محمد بن دحيلان أبوتايه
محمد بن دحيلان أبو تايه الحويطات[1] (1880 - 1939) فارس ومناضل أردني كان أحد أبرز المقاومين للاحتلال العثماني أثناء ثورة الكرك في عام 1910 وأحد رجالات الثورة العربية الكبرى. لقب بـ «شيخ الدولة». ولد في جنوب الأردن لعشيرتين عريقتين، والده من عشائر أبو تايه ووالدته من عشائر المراعية من قبيلة الحويطات. نشأ ابن دحيلان وسط رجالات هذه القبيلة المعروفة بالكرم والجود والشجاعة. ولما كان يتمتع بصفات الزعامة والقيادة التفّ حوله كثيرٌ من عشائر أبو تايه والفريجات مما دفع الدولة العثمانية للسعي لاستمالته وتنصيبه الممثل لعشائر الحويطات لديها.[1]
محمد بن دحيلان أبوتايه | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | 1880 معان |
تاريخ الوفاة | 1939 |
مواطنة | الأردن |
القبيلة | الحويطات |
تعديل مصدري - تعديل |
حياته ونضاله
كان له دور مبكر في مقاومة الاحتلال التركي أثناء ثورة الكرك في عام 1910 حيث ذكرت إحدى الوثائق العثمانية دور عشائر الحويطات وتذكر اسم محمد بن دحيلان وأبناء عمومته بالاسم. تقول الوثيقة:[1]
كانت مشاركة عشائر الحويطات فيها بقيادة عقداء الخيل الفارس محمد بن دحيلان أبو تايه والفارس زعل بن مطلق والفارس عودة بن زعل والفارس حمد بن عرار الجازي |
ومن المواقف التي تدل على ذكاءه وسرعة بديهته عندما كان فرسان العشائر الأردنية مجتمعين حول النار في مساء إحدى الأيام، في حين كان صانع القهوة يقوم بغليها وقبل أن يصبها للشرب، جاءت نحوهم صليه من الرصاص من جهة الكثبان الرملية الواقعة في الشرق، فانبطح أحد الرجال وزحف للأمام، فتحرك الشيخ محمد بن دحيلان بفطنة ودفع موجة كبيرة من التراب بقدمه فوق النار التي سرعان ما انطفأت بسرعة وأصبح الجميع في ظلام دامس حتى لا يكونوا هدفاً واضحاً لنيران العدو، فاستغل الفرسان الظلام لتغيير الموقع باتجاه الكثبان والسواتر المحيطة.وإلى أن وصلوا إلى البنادق، وتوقف العدو التركي وحلفائه عن الرماية تدريجياً
في صباح اليوم الثاني سار محمد بن دحيلان وفرسان العشائر الأردنية في معركة تحرير الأردن تحت أشعة الشمس المشرقة بموازاة خط سكة القطار العسكري. فقام محمد بن دحيلان أبو تايه ورجاله بتعطيل سكة الحديد الممتدة على طول 80 ميلاً ومحطاتها السبعة جنوب الأردن، والاستيلاء على الخط الممتد بين معان والمدورة والذي كان بيد الجيش التركي، وبذلك أنهى محمد بن دحيلان الخط الدفاعي التركي النشط والموصل إلى المدينة المنورة.[1]
دوره في الثورة العربية الكبرى
قام محمد بن دحيلان بزيارة الشريف الحسين بن علي في مكة المكرمة في أواخر عام 1915 مبدياً استعداده ورجال قبيلته للانضمام للثورة العربية فور إعلانها، وكان أول من استقبل الأمير فيصل بن الحسين عند إندلاع الثورة. حيث كان العقل المدبر للعشيرة، وإذا تكلم أقنع من حوله حتى لقب بـ «بأبو البلاغة».
صفاته
جاء في كتاب (أعمدة الحكمة السبعة) لكاتبه توماس ادوارد لورنس الذي وصفه بما يلي:[1]
كان ثرياً وكريماً، كان يعرف ويعالج مسائل رجال العشائر بحنكة، وكانوا يحترمونه حيث أنه كان نزيهاً ومتواضعاً وحكيماً |
ويشير الكاتب أيضا بأن محمد بن دحيلان كان قوياً مفكراً لديه الكثير من روح الدعابة، قوي البنية، طويل القامة، عمره آنذاك كان 38 سنة (عام 1917)، له أتباع موالون إليه أكثر من غيره، ولديه بيت في معان فيه قطيع من النعام، وآخر فيه قطيع من الغزلان بالقرب من الطفيلة، ومنزل آخر في منطقة الشراة، ومنزل في الجفر، وكان عقلا مدبرا للمجالس العشائرية وموجها لسياستها، حيث أن الخطط العسكرية بحاجة لتأييده قبل تنفيذها.
