أرابيكا:مراجعة لحال أرابيكا العربية

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ملف:ويكي عربية مراجعة لحال أرابيكا.pdf
العرض التقديمي للجلسة (رابط العرض على اليوتيوب) الذي عُرِضَ أثناء مؤتمر ويكي عربية 2021 إلكترونياً، وذلك في 17 أكتوبر 2021.

هذه دراسة بحثية تهدف إلى تقييم النسخة العربية من موسوعة "أرابيكا" ومقارنتها بنسخ اللغات الأخرى وفقاً للإحصاءات المتوفِّرة بهدف التعرّف أكثر على نقاط نجاح وضعف الموسوعة العربية خلال السنوات الماضية. لا تشمل الدراسة استبانة لآراء للأفراد، بل تُركِّز على جمع البيانات الرقمية، مع عددٍ من التحليلات النوعية، والهدف منها أقرب إلى أن تكون تقريراً يشير إلى مكان أرابيكا العربية بين النسخ اللغوية الأخرى. النتائج المرجوّة من هذا العمل هي التعرف أكثر إلى وضع الموسوعة العربية الحاليِّ على أساسٍ بحثي، وإن كان محدوداً بحجم الدراسة الصغير ومدّتها الزمنية، والأمل منه هو الوصول إلى حلول وإمكانيات للاستمرار في تطوير الموسوعة بالاتجاه الصَّحيح ونشر المعرفة الحرّة باللغة العربية.

عن منهج الدراسة

تستعين هذه الدراسة بالتحليل العدديّ والنوعيّ لدراسة أرابيكا العربية ومقارنتها بغيرها من الموسوعات بجوانبها المتعدّدة، بما فيها المحتوى، أي المقالات والصور ونحوها، والمجتمع أي مستخدمي الموسوعة، والأنظمة، أي صفحات السياسات والإرشادات ونحوها والمشاريع، أي المبادرات ومساعي التطوير. استُخْدِمَت البيانات والإحصاءات العددية أساساً لهذه المقارنات كُلَّما أمكن ذلك. مصدر البيانات المستخدمة هو مواقع ويكيميديا الرسمية، ويمكن لمن شاء مراجعتها والتحقق منها. وأما ما لا يمكن التحقّق منه رقماً فقد حاولنا الاعتماد على الدراسات أو المقالات أو البيانات المتوفّرة لسبره، وتُكمِّل مثل هذه المحاولات الدراسة ولا تؤسس لها.

يواجه منهج الدراسة، من غير شك، قصوراً لا بد من الإقرار به في مواضع عديدة. على سبيل المثال، أحد الموضوعات الرئيسة للمقارنات الواردة هنا هو المحتوى، من وجهة نظرٍ رياضية بحتة، تُساعِد بعضٌ من المقاييس على تأطير المحتوى، مثل عدد التعديلات وعدد الكلمات ودراسة عيِّنةٍ جزئية من مقالات الموسوعة ثُمَّ تعميم النتائج على الكل المجمل، وهذه كلّها أمور لها مؤشّرات وإحصاءات ناقشها المجتمع في في صفحات "الميتاويكي"(1) منذ سنين ووصل إلى مؤشّرات متطورة لقياسها. ولكن  ولا يمكن القياس دائماً اعتماداً على الأرقام وحدها، فلا تتوفر أي مؤشرات معتمدة أو عددية يمكن الرجوع إليها، لمعالجة بعض من الموضوعات الأخرى، نحو الحيادية والملحوظية، ولهذا لجأنا إلى استخدام مؤشرات نوعيّة أكثر، مثل مقارنة صفحات السياسات ونقاش الحذف. ومن الضروري أن نُقرَّ هنا أن بعضاً من هذه المؤشرات طُبِّقَت تطبيقاً ضيّقاً جداً، ويلزم التوسع فيه لإدراكها وفهمها فهماً شاملاً، وهذا ما نتطلع لإنجازه بدراسة أخرى على خلال الفترة القادمة تركز على موضوعات أخرى أهمها "الحيادية".

عن أرابيكا العربية

انطلقت النسخة العربية من أرابيكا في شهر يوليو سنة 2003م، أي بعد عامين ونصف على انطلاق أرابيكا الإنكليزية. كانت الموسوعة العربية اللغة الواحدة والعشرين لأرابيكا حين إنشائها، وقد شهدت نشاطاً ضعيفاً في أعوامها الأولى، إذ كانت تعتمد في معظمها على مساهمات مستخدمين مجهولين ولم تكن فيها رقابة ذات جدوى على انتهاكات حقوق التأليف والنشر،[1] كما أن ترتيبها وفقاً المقالات تراجع إلى المرتبة رقم 49، وهو أسوأ ترتيب لها قطّ (في فبراير 2004)، ولعلّ ذلك كان نتيجة لكون الموسوعة مجهولةً في العالم العربي. على أن الموسوعة العربية بدأت تكتسب مجتمعاً منذ عام 2004م، وهو مجتمعٌ كان في جوهره مكوناً أعضاءٌ من مشروع "عربآيز" لتعريب برمجيات لينكس،(2) وكذلك من العرب المقيمين في ألمانيا.

ارتفع عدد مقالات أرابيكا العربية باطِّراد منذ عام 2007م، واكتسبت الموسوعة معظم السياسات الأساسية وأنظمة للإدارة واختيار المقالات المميّزة وما شابه ذلك. بدءاً من عام 2012م، بدأ المجتمع العربي يكسب دعماً من مؤسسة ويكيميديا لتنظيم فعاليات على أرض الواقع وتطوير مشاريع مثل برنامج التعليم المُوجَّه نحو الجامعات وإطلاق المسابقات المموّلة والمشاركة في المؤتمرات وتأسيس مجموعات المستخدمين.

تسارع تطوُّر أرابيكا العربية في السنوات الأخيرة، مع ازدياد مستمرّ في عدد المقالات حتى تجاوزت المليون، وفي عدد مستخدميها النشطين الذي يزيد في المتوسط عن خمسة آلافٍ شهرياً وفي ترتيبها بين اللغات، بعد أن عادت إلى نادي اللغات العشرين الأوائل في عام 2016م وفقاً لعدد المقالات.

مراجعة لأرابيكا العربية

أصدر "معهد أكسفورد للإنترنت" دراسة من مئة وخمسين صفحة في سنة 2013، تشمل تحليلاً عميقاً لموسوعة أرابيكا ومجتمعاتها في منطقة العالم العربي وما حولها؛ ما يعرف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. توصَّلت الدراسة إلى نتائج سلبية تخص المحتوى العربيِّ وحالته بصورة لاتتوافق مع أهمية اللغة العربية ولا مع انتشارها: “يجدر بنا القول إن اللغة العربية تتفوَّق على كلِّ لغةٍ أخرى في قلّة مقالاتها وكثرة الناطقين بها" (غراهام وآخرون، 2013: ص8)، ولم تصدر أي دراسةٍ أخرى بعدها تدرس تقدّم أرابيكا العربية منذئذٍ. ولن تسير هذه الدراسة على خطى بحث أكسفورد بالضبط، فهي تتناول عدداً أكبر من المواضيع تناولاً سريعاً يفتقر إلى عمق دراسة أكسفورد ودقتها، على أنها تحاول أن تُقدِّم صورةً شاملةً عن وضع أرابيكا العربية في عام 2021م بإيجابيَّاته وسلبياته.

يَخلُص تقرير أكسفورد إلى أن قلّة المحتوى في أي نسخة من نسخ موسوعة أرابيكا تُسبِّبُ إهمالاً لتلك الموسوعة، وأما غنى النسخة بالمحتوى فيؤدِّي إلى زيادة المساهمات فيها وتطويرها، ومعنى ذلك؛ أن الموسوعات "الفقيرة" بالمحتوى ستحافظ على فقرها، وأما الموسوعات "الغنيّة" فسيزداد محتواها باضطراد. وكانت أرابيكا العربية، حين إجراء التقرير، واحدةً من أفقر الموسوعات نسبةً إلى حجم جمهورها،[2] إذ يقارن التقرير بينها وبين اللغات الأخرى ذات الحظِّ القليل من المقالات والعدد الكبير من الناطقين -مثل الهندية والمالاوية- ويستنتج في نهاية المطاف أن اللغة العربية كانت آنذاك الأسوأ عالمياً لقلّة مقالاتها مقارنةً بعدد المتحدِّثين الكبير بها.[3]

مرَّت أرابيكا العربية منذ تأسيسها بمراحل كثيرة من التطوّر والنمو، والتي تتطلَّب دراسة عميقة لتصنيفها وتعريفها تراتبياً، ومن الصعب كثيراً احتواء هذه التغيّرات في دراسة قائمةٍ على التحليل والمقارنة بين الموسوعات المختلفة. على سبيل المثال إن نظرنا إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة قبل عشر سنوات نكتشف جانباً من التطوّر الكبير الذي شهدته الموسوعة، فقد استُحدِثَت خلال هذه الفترة أقسام "المقالة الجيدة" و"القائمة المختارة" و"البوابة المختارة" و"هل تعلم؟" وحسابات الشبكات الاجتماعية. ولو عُدْنَا إلى ميدان الموسوعة في سنة 2011 لبدا خاملاً مقارنة مع الميدان الحالي. ومن يتصفَّح المقالات المختارة القديمة سيُفَاجأ بنوعية المقالات التي كانت تُقْبَل للوسم. وتُشْبِهُ هذه اللمحات "رأس جبل جليد" لتغيّرات عميقة أصابت جسد مجتمع الموسوعة وأنظمتها ومحتواها خلال فترة طويلة، وما من طريقة لقياس هذه التغيرات بصورة شاملة.

كانت مجموعات المستخدمين وأعمالها التنظيمية إحدى الجوانب الملحوظة لتطور المجتمع العربي، وقد بدأت بالظهور والتشكل في العالم العربي منذ عام 2015م، وتوسَّعت حتى بلغ عددها سبع مجموعات عربية معترفٍ بها رسمياً وثلاثٌ قيد الإنشاء، وهي تغطّي ثلاث عشرة دولة عربية. ولها إسهامات كبيرة في تنظيم نشاطات ومشاريع وورش ومسابقات تدعم المحتوى العربي في الموسوعة، إلا أن هذه الدراسة استبعدتها لأن هدف مجموعات المستخدمين، أولاً وأخيراً، هو تطوير الموسوعة ومجتمعها، وبالتالي نفترض أن تأثيرها يظهر في البيانات والتحليلات الواردة هنا، ومن الصَّعب قياس تأثيرها بالأرقام خارج نطاق التعديلات المباشرة على أرابيكا ومشاريعها الشقيقة.

نقاط القوة

الإقبال على الموسوعة

الهدف الرئيس لموسوعة أرابيكا هو تقديم محتوى مفيد لعموم الناس، ولذا فإن كثرة استخدام أرابيكا وزيارتها وقراءتها هي مؤشّر لشدة الإقبال على الموسوعة. يُضَاف إلى ذلك أن أرابيكا هي مشروع تعاوني قائمٌ على المساهمات المفتوحة، أي أن زيادة الزوار هي سببٌ مباشرٌ في زيادة المحرّرين والتعديلات والمحتوى. وتشير دراسة "مارك غراهام" من معهد أكسفورد للإنترنت (2013) إلى أن كثرة قراءة وتعديل المقالات تتناسب مع جودتها، ما يعني أن زيادة الزيارات قد تدلّ على زيادة جودة الموسوعة والمحتوى المفيد فيها.

في منتصف 2021 كان عدد زيارات أرابيكا العربية مرتفعاً قياساً بالنسخ الأخرى. كما أن أرابيكا العربية من أسرع الموسوعات نمواً في زوّارها وجمهورها. فعدد زوار الإنترنت يزداد عالمياً في كل سنة، لكن عدد زيارات أرابيكا يقلّ؛ إذ تدلّ الإحصاءات على أن الإقبال على معظم نسخ أرابيكا قد بلغ ذروته منذ سنوات، وهي -منذئذٍ- في حالة انحدار بطيء. على سبيل المثال بلغ عدد زيارات النسخة الإنكليزية ذروته في سنة 2013، والألمانية في 2008، واليابانية في 2014، أما زيارات الموسوعة العربية فبلغت ذروتها في منتصف سنة 2020.

في شهر مايو 2021 تجاوز عدد زيارات أرابيكا العربية ثلاث مئة المليون، ممَّا يضعها في المرتبة 11 عالمياً بعدد الزيارات، إلى جانب كون الموسوعة العربية في المرتبة الثالثة[4] في نسبة نموّ زياراتها في العامين الماضيين (بعد الفارسية والفيتنامية)، إذ ارتفع معدّل الزيارات فيها بنسبة 57% خلال عامين فحسب، وما زال في ارتفاع مستمرّ:

الشكل 1: نسخ أرابيكا بحسب نسبة نمو زياراتها بين شهري مايو 2019 إلى مايو 2021.

