سليمان باشا الصغير

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

سليمان باشا الصغير سياسي عثماني من مماليك العراق أصبح والياً على بغداد من سنة (1222 ه‍/1807م) إلى (1225 ه‍/1810 م) خلفاً لخاله المقتول الداماد علي باشا الكتخدا. وقد خلفه عبد الله آغا التوتونجي الخزنة دار السابق[1] على بغداد.

لمحة تاريخية

ان الوزير سليمان باشا الصغير كان من قلائل الوزراء الأخيار الذين راعوا حقوق الأفراد وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، واصلحوا حالة المجتمع...إلا ان سلطة الحكومة لم تناصره، بل لا تريد مساعدته في مشروع يفسد عليها إدارتها ويكون قدوة مثلى، وانما بذلت الجهود للقضاء عليه وإحباط مساعيه، لا سيما بعد ان عرفت أنه حاول إصلاح القضاء، والسلوك الديني المرضي اتباعاً للسلف الصالح، والطريقة المثلى. كانت مدة وزارته بانضمام أيام القائممقامية ثلاث سنوات وشهرين وخمسة وعشرين يوماً. وعمره نحو خمس وعشرين سنة. وهو في حد ذاته صاحب مروءة، ولا يميل إلى الظلم والتعدي، وهو بشوش ومتواضع، رقيق القلب، رؤوف وحليم. وكان وقاد الذهن ذكياً، شجاعاً وجلداً، ومقبولاً من الكل.

أعماله

ولما تولى الوزارة كانت أعماله حسنة مع أهل بغداد، وقد منع قضاة أعماله من أخذ العشور، ورتب لهم مالاً معلوماً من بيت المال. وحظي عنده الشيخ علي بن محمد السويدي العالي الإسناد...قال: بعد ان أثني عليه: وسمعته يقول إنه عباسي النسب فهو على ما قال من أشرف العرب. وقال بعد قتله: فمذ قَتَلَه الدفاعي، وأخبر بموته الناعي، كثر عليه الأسف، وذرف عليه كل طرف..فأغصان الفضل بموته ذوابل، وأجفان الفضل عليه هواطل، وأقمار العدل اذ أفل أوافل...فهو أبطل الكثير من العوائد الذميمة، فقد منع القضاة مما يوبقهم في النار. أنه في حد ذاته ذو أخلاق حسنة، وعدل، فقد ألغى رسم التحصيلية، وخدمة المباشرية، والمصادرات، وضبط المخلفات وأمثال ذلك من الرسوم القديمة والحادثة، ومنع كافة العقوبات ما عدا الإعدام. وكذا أزال السرقة، وقطع الطريق وما شاكل من الحالات الفجيعة. وبذلك زال العناء من الناس... إلا أنه نظراً لحداثة سنه لم ينظر بعيداً في بعض الأمور يضاف إلى ذلك إلقاءات بعض قرنائه فسقط في حب دعوى التفرد. فتوالت المصائب عليه، لحد أن حالت محمد سعيد أفندي المشهور، وكان يخطط للقضاء على المماليك وحكمهم، وهو من دهاة عصره ومن يعد في مقدمتهم اتخذ معه تدابير حكيمة فاخرج بغداد من قبضته وقضى عليه، ولم يبلغ حدود الثلاثين من عمره...قد حارب اليزيدية، وعشيرة الظفير وانه رجع مخذولاً في حربهما. وان حركته هذه بفيلق عظيم تجاوز حدود إيالته إلى إيالات أخرى، مما أغضب وكلاء الدولة لا سيما أنه لم يقم بما تعهد به من بدل مخلفات (أموال) سليمان باشا وعلي باشا، فأهمل الأداء ما عليه من الأموال.

المعركة الأخيرة

فأرسلت الدولة حالت أفندي الرئيس السابق للمطالبة، فوصل إلى بغداد فلم تؤثر بالوزير أقواله فعاد إلى الموصل، فمكث فيها ثم كتب إلى عبد الرحمن باشا. وهذا جاءه بجيش يتجاوز العشرة آلاف بين خيالة ومشاة وجلب معه (عبد الله آغا) الخازن وكان في السليمانية، وهذا من عتقاء سليمان باشا الكبير، وله حق السبق بالنظر لأقرانه. فنصبه حالت أفندي قائممقاماً وتوجه إلى بغداد وصار الجيش في أطرافها وحواليها، فحدثت معركة بين جيش الوزير وجيش حالت أفندي فكانت وبيلة جداً، ولم يدخر أحد منهما وسعاً. وأن عبد الرحمن باشا إنسحب إلى جانب وظهرت بوادر النجاح لسليمان باشا ولكن جيشه تفرق عنه بلا سبب ليلاً مما ولد حيرة وعلى هذا سار ومعه 15 من أغوات الداخل فعبر نهر ديالى.

مقتله

وحينئذ خرج خائفاً وضرب في البادية هائماً بيأس وحرمان ومضى لجهة ديالى وغرضه الذهاب إلى شيخ المنتفق حمود الثامر، فعبر إلى الجانب الشرقي من نهر ديالى ووصل إلى (عشيرة الدفافعة). فرأت الفرصة سانحة للحصول على السمعة فقتلوا الوزير سليمان باشا وقطعوا رأسه فجاؤوا به إلى عبد الرحمن باشا. ولم يفعل من العرب فعلة هذه العشيرة، وأن القاتل (علي الشعيب من البونجاد). وورد رأسه المقطوع إلى إسطنبول في يوم الخميس 10 شوال 1225 ه‍،[2] الموافق 7 نوفمبر/ تشرين ثاني 1810 م.[3]وتذكر بعض المصادر انه قتل على يد الدفافعة، [4]وهم من شمر طوقة.[5] ثم تولى من بعده عبد الله آغا الخزنة دار السابق،[6] ولاية بغداد.[7] ويسمى في بعض المراجع عبد الله باشا التوتونجي (التوتنجي).

المصادر

  1. ^ موقع أرشيف_رسول حاوي الكركولي_دوحة الوزراء
  2. ^ عباس العزاوي، موسوعة تاريخ العراق بين إحتلالين، الدار العربية للموسوعات، بيروت، ط1، 2004م، ج6، ص231-232.
  3. ^ برنامج تحويل التاريخ نسخة محفوظة 2022-01-02 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ صبغة الله الحيدري، عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد، ص91.
  5. ^ خالد عبد المنعم العاني، آل جربا ومشاهير قبيلة شمر في الجزيرة العربية، الدار العربية للموسوعات، بيروت، ط1، 2004م، ص101.
  6. ^ رسول حاوي الكركولي، المصدر السابق، ص251.
  7. ^ عباس العزاوي، المصدر السابق، ج6، ص210-236.