يرجى مراجعة هذه المقالة وإزالة وسم المقالات غير المراجعة، ووسمها بوسوم الصيانة المناسبة.

محمد صبري السربوني

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

محمد صبري السربوني

محمد صبري السربوني يعتبر من المؤرخين الكبار في تاريخ مصر الحديث.

محمد صبري السربوني

معلومات شخصية
الميلاد 1894
مدينة المرج ، القليوبية
الوفاة 1978
القاهرة
الجنسية مصري
الحياة العملية
التعلّم جامعة السربون
مجال العمل مؤرخ ، مفكر
أعمال بارزة الإمبراطورية المصرية في عهد محمد علي والمسألة الشرقية (1811- 1849) صفحات من تاريخ مصر: تاريخ مصر من محمد علي إلى العصر الحديث

حياته

ولد في مدينة المرج محافظة القليوبية سنة 1894.

حفظ الطفل محمد القرآنَ الكريمَ بالكتّاب وتعلم فيه القراءة والكتابة، ثم انتقل إلى القاهرة ليتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة النحاسين، ومن ثم التحق بالمدرسة الخديوية الثانوية، وتسبب اهتمامه وشغفه بالأدب والشعر في رسوبه في السنة الثالثة من المرحلة الثانوية سنة 1912، الأمر الذي جعله يترك الانتظام في الدراسة، مفضلاً الدراسة المنزلية التي وفرت له الوقت لقراءته الحرة واطلاعه على الأدب، فضلاً عن التواصل مع أدباء عصره.

وفي تلك الفترة تعرف على الأديب الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي، الذي وجهه إلى قراءة أهم مصنف نشأ عليه أدباء عصره كالبارودي وشوقي وغيرهما، وهو كتاب «الوسيلة الأدبية»، الذي يجمع بين دفتيه المحاضرات التي ألقاها الشيخ «حسين المرصفي» على طلبة «دار العلوم» في أول انشائها، وتعد «الوسيلة» أول كتاب في تدريس الأدب والنقد، على طريقة جديدة في القرن التاسع عشر مهدت بعد ذلك لما استحدث من طرائق في القرن العشرين، ووجد فيه السوربوني بُغيته؛ حتى أنه قال: «إن الوسيلة أغنته عن كتب البلاغة كلها».

كما تعرّف الفتى محمد صبري في تلك السن المبكرة على الشاعر الشهير حافظ إبراهيم، وتوطدت علاقته به، وكذلك تعرف على الشاعرين العراقيين صدقي الزهاوي وعبد المحسن الكاظمي، الأمر الذي يسَّر له أن يصدر في عام 1910 – وهو لم يزل طالباً في المرحلة الثانوية – الجزء الأول من كتابه «شعراء العصر» بمقدمة للأديب مصطفى لطفي المنفلوطي، ثم أتبعه بالجزء الثاني في عام 1912 بمقدمة للشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي، ترجم فيه لعدد من شعراء عصره، وأثبتَ فيه قصائد غير موجودة في دواوينهم، وأرَّخ لكل قصيدة بتاريخ نشرها.

وفي العام التالي 1913 نجح محمد صبري في امتحان «البكالوريا» من المدرسة الخديوية (منازل)، ثم قرر السفر في عام 1914 إلى فرنسا لاستكمال دراسته الجامعية على نفقته الخاصة، فنزل أولاً عند أسرة فرنسية في ليون، وتعلم منهم الفرنسية وأتقنها، ثم التحق بجامعة السوربون، وحصل منها على ليسانس الآداب في التاريخ الحديث، ثم على دكتوراه الدولة في الآداب من نفس الجامعة عام 1924، وكان أول مصري يحصل على هذه الشهادة فلقب بالسوربوني.

