هذه المقالة يتيمة. ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالة متعلقة بها
يرجى إضافة وصلات داخلية للمقالات المتعلّقة بموضوع المقالة.
يفتقر محتوى هذه المقالة إلى مصادر موثوقة.

محمد غزلان

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محمد غزلان
معلومات شخصية

محمد غزلان مواليد القاهرة المؤهل : ليسانس آداب أنجليزي وتربية - جامعة عين شمس صحفي وروائي ا لتحق بالعمل بجريدة الإجيبشان جازيت. عمل محررا بالقسم الخارجي ثم محرراً دبلوماسياً بجريدة المساء ثم مساعد رئيس تحرير جريدة المساء القاهرية والمشرف العام على قسم الخارجي يها

عمل في مجالات التدريس والترجمة والتحرير والأفلام التسجيلية. نشر في أغلب الجرائد والمجلات الخليجية وعمل في دولة قطر ومملكة البحرين

له ثلاثة أفلام تسجيلية : 1. عشاق ثومة

   (عن جماهير كوكب الشرق أم كلثوم)

2. طلعة رجب وأعياد الموتى عن زيارات المقابر في مصر 3. نقابة الصحفيين (مبنى وتاريخ

صدر له كتاب عن ماكسويل إمبراطور الصحافة البريطانية عام 1991

صدرت لة رواية(دليل التائة) الخروج من بغداد -طبعة أولى عام 2004طبعة ثانية 2004 من الهيئة العامة للكتاب

صدرت رواية أول القصيدة بسيطة عام 2007 والتي فازت بجائزة نادى القصة عام 2005

صدرت لة رواية الواطى عام 2009-

صدرت لة رواية حاول عام 2009- لة تحت الطبع 1) رواية مذكرات عبده ريال (من القاهرة إلى الدوحة)والفائزة بجائزة إحسان عبد القدوس عام 2009

2) المعادى حدوته- رواية-الجزء الأول من ثلاثية تدور احداثها في المعادى الضاحية التي كانت جميلة



يرى الروائى «المغبون» «محمد غزلان»، أن الأدب معنيّ برصد متناقضات الواقع، وليس مطلوبا منه تغيير هذا الواقع، فقط، يطرح القضايا تحت ضوئه لعل المعنيين يتنبهون إليها، ويوجدون حلولا لها. مستشهدا بأعمال أديب نوبل «نجيب محفوظ» من حيث تعرضها لقضايا جوهرية، كما فعل هو من بداية مسيرته الإبداعية1991، فى رواياته « لغز ماكسويل امبراطور الصحافة البريطانية»، و«الخروج من بغداد»، و«أول القصيدة بسيطة»، و«الوطي»، و«مذاكرت عبده ريال»، و«المعادى حدوته»، التى يعكف على كتابة جزئيها الثانى والثالث الآن.

تهتم بالمكان عادة فى أعمالك، لدرجة أنك جعلته بطلا فى روايتك الأخيرة «المعادى حدوتة»، حيث اهتممت بتفاصيل نشأة حى المعادى المميز، فما الذى أغراك بكتابة هذه الحدوتة المدهشة؟

تزامنت نشأة المعادى مع عدد من الضواحى المهمة الجديدة فى مصر بدايات القرن العشرين، مثل منطقة سموحة فى الإسكندرية 1904، ومصر الجديدة 1905، وفى 1906 تم إنشاء خط سكة حديد لربط حلوان بوسط القاهرة فى باب اللوق. ففكر«الأخوين موصيري» بإنشاء منطقة سكنية على خط القطار الجديد، الذى عرف وقته بـ «wright Rail Way»، فاستقدما المهندس الاسترالى «بايتون مائير» لوضع تصور للحى الجديد، فتم تصميم الميدان الرئيسى للمنطقة على هيئة العلم البريطاني، وأشرف على البناء الضابط الانجليزى «آدم سميث»، وسارع «الأخوين موصيري» بشراء الأراضى من المزارعين حتى وصل سعر الفدان حينئذ عشرين جنيها، وأقبل الأثرياء على المنطقة وتملكوا الفيلات والقصور، واحتفظت المنطقة بجمالها وهدوئها فترة من الزمان. إلى أن فوجيء أهل المنطقة بغزو أصحاب الأموال وقيامهم بتحويل المنطقة إلى غابة من العمائر التى أفقدت المنطقة تميزها وهدوءها.

