سبسطية هي بلدة فلسطينية تقع في محافظة نابلس على بُعد 12 كم شمال غرب مدينة نابلس.[1] يقع بالقرية جامع النبي يحيى، كما تُعتبر المدينة ذات تاريخ عريق وحضارة زاهرة امتدت لأكثر من 3000 عام، تخللها العديد من الأحداث والوقائع التاريخية الهامة لفلسطين وللمنطقة بشكل عام وأطلق عليها المؤرخون لقب عاصمة الرومان في فلسطين.

سِبسطية

تقسيم إداري
البلد  فلسطين
المحافظة نابلس
المسؤولون
رئيس البلدية محمد عازم
خصائص جغرافية
إحداثيات 32°16′34″N 35°11′43″E / 32.276111°N 35.195278°E / 32.276111; 35.195278
المساحة 4,8 (4.810 دونمات) كم²
السكان
التعداد السكاني 2.614 نسمة (إحصاء 2007)
الكثافة السكانية 545 ساكن/كم²

خريطة
جامع النبي يحيى، نحو سنة 1920 م.

موقعها

تقع البلدة في الشمال الغربي لمدينة نابلس جبل النار تبعد عنها 15 كم وبالتحديد على الطريق الواصل بين نابلس وجنين القسام، تقع على سفح جبل ارتفاعه 450م عن سطح البحر ينتهي بسهل تحيط به الحقول والبساتين النضرة، وتشتهر بزراعة الزيتون والأشجار المثمرة كالخوخ والمشمش. تجاوز عدد سكانها اليوم 3000 شخص

قرر مجلس الوزراء الفلسطيني في 19 يناير 2016، فصل تجمع إجنسنيا إداريًا عن بلدية سبسطية، واستحداث مجلس قروي إجنسنيا ليُدير شؤون القرية.[2]

المناخ

يسود في سبسطية مناخ متوسطي معتدل، ذو صيف حار وجاف، وشتاء بارد ممطر. يحل فصل الربيع في أواخر شهر مارس (آذار) وأوائل أبريل (نيسان)، ويعتبر شهر يوليو (تموز) وأغسطس (آب) أحرّ شهور السنة، حيث يصل معدل درجات الحرارة فيهما إلى 28.9 ° مئوية (84 ° فهرنهايت)، أما أكثر الأشهر برودة فهو يناير (كانون الثاني)، ويصل فيه معدل درجة الحرارة إلى 3.9 ° مئوية (39 ° فهرنهايت). يتساقط المطر بين شهريّ أكتوبر (تشرين الأول) وأبريل (نيسان) عادةً، ويبلغ معدل المتساقطات السنوي 589 مليمتراً (23.2 إنش).

التسمية

نظراً لتاريخها العريق ولتعدد الحضارات والأمم التي سكنتها، تعدد الروايات والتكهنات في أصل تسميتها: ففي رواية أن التسمية تعود إلى الملك شومر (سومر) التي تعني الحارس، حيث يُعتقد بأن سبسطية أقيمت على البقعة التي كانت عليها بلدة (السامرة) التي تعود بتاريخها إلى (نحو 885 ـ 874 ق.م) وفي رواية أخرى أن أصل كلمة سبسطية هو يوناني ومعناها «الموقر». وغير اسمها هيردوس الكبير الآدمي ودعاها «سه بسته» وهي كلمة يونانية بمعنى «أغسطس» اللاتينية أي سيد واحتفظت المدينة بهذا الاسم حتى اليوم. فتحها العرب بقيادة عمرو بن العاص.

تاريخ المدينة

يرجع تاريخها إلى العصر البرونزي، عندما سكنها أقوام بدائيون، ويعتقد أنهم من قبائل الكنعانيين. وشهدت المدينة فترات ازدهار وفترات ضعف حتى اجتاحها الآشوريون عام 805 ق.م واستباحوها مرة أخرى عام 721 ق.م، وانتهت مملكة السامرة. حكم ظل بلاد ما بين النهرين الذي دام أربعة قرون (723/22-322 قبل الميلاد)، وصل إلى العصر الذهبي، وهو ما حدث مرة أخرى في عهد الملك هيرودس.[3] وجاء عهد الاسكندر الكبير 331-107 ق.م وتحولت المدينة إلى مدينة يونانية، إلى أن دمرت عام 107 ق.م نتيجة ثورة على الإغريق، وفي عام 63 م أعاد الرومان بناءها وسميت من يومها بسبسطية.

