السَدِيْم[1] في الفلك، هي أجرام سماوية ذات مظهر منتشر غير منتظم مكون من غاز متخلخل من الهيدروجين والهيليوم وغبار كوني.[2][3][4] ويدرس الفلكيون السدم عن طريق دراسة الوسط البين نجمي وبصفة خاصة بين نجوم مجرتنا.

نظرة من قرب لسديم النسر بواسطة المرصد الفضائي هابل.
ولادة نجوم في أبراج التخليق في سديم النسر.

ويشغل الفضاء الكثير من تجمعات ذرات الغاز والغبار، وهنالك سديم يمكن رؤيته ليلاً في السماء بمقراب صغير يقع في كوكبة الصياد أو الجبار وأحد أشهر سدم السماء لهواة الفلك هو سديم الجبار أو مسييه 42 وهذا السديم لا يصدر الضوء بنفسه وإنما يعكس ضوء النجوم القريبة منه على ذراته فنراه من على الأرض. توجد ثلاثة نجوم تمر عبر منتصف كوكبة الجبار تسمى «حزام الجبار». وإلى الأسفل منها توجد ثلاثة نجوم أخرى متدلية في صف واحد، تسمى «سيف الجبار» أو «خنجر الصياد». وفي الحقيقة النجم الأوسط في هذا السيف ليس نجماً، بل هو سديم يُسمى سديم الجبار.

NGC 604 ، سديم في مجرة المثلث

وقام العالم الفلكي ويليام هرشل بدراسة دقيقة للنجوم عام 1774م، ووجد أن الفضاء يحوي سدماً كثيرة معظمها كبير الحجم. واستطاع أن يجد في بعضها نجوما ساطعة، ثم أخذ يتساءل عما إذا كانت كلها عناقيداً نجمية من النجوم لا غيوماً غازية، ولم يتمكن علماء الفلك قبل مرور مائة عام تقريباً من تحديد حقيقة السدم الغازية. غير أنهم لم يفعلوا ذلك بالنظر إليها بواسطة المقراب وإنما بالكشف عن طبيعة أطيافها وذلك بتحليل ضوئها بالمطياف الضوئي.