ليس هذا فقط ما انشغلت به فى روايتك، فقد رصدت أيضا الصراع بين أهل المعادى والوافدين عليها، فهل هذا وذاك من مهام الأدب بظنك؟

الرواية ألقت الضوء على نشأة المعادي، من دون الإغراق فى التاريخ، وإلا لتحولت إلى كتاب تاريخ. بل راعيت تضفير التاريخى بالاجتماعى ليستمتع القاريء بالأدب وتشويق حدوتة النشأة من خلال الشخصية الرئيسية، الراوي، «لقمان القاضي»الذى يحفظ تاريخ المنطقة، وأصبح مرجعية لمعرفة سكان المنطقة الأصليين، والوافدين.

قلت إن للرواية جزين، ثان وثالث، فهل قطعت شوطا فى أيهما، فهل سيصبح الزمان بتقلباته هو البطل فيهما، بعدما أخذ المكان حقه؟

الجزءان يحويان كثيرا من الأحداث والتطورات التى شهدتها المعادى منذ نشأتها، إلى أن تشوهت تحت دعاوى التطوير، وأحيانا ينوب حى عن وطن كامل، وأعكف الآن على إنجازهما معا فى أقرب وقت ممكن.

وفى روايتك «مذكرات عبده ريال» تتبعت يوميات مصرى يعمل فى الخليج، وتوقفت بعمق فيها أمام التحولات السلبية فى الشخصية المصرية، خلال العقود الأخيرة،وكأنها كتاب علم اجتماع، وهذا من أدوار الأدب الجوهرية.. أليس كذلك؟

هذه الرواية تحديدا سيئة الحظ منذ كتابتها إلى نشرها، فقد كتبتها فى خمس سنوات، وانتظرت نشرها خمسا أخري، وهى ليست مجرد تأريخ لفترة عاشها المصريون فى الغربة؛ فأنا أراها فترة هروب كبير فى التاريخ المعاصر، وهى زمن موجات الهجرة الجماعية فى منتصف السبعينيات، وقبلها كان سفر المصريين فى محيط المحاولات الفردية، لكن بعد حرب أكتوبر أصبحت ظاهرة تحسب بالملايين، فكانت هناك قرى كاملة يسافر رجالها إلى الكويت، وأخرى إلى السعودية، وثالثة إلى قطر، فبدت كحقبة خلاص فردي، ومرحلة تطلعات اجتماعية أججها الانفتاح الاقتصادى بأنماطه الاستهلاكية. فسافر الجميع من أجل المال أملاً فى تحسين الأوضاع، لكن الأوضاع الاجتماعية انهارت. وقد عشت تلك الفترة فى البحرين، وكانت فرصة للرصد والتأمل، وتبعتها بسفرة تالية إلى قطر، فاكتملت الصورة، ونضجت الرواية فى مخيلتي، وكانت «مذكرات عبده ريال». نتيجة معايشتى شخصيات مصرية حقيقية فى الغربة، ومشروعى الروائى من أول عمل «الخروج من بغداد» يعتمد على شخصيات وأحداث واقعية.