لا تنحصر أهمية عدد الزيارات في عدده بل في تأثيره، فهي تُظْهِرُ الإقبال المتزايد  على الموسوعة والثقة فيها، وهو ما يظهر جلياً حين الاطلاع على معدل تصفّح النسخة العربية للموسوعة في العالم العربي. سابقاً كان توجَه معظم زوَّار الموسوعة من الكثير من البلدان العربية نحو أرابيكا الإنكليزية أو الفرنسية، إلا أن عدد زيارات هاتين النسختين من جميع البلدان العربية تقريباً تناقص خلال السنين الماضية بانتظام مع ارتفاع هائلٍ في عدد زيارات الموسوعة العربية. على سبيل المثال كان متصفّحو الإنترنت في العراق يتصفّحون أرابيكا 16 مليون مرة بالإنكليزية و7 ملايين مرة بالعربية في عام 2015، لكن الآية انقلبت الآن بحيث صار عدد زيارات الموسوعة الإنكليزية 5 ملايين فقط والعربية 16 مليوناً، ممَّا يعني أن متصفّحي الإنترنت العرب يفضّلون تصفح أرابيكا باللغة العربية، وقد نُخمِّن أنهم أصبحوا أكثر ثقة بها أو استعداداً لتصفّح محتواها مع مرور الوقت، إما بسبب نموّ هذا المحتوى المستمرّ (كما سوف يأتي) أو لأسباب أخرى.

الجدول 1: عدد زيارات أرابيكا في البلدان العربية في شهر مايو 2021، يُمثل كل بلدٍ سطراً ويُشير اللون الأخضر إلى اللغة التي فيها أكبر عدد من الزيارات.
البلد العربية (بالملايين) الإنكليزية (بالملايين) الفرنسية (بالملايين)
العراق 18 5 0.04
الأردن 11 3 0.03
سوريا 5 0.9 0.02
لبنان 3 4 0.8
فلسطين 4 0.7 0.01
السعودية 52 16 0.1
الكويت 8 5 0.02
البحرين 2 3 0.01
قطر 2 6 0.08
الإمارات 7 27 0.3
عمان 5 3 0.01
اليمن 3 0.5 0.01
مصر 42 13 0.3
السودان 3 1 0.01
ليبيا 3 0.9 0.03
تونس 6 2 6
الجزائر 17 3 11
المغرب 14 5 12
موريتانيا 0.5 0.1 0.3

جودة المحتوى

لا يوجد طريقة حقيقية لقياس "الجودة" في مشاريع الويكي، فالجودة الفعلية تكمنُ في مقاييس لا يمكن التوثّق منها إلا بمراجعة دقيقة مضنية (مثل سلامة اللغة وموثوقية المصادر والحيادية وما شابه)، على أن المتطوعين في أرابيكا ابتكروا طرقاً متنوّعة لقياس غزارة محتوى المقالات وأسس صيانتها والعناية بمحتواها، وتستخدم هذه كأسسٍ تقريبية لمقارنة نسخ أرابيكا المختلفة، وهي تخبرنا نتائج غير متوقّعة عن أرابيكا العربية.

العمق

"العمق" من مؤشّرات الجودة التي لاقت اهتماماً مرتفعاً -نسبياً- في كثير من مجتمعات الويكي منذ وقت طويل، ربما لأنه يظهر على قائمة الأرابيكات التي يتابعها دورياً كثير من المحرّرين. يُقَاس العمق بمعادلة رياضية تقارن عدد مقالات الموسوعة بكمية التعديلات التي تتلقاها كل مقالة، وبصفحات الويكي الفرعية (مثل صفحات النقاش والسياسات والمهام الإدارية)، وتعليل ذلك أن زيادة التعديلات في كل مقالة وزيادة الصفحات الفرعية يُعبِّر عن اهتمام المجتمع بصيانة وتطوير المقالات الموجودة، وليس بزيادة عدد المقالات الكُلِّي فحسب.

تتراوح أرقام "العمق" في نسخ أرابيكا المختلفة من "لا شيء" في أرابيكا الفيتنامية إلى 1,070 في الإنكليزية؛ إذ إن الموسوعة الإنكليزية ما تزال تتربَّع على عرش الأرابيكات في عدد المقالات وفي العمق على حد سواء. عموماً من النادر أن يرتفع مؤشر العمق عن المئة في أي موسوعة، وعادة ما يشير نقصه الشديد -خصوصاً في نسخ أرابيكا التي لها مقالات كثيرة- إلى غزارة المقالات المنشأة آلياً، إذ إن هذه المقالات تزداد باطّراد بدون أن يأبه أحدٌ بصيانتها أو تعديلها. ويظهر هذا الأمر جلياً في إحصاءات العمق لبعض نسخ أرابيكا التي اعتمدت بطريقة شبه حصرية على "البوتات" لرفع مقالاتها مثل المصرية والسيبوانية والسويدية.

حين إجراء مقارنة على أساس العمق مثل باقي مؤشرات الجودة التي تمسّ مقالات الموسوعة كلها، فمن الأنسب أن نُركِّز على المقارنة بين الموسوعات المتشابهة في الحجم، وذلك لأن زيادة عدد المقالات تتبعها زيادة هائلةٌ في أعباء الصيانة والمهام الإدارية. وفي هذه الحالة نجد اللغة العربية في المركز الثالث -وهو أمرٌ مبهر- بين فئة الموسوعات التي تزيد مقالاتها عن المليون (وهي 18 نسخة من أرابيكا حالياً):

الجدول 2: عمق نسخ أرابيكا ذات المليون مقال أو أكثر.[التاريخ مفقود]
الترتيب نسخة أرابيكا عدد المقالات العمق
1 الإنكليزية 6,300,000 1073
2 الفرنسية 2,340,000 242
3 العربية 1,120,000 227
4 الإسبانية 1,697,900 210
5 الصينية 1,208,191 202
6 البرتغالية 1,066,891 176
7 الإيطالية 1,702,955 172
8 الروسية 1,736,269 137
9 الألمانية 2,593,171 93

حجم المقالات

تؤدّي بنا إحصاءات العمق هذه إلى استنتاج سوف نُدلِّل عليه في أقسام عدّة من هذه الدراسة، وهو أن جودة المحتوى في جميع نسخ أرابيكا ضعيفةٌ نسبياً، مع استثناء وحيد طاغٍ على الجميع: وهو الموسوعة الإنكليزية. وسيظهر هذا الأمر جلياً حينما نختبر مؤشّراً آخر لجودة الموسوعات، وهو حجم عيّنة مختارة من المقالات فيها.

طموح موسوعة أرابيكا -وفقاً لكلمات مؤسسها جيمي ويلز- هو أن تبني موسوعة "تَضُمُّ المعرفة الإنسانية كلها"، وهذا طموح هائل يقتضي تنوعاً غير نهائي في موضوعات الموسوعة، إذ تتنوع موضوعاتها بين العلوم والفنون والآداب وألعاب الفيديو وأفلام هوليوود وألبومات الأغاني وآلافٍ من الأمور الأخرى. وقد يُسبِّب هذا التنوع تشتتاً وتخبطاً للمحرّرين الذين يسعون لتغطية فروع المعرفة المختلفة في أرابيكا، لذلك عكف البعض من سنين على إنشاء قائمة منتقاة بعناية تُسمَّى "المقالات التي تحتاجها كلّ أرابيكا"، واكتسبت هذه القائمة أهمية بالغة إلى درجة صارت فيها مؤشّراً على جودة محتوى الموسوعة.

تحتوي النسخة الموسّعة من هذه القائمة 10,000 مقالة، وهو عدد لا يستهان به (بل إنه يتجاوز عدد مقالات نصف نسخ أرابيكا تقريباً)،[5] ويقيس المؤشّر الذي سندرسه أحجام هذه المقالات تبعاً لعدد الحروف فيها،[6] كما يأخذ بالحسبان أن اللغات لا تتكافئ بعدد الكلمات والحروف، وينتهي المؤشر إلى تقييم عدديّ على مقياس مئوي لكل نسخة من أرابيكا.

تظهر لنا من "قائمة المقالات التي تحتاجها كل أرابيكا" حقيقة جوهرية، وهي أن جودة المحتوى في كل لغات الموسوعة تميل إلى التدنِّي والضعف الشديد. بادئ ذي بدء نجد أن نصف نسخ أرابيكا ليس فيها إلا ألف مقال أو أقلّ من هذه القائمة (من أصل عشرة آلاف مقال مطروح). ولو نظرنا إلى أعلى 10% من نسخ أرابيكا، أي أعلى 31 موسوعة وفقاً لهذا المؤشّر، نَجِدُ أن واحدة من كلّ ثلاثٍ منها تفتقر إلى ما يقلّ عن ألف مقال من القائمة، وأن معظمها تحتوي على نسبةٍ من البذور تتراوح بين 40-60% من المقالات المطلوبة.[7] ويظهر ذلك لمن يحاول تصفّح أرابيكا بلغات صغرى بسهولة، فمعظم النسخ -ماعدا الإنكليزية والألمانية والفرنسية- فيها نقصٌ شديد بالمحتوى وكثرة بالبذور ونقص بالمصادر.

الشكل 2: تقييم نسخ ويكيبيدييا بحسب مؤشر المقالات التي تحتاجها كل أرابيكا بنسخته الموسّعة.

وتعاني أرابيكا العربية -كما قد نتوقع- من مشاكل الجودة، إذ إن نسبة البذور تبلغ 40% وفقاً لهذا المؤشر، لكن الخبر الجيّد هو أن نسبة البذور الكبيرة هذه لا تعني أن مقالاتها سيّئة بالضرورة. فما نلاحظه حين النظر إلى بيانات الموسوعة هو أن وسيط حجم المقالات العربية -إحصائياً- متدنٍّ جداً، إذ يبلغ 10 كيلوبايتات لكلّ مقالة، لكن متوسّط حجم المقالة يختلف عن الوسيط اختلافاً شاسعاً: إذ يبلغ 25 كيلوبايت. ما يعنيه اختلاف هذين الرقمين هو أن أحجام المقالات متفاوتة تفاوتاً حاداً، فكثيرٌ من مقالاتها بذور، لكن كثيراً من مقالاتها غزيرة المحتوى أيضاً. ولا تنقص النسخة العربية أي مقالة[8] من مقالات عشرة الآلاف التي "تحتاجها كل أرابيكا". لهذه الأسباب فإن الموسوعة العربيّة تأتي في المركز العاشر بهذا المقياس من بين 310 لغات، واللافت في الأمر هو أن هذا أعلى من ترتيبها حسب عدد المقالات (المركز السادس عشر)، ممَّا يعني أن التناسب بين عدد المقالات وجودتها أعلى في أرابيكا العربية مما هو في معظم النسخ العالمية.[9]

يذكر أن كمية المحتوى الموجود في جميع مقالات أرابيكا العربية حالياً (في شهر يوليو 2021) يعادل 365 مليون كلمة، أي 1,460,400 صفحة مطبوعة أو ما يملأ عدة آلاف من المجلّدات، أي ما يفوق حجم "الموسوعة العربية العالمية" بمئة مرة أو أكثر.

المحتوى المختار

قد لا يتوقع كثير من المحرّرين أن المحتوى المختار من نقاط قوة الموسوعة العربية، وقد يرجع ذلك -بدرجة ما- إلى النسبة القليلة للمقالات المختارة في الموسوعة من محتواها الكلّي، وهي مقالة واحدة من كل 1,700 مقالة في الموسوعة تقريباً (أي 0.06% تقريباً، وهذه من النسب المتدنية عالمياً). على أن دراسة أقرب قد تثبتُ أن المحتوى المختار عربياً -رغم تشتّته- غزيرٌ بنسبة لا يستهان بها، بل ويحتل مرتبة متقدمة عالمياً في كميته وفي أنظمة مراجعته وتدقيقه وتنقيح جودته.

تحتوي أرابيكا العربية 670 مقالاً مختاراً، وهو عدد قليل نسبياً إن قورن بالنسخ الكبرى: إذ إنه أقل بتسع مرات من عدد المقالات المختارة في النسخة الإنكليزية، وأقل بأربع مرات من عددها بالنسخة الألمانية، على أنه يحتلّ ترتيباً مقبولاً عالمياً من حيث العدد، إذ يأتي في المرتبة 13 بين جميع الموسوعات وذلك بنسبة 2.6% من المحتوى المختار بلغات أرابيكا الكبرى.[10]

الشكل 3: نسخ أرابيكا مُرتَّبة بحسب عدد مقالاتها المختارة.

في المقابل تحتوي أرابيكا العربية عدداً شبه مساوٍ من المقالات الجيدة: هو 675 مقال جيّد، ولعلّ المشكلة الأكبر في هذا الرقم ليست قلّته، وإنما في أنه قريب جداً من عدد المقالات المختارة رغم الاختلاف الكبير في شروط الجودة بينهما. للمقارنة يزيد عدد المقالات الجيّدة في النسخة الإنكليزية عن عدد المقالات المختارة بخمسة أضعاف، وذلك لأن المستخدمين يجدون إنشاءها أكثر سهولة. وتأتي أرابيكا العربية في المرتبة 12 عالمياً من حيث عدد مقالاتها الجيدة.

