حرب التحالف الخامس

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حرب التحالف الخامس
جزء من الحروب النابليونية، وحروب التحالف
لوحة فنية لنابليون في واجرام، رسم هوراس فيرنيه
معلومات عامة
التاريخ 10 أبريل – 14 أكتوبر 1809
الموقع هولندا، إيطاليا، وأوروبا الوسطى
النتيجة أبرز نتائج الحرب: انتصار فرنسا، توقيع معاهدة شونبرون
استمرار القتال في شبه الجزيرة الأيبيرية
استئناف القتال العام في أرجاء أوروپا عام 1812 مع الغزو الفرنسي لروسيا وامتداده عام 1813 بتشكيل التحالف السادس ضد فرنسا
تغييرات
حدودية
الامبراطورية الفرنسية تضم المقاطعات الإليرية
بافاريا تضم تيرول وزالتسبورغ
غاليسيا الغربية تم دمجها في دوقية وارسو
الامبراطورية الروسية تضم ترنوبل
المتحاربون
التحالف الخامس:

 النمسا

 المملكة المتحدة
 إسبانيا
مملكة الصقليتين صقلية
 مملكة سردينيا
البرنزويكيون السود

الامبراطورية الفرنسية
القادة
القوة
الإمبراطورية النمساوية 340,000 نمساوي،[1]

المملكة المتحدة 85,000 بريطاني،[2]

275,000 [3]
الخسائر
100,000+ 90,000+
ملاحظات
أ في تمرد ضد بافاريا.

حرب التحالف الخامس (بالإنجليزية: War of the Fifth Coalition)‏، هي حرب اندلعت عام 1809، بين تحالف يضم مجموعة من الدول أبرزها الامبراطورية النمساوية، والمملكة المتحدة ضد الامبراطورية الفرنسية والدول التابعة لها وحلفائها بقيادة نابليون الأول. وقعت الاشتباكات الرئيسية بين فرنسا والنمسا، المساهمين الرئيسيين في الحرب، وانتشرت الحرب في جزء كبير بأوروبا الوسطى من شهر أبريل حتى شهر يوليو، ونتج عنها أعداد كبيرة جداً من الضحايا. أرسلت المملكة المتحدة، التي كانت قد اشتركت بالفعل في النزاعات الأوروبية أبرزها حرب شبه الجزيرة، حملة جديدة إسمها حملة ولاخيا، إلى هولندا لتخفيف الضغط على النمساويين، على الرغم من أن هذا الجهد لم يكن لها تأثير يذكر على نتائج الصراع. بعد الكثير من الحملات في بافاريا وعبور وادي الدانوب الدامي خِلال مَعْرَكة أسبِيرنْ-إيسِلينج ، انتهت الحرب لصالح الفرنسيين بعد صراع دموي في معركة فاغرام في أوائل شهر يوليو.

كانت معاهدة شونبرون الناتجة عن الحرب أقصى ما فرضته الامبراطورية الفرنسية على الامبراطورية النمساوية في الذاكرة الحديثة. كان الهدف الأساسي للنمساويان كليمنس مترنيش والأرشدوق شارل الحفاظ على امبراطورية هابسبورغ لهما، وتحقيقاً لهذا الهدف نجح الأخيران في جعل نابليون الأول يسعى لأهداف أكثر تواضعاً مقابل وعود بالسلام والصداقة الفرنسية النمساوية.[4] ومع ذلك، فبينما ظلت معظم الأراضي جزءاً من أراضي إمبراطورية هابسبورغ، إلا أن الامبراطورية الفرنسية حصلت على كارينثيا، وكارنيولا، والموانئ الأدرياتية، بينما مُنحت غاليسيا إلى البولنديين ومنطقة زالتسبورغ في التيرول ذهبت إلى البافاريين.[4] فقدت النمسا أكثر من ثلاثة ملايين تابع، حوالي ثلثي إجمالي سكانها،[5] نتيجة لتبادل الأراضي.

وعلى الرغم من انتهاء حرب التحالف الخامس، ظلت المملكة المتحدة، وإسبانيا والبرتغال في حالة حرب ضد الامبراطورية الفرنسية في شبه الجزيرة الأيبيرية. كما عم السلام في أوروبا الوسطى والشرقية حتى غزا نابليون الأول الامبراطورية الروسية في عام 1812، مما أدى إلى تشكيل التحالف السادس في عام 1813.

