الدولة الإخشيدية: الفرق بين النسختين

لا يوجد ملخص تحرير
ط (استبدال قوالب (بداية قصيدة، بيت ، شطر، نهاية قصيدة) -> أبيات)
 
لا ملخص تعديل
 
سطر 69: سطر 69:
{{مفصلة|الدولة الطولونية}}
{{مفصلة|الدولة الطولونية}}
[[ملف:الدولة الطولونية.jpg|تصغير|يمين|الدولة الطولونيَّة (بالوردي) وما جاورها من أراضٍ عبَّاسيَّة (بالرمادي).]]
[[ملف:الدولة الطولونية.jpg|تصغير|يمين|الدولة الطولونيَّة (بالوردي) وما جاورها من أراضٍ عبَّاسيَّة (بالرمادي).]]
جاء قيام الدولة الطولونيَّة كإحدى النتائج الحتميَّة لِتنامي الفكر الشُعُوبي وظاهرة استقلال الوُلاة بِولاياتهم عن الدولة العبَّاسيَّة. وكان مُؤسس هذه السُلالة، وهو [[أحمد بن طولون]]، قد عُيِّن نائبًا على مصر من قِبل الوالي بايكباك التُركي في سنة [[254 هـ|254هـ]] المُوافقة لِسنة [[868]]م.<ref name="المقدمة2">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= جحا، شفيق|مؤلف2= [[منير البعلبكي|البعلبكي، مُنير]]|مؤلف3= [[بهيج عثمان|عُثمان، بهيج]]|عنوان= المُصوَّر في التاريخ|طبعة= التاسعة عشرة|سنة= 1999م|ناشر= [[دار العلم للملايين]]|مكان= بيروت، لُبنان|صفحة=13 - 14}}</ref> ومُنذُ أن قدم ابن طولون مصر، عمل على ترسيخ حُكمه فيها. وكان يتخلَّص من سُلطة الوالي الأصيل بِإغرائه بالمال والهدايا التي كان يُرسلها إليه. وعندما طلب إليه الخليفة [[أبو إسحاق محمد المهتدي بالله|أبو إسحٰق مُحمَّد المُهتدي بالله]] أن يتولَّى إخضاع عامل [[فلسطين]] المُتمرِّد على الدولة، سنحت لهُ الفُرصة التي كان ينتظرُها، فقد أنشأ ابن طولون جيشًا كبيرًا من المماليك [[ترك|التُرك]] والرُّوم و[[عرق أسود|الزُنوج]] ودعم حُكمه به. وقد أخذ من الجُند والنَّاس [[بيعة|البيعة]] لِنفسه على أن يُعادوا من عاداه ويُوالوا من والاه. وبِفضل هذا الجيش استطاع أن يقضي على الفتن الداخليَّة التي قامت ضدَّه، واستطاع أن يرفض طلب وليُ عهد الخليفة [[الموفق بالله|أبا أحمدٍ طلحة بن جعفر المُوفَّق بالله]] الذي كان يستعجله إرسال المال لِيستعين به على القضاء على [[ثورة الزنج|ثورة الزُنج]] [[البصرة|بالبصرة]]. ومُنذُ ذلك الوقت أصبحت دولة ابن طولون مُستقلَّة سياسيًا عن الخِلافة العبَّاسيَّة. وعندما طلب الخليفة إلى ابن طولون أن يتخلَّى عن منصبه إلى «أماجور» والي الشَّام، رفض ابن طولون ذلك، وتوجَّه إلى الشَّام وضمَّها إلى مصر. وعمد ابن طولون بعد استقلاله بِالديار المصريَّة والشَّاميَّة على إصلاح أحوالها وتعميرها، ولم ينفصل دينيَّا عن الخِلافة، كونها مثَّلت في نظره وفي نظر جمهور المُسلمين ضرورة دينيَّة لاستمرار الوحدة الإسلاميَّة، ولِأنَّها تُشكِّلُ رمزًا يربط أجزاء [[العالم الإسلامي]] المُختلفة، فحرص على أن يستمرَّ الدُعاء للخليفة العبَّاسي على منابر المساجد في مصر والشَّام، واعترف بسُلطته الروحيَّة والدينيَّة.