على التل (التل الأثري)، اكتشف علماء الآثار العديد من الهياكل الأكبر والاكتشافات الأصغر مثل شقف الفخار، من المستوطنة الأولى، التي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المبكر، من مدينة العصر الحديدي الإسرائيلي، والفترات الهلنستية والرومانية والبيزنطية.[3][4] في موقع قرية سبسطية الحديثة بالقرب من التل، تم تأريخ اكتشافات الفخار إلى العصور الرومانية والبيزنطية المتأخرة، ولكن أيضًا إلى العصور الإسلامية المبكرة، والعصور الوسطى (الصليبية، والأيوبية، وما إلى ذلك)، والعثمانية والحديثة.[3]

عصر مملكة إسرائيل/السامرة

في القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد، كانت السامرة عاصمة مملكة إسرائيل الشمالية.[5] وفقًا للكتاب المقدس العبري، اشترى عمري، الملك السادس لإسرائيل (حكم في الفترة من 880 إلى 870 قبل الميلاد)، تلة يملكها فرد (أو عشيرة) يُدعى شيمر مقابل وزنتين من الفضة، وبنى عاصمته الجديدة على قمته الواسعة. مكان ترصة، عاصمة إسرائيل الثانية (1 مل 16: 24).[6]

وفقًا لبعض علماء الكتاب المقدس، قد تكون أول إشارة إلى مستوطنة في هذا الموقع هي بلدة شامير، والتي وفقًا للكتاب المقدس العبري كانت موطن القاضي تولا في القرن الثاني عشر قبل الميلاد (قضاة 10: 1-2).[7]

ويُعتقد أن عمري منح الآراميين الحق في "إنشاء شوارع في السامرة" كعلامة على الخضوع (1 ملوك 20: 34). ربما يعني هذا أنه تم منح الإذن للتجار الآراميين بمواصلة تجارتهم في المدينة. وهذا يعني وجود عدد كبير من السكان الآراميين الذين أطلقوا عليها اسم شاميرين.[8]

في عام 720 قبل الميلاد، سقطت السامرة في يد الإمبراطورية الآشورية الجديدة بعد حصار دام ثلاث سنوات، مما أدى إلى نهاية مملكة إسرائيل. بعد سقوط المملكة، أصبحت السامرة مركزًا إداريًا تحت الحكم الآشوري الحديث والبابلي الجديد والأخميني (الفارسي).[5]

تم إجراء العديد من الاكتشافات الأثرية المهمة في السامرة القديمة. ومن بينها قصر ملكي إسرائيلي يعود تاريخه إلى القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد.[9][10] وقد عثر هناك على 500 قطعة من العاج المنحوت،[11] مما دفع بعض العلماء إلى ربط الهيكل بـ "القصر المزين بالعاج" المذكور في الكتاب المقدس (1 ملوك 22: 39).

تم اكتشاف مجموعة من 102 شقفة السامرة، وهي مجموعة مكونة من 102 شقفة مكتوبة بالأبجدية العبرية القديمة، بواسطة جورج أندرو ريزنر من متحف هارفارد للشرق الأدنى القديم.[12][13]

العصر الهلنسي

تم تدمير السامرة على يد الإسكندر الأكبر عام 331 قبل الميلاد، ثم دمرها الملك الحشمونائي يوحنا هيركانوس مرة أخرى عام 108 قبل الميلاد.[14]

العصر الروماني

بعد أن أعاد بومبي بناء المدينة في عام 63 قبل الميلاد، سكن المدينة السامريون الهيلينيون وأحفاد الجنود المقدونيين.[15]

وفي عام 27 قبل الميلاد، أعاد هيرودس الكبير، ملك يهودا، بناء السامرة.[16][17]