بين قرية «تلوانة» فى الباجور منوفية، والدوحة عاصمة قطر تدور أحداث الرواية، فلأى مدى أثرت التغييرات على القرية وناسها؟

بطل الرواية «عبده ريال» اسمه «عبد الحميد محمد سعد فكّة»، من مدينة الباجور قلب المنوفية، وكان خروجه من قريته شأن خروج أمثاله، تحركه دوافع كامنة، كان أمامه شقيقه عطية الذى سبقه إلى السفر، يعود فى إجازاته محملاً بالهدايا وغيرها من الأشياء التى تثير خيال الفلاحين، وكان هو يتوق لتحقيق ما حققه، خاصة أن عوائد السفر تحولت فى تلك الفترة إلى أراض أو عقارات. وأهل القرى مكشوفون لبعضهم وكلهم يحاولون تقليد بعضهم، لذا كان التأثير كبيرا على القرية والناس.

التيمة المتكررة فى اعمالك هى «البحث عن شيء ما»، مثل البحث عن تفاصيل الزمن الجميل فى رواية «حاول»، والتائه فى «الخروج من بغداد»، والأوراق الرسمية فى «أول القصيدة بسيطة»، والمال فى «عبده ريال»، فما سر انشغالك بهذه الحالة؟

كل منا يبحث عن شيء ما فى الحياة، وشخصيات رواياتى مثل غيرهم، يبحثون عن المفقود، أو المأمول، أو المرتجي، كان جدى رحمه الله يُسبّح قائلاً: «سبحان من أوجد فى كل قلب ما يشغله».

وفى روايتك «الواطي» تعرضت للفساد فى المؤسسات الصحفية، فهل عملك بالصحافة واطلاعك على الخبايا هو الذى ساعدك فى بلورة رؤيتك، أم أن التفاصيل متوافرة والموهبة هى الفيصل؟

الرواية صدرت فى فترة كان الحديث يدور همسًا حول فساد المؤسسات الصحفية، والإتاوات التى كانت تدفع كهدايا لكبار مسئولى الدولة، وتحقيقات مابعد ثورة يناير كشفت المزيد والمزيد، ووقتها ادعى البعض أن رواية «الواطي» محض خيال، أو نوع من التلاسن، لكن ما كشفه جهاز الكسب غير المشروع من حصول المسئولين على عشرات الملايين من المؤسسات الصحفية، وكانوا يدفعون هذه الرشاوى للبقاء فى مواقعهم، لمدد زادت على عشرين عاما.

«الواطي» عنوان صادم، فهل كان ضرورة فنية، أم رغبة فى اجتذاب القراء؟

المشكلة ليست فى العناوين، لكن فى المضامين، وعنوان الرواية جعل السلطات السعودية تمنعها من معرض الرياض فى 2009، لكن أليست هناك عناوين تشبهه، مثل «الأبله» لديستوفكي، و«الغبي» لفتحى غانم، و«البأف» لمحمد مستجاب، و «الجربوع» لمحمد المخزنجي.

هل اشتغالك بالصحافة؛ كان دافعا إيجابيا لإبداعك، أم مثَّل عائقا سلبيا؟

عادة يوجه هذا السؤال لكل من احترف الأدب من الصحفيين، والإجابة واحدة تقريبا، وهى أن العمل بالصحافة له جوانب إيجابية لمن يعمل بالأدب، ويكفى أن أقول إن العمل بالصحافة يقضى على الحالة المزاجية لكتاب الأدب؛ بمعنى أن الصحفى يكتب طوال عمره فى عسره ويسره، عملا يوميا لا يخضع للمزاجية، وبدلاً من ذلك؛ وهناك أدباء لم تعقهم الصحافة بل دفعتهم لمزيد من الإبداع، مثل إحسان عبد القدوس، ويوسف إدريس، وفتحى غانم، وعبد المنعم الصاوى وغيرهم.



السبت ١٨ آب (أغسطس) ٢٠٠٧

بقلم محمد جبريل

هذه هى الرواية الثانية لمحمد غزلان . غالبية

شخصياتها ينتمون إلى العمل نفسه الذى ينتمى إليه كاتب

الرواية ، وهو الصحافة .

