جابر بن عبد الله الصباح

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
صاحب السمو الشيخ
جابر بن عبد الله الصباح
أمير دولة الكويت الثالث
معلومات شخصية

الشيخ جابر بن عبد الله الصباح (1770 - 1859)، حاكم الكويت الثالث. تولى الحكم بعد وفاه أبيه الشيخ عبد الله بن صباح بن جابر الصباح وكانت فترة حكمه الأطول بتاريخ الكويت إذ إنه حكم ما يقارب الخمس والأربعين عامًا من 1814 إلى 1859.[1] وقد شاركه ابنه صباح في إدارة البلد في العشرين عامًا الأخيرة من حكمه.[2]

بدأت في عهده أحداث إقليمية ودولية مهمة، فسعت بريطانيا بالتدخل المباشر في شؤون المنطقة، فحاربت القرصنة في الخليج العربي التي هددت تجارتها الدولية منذ سنة 1805م، ثم قامت بتهديد جيوش محمد علي باشا بعد اقترابها من سواحل الخليج سنة 1838م. وكذلك زالت في عهده الدولة السعودية الأولى والحركة الوهابية بعد تدخل الجيش المصري سنة 1818م، وقام أيضا بمساهمات عسكرية في العراق العثماني بعد أن طلب الولاة العثمانيون منه ذلك، وإقراره بتبعيته للدولة العثمانية ودفعه الجزية السنوية مع تلقيه الخلعة العثمانية تقديرًا لخدماته لها.[3]

البداية وصفاته

بعد وفاة أبيه الشيخ عبد الله كان جابر في تلك الآونة موجودًا في البحرين مغاضبا له، فولّى الكويتيون محمد السلمان حاكمًا عليهم إلى حين وصول جابر إلى الكويت. ولما وصل الكويت تسلّم زمام الحكم سنة 1814م.[4] وكان قوي الإرادة بعيد النظر شجاعًا باسلًا حسن العقيدة، وكان أيضًا إلى جانب كبير من السخاء حتى أن الكويتيين أطلقوا عليه اسم جابر العيش (العيش باللهجة الكويتية يعني الرز) وذلك لأنه كان يأمر بفرش الحصير في الأسواق العامة ويلقي عيها الرز واللحم ويدعو الجميع للأكل، وكان يقوم بكل ذلك رغم قله موارده المالية.[5] وقد مدحه الشيخ بندر السعدون بعدما ضعف الود بينهما، فأراد إزالة ما حصل وإحكام رابطة الأخوة، وذلك عندما جاءه رجلان من الكويت لبعض الأمور، فانتهز بندر فرصة وجودهما في ضيافته، فقال بعد أن غص المجلس: من الذي يستحق وصف الكريم في هذه الجزيرة؟ فقال له الحاضرون: أنت أيها الأمير. فرد قائلا: ما الكريم إلا جابر الصباح (أخو مريم) الذي يبسط الحصر في الأسواق ويملأها من التمن (الأرز) للمحتاجين وليس له واردات تغنيه، أما أنا فلا فخر لي، فالعديد من أملاك البصرة بيدي.[6]

الكويت والسياسة الدولية

كان التحرك السياسي للكويت في تلك الفترة يقرره عاملان: الأول هو طاقة الكويت البحرية والبشرية، والثاني هو تأثير القوى المحيطة، وهي الوجود الإنجليزي في مياه الخليج ثم الوجود العثماني في العراق، وكذلك الوجود المصري العثماني المشترك في نجد وشرقي الجزيرة العربية. فبعد انسحاب المصريين من الجزيرة العربية عقب انتهاء حملتهم سنة 1840م عمل العثمانيون والبريطانيون على تقاسم الإرث المصري في الجزيرة العربية. فأسند السلطان العثماني ولاية جدة وتوابعها (الإحساء ونجد) إلى علي رضا باشا (والي بغداد) والولاة من بعده، ولكن هؤلاء الولاة لم يكونوا جديين في وراثة الحكم المصري، فتُرِك خالد في نجد وأحمد بن مبارك في الإحساء. ولكن ذلك كان خطرًا على مشيخات المطلة على الخليج، إذ تُركت تحت الضغط الاستعماري البريطاني. فذكر «فارن Farren» القنصل البريطاني في دمشق سنة 1846م بأن الكويت يجب أن تدخل تحت السيطرة البريطانية بعد أن أصبحت من المراكز المهمة، وطالب حكومته أن تتفاوض مع الباب العالي لبسط السيادة البريطانية على ساحل الخليج وعلى الكويت بالذات. فالخطوة الأولى هو الاعتراف باستقلال الكويت لوضعها تحت السيطرة البريطانية.[7]