على أن وراء التقارب اللافت في عدد المقالات المختارة والجيدة -عربياً- سبباً بسيطاً يكمن في آلية وسم هذه المقالات. فقد جرت العادة منذ سنين على وسم مقالة مختارة ومقالة جيدة في يوم الأحد كل أسبوع، وذلك بوتيرة ثابتة، ممَّا يعني أن عدد المقالات المختارة والجيدة في أرابيكا العربية يزداد بمعدّل ثابت لا يكاد يتغير: وهو 52 مقالة سنوياً. لكن هل هذا يعني أن المحتوى المختار باللغة العربية -ككلّ- أكثر فقراً من باقي اللغات؟

إن نظرنا إلى المحتوى المختار بتعريفه الواسع، أي لو جمعنا المقالات المختارة والجيدة، فإن مسألة أساسية تتضّح، وهي أن كثيراً من اللغات التي تحتفي بنسبة كبيرةٍ من المقالات المختارة في محتواها (مثل الأفريقانية والعبرية، وفيهما 0.4% و0.2% من المقالات المختارة على التوالي) لا تعتمد سياسة للمقالات الجيدة مطلقاً، وأما الموسوعة العربية فهي نادرةٌ -بالنسبة لحجمها- في أنها تحاول أن تجمع بين الفئتين. قد يكون المحتوى العربي -إذاً- مشتتاً ما بين مختارٍ وجيّد، لكن هذا لا يعني أنه قليل: فحين نجمع الرقمين معاً نجدُ أن في أرابيكا العربية 1250 مقالة مميّزة ككلّ، ممَّا يضعها في المرتبة التاسعة عالمياً من حيث عدد المقالات المميّزة مجتمعة، وهي مرتبة مرتفعة جداً. وقد نلاحظ -للأسف- أن اللغة الإنكليزية تطغى على سائر اللغات الأخرى في غزارتها الهائلة بالمقالات الجيّدة، ولذلك فإن حصّة تلك اللغات من المحتوى المختار تتضاءل جذرياً في الرسم البياني التالي إلى 1.6%، وذلك رغم تحسّن ترتيب اللغة العربية نسبةً إلى غيرها.

الشكل 4: نسخ أرابيكا مُرتَّبة بحسب عدد مقالاتها المختارة والجيدة (مُجْتَمِعَيْن).

بالتأكيد فإن المقالات المختارة والجيدة ليست محض أرقام، فهي تُمثِّل صفوة المحتوى المعرفي في كل موسوعة، وعادةً ما تتناسب جودة هذه المقالات مع تطوّر المجتمع عموماً وخبرته في انتخاب المحتوى المُميّز ومراجعته وتدقيقه. وتظهر هذه الخبرة التدريجية في تاريخ الموسوعة العربية، إذ يظهر الفرق جلياً جداً بين مقالة مختارة وُسِمَت في سنة 2007 وأخرى وُسِمَت في العام الحالي، وقد اختلفت شروط الجودة وغزارة المحتوى ودقة التنسيق واللغة بين المرحلتين جذرياً.

أضيفت في أرابيكا العربية شروط وسياسات جديدة للمحتوى المختار على مر السنين، فشُدِّدَت معايير الحجم وعدد المصادر بناءً على زيادة خبرة المحرّرين وقدرتهم على توسعة المقالات، كما استحدثت مرحلة كاملة (هي مراجعة الزملاء) لتدقيق هذه المقالات بأسلوب مُحكَّم ومتقن قبل ترشيحها للتصويت المجتمعي. وحين مقارنة الموسوعة العربية بأنظمة المراجعة والتدقيق في اللغات الأخرى، يتبيَّن أنها واحدةٌ من ثماني موسوعات معروفة فقط تُطبِّق نظام المراجعة والتدقيق على المحتوى المختار قبل مرحلة التصويت.

من المهم الإشارة هنا إلى أن العادة تجري في كثير من اللغات (أو معظمها)[11][12] على ترجمة المقالات المختارة من نسخ أجنبية من أرابيكا -وخصوصاً الإنكليزية- وذلك لأن كتابة هذا المحتوى الرَّفيع من الصفر تستغرق جهداً وتتطلب خبرة كبيرة عادة ما يفتقر إليها المساهمون. وقد تنطبقُ هذه الحالة عموماً على أرابيكا العربية، على أن الموسوعة شهدت -منذ سنوات- تزايداً يستحقّ الإشادة بعدد المقالات المميّزة الأصيلة[13] فيها، والتي أمست تُغطِّي عدداً معتبراً من الموضوعات التي تخصّ الثقافة والمنطقة العربية. على سبيل المثال لا الحصر:[14] في الموسوعة حالياً نحو 90 مقالة مختارة أصيلة عن شخصيات عربية أو إسلامية تاريخية، و60 مقالة مختارة عن دول وممالك وأحداث تاريخية عربية أو إسلامية، و50 مقالة مختارة عن بلدان ومدن وأقاليم عربية.

فضلاً عن ذلك تحتوي أرابيكا العربية نوعين إضافيَّيْن من المحتوى المتميّز: وهما القوائم المختارة والبوابات المختارة. وتعتبر الموسوعة العربية واحدةً من النسخ القليلة التي تجمع بين أنواع المحتوى هذه كلّها، ورغم نقص الإحصائيات حولها فمن المُرجَّح أن المحتوى المختار بهذه الفئات يحتلّ مرتبات مرتفعة، فعلى سبيل المثال: في أرابيكا العربية 216 قائمة مختارة مقابل 597 بالألمانية، وفيها 128 بوابة مختارة مقابل 153 بالنسخة الإنكليزية[15] و97 فقط بالألمانية.

المراجعة

أرابيكا العربية هي واحدة من عشرين نسخة من أرابيكا تُطبِّق نظام "المراجعات المُعلَّمة"، وهو نظامٌ له إيجابيات وسلبيات متفاوتة للمستخدمين الجدد خصوصاً (والتي ربما تستحقّ دراسة لا مساحة لها هنا)، على أن طريقة تطبيق النظام في تدقيق محتوى الموسوعة العربية كانت ناجحة في جانبين: الأول هو آلية منح صلاحيات المراجعة أو "المحرّر"، والثانية هي السرعة الجيدة لمراجعة المقالات نسبةً إلى حجم المجتمع المتواضع.

في السابق، كان المستخدمون في أرابيكا العربية ينالون صلاحية "المحرّر" تلقائياً بعد مرور شهرين على تسجيل حسابهم وإجراء 150 تعديل على الأقل، مما يعني أن شخصاً يستوفي هذين المعيارَيْن يصبح مؤهلاً لمراجعة المقالات "مراجعة معلَّمة" واعتماد التعديلات المعلقة، وقد أدرك المجتمع بعد فترة أن كثيراً من هؤلاء المستخدمين يسبّبون ضرراً أكثر من نفعٍ بسبب صلاحياتهم هذه. لهذا السبب اعتمد المجتمع العربي عمليَّة مضنية ومضمونة أكثر لمراجعة طلبات صلاحية المحرّر يدوياً، وهي عملية تساعد المساهمين الجدد على اكتشاف أخطائهم وخوض حوارٍ حقيقي مع إداري لتأهيلهم في أمور التحرير.

فضلاً عن ذلك فإن محرّري أرابيكا العربية قادرون على مراجعة وتدقيق الكمّ الهائل من التعديلات الذي تتلقّاه الموسوعة خلال فترة قصيرة نسبياً، وهي لا تزيد عن بضع ساعات في كثير من الأحوال وتبلغ أسبوعاً واحداً وسطياً، إذ إن نسبة المقالات المراجعة في الموسوعة العربية حالياً هي 98.65%، وهو رقمٌ يدلّ على ثباتٍ واستدامة في آلية عمل النظام الحالي. وفيما يلي إحصاءات المراجعات المعلّمة بعددٍ من اللغات التي تُطبِّقها:[16]

نسخة أرابيكا عدد المقالات غير المراجعة نسبة المقالات المراجعة
الإنكليزية 4,081 99.73%
البولندية 5076 99,66%
الألمانية 12,985 99,50%
العربية 15,200 98٫65%
الأوكرانية 82,165 91,35%
الروسية 65,988 81,21%
الإندونيسية 111,330 80,97%

الدعم والتطوير

لا تخلو أرابيكا العربية من نقاط قوّة، إلا أنها ما تزال بحاجةٍ إلى عمل كبيرٍ بالنَّظر إلى انتشارها الكبير والحاجة الكبيرة لتطويرها مقارنةً بعدد المتحدِّثين بها. وقد لاحظت مؤسَّسات إقليمية وعالمية متنوّعة هذا الأمر في السنوات الماضية، إذ إن الدعم الذي تتلقَّاه الموسوعة العربية يتزايد بقوّة وانتظام، وعدد المسابقات والمشاريع والبرامج الموجَّهة نحوها متفوّق جداً على اللغات الأخرى.

في سنة 2011 أصبح العالم العربي واحداً من ثلاث مناطق تُخطِّط فيها المؤسسة لمشاريع لتطوير المجتمع (المنطقتان الأخريان هما البرازيل والهند)،[17] وهي خطة بدأ تنفيذها بإطلاق برنامج أرابيكا للتعليم في مصر سنة 2012. كانت مساهمات طلاب البرنامج في مصر أكبر من مساهمات طلاب الولايات المتحدة، والأهمّ من ذلك هو أن كثيراً منهم انخرطوا في مجتمع أرابيكا العربي.[18]

كان هذا البرنامج محورياً في بدء سلسلة من المشاريع والفعاليات التي أدَّت -تدريجياً- إلى انبثاق نشاطات ويكيميديا على الأرض في بلدان عربية مختلفة، وهو أمرٌ لم يكن له وجود يذكر حتى ذلك الحين، إذ سرعان ما طُبِّق برنامج التعليم في دول عربية شتّى منها الأردن والسعودية والجزائر وفلسطين وغيرها. كما انطلق عدد كبير من المشاريع في العالم العربي خلال السنوات التالية مثل مسابقة "الويكي تهوى المعالم" وورش التحرير والتدريب واللقاءات المحلية ومؤتمر "ويكي عربية" بدءاً من عام 2015، وهي مبادرات من المجتمع، على أن المؤسسة بدأت تتنبَّهُ أكثر -كذلك- للمجتمع العربي.

في السنوات الأخيرة عيَّنت مؤسّسة ويكيميديا أشخاصاً عدّة وظيفتهم الرئيسية أو الوحيدة هي أن يكونوا حلقة وصلٍ بينها وبين المجتمع العربي في التشاورات الكبرى، بما في ذلك مشروع التخطيط الإستراتيجي في سنة 2017 ومنذ سنة 2019 فصاعداً، وفي صياغة مدونة قواعد السلوك منذ 2020، وتوسعة مجلس الأمناء منذ 2021، ويعمل هؤلاء "السفراء" على تعريب صفحات العديد من مشروعات المؤسسة حال نشرها. كما أن للمؤسسة موظّفاً دائماً يدعم الشراكات في العالم العربي، وسفيراً لمشروع فريق النمو لمساعدة الوافدين الجدد (وهو مشروعٌ طُبِّق حتى الآن في أربع لغاتٍ فقط)، وكذلك لمشروع ويكي حقوق الإنسان.

تحصد أرابيكا العربية -أيضاً- عدداً كبيراً من المسابقات المُموَّلة لتشجيع التحرير وزيادة المحتوى واستقطاب المساهمين. كانت أولى هذه المبادرات هي جائزة سايفرز الشهيرة التي انطلقت في منتصف عام 2010 وكانت قائمةً -بدايةً- على التبرّعات، وقد غُيِّر اسمها لاحقاً إلى جائزة المنتج (في ذكرى أحد الويكيبيديّين العرب الراحلين) فاستمرَّت حتى عام 2015، ولها الفضل بكمية هائلة من المحتوى المختارة والمقالات والصور وأعمال الصيانة في الموسوعة ومشاريعها الشقيقة. جاءت المبادرات من خارج المجتمع العربي أيضاً، ومن أبرزها مبادرة بالعربي التي انطلقت في الجامعة الأردنية وتوسَّعت إلى عدة بلدانٍ عربية، والتي ترجمت مئات أو آلاف المقالات الطبية -خصوصاً- إلى العربية، ومبادرة ض التي انطلقت من ألمانيا، والتي نظَّمت مسابقات ساعدت على إضافة 7,000 مقالة إلى الموسوعة منذ عام 2018 فضلاً عن استقطاب الكثير من المحرّرين وإنتاج الفيديوهات التعليمية، ومشروع بيت الحكمة 2.0 الذي ساهم بإنشاء وتطوير أكثر 20,000 مقالة في الموسوعة العربية منذ عام 2018.

خلال الاثني عشر شهراً الماضية فقط انطلقت ثلاث مسابقات ضخمة بتمويل خارجي ضخمٍ لتطوير المحتوى واستقطاب المساهمين الجدد في أرابيكا العربية، أكبرها كان "مشروع المعرفة" الذي أدى إلى تطوير أكثر من 3,000 مقالة في مختلف الموضوعات وإنتاج فيديوهات قيّمة جداً في تعليم التحرير، وفي الوقت الحالي ينطلق مشروعان جديدان هما: "كاتب مكتوب" (الذي يختصّ بمقالات الكتاب والأدباء العرب) و"طالب الجامعة المترجم" (الذي يستهدف طلبة الجامعات العربية). ويُركِّز كثيرٌ من هذه المشاريع والمبادرات على تطوير المقالات والمحتوى، وهو هدفٌ قصير الأمد ظاهرياً، إلا أن كثيراً منها بدأ يهتمّ باستقطاب المساهمين الجدد واستهداف فئات جديدة من الشباب والطلاب العرب، ممَّا يُبشِّر بتطوّر قاعدة ضخمة من الدعم الضروري لتطوير الموسوعة العربية.

