تقسيم العمل

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

تقسيم العمل (بالإنجليزية: Division of labour)‏ يقصد به أن ينقسم إنتاج السلعة الواحدة إلى عدد من المراحل. وهو شكل معاصر من أشكال تنظيم الإنتاج الصناعي.

تقسيم العمل، يعبّر عن فصل المهام في أي نظام اقتصادي أو منظمة بحيث يمكن للمشاركين أن يتخصصوا (التخصص). يتمتع الأفراد وكذلك المنظمات والدول بقدرات متخصصة أو قد يكتسبوها لاحقًا، عن طريق المجموعات أو التجارة للاستفادة من قدرات الآخرين إضافة إلى قدراتهم الخاصة. قد تشمل القدرات المتخصصة المعدات أو الموارد الطبيعية وكذلك المهارات والتدريبات، وتعدّ المجموعات التي تعمل معًا مهمة غالبًا. قد يتخصص الفرد مثلًا من خلال اكتساب الأدوات والمهارات اللازمة لاستخدامها بشكل فعال تمامًا، كما قد تتخصص المنظمة من خلال الحصول على معدات متخصصة وتوظيف المشغلين المهرة أو تدريبهم. يعدّ تقسيم العمل الدافع للتجارة، ومصدر التكافل الاقتصادي.

يرتبط تقسيم العمل المتزايد بنمو إجمالي الإنتاج والتجارة، وتنامي الرأسمالية، وزيادة تعقيد العمليات الصناعية. لوحظ مفهوم تقسيم العمل وتطبيقه في الثقافة السومرية القديمة (بلاد ما بين النهرين)، إذ تزامن تخصيص الوظائف في بعض المدن مع زيادة الترابط التجاري والاقتصادي. يزيد تقسيم العمل بشكل عام أيضًا من إنتاجية المنتج والعامل الفردي.

أدى التوجه إلى الرعي والزراعة بعد الثورة الزراعية إلى إمدادات غذائية أكثر فعالية ووفرة، وزيادة في عدد السكان، كما أدى إلى التخصص في العمل، بما في ذلك فئات جديدة من الحرفيين والمحاربين وتطوير النخب. تعزز التخصص من خلال عملية التحول الصناعي، ومصانع عصر الثورة الصناعية. أيّد العديد من الاقتصاديين الكلاسيكيين وكذلك بعض المهندسين الميكانيكيين مثل تشارلز بابيج تقسيم العمل. أدى أداء العمال لمهام فردية أو محدودة إلى الاستغناء عن فترة التدريب الطويلة المطلوبة لتدريب الحرفيين، الذين استُبدلوا بعمال غير مهرة أقل أجورًا ولكن أكثر إنتاجية.

العولمة وتقسيم العمل العالمي

تبلغ المسألة نطاقها الأوسع في الخلافات حول العولمة، والتي تُفسر غالبًا على أنها كناية لتوسيع التجارة الدولية على أساس الميزة النسبية، ما يعني أن البلدان تتخصص في العمل الذي يمكنها القيام به بأقل تكلفة نسبية تقاس بتكلفة الفرصة البديلة لعدم استخدام الموارد لأعمال أخرى، مقارنةً بتكاليف الفرصة البديلة في البلدان. يزعم النقاد أنه لا يمكن تفسير التخصص الدولي بشكل كافٍ من ناحية «العمل الذي تقوم به الدول على أفضل وجه»، بل إن هذا التخصص يسترشد أكثر بالمعايير التجارية، التي تفضل بعض البلدان على غيرها.[1][2]

نصحت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في يونيو 2005 بما يلي:

تعدّ السياسات الفعالة لتشجيع التوظيف ومكافحة البطالة ضرورية إذا رغبت البلدان في جني الفوائد الكاملة للعولمة وتجنب رد الفعل العكسي ضد التجارة المفتوحة، كما يعد فقدان الوظائف في بعض القطاعات، إلى جانب خلق فرص العمل الجديدة في القطاعات الأخرى، نتيجة مرافقة ولا مفر منها لعملية العولمة. يتمثل التحدي في التأكد من أن عملية التعديل التي تنطوي عليها مطابقة العمال المتاحين مع فرص العمل الجديدة تسير بسلاسة قدر الإمكان.