حوالي 150 عامًا بعد الميلاد,سجل بطليموس في الكتاب السابع إلى الثامن من كتابه المجسطي, خمس نجوم تبدو غامضة كما أشار أيضًا إلى وجود منطقة ضبابية بين كوكبتي الدب الأكبر والأسد والتي لم تكن مرتبطة بأي نجم. أول سديم حقيقي يختلف عن العنقود النجمي أكتشف وذكر من قبل العالم المسلم الفارسي عبدالرحمن الصوفي في كتابه"النجوم الثابته".وأشار الى "سحابة صغيرة" حيث تقع هناك مجرة المرأة المتسلسلة.كما قام ايضًا بتصنيف مجموعة نجوم أوميكرون فيلوروم على انها "نجمة ضبابية غامضة" وغيرها من الأجسام الضبابية الغامضه مثل مجموعة بروتشي. كما أن المستعر الأعظم اللي خلق من بقاياه سديم السرطان تمت ملاحظته من قبل علماء الفلك العرب والصينين في عام وفي عام 1610,أكتشف "نيكولا كلود فابري دي بيريسك" سديم أوريوم بإستخدام التلسكوب. وقد لاحظ "لاحظ يوهان بابتيست سيسات" هذا السديم ايضًا في عام 1618.لكن لم يدرسه أحدُ تفصيليًا حتى عام 1659 تم إجراؤها على يد "كريستيان هويجنز" الذي يعتقد أنه كان أول شخص يكتشف هذا السديم في عام 1715,نشر "إدموند هالي" قائمة تضد سته سدم.إزداد هذا العدد بشكلٍ ثابت خلال القرن,حيث قام"جان فيليب دي تشيسو" بتجميه قائمة تضم 20 سديمًا في عام 1746 (بما في ذلك 8 غير معروفة من قبل). ومن عام 1751 إلى 1753 ,قام "نيكولا لويس دي لاكاي" بفهرسة 42 سديمًا من رأس الرجاء الصالح,ومعظمها لم يكن معروفًا من قبل. ثم قام تشارلز ميسييه بعد ذلك بتنظيم وفهرسة 103 من السدم بحلول 1781(أصبحت تسمى الآن كائنات ميسييه والتي تضمنت مايُعرف الآن بالمجرات),لكن كان إهتمام تشارلز هو إكتشاف المذنبات وهذه الأجسام يمكن الخلط بين بعضها البعض ثم زاد عدد السدم بشكل كبير بفضل جهود "ويليام هيرشل"و أخته"كارولين هيرشل" . في عام 1786 تم نشر فهرستهم وجمعهم لألف سديم جديد وايضًا مجموعات من النجوم,وفي عام 1789 تم نشر جمعهم وفهرستهم لألف سديم آخر,وظهرت آخر فهرسه وجمع لهم في عام 1802 حيث قامو بتجميع 510 سديمًا.خلال معظم عملهم كان "ويليام"يعتقد أن هذه السدم مجرد كوكبات من النجوم لم يتم إكتشافها وفهم ماهيتها بعد,ومع ذلك في عام 1790 أكتشف نجمًا محاطًا بالضباب وأعتبر أن هذا كان سديمًا حقيقيًا وليست كوكبة من النجوم او عنقود بعيد ابتداءًا من عام 1864 ,قام"ويليام هوجينز"بفحص أطياف حوالي 70 سديمًا ,ووجد أن مايقارب ثلثهم ليدهم طيف إنبعاث الغاز.وأظهر الباقي طيفًا مستمرًا ,وبالتالي يُعتقد أنه يتكون من كتلة من النجوم.تمت إضافة فئة ثالثة في عام 1912 عندمها أظهر "فيستو سليفر"أن طيف السديم الذي يحيط بالنجم ميروب يطابق أطياف مجموعة الثريا المفتوحة.وهكذا,يشع السديم بضوء النجم المنعكس في عام 1923، بعد المناقشة الكبرى، أصبح من الواضح أن العديد من "السدم" كانت في الواقع مجرات بعيدة عن درب التبانة واصل "سليفر "و"إدوين هابل" جمع الأطياف من العديد من السدم المختلفة، ووجدوا 29 منها تظهر أطياف الانبعاث و33 تحتوي على أطياف مستمرة لضوء النجوم. في عام 1922، أعلن هابل أن جميع السدم تقريبًا مرتبطة بالنجوم وأن إضاءتها تأتي من ضوء النجوم. اكتشف أيضًا أن سدم طيف الانبعاث ترتبط دائمًا تقريبًا بالنجوم ذات التصنيف الطيفي—- B أو الأكثر سخونة (بما في ذلك جميع نجوم التسلسل الرئيسي من النوع - O)، بينما تظهر السدم ذات الأطياف المستمرة مع النجوم الأكثر برودة. استنتج كل من هابل وهنري نوريس راسل أن السدم المحيطة بالنجوم الأكثر سخونة تتحول بطريقة ما

أنواع السدم وتصنيفها

توجد عدة أنواع من السدم منها:

السدم المظلمة

السدم المظلمة هي سدم مكونة من غبار وغاز كوني، تمنع الضوء من العبور من خلالها بسبب كثافتها الشديدة وتحجب بذلك كل ما وراءها، وهي مظلمة لأنه لا يوجد قربها ما تعكس ضوءه وهي لا تُتنتج ضوءاً كالسدم الانبعاثية. لا يمكن مشاهدتها مرئياً إلا بواسطة التباين الحادث على أطرافها التي تعكس بعضا من ضوء نجوم قريبة.ينبع ظلام سحابة السديم من الكثافة العالية نسبيا للغاز والغبار الكوني فيه، وهو يشكل بذلك حقلا يمكن أن تنشأ في نجوما جديدة تحت فعل الجاذبية. مثال على ذلك نجده في أبراج التخليق في سديم النسر.

