4٬828
تعديل
تضامنًا مع حق الشعب الفلسطيني |
عبود السكاف (نقاش | مساهمات) ط (استبدال قوالب (بداية قصيدة، بيت ، شطر، نهاية قصيدة) -> أبيات) |
عبود السكاف (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
سطر 235: | سطر 235: | ||
[[ملف:Byzantines under Nikephoros Phokas besiege Chandax.png|تصغير|يمين|250بك|حصار الروم لِ[[كاندية|ربض الخندق]] عاصمة إمارة إقريطش ومعقلها الرئيس.]] | [[ملف:Byzantines under Nikephoros Phokas besiege Chandax.png|تصغير|يمين|250بك|حصار الروم لِ[[كاندية|ربض الخندق]] عاصمة إمارة إقريطش ومعقلها الرئيس.]] | ||
نتيجة الانتصارات الإسلاميَّة المُتوالية وفشل البيزنطيين في وقف الغارات الحمدانيَّة، بدَّل البيزنطيُّون خططتهم السياسيَّة والعسكريَّة لِتتلائم مع التطُّور الجديد، فقرَّروا التخلُّص من سيف الدولة عن طريق التآمُر، فكاتبوا في شهر جُمادى الأولى سنة 346هـ المُوافق فيه شهر آب (أغسطس) سنة 975م بعض غلمانه بِالقبض عليه وتسليمه إلى الدمستق عند قُدومه لِمُحاربته. وامتدَّت الخيانة إلى الحرس الأميري الذي أبدى أفرادهُ استعدادًا لِتسليم سيف الدولة إلى ليون فوقاس في الوقت المُناسب، لكنَّ المُؤامرة ما لبثت أن اكتُشفت، فقد أخبر بعض الغلمان القائد ووالي مصر السَّابق أحمد بن كيغلغ بِالمُؤامرة، فأعلم سيف الدولة، الذي ألقى القبض على المُتآمرين وعاقبهم بِأن قتل منهم مائة وثمانين، وقبض على وهاء مائتيّ غُلام، وكان مُعظمهم من الأرمن والتُرك كان قد اشتراهم وأدخلهم في عداد جيشه.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن العديم|ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي]]|مؤلف2= وضع حواشيه: خليل المنصور|عنوان= زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل|طبعة= الأولى|صفحة= 124|سنة= [[1417 هـ|1417هـ]] - [[1996]]م|ناشر= دار الكُتب العلميَّة|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> كما انتهج الروم تدمير المناطق الحُدوديَّة وإفراغها من الوُجود العسكري الإسلامي، فهاجموا، بِقيادة الدمستق نقفور فوقاس، حصن الحدث، واستولوا عليه صلحًا، فأجلوا أهله عنه وهدموه.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= الأنطاكي، يحيى بن سعيد|عنوان= تاريخ الأنطاكي|صفحة= 87 - 88|سنة= 1990|مكان= [[طرابلس (لبنان)|طرابُلس]]، [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> والواقع أنَّ هذا الأُسلوب الجديد في التعامل السياسي والعسكري كان فاشلًا ولم يُحقق الهدف المُرتجى، بِدليل استمرار الغارات الحمدانيَّة على الأراضي البيزنطيَّة والتصدي الحمداني لِلغارات البيزنطيَّة المُضادة. ففي سنة 347هـ المُوافقة لِسنة 958م، جرت عدَّة وقعات بين الروم والمُسلمين كانت الغلبة فيها للروم، الذين توغلوا في الأراضي الإسلاميَّة وفتحوا حُصونًا عدَّة حتَّى امتدَّت حُدود الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة إلى ما وراء الفُرات، وأضحى الطريق إلى طرسوس وأنطاكية وبيت المقدس مفتوحًا أمامهم. وفي سنة [[350 هـ|350هـ]] المُوافقة لِسنة [[961]]م، نجح القائد نقفور فوقاس في [[إمارة إقريطش#نجاح البيزنطيين|انتزاع جزيرة إقريطش (كريت)]] من المُسلمين، كما تمكَّن الروم من اجتياح طرسوس والاستيلاء على حصن الهارونيَّة وأسر مُحمَّد بن ناصر الدولة الحمداني.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[مسكويه|ابن مسكويه، أبو علي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب]]|مؤلف2= تحقيق: سيِّد كسروي حسن|عنوان= تجارب الأُمم وتعاقب الهمم، الجُزء الثاني|طبعة= الأولى|صفحة= 177|سنة= [[1424 هـ|1424هـ]] - [[2003]]م|ناشر= دار الكُتب العلميَّة|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار=https://ia802605.us.archive.org/28/items/waq77671/02_77672.