أجريت دراسات قليلة بشأن التقسيم العالمي للعمل. يمكن استخلاص المعلومات من منظمة العمل الدولية والمكاتب الإحصائية الوطنية.[3] قدر ديون فيلمر في دراسة، أن 2.474 مليار شخص قد شاركوا في القوى العاملة العالمية غير المحلية في منتصف تسعينيات القرن العشرين، وشمل هذا العدد:

  • حوالي 15% أو 379 مليون شخص في قطاع الصناعة.
  • الثلث أو 800 مليون شخص في قطاع الخدمات.
  • أكثر من 40% أو 1074 مليون شخص في قطاع الزراعة.

شملت غالبية العاملين في الصناعة والخدمات أصحاب الرواتب والأجور (58% من القوى العاملة الصناعية و65% من القوى العاملة في مجال الخدمات)، إلا أن نسبة كبيرة منهم عملت لحسابها الخاص أو انخرطت في العمل الأسري. يقترح فيلمر أن إجمالي عدد الموظفين في جميع أنحاء العالم في تسعينيات القرن العشرين بلغ حوالي 880 مليونًا، مقارنةً بحوالي مليار شخص عملوا لحسابهم الخاص في الأراضي (معظمهم من الفلاحين)، ونحو 480 مليونًا عملوا لحسابهم الخاص في الصناعة والخدمات. أشار تقرير اتجاهات العمالة العالمية الصادر عن منظمة العمل الدولية لعام 2007 إلى أن الخدمات قد تجاوزت الزراعة لأول مرة في تاريخ البشرية:[3]

تفوقت حصة قطاع الخدمات من العمالة العالمية على الزراعة للمرة الأولى في عام 2006، إذ ارتفعت من 39.5% إلى 40%. انخفضت الزراعة من 39.7% إلى 38.7%. استحوذ قطاع الصناعة على 21.3% من إجمالي العمالة.

تقسيم العمل على أساس النوع الاجتماعي

يمكن تلخيص أوضح عرض لمبادئ التقسيم الجنسي للعمل عبر النطاق الكامل للمجتمعات البشرية من خلال عدد كبير من القيود الضمنية التكميلية المنطقية للشكل التالي: إذا كانت النساء في سن الإنجاب في مجتمع معين يملن إلى القيام بعمل ما (إكس) (تحضير التربة للزراعة مثلًا) فسيعملن أيضًا بالعمل (واي) (الزراعة مثلًا)، بينما سيكون الانعكاس المنطقي بالنسبة للرجال في هذا المثال، أنهم إذا قاموا بالزراعة فسيقومون بإعداد التربة.

تظهر «نظرية الاستحواذ والنهج: تحليل عبر الثقافات للتقسيم الجنسي للعمل» (1977) لوايت وبرودنر ووبورتون، باستخدام التحليل الإحصائي، أن المهام التي تختارها النساء بشكل متكرر في هذه العلاقات المرتبة، تنحصر في تلك الأكثر ملاءمة فيما يتعلق بتربية الأطفال. يتكرر هذا النوع من الاكتشافات في مجموعة متنوعة من الدراسات، بما في ذلك الاقتصادات الصناعية الحديثة.

لا تقيد هذه الاستنتاجات مقدار العمل الذي يمكن أن يقوم به الرجال لأي مهمة معينة (في الطهي مثلًا) أو الذي يمكن أن يقمن به النساء (في إزالة الغابات مثلًا)،[4] ولكنها ليست سوى اتجاهات بأدوار متسقة أو أقل مجهودًا. تميل المرأة بقدر ما تعمل به في إزالة الغابات من أجل الزراعة مثلًا، إلى القيام بتسلسل المهام الزراعي الكامل، في تلك المناطق مقطوعة الأشجار. يمكن التخلص من هذه الأنواع من القيود من خلال توفير رعاية الأطفال، إلا أن الأمثلة الإثنوغرافية نادرة.