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= طقُّوش، مُحمَّد سُهيل|عنوان= تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين|طبعة= الأولى|صفحة= 6|سنة= [[1429 هـ|1429هـ]] - [[2008]]م|ناشر= دار النفائس|ردمك= 9789953184562|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> وبعد وفاة ابن طولون جاء ابنه [[خمارويه|خُمارويه]] الذي لم تُفلح دولة الخِلافة في أن تُزيح حُكمه عن الشَّام، فاضطرَّت إلى أن تعقد معهُ مُعاهدة صُلح ضمنت للدولة الطولونيَّة حُكم مصر والشَّام مُقابل [[جزية]] تؤديها. وبعد خُمارويه الذي مات اغتيالًا في [[دمشق]]، تولَّى الحُكم ولداه أبو العساكر جيش ثُمَّ هٰرون. ولم يكن هٰرون قادرًا على مُقاومة هجمات [[قرامطة|القرامطة]] الذين أخذوا يُغيرون على المُدن الشَّاميَّة، فاضطرَّ الخليفة [[علي المكتفي بالله|أبو أحمد علي المُكتفي بِالله]] إلى أن يُنقذ دمشق من القرامطة بِجُيوشٍ يُرسلها من [[العراق]]. وكان انتصار المُكتفي على القرامطة تجربةً ناجحةً دفعتهُ إلى أن يتخلَّص من الحُكم الطولوني العاجز، فوجَّه قُوَّاته البحريَّة والبريَّة إلى مصر، فدخلت الفسطاط وأزالت الحُكم الطولوني الذي دام 37 سنة، وأعادت مصر إلى كنف الدولة العبَّاسيَّة.<ref group="ْ">"[https://www.britannica.com/topic/Tulunid-dynasty Tulunid Dynasty]." ''The New Encyclopædia Britannica'' (Rev Ed edition). (2005). [[موسوعة بريتانيكا]]، Incorporated. ISBN 978-1-59339-236-9 {{استشهاد ويب |مسار=https://www.britannica.com/topic/Tulunid-dynasty |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=19 يونيو 2016 |تاريخ أرشيف=16 أبريل 2008 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20080416082434/http://www.britannica.com/eb/article-9073737/Tulunid-Dynasty |حالة المسار=bot: unknown }}</ref>
جاء قيام الدولة الطولونيَّة كإحدى النتائج الحتميَّة لِتنامي الفكر الشُعُوبي وظاهرة استقلال الوُلاة بِولاياتهم عن الدولة العبَّاسيَّة. وكان مُؤسس هذه السُلالة، وهو [[أحمد بن طولون]]، قد عُيِّن نائبًا على مصر من قِبل الوالي بايكباك التُركي في سنة [[254 هـ|254هـ]] المُوافقة لِسنة [[868]]م.<ref name="المقدمة2">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= جحا، شفيق|مؤلف2= [[منير البعلبكي|البعلبكي، مُنير]]|مؤلف3= [[بهيج عثمان|عُثمان، بهيج]]|عنوان= المُصوَّر في التاريخ|طبعة= التاسعة عشرة|سنة= 1999م|ناشر= [[دار العلم للملايين]]|مكان= بيروت، لُبنان|صفحة=13 - 14}}</ref> ومُنذُ أن قدم ابن طولون مصر، عمل على ترسيخ حُكمه فيها. وكان يتخلَّص من سُلطة الوالي الأصيل بِإغرائه بالمال والهدايا التي كان يُرسلها إليه. وعندما طلب إليه الخليفة [[أبو إسحاق محمد المهتدي بالله|أبو إسحٰق مُحمَّد المُهتدي بالله]] أن يتولَّى إخضاع عامل [[فلسطين]] المُتمرِّد على الدولة، سنحت لهُ الفُرصة التي كان ينتظرُها، فقد أنشأ ابن طولون جيشًا كبيرًا من المماليك [[ترك|التُرك]] والرُّوم و[[عرق أسود|الزُنوج]] ودعم حُكمه به. وقد أخذ من الجُند والنَّاس [[بيعة|البيعة]] لِنفسه على أن يُعادوا من عاداه ويُوالوا من والاه. وبِفضل هذا الجيش استطاع أن يقضي على الفتن الداخليَّة التي قامت