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191216205517/https://ia802605.us.archive.org/28/items/waq77671/02_77672.pdf | تاريخ أرشيف = 16 ديسمبر 2019 }}</ref> كان لِهذه الهزيمة ردّ فعلٍ عنيف من جانب المُسلمين، حتَّى أنهم أعلنوا الجهاد في أنحاء [[الدولة العباسية|الدولة العبَّاسيَّة]]، خُصوصًا في [[المشرق العربي|المشرق]]، وهاجم المُسلمون في مصر كنائس النصارى، وركب كافور الإخشيدي إلى دار الصناعة لِيطرح مركبًا عظيمًا كان بها بِالبحر، إيذانًا بِبدء الحرب ضدَّ البيزنطيين،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= الأنطاكي، يحيى بن سعيد|عنوان= تاريخ الأنطاكي|صفحة= 93|سنة= 1990|مكان= [[طرابلس (لبنان)|طرابُلس]]، [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> كما دفعت سيف الدولة إلى أن يعبر بجيشٍ كبير الحُدود البيزنطيَّة مُستغلًا فراغ الثُغُور الروميَّة من الجُند الذين اشترك أغلبهم في حملة إقريطش، ورُبما كان من بين دوافع سيف الدولة أيضًا تخفيف الضغط البيزنطي عن أمير إقريطش [[عبد العزيز بن شعيب|عبدُ العزيز بن عُمر بن شُعيب]]، بِدليل أنَّ حملة الأمير الحمداني بدأت في الوقت الذي أخذت فيه الحملة البيزنطيَّة في النُزول إلى الجزيرة.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= العريني، السيِّد الباز|عنوان= الدولة البيزنطية 323-1081م|طبعة= الأولى|صفحة= 447|سنة= [[1982]]|ناشر= [[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]]|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> | نتيجة الانتصارات الإسلاميَّة المُتوالية وفشل البيزنطيين في وقف الغارات الحمدانيَّة، بدَّل البيزنطيُّون خططتهم السياسيَّة والعسكريَّة لِتتلائم مع التطُّور الجديد، فقرَّروا التخلُّص من سيف الدولة عن طريق التآمُر، فكاتبوا في شهر جُمادى الأولى سنة 346هـ المُوافق فيه شهر آب (أغسطس) سنة 975م بعض غلمانه بِالقبض عليه وتسليمه إلى الدمستق عند قُدومه لِمُحاربته. وامتدَّت الخيانة إلى الحرس الأميري الذي أبدى أفرادهُ استعدادًا لِتسليم سيف الدولة إلى ليون فوقاس في الوقت المُناسب، لكنَّ المُؤامرة ما لبثت أن اكتُشفت، فقد أخبر بعض الغلمان القائد ووالي مصر السَّابق أحمد بن كيغلغ بِالمُؤامرة، فأعلم سيف الدولة، الذي ألقى القبض على المُتآمرين وعاقبهم بِأن قتل منهم مائة وثمانين، وقبض على وهاء مائتيّ غُلام، وكان مُعظمهم من الأرمن والتُرك كان قد اشتراهم وأدخلهم في عداد جيشه.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن العديم|ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي]]|مؤلف2= وضع حواشيه: خليل المنصور|عنوان= زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل|طبعة= الأولى|صفحة= 124|سنة= [[1417 هـ|1417هـ]] - [[1996]]م|ناشر= دار الكُتب العلميَّة|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> كما انتهج الروم تدمير المناطق الحُدوديَّة وإفراغها من الوُجود العسكري الإسلامي، فهاجموا، بِقيادة الدمستق نقفور فوقاس، حصن الحدث، واستولوا عليه صلحًا، فأجلوا أهله عنه وهدموه.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= الأنطاكي، يحيى بن سعيد|عنوان= تاريخ الأنطاكي|صفحة= 87 - 88|سنة= 1990|مكان= [[طرابلس (لبنان)|طرابُلس]]، [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> والواقع أنَّ هذا الأُسلوب الجديد في التعامل السياسي والعسكري كان فاشلًا ولم يُحقق الهدف المُرتجى، بِدليل استمرار الغارات الحمدانيَّة على الأراضي البيزنطيَّة والتصدي الحمداني لِلغارات البيزنطيَّة المُضادة. ففي سنة 347هـ المُوافقة لِسنة 958م، جرت عدَّة وقعات بين الروم والمُسلمين كانت الغلبة فيها للروم، الذين توغلوا في الأراضي الإسلاميَّة وفتحوا حُصونًا عدَّة حتَّى امتدَّت حُدود الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة إلى ما وراء الفُرات، وأضحى الطريق إلى طرسوس وأنطاكية وبيت المقدس مفتوحًا أمامهم. وفي سنة [[350 هـ|350هـ]] المُوافقة لِسنة [[961]]م، نجح القائد نقفور فوقاس في [[إمارة إقريطش#نجاح البيزنطيين|انتزاع جزيرة إقريطش (كريت)]] من المُسلمين، كما تمكَّن الروم من اجتياح طرسوس والاستيلاء على حصن الهارونيَّة وأسر مُحمَّد بن ناصر الدولة الحمداني.