خلفية

تورطت أوروبا في الحرب عام 1809، مما وضع فرنسا الثورية ضد سلسلة من التحالفات في حروب التحالف بشكل مستمر منذ عام 1792. أعقب معاهدة أميان المبرمة في مارس عام 1802 سلامًا قصيرًا قبل تدهور العلاقات البريطانية الفرنسية، مما أدى إلى حرب التحالف الثالث في مايو من عام 1803.[6] انضمت السويد إلى بريطانيا في تحالفها عام 1804 وروسيا والنمسا عام 1805.[7][8] غزا الجيش الكبير الفرنسي في أغسطس من عام ،1805 ألمانيا بقوة بلغت 200.000 رجل، على أمل هزيمة النمسا قبل أن تتدخل القوات الروسية.[9][10] نجح الإمبراطور الفرنسي نابليون في تحريك جيشه إلى الخلف النمساوي وهزمهم في معركة أولم، التي دارت رحاها في الفترة بين 15 وحتى 20 أكتوبر.[10] استُولي على العاصمة النمساوية فيينا وهُزم الجيش الروسي النمساوي بشكل حاسم في 2 ديسمبر في معركة أوسترليتز.[11][12] انتهى صلح برسبورغ الذي وُقع بعد ذلك بفترة بمشاركة نمسا في الحرب.[13]

تسبب معركة أوسترليتز بتحول كبير في ميزان القوى الأوروبي. شعرت بروسيا بأنها مهددة في المنطقة، فأعلنت الحرب ضد فرنسا إلى جانب روسيا في حرب التحالف الرابع عام 1806.[14] بعد الانتصارات الفرنسية في معركة يينا ومعركة أورشتات في 14 أكتوبر، احتلت فرنسا العاصمة البروسية برلين.[15] غزت فرنسا بولندا في نوفمبر، إذ تمركزت القوات الروسية واحتلت وارسو.[16] تحاربت الجيوش الروسية والفرنسية في فبراير من عام 1807، في معركة آيلاو العنيفة وغير الحاسمة.[17] بلغ الحراك ذروته في بولندا في 14 يونيو من عام 1807 عندما هزم الفرنسيون الروس في معركة فريدلند.[18] جعلت معاهدات تيليست في يوليو، من فرنسا قوة مهيمنة في أوروبا الغربية، مع العديد من الدول العميلة مثل دوقية وارسو.[19]

حرب شبه الجزيرة

حاولت فرنسا في عام 1807 إجبار البرتغال الانضمام إلى النظام القاري، وهو حظر تجاري ضد بريطانيا.[20][21] عندما رفض الأمير البرتغالي جواو الانضمام، أرسل نابليون الجنرال جونو لغزو البرتغال في عام 1807، مما أدى إلى حرب شبه الجزيرة التي استمرت 6 سنوات. أضعفت الحرب جيش الإمبراطورية الفرنسية، لا سيما بعد أن تمردت القوات الاسبانية والمدنيين ضد فرنسا[22] بعد إطاحة نابليون بالملك الاسباني.[23] بعد الهزيمة الفرنسية في معركة بايلن، تولى نابليون قيادة القوات الفرنسية، وهزم الجيوش الاسبانية قبل أن يعود إلى فرنسا.[24][25] قاد جان دو ديو سول البريطانيين من اسبانيا في معركة كورونا في يناير من عام 1809.[25]

سيطرت المملكة الاسبانية العميلة لفرنسا في بداية عام 1809، التي حكمها جوزيف بونابرت شقيق نابليون، على جزء كبير من اسبانيا وشمال البرتغال.[26] شنت القوات البريطانية والبرتغالية بقيادة آرثر ويلسلي هجمات جديدة منذ ربيع عام 1809. واصلت الجيوش النظامية الاسبانية بما في ذلك تلك التي يقودها الجنرالان ميغيل ريكاردو دي ألافا وخواكين بليك، القتال ونشاط العصابات في الريف مما جعل العمليات الفرنسية خطرة.[27][28] ظل هناك وجود فرنسي كبير يصل عدده إلى 250000 مقاتل في يونيو من عام 1809، في شبه الجزيرة على مدى فترة حرب التحالف الخامس.[29]

أقنع الاحتلال النابليوني لحليفة فرنسا اسبانيا، الكثيرين في النمسا أن نابليون لا يمكن الوثوق به، وان إعلان الحرب هي الطريقة الوحيدة لمنعه من تدمير ملكية هابسبورغ. ألهم الفدائيون الاسبان المقاومة الشعبية ضد نابليون، وامل النمساويون أن الانشغال الفرنسي باسبانيا سيجعل من السهل هزيمة فرنسا.[30]