سيكولوجيا التنظيم الصناعي

ثبت أن الرضا الوظيفي يتحسن عندما يُكلّف الموظف بمهمة وظيفة متخصصة. أفاد الطلاب الذين حصلوا على درجة الدكتوراه في مجال مختار لاحقًا عن ازدياد رضاهم مقارنة بوظائفهم السابقة.[5] يمكن أن يعزى ذلك إلى ارتفاع مستويات تخصصهم. كلما زاد التدريب المطلوب للوظيفة المتخصصة، ارتفع مستوى الرضا الوظيفي أيضًا، رغم احتمال أن تكون العديد من الوظائف عالية التخصص، رتيبة ومؤدية إلى معدلات عالية من الإرهاق بشكل دوري.[6]

تعريف

تقسيم العمل: طريقة لتنظيم الإنتاج تقضي بأن يتخصص كل عامل بجزء من العملية الانتاجية. التخصص في العمل يعطي مخرجات أعلى لأن العامل يصبح أكثر مهارة في إنجاز مهمة محددة، ولأن في الإمكان الاستعانة بماكينات متخصصة لإنجاز مهمات فرعية بشكل أدق.[7]

في تقسيم العمل ينقسم إنتاج السلعة إلى عدد من المراحل الجزئية لكل مرحلة عامل، أي أن تقسيم العمل يتم بقصد إنتاج سلعة واحدة أو خدمة واحدة، وعموما ارتبط تقسيم العمل بإدخال الآلة في عمليات الإنتاج. حيث تبين أن تقسيم العملية الإنتاجية إلى عمليات جزئية سهل استخدام الآلة لتقوم بها.

من الناحية التاريخية

زيارة مصنع المسامير للرسام يونارد ديفرانس في القرن الثامن عشر

تاريخياً، يرتبط تقسيم العمل مع زيادة النمو في الناتج الاقتصادي، وصعود الرأسمالية ونظم الإنتاج المعقدة. تأسس تقسيم العمل مع ظهور وتعزيز المؤسسات وحركة البضائع. وسهل التقسيم الاجتماعي للعمل إلى حد كبير في الاستخدام الأمثل لرأس المال في العملية الإنتاجية. وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالمكننة، التي تعتبر العنصر الرئيسي في الثورة الصناعية. يتم تقسيم العمل على أساس تعبئة وتنمية الخبرات للهيكل التنظيمي من المهن المختلفة وتنمية القدرات المختلفة للبشر في البيئات المختلفة التي يعيشون فيها وبالتالي تلبية حاجاتهم على نحو أفضل.[8]

وقد تم التأكيد على أهمية تقسيم العمل في الفكر الاقتصادي الكلاسيكي من قبل آدم سميث (1776) في كتابه ثروة الأمم. فأكد سميث أن تقسيم العمل يؤدي إلى زيادة مهارة العامل وإلى توفير الوقت اللازم للإنتاج، كما أن التخصص الذي يترتب على تقسيم العمل يؤدي إلى الوصول إلى أفضل الطرق لأداء العمل وإلى اختراع الأدوات التي تساعد العامل على زيادة الإنتاج أيضا. وأكد أيضا أن أن تقسيم العمل وما ينطوي عليه من تخصص يؤدي إلى إدخال تحسينات مستمرة على عملية الإنتاج وتؤدي التحسينات بدورها إلى الزيادة المستمرة للإنتاج.[9]

وقد ضرب لذلك مثاله المشهور في إنتاج الدبابيس والذي يثبت فيه زيادة الانتاجية عند تقسيم العمل. فأورد أن عامل واحد فقط يمكن أن ينتج عشرين من الدبابيس في اليوم الواحد. ومع ذلك، إذا كان هناك عشرة اشخاص مع تقسيم العمل إلى ثمانية عشر خطوة لإنتاج دبوس، فإنهم مجتمعين يمكنهم إنتاج 48،000 من الدبابيس في اليوم الواحد. لكن وجهات نظر سميث حول تقسيم العمل ليست ايجابية بشكل لا لبس فيه، وعادة ما تتسم بالاخطاء. ويقول سميث عن تقسيم العمل:

واضاف "في التقدم المحرز في تقسيم العمل، وتوظيف جزء أكبر بكثير من أولئك الذين يعيشون من العمل، وهذا يعني، من اجمالى الشعب، ويأتي على أن يقتصر هذا على عمليات بسيطة جدا قليلة، أو بشكل متكرر واحد فقط أو اثنين....الرجل الذي قضى حياته كلها في أداء العمليات البسيطة، والتي هي أيضا ربما متكرره دائما، أو للغاية نفسها تقريبا، لا يوجد لديه الفرصة لممارسة فهمه، أو ممارسة اختراعه في معرفة الذرائع لإزالة الصعوبات التي تحدث أبدا. وبطبيعة الحال يفقد، بالتالي، من ممارسة هذه العادة، وعموما تصبح على النحو غبي وجاهل كما هو ممكن من أجل أن يصبح الإنسان مخلوق....براعة في تجارته الخاصة تؤدى بهذه الطريقة إلى أن يكتسب الفضائل الفكرية والاجتماعية، والدفاع عن النفس.... هذه هي الحالة التي ترزح الفقراء، وهم الجزء الأكبر من الشعب، إلى الفشل بالضرورة، ما لم تتخذ الحكومة بعض الإجرائات لمنع ذلك.[10]

مزايا تقسيم العمل[11]

  1. زيادة المهارة في أداء الأعمال، وذلك لتبسيط الأعمال المطلوبـة.
  2. تنظيم العمل بشكل أكفاء من حيث التوقيت والتتابـع والإشراف.
  3. توفير الوقت وتقليل الفاقد أثناء انتقال العامل من عملية إلى أخرى.
  4. تسهيل استخدام الآلة نتيجة لتقسيم العملية الإنتاجية إلى عدة عمليات جزئية.
  5. كل ما سبق يؤدي إلى زيادة الكفاءة الإنتاجية وزيادة الإنتاج.

لكن المبالغة في تقسيم العمل لها عيوب مثل:

  1. الملل من تكرار نفس العمل الواحد.
  2. يفقد العامل إحساسه بنتيجة عملة لأنه يقوم بعملية جزئية فقط على عكس الحرفي الذي يقوم بإنتاج السلعة كلها.

مقالات ذات صلة

المراجع

  1. ^ Cope، Zak (2015). Divided world, divided class : global political economy and the stratification of labour under capitalism. ISBN:978-1-894946-68-1. OCLC:905638389. مؤرشف من الأصل في 2023-02-10.
  2. ^ Amin، Samir (1976). Unequal development : an essay on the social formations of peripheral captialism [sic]. Monthly Review Press. OCLC:1151842795. مؤرشف من الأصل في 2023-02-09.
  3. ^ أ ب "ILO releases Global Employment Trends 2007". BANGKOK: ILO News. 25 يناير 2007. مؤرشف من الأصل في 2008-10-06.
  4. ^ "eclectic.ss.uci.edu" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2006-05-17. اطلع عليه بتاريخ 2006-08-13.
  5. ^ Kelly، E. L.؛ Goldberg، L. R. (1959). "Correlates of later performance and specialization in psychology: A follow-up study of the trainees assessed in the VA Selection Research Project". Psychological Monographs: General and Applied. ج. 73 ع. 12: 1–32. DOI:10.1037/h0093748.
  6. ^ Adeyoyin، S. O.؛ Agbeze-Unazi، F.؛ Oyewunmi، O. O.؛ Adegun، A. I.؛ Ayodele، R. O. (2015). "Effects of Job Specialization and Departmentalization on Job Satisfaction among the Staff of a Nigerian University Library". Library Philosophy and Practice: 1–20. مؤرشف من الأصل في 2020-09-29.
  7. ^ بول سام ولسون - ويليام د. نوردهاوس - الاقتصاد - ترجمة هشام عبد الله - مراجعة د. أسامة الدباغ
  8. ^ Cours d'économie politique ou de l'exposition principes qui déterminent la prospérité des nations, St. Petersburg 1815. [1] نسخة محفوظة 18 أغسطس 2014 على موقع واي باك مشين.
  9. ^ [2]، جريدة الاتحاد آدم سميث وكتابه ثروة الأممنسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  10. ^ ثروة الأمم، الكتاب الخامس، الفصل. أنا. نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ القاموس الأقتصادي - تأليف حسن النجفي - بغداد - 1977م