السدم العاكسة

السدم العاكسة هي سدم تشبه السدم المظلمة من حيث طبيعتها، لكنها تلمع نتيجة الضوء المعكوس عليها من النجوم المحيطة بها، حيث تقوم النجوم المضيئة والقريبة من السدم بعكس الضوء في المنطقة التي يتواجد فيها الغبار بكمية كبيرة، وبما أن ذرات الغبار المحتوية على نسبة عالية من الكربون تعكس الضوء الأزرق بكفاءة أكثر من الضوء الأحمر لذلك فإن السديم العاكس تبدو زرقاء اللون.

عنقود الثريا.

السدم الانبعاثية

السدم الانبعاثية (أو السدم الإشعاعية) هي سدم تولّد ضوءها بنفسها على النقيض من السدم العاكسة التي تعكس ضوء النجوم التي يُحيط بها السديم، أو المظلمة التي لا تعكس الضوء حتى (لعدم وجود نجوم قريبة لكي تعكس ضوءها). وتوجد منها عدة أنواع:

السدم الكوكبية

السدم الكوكبية هي سدم انبعاثية تشير إلى المرحلة الأخيرة من حياة نجم خفيف الكتلة، وهو المصير المتوقع للشمس. سميت بهذا الاسم لأن الفلكيين كانوا يحسبونها كواكباً بسبب شكلها الصغير المستدير اللامع.

مناطق الهيدروجين

مناطق الهيدروجين هي سدم انبعاثية ذات مظهر مبهر، تضم مجموعة نجوم شابة أو في طور التشكل. عادة ما تنعت بـ«مشاتل النجوم». تنقسم مناطق الهيدروجين إلى نوعين: منطقة هيدروجين I وهي تتكون من سحابة هيدروجين ذراته منفردة و مناطق هيدروجين II وتتكون من سحابات تتكون من جزيئات الهيدروجين.

بقايا المستعرات العظيمة

بقايا المستعرات العظيمةهي سدم انبعاثية كبيرة جداً ناتجة عن انفجار قوي لنجم عالي الكتلة في حدث مستعر أعظم. تشكل عادة بنية سلكية خاصة تشبه التخريم.

فقاعات وولف-رييت

فقاعات وولف-رِييْت هي سدم لها مظهر مشابه لبقايا المستعرات العظيمة. تنتج فقاعات الغاز هذه من القذف التدريجي للطبقات الخارجية لنجم حار وعالي الكتلة في نهاية عمره على شكل رياح نجمية قوية جداً.

خواص السدم المنتشرة

المادة المكونة للسدم متخلخلة جداً وتوجد في السديم مئات الجزيئات في السنتمتر المكعب الواحد فقط، وللمقارنة نجد في الغلاف الجوي للأرض لنفس الحجم، مليارات المليارات من الجزيئات وهذا يدل على البعد الشاسع بين جزيئاته. والسدم غير منسجمة وتتميز ببنية مركبة.

دورها في تشكل النجوم

يتجلى دور السدم في تشكل النجوم في أن بإمكانها أن تنهار جاذبيا مكونة مجموعة نجمية. فلربما تكونت المجموعة الشمسية انطلاقا من سديم يسمى سديما بدائيا أو سديما شمسيا. وأقترح كانت ولابلاس هذا المشهد لأول مرة في أواسط القرن الثامن عشر.

أنواع

انظر أيضًا

مصادر

  1. ^ Q113297966، ج. 2، ص. 766، QID:Q113297966
  2. ^ "معلومات عن سديم على موقع psh.techlib.cz". psh.techlib.cz. مؤرشف من الأصل في 2019-12-08.
  3. ^ "معلومات عن سديم على موقع britannica.com". britannica.com. مؤرشف من الأصل في 2018-01-02.
  4. ^ "معلومات عن سديم على موقع id.ndl.go.jp". id.ndl.go.jp. مؤرشف من الأصل في 2020-03-25.
  5. ^ "A stellar sneezing fit". ESA/Hubble Picture of the Week. مؤرشف من الأصل في 2023-07-22. اطلع عليه بتاريخ 2013-12-16.