تضامنًا مع حق الشعب الفلسطيني |
بوابة:الإسلام/مقالة مختارة/34
برهان الصديقين هو حجة صاغها الفيلسوف الإسلامي ابن سينا لإثبات وجود الله. اعتقد ابن سينا أنّه لا بُدّ من أن يكون هناك "واجب الوجود"، أي شيء لا يُمكن أن يكون غير موجود. وينصُّ برهان الصديقين على أنّ المجموعة التي تضمُّ جميع المُمكنات لا بُدّ أن يكون لها سببٌ غيرُ مُمكنٍ؛ لأنّه لو كان مُمكناً لأُدرج في هذه المجموعة. وباستعمال سلسلةٍ من الحُجج يصلُ ابن سينا إلى استنتاجٍ مفاده أنّ واجب الوجود لديه صفاتٌ مُعيّنةٌ، مثل الوحدانية، والبساطة، واللامادية، والذكاء، والقدرة، والكرم، والخير. اعتبر مؤرخ الفلسفة الأمريكيّ بيتر أدامسون برهان الصديقين واحداً من أكثر الحُجج الساعية لإثبات وجود الله تأثيراً في العصور الوسطى، وأكبر مُساهمةٍ فلسفيّةٍ لابن سينا على الإطلاق. استُقبل هذا البرهان بحفاوةٍ وردّده من بعد ابن سينا (مع بعض التعديلات أحياناً) العديدُ من الفلاسفة، بما في ذلك أجيالٌ من الفلاسفة المسلمين، وفلاسفةٌ مسيحيون غربيون مثل توما الأكويني ودانز سكوطس، وكذلك فلاسفةٌ يهود مثل موسى بن ميمون. إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ برهان الصديقين قد سَلِم من النقد، ومن أشهر من انتقده ابن رشد الذي اعترض على منهجيّته، وأبو حامد الغزالي الذي اختلف معه في توصيفه لله. بالإضافة إلى انتقادتٍ وُجهت له في العصر الحديث. وقد اختلف الباحثون في تصنيف هذه الحُجّة، فرأى بعضهم أنّها حجة وجودية، في حين اعتبرها البعضُ الآخر حجة كونية. يُمكن تتبّعُ برهان الصديقين في عدّة أعمالٍ لابن سينا. قد يكون الشكل الأكثر إيجازاً ووضوحاً ذلك الموجودُ في الفصل الرابع من كتاب الإشارات والتنبيهات. كما يُمكن العثور على البرهان في الفصل الثاني عشر من المُجلّد الثاني من كتاب النجاة، وكذلك في القسم الذي يتناول موضوعات ما وراء الطبيعة من كتاب الشفاء. ميّز ابن سينا في الإشارات والتنبيهات بين نوعين من أدلّة إثبات وجود الله: الأول يتمثّلُ في التفكّر بالوجود بشكل مُجرّد، في حين يتطلّبُ الثاني التفكّر بأشياءٍ كصنائع الله أو أعمال الله. رأى ابن سينا أنّ النوع الأوّل هو برهانٌ للصديقين، وهو في نظره أكثرُ صلابةً ونُبلاً من النوع الثاني، الذي عدّه ابن سينا برهاناً "لمجموعةٍ من الناس".