تضامنًا مع حق الشعب الفلسطيني |
تامدولت
تامدلوت | |
---|---|
تاريخ التأسيس | القرن 9 |
تقسيم إداري | |
جهة | سوس ماسة |
إقليم | طاطا |
تعديل مصدري - تعديل |
تامدّولت هي مدينة تاريخية إختفت آثارها، ويقع ما تبقى منها على ضفاف وادي درعة حوالي 13 كلم جنوب شرق مدينة أقا بإقليم طاطا، تأسست في القرن التاسع الميلادي على يد الأدارسة،[1] وقد كانت هذه المدينة محطة للربط التجاري بين المغرب وإفريقيا، ونقطة عبور شديدة الأهمية في محور طرق القوافل المتوجهة أو الآتية من السودان، إضافة إلى الدور الكبير الذي لعبته في تصنيع المواد المعدنية المستخرجة من المناجم المحيطة بها، إلا أن هذه المدينة ستندثر بعدما عمها خراب خلال النصف الأول من القرن الرابع عشر الميلادي، بعد أن دمرها المرينيون إذا كانت المرويات حول خراب تامدولت تتداخل فيها الأسطورة بالواقع، وتختلط الخرافة بالحقيقة.[2]
تاريخ
التأسيس
تأسست تامدولت من طرف عبد الله بن دريس، وكانت محطة للربط التجاري بين المغرب وإفريقيا، ومنطلق النشاط التجاري، لوقوعها في خط تجاري فاصل بين سجلماسة واداغوست، الآتية من سوس، والتجارة العابرة للصحراء إلى إفريقيا، فهي محور مرور للقوافل التجارية المتجهة إلى بلاد السودان، وكانت تتميز كذلك بنشاطها الفلاحي، لوجود سهل خصب ما زال يستغل حاليا، إضافة إلى نشاط معدني واستخراج المعادن، ولم يتوقف هذا النشاط بالمنطقة حتى بعد خرابها، بل استمر بنفس الطريقة التقليدية في الإستغلال، مع ساكنة تزونين إلى عهد قريب في جبال العدانة، فهي أهم مركز منجمي لوجود الزنك، والنحاس، والفضة، والرصاص الفضي المعروف “بالكحل” يطلق عليه محليا “تازولت”، ويؤكد ذلك الترسبات المعدنية بالمنطقة، ووجود بقع سوداء أو ما يسمى “بالأشكورية” أو خبث المعادن، وهي بقايا شوائب المعدن المذاب، ويؤكد هذا التواجد المعدني مجموعة من المصادر التاريخية، مثل البكري في “المسالك والممالك” فهي تصدر المعادن إلى المدن المغربية وخارجها، فالمعادن تُحمل من جبال تامدولت إلى المدينة لصهرها، وبواسطتها عاش سكانها حياة الترف والغنى، لذلك يؤكد أحد الباحثين أن تامدولت تعد مركزا معدنيا أكثر مما هي محطة للقوافل التجارية، كما سيلاحظ زائر المكان انتشار قطع الفخار الملون وغير الملون، مما يدل على وجود نشاط حرفي ووجود أفران، وكان وراء النشاط التجاري والمعدني شهرة مدينة تامدولت منذ القرن 9 إلى القرن الحادي عشر الميلادي، وقد أشار الرحالة الجغرافيين المسلمين الذين زاروا المنطقة أو يحتمل زاروا تامدولت في العصر الوسيط، إلى النشاط المنجمي، أمثال البكري واليعقوبي والحسن الوزان.[3]
لم يعد في تامدولت اليوم سوى بقايا أطلال، وبعض بقايا أسوار سميكة العرض، وقُبة في داخلها قبر يقارب طوله 6 أمتار إلى حدود سنة 2006، قبل أن يتعرض لنبش مجهول، ينسب هذا القبر إلى الولي الصالح “محمد بن عبد الله” وهناك من ينسبه لـ “صمويل شنويل” أحد أنبياء اليهود، وهذه الازدواجية في الاسم، تطرح أسئلة تزيد من تعقد مهمة البحث التاريخي.
تعاملت المصادر والكتابات التاريخية بشح كبير مع مدينة تامدولت الشيء الذي لا يتناسب مع مكانتها المزدهرة، وأهم المصادر التاريخية التي تحدث عنها نجد البكري في كتابه “المسالك والممالك
أما المختار السوسي في كتابه خلال جزولة، فالمدينة اندثرت في عهده، وذكر ما قالته المصادر التاريخة حولها، وبين ما شاهده بتحرياته، وقرّب المدينة بوصفها متوسطة التعمير، وعرفت ازدهارا تجاريا مهما، ونقل ما قاله البكري بكون المدينة لها أربعة أبواب، وفيها حمامان وسوق حافلة ونافقة البضائع، وبها مطاحن مائية. كما رصد كتاب: واحات باني العمق التاريخي ومؤهلات التنمية لمجموعة من الباحثين، حديثا حول مدينة تامدولت، وخُصص لها فصلا لمناجمها، وأيضا وصف إفريقيا لحسن الوزان ومعلمة المغرب ومامول كربخال، في حوض وادي درعة ملتقى حضاري وفضاء للثقافة والإبداع وغيرها.
أما جاك مونيي في كتابه: المغرب الصحراوي من الجذور إلى القرن السادس عشر Le Maroc saharien فقد أورد مدينة تامدولت المنجمية، إلى جانب كبريات المدن المشهورة في العصر الوسيط، وتحدث عن اندثارها.