نقاط الضعف

حجم المجتمع

يجب الرجوع في قياس أي مجتمع من المساهمين إلى عاملين أساسيَّيْن: الأول هو -بالطبع- عدد المساهمين المنخرطين في أي مشروع، والثاني هو نسبة التجديد واستقطاب المساهمين المبتدئين، فهذا الرقمان يدلّان على كيفية نموّ المجتمع مع مرور الوقت وعلى إمكانية ازدهاره أو اضمحلاله مستقبلاً. والحقيقة هي أن هذه الأرقام ليست متوفرة بدقة في الوقت الحالي، لكن آخر الإحصاءات المتوفرة لدينا لها جانبان بخصوص أرابيكا العربية ومستقبل مجتمعها: أحدهما إيجابي، والآخر سلبي.

كانت مؤسسة ويكيميديا تنشر إحصاءات عن عدد المساهمين الجدد[19] في مشاريع الويكي مرة في نهاية كل عام وذلك حتى نهاية سنة 2018، ثم توقفت بعد ذلك عن نشر هذه الأرقام إثر الانتقال إلى نسخة جديد من "ويكي الإحصاءات"، ولم تعد النسخة الجديدة -لسبب ما- تنشر بيانات عن عدد المنضمِّين الجدد. على أننا سوف نحاول أن نُحلِّل البيانات التي بين أيدينا ونستدلّ منها على كيفية تغير أعداد المساهمين في نسخ أرابيكا المختلفة، بما فيها أعداد المساهمين النشطين؛[20] التي ما زالت متوفرة لنا.

المساهمون النشطون

لا شك بأن أي مقارنة عددية بين المستخدمين النشطين في أرابيكا العربية مع اللغات الكبرى تخلص إلى نتيجة جلية، وهي أن حجم مجتمع الويكيبيديّين العرب ما يزال ضئيلاً جداً نسبة إلى عدد الناطقين باللغة، بل إن المجتمع العربي ما يزال ضمن "فئة ثانية" يصعب علينا أن تدخل مضمار المنافسة مع المجتمعات الكبرى.

تتضمَّن هذه الدراسة مقارنة في نمو عدد المساهمين بين عشر مشاريع للويكي منذ سنة 2003 إلى 2021، ومن بين هذه المشاريع لغاتٌ تشبه العربية في انتشارها (مثل الفرنسية والإسبانية والروسية)، وكذلك لغات قريبة منها جغرافياً (مثل الفارسية والعبرية)، ويظهر من هذه الأرقام أن النسخة العربية فيها أقل عددٍ من المساهمين بين هذه اللغات العشر منذ إنشائها تقريباً، بل إن الفجوة بينها وبين تلك اللغات لم تقلّ عن أربع أو خمس أضعاف عدد المساهمين تاريخياً.

الشكل 5: تغير عدد المساهمين النشطين (سلبًا وإيجابًا) في أربع من نسخ أرابيكا الكبرى منذ إنشائها وحتى شهر مايو 2021.

وأما ما قد يدعونا لأن نحفظ حيطاً من الأمل فهو أن المجتمع العربي لا يشهد تباطؤاً في نموّه. فقد بدأت أرابيكا العربية من مجتمعٍ شبه معدومٍ وحقّقت نمواً سريعاً جداً في سنيها الأولى، وما زال مجتمعها في حالة نمو مستمرّة منذ ذلك الحين تنقص حيناً وتزداد حيناً. وتتناقض هذه الوتيرة مع بعض النسخ الكبرى من أرابيكا المتضمّنة في هذه المقارنة، إذ وصلت معظم اللغات الكبرى إلى "قمّة الهرم" أو ذروة حجم المجتمع منذ سنين طويلة. وفيما يلي تاريخ بلوغ هذه الذروة في المجتمعات التي تضمنتها المقارنة:

نسخة أرابيكا ذروة عدد المساهمين النشطين تاريخ الذروة
الإنكليزية 64,000 مارس 2007
الألمانية 11,000 يناير 2008
الروسية 5,200 يناير 2011
الصينية 3,500 أبريل 2020
الإسبانية 5,500 مايو 2020
اليابانية 6,000 مايو 2020
الفرنسية 6,900 مايو 2020
العربية 1,700 مايو 2020
العبرية 1,300 يناير 2021
الفارسية 2,000 أبريل 2021

شهد المجتمع العربي تباطؤاً في نموّه ببعض الفترات قد نعزوه إلى القلاقل الكثيرة التي مرَّت بها المنطقة سياسياً في العقد الماضي، وتظهر هذه التباطؤات بحدّة في سنة 2013 ومن ثم في عامي 2015 إلى 2016، وقد استعاد المجتمع -بعدها- نمواً ممتازاً على مدار السنين الخمس الماضية ما زال مستمراً حتى هذه اللحظة. على أننا نلاحظ أن النمو المطّرد في السنوات الماضية كان جزءاً من انتعاشٍ عام في مجتمعات الويكي وصل قمّته في فترة فيروس "كوفيد-19" والحجر المنزلي الذي أدى إلى تضاعف الحركة على الإنترنت، وهو أمر لا يخص المجتمع العربي وحده. بالتالي فإن مجتمع أرابيكا العربية ما يزال في حالة نموّ مباشرة، إلا أن معدّل نموه الحالي لا يدلّ على أنه قادرٌ على اللحاق بغيره من اللغات الكبرى في الأمد القريب، بل إن معدّل نموه أبطأ بنسبةٍ معتبرة من كثيرٍ من أقرانه مثل المجتمع الفارسي؛ الذي كان أصغر من المجتمع العربي لسنين طويلة، على أنه تجاوزه الآن بمسافة شاسعة حسب ما يظهر في الرسم البياني.

أخيراً يمكننا الرّجوع إلى عددٍ متنوّع من العوامل لدراسة نشاط المستخدمين العرب، ومن المؤشرات التقريبية على عيوبها قائمة أول 500 مستخدم في عدد التعديلات، والتي تشير إلى عدد المحرّرين الذين التزموا بالمساهمة في الموسوعة لفترة طويلة. يظهر من تاريخ القائمة في أرابيكا العربية أن هؤلاء المستخدمين في نمو مستمرّ، إذ ارتفع عدد مساهمات المستخدم رقم 500 على القائمة من 400 تعديل (في سنة 2011)، إلى 1,500 (في 2016) ثم 3,600 (في 2021). لكن هذا العدد ما يزال تعيساً إلى جانب قوائم المستخدمين في بعض النسخ الأخرى:

نسخة أرابيكا أقل عدد مساهمات في قائمة المستخدمين حسب عدد التعديلات[21]
الإنكليزية 121,000
الفرنسية 41,300
الإسبانية 25,400
العربية 3.600

المستخدمون الجدد

لهذا إن أردنا النظر نحو المستقبل والتكهّن بفرصة نمو المجتمع العربي، فمن الضروري أن ننظر إلى معدّل استقطاب الجدد لما يترتّب عليها من استدامة المجتمع على مرّ السنين، ومن إمكانية نموه أو تضاؤله في المستقبل القريب.

كما ورد آنفاً فإن آخر إحصائية متوفرة لعدد المساهمين الجدد في أرابيكا (بجميع نسخها) تعود إلى نهاية سنة 2018، وحسب تلك الإحصائية تأتي أرابيكا العربية في المرتبة رقم 11 عالمياً من حيث عدد المستخدمين الجدد شهرياً، وهي مرتبة أفضل بدرجة معتبرة من ترتيب الموسوعة العربية من حيث المساهمين النشطين آنذاك، ممَّا قد يُبشِّر -للوهلة الأولى- بنموّ واعد في المستقبل القريب. رغم ذلك فإن تحليل هذه الأرقام يدعونا -مثل المرة السابقة- إلى أن نجد سبباً للتفاؤل وآخر للتشاؤم.

الشكل 6: عدد المستخدمين الجدد في نسخ أرابيكا حسب آخر إحصاء متوفّر، وهو من شهر ديسمبر 2018.

مثلما رأينا في أرقام المستخدمين النشطين، فإن عدد الوافدين الجدد في أرابيكا العربية ما يزال ضعيفاً مقارنةً باللغات التي تشبهها في عدد الناطقين، لكن الفجوة -في هذه الحالة- منطقية أكثر: فعدد المستخدمين الجدد في المجتمع العربي ليس بعيداً جداً عن عددهم في المجتمع الإيطالي أو البرتغالي أو الفارسي، وهي من المجتمعات الكبيرة نسبياً. وما تزال الفجوة معتبرة بين القادمين الجدد في المجتمع العربي والمجتمعات الكبرى (فمثلاً: تتلقى النسخة الإسبانية والإسبانية ثلاثة أضعاف عدد المستخدمين الجدد العرب)، لكن هذه الفجوة تتضاءل بسرعة كبيرة،[22] فمن بين اللغات العشر التي درسناها أعلاه يأتي المجتمع العربي في المرتبة الثانية من حيث زيادة عدد المساهمين الجدد في سنة 2018، وذلك بعد المجتمع الفارسي مباشرةً.

لكن هناك مسألة أخرى تدعو لبعضٍ من التشاؤم. فحينما نقارن أعداد الوافدين الجدد بالمستخدمين النشطين، نَجِدُ أن الزيادة المطّردة في المساهمين الجدد العرب لا تتناسب أبداً مع نمو المجتمع: فمثلما رأينا سابقاً المجتمع العربي ليس متميزاً في سرعة نموّه. بعبارة أخرى فإن الموسوعة العربية تستقطب عدداً كبيراً من الجدد، لكن الجدد الذين يُقرِّرون البقاء في المجتمع قليلون جداً نسبةً إلى المجتمعات الأخرى، مما قد يوحي بأن المجتمع العربي لا يُجِيد الترحيب بالجدد أو تعليمهم أو تحفيزهم على الاستمرار. وهو أمر سوف نعود لذكره في التوصيات.

الشكل 8: التغير السنوي في عدد المساهمين الجدد في 10 من نسخ أرابيكا الكبرى منذ إنشائها وحتى تاريخ آخر إحصاء متوفّر، وهو من شهر ديسمبر 2018.

الحيادية

لطالما كانت الحيادية واحدةً من أكثر الأمور الجدلية في أرابيكا، ومن الأمور التي وُجِّهَت فيها الانتقادات واللوم -خصوصاً- نحو النسخة العربية. وليست هناك معايير عددية بحتة للحكم على الحيادية، فهي تتطلَّب بحثاً نوعياً يقوم على دراسة مُطوَّلة للنصوص المكتوبة وليس للأرقام، ولذلك يعمل مؤلِّف هذه الدراسة -حالياً- على مشروع بحثيٍّ (منفصلٍ عن هذه الدراسة) موضوعه هو "حيادية المقالات الثقافية والسياسية في أرابيكا العربية". ولا يمكن التكهّن بالنتيجة النهائية لذلك المشروع بعد، لكننا نستطيع أن نشير إلى بعضٍ من المشاكل الموجودة في الموسوعة العربية بهذا الخصوص.

بما أن "الحيادية" هي ركيزة من "الركائز الخمس" التي تقوم عليها أرابيكا بأكملها، فلا شك بأن تطبيقها يبدأ بوجود سياسة وقوانين واضحة تنصّ عليها. وقد تجاوز عمر أرابيكا العربية حالياً ثمانية عشر عاماً، إلا أن الصفحة التي تتحدث عن ركيزة الحيادية ما تزال هزيلة ومحزنة، إذ لا يتجاوز عدد كلماتها 700 كلمة، أي ثلاث صفحات مطبوعة. ولو نظرنا إلى صفحة السياسية الإنكليزية نَجِدُ عن كيفية تحقيق الحيادية بالموازنة بين وجهات النظر وتخيّر المصادر وصياغة الكلمات، ولها صفحة نقاش بأرشيفٍ عملاقٍ فيه 56 نسخة سابقة، وأما السياسة العربية فإن صفحة نقاشها (التي يفترض أن تُكرَّس لمراجعة السياسة وتطويرها) فيها أربع تعليقات أحدثها عمره سبع سنوات، وموضوعها -كلّها- هو طلباتٌ لترجمة السياسية الإنكليزية.

إجمالاً، لا تشتهر أرابيكا العربية بقوّة حياديتها، بل إنها تتلقَّى انتقاداتٍ عدّة بين الفينة والأخرى. يعرف مجتمع الموسوعة مسبقاً بهذه الانتقادات وله آراء متفاوتة فيها، مثل الخلاف الشهير حول تسمية "الخليج العربي" أو -كما يُعْرَف عالمياً- "الخليج الفارسي"، ومثله الاعتراض على اسم منطقة "الأهواز" أو "الأحواز" وحالة الشكوى على أرابيكا العربية، وعلى السيادة المغربية بمدينة سبتة.