خطط نمسا للحرب

بعد هزيمة النمسا في الحرب عام 1805، أمضت الدولة ثلاث سنوات لإصلاح جيشها.[31][32] بتشجيع من الأحداث في اسبانيا، سعت النمسا إلى مواجهة أخرى مع فرنسا للانتقام لهزائمها واستعادة الأراضي المفقودة والسلطة.[33][34] افتقرت النمسا إلى الحلفاء في أوروبا الوسطى، وعقدت روسيا، حليفها الرئيسي في عام 1805، السلام مع نابليون في تيلسيت ودخلت في حروب مع حلفاء سابقين مثل بريطانيا في الحرب الإنجليزية الروسية (1807-1812)، والسويد في الحرب الفنلندية والدولة العثمانية في الحرب الروسية التركية (1806-1812).[34] حصل الوزير النمساوي يوهان فيليب باساديون في أوائل عام 1809، على موافقة القيصر الروسي ألكسندر الأول على أن يتحرك الروس ببطء و«تجنب كل تصادم وكل عمل عدائي» خلال أي تقدم إلى النمسا.[35] في الوقت نفسه، نصح الوزير الفرنسي شارل موريس تاليران الإسكندر سرًا بمقاومة فرنسا.[33]  خلال حرب التحالف الخامس، ظلت روسيا محايدة على الرغم من أنها حليفة فرنسا.[36]

كانت النمسا تأمل أن تساعدها بروسيا في الحرب مع فرنسا ولكن عملاء فرنسيين اعترضوا رسالة من الوزير البارون فون شتاين، يناقش فيها المفاوضات ونُشرت في الجريدة الرسمية لو مونيتور أونيفرسيل في 8 سيبتمبر.[37] صادر نابليون مقتنيات شتاين في وستفاليا وضغط على فريديرك لطرده، ففر شتاين إلى المنفى في النمسا.[37] في نفس اليوم الذي اكتُشف فيه شتاين، وافقت اتفاقية باريس على جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من بروسيا، حيث كانت الحاميات الفرنسية موجودة منذ نهاية حرب التحالف الرابع. كان الانسحاب مرهونًا بدفع تعويضات ثقيلة بلغ مجموعها 140 مليون فرنك على مدى 30 شهرًا. كان الجيش البروسي محدود الحجم فقد وصل عدده إلى 42000 رجل، أي سدس مجموعه ما قبل الحرب. قيدت الاتفاقية بشدة قدرة الدولة البروسية على شن الحرب.[34][38] على الرغم من هذه النكسة، أمل ستاديون أن تغير بروسيا رأيها، وأن يؤدي التقدم النمساوي إلى اتحاد الراين الذي تسيطر عليه فرنسا في ألمانيا إلى انتفاضات شعبية من شأنها أن تشتت الفرنسيين.[39]

سحبت فرنسا 108000 جندي من ألمانيا، أي أكثر من نصف قوتها هناك، لتعزيز الجيوش الفرنسية في اسبانيا في أكتوبر من عام 1808. دعم هذا ستاديون المؤيد للحرب والذي كان فصيل في المحكمة النمساوية. استدعى ستاديون سفيره كليمنس فون مترنيش في باريس لإقناع الآخرين بدعم خطته وبحلول ديسمبر من عام 1808، أقنع الإمبراطور فرانسيس الأول بدعم الحرب.[39] كان دعم فرانسيس مبدئيًا واتخذ قرار المضي في اجتماع 8 فبراير من عام 1809 الذي ضم كلًا من الإمبراطور والأرشيدوق كارل وستاديون. إن الوضع المالي الرديء الذي تعيشه الإمبراطورية (إذ لم يكن بوسعها سوى الإبقاء على جيشها على أرض الوطن حتى أواخر الربيع) سببًا في إلحاح القرار. اعترض شارل على احتمالات النجاح ولكنه قبل قرار فرانسيس بالاستعداد للحرب وحشد الجيش.[40][41]

طلبت النمسا وبروسيا أن تمول بريطانيا حملاتها العسكرية وطلبت بعثة عسكرية بريطانية إلى ألمانيا. قدمت الخزانة البريطانية في أبريل من عام 1809، 20 ألف جنيه إسترليني كقرض لبروسيا، ووعدتها بأموال إضافية إذا بدأت بروسيا القتال مع فرنسا. تلقت النمسا 250000 جنيه إسترليني من الفضة، مع 1 مليون جنيه إسترليني كوعد للنفقات المستقبلية. رفضت بريطانيا إرسال قوات إلى ألمانيا لكنها وعدت برحلة استكشافية إلى البلدان المنخفضة وتجديد حملتها في اسبانيا.[42] بعد أن قررت بروسيا ضد الحرب، تألف التحالف الخامس رسميًا من النمسا وبريطانيا والبرتغال واسبانيا وصقلية وسردينيا، على الرغم من أن النمسا شكلت غالبية الجهود القتالية.[42][43]