ضدَّه، واستطاع أن يرفض طلب وليُ عهد الخليفة [[الموفق بالله|أبا أحمدٍ طلحة بن جعفر المُوفَّق بالله]] الذي كان يستعجله إرسال المال لِيستعين به على القضاء على [[ثورة الزنج|ثورة الزُنج]] [[البصرة|بالبصرة]]. ومُنذُ ذلك الوقت أصبحت دولة ابن طولون مُستقلَّة سياسيًا عن الخِلافة العبَّاسيَّة. وعندما طلب الخليفة إلى ابن طولون أن يتخلَّى عن منصبه إلى «[[أماجور التركي|أماجور]]» والي الشَّام، رفض ابن طولون ذلك، وتوجَّه إلى الشَّام وضمَّها إلى مصر. وعمد ابن طولون بعد استقلاله بِالديار المصريَّة والشَّاميَّة على إصلاح أحوالها وتعميرها، ولم ينفصل دينيَّا عن الخِلافة، كونها مثَّلت في نظره وفي نظر جمهور المُسلمين ضرورة دينيَّة لاستمرار الوحدة الإسلاميَّة، ولِأنَّها تُشكِّلُ رمزًا يربط أجزاء [[العالم الإسلامي]] المُختلفة، فحرص على أن يستمرَّ الدُعاء للخليفة العبَّاسي على منابر المساجد في مصر والشَّام، واعترف بسُلطته الروحيَّة والدينيَّة.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= طقُّوش، مُحمَّد سُهيل|عنوان= تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين|طبعة= الأولى|صفحة= 6|سنة= [[1429 هـ|1429هـ]] - [[2008]]م|ناشر= دار النفائس|ردمك= 9789953184562|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> وبعد وفاة ابن طولون جاء ابنه [[خمارويه|خُمارويه]] الذي لم تُفلح دولة الخِلافة في أن تُزيح حُكمه عن الشَّام، فاضطرَّت إلى أن تعقد معهُ مُعاهدة صُلح ضمنت للدولة الطولونيَّة حُكم مصر والشَّام مُقابل [[جزية]] تؤديها. وبعد خُمارويه الذي مات اغتيالًا في [[دمشق]]، تولَّى الحُكم ولداه أبو العساكر جيش ثُمَّ هٰرون. ولم يكن هٰرون قادرًا على مُقاومة هجمات [[قرامطة|القرامطة]] الذين أخذوا يُغيرون على المُدن الشَّاميَّة، فاضطرَّ الخليفة [[علي المكتفي بالله|أبو أحمد علي المُكتفي بِالله]] إلى أن يُنقذ دمشق من القرامطة بِجُيوشٍ يُرسلها من [[العراق]]. وكان انتصار المُكتفي على القرامطة تجربةً ناجحةً دفعتهُ إلى أن يتخلَّص من الحُكم الطولوني العاجز، فوجَّه قُوَّاته البحريَّة والبريَّة إلى مصر، فدخلت الفسطاط وأزالت الحُكم الطولوني الذي دام 37 سنة، وأعادت مصر إلى كنف الدولة العبَّاسيَّة.<ref group="ْ">"[https://www.britannica.com/topic/Tulunid-dynasty Tulunid Dynasty]." ''The New Encyclopædia Britannica'' (Rev Ed edition). (2005). [[موسوعة بريتانيكا]]، Incorporated. ISBN 978-1-59339-236-9 {{استشهاد ويب |مسار=https://www.britannica.com/topic/Tulunid-dynasty |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=19 يونيو 2016 |تاريخ أرشيف=16 أبريل 2008 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20080416082434/http://www.britannica.com/eb/article-9073737/Tulunid-Dynasty |حالة المسار=bot: unknown }}</ref>


=== أوضاع مصر ما بين سُقُوط الدولة الطولونيَّة وقيام الدولة الإخشيديَّة ===
=== أوضاع مصر ما بين سُقُوط الدولة الطولونيَّة وقيام الدولة الإخشيديَّة ===