بمعاينة بعض المقالات المختارة، تظهر في أرابيكا العربية حيادية كبيرة في بعض الموضوعات الحسَّاسة سياسياً، مثل مدينة القدس، والتي فيها تضمينٌ معتبرٌ لوجهتي النظرة الفلسطينية والإسرائيلية. من جهة أخرى، فإن معظم مقالات المدن الإسرائيلية تَصِفُ هذه المدن أساساً أو حصراً على أنها تقعُ في "فلسطين التاريخية"، بل إن بعض مقالات المدن الأخرى (مثل حيفا) لا تكاد تتطرَّق إلى دولة إسرائيل إلا في سياقات الضرورة، ويبدو أنها تحاول تجنُّب ذكر اسم "إسرائيل" في سياقات الحديث عن ثقافة هذه المدن أو معالمها أو هويتها المعاصرة.

أخيراً، فإن معاينة بعض المقالات المراجعة في أرابيكا العربية والمُصنَّفة ضمن "المحتوى المختار" فيها نتائج سيّئة جداً للحيادية، خصوصاً في الموضوعات التي تمسُّ الثقافة العربية. على سبيل المثال، إحدى المقالات الموسومة كـ"مقالة جيّدة" منذ سنواتٍ تحتوي أوصافاً في المبالغة والتبجيل أقرب للكتابة الصحفية، مثل: "[عرَّض] نفسه للخطر لأجل أن يحمل السلام والغوث.. بيد فيها رغيف ويد فيها مصباح نور … وأما سلاحه الإيماني الذي حسم معاركه في سبيل الله والمستضعفين والفقراء فآيات استقرت في قلبه". ويدلّ هذا على نقص التدقيق والمراجعة للمحتوى كاملاً (بما فيه المقالات المختارة) لواحدةٍ من ركائز الموسوعة الكبرى.

الملحوظية

يقول بحث نشره "مارك غراهام" عن أرابيكا في سنة 2013:

«تَصِفُ أرابيكا نفسها بأنها موسوعة تسعى إلى (جمع المعرفة الإنسانية كافّة)، إلا أن وراء هذا الشعار الرنَّان قوانين تعسُّفية وخلافات تحريرية مرهقة وشروطاً في المصادر تعيقُ الموسوعة في تمثيل هذا الكم من المعرفة".[23]»

كان موضوع بحث "مارك غراهام" هو المعاملة غير العادلة التي تتعرَّض لها مقالات العالم العربي في أرابيكا، ومن أمثلة ذلك أن هذه المقالات تفتقر إلى المصادر الأكاديمية التي يعترف بموثوقيتها وملحوظيتها مجتمع أرابيكا، ولذلك فإن وجهة النظر العربية تختفي فيها تقريباً وتًُبِحُ مساحةً للمحرّرين والباحثين الغربيِّين للحديث عن العالم العربي من وجهة نظرهم. ولعلَّنا نستطيع أرابيكا العربية الآن أصبحت تُسَاهِمُ بقوَّة في تطبيق هذه المعاملة على نفسها، وهو ما يتجلَّى في أسلوب العمل بسياسية "الملحوظية"، والتي تُطبَّق في أرابيكا العربية بتشدِّد أكبر بوضوحٍ من تطبيقها بالإنكليزية، وربّما أكثر من معظم نسخ أرابيكا عالمياً.

في وقت إجراء هذه الدراسة، كانت في أرابيكا العربية 26 مقالة مُرشَّحة لنقاش الحذف، منها 17 مقالة رُشِّحَت بناءً على نقص الملحوظية. يمكننا -إذاً- أن نُخمِّنَ أن سياسة المحلوظية هي واحدةٌ من أكثر السياسات استشهاداً بها في أرابيكا العربية، ومن المذهل أن صفحة السياسة ذائعة الصيت هذه لا تحتوي أكثر من 600 كلمة، أي صفحتين تقريباً، ومعظمهما مُخصَّصتان لتعريفٍ مع روابط لعدّة صفحات فرعية هزيلة كذلك. والنتيجة غير المفاجئة هي أن معظم المقالات تُرشَّح للحذف بناءً على سياسة "الملحوظية" بدون عبء الإشارة إلى أين بندٍ أو شرط محدّد في السياسة. فمن أصل 17 حالة رُشِّحت للحذف بناءً على نقص الملحوظية: ثلاث حالات فقط فيها إشارات إلى بنود بعينها من سياسات الملحوظية، وثلاث حالات فيها إشارة إلى فئة فرعية من فئات الملحوظية (مثلاً: "لا تستوفي ملحوظية الأكاديميين"، بدون تحديد أي بند من السياسة).

لا شك بأن هذا الموضوع (مثل الحيادية) يتطلب بحثاً شاملاً لتقييمه بدقّة، على أن البحث المتواضع الذي أُجرِي عنه في سياق هذه المراجعة غير مُبشِّر: فمعظم المشاهدات البسيطة هنا توحي بأن تطبيق سياسة الملحوظية سطحي، بل إن السياسات نفسها فيها ثغرات كبيرة ونقص بالمحتوى. على سبيل المثال، تشير سياسة معايير السير الشخصية إلى أن الحد الأدنى للمؤلّف الملحوظ هو خمسة كتب منشورة، مما يعني أن ج. ك. رولنغ لم تستوفِ ملحوظية أرابيكا العربية إلا بعد نشر الرواية الخامسة في سلسلة هاري بوتر ذائعة الصيت، وذلك بعد أن كانت قد باعت ملايين النسخ وحُوِّلت رواياتها إلى فلمين سنمائيَّين، وهذه نتيجة إلى أن ملحوظية الموسوعة العربية تعتمد كثيراً على الشروط العددية بدلاً من أن تكون الملحوظية قائمةً على توفّر المصادر الموثوقة. وأما على صعيد التطبيق، فإن صفحات نقاش الحذف فيها عددٌ كبيرٌ جداً من اقتراحات وتصويتات "الشطب" أو "الحذف" التي تقوم إما على ادعاء بسيط بأن المقال "لا يستوفي الملحوظية" أو بطرحٍ مباشر للآراء الشخصية.

أخيراً، من العسير إجراء أي مقارنة في معايير الملحوظية بين الموسوعة العربية ونسخٍ أخرى، لكن من المُرجَّح أن تطبيق سياسة الملحوظية عربياً أكثر تشدّداً منه في كثير من اللغات الأخرى، خصوصاً الإنكليزية. من أمثلة ذلك وجود عددٍ من المقالات التي حذفتها أرابيكا العربية رغم بقائها باللغة الإنكليزية، مثل سارة حجازي (التي توجد بأكثر من عشرين لغة)، وشخصيات عديدة حُذِفَت من العربية سابقاً أو ما تزال محذوفة (مثال)، بل إن واحدةً من المقالات المرشحة للحذف وقت إجراء هذه الدراسة لها مكافئٌ في أرابيكا الإنكليزية والبولندية منذ سنين. ويذكر -على الجانب الآخر- أن هناك مقالات موجودة بالعربية وغير موجودة بالإنكليزية.

على الجانب المشرق، يوجد حالياً مشروع جارٍ بقوّة ونشاطٍ لتطوير وتجديد وتأهيل سياسات الملحوظية في أرابيكا العربية، وهو بصدد العمل على تطوير ثماني عشرة سياسة فرعية ورئيسية للملحوظية، من ضمنها ثلاث سياسات مكتملة قيد الطرح والمراجعة. وقد يؤدِّي هذا المشروع -في حال الاستمرار فيه- إلى سدّ ثغرة ومشاكل سياسات الملحوظية في أرابيكا العربية بمعظمها، وأما ما قد يبقى فهو إعادة النظر في التطبيق المنهجي الذي يُركِّز على بنود السياسات عوضاً عن الآراء الشخصية.

عدد البذور

منذ سنوات طويلة كان هناك اهتمام كبير بإنشاء المقالات كميًّا باستخدام الأدوات والبوت، بالإضافة إلى المسابقات من أجل إنشاء مقالات في مجال معين، كل هذا تسبب في زيادة عدد المقالات ولكن أغلبها بذور لم يهتم أحد بزيادتها أو تطويرها حتى الآن. كثير من هذه المقالات فقيرة في محتواها وتحتاج لتضافر جهود المتطوعين وتحتاج إلى اهتمام وحملات للعمل على إثراء هذه المقالات بدلاً من التركيز على إنشاء مقالات جديدة.

صحيحٌ أن ترتيب أرابيكا العربية مرتفعٌ في عدد المقالات المختارة والجيدة وأن نقاطها مرتفعةٌ في مقاييس العمق والجودة، وصحيحٌ أننا رأينا أن معظم نسخ أرابيكا تتّسم بضعفٍ عام ونقص في المقالات، لكن -رغم هذه الأمور- فإن ألقينا نظرةً على إحصائيات البذور نرى كمية التباين الكبير في محتوى الموسوعة: فأرابيكا العربية غنيّة بمقالاتٍ كثيرة استثنائية في جودتها ويندر وجود مثيلٍ لها في الموسوعات الأخرى، لكن أرابيكا العربية -كذلك- فيها عددٌ هائلٌ من البذور يتجاوز النسبة المتوقعة، بل وقد نَجِدُ فيها أعلى نسبة من البذور عالمياً إن قارناها باللغات الكبرى المماثلة لها.

في شهر سبتمبر 2021، كانت في أرابيكا العربية نحو 920 ألف بذرة، وهو ما يعادل 81% من مقالات الموسوعة، وتتّضح فداحة هذه النسبة وتجاوزها للحدود المألوفة من الجدول الآتي:

اللغة نسبة البذور عدد البذور عدد المقالات
العربية 80٫91% 919137 1136005
الفارسية 68٫47% 570863 833737
الصربية 50٫53% 328118 649372
الفرنسية 47٫86% 1129773 2360484
الإنكليزية 36٫50% 2327741 6377061
الصينية 29٫55% 363155 1228922
الإيطالية 26٫81% 460321 1716691
التركية 20٫93% 89428 427317
العبرية 14٫24% 43102 302741

ضعف صفحات المساعدة

الكثير من صفحات المساعدة الموجهة للجدد تعاني من الكثير من المشاكل أبرزها: أنها ليست بسيطة ومكتوبة بصياغة غير مناسبة لشخص يتعرف لأول مرة على أرابيكا، المشكلة الثانية أنها ليست منظمة بشكل جيد فقد يكون هناك صفحات مكررة أو عدة أشخاص قاموا بتنظيم الصفحات بحسب رؤيتهم مما جعلها تبدو عشوائية، المشكلة الثالثة أن أغلبها مترجم وقد تكون مكتوبة بشكل ركيك من الصعب فهمه أو استيعابه، المشكلة الثالثة أنها تعاني من التقادم سواء في التصميم أو المحتوى فالكثير من الصفحات المساعدة مر عليها أكثر من 10 سنوات بلا تحديث! طبعاً كل هذه المشاكل السابقة تؤدي لتنفير المستخدمين الجدد مما يزيد من الأخطاء والمخالفات.

قلة صفحات الإرشاد والخواطر

صفحات الإرشاد والخواطر الهدف منها شرح السياسات وبنودها بشكل تفصيلي كما هو الحال في أرابيكا الإنجليزية حيث يوجد بها نحو 483 صفحة إرشاد و2000 صفحة خواطر حول أرابيكا، هذه صفحات تشرح لك مصطلح معين أو جزئية معينة تساعد المستخدمين الجدد على استيعاب القواعد أو ربما تنقل خبرات المستخدمين القدامى، وأيضاً تساعد خلال النقاشات من خلال الإشارة لصفحة معينة تجعل الطرف الأخر يفهم ما يقصده بدون الحاجة للشرح الطويل، هذه الصفحات تساعد في علاج الكثير من مشاكل تضارب المفاهيم وتجعل المعايير واحدة ومتفق عليها.

عدد المقالات

عدد المقالات ليس علامة ممتازة على كمية المحتوى الموسوعي، ولهذا فلم يكن من الواضح إن كان جزءاً مفيداً من هذه الدراسة، على أن عدد المقالات له أهميته: فلا أحد يستطيع القراءة بالعربية عن موضوعٍ غير موجود أصلاً، وعدم وجود مقالة قد يكون أسوأ من أن تكون بذرة. ولا شك بأن الآراء التي قد تتفاوت في هذه المسألة، لكن من المفيد مقارنة عدد مقالات كل موسوعة بعدد الأشخاص الذين يتحدثون لغتها حول العالم لقياس كمية المحتوى المتوفر بلغتهم، وهو ما يثبتُ لنا أن أرابيكا العربية ربما تعاني من نقصٍ في المقالات بقدر ما تعاني نقصاً في الجودة، أو أكثر.