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[مسكويه|ابن مسكويه، أبو علي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب]]|مؤلف2= تحقيق: سيِّد كسروي حسن|عنوان= تجارب الأُمم وتعاقب الهمم، الجُزء الثاني|طبعة= الأولى|صفحة= 177|سنة= [[1424 هـ|1424هـ]] - [[2003]]م|ناشر= دار الكُتب العلميَّة|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار=https://ia802605.us.archive.org/28/items/waq77671/02_77672.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191216205517/https://ia802605.us.archive.org/28/items/waq77671/02_77672.pdf | تاريخ أرشيف = 16 ديسمبر 2019 }}</ref> كان لِهذه الهزيمة ردّ فعلٍ عنيف من جانب المُسلمين، حتَّى أنهم أعلنوا الجهاد في أنحاء [[الدولة العباسية|الدولة العبَّاسيَّة]]، خُصوصًا في [[المشرق العربي|المشرق]]، وهاجم المُسلمون في مصر كنائس النصارى، وركب كافور الإخشيدي إلى دار الصناعة لِيطرح مركبًا عظيمًا كان بها بِالبحر، إيذانًا بِبدء الحرب ضدَّ البيزنطيين،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= الأنطاكي، يحيى بن سعيد|عنوان= تاريخ الأنطاكي|صفحة= 93|سنة= 1990|مكان= [[طرابلس (لبنان)|طرابُلس]]، [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> كما دفعت سيف الدولة إلى أن يعبر بجيشٍ كبير الحُدود البيزنطيَّة مُستغلًا فراغ الثُغُور الروميَّة من الجُند الذين اشترك أغلبهم في حملة إقريطش، ورُبما كان من بين دوافع سيف الدولة أيضًا تخفيف الضغط البيزنطي عن أمير إقريطش [[عبد العزيز بن شعيب|عبدُ العزيز بن عُمر بن شُعيب]]، بِدليل أنَّ حملة الأمير الحمداني بدأت في الوقت الذي أخذت فيه الحملة البيزنطيَّة في النُزول إلى الجزيرة.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= العريني، السيِّد الباز|عنوان= الدولة البيزنطية 323-1081م|طبعة= الأولى|صفحة= 447|سنة= [[1982]]|ناشر= [[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]]|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> | ||
[[ملف:Asia Minor ca 842 AD-ar. | [[ملف:Asia Minor ca 842 AD-ar.png|300بك|تصغير|المناطق الحُدوديَّة الإسلاميَّة - البيزنطيَّة، ومناطق الثُغُور، حيثُ اشتعلت حربٌ دمويَّة بين المُسلمين والروم خِلال ما عُرف بِفترة صحوة الإمبرطوريَّة البيزنطيَّة وفي أواخر عهد سيف الدولة الحمداني.]] | ||
خرج سيف الدولة في سنة 349هـ المُوافقة لِسنة 960م على رأس جيشٍ كبير، تعداده ثلاثون ألف مُقاتل، وتوغَّل في الأراضي البيزنطيَّة حتَّى خرشنة، وهو يقتل ويسبي ويحرق ويفتح الحُصُون من دون أن يحفل بما خلَّفه وراءه ليون من جُندٍ في الشَّام، فكلَّفهُ ذلك غاليًا لاحقًا. وكمن البيزنطيُّون لِلمُسلمون في درب مغارة الكُحل، وهو إحدى دُروب جبال طوروس التي كان المُسلمون يعبرون من خلالها من الشَّام إلى الأناضول والعكس. ونصح الطرسوسيُّون سيف الدولة بألَّا يسلُك هذا الدرب أثناء عودته لأنَّ البيزنطيين ملكوه من خلف ظهره، لكنَّهُ رفض نصيحتهم، ويبدو أنَّ رفضه ناجمٌ عن اعتزازه بنفسه وإعجابه بِرأيه ولِتفادي القول بِأنَّهُ أصاب بِرأي غيره. وما أن تقدَّم سيف الدولة بمن معهُ من الأسرى وبما يحملُ من الغنائم، انقضَّ عليه ليون بِقُوَّاته، فدارت بين الطرفين معركة في [[15 رمضان]] المُوافق فيه [[8 نوفمبر|8 تشرين الثاني (نوڤمبر)]] تعرَّض فيها سيف الدولة لِخسارةٍ جسيمة وصلت إلى حد الكارثة، فلم ينجُ إلَّا بِثلاثمائة مُقاتل من المُسلمين، وعاد إلى حلب تاركًا أثرًا سلبيًّا في نُفُوس المُسلمين الذين وضعوا كُل ثقتهم به في مُواجهة الروم.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني]]|مؤلف2= تحقيق: أبو الفداء عبدُ الله القاضي|عنوان= [[الكامل في التاريخ]]، الجُزء السَّابع|طبعة= الأولى|صفحة= 303|سنة= [[1407 هـ|1407هـ]] - [[1987]]م|ناشر= دار الكُتب العلميَّة|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> وفي ذات السنة، عُيِّن نقفور فوقاس دمستقًا جديدًا في الشرق بعد أن عاد مُنتصرًا من إقريطش، فنقل الحرب من مناطق الحُدود إلى قلب الدولة الحمدانيَّة، فاستولى بدايةً على قيليقية ومدينة [[عين زربة]]، وارتكب جُنُوده كثيرًا من الأعمال الوحشيَّة، وأظهر من الشَّدة والصرامة والقسوة ما ألقى الرُعب في قُلُوب الأهالي المُسلمين بِهذه الجهات وعلى الأطراف، فانجلى الكثير