مع مصر

عند حصار ابراهيم باشا الدرعية سنة 1233هـ/1818م اشتعلت النيران في معسكره فأحرقت الكثير من الخيام والأطعمة والأسحة والعتاد الحربي مثل البارود والرصاص وقضت على الكثير من رجاله، وخسر أعدادًا كبيرة من خيوله وحيواناته، فتفرقت عساكره ولاذوا بالجبال، فسبب ذلك الحريق وهنًا لجيشه، فأرسل إلى أنحاء نجد ليجمعوا له كل ما يمكن جمعه من السلاح والذخيرة. فلما شاع الخبر تقاطرت إليه قوافل من أهالي نجد ممن أجلاهم ابن سعود إلى البصرة والزبير واستولى على أموالهم. وتحمل تلك القوافل الأرز والقمح والتمباك وجميع ما يحتاجه الجيش، وكان طريق تلك القوافل هو عبر الكويت، ثم تتابع عليه من مصر ما يحتاجه من أسلحة وأطعمة والعتاد. وبعد انتهاء الحرب اتفق ممثل ابراهيم باشا مع الكويت على تسهيل مرور القوافل والسفن المصرية التي قد تدعوها الحاجة إلى المرور بالكويت، وكان ذلك سنة 1822.[8]

ويبدو أن التوسع المصري الثاني قد وضع الكويت ضمن المخططات العسكرية ولكن لم يظهر أي نشاط مصري في الكويت عكس ما هو حاصل في الإحساء والبحرين وساحل عمان وسلطنة مسقط. فحرص خورشيد باشا قائد الجيش المصري على تتويج نجاح مخططاته بالاستيلاء على أعالي الخليج، فطلب من محمد علي باشا وإلى حكومة الحجاز سنة 1838م مدَّه بقوات من جدة إلى القطيف عبر البحر الأحمر، وبقي في نجد ينتظر وصول أربع سفن مسلحة كان قد وعد بها لتحمل له السلاح -وهو ما لم يتحقق له بعد احتلال البريطانيين لعدن-، وقد خشي المقيم الإنجليزي في الخليج من أن يقوم خورشيد باشا بتوسيع رقعة نفوذه شمال وجنوب ساحل الخليج العربي بعد وصول قواته موانئ القطيف وسيهات والعقير، فأرسل إليه في 1839م رسالة ينبهه بعدم التقدم أكثر من حدود الإحساء، وقال لشيخ الكويت أنه يعتمد عليه في إبلاغ وإفهام خورشيد باشا بخطورة إقدامه على تجاوز حدود الإحساء. وفي الإسبوع الثاني من مايو 1839م/ صفر 1255هـ أخبر الشيخ جابر المقيم الإنجليزي في الخليج «الكابتن هنيل» أن خورشيد موجود بالرياض، وأن وكلائه الذين بالكويت كانوا يشترون التموين، ولم يذكر أن في نية خورشيد باشا مهاجمة البصرة أو التوجه شمال الإحساء.[9] وقد كانت رسل خورشيد باشا موجودة فعلًا يالكويت والمحمرة ومناطق أخرى في الخليج لإيلاغ الحكام بانتصاراته، ويطلب منهم المؤن والحبوب.[10] فقدم إلى الكويت في 1838م مندوبًا عنه ليكون وكيلًا له في شراء ونقل الإمدادات اللازمة للقوات المصرية عبر الإسطول الكويتي، ولكن لم تستفد القوات المصرية من ذاك الإسطول إلا مرة واحدة عندما نقلت سفينة كويتية شحنة ذخيرة وعتاد من ميناء الحديدة إلى معسكراتها في الإحساء،[11] وكان ذلك في 1255هـ/نوفمبر 1839م، وقد أبلغتهم تلك السفينة بأن ما بين 18-20 سفينة المصرية قادمة في الطريق.[12] بالمقابل عامل الشيخ جابر المندوب المصري معاملة ممتازة، كما أبدى تعاطفا مع التقدم المصري في سواحل الخليج العربي.[11]