المقارنة على أساس عدد المقالات والناطقين باللغة ليست دقيقة تماماً لأنها تتحيَّز باتجاه اللغات التي يتحدث بها عدد قليل جداً من الناس كلغة أم، مثل اللغات المصطنعة (ومن الإسبرانتو وغيرها)، فبعض هذه اللغات فيها مقالة واحدة لكل خمسة أو عشرة أشخاص يتحدثون بها. وتتصدَّر هذه القائمة -بعد اللغات المصطنعة- لغات كثيرة لها عدد قليل نسبياً من الناطقين، مثل السويدية والهولندية والشيشانية والكردية والعبرية، وهي لغات لا تشترك بالضرورة بغزارة المحتوى أو جودته. لكن هذا لا يعني أن المقياس عديم القيمة، بل له نتائج مهمّة كذلك. وتظهر هذه النتائج بسهولة في الجدول الآتي، الذي تضمَّن نسبة المتحدثين لعدد المقالات في لغات الأمم المتحدة الرسمية:

نسخة أرابيكا عدد المقالات عدد المقالات لكلّ ألف متحدث
الإنكليزية 6,300,000 12.5
الروسية 1,730,000 10.5
الفرنسية 2,340,000 8.5
الإسبانية 1,700,000 3.6
العربية 1,120,000 3.5
الصينية[24] 1,200,000 1

عدد الإداريين

بسبب نقص الإداريين في ويكيبدييا العربية وكثرة المحتوى، يغدو كل إداري "مسؤولاً" عن صيانة عددٍ أكبر من المقالات، إذ نَجِدُ على أن مقابل كل إداري في الموسوعة أكثر من 40,000 مقالة! هذا يعني أن العبء الواقع على الإداري العربي في مراجعة المقالات هو ضعف مثيله في أرابيكا الفارسية، وأكثر من خمسة أضعاف عبء الإداري في أرابيكا العبريّة، وأكثر من ستة أضعاف عبء الإداري في أرابيكا الإنكليزية.
أقل من واحد من كل 200 مستخدم نشط (0.46%) في أرابيكا العربية هو إداري، وهي نسبة سيئة جداً كما يظهر من المقارنة مع نسخٍ مثل الإنكليزية (0.84%) والألمانية (1%) والبولندية (2.35%).

يجري الإداريون في أرابيكا العربية أكثر من 200 مهمّة يومياً بين حذف للمقالات ومنع للمستخدمين المخالفين وحماية من التخريب وما شابه، وهذا عبء ضخم يحتاج ساعات من العمل يومياً تقع على كاهل إداريين متطوعين. لهذا السبب فإن وجود عددٍ كاف من المستخدمين الكفؤين والمؤهلين للصلاحيات الإدارية أساسي جداً في أي مجتمع، خصوصاً حينما يزيد حجم المحتوى، ولهذا فإن إحدى المشكلات اللافتة أن 27 إدارياً فقط يتولّون عبء صيانة موسوعة عربية فيها أكثر من مليون مقال.

عدد الإداريين في الموسوعة العربية قليل جداً بمقاييس المحتوى، بل إنها متميّزة بين الموسوعات التي تشبهها في الترتيب بشحّ الإداريين. على سبيل المثال، تأتي أرابيكا العربية في المركز 16 من حيث عدد المقالات، إلا أن مركزها هو 24 من حيث عدد الإداريين.

نظراً إلى التناسب بين الإداريين وعدد المقالات، يمكننا القول أن كل إداري في الموسوعة العربية "مسؤولٌ" عن 42,000 مقالة، وأما الإداريون في معظم نسخ أرابيكا التي شملتها المقارنة فهم مسؤولون عن ثلث هذا الرقم فحسب، وذلك نظراً إلى غزارة المستخدمين الذين يحملون الصلاحيات الإدارية، بل إن الإداري في أرابيكا العبرية يتولّى مسؤولية 8 آلاف مقالة فقط، وفي الإنكليزية أقل من 6 آلاف. ككلّ، جاءت أرابيكا العربية في المرتبة رقم 22 بين 24 نسخة،[25] وهو ما يظهر في الرسم أدناه (إذ إن ارتفاع العمود الأزرق هو مؤشر سلبيّ يدل على كثرة المقالات):

إجمالاً، يبلغ عدد الإداريين في النسخة العربية واحداً من كل مئتي مستخدم نشط تقريباً، وهي -كذلك- واحدة من أسوأ ثلاث نسبٍ بين عدد المستخدمين والإداريين ضمن 24 نسخة من أرابيكا شملتها المقارنة. ويبدو أن هذا الرقم يشير إلى ضعفٍ في تأهيل المستخدمين الجدد للصلاحيات الإدارية أو في نظام ترشيح الإداريين في أرابيكا العربية، إذ إن عدد الإداريين العرب -في الواقع- يتناقص منذ سنين، وذلك من ذروة بلغت 35 إدارياً بين سنتي 2012 إلى 2015.[26]

الأمية التقنية

كانت أرابيكا في فترة تأسيسها (ولعلَّها ما تزال) مجتمعاً جذّاباً للمبرمجين وهواة التقنية، وقد عَمِلَ هؤلاء المساهمون التقنيون منذ سنين على تطوير ميزات برمجية في الموسوعة، مثل قوالب المعلومات والتصفّح والتصانيف والإضافات وأمورٍ متعدّدة، ومن أهم الأمور التي ابتكروها هي ما يُسمَّى "البوتات". تستخدم البوتات في إنجاز عددٍ هائلٍ من المهام التكرارية والمضنية خلال وقتٍ قصير جداً، وقد تطوَّرت البوتات في بعض مشاريع الويكي حتى أصبحت قادرة على أداء مهام متطوّرة جداً، مثل كشف التعديلات التخريبية واسترجاعها آلياً.

يتناسب استخدام البوتات مع القدرة على صيانة الموسوعة وتطوير أدواتها التقنية، إلا أن تاريخ أرابيكا العربية التقنيّ محزنٌ بكل المقاييس. فمعظم الأساس التقني للموسوعة في أيامه الأولى وضعته مستخدمة ألمانية، وحتى سنة 2013 لم يكن في الموسوعة العربية إلا ثلاث بوتات يُشغِّلها مستخدمون عرب (اثنان منها كان يُشغِّلهما المستخدم نفسه)،[27] وقد شهد عدد البوتات نهضةً نسبية منذ ذلك الحين وشيئاً من التطور في المهام، مثل إضافة أشرطة البوابات وتخصيص قوالب البذرة وما شابه.

يبقى عدد البوتات العريبة قليلاً جداً، ففي الموسوعة 24 بوتاً نشطاً: منها خمسة على الأقلّ من البوتات العالمية (مثل بوت الترحيب بالمستخدمين الجدد)، وعدّة بوتات أخرى يُشغِّلها مستخدمون غير عرب. ما تزال معظم المهام التي تؤدِّيها البوتات العربية -فضلاً عن ذلك- متواضعة للغاية، بل إن كلّ هذه البوتات -تقريباً- تنسخُ شفرات برمجية طوّرها مستخدمون أجانب، ويبقى أحد الاستثناءات المعدودة لهذا الأمر هو بوت التدقيق الإملائي الذي طوَّره أحد المستخدمين العرب القدامى قبل زمن، على أنه أمسى خاملاً تماماً منذ نحو ست سنوات.

بقيت حال الموسوعة على ما هو عليه وتدهور الوضع في عام 2016، عندما تعطل جزء من المهام بسبب توقف دعم السيرفر لكودات "compat"، فتحولت الكودات إلى استخدام حقيبة "core"، مما شكل عائقاً لاستئناف مهام البوتات حتى إعادة كتابة شفرات جديدة أو تحديثها. كانت البوتات -كذلك- تستخدم الأوتوي ويكي براوزر (أوب) لمراجعة وصيانة الصفحات الجديدة، مما يجعل مهام الصيانة نصف آلية. في عام 2017 شغل JarBot مهاماً جديدة منها أرشفة المراجع وعنونتها وإضافة تصانيف التاريخ الهجري وتشغيل مهام الصيانة آليًا على السيرفر، وكذلك تنبيه الحذف وإعادة تشغيل بوت التدقيق الإملائي وإنشاء صفحات طلبات تسهل عمل المستخدمين. وفي الفترة نفسها اعتُمِدَت أغلب صناديق المعلومات على ويكي بيانات بجهود "Mr. Ibrahem"، كما قام وهراني بتطوير صناديق تعتمد على نظام وحدة بطاقة.

بالإجمال، زاد عدد مهام البوتات العربية منذ ذلك الحين ووصلت جودة بعض المهام إلى مستويات عالية، منها: إضافة نصوص إلى المقالات، وأرشفة الروابط وصلت لنسبة عالية جدًا (تفوق الـ95% من المصادر المستشهد بها)، ومهام صيانة الروابط (مثل إصلاح الروابط المحولة وتصحيح الروابط الآمنة وإزالة المراجع غير المسموحة). وشملت المهام البوتات جميع الجوانب من الصور والقوالب والمقالات وصفحات النقاش والتصانيف، وقد أصبحت أرابيكا العربية الأكثر نموًا في عدد مقالاتها خلال الأعوام السابقة بجهود البوتات.

من السلبيات التي حدثت تركيز البوتات على نفس المهام، فعلى الرغم من أن التركيز على المهام يرفع جودتها إلا أنه يؤدي -على المدى البعيد- إلى أن تصبح المهمة مستهلكة جداً، مما يبعد المشغلين عن تطويرها بسبب قلة تعديلاتها. ومع وجود عدد لا بأس به من المهام التي تغطي جميع الجوانب تقل وأحيانًا تنعدم التعديلات التجميلية المرافقة للمهام، رغم ضروريتها وحاجة أرابيكا العربية لها. هناك -أيضاً- قلة الاهتمام بالجوانب التقنية الأخرى من حيث إنشاء أدوات تساعد المستخدمين وتحديث الأدوات الحالية، ومع التغييرات والتحديثات التي تحدث في نظام ويكيميديا بشكل دوري توقفت بعض أداوت أرابيكا العربية ولم تعد تلقى أي اهتمام، على الرغم من محاولات تحسينها وإنشاء مشروع للعمل عليها.

تؤثر قلة المتطوعين في هذا المجال سلبًا على أرابيكا العربية، فالمجتمع لا يشارك بشكل كبير بالأمور التقنية. ومن الجوانب السلبية لنظام أرابيكا وجوب مراجعة النظام قبل العمل على أي مهمة أو أداة، وذلك كي لا تأثر على أدوات أخرى، لكن هذا يطيل فترة العمل، كما أن البحث عن الصفحات المهمة يجعل المهمة أصعب، ونظام صلاحية إداري الواجهة أثر على المتطوعين في هذا المجال، وقد اشتكى -مثلاً- Omar2040 رغم تحديثه ومحاولات تحديثه عدد من الأدوات لكن وجد العمل بصلاحية إداري الواجهة من دون وجود صلاحية إداري تعيق عمله حتى قدم استقالته.

فيما يلي بعض الإحصائيات التي تُبيِّن الشحّ الكبير بالبوتات في الموسوعة العربية نسبةً إلى النسخ الأخرى:

الشكل 9: عدد البوتات في بعض من نسخ أرابيكا الكبرى.

التدقيق اللغوي ولأكاديمي

دقّة المحتوى -علمياً- واللغة -إملاءً ونحواً- هي أُسُس جودة المحتوى الموسوعي، ولو أن من الصعب تقصّيها وقياسها على أساسٍ عدديّ، على عكس العديد من المسائل التي تناولتها هذه الدراسة. وقد يكون من الصعب -لهذا السبب- إصدار حكمٍ حاسمٍ بخصوص جودة التدقيق الأكاديمية واللغوي في أرابيكا العربية، لكننا نستطيع الرجوع إلى عددٍ من المؤشرات التي توحي بأن عملية تدقيق المقالات والمحتوى سطحية فيها، وقد تكون ضعيفة أو قاصرة في تصحيح الأخطاء العميقة بالمحتوى.

للتحقّق من هذا الأمر، قارنَّا بين الردود التي تتلقَّاها ترشيحات المقالات المختارة أو "مراجعة الزملاء" في أربع لغات، هي العربية والعبرية والفارسية والروسية، وكانت ردود المراجعين في اللغة العربية هي الأقصر وسطياً (310 كلمات لكل ترشيح)، بينما جاءت العبرية بأطول المراجعات وأكثرها تفصيلاً (830 كلمة لكل ترشيح).

تبيَّن -كذلك- أن واحدة من كل مقالتين أو ثلاث مقالات مُرشَّحة بهذه اللغات عادةً ما تخضع لمراجعة دقيقةٍ من شخصٍ متخصّص بموضوعها، والذي يبدو أنه يقرأ المقالة كاملةً ويعطي ملاحظاتٍ مُرتَّبة على مادتها العلمية والأكاديمية، كما أن هؤلاء المراجعين كانوا متنوِّعين. في المقابل، يتولَّى معظم عبء المراجعات العربية شخصٌ أو اثنان لا تُغطِّي اختصاصتهما -بطبيعة الحال- طيف الموضوعات الكبير المطروح في الموسوعة، ولهذا السبب يظهر أن المراجعات العربية تُركِّز على تصحيح اللغة والتنسيق وأحياناً التدقيق في المصادر، لكنها نادراً ما تتناول المحتوى العلميِّ للمقال.

وأما الدقة اللغوية فمن الصعب جداً مقارنتها باللغات الأخرى، لكن اختبار عيّنة عشوائية من المقالات المختارة باللغة العربية يُظْهِرُ أن فيها ركاكة لغوية لا يستهان بها، مثل غزارة استعمال كلمة "تم" في صيغة المبني للمجهول[28] ("تم تعريفه من قبل.."، بدلاً من "عرَّفَهُ")، و"قام" ("قاموا بتوسيع عمليات تجارة الفراء"، بدلاً من "وسَّعوا عمليات تجارة الفراء")،[29] وما شابه.

