الكمالية في علم النفس هي سمة شخصية تتسم بكفاح الفرد لبلوغ الكمال ووضع معايير عالية جدًا للأداء، يصحبها تقييمات نقدية مبالغة للذات ومخاوف من تقييمات الغير.[1][2] والأفضل تصويرها على أنها صفة متعددة الأبعاد، حيث اتفق علماء النفس على اشتمالها على العديد من الجوانب الإيجابية والسلبية. وفي صورتها السيئة التكيف، تدفع الكمالية الأفراد لمحاولة تحقيق المثالية التعجيزية، وقد تدفعهم كماليتهم التكيفية في بعض الأحيان إلى الوصول لأهدافهم. وفي النهاية، يستمدون الشعور بالسعادة من فعلهم هذا. وعندما لا يستطيع الكماليون بلوغ أهدافهم، كثيرًا ما تصيبهم الكآبة.

التعريف

يجتهد الكماليون بشكل يكاد يكون إلزاميًا ومتواصلاً نحو الأهداف البعيدة المنال، ويقدرون قيمة أنفسهم بناءً على إنتاجيتهم وإنجازهم.[3] إن الضغط على النفس لتحقيق أهداف غير واقعية يهيئ الفرد حتمًا للشعور بخيبة الأمل. ويميل الكماليون إلى انتقاد أنفسهم بقسوة عند الفشل في تحقيق المعايير التي وضعوها لأنفسهم.

منشدو الكمال الطبيعيون في مقابل العصابيين

كان هامشيك من أوائل علماء النفس الذين دللوا على وجود نوعين مختلفين من الكمالية، حيث صنّف الأفراد على أنهم منشدو كمال طبيعيون أو منشدو كمال عصابيون. ويسعى منشدو الكمال الطبيعيون إلى تحقيق الكمال دون تقليل احترامهم لذاتهم، كما يستمدون الشعور بالسعادة من المجهود الذي يبذلونه. ويناضل منشدو الكمال العصابيون لبلوغ أهداف غير واقعية ويشعرون بعدم الرضا باستمرار عندما لا ينجحون في تحقيقها.[4] في الوقت الحاضر، يتفق الباحثون إلى حدٍ كبير على اختلاف هذين النوعين الرئيسيين للكمالية. وقد تم تصنيفهما بشكل مختلف، ويشار إليهما في بعض الأحيان على أنهما الكفاح الإيجابي ومخاوف التقييم السيئ التكيف، والكمالية النشطة والسالبة، والكمالية الإيجابية والسلبية، والكمالية التكيفية والسيئة التكيف.[5] وبالرغم من أن هناك كمالية عامة تؤثر على كافة مناحي الحياة، فإن بعض الباحثين يؤكدون على اختلاف مستويات الكمالية بشكل كبير في المجالات المختلفة (أي العمل والدراسة والرياضة والعلاقات الشخصية والحياة المنزلية).

الكفاح الكمالي في مقابل المخاوف الكمالية

تشمل الكمالية بُعدين رئيسيين: الكفاح الكمالي والمخاوف الكمالية.[5] يرتبط الكفاح الكمالي بالجوانب الإيجابية من مذهب الكمال؛ بينما ترتبط المخاوف الكمالية بالجوانب السلبية (انظر أدناه). ويحقق منشدو الكمال الصحي نجاحًا كبيرًا في الكفاح الكمالي وقليلاً في المخاوف الكمالية. في حين يحقق منشدو الكمال غير الصحي نجاحًا كبيرًا في كل من الكفاح الكمالي والمخاوف الكمالية.[5] ويظهر على غير الكماليين مستويات منخفضة من الكفاح الكمالي.[5] ونتيجة التحفيز الذي استمده الكماليون من الأبحاث المبكرة التي تقدم دليلاً تجريبيًا على إمكانية الربط بين الكمالية والعوامل الإيجابية (خصوصًا الكفاح الكمالي)،[6] فقد تحدوا الاعتقاد السائد بأن الكمالية ليست سوى أمر مضر. في الحقيقة، لقد أظهر الأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من الكفاح الكمالي ومستويات منخفضة من المخاوف الكمالية المزيد من احترام الذات والوفاق والنجاح الأكاديمي والتفاعل الاجتماعي.[5] وقد ظهر على هذا النوع من الكماليين مشكلات نفسية وجسدية أقل من تلك المقترنة عادةً بالكمالية، وهي بالتحديد الكآبة والقلق وأساليب التعايش السيئة التكيف.[5]

يطمح منشدو الكمال في بلوغ الكمال ويخشون النقائص[7] ويشعرون أن الآخرين سيعجبون بهم فقط إذا كانوا مثاليين.[7] وبالتالي، فلا يمكن مطلقًا النظر إلى الكمالية نفسها باعتبارها صحية أو تكيفية.[7] إن الكمالية لا تشبه مطلقًا الكفاح لتحقيق التفوق.[7][8][9][10] ويكمن الاختلاف في المعنى الذي يتم إضفاؤه على الأخطاء. ويمكن لهؤلاء الذين يسعون لتحقيق التميز التعامل مع الأخطاء (النقائص) كمحفزات تشجعهم على بذل المزيد من الجهد في العمل. ويعتبر منشدو الكمال غير الصحي أخطاءهم إشارة على وجود عيوب شخصية. وبالنسبة لهم، فإن القلق بشأن الفشل المحتمل هو السبب في الشعور بالكمالية على أنها حمل ثقيل.

انظر أيضًا

المراجع

  1. ^ Stoeber، Joachim (2010). "The Assessment of Self-Oriented and Socially Prescribed Perfectionism: Subscales Make a Difference". Journal of Personality Assessment. ج. 92 ع. 6: 577–585. DOI:10.1080/00223891.2010.513306. PMID:20954059. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
  2. ^ Flett، G. L. (2002). Perfectionism. Washington, DC: American Psychological Association. ص. 5–31. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
  3. ^ Parker، W. D.؛ Adkins، K. K. (1994). "Perfectionism and the gifted". Roeper Review. ج. 17 ع. 3: 173–176. DOI:10.1080/02783199509553653.
  4. ^ Hamachek، D. E. "Psychodynamics of normal and neurotic perfectionism". Psychology. ج. 15: 27–33.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح Stoeber، Joachim (2006). "Positive Conceptions of Perfectionism: Approaches, Evidence, Challenges". Personality and Social Psychology Review. ج. 10 ع. 4: 295–319. DOI:10.1207/s15327957pspr1004_2. PMID:17201590. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
  6. ^ Frost، R. O.؛ Heimburg، R. G.؛ Holt، C. S.؛ Mattia، J. I.؛ Neubauer، A. A. (1993). "A comparison of two measures of perfectionism". Personality and Individual Differences. ج. 14: 469–489. DOI:10.1016/0191-8869(93)90181-2{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: postscript (link)
  7. ^ أ ب ت ث Greenspon, T.S. (2008). Making sense of error: A view of the origins and treatment of perfectionism. American Journal of Psychotherapy, 62, (3), 263-282.
  8. ^ Greenspon, T.S. (2007)What to do when good enough is not good enough: The real deal on perfectionism. Minneapolis: Free Spirit Publishing.
  9. ^ Greenspon, T.S. (2002) Freeing Our Families From Perfectionism. Minneapolis: Free Spirit Publishing.
  10. ^ Greenspon, T.S. (2000). “Healthy perfectionism” is an oxymoron! Reflections on the psychology of perfectionism and the sociology of science. The Journal of Secondary Gifted Education, XI,197–208.

كتابات أخرى

وصلات خارجية