سبب إختفاء تامدولت
تخريب تامدولت بين الأسطورة والحقيقة الأثرية، حيث يلف خراب المدينة الكثير من الغموض والحكايات وصلت حد الأساطير، ونميز هنا بين مصدرين، الأول: الرواية الشفوية خاصة ما احتفظت به القصيدة الأمازيغية والثقافة الشفوية إلى حد الآن، والثاني المصادر التاريخية، فالرواية الشفوية غالبا تتحدث عن حدث واحد رغم تناقضها، لكن تلك الرواية تحفها الأساطير، بينما السبب تعدد في المصادر التاريخية، ونتناول الموضوع على الشكل التالي:
المصادر التاريخية
تتحدث عن تخريب المدينة مرتين: في المرحلة الإدريسية، ثم التخريب الثاني في نهاية القرن السادس عشر الميلادي، فهناك مصادر تتحدث عن أن السبب هو الصراع بين حلفين في القرن الرابع عشر، حلف تاحكات وتاكزولت، وعدم الاستقرار في هذه الفترة نتيجة التطاحن القبلي بين الحلفين، لذلك سمي هذا القرن بقرن الأزمة، وهو الشيء الذي أدى إلى اختفاء وتخريب مدن أخري مثل: إكلي قرب تارودانت، ومصادر أخرى تربط تخريبها بوصول عرب بني معقل إلى المنطقة مع بداية القرن الثالث عشر (المعروفة بالتخريب) حيث ساهموا في إذكاء الصراعات الداخلية التي أفضت إلى تدهور التجارة، مصدر ثراء أهل تامدولت. ومن جهة أخرى ترجعها بعض المصادر إلى التراجع التدريجي لمكانة العملات الفضية والنحاسية في المبادلات التجارية، بعد وصول الذهب السوداني بكميات وافرة، وتحول التجارة الصحراوية بعيدا عن تامدولت، إضافة إلى صعوبة استغلال المناجم في ظل انعدم الأمن.
الرواية الشفوية
فرغم تناقضها في سرد تفاصيل الحدث، إلا أنها تكاد تجمع على أن سبب التخريب والاندثار هو الهجوم على المدينة من طرف محمد أوعلى أمنصاك، وظلت هذه الواقعة تروى في الشعر الأمازيغي إلى حد الآن، وتتناقلها الذاكرة، وهي الرواية التي سجلها “الكولونيل جوستينار” و “الملازم لومال”، وركب منها جاك مونيي هذه الصياغة، فقد وصفها بكونها مأهولة السكان، ويتوافد عليها كم غافر من الزوار، مما كان لازما إصلاح وترميم عتباتها سبع مرات في اليوم، وتتميز حياة أهلها بالغناء والرقص، أما عن سبب تخريبها فهو يربطها بأن هناك رجل يدعى عبد الواحد بن على بن عيسى صاحب أملاك وثروة، يقضي جل أيامه في بساتينه المليئة بأشجار الرمان والنخيل، إلا أنه كان يشعر دائما بالضيم والنقص، من كون ذريته كلها بنات، له منهن سبعا، مما جعله محط استصغار من طرف سكان تامدولت، إلى درجة أن بعضا منهم اعترضوا سبيل إحدى بناته سبعة أيام على التوالي، وهي متجهة بالطعام إلى أبيها في بستانه، ولكي تتمكن من الإفلات منهم، وعمدت في اليوم الثامن على إخفاء الطعام في قفة نخالة، وحين أوصلت الطعام إليه بتلك الطريقة أحس بالمهانة، وصاح في وجه ابنته مريم بقوله: هل أنا كلب حتى يصلني طعامي بهذا الشكل؟ فردت عليه قائلة: الكلب ابن الكلب من لا أخوة له
بعد تفكير في واقعه، أقسم أن يجلب الدمار إلى تامدولت وأهلها، وأقسم ألاّ يمر الطعام من حلقه حتى يرفع الحيف عن بناته، واستنجد بالقائد الثائر محمد أوعلي أمنصاك الإفراني، الذي قصّ عليه ما لقيه من المحن والأخطار ببناته، فاغراه بحجم المكاسب والغنائم التي سيحصل عليها من هجومه على تامدولت، فدبر المكيدة لرد الاعتبار لنفسه، واتفق معه انتظار إشارة بناته بإشعال النيران في إحدى الشرفات، لاستغلال عامل المفاجأة…” فوقع الخراب والدمار لأهل تامدولت لكون فرسان القائد الثائر، لم تأت في المسالك المعروفة والمُراقبة، بل شقّ طريقا وممرا في الجبل، الشيء الذي حقق المفاجأة، وهذا الممر مازالت أثاره شاهدة على الحدث. لقد خُربت المدينة في العهد المريني على الأرجح خلال القرن 8هـ وخلق ذلك قبيلة غير مستقرة، وانتشر سكانها ونزح السواد الأعظم منهم نحو أقا ومعهم اليهود وتزونين وايلالن وأسا ومررت واكنان، وجبال سوس ونسبو “بايدا” و”نيت”، حتى وصل بعضهم إلى زاوية “تمصلحت” بمراكش، ليبدأ تاريخ أقا بالشهرة على يد شيخ زاوية محمد بن مبارك الأقاوي الذي أسهم في بناء الدولة السعدية.
مراجع
- ^ McDougall، James؛ Scheele، Judith (2012). Saharan Frontiers:Space and Mobility in Northwest Africa (ط. 1st). Indiana University Press. ص. 216. مؤرشف من الأصل في 2017-02-25. اطلع عليه بتاريخ 2012-10-09.
- ^ "تاريخ تامدولت". مؤرشف من الأصل في 2019-04-21.
- ^ "تامدولت واقا". مؤرشف من الأصل في 2020-04-12.