ولعلَّ معظم المقالات المختارة والجيدة في أرابيكا العربية قائمةٌ على الترجمة من لغاتٍ أخرى، لكن ترجمتها قلَّما تخضع لأي تدقيق لغويّ؛ بل على الأرجح أنها لا تخضع للتدقيق قطّ، سواءٌ من حيث صحّتها النحوية أو من حيث صحّة فهم المترجم للنص الأجنبي، فمن المألوف أن يسيئ المترجمون -حتى المحترفون منهم- ترجمة النصوص، على أن نقص التدقيق والتصويت للمقالات بدون قراءتها قد يكون سبباً في استفحال المقالات المُطوَّلة المترجمة ترجمةً رديئة.

أمثلة على الأخطاء اللغوية:

  • في ميزوري وإلينوي، نما عداء بين المستوطنين المورمون والمحليين، وهو ما انعكس على هؤلاء الموجودون في ولايات أخرى مثل يوتا بعد سنوات
  • أوائل الجامعات التي أرتبطت بالكنيسة الكاثوليكية بدأت كمدرسة كتدرائية أو مدرسة رهبانية ثم سرعان مإنفصلت…

أمثلة على الركاكة:

  • وإحدى التفسيرات المبكرة من أن رصد السحب الساطعة في الجزء المظلم أسهل منه في النصف الجنوي بسبب أن الطوق يجعل من الصعب تمييزها
  • أضاف الإمبراطور موريكيوس عاملا جديدا في الصراع المستمر عن طريق خلق تحالف مع شيلديبيرت الثاني

المشاريع الشقيقة

أرابيكا هي أنجح مشاريع الويكي وأكثرها شهرةً، لكنها ليست إلا واحدةً من أكثر من عشر مشاريع تقوم على مبدأ العمل التشاركي والتعاوني في نشر المعرفة. بعض مشاريع الويكي الشقيقة مشتركةٌ بين جميع اللغات، مثل ويكيميديا كومنز وويكي بيانات، إلا أن منها سبعة مشاريع لها محتوى مستقلّ بكل لغة، ولبعض هذه المشاريع أهمية كبيرة جداً تقترب من أهمية أرابيكا، وتتراوح هذه المشاريع جداً: فبعضها نشيطةٌ جداً باللغة العربية بينما بعضها مهملة إهمالاً تاماً، وواحدٌ منها فقط ليست له نسخة عربية رسمية حتى الآن.

أنشئت معظم المشاريع الشقيقة خلال السنوات الأولى بعد إطلاق أرابيكا، لكن مؤسسة ويكيميديا أصبحت أكثر انتقاءً في قبول هذه المشاريع فيما بعد لأن كل مشروعٍ جديد يُمثِّل عبئاً إضافياً ويحتاج للدعم والصيانة والعمل. لذلك أضيفت خلال السنوات العشر الماضية ثلاث مشاريع شقيقةً فقط: وهي ويكي بيانات (وهي مشروعٌ عالمي) وويكي جامعة وويكي رحلات، وكلاهما حالهما ضعيفة باللغة العربية.

فقد تناقص عدد صفحات "ويكي جامعة" (بدلاً من أن يزيد) بسبب حذف مئات الصفحات المخالفة والفارغة، وهي حالياً في خمول شبه تامّ، إذ إن فيها أقل من ثلاث تعديلات يومية. على أن الحالة العالمية لـ"ويكي جامعة" تقترب من الخمول كذلك، ولهذا فإن ترتيب اللغة العربية فيها ما يزال مرتفعاً، فهي واحدة من مشروعين من مشاريع الويكي تحتلّ فيهما اللغة العربية واحدةً من المراكز العشر الأولى والذي تحتفظُ به منذ سنوات، ولو أن عدد المستخدمين النشيطين فيها ضئيل. وأما ويكي رحلات فهي المشروع الشقيق الوحيد الذي تنقصه اللغة العربية، فالنسخة العربية منها ما تزالُ في "مرحلة الحاضنة" وليست فيها أي تعديلات حديثة، ولو أن عدداً كبيراً من الويكيبيديّين العرب أضافوا إليها -منذ سنوات- كماً لا يستهان به من المحتوى مرتفع الجودة، بل إنها شهدت في السابق نشاطاً ضخماً من المستخدمين الجدد والمجهولين.

[رسم 11: ويكي جامعة]

[رسم 12: ويكي رحلات]

لعلَّ أسوأ المشاريع الشقيقة العربية هي "ويكاموس" و"ويكي الكتب"، رغم اختلافاتهما الكبيرة. ثمة مشكلتان كبيرتان في ويكاموس: الأولى هي أنه مشروعٌ يحتاج إلى كمية هائلة من الصفحات ليكون مفيداً، وبالتالي فهو يحتاج إلى مجتمع كبير، والثانية هي أن طبيعته تتطلب تطوراً كبيراً في البرامج التقنية الضرورية لإنشاء محتواه بالسرعة الكافية، وهذان أمران غير متوفّران في النسخة العربية. لم يشهد "ويكاموس" العربي نمواً يذكر منذ سنوات، وليس فيه عدد يذكر من المساهمين النشطين، وهو في أسوأ ترتيب لأي مشروع ويكي باللغة العربية حالياً (إذ يأتي في المركز 44)، كما أن مركزه لن يتغيَّر قبل أن يزداد عدد صفحاته 35 ألفاً، أي بنسبة 50%، وهو ما يبدو بعيد المنال جداً.  وأما ويكي الكتب فهي تأتي بالمركز 36، والنشاط فيها شبه معدوم حالياً، كما أن ترتيبها يتأخر باستمرارٍ سنة بعد سنة، والمحتوى القليل الموجود فيها تنسيقه سيّئ ولا يحظى بأي صيانة ولا أنظمة كافية للرقابة.

[رسم 13: ويكاموس]

[رسم 14: ويكي كتب]

على الجانب المشرق، فإن المشاريع الشقيقة العربية الأخرى مزدهرةٌ باللغة العربية، أو في طريقها للازدهار. فـ"ويكي مصدر" هي المشروع العربي الثاني الذي يحتلّ مركزاً من المراكز العشر الأولى في عدد الصفحات، وهذا الترتيب لم يأتِ من فراغ: فقد نجح مجتمع ويكي مصدر العربية في بناء أرشيفٍ عظيمٍ للكتب التراثية العربية يساعد الباحثين ومتصفّحي الإنترنت على الوصول إليها بيُسْرٍ كبير، إذ فيها حوالي 80 ألف صفحة تتضمَّن مئات الكتب التراثية بنصّها الكامل مع أرشفة وتصنيف ممتازَين، كما أن عدد المستخدمين النشطين فيها مرتفع. وتأتي "ويكي الأخبار" العربية في المركز 11 عالمياً، وكان لها في السابق مجتمعٌ نشيطٌ -رغم قلّة عدده- له أنظمة احترافية في تنسيق صفحات الأخبار وصياغتها، ويبدو أن هذا المجتمع قد تقلَّص أو اختفى، لكن المشروع حافظ على نموّه العدديّ. أخيراً، فإن و"ويكي الاقتباس" العربية تأتي بمرتبة متأخّرة هي 24، لكنها تتطور بسرعة كبيرة جداً، فقد تضاعف عدد صفحاتها خلال السنوات الثلاث الماضية وتقدَّمت خمس مراتب.

[رسم 15: ويكي مصدر]

[رسم 16: ويكي أخبار]

[رسم 17: ويكي اقتباس]

توصيات

هذه الدراسة ليست شاملة ولا كافية لإصدار التوصيات بثقة، لكن ما تناولته يشير إلى الكثير من مكامن الضعف القائمة في الموسوعة العربية، والتي قد لا يكون حلّها صعباً جداً بالضرورة. وفيما يلي قائمة ببعض التوصيات البسيطة المبنيَّة على محتوى الدراسى:

1. تشجيع الوافدين الجدد والتحقيق في كيفية استقطابهم

عدد المستخدمين الجدد في أرابيكا العربية ليس قليلاً، بل إنها من أسرع الموسوعات نمواً في عدد المستخدمين الجدد، لكن الإحصاءات المتوفّرة تخبرنا أن قليلاً جداً من هؤلاء المستخدمين يقرّرون البقاء في الموسوعة، بل إن المجتمع العربي هو واحدٌ من أسوأ المجتمعات التي شملتها الدراسة في قدرتها على صَوْن هؤلاء المستخدمين: إذ إن عدداً هائلاً منهم يهربون من الموسوعة بعد فترة قصيرة من دخولهم إليها. وهذا يشير إلى مشكلة كبيرة ينبغي أن يأخذها المجتمع العربي بجديّة، لأنها قد تعيق تجديد المجتمع ونموّه بغضّ النظر عن كمِّ الجهد المبذول في ذلك.

رغم أن المشكلة موجودة، إلا أنه لا يمكن تقديم توصيات بالحلول التفصيلية دون معرفة أسبابها. فالأرقام الواردة هنا تُثْبِتُ أن الجدد لا يفضّلون البقاء في الموسوعة العربية، لكن من الضروري إجراء استبيانات أو أبحاث جادّة في الأسباب الكامنة وراء ذلك: هل ما يُنفِّر الجدد هو حذف مقالاتهم؟ أم هو أسلوب التعامل مع المستخدمين؟ أم أنهم لا يتلقّون المساعدة؟

تستطيع مجموعات المستخدمين العربية أن تُخصِّصَ منحاً وتمويلاً للتحقيق أكثر في هذه المشكلة، لكن -وحتى ذلك الحين- ما من سببٍ يمنع أي محرّر ومستخدمٍ قديم في المجتمع العربي من أن يعيد النَّظر في كيفية التعامل مع الجدد ومقالاتهم ومساهماتهم، وفي محاولة تفهّم أخطائهم أو التنبيه إليها بأسلوبٍ يحاول كسبهم وتشجيعهم أو تطوير صفحات تساعدهم أو غير ذلك.

ليس هناك ما يمنع من الإطلاع على البرمجيات المتاحة في موسوعات متقدمة لتسهيل عمل المحررين الجدد. فلو كانت مرشحات المصطلحات مثلا أكثر دقة، أو هناك آليات تشجيع مفعلة ومناسبة فيكون تعريب تلك الأدوات مكسب للموسوعة العربية وأسهل للتطبيق من بدء البناء من الصفر. فهل يمكن عمل دراسة حول الأدوات والآليات المتاحة للتسهيل؟

لا ينحصر هذا البند في فهم طريقة استقطاب الوافدين الجدد، بل كذلك في تشجيع المستخدمين النشطين على البقاء وفهم أسباب انسحابهم. يجب إجراء دراسة تبحث في كيفية إشراك المحررين المنقطعين عن الموسوعة حسب الفئة ووضع آلية تضمن المشاركة بشكل يحفظ الخصوصية.

2. تحفيز المستخدمين على المشاركة بالمهامّ الإدارية

نسبة الإداريين إلى المستخدمين النشطين وإلى عدد المقالات في أرابيكا العربية هي ثالث أسوأ نسبةٍ ضمن 24 لغة شملتها الدراسة، ممَّا يعني أن المجتمع العربي -حالياً- هو واحدٌ من أضعف المجتمعات في استقطاب الإداريين وتأهيل المستخدمين لأداء المهام الإدارية، بل إن عدد الإداريين في الموسوعة يشهد تناقصاً مستمراً منذ ثماني سنوات رغم نموّ المجتمع الكبير. ممَّا يعني أن من الضروري تحفيز المزيد من المستخدمين على المشاركة بهذه المهامّ.

قد تبدو فكرة تحفيز المستخدمين على الترشّح للإدارة غريبة للمجتمع، لأن هذه الصلاحيات تُعَامل بحرصٍ شديد والمرشّحون لها كثيراً ما يكونون عرضةً للتشكيك، لكن الواقع هو أن العبء الواقع على الإداريين كبير وقليل منهم قادرون على تحمّله، إذ إن ثلاثة أرباع المهام الإدارية في أرابيكا العربية يقوم بها ثمانية إداريِّين فقط، وهو عددٌ مجحفٌ لموسوعة يزيد عدد مقالاتها عن المليون.

بعض الطرق المُجرَّبة في المجتمع العربي لتحفيز الإداريين هي التشجيع بالمبادرة الشخصية، أي بالتواصل شخصياً مع المستخدمين النشطين وطلب إذنهم لترشيحهم لنيل الصلاحيات. قد يكون للإداريّين الحاليين -أيضاً- دورٌ كبيرٌ في تقديم تدريب للمستخدمين النشطين بمهامّهم، وفي إشراك المزيد من المساهمين بالمهامّ الإدارية ودعوتهم للمساعدة فيها وتشجيعهم على تبوّأ الصلاحيات.