وتعددت مظاهر دعم الكويت وشيخها لقوات خورشيد باشا، فقدم الشيخ جابر قرضًا ماليًا له بعد أن تأخر وصول الأموال اللازمة لشراء المؤن من القاهرة. ووافق على نقل الجنود المنشقين عن السلطات العثمانية في البصرة، ففي مايو 1839 لجأ مجموعة من ضباط وجنود الحامية العثمانية في البصرة بقيادة محمود آغا الموردي إلى الكويت ورغبوا في الإنضمام إلى جيش خورشيد باشا، وجرى نقلهم على متن سفن استؤجرت من القطيف حتى وصلت الإحساء. وذلك رغم طلب متسلم البصرة من الشيخ جابر القبض عليهم وتسليمهم. كما رفض الشيخ وساطة مدير الوكالة البريطانية فـي البصرة والذي طلبت السلطات العثمانية منه التدخل لإعادة الجنود الهاربين، قائلا أنه لا يمكنه القبض علينا وإرسالنا بالإجبار.[13]

مع العراق العثماني

ذكرت التقارير البريطانية في سنة 1829 أن شيخ الكويت أقر بخضوعه للأتراك وأنه يدفع إليهم جزية سنوية قدرها 40 كيسًا من الأرز و 400 سباطة تمر، وأنه يتلقى في كل سنة خلعة تكريمًا له. ولكن في 1850 أرسل معشوق باشا متسلم البصرة تقريرًا إلى الصدارة العظمى في الأستانة يشتكي فيه من أن شيوخ الكويت لا يراجعون إدارة البصرة في أي موضوع أو مادة، وانه إذا أرادت الدولة العثمانية تغيير هذا الوضع فلا بد من أن تظهر قدرًا أكبر من السطوة السياسية والعسكرية معهم.[14]

هروب تجار البصرة إلى الكويت

عندما تولى عزيز آغا متسلمية البصرة من قبل الوزير داود باشا (والي بغداد) سنة 1241هـ/1826م سعى في تلف بعض النجادة والتجار في البصرة. فابتدأ برجل من تجار البصرة يقال له الحاج ياسر السميط النجدي فقتله واستولى على أمواله، ثم لزم الحاج سليمان الفداغ وأخاه عبد الله وغرمهما حوالي لكين شامي[ملحوظة 1] بسبب موقفهما من ضم الزبير لحكم المنتفق، وقد هربا بعدها إلى الكويت. وهرب كذلك الشيخ سالم بن عبد الرزاق وأخوته من أكابر التجار البصرة إلى الكويت، وأمثالهم مثل الشيخ خالد بن أحمد بن رزق والكثير من التجار ممن أدرك فتنة المتسلم فتركوا مساكنهم وهربوا إلى الكويت.[16]

خلاف حمود السعدون مع والي بغداد

اندلعت الخلافات بين حمود بن ثامر السعدون ووالي بغداد الوزير داود باشا، بعد قيام الوالي بعزل الشيخ حمود عن حكم المنتفق وإعطائها لإبن أخيه الشيخ عجيل بن محمد الثامر سنة 1242هـ/1826م، فقام حمود الثامر بحصار البصرة ومعه قوات من بني كعب بقيادة مبادر وثامر إبني الشيخ غيث بن غضبان. لكن الحصار لم يصمد وتفكك سريعًا، وقد ساهمت الكويت بإسطول بقيادة الشيخ جابر وذلك بعد طلب مساعدة من متسلم البصرة عزيز آغا، وقد قرر المتسلم بمضاعفة حصة الكويت من التمور المقررة لها من الدولة العثمانية، ولكن الشيخ جابر رفض ذلك كون ما قدّمه هي مجرد مساعدة. وقد ساهم جابر الصباح أيضا في هجوم المحمرة 1827 مع عزيز آغا وعجيل بن محمد السعدون ضد غيث الكعبي أمير إمارة بني كعب، ولكن تلك الحرب لم تثمر بشيء.[17]