المؤسف في مسيرة الدكتور محمد صبري أنه لم يُمكًّن من التدريس في الجامعة، وقوبلت بالجحود كل جهوده العلمية ودوره الوطني الكبير في حفظ تاريخ الأمة وتاريخ أدبها المعاصر؛ ربما لاعتداده بنفسه، واستقلاله برأيه، وعلى الأرجح أن هذا هو السبب وراء أنه شغل عدة وظائف صغيرة كان آخرها قبل قيام ثورة يوليو مديرا لمعهد الوثائق والمكتبات سنة 1951 بقرار من طه حسين وزير المعارف وقتها، وبعد ثورة يوليو قررت لجنة التطهير فصله من وظيفته في ديسمبر سنة 1952 ضمن حملة تطهير الجهاز الحكومي، لكن القيادة سرعان ما راجعت موقفها المتشكك فيه واستعانت به في إعداد أبحاث وكتب عن السودان ثم عن قناة السويس وقدره جمال عبد الناصر عليها.[1]

كان المؤرّخون يركزون في عهد محمد علي، وما بعده على أن البطل أو القائد أو الوالي هو محور التاريخ، لكن نظرية الفرد البطل بدأت تتهاوى من بعد ثورة الشعب المصري في العام 1919، حيث بدأت «تحوّلات الكتابة التاريخية في مصر المعاصرة»، وزادت وتيرتها مع تحوّل الجامعة المصرية من أهلية إلى حكومية، فشهدت عملية التأريخ لمصر الحديثة والمعاصرة تحوّلات منهجية أكاديمية كان لها الأثر البالغ في إعادة قراءة وتقديم التاريخ المصري الحديث، ولا شك أن «السوربوني» كان من أوائل المؤرخين المؤهلين علمياً الذين عملوا جاهدين على ذلك النوع من التأريخ الذي يركز على دور الشعب الفعال في التاريخ المصري.

كتب «السوربوني» أول كتبه التاريخية بناء على طلب من سعد زغلول حين عمل معه السوربوني سكرتيراً للوفد المصري في باريس، وحدثه عن ضرورة إعادة كتابة التاريخ المصري الحديث بطريقة علمية وأكاديمية، فقال له سعد زغلول: «وهو أنا اللي ها اكتبه يا فالح، شد حيلك أنت وابتدئ»، فوضع كتابه الأول عن «الثورة المصرية من خلال وثائق حقيقية وصور التقطت في أثناء الثورة»، الذي كتبه بالفرنسية وما زالت أحداث ثوره (1919) مشتعلة ولم يخمد أوارها بعد.

وكان «السوربوني» في هذا الكتاب صاحب رسالة وطنية أكثر منه مؤرخاً حيث كان كل همه وجل اهتمامه ينصب على ضرورة أن يطلع الرأي العام الأوروبي على فظائع السياسة البريطانية، كما أنه حرص على تسمية ما جرى في مصر بأنه ثورة في الوقت الذي كانت توصف فيه الأحداث   من قبل الصحف العالمية والدبلوماسيين والرحالة بأنها «اضطرابات»، و«قلاقل»، و«أحداث مأساوية»، فخرج «السوربوني» على الرأي العام الأوروبي ليعلن أنها «الثورة المصرية»، بل ويذهب إلى أبعد من هذا عندما أراد أن يضعها في مصاف الثورات الكبرى المعروفة في العالم وعلى رأسها «الثورة الفرنسية»، وبالطبع منعت سلطات الاحتلال توزيع الكتاب في مصر.

حسب ما جاء في بحث منشور للدكتورة نجلاء مكاوي الباحثة والمتخصصة في التاريخ فإن اسم الدكتور محمد صبري يأتي في مقدمة قائمة المؤرخين الذين حرصت مؤلفاتهم على دعم القضية الوطنية من خلال التاريخ، فقد كان «السوربوني» يرى أن الدور الأساسي للمؤرخ هو توظيف المعرفة التاريخية لخدمة قضايا الوطن، فكتب في هذا الإطار مؤلفه «المسألة المصرية منذ الحملة الفرنسية حتى ثورة 1919» الذي صدر الجزء الأول منه باللغة الفرنسية في عام 1920، ثم أصدر الجزء الثاني في عام 1921.

تناول «السوربوني» في الجزء الأول تاريخ القضية المصرية منذ الحملة الفرنسية حتى ثورة 1919 ثم أفرد الجزء الثاني للجنة ملنر ومقاومة المصريين لها، وجاء الكتاب بجزئيه كأنه مذكرة دفاع مطولة تبرز وجهة النظر الوطنية المصرية أمام الأوروبيين،  وفنَّد فيها «السوربوني» أكاذيب السياسة البريطانية الرسمية.