جاء عن محمد بن دحيلان في كتاب (تاريخ الأردن) في القرن العشرين للمؤرخين منيب الماضي وسليمان موسى:[1]
وقد وصفت الرّحالة جيرترود بيل الشيخ محمد بن دحيلان عام 1914م في كتابها (يوميات الجزيرة العربية – مغامرة خارجة عن القانون) بقولها:[1]
أما كتاب (نسب وتاريخ الحويطات بالجزيرة العربية) للمؤلف براك داغش فقد جاء فيه:[1]
حبه للعلم والتعليم
كان يحبُّ العلم والتعليم مما دفعه إلى تعيين معلم خاص لأبناءه يسير معهم في حلّهم وترحالهم مقابل راتب شهري وقد اقتبس هذه الفكرة من قبل الجيش الأردني آنذاك، وتم تعميمها فيما بعد على نطاق أوسع. ومن الجدير بالذكر أن إحدى بنات الشيخ ابن دحيلان «السيدة شاز» كانت من أوائل من حصل على شهادة جامعية وآخر منصب لها قبل التقاعد كان مديرة كلية الملكة زين الشرف.[1]
دوره في المسيرة الوطنية للأردن الحديث
بعد نكوص الحلفاء المنتصرين ونقض عهودهم للشريف الحسين بن علي وقادة الثورة واحتلال فرنسا لسوريا، عمّت الفوضى والإحباط المنطقة، وعليه فقد كان الشيخ محمد بن دحيلان أبو تايه من الزعماء الذين خاطبوا الشريف الحسين بن علي يطلبون ايفاد أحد انجاله ليقود الحركة الوطنية الأردنية. وبتاريخ 21 تشرين الثاني 1920 استقبل الشيخ محمد بن دحيلان الأمير عبد الله الأول بن الحسين حال وصوله إلى معان موفداً من والده تلبية لرغبة الأردنيين.[1]
وقد بادر فور وصول الأمير إلى معان بوضع نفسه مادياً ومعنوياً تحت تصرفه داعماً بذلك بناء الأردن الحديث وعودة الأردن إلى مساره التاريخي الطبيعي بعد انقطاعه عن حركته الحضارية لأربعة قرون من الاحتلال، وفي وقت عصيب متقلب دعم محمد بن دحيلان تلك الحركة التنظيمية التحريرية وبكل ما يملك من ثروة مادية وتأثير عشائري كبير.
وقد حظي الشيخ محمد بن دحيلان أبو تايه باستقبال الشريف الحسين بن عليعند قدومه إلى العقبة من ميناء جدة في زيارة للأردن بتاريخ 9 كانون الثاني عام 1924 وقد كان في ركب الحسين بن علي حتى مدينة معان.
رعاية اليتامى
خصّص جزءاً من منزله الواسع في معان كمسكن دائم لبعض الأرامل والأيتام وأبناء السبيل المقطوعين ومن عاداته أنه كان يقدم كل يوم خميس حاضراً كان أم غائباً ولائم الطعام في ساحة منزله في معان للفقراء والأيتام ولمن انقطعت بهم السبل هناك، وقد سار على نهجه في هذا المجال وأبقى الأمر على ما هو عليه نجله ” مضحي ” الذي استقر وتوفي ودفن في مدينة معان.[1]
وقد كان أهل البادية يعتبرون هذا المنزل بيت ضيافة مفتوح لهم باستمرار وفي الواقع ظل كذلك إلى أن جاء فيضان معان في أوائل الستينات حيث دمر هذا المنزل كما دمر الكثير من بيوت مدينة معان.
ومما قاله بعض شعراء البادية في وصف الشيخ محمد دحيلان أبو تايه، هي القصيدة التي قالها الشاعر عدوان أبو تايه:
يا جاهل التاريخ نعطيك عنوان | نبذ عن اللي ماضيـــات أفعاله | |
الشيـــخ أخو طرفة ابن دحيلان | ريف الضعافا في سنين المحاله | |
محــمد اللي كامــل كل الأوزان | يشهد له التاريـــخ في كل حاله | |
بليهان شيــال المثاقـــل بليهــان | لو زاد وزن الحِمـــل عليه شاله | |
يا ما تلونه فوق طلقات الإيمـــان | عقيــــد هجنن باتـــلات بحـــاله | |
يشهد له التاريخ من ماضي الازمان | يـــوم الفعـــايل بالمهند مجـــاله | |
حــر و عقـــب من مجانيــــه شبعان | بالفـــعل و النومــاس مثله عياله | |
حــــرار من حـــــرار من قبل الان | عز الضعيف اللي تروت أحواله | |
و صلاة ربـــــي عد هتــاف الأمزان | و عــــداد ما هلـــّت حقوق خياله | |
على الشفيـــع الهاشمي نســـل عدنان | شفيع الامــة يوم ســـاعة الهواله |
أسرته
رزق الشيخ محمد بن دحيلان سته من الأبناء وهم: سويلم وهو الابن الأكبر الذي ساهم في معارك فلسطين (1948) وحسب ما ورد في كتاب (تاريخ الأردن في القرن العشرين) ومجلة الأقصى العدد رقم 963 إن سويلم بن دحيلان كان على رأس إحدى فصائل أبناء العشائر (الفصيل من 30 – 50 مناضل) التي شاركت في النضال في حروب عام 1948 في فلسطين وبلغ عدد فرسان العشائر الأردنيين الذين أمكن حصرهم 1200 فارس معظمهم من عشيرتي الحويطات وبني صخر، ومن أبنائه أيضاً سالم، الهزيل، وملاّح الذي كان أحد أبطال وشهداء الجيش العربي في معركة القدس الشهيرة عام 1967.[1]
أما أصغر أبنائه فهو نايف الذي كان من أوائل ضباط الجيش العربي وتلقى تدريبه العسكري في كل من بريطانيا والباكستان وأمضى معظم خدمته العسكرية في فلسطين، وقد سار جميع أنجال الشيخ محمد بن دحيلان على دربه فقد كانوا كما تصفهم العشائر الأردنية (طعّامين زاد فكَاكين نشب).
وفاته
توفي محمد بن دحيلان عام 1939 في معان المدينة ودفن في مقبرتها الشرقية. رثاه أحد الشعراء البدو بقوله:[1]
محمد أخو طرفة بيِن بذكـــره | لكن ظلام الليــــل يتقى نهـــاره | |
يشهد له التاريخ في كل حالة | ريف الضعافا لا غليت اسعاره |