حصار الزبير 1833

في سنة 1833 ساهمت الكويت بطلب من الشيخ عيسى بن محمد السعدون أمير المنتفق بإرسال رجال للمساعدة في حصار الزبير.[18] وفي سنة 1836 قدم الشيخ جابر بطلب من السلطات التركية دعمًا في القضاء على تمرد أهل مدينة الزبير، وكان عونه قاصرًا على حصار مداخل المدينة، وحين سقطت المدينة لجأ أحد شيوخ آل زهير -ذكر لوريمر أن اسمه يعقوب بينما ذكره الشيخ خزعل أن اسمه سليمان- من الزبير إلى الكويت، ومن هناك باع للشيخ أرض الصوفية في إقليم المعامير بشط العرب،[ملحوظة 2] وقد أثارت تلك الحادثة مشاكل كثيرة في المستقبل.[20][21]

هجوم المحمرة 1837

وفي سنة 1837 ساهمت السفن الكويتية وبأمر من والي بغداد علي باشا في هجوم المحمرة والتي دامت لمدة ثلاث أيام.[22] وبعد فراغه من المحمرة توجه الوالي علي باشا مع الشيخ جابر إلى الكويت، وكان غرضه من الزيارة هي الاستفادة من الخلاف الدائر بين أمراء نجد خالد بن محمد وعبد الله الثنيان آل سعود، لاعتقاده أن مكوثه بالكويت سيضطر أحد الأميرين أن يطلب المساعدة منه، وعندئذ يهون عليه الاستيلاء على نجد، ولكن لم يتحقق له ماكان يرجوه فعاد إلى بغداد.[23]

مع نجد

في شهر شعبان 1246هـ/1831م سار الأمير تركي آل سعود بجنوده من الرياض نحو الشمال، فصادف فهد الصيفي ومعه أتباعه من سبيع وأخلاط من بني حسين وغيرهم نازلين بين حفر الباطن والرقيا، فقاتلهم واستولى على أموالهم، فراجعه رؤسائهم حيث ادعوا أن لهم معه عهدًا بعدم التعدي، فرد لهم جميع ماأخذ منهم ثم توجه نحو الكويت ونزل على ماء الصبيحية، فلما علم الشيخ جابر بقدومه أرسل إليه هدايًا كثيرة باسم الضيافة، وبقي الأمير تركي مرابطًا هناك لمدة أربعين يومًا وفد عليه خلالها الكثير من شيوخ القبائل ثم ارتحل منها عائدا إلى الرياض.[24][25]

وبعد أن أسقطت القوات المصرية حكم فيصل بن تركي في رمضان 1254هـ/ديسمبر 1838م، وبعد القتال الشديد في شرقي الجزيرة العربية لجأ بعض الزعماء الوهابيين إلى الكويت وغيرها من البلدان المجاورة، مثل عمر بن محمد بن عفيصان والي الإحساء في الدولة الأولى الذي لجأ إلى الكويت في شوال 1254هـ/يناير 1839م، وكذلك لجأت إلى الكويت عربان الدويش وغيرهم.[26][27] وعقب انسحاب القوات المصرية من نجد سنة 1840م أطاح عبد الله بن ثنيان بحكم خالد بن سعود الذي عينته القوات المصرية، وكان في الإحساء وقتها، فذهب إلى القطيف ومنها إلى الكويت، ثم غادرها سرًا إلى القصيم ثم إلى مكة المكرمة، حيث توفي فيها سنة 1276هـ/1860م.[28] وأعقب عبد الله بن ثنيان في الحكم فيصل بن تركي الذي حققت الإمارة الثانية أقصى توسع لها، فحكمت الإحساء وأجبرت البحرين وقطر على دفع الجزية، ولكن مع ذلك فموجة المد السعودي لم تصل إلى إمارة الكويت التي لم تربطها معاهدات مع بريطانيا بعد، إذ نجح حكامها في الاحتفاظ بعلاقات ودية مع السعوديين، حتى أنها لم تكن تدفع الزكاة لهم، بل وأكثر من ذلك كان شيوخ الكويت يتحصلون بانتظام على نصيبهم من تجارة القوافل المارة بين الكويت ونجد كما كانت مواسم الحج تحدث انتعاشًا كبيرًا في الإمارة.[29]