الذي يقرأ مؤلفات «السوربوني» التاريخية سيجد أن أهم شيء يَنْظُمُها كأنها حبات عقد واحد يجمعها معاً يقوم على فكرة التوسل بالتاريخ للدفاع عن قضايا وطنه مستنداً إلى الوثائق الرسمية ومتمسكاً بأسس المنهج العلمي، وربما كان هذا هو السبب الأساسي وراء أن كثيراً من مؤلفاته التاريخية بالذات كتبت باللغة الفرنسية لأنه كان يتوجه بها في الأساس إلى الرأي العام الأوروبي دفاعا عن قضايا الوطن أمام الأوربيين عموما والفرنسيين خصوصاً.

من ناحية أخرى كان «السوربوني» مقتنعا بأهمية التاريخ في تشكيل وعي قومي وتزكية وتنمية الشعور الوطني لدى المصريين، ولذلك كتب دراسته الأكاديمية «نشأة الروح القومية المصرية 1863 ـ 1882»، التي تناول فيها مراحل تاريخ مصر القومي ومهد لها بموجز لتاريخ مصر منذ أقدم العصور وتناول عصر محمد علي الذي أرجع إليه وإلى سياساته وإلى النخبة المصرية في عصره فضل استيقاظ «الشعور الوطني والروح القومية المصرية».

واستطاع «السوربوني» أن يوظف التاريخ لخدمة القضايا الوطنية وتأكيد الشعور القومي عبر دراسة أكاديمية موثقة تؤرخ لنشأة الروح القومية المصرية ـ منذ تولى الخديوي إسماعيل وحتى احتلال بريطانيا لمصرـ والعوامل التي أدت إلى الاحتلال البريطانى لمصر، والتي أسهمت في تكوين الرأي العام، وتشكيل الوعي القومي المصري والمعارضة الوطنية، ومعركة تمصير الجامعة المصرية بعد ضمها لوزارة المعارف (1925).

كان إحساس «السوربوني» وقناعته بدور المؤرخ ووظيفة التاريخ هو الدافع وراء هذا الكم الضخم من المؤلفات التاريخية والأدبية والثقافية، ولم يكن يصدر في ذلك كله عن خطاب انشائي أو يتكئ على مشاعر وطنية متأججة، لكنه كان بشهادة كل المؤرخين يقف على رأس المدرسة الوطنية العلمية لكتابة تاريخ مصر الحديث والمعاصر، وهي المدرسة التي بدأت ملامحها تبرز وتتشكل في أعقاب ثورة الشعب الكبرى في سنة 1919.

نقلت هذه المدرسة الكتابة في التاريخ من المنهج القديم الذي درج على كتابة السير والحوليات والمغازي والخطط والآثار والتراجم ورسخت أسس الكتابة العلمية للتاريخ، وارتبطت بتطور الحركة الوطنية المصرية التي واجهت الاحتلال البريطاني في معركة إعادة كتابة التاريخ ليس على المقاس الاستعماري ولكن على المقياس الوطني، وتوهجت في معركة تمصير الجامعة الأهلية، وبدء مرحلة إحلال الأساتذة المصريين محل الأساتذة الأجانب الذين كانت غالبيتهم من الإنجليز والفرنسيين.

كما برز في معركة التمصير أسماء مفكرين وكتاب كبار مثل لطفي السيد وطه حسين وسليم حسن وغيرهم، فقد برزت في نفس الوقت أسماء المؤرخين المتخصصين في تاريخ مصر الحديث والمعاصر، وكان في طليعة هؤلاء أسماء مثل محمد صبري السوربوني، وشفيق غربال وتلاميذه من بعده، فقد كانت لإسهاماتهم العلمية الفضل في نهضة الكتابة التاريخية المصرية كما ساهموا في إعادة تشكيل الحياة الفكرية في مصر حين تعلموا طرائق البحث العلمي كما عرفها الغرب وهضموها وتمثلوها ونقلوها إلى الحياة الثقافية والفكرية وحركة التأليف في التاريخ المصري الحديث.

محمد صبري «السوربوني» له أكثر من 33 مؤلفاً عن تاريخ مصر الحديث والأدب العربي وقد اضطر إلى كتابة معظمها باللغة الفرنسية، وقد أحسن المركز القومي للترجمة التابع للمجلس الأعلى للثقافة حين بادر مؤخراً إلى ترجمة العديد من هذه المؤلفات المهمة، ولكن يبقى سؤال لماذا كتب السوربوني هذه المؤلفات باللغة الفرنسية؟

