، فاتفقوا عليه.<ref name="التأريخ الهجري">[http://www.saaid.net/Doat/Althahabi/2.htm التأريخ الهجري أحداث ومناسبات.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20171214094228/http://saaid.net/Doat/Althahabi/2.htm |date=14 ديسمبر 2017}}</ref> وفي رواية أخرى أن أحدهم رفع صكًا ل[[عمر (توضيح)|عمر]] محله [[شعبان|شهر شعبان]]، فقال: {{اقتباس مضمن|أي [[شعبان]]، الماضي أو الذي نحن فيه، أو الآتي؟ ضعوا للناس شيئًا يعرفون فيه حلول ديونهم}}، فيُقال إنه أراد بعضهم أن يؤرخوا كما تؤرخ [[فرس (قوم)|الفرس]] بملوكهم، كلما هلك ملك أرخوا من تاريخ ولاية الذي بعده، فكرهوا ذلك، ومنهم من قال: {{اقتباس مضمن|أرخوا [[تقويم ميلادي|بتاريخ الروم]] من زمان [[الإسكندر الأكبر|الإسكندر]]}}، فكرهوا ذلك، وقال قائلون: {{اقتباس مضمن|أرخوا من مولد [[محمد|رسول الله]] {{صلى الله عليه وسلم}}}}، وقال آخرون: {{اقتباس مضمن|من [[البعثة النبوية|مبعثه]] [[الصلاة على النبي|عليه السلام]]}}، وأشار [[علي بن أبي طالب]] وآخرون أن يؤرخ من هجرته من مكة إلى المدينة لظهوره لكل أحد فإنه أظهر من المولد والمبعث. فاستحسن ذلك [[عمر (توضيح)|عمر]] و[[الصحابة]]، فأمر [[عمر (توضيح)|عمر]] أن يؤرخ من هجرة الرسول وأرخوا من أول تلك السنة من [[محرم (توضيح)|محرمها]].<ref name="التأريخ الهجري"/>

== [[مسار الهجرة النبوية|طريق الهجرة النبوية]] ==
{{مفصلة|مسار الهجرة النبوية}}سلك [[محمد|النبي محمد]] وصحبه [[مسار الهجرة النبوية|الطريق إلى المدينة المنورة]] ابتداء من دار زوجه السيدة [[خديجة بنت خويلد]] في [[مكة|مكة المكرمة]] حتى ديار عمرو بن عوف في [[قباء]] ب[[المدينة المنورة]]، بعد أن رسم الطريق المعتمد للأيام الثلاثة الأولى. استمرت الرحلة إلى [[المدينة المنورة|المدينة]] مدة 8 أيام بتاريخ [[1 ربيع الأول|اليوم الأول من ربيع الأول]] من [[1 هـ|العام الأول للهجرة]] حتى اليوم [[8 ربيع الأول|الثامن من ربيع الأول]] من العام [[1 هـ|الأول للهجرة]]، في مسافة تقدّر بـ 380 كيلومترا مرورًا بـ 29 معلمًا متفق عليها وتختلف في تعدادها من راوٍ إلى آخر.<ref>{{استشهاد ويب
| مسار = http://makkahnewspaper.com/article/618165/البلد/-على-خطى-الرسول?ts=1558063603
| عنوان = .. على خطى الرسول
| تاريخ = 2017-11-14
| تاريخ الوصول = 2019-05-17
| الأول = أشرف الحسيني-مكة
| موقع = Makkah
| لغة = Arabic
| الأخير = المكرمة
|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20191213002146/http://makkahnewspaper.com/article/618165/البلد/-على-خطى-الرسول?ts=1558063603|تاريخ أرشيف=2019-12-13}}</ref>

== انظر أيضًا ==
* [[الهجرة إلى الحبشة]]
* [[الهجرة في الإسلام|هجرة (إسلام)]]
* [[السيرة النبوية]]
* [[المؤاخاة بين الصحابة]]
* [[مكة|مكة المكرمة]]
* [[المدينة المنورة]]
* [[تقويم هجري]]
* [[زيارة محمد للطائف]]

== المراجع ==
{{مراجع}}
=== معلومات المراجع المُفصَّلة ===
{{بداية المراجع|2}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q113496832|مرجع=ابن كثير1997}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q116753167|مرجع=ابن برهان الحلبي2006}}

{{نهاية المراجع}}

== وصلات خارجية ==
* [http://www.alukah.net/sharia/0/27669/ التصور الحقيقي للوطن من خلال الهجرة النبوية ـ منصور باوادي].
* [https://web.archive.org/web/20161028052936/http://islamstory.com/في_ظلال_الهجرة_النبوية_بقلم_د_راغب_السرجاني في ظلال الهجرة النبوية ـ د. راغب السرجاني].
* [http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&id=182515 الهجرة النبوية الشريفة] ـ مقالات [[إسلام ويب]].

{{شريط سفلي محمد}}
{{غزوات ومعارك القرن الأول الهجري}}

{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات|الإسلام|التاريخ الإسلامي|التقويم الهجري|المدينة المنورة|محمد|مكة}}
{{شريط محتوى متميز|جيدة|النسخة=20495510 |تاريخ=10 يوليو 2016}}

[[تصنيف:الهجرة النبوية| ]]
[[تصنيف:622]]
[[تصنيف:أعمال في عقد 620]]
[[تصنيف:سيرة ابن هشام]]
[[تصنيف:محمد في المدينة]]
[[تصنيف:مصطلحات إسلامية]]