مع بريطانيا

اندلعت خصومة ونزاع بين مستر ريتش الوكيل السياسي البريطاني في بغداد وبين داود باشا (والي بغداد) حول الضرائب على البضائع البريطانية في العراق في مارس 1821م. فأمرت حكومة بومباي مستر ريتش بتاريخ 2 أكتوبر 1821م بأن ينقل وكالة البصرة إلى أي مكان آخر في الخليج حتى تهدأ الأمور مع والي بغداد، ولكن مستر ريتش توفي قبل وصول تلك الأوامر، فقام خلفه الكابتن تيلور بتنفيذ الأوامر، حيث انسحب من البصرة إلى «جزيرة الكويت» - هو تعبير قد يكون المقصود به جزيرة فيلكا- يوم 15 ديسمبر 1821م، واستمر فيها إلى أن عاد إلى البصرة هو والعاملون معه يوم 19 إبريل 1822م.[30]

القرصنة وتجارة العبيد في الخليج

لم يرد للكويت أي ذكر في كتاب لوريمر المسمى دليل الخليج خلال أربعين عامًا بعد مغادرة مكتب الشركة الكويت إلى البصرة، حيث كان تركيز المراسلات في سنة 1805 وما قبلها حول القرصنة في الخليج العربي وحملة الإنجليز ضد القواسم وسفنهم، وقيامهم بمهاجمة الموانئ التي تتعامل في بيع السلع المنهوبة، وكانت أكبر تلك الأسواق رواجا تقع في البحرين وموانئها حيث تأتي السفن لنقل تلك البضائع وتوزعها في أسواق بوشهر والبصرة وغيرها من الموانئ، ويبدو أن سفن الكويت كانت تساهم بنصيب كبير بنقل تلك التجارة، إلا أنها لم تساهم في عمليات القرصنة ونهب السفن واعتراض سبيلها في الخليج، وقد عرضت الكويت في 1809م مساهمة أسطولها الذي هو أكبر من أسطول القواسم إلا أن القيادة البريطانية رفضت ذلك،[20] وقد انتهت تلك الحملة البريطانية بمعاهدة سلام سنة 1820، وبما أن الكويت لم تساهم مساهمة مباشرة في تلك الحملات، فمن الطبيعي أن لا يرد لها ذكر في مراسلات ممثلي الشركة في الخليج.[31] ومن بعدها بدأ الإنجليز بحربهم ضد تجارة الرقيق، وقد وقعت الكويت معاهدة حفظ السلام في البحر ومكافحة تجارة الرقيق سنة 1257هـ/1841م مع الحكومة البريطانية ولمدة سنه، على أن يُعاد النظر في تجديدها عند انتهائها، ووقعها الشيخ صباح بن جابر نيابة عن والده، وتعتبر هذه المعاهدة من أوائل الوثائق في العلاقات الكويتية مع الدول الأخرى.[32]

أزمة رفع الأعلام

بعد ابرام بريطانيا معاهدة السلام تلك مع الكيانات الخليجية رفض الإنجليز الإعتراف برايات المشيخات المحلية التي لم تنضم للإتفاقية، ومنها الكويت التي تعرضت لضغوط كي ترفع العلم البريطاني. فكانت ردة فعل أميرها لتلك الضغوط هي قيامه سنة 1829 برفع العلم العثماني على داره والسفن التابعة له لأن العلم العثماني هو علم تعترف به بريطانيا، فقد كان هدفه من هـذا الإجراء ضمان أمن السفن الكويتية.[33] وذكر بيلي أن الكويت لا ترفع إلا علمها الخاص بها، وأنها لا ترفع العلم العثماني إلا لتتجنب دفع جمارك عالية في بومبي، لأن رفع علم تركيا على السفن يعني دفع جمارك أقل.[34]

العلاقة مع آل مذكور

كانت للشيخ عبد الرسول بن نصر آل مذكور شيخ إمارة بوشهر روابط صداقة متينة مع الشيخ جابر الصباح، وفي سنة 1257هـ/1842م عزم الشيخ عبد الرسول آل مذكور على أداء فريضة الحج، فخشي من قيام ثورة ضده في بوشهر، فطلب من الشيخ جابر أن يرسل إليه بعض السفن والرجال لتكون في بوشهر مدة غيابه عنها لمراقبة الوضع وحفظ الأمن. فأرسل الشيخ جابر إليه سفينتين مملوئتين بالرجال والسلاح، وبقيت تلك القوة مرابطة في بوشهر إلى أن عاد الشيخ عبد الرسول من أداء فريضة حجه وأذن لها بالعودة.[35]