مراجع

  1. ^ Chandler p. 673. Austria sent about 100,000 troops to attack Italy, 40,000 to protect غاليسيا (أوروبا الوسطى), and held 200,000 men and 500 guns, organized into six line and two reserve corps, around the دانوب for the main operations.
  2. ^ The British Expeditionary Force to Walcheren: 1809 The Napoleon Series, Retrieved 5 September 2006. نسخة محفوظة 08 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ David G. Chandler, The Campaigns of Napoleon. p. 670.
  4. ^ أ ب Todd Fisher & Gregory Fremont-Barnes, The Napoleonic Wars: The Rise and Fall of an Empire. p. 144.
  5. ^ David G. Chandler, The Campaigns of Napoleon. p. 732.
  6. ^ Chandler 1995، صفحة 304
  7. ^ Chandler 1995، صفحة 328 The Baltic was dominated by Russia, a situation with which Britain was uncomfortable as the region provided valuable commodities like timber, tar, and hemp, crucial supplies to Britain's Empire. Additionally, Britain supported the Ottoman Empire against Russian incursions towards the Mediterranean. Meanwhile, French territorial rearrangements in Germany occurred without Russian consultation and Napoleon's annexations in the Po valley increasingly strained relations between the two.
  8. ^ Chandler 1995، صفحة 331
  9. ^ Brooks 2000، صفحة 108
  10. ^ أ ب Uffindell 2003، صفحة 15
  11. ^ Schneid 2005، صفحة 131
  12. ^ Schneid 2005، صفحات 137–140
  13. ^ Schneid 2005، صفحة 141
  14. ^ Chandler 1995، صفحة 469
  15. ^ Mikaberidze 2020، صفحة 221
  16. ^ Mikaberidze 2020، صفحة 222
  17. ^ Mikaberidze 2020، صفحات 223–224
  18. ^ Mikaberidze 2020، صفحة 225
  19. ^ Mikaberidze 2020، صفحات 225–226
  20. ^ Mikaberidze 2020، صفحات 246–247
  21. ^ Fisher & Fremont-Barnes 2004، صفحة 197
  22. ^ Fisher & Fremont-Barnes 2004، صفحات 198–199
  23. ^ Esdaile 2003، صفحات 34–35
  24. ^ Fisher & Fremont-Barnes 2004، صفحة 205
  25. ^ أ ب Buttery 2016، صفحة 26
  26. ^ Pagnet 2005، صفحة 26.
  27. ^ Bruce 2008، صفحة 60.
  28. ^ Pagnet 2005، صفحات 26–30.
  29. ^ Muir 2013، صفحة 290.
  30. ^ Mikaberidze 2020، صفحة 307.
  31. ^ Englund 2004، صفحة 345.
  32. ^ Esdaile 2002، صفحات 52–53.
  33. ^ أ ب Englund 2004، صفحة 344.
  34. ^ أ ب ت Markham 2010، صفحة 179.
  35. ^ Gill 2008a، صفحة 32.
  36. ^ Mitchell 2018، صفحة 217.
  37. ^ أ ب Mowat 1971، صفحة 233.
  38. ^ Hagemann 2006، صفحات 588–589.
  39. ^ أ ب Gill 2020، صفحات 29–30.
  40. ^ Gill 2008a، صفحات 35–36.
  41. ^ Gill 2020، صفحة 31.
  42. ^ أ ب Mikaberidze 2020، صفحة 309
  43. ^ Lachouque 1961، صفحة 510

المصادر

  • Brooks, Richard (editor). Atlas of World Military History. London: هاربر كولنز, 2000. ISBN 0-7607-2025-8
  • ديفيد جي. شاندلير The Campaigns of Napoleon. New York: Simon & Schuster, 1995. ISBN 0-02-523660-1
  • Fisher, Todd & Fremont-Barnes, Gregory. The Napoleonic Wars: The Rise and Fall of an Empire. Oxford: Osprey Publishing Ltd., 2004. ISBN 1-84176-831-6
  • Mikaberidze، Alexander (2011). "Non-Belligerent Belligerent Russia and the Franco-Austrian War of 1809". Napoleonica. La Revue. ج. 1 ع. 10: 4–22. مؤرشف من الأصل في 2018-10-13. اطلع عليه بتاريخ 2013-10-21.
  • Petre, F. Loraine ‏. Napoleon and the Archduke Charles, Kessinger Publishing (2003). ISBN 0-7661-7385-2
  • Uffindell, Andrew (2003). Great Generals of the Napoleonic Wars. Spellmount Ltd. ISBN:1-86227-177-1.

وصلات خارجية