يحدد الراوى المشكلة بأنها مجرد نقل أوراق من ملف

حكومى إلى ملف حكومى آخر ، فى حوزة الحكومة ، فى مكان

آخر " . قوام الرواية سعى مواطن / موظف لضم ملف خدمته ،

فيرفع قيمة المعاش إلى حدها الأقصى . متاهات وسراديب

يعرفها المتعاملون مع البيروقراطية الحكومية ، وأساليب

التسويف والابتزاز وفرض الإكراميات .

القضية تناسب تحقيقاً صحفياً ، لكن تزاوج الفنان

والصحفى فى قدرات محمد غزلان الإبداعية ، صنع هذه

الرواية الجميلة الحافلة بالشخصيات والأحداث والمواقف

التى تثير التأمل . وهو ما يستدعى السؤال الذى طالما

يتكرر : هل تمثل الصحافة للأديب دافعاً إيجابياً ، أم

العكس ؟

لعلى أذكرك بقول أرسكين كالدويل : لا أعرف شخصاً

واحداً أضرّ به التمرين على الكتابة من أى نوع . ان

الصحافة ، فضلاً عن أنها تفيد فى التمرين الدائب على

الكتابة ، فإنها تساعد أيضاً على تكوين عادة الكتابة كل

يوم . إن انتظار الوحى عذر قلّما تجده لدى المؤلفين

الذين تمرّسوا بالصحافة .

وحتى الآن ، فإن جارثيا ماركيث يحرص على العمل فى

الصحافة ، ذلك لأن الصحافة ـ فى تقديره ـ تحميه ، وتحرسه

، وتجعله متصلاً بالعالم الحقيقى . كانت الخبرات الصحفية

ـ باعتراف ماركيث ـ وراء العديد من أعماله الروائية ،

مثل قصة غريق ، حكاية موت معلن ، نبأ اختطاف . بل إن

رائعته خريف البطريرك استلهمها من تغطيته لوقائع محاكمة

شعبية لجنرال أمريكى لاتينى اتهم فى جرائم حرب ..

وبالنسبة لى ، فقد تمنيت ـ منذ الصبا ـ أن تقتصر

حياتى على كتابة القصة . لا تشغلنى شواغل أخرى من أى نوع

. لكن الأمنية ظلت فى إطارها لم تجاوزه . فلابد ـ لكى

أكتب ـ أن آكل وأقرأ وأسكن فى شقة ، وأمتلك قلماً وورقاً

، ولابد ـ لتحقيق ذلك كله ـ أن أحصل على مال ، وحتى أحصل

على مال ، فإنه يجب أن أعمل . وكان وقت العمل ـ الذى لم

أحبه دائماً ـ هو المتهم دوماً فى السطو على الوقت الذى

تمنيت أن يكون خالصاً للإبداع .

تبلورت خططى القريبة فى ضرورة أن أظل فى عملى

بالصحافة ، باعتبارها المهنة الأقرب إلى الكتابة الأدبية

، وأن أحصل منها على مورد يتيح لى تلبية احتياجات العيش

، فلا أنشغل بأعمال أخرى تنتسب إلى الكتابة ، لكنها قد

تصرفنى عن القراءة والكتابة.

أعرف أن محمد غزلان مارس فى العمل الصحفى جميع أنواع

الكتابة . كتب الخبر والتحقيق والمقال والترجمة والدراسة

. وهب كل نوع ما يحتاجه من مفردات لغوية وصياغة وتقنية ،

باعتبار القارئ الذى يتجه إليه فيما يكتب . وبالتأكيد ،

فإن قارئ التحقيق الصحفى يختلف عن كاتب المقال الأدبى ،

واللغة القصصية تختلف عن لغة الصحافة . أتاحت الصحافة

لمحمد غزلان ـ فى الوقت نفسه ـ مجالات ربما لم يكن

يستطيع أن يقترب منها فى الوظيفة العادية . سافر إلى مدن

وقرى داخل مصر وخارجها ، والتقى بشخصيات تمتد من قاعدة

الهرم الاجتماعى إلى قمته ، وبثقافات متباينة .