محاولة بندر السعدون غزو الكويت

بعد مشيخته بعام واحد اندلع خصام بين بندر السعدون وبين عمه الشيخ راشد بن ثامر السعدون، فاضطر راشد للهروب إلى الكويت والاحتماء باميرها الشيخ جابر، فعزم الأمير بندر على مهاجمة الكويت سنة 1260هـ/1844م، خصوصًا بعدما علم بانهيار أجزاء من سور الكويت، مما أثار طمع بندر وخيل له سهولة نجاح مثل هذا الغزو، فلما علم الكويتيون بأمره قاموا بسرعة بإصلاح ماتهدم من السور، وأرسل حاكم بوشهر عبد الرسول آل نصر إلى الشيج جابر يعرض له استعداده لإرسال المقاتلة والسفن والأسلحة إلى الكويت، فأجابه الشيخ جابر بعدم حاجته إلى المقاتلين وأنه يريد السلاح الثقيل فقط. فأرسل إليه كمية كبيرة من الأسلحة والعتاد، ومن ضمنها مدافع نصبت على سور الكويت بجوار المدافع التي قد غنموها من بني كعب في معركة الرقة.[35] فلما قدم الأمير بندر وعلم بالاستعدادات التي جرت، وصعوبة اقتحامها قرر محاصرة المدينة من جهة البر، فخيم بجيشه في (ملح) جنوب الكويت، فأوفد الكويتيون إليه «عبد الرحمن الدويرج» أحد وجوه البلد ومن المقربين للأمير بندر، فأوضح له عزم أهل الكويت على المقاومة، ومن ثم ركوب البحر مع عوائلهم وأموالهم إذا تعذر عليهم المواجهة، هذا أولا وثانيًا هم على استعداد لتقديم مايحتاجه من ذخيرة وطعام لجيشه. فانصاع الشيخ بندر لنصيحته، فرفع الحصار عن الكويت وانسحب.[36][37]

أحداث أخرى

  • لجوء ضامر بن حويمد إلى الكويت سنة 1826 بعد أن كانت الاضطرابات ضاربة أطنابها في الشام، وعلى الرغم من مطالبة مصطفى باشا بضامر وعائلته إلا أن الشيخ جابر رفض أن يسلمه.[38]
  • عرضت بريطانيا الحماية على الكويت أثناء المناوشات بينها وبين فارس لغرض الاستيلاء على مدينة المحمرة.
  • ذكر الفاخري في كتابه «تاريخ الفاخري» أنه في سنة 1241هـ/1826م توفي في عهد الشيخ جابر الصباح تاجر الكويت المشهور «عبد الرحمن بن زبن».[39]
  • ضربت الكويت ومناطق الجزيرة العربية وجنوب العراق الطاعون سنة 1247هـ/1831م، وقد قضى على أكثر من نصف السكان في الكويت. وسميت تلك السنة باسم سنة الطاعون.
  • في سنة 1271هـ/1855م أغرقت الرياح العاتية نحو 1400 سفينة في بندر منبج (مومباي)، ولحسن الحظ أن أكثرها كان خال من الحمولة، وقد خسر أهل البصرة والكويت نحو أربعين سفينة من تلك السفن.[40]

أولاده

له من الأبناء[41] الشيخ صباح (حاكم الكويت الرابع)، وخليفة وبزة وسلمان ودعيج ومجرن ومبارك وعلي ومحمد وحمود وجراح وشملان وعبد الله.

الملاحظات

  1. ^ اللك لفظة شامية ومقدارها مئة ألف. والشامي هو القرش قبل ضرب الليرة العثمانية الذهبية زمن محمد رشاد ويقال له القرش الرومي وبقي إسم الشامي شائعا في البصرة وأنحائها، ويعادل الشامي 9 قروش ونصف حتى سنة 1914.[15]
  2. ^ الصوفية هي جزيرة فيها نخيل تقع بين الزيادية والدويب في جنوب البصرة.[19]