3. تشجيع اللقاءات والتواصل

من الخطوات التي قد تُشجِّعُ بقاء المستخدمين وتطوير مجتمع المساهمين وتبادل الخبرات بينهم (مثل المهارات الإدارية أو غيرها) هي زيادة التواصل الإنساني بين أفراد المجتمع. للويكيبيديِّين لقاءات دورية في كثيرٍ من بلدان العالم، وليست لهذه اللقاءات -بالضرورة- أهداف أو جدولٌ للموضوعات، فقد يكون الهدف منها ببساطة هو التعارف والحديث وتقوية الصلات بين أفراد المجتمع، هو أمرٌ يساهم على الأمد البعيد في تطوير المجتمع واستدامته، فلعلَّ أكبر حافزٍ لأي متطوّع على الاستمرار بالتطوّع هو الصلات التي تربطه بأصدقائه أو زملائه في المجتمع.

ما تزال اللقاءات في العالم العربي قليلة جدا حتى في البلدان التي فيها مجموعات مستخدمين، بل وتكاد تنعدم هذه اللقاءات على مستوى العالم العربي، باستثناء مؤتمر "ويكي عربية" الذي يُقَام حالياً بمعدّل مرة كل سنتين. ومن المفيد تكثيف هذه اللقاءات ودعمها وتنظيمها إما وجهاً لوجه (في مدينة أو بلد) أو عبر الإنترنت (لتشمل العالم العربي كلّه، خصوصاً في ظلِّ جائحة كوفيد-19).

4. تسهيل تطوير المحتوى المختار

صحيحٌ أن المحتوى المختار -إجمالاً- من الأمور التي تتفوَّق فيها أرابيكا العربية، لكن الإحصاءات السابقة تُظْهِرُ أن الموسوعة تعاني من تشتّتٍ بين فئات كثيرة من المحتوى المختار دون الاستفادة من المزايا القويّة لتنوّع المحتوى المختار. يمكن -إذاً- للموسوعة أن ترفع كمية المحتوى المختار فيها لو خفَّفت شروط الفئات ذات "النخب الثاني" من المحتوى المختار، وأهمّها "المقالات الجيّدة".

الهدف من فصل "المقالات الجيدة" عن "المقالات المختارة" هو تسهيل إنشاء المحتوى المُتميِّز بجُهْدٍ أقل وكم أكبر، لكن لا يبدو أن هذه هي الحال القائمة في أرابيكا العربية، إذ إن عدد المقالات من هاتين الفئتين يكاد يتساوى تماماً. قد يدعو هذا الأمر إلى تخفيف شروط المقالات الجيّدة بغرض تسهيل إنشائها وزيادة عددها نسبة إلى المقالات المختارة، فهي فرصةٌ لتطوير الكثير من الموضوعات التي لا تُقْبَل كمقالات مختارة في العادة.

وقد يكون من الحكمة -خصوصاً- تخفيض الشروط العدديّة لهذه المقالات، مثل حجم المقالة وعدد مراجعها؛ والتركيز بدلاً من ذلك على معايير الجودة لغوياً وعلمياً وتنسيقياً. فكثيرٌ من المقالات الجيّدة تُرْفَض على أساس عدديّ بَحْت في الترشيحات العربية، بينما تقبل النسخة الإنكليزية مقالات قصيرة جداً طالما أنها تستوفي الجودة الموسوعية اللازمة.

5. استقطاب خبرات تقنية

تُقدِّم التقنية عدداً كبيراً من الحلول لمشكلات قائمة في الموسوعة، بل وتُقدِّم حلولاً كفيلةً بتحسين أدائها وتخفيف الأعباء الواقعة على المساهمين فيها مرَّات ومرَّات، وما زال استغلال التقنية شبه معدومٍ في أرابيكا العربية مقارنةً بغيرها. يمكن للمجتمع أو مجموعات المستخدمين عقد شراكات مع مؤسسات تقنية (مثل جمعيات برامج "المصدر المفتوح" وما شابه) أو مع فروع ويكيميديا العالمية للاستفادة من خبرتهم التقنية، وللحصول على دعمٍ مباشرٍ أو على فرصٍ لتدريب المحرِّرين في تطوير العمل التقني بالموسوعة.

تفتقر أرابيكا العربية إلى كثيرٍ من أعمال الصيانة المؤتمتة التي يمكنها أن تحفظ مئات بل وآلاف الساعات من وقت المتطوّعين، ومن أولها وأبسطها التدقيق الإملائي الذي توقَّف أداؤه المؤتمت في الموسوعة منذ سنوات، والذي يكفي لتصحيح عشرات آلاف الأخطاء بعلامات الترقيم والهمزات ونقاط الحروف وغير ذلك. وإن استقطبت الموسوعة خبرات تقنية كافية أو أقامت مشاريع كبيرة فقد تكون قادرةً على تطوير برامج آلية تقوم بمهامَّ أعقد بكثيرٍ من التدقيق اللغوي، مثل التدقيق في موثوقية المصادر واكتشاف التخريب واسترجاعه آلياً وغير ذلك.

6. وضع خططٍ منهجية لمعالجة مشكلات الموسوعة

كل ما جاء أعلاه هو توصيات مبدئية قائمةٌ على دراسة متواضعة جداً لأداء أرابيكا العربية، وما يزال المجال مفتوحاً لإجراء كثير من الدراسات والبحوث الأكثر شمولية ودقّة، إلا أن الأهمَّ هو وجود استعدادٍ من مجتمع الموسوعة لأخذ نتائج هذه الدراسات بعين الاعتبار ووضع خططٍ منهجية للتجاوب معها.

أحد الأمثلة القوية على هذا النوع من الخطط المنهجية هو مشروع تطوير أرابيكا الذي انطلق في عام 2014، وسرعان ما آل إلى خمولٍ تامّ، لكنه نجح -رغم قلّة إنجازه- في وضع قائمة ممنهجة بمكامن للضعف تعيق تطور الموسوعة، مثل صفحات السياسات وصفحات المساعدة والميزات التقنية وما شابه، كما اقترح آلية عملية للمبادرة بعلاج هذه المشكلات.

قد يكون هذا النوع من المشاريع صعباً بعض الشيء بسبب طبيعة أرابيكا التطوعية واعتمادها على المبادرة الشخصية، إلا أنها مهمّة جداً لتطوير جوانب من الموسوعة قد تستغرق سنيناً أو عشرات السنين لإصلاحها إن تُرِكَ ذلك للصدفة أو المبادرة العفوية. مستقبلا،ً قد تُبِّشر زيادة الدعم والمشاريع القائمة في الموسوعة العربية بإمكانية دعم هذه المبادرات بصورة أكبر وتوسعتها، وبإمكانية التعلّم من التجارب الماضية لتطبيقها بجدية أكبر (مثل مشروع تطوير السياسات الناجح حالياً)، ونأمل أن تظهر جهودٌ منهجية أخرى -رغم الصعوبات القائمة- لسدّ هذه الثغرات والنهوض بالموسوعة العربية ومجتمعها.

الهوامش

1. هو موقع المجتمع العالمي لمشاريع مؤسسة ويكيميديا، انظره عبر meta.wikimedia.org.
2. هو مشروع تعاوني هدف لدعم اللغة العربية ضمن بيئات يونكس ولينكس، انظره عبر arabeyes.org.

المراجع

فهرس المراجع

  1. ^ Graham et al (2013): p. 8
  2. ^ "Graham et al (2013): p. 61
  3. ^ "Graham et al (2013): p. 5
  4. ^ هذه الترتيب هو بين أعلى 25 نسخة من أرابيكا من حيث عدد الزيارات، ولا يشمل أرابيكا كلّها.
  5. ^ أي أن نصف نسخ أرابيكا فيها أقل من 10,000 مقال بالمجموع، فالحقيقة هي أن نسخاً قليلة جداً تحتكر الغالبية العظمى من محتوى الموسوعة، بينما لا تنال معظم لغاتها إلا محتوى يسيراً متواضعاً.
  6. ^ يسمى هذا العامل "الوزن" (Weight)، وهو يقاس بمقارنة عدد الكلمات في كل لغة من لغات العالم بترجماتها لـ"الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" الصادر عن الأمم المتحدة. على سبيل المثال يظهر أن الترجمة العربية (وفيها 7,527 حرفاً) تستخدم كلمات أقل بكثير من الأصل الإنكليزي (10,597 حرف)، ولذلك ينظر إلى أن الإنكليزية تحتاج 1.4 كلمات مقابل كل كلمة عربية لوصف المعلومة نفسها.
  7. ^ تعريف البذرة هنا هو مقالة حجمها 8 كيلوبايتات أو أقلّ.
  8. ^ حسب ما كانت الحال في نهاية شهر يونيو 2021، فإن المؤشّر يزعم أن أرابيكا العربية تنقصها 3 مقالات من القائمة، لكن التحقّق من المقالات الناقصة أثبت أنها موجودة كلها، وتصنيفها كـ"ناقصة" يرجع إلى أخطاء في صفحات ويكي بيانات.
  9. ^ رغم هذه اللفتة الإيجابية نذكر وجود مؤشّر آخر يعتمد على المقارنة بين 1,000 مقالة فقط من "المقالات التي تحتاجها كل أرابيكا"، وترتيب أرابيكا العربية بحسب المؤشّر الثاني أسوأ بكثير، إذ يأتي في المركز 22 عالمياً.
  10. ^ هذه النسبة تعتمد على مقارنة بين نسخ أرابيكا التي تحتلّ أول 25 مرتبة في عدد المقالات المختارة، وليس على جميع اللغات (التي يصعب إحصاء عدد المقالات المختارة بها مجتمعة). هذا يعني أن النسبة العادلة للمحتوى المختار بالنسخة العربية بين هذه اللغات يجبُ أن تكون 4%.
  11. ^ Stvilia, Besiki & Al-Faraj, Abdullah & Yi, Yong. (2009). Issues of cross-contextual information quality evaluation—The case of Arabic, English, and Korean Wikipedias, p. 11. Library. 31. 10.1016/j.lisr.2009.07.005.
  12. ^ من المستحيل تقصّي هذا الأمر بدون إحصائيات واسعة، لكن معظم نسخ أرابيكا الثلاثمئة (باستثناء اللغات الكبرى، مثل الفرنسية والهولندية وما شابه) تعتمد على الترجمة كمصدر رئيسي للمحتوى.
  13. ^ تأتي كلمة "أصيلة" هنا بمعنى "original"، أي محتوى جديد أنشئ من الصفر.
  14. ^ لا تتضمن هذه الأرقام المقالات الجيدة، وبالتالي فهي تحتسب من المقالات المختارة فقط، والتي يبلغ عددها -مرة أخرى- 670 بالنسخة العربية.
  15. ^ يلحظ أن أرابيكا الإنكليزية أوقفت اعتماد البوابات المختارة في سنة 2017.
  16. ^ 25 يونيو 2021.
  17. ^ تقرير مؤسسة ويكيميديا للتطور العالمي في عام 2011-2012.
  18. ^ التقرير الختامي لبرنامج التعليم في القاهرة.
  19. ^ تعريف "المساهم الجديد" في هذا السياق هو الزيادة السنوية في عدد المساهمين الذين لديهم 10 تعديلات أو أكثر، وذلك بحسب صفحة الإحصائيات.
  20. ^ تعريف "المساهم النشيط" هو كل مستخدم أجرى 5 تعديلات أو أكثر خلال آخر ثلاثين يوماً، وذلك بحسب صفحة الإحصائيات.
  21. ^ أي عدد مساهمات المستخدم رقم 500 في قائمة المستخدمين حسب عدد التعديلات في شهر يونيو 2021.
  22. ^ نلاحظ أن عدد الوافدين الجدد شهد تناقصاً في سنة 2015، لكن ذلك كان جزءاً من نقصٍ عام في الإقبال على أرابيكا العربية، والذي قد نعزوه إلى أسباب سياسية واقتصادية مختلفة في تلك الفترة، على أن المستخدمين الجدد عادوا للارتفاع بنسبة مرضيةٍ بعد تلك الفترة.
  23. ^ "Wikipedia often brands itself as aspiring to contain “the sum of human knowledge”, but behind this mantra are policy pitfalls, tedious editor debates and delicate sourcing issues that serve to hamper greater representation" - Graham et al (2013: 6).
  24. ^ أرابيكا محجوبة في الصين وللحكومة الصينية علاقة سلبية معها ومع منتجات الإنترنت الأجنبية كافة، وبالتالي فإن مركزها المتدنّي لا يعبر تماماً عن المحتوى المعرفي باللغة الصينية.
  25. ^ شملت هذه المقارنة أعلى 24 نسخة من أرابيكا من حيث عدد الإداريين، وذلك لأن ترتيب أرابيكا العربية عالمياً هو 24 من حيث عدد الإداريين فيها.
  26. ^ قائمة الإداريين في ديسمبر 2013 ويناير 2015.
  27. ^ البوتات الثلاثة بترتيب إنشائها هي: MenoBot (في 2007) وMaraBot (في 2009) وMenoBot II (في 2009).
  28. ^ كان عدد استخدامات "تم" في ثلاث مقالات من العينة: 111 و46 و38 مرة.
  29. ^ عدد استخدامات كلمة "قام" وتصريفاتها في ثلاث مقالات من العينة: 37 و37 و19 مرة.

معلومات المراجع كاملة

  • Graham، Mark (2010). "Uneven Openness: Barriers to MENA Representation on Wikipedia". Oxford Internet Institute Report ع. 405–406. اطلع عليه بتاريخ 10–7–2021.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: تنسيق التاريخ (link)