هذا ما حدث . يرويه الفنان بأسلوب أقرب إلى الخاطرة

الصحفية ، أو التحقيق الصحفى ، أو ـ عندما نضعه فى إطار

الفن الروائى [ يستحقه بجدارة ! ] أقرب إلى الفض عما

بالنفس ، إلى الفضفضة والحكى ، والتحدث إلى القارئ

باعتباره صديقاً . ربما لجأ إلى ملاحظات شخصية ،

وتعليقات ، وكلمات عابرة بين السطور ، أو فى نهاياتها .

إنها رأيه الشخصى ، لا يشغله موافقتك على ما قال ، أو

اختلافك عنه .

الفنان ـ من خلال رصده للتصرفات الظاهرة ـ يبين عن

دخائل النفس الإنسانية ، معاناتها ، وكيفية مواجهتها

لقوى السلب فى المجتمع ، أو تماهيها ـ فى المقابل ـ مع

تلك القوى .

الرواية إدانة للحكومية المصرية : الرشوة ،

المحسوبية ، الوساطة ، وغيرها مما تحفل به من عوامل

الفساد والإفساد . الراوى لا يقف عن الآنى ، عند اللحظة

المعاشة ، لكنه يستعيد ذكرياته فى الجهاز الحكومى ، منذ

عشرين عاماً ، ومن خلال العديد من الموظفين الذين تختلف

سحنهم وتصرفاتهم ونفسياتهم ، لكنهم يضيفون إلى تكوينات

اللوحة ، وألوانها ، وظلالها ، بما يساعد على اكتمالها .

يضيف إلى صدق الصورة تشابك الفن السردى بالسيرة الذاتية

، فالاستقالة من التربية والتعليم ، وتزكية الاستقالة

بحكم قضائى من المستشار عبد المجيد بيومى مدكور نائب

رئيس مجلس الدولة ، ورئيس مجلس القضاء الإدارى [ أورد

الفنان اسم المستشار كاملاً ، كما أورد النص الكامل لحكم

محكمة القضاء الإدارى ] ، ثم العمل فى الصحافة .. ذلك

كله مما يصح نسبته إلى السيرة الذاتية ، لكن الفنان أجاد

التضفير ، فلا يعنيك ما ينتسب إلى الذات ، بقدر ما هو

إبداع فنى : الحكى المتسم بالعفوية ، التقاط الجزئيات

والمنمنمات ، العناية بالألوان والظلال والعمق ، إهمال

التوشية والعبارات الكليشيهية والمعانى المطروقة .

وتميل الرواية ـ فى مواضع كثيرة ـ إلى تداعى

الذكريات ، أو استدعائها ، تشمل شخصيات وأحداثاً فى حياة

الراوى ، وفى حياة المجتمع المصرى ، قريبة وبعيدة ،

مظهرها الأهم ما تبين عنه من سلبية .

منذ توعد بطل رواية " الأب جوريو " لبلزاك باريس

بتدميرها ، وشخصية الحاقد على المجتمع الذى تتوزع حياته

إلى مسارب مختلفة ، قد تكون الانتهازية أو الوصولية أو

فعل الشر بعامة ( مترادفات لشخصيات متقاربة ) ، هذه

الشخصية تطالعنا ـ على نحو أو آخر ـ فى الأعمال

الإبداعية . المثل فى أدبنا العربى نجده فى شخصية محجوب

الدايم ( القاهرة الجديدة ) الذى توعد القاهرة ما لم

تحكم بين أبنائها بالعدل ، وحسنين كامل على ( بداية

ونهاية ) الذى أسهمت رغبته فى الوصول فى تحطم أسرته ،

ويوسف عبد الحميد السويفى ( الرجل الذى فقد ظله ) وسعيه

للتخلص من كل ما يعوقه للوصول إلى هدفه . إنها شخصيات

تتفق فى الهدف الذى تسعى إليه ، وإن اختلفت فى الملامح

الظاهرة ، والباطنة ، وفى التصرفات .