المراجع

  1. ^ حدث في مثل هذا اليوم في الكويت، كونا، دخل في 14 مايو 2010 نسخة محفوظة 28 يناير 2019 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ أبو حاكمة 1984، صفحة 169.
  3. ^ ج ج لوريمر، صفحة 1512.
  4. ^ العيدروس 2002، صفحة 52.
  5. ^ خزعل 1962، صفحة 72.
  6. ^ الرشيد 1978، صفحة 117.
  7. ^ عبد العزيز سليمان نوار، (1968). تاريخ العراق الحديث، من نهاية حكم داود باشا إلى نهاية حكم مدحت باشا. القاهرة: دار الكاتب العربي للطباعة والنشر. ص:234
  8. ^ خزعل 1962، صفحة 73.
  9. ^ أبو حاكمة 1984، صفحة 185.
  10. ^ صراع الأمراء. ص:104
  11. ^ أ ب جمال زكريا، الخليج العربي، دراسة لتاريخ الإمارات العربية في عصر التوسع الأوروبي الأول، القاهرة 1985. ص:476
  12. ^ صراع الأمراء، علاقة نجد بالقوى السياسية في الخليج العربي 1800-1870، عبد العزيز عبد الغني ابراهيم، دار الساقي،ص:111
  13. ^ سعاد الصباح 2021، صفحة 116.
  14. ^ إستراتيجية الدولة العثمانية في منطقة الخليج العربي 1869 1914م في إطار التنافس العثماني البريطاني. رأفت غنيمي الشيخ وأخرون. مركز الحضارة العربية، 2014. ص:186
  15. ^ النصرة في اخبار البصرة. أحمد نوري الأنصاري، ص:305
  16. ^ النصرة في اخبار البصرة. ص:203
  17. ^ خزعل، صفحات 77-79.
  18. ^ خزعل، صفحة 102.
  19. ^ خزعل، صفحة 104.
  20. ^ أ ب لوريمر 1977، صفحة 1512.
  21. ^ خزعل، صفحات 103-105.
  22. ^ خزعل، صفحة 107.
  23. ^ خزعل، صفحة 108.
  24. ^ أبو حاكمة 1984، صفحة 226.
  25. ^ خزعل 1962، صفحة 115.
  26. ^ صراع الأمراء. ص:101
  27. ^ أبو حاكمة 1984، صفحة 191.
  28. ^ التطورات السياسية الداخلية في نجد. د.كريم طلال الركابي. ص:77-78
  29. ^ مقالة:موقف الكويت من التوسع السعودي في نجد وسواحل الأحساء، جمال زكريا قاسم، مجلة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، عدد 17، ص:100-101
  30. ^ لوريمر 1977، صفحة 1957.
  31. ^ أبو حاكمة 1984، صفحة 170.
  32. ^ خزعل 1962، صفحة 117.
  33. ^ سعاد الصباح 2021، صفحة 40.
  34. ^ أبو حاكمة 1984، صفحات 236-237.
  35. ^ أ ب خزعل 1962، صفحة 114.
  36. ^ خزعل 1962، صفحة 119.
  37. ^ إمارة المنتفق وأثرها في تاريخ العراق والمنطقة الإقليمية 1546-1918. د. حميد حمد السعدون. ص:184
  38. ^ خزعل 1962، صفحة 73-74.
  39. ^ تاريخ الفاخري. محمد بن عمر الفاخري. دراسة وتحقيق وتعليق:د. عبد الله بن يوسف الشبل. 1999. ص:196
  40. ^ الفاخري. ص:220
  41. ^ موقع بوابة الشيخ نايف أحمد الصباح - شجرة عائلة الصباحنسخة محفوظة 05 فبراير 2009 على موقع واي باك مشين.

المصادر

  • الرشيد، عبد العزيز (1978). تاريخ الكويت. بيروت: منشورات دار مكتبة الحياة.
  • أبو حاكمة، د أحمد مصطفى (1984). تاريخ الكويت الحديث 1163-1385هـ/1750-1965م. الكويت: ذات السلاسل.
  • لوريمر (1977). كتاب دليل الخليج، القسم التاريخي. ترجمة: قسم الترجمة بمكتب صاحب السمو أمير دولة قطر. الدوحة: مطابع علي بن علي. ج. 4.
  • الخصوصي، بدر الدين عباس (1984). دراسات في تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر (ط. الثانية). الكويت: ذات السلاسل. ج. الأول.
  • خزعل، حسين خلف الشيخ (1962). تاريخ الكويت السياسي. بيروت: دار ومكتبة الهلال.
  • سعاد الصباح (2021). الكويت في عهدي جابر بن عبد الله الصباح وصباح بن جابر الصباح (ط. الأولى). الكويت: دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع.
→ سبقه
عبدالله بن صباح الاول
أمراء الكويت
خلفه ←
صباح جابر الصباح