الآثار

على التل (التل الأثري)، اكتشف علماء الآثار العديد من الهياكل الأكبر والاكتشافات الأصغر مثل شقف الفخار، من المستوطنة الأولى، التي يرجع تاريخها إلى العصر البرونزي المبكر، من مدينة العصر الحديدي الإسرائيلي، والفترات الهلنستية والرومانية والبيزنطية.[3][4] في موقع قرية سبسطية الحديثة بالقرب من التل، تم تأريخ اكتشافات الفخار إلى العصور الرومانية والبيزنطية المتأخرة، ولكن أيضًا إلى العصور الإسلامية المبكرة، والعصور الوسطى (الصليبية، والأيوبية، وما إلى ذلك)، والعثمانية والحديثة.[3]

أما في وسط مدينة سبسطية فيقع أثر تاريخي عظيم، وهو: مقبرة الملوك المدفون فيها أحد ملوك الرومان، ويشير مظهر المقبرة الخارجي إلى عظمة العمارة في ذلك الفصل من التاريخ، ويدل على ذلك دقة صنع التماثيل المنقوشة على القبور والتي جسدت ملوكاً وحراساً واسوداً وأطفالاً يحملون عناقيد عنب، وأسفل المقبرة يشير سرداب التهوية إلى وجود غرفتين فيها مجمع قبور.

السكان

كان سكان المدينة في عام 1596 يتألفون من 806 أسر مسلمة و18 أسرة مسيحية و15 أسرة يهودية و20 أسرة سامرية، والأخيرة طائفة دينية يهودية، ويسمى أفرادها بالسمرة أو السامريين. ويعتقد أبناؤها بأنهم القبيلة اليهودية التائهة. عاش السامريون قبل حرب 1967 في سبسطية كمواطنين أردنيين يتمتعون بكافة حريات المواطنة كحال مسلمي ومسيحيي المدينة.

خلال أوائل القرن التاسع عشر، قدر قسطنطين بازيلي سكان ناحية سبسطية بستة وعشرين ألف عائلة منها ما يقارب 1000 عائلةٍ مسيحية. وتفيد السجلات العثمانية أن عدد سكان سبسطية بلغ 2000 نسمة عام 1849، وفي عام1867 قال زوّار أمريكيون، أن البلدة بلغ عدد سكانها 4,000 نسمة «أكثرهم محمديون»، وبعض اليهود والمسيحيين، وحوالي 150 سامريّ.

الديانات

كانت سبسطية في عام 891 الميلادي، أي خلال العهود الأولى للحكم العربي، تحوي تنوعا دينيا كبيرا، وكان أكثرية سكانها يدينون بالإسلام، المسيحية، والسامرية. يقول الجغرافي شمس الدين الأنصاري الدمشقي، أن المدينة كانت خلال العهد المملوكي، مأهولة بالمسلمين، السامريين، المسيحيين الأرثوذكس، المسيحيين الكاثوليك، واليهود. أظهر إحصاء عام 1931 أن المدينة حوت 16,483 مسلمًا، 533 مسيحيًّا، 6 يهود، و167 شخص يدينون بأديان أخرى، على الأرجح أن معظمهم سامريون.

إن معظم سكان سبسطية اليوم يدينون بالإسلام، ولا يزال هناك أيضًا بعض المسيحيين والسامريين. يُعتقد أن كثيرًا من الفلسطينيين المسلمين في المدينة يتحدرون من سامريين اعتنقوا الإسلام عند الفتح الإسلامي لبلاد الشام، والبعض من أسماء العائلات المسلمة اليوم يتم ربطها بالسامريين ويُقال أن أجدادهم كانوا من أتباع ذلك الدين - مثل آل مسلماني وآل يعيش وغيرهم. يقول المؤرخ فياض الطيف، أن أعدادًا كبيرة من السامريين اعتنقوا الإسلام بسبب الاضطهاد الذي كانوا يتعرضون له، وبسبب الطبيعة التوحيدية للدين الجديد، الأمر الذي جعلهم يتقبلونه بصورة أسهل وأسرع.كان يسكن في المدينة حوالي 3,500 مسيحي عام 1967، ولكن أعدادهم انخفضت إلى 650 عام 2008. يتألف المسيحيون في نابلس حاليّا، من 70 أسرة روم أرثوذكس، حوالي 30 أسرة من الروم المالكيين الكاثوليك، و30 أسرة انجليكانية. كان معظم المسيحيين يسكنون في ضاحية رفيديا بالقسم الغربي من المدينة.