" سيد أذى " فى رواية محمد غزلان يحمل نفسية مشابهة

لنفسيات الشخصيات الانتهازية فى الرواية المصرية ، وإن

اختلفت ظروفه الوظيفية . إنه امتداد لهذه الشخصية

المحورية فى العديد من الأعمال الأدبية المصرية . نستطيع

أن نتعرف إلى ملامح منها ، واضحة وشاحبة ، تعكس تطورات

حياتنا السياسية والاجتماعية ، ومدى غلبة الفساد عليها ،

وانحساره عنها . تذكرنا بالخط البيانى الذى يعكس صعوده

وتدنيه بعض الحقائق العلمية ، والتنبؤات .

على الرغم من اختلاف المعنى بين كلمتى " بسيطة " و "

طظ " فإن كلمة هانى الكفراوى تستدعى إلى الذاكرة كلمة

محجوب عبد الدايم . محجوب دفعته ظروفه ونفسيته المدمرة

إلى فعل الشر . أما هانى الكفراوى فهو يتيح ـ بسلبيته ـ

لفعل الشر أن يتحقق . وعلى سبيل المثال ، فإن دفع بعض

المال ضرورة ليس من قبيل الرشوة ، لكنه ـ على حد تعبيره

ـ ثمن الدخان !

من الصعب أن ننسب تصرفات هانى الكفراوى إلى فعل

الفساد ، لكنه يسهم فى ذلك الفعل بسلبية عقيمة ، توافق

على المقابل الحرام ، والتخاذل ، والصمت عن الرشوة ،

والابتزاز ، وكلمة السر ، والحصول على ما هو غير حق : "

حياته الشخصية لا يعرف عنها أحد شيئاً ، وملامحه الجادة

لا تشجع حتى أقرب زملائه إلى الحديث معه ، أو الخوض فى

أمور شخصية .. سيماء الفلاسفة وسمت المفكرين ترتسم على

ملامحه .. يوزع الابتسامات والسجائر ويخلد إلى عمله .

يفخر بأنه قضى حياته الوظيفية دون خصم بواحد من راتبه ،

كما أنه لم يكافأ أيضاً ، ولم يحصل على علاوة استثنائية

أو علاوة امتياز رغم تميزه . لم يتباه بأصل أو نسب أو

أقارب له يشغلون مناصب مرموقة كما يفعل البعض ، ولا

يتقرب من رئيس ، إلا أنه ينصح صغار المحررين بعدم

الابتعاد عن رؤسائهم " !.

المكان فى رواية محمد غزلان له رائحة ، تحققت

بالحركة وليس بالرصد الساكن . عاب أندريه مايكل على

المكان فى ثلاثية أستاذنا نجيب محفوظ أنه مجرد تسميات .

ثمة النحاسين وبيت القاضى والسكرية وبين القصرين وغيرها

، دون مؤشرات من حياة الناس ، تشى بحياة المكان نفسه .

التسميات فى هذه الرواية تكتسب لحماً وعظماً ودماً ،

وتكتسب رائحة ، من خلال حركة الحياة فى تناول الفنان .

إنه يتيح العفوية ، والعين بالتالى ، لوصف الملامح

والقسمات والأجواء التى تهبنا بانورامية المكان بما تكاد

تلامسه أيدينا ، وتتشممه أنوفنا . أشير إلى تنقل الراوى

ـ بصحبة هانى الكفراوى ـ بين الشوارع المحيطة بمبنى

التأمينات الاجتماعية ، وما يشغى به المبنى الضخم من

ظواهر تبين عن البيروقراطية المصرية فى أسوأ تجلياتها .