«السوربوني» يقدم لنا مذكرة تفسيرية حول مسألة أن معظم كتاباته التاريخية كتبها بالفرنسية، وهو يُرجع ذلك لعدة أسباب أولها أنه رأى أن اللغة الفرنسية شأنها شأن اللغات الأوروبية لغة عليمة كثيرة التداول، وثانيها لأن الوثائق العلمية وقوة الحكم والتقدير متوفرتان عند الأوربيين، وثالثها لأن مصدر تشويه الحقائق ونشرها شرقاً وغرباً هو أوروبا ذاتها، ورابعها وهو الأهم يكمن في أن مصادر التاريخ المصري ووثائقه باللغات الأجنبية، ولأنه أراد أن يقوم بتحليل هذه الوثائق والمصادر ونقدها لإظهار الحقائق ووضعها في متناول المؤرخين الأجانب لكي تؤدي رسالتها من الناحية العلمية، فتكشف لهم وجهة النظر القومية مما يصحح المعلومات الخاطئة التي روجها هؤلاء الكتاب الأجانب في مؤلفاتهم عن تاريخنا.

وقد وعد الدكتور محمد صبري «السوربوني» قراءه في مقدمة كتابه عن الإمبراطورية السودانية بأنه سوف يتوفر على ترجمة كتبه إلى العربية لكنه لم يتمكن من تحقيق ما وعد به، ومات مغمورًا مجهولًا، لم يستوف حقه ومكانه في حياة وتاريخ الوطن الذي نذر حياته له.[2]

مؤلفاته

ترك الدكتور محمد صبري السوربوني كنزًا عظيمًا من الكتب والمؤلفات التاريخية الخالدة، ومن أهمِّها:

  • (الإمبراطورية المصرية في عهد محمد علي والمسألة الشرقية) (1811- 1849)
  • (صفحات من تاريخ مصر: تاريخ مصر من محمد علي إلى العصر الحديث)
  • (الإمبراطورية المصرية في عهد إسماعيل والتدخل الأنجلو/فرنسي) (1863- 1879)
  • (نشأة الروح القومية المصرية) (1863 – 1882)
  • (الثورة المصرية من خلال وثائق حقيقية وصور التقطت أثناء الثورة).

ولقد ترك لنا مجموعة كبيرة من الكتب والمراجع وحول منهجهه في كتابة التاريخ يذكر الدكتور أحمد زكريا الشلق أن معظم كتبه كانت باللغة الفرنسية؛ فلقد كان يدرك أنه يخاطب العقل الأوروبي بما يملكه من موضوعية في البحث العلمي؛ ووفرة المصادر التاريخية باللغات الأجنبية؛ ولقد أراد السوربوني تحليل هذه المصادر ودراستها دراسةً نقديةً؛ ولقد آمن السوربوني أن كتابة التاريخ مهمة أبناء الوطن لأنهم أقدر على فهمه من الأجانب؛ ولقد درس السوربوني (أسسَ المنهج العلمي في كتابة التاريخ) في فرنسا؛ لذا طالب المؤرخ أن يحدد هدفه من موضوع البحث؛ ثم بجمع كل ما يتعلق بها من وثائق؛ ومن ثم إخضاعها لدراسة نقدية تحليلة متأنية؛ ولقد تميزت كتبه بالإيجاز والوضوح؛ كما تميز أسلوبه بسلاسة وبساطة تعبر عن معانيها بأبسط العبارات؛ ولقد تميز أيضا بالموضوعية في أحكامه؛ فلم يكن يصدر حكمه بناء على عاطفة خاصة؛ وإنما كان يلتزم بالأمانة العلمية.

ولقد أستطاع السوربوني كما يؤكد الدكتور الشلق في كتابه،على توظيف التاريخ في خدمة قضايا وطنه من جهة، وتأكيد الشعور القومي من جهة أخري.

وفاته

ولقد استمر في الكتابة والتأليف وإلقاء المحاضرات حتي توفي في يناير 1978 عن عمر يناهز 84 عاما تقريبا.[3]

مراجع

  1. ^ أحمد حسين الطماوي في كتابه: «صبري السوربوني، سيرة تاريخية وصورة حياة» الصادر (1986) عن الهيئة العامة للكتاب ضمن سلسلة أعلام العرب.
  2. ^ المؤرخون والدولة والسياسة في مصر القرن العشرين أنتوني جورمان
  3. ^ من الحوليات إلي التاريخ العلمي: نهضة الكتابة التاريخية في مصر. كتاب من قبل أحمد زكريا الشلق