الزي الشعبي

يشبه الزي النسائي القديم المعروف لمدينة نابلس إلى حد كبير الزي النسائي لمدينة دمشق، والذي يتكون من يشمك وغطوة وكاب أو ملاية. والحال كذلك بالنسبة للزي الرجالي الذي كان يتكون من السروال والطربوش.

مراجع

  1. ^ "Nablus". اطلع عليه بتاريخ 2007-09-14.[وصلة مكسورة]
  2. ^ قرار مجلس الوزراء رقم (2) لسنة 2016م بحل وضم هيئات محلية وفصل تجمعات سكانية في المحافظات الشمالية وإحداث هيئات محلية جديدة نسخة محفوظة 23 يوليو 2020 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ أ ب ت ث ج Zertal, 2004, pp. 461- 463-464. Re-accessed 4 Oct 2023. نسخة محفوظة 2023-05-11 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ أ ب Dauphin, 1998, pp. 766–7
  5. ^ أ ب Pummer, Reinhard (2019), "Samaria", The Encyclopedia of Ancient History (بEnglish), John Wiley & Sons, Ltd, pp. 1–3, DOI:10.1002/9781444338386.wbeah11208.pub2, ISBN:978-1-4443-3838-6, S2CID:241784278, Archived from the original on 2023-10-04, Retrieved 2021-12-22
  6. ^ عمري, king of the 10 tribes of Israel, built the city and settled his men in the Old City, in accordance with the account relayed in the Hebrew Bible (1 Kings 16:24). Compare يوسيفوس فلافيوس, Antiquities (Book viii, chapter xii, verse 5)
  7. ^ Boling, R.G. (1975). Judges: Introduction, Translation, and Commentary. (Anchor Bible, Volume 6a), Page 185
  8. ^ Boulanger, Richard (1966). The Middle East (Hachette World Guides, Librarie Hachette, Paris), Page 643
  9. ^ Finkelstein، Israel (1 نوفمبر 2011). "Observations on the Layout of Iron Age Samaria". Tel Aviv. ج. 38 ع. 2: 194–207. DOI:10.1179/033443511x13099584885303. ISSN:0334-4355. S2CID:128814117. مؤرشف من الأصل في 2023-05-04.
  10. ^ Tappy، Ron E. (1 يناير 1992). The Archaeology of Israelite Samaria. Volume 1: Early Iron Age through the Ninth Century BCE. BRILL. DOI:10.1163/9789004369665. ISBN:978-90-04-36966-5. مؤرشف من الأصل في 2023-10-04.
  11. ^ Pienaar، D. N. (1 ديسمبر 2008). "Symbolism in the Samaria ivories and architecture". Acta Theologica. ج. 28 ع. 2: 48–68. hdl:10520/EJC111399. مؤرشف من الأصل في 2023-10-26.
  12. ^ Hebrew Ostraca from Samaria, David G. Lyon, The Harvard Theological Review, Vol. 4, No. 1 (Jan., 1911), pp. 136–143, quote: "The script in which these ostraca are written is the Phoenician, which was widely current in antiquity. It is very different from the so-called square character ‏, in which the existing Hebrew manuscripts of the Bible are written."
  13. ^ Noegel, p.396
  14. ^ Sebaste, Holy Land Atlas Travel and Tourism Agency. نسخة محفوظة 2023-11-04 على موقع واي باك مشين.
  15. ^ Maclean Rogers، Guy (2021). For the Freedom of Zion: The Great Revolt of Jews against Romans, 66-74 CE. New Haven and London: Yale University Press. ص. 27. ISBN:978-0-300-26256-8. OCLC:1294393934.
  16. ^ Maclean Rogers، Guy (2021). For the Freedom of Zion: The Great Revolt of Jews against Romans, 66-74 CE. New Haven and London: Yale University Press. ص. 27. ISBN:978-0-300-26256-8. OCLC:1294393934.
  17. ^ Segal, Arthur (2017). "Samaria-Sebaste. Portrait of a polis in the Heart of Samaria". Études et Travaux (Institut des Cultures Méditerranéennes et Orientales de l'Académie Polonaise des Sciences) (بEnglish). XXX (30): 409. DOI:10.12775/EtudTrav.30.019. ISSN:2084-6762.