أكاد أتخيل الفنان ، وقد جعل من عينيه عدسة تلتقط كل

ما تصادفه ، لكنه لا ينسخ إلا ما يضيف إلى تكوينات

اللوحة الروائية . بانوراما متكاملة من حركة الطريق ،

وقعدات المقاهى ، وبطالة الشباب ، والمشكلات الأسرية ،

وقاعات التحرير بدور الصحف ، وبطاقة التموين ، وختم

النسر ، وزحام مترو الأنفاق ، والمدارس الحكومية ، وقطار

الصعيد ، والحياة القاسية فى مدن الجنوب ، والتمسح

بالدين ، ومكاتب الاستشارات التى يعد تقديم الرشاوى ـ

لكبار الموظفين وصغارهم ـ عملها الحقيقى ، والتخلف

التكنولوجى ؛ مثله صعوبة التعامل مع جهاز الكومبيوتر ،

حتى بالنسبة للجهات التى يعد الكومبيوتر فى صميم أنشطتها

. حتى محطات البنزين يشير الفنان إلى الأوضاع القاسية

التى يعانيها عمالها .. ملامح وممارسات متباينة ، تصنع ـ

فى مجموعها ـ مشهد الحياة الاجتماعية المصرية .

إذا بقيت لى ملاحظة على هذا الرواية الجميلة ، فهى

مؤاخذة محمد غزلان ـ لا يحضرنى تعبير آخر ـ لأنه حجب ـ

بلا ضرورة مقنعة ـ موهبة حقيقية ، وكبلها عن الانطلاق فى

آفاق واعد.

نشر في: الثلاثاء 9 أغسطس 2016 - 7:56 م | آخر تحديث: الثلاثاء 9 أغسطس 2016 - 7:56 م

قال الكاتب الصحفى محمد غزلان: إن الهجمة الشرسة التى وجهتها وسائل الإعلام المغربى لجمهورية مصر العربية فى يوليو 2014، كانت أحد الدوافع التى حمسته للسفر للجمهورية الصحراوية، وأضاف غزلان خلال مناقشة روايته الجديدة بنادى القصة، أن شغفه بمعرفة حقيقة الأوضاع الموجودة داخل هذه المنطقة، جاء بعد الرحلة التى قام بها صحفيون مصريون داخل مخيمات الجمهورية الصحراوية وإصدارهم لكتاب «الصحراء بعيون مصرية»، الذى أثار جدلاً كبيراً.

وروى غزلان العديد من المواقف التى قابلته داخل الجمهورية الصحراوية، مشيرًا إلى بعض الصفات التى تميز أهلها، حيث السريرة السليمة والنوايا الحسنة، والمرأة التى تلعب دورا قياديا داخل البلد.

وخلال الندوة التى أدارتها الكاتبة زينب العسال، وناقشها كل من الكاتب المستشار عمر الشال والمهندس محمد مجدى بحضور العديد من المثقفين، أشاد المستشار عمر الشال بطريقة سرد الرواية، حيث الوصف التفصيلى الذى يشوق القارئ، وقال الشال: إن القصة كلماتها محمولة على كاميرا تصور الواقع تصويرًا دقيقاً إلا أنه كان يتمنى أن ينسب اسم القصة إلى صاحبها، على أن تكون مثلا«غزلان فى الصحراء»، معتبرًا أن ذلك كان سيمنح عنوانها حظًا أوفر من الإثارة والتشويق.

فيما قال المهندس محمد مجدى: إن الكاتب يتمتع بمواهب شخصية فريدة فهو يجمع بين صفة الأديب الذى يتمتع بالقدرة الكتابية العالية وصفة الصحفى المناور الباحث بينهم. لافتًا إلى أن هذا الشكل الأدبى يعد شكلاً إبداعيًا جديدًا، وأشعل قضية مهمة للغاية.

مراجع

https://ghozlan.wordpress.com/