العارية

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

العاريّة لغة اسم لما يعار، وفي فروع الفقه الإسلامي هي معاملة ومعناها الشرعي: «عقد يقتضي إباحة الانتفاع بما يحل الانتفاع به مع بقاء عينه». فهي عقد جائز بين عاقدين هما: المعير والمستعير، والمعير هو مالك العين يبيح للمستعير منه منفعة العين المستعارة، على وجه التبرع، أي: بغير مقابل، والذي يتبرع به المعير هو المنفعة بمعنى: الانتفاع فقط، أما العين المنتفع بها فهي باقية تحت يد المعير، ولا تدخل في تعريف العارية، والذي يباح للمستعير بموجب عقد العارية هو المنفعة الحاصلة من العين. وهي أمانة ولا تكون إلا فيما ينتفع به مع بقاء عينه.[1]

تعريف العارية

تعريف العارية

لغة:

هي مأخوذة من التعاور وهو التداول والتناوب مع الرد، والاستعارة هي طلب الإعارة[2][3]، وَقد أَعارَهُ الشيءَ وأَعارَه مِنْهُ وعَاوَرَه إِيّاهُ، والمُعَاوَرَةُ والتَّعاوُر: شِبْهُ المُدَاوَلَة، والتَّدَاوُلُ فِي الشيءِ يكونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، والعارِيَّة منسوبةٌ إِلى العَارَةِ، وَهُوَ اسمٌ من الإِعارَة.[4][5]

شرعا:

هي: تمليك منفعة بلا بدل وقيل: هو الماعون في قوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون:٧][6][7]، وقيل: تمليك المنافع بغير عوض[8] وقيل: إباحة المنفعة بلا عوض.[9]

حكم العارية

العارية عقد جائز، أي: أنه يجوز لأحد العاقدين فسخه متى شاء، وليست عقدا لازما. وهي مستحبة شرعا مندوب إليه؛ لما فيه من قضاء حاجة المسلم وقد ندب الشرع إليه في القرآن والسنة وأجمع عليه العلما.

أولا: مشروعيتها في القرآن

قال تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى.

ثانيا: مشروعيتها في السنة

حديث النبي صلى الله عليه وسلم : "مَن ستَر أخاه المسلمَ ستَره اللهُ في الدُّنيا والآخرةِ ومَن فرَّج عن مسلمٍ كُربةً فرَّج اللهُ عنه كُربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه".[10][11]

ثالثا:الإجماع

وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها على أنها داخلة في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر التقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، إذا لا شك أن سد حاجات الناس بعضاً بعضاً والإحسان إليهم من أنواع البر التي توثق بها الشروط وتنمو بها الألفة وتتأكد وذلك المودة ممدوح في نظر الشريعة الإسلامية كل المدح.[12][13]

أركان العارية

  1. عاقدان هما: المعير والمستعير.
  2. مستعار ويشترط أن يكون مما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، مثل: الكتب والدور وسائر الأعيان التي يحصل الانتفاع بها مع بقاء عينها، أما ما يستهلك بالانتفاع وينتهي مثل: الأطعمة والطيب ونحو ذلك مما ينتهي بحصول الانتفاع به؛ فلا يكون عارية، بل هو من قبيل الهبة الحاصلة بالإذن وإباحة الأخذ، مثل أن يعيره القلم ويبيح له مداه، أو يأذن له في أكل أو شرب، ويباح له من ذلك حسب الإذن.
  3. صيغة العقد: وهي ما يحصل به إباحة المنفعة، فتصح بقوله أعرتك هذا الكتاب وأطعمتك هذه الأرض لتأكل من ريعها، ومنحتك لبس هذا الثوب، وحملتك على هذه الدابة إذا لم يرد بهما الهبة، وداري لك سكنى أو سكنى عمري.[1][14][15]

ولكل ركن من الأركان شروط:

أولها: المعير وله أربعة شروط: 1- أن يكون بالغاً، فلا تصح العارية من الصبي.

2- أن يكون عاقلاً، فلا تصح من مجنون.

3- أن يكون غير محجور عليه لسفه.

4- أن يكون المعير مالكاً للمنفعة التي يريد إعارتها.[14][15]

ثانيا: المستعير فيشترط له أمران: 1- تعيينه فلا تصح الإعارة لمجهول فإذا فرش لمن يجلس عليه لم يكن عارية بل يكون مجرد إباحة وكذا إذا قال لزيد وعمرو: أعرت أحدكما فرسي ولم يعينه إن كان زيداً أو عمراً.

2- أن يكون المستعير مطلق التصرف.[16][17]

ثالثا: المعار وله ثلاثة شروط:

1- الانتفاع به حالاً أو مالاً. 

2- أن يكون المعار مباحاً فلا تصح إعارة ما يحرم الانتفاع به.

3- أن ينتفع بالمستعار مع بقاء عينه.[14][18]

رابعا: الصيغة ويشترط فيها: 1- أن تكون لفظاً يشعر بالإذن في الانتفاع سواء كان اللفظ صادراً من المستعير أو من المعير.

2- أما الآخر فلا يشترط لفظه بل يكفي فعله كما لا يشترط الفور بل لو قال له: أعرتك دابتي ولم يرد عليه فوراً فإن الإعارة تصح. 

3- يقوم مقام اللفظ الصريح الكناية مع النية وكذا إشارة الأخرس المفهمة.[14][19]

مراجع

  1. ^ أ ب الاختيار لتعليل المختار، عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي، كتاب العارية، الجزء الثالث، ص: 73 إلى 77، دار الخير، سنة النشر: 1419 هـ / 1998م
  2. ^ "ص25 - كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي ط الفضيلة - الفصل الأول مسائل الإجماع في باب العارية - المكتبة الشاملة". shamela.ws. مؤرشف من الأصل في 2023-07-31.
  3. ^ مجموعة من المؤلفين ((١٤٣٣ - ١٤٤٣ هـ) = (٢٠١٢ - ٢٠٢١ م)). موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (ط. 1). دار الفضيلة للنشر والتوزيع بالرياض، المملكة العربية السعودية. ج. 8. ص. 25. مؤرشف من الأصل في 2023-07-31. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  4. ^ محمّد مرتضى الحسيني الزَّبيدي (((١٣٨٥ - ١٤٢٢ هـ) = (١٩٦٥ - ٢٠٠١ م))). تاج العروس من جواهر القاموس. وزارة الإرشاد والأنباء في الكويت - المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت. ج. 13. ص. 163. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  5. ^ Q116052647، ج. 13، ص. 163، QID:Q116052647 – عبر المكتبة الشاملة
  6. ^ "ص141 - كتاب التعريفات الفقهية - العين - المكتبة الشاملة". shamela.ws. مؤرشف من الأصل في 2023-07-29. اطلع عليه بتاريخ 2023-07-31.
  7. ^ محمد عميم الإحسان المجددي البركتي (١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م). التعريفات الفقهية (ط. 1). دار الكتب العلمية (إعادة صف للطبعة القديمة في باكستان ١٤٠٧هـ - ١٩٨٦م). ص. 141. مؤرشف من الأصل في 2023-07-29. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  8. ^ دبيان بن محمد الدبيان (١٤٣٢ هـ). المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (ط. 2). ج. 20. ص. 399.
  9. ^ أ. د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ. الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (ط. 4). دار الفكر - سوريَّة - دمشق. ج. 5. ص. 4036.
  10. ^ زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين بن أحمد بن رجب الحنبلي البغدادي (ت ٧٩٥ هـ) (١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م). جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم (ط. ٢). دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع - القاهرة. ج. ٣. ص. ١٠١٤. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  11. ^ الاختيار لتعليل المختار، عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي، كتاب العارية، الجزء الثالث، ص: 73 دار الخير، سنة النشر: 1419 هـ / 1998م
  12. ^ عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (ت ١٣٦٠هـ) (١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م). الفقه على المذاهب الأربعة (ط. 2). دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. ج. 3. ص. 239. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  13. ^ Q120493587، ج. 3، ص. 239، QID:Q120493587 – عبر المكتبة الشاملة
  14. ^ أ ب ت ث Q120493587، ج. 3، ص. 240، QID:Q120493587 – عبر المكتبة الشاملة
  15. ^ أ ب عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (ت ١٣٦٠هـ) (١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م). الفقه على المذاهب الأربعة (ط. 2). دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. ج. 3. ص. 240. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  16. ^ Q120493587، ج. 3، ص. 241، QID:Q120493587 – عبر المكتبة الشاملة
  17. ^ عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (ت ١٣٦٠هـ) (١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م). الفقه على المذاهب الأربعة (ط. 2). دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. ج. 3. ص. 241. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  18. ^ عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (ت ١٣٦٠هـ) (١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م). الفقه على المذاهب الأربعة (ط. 2). دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. ج. 3. ص. 240 - 241. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  19. ^ عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (ت ١٣٦٠هـ) (١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م). الفقه على المذاهب الأربعة (ط. 2). دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. ج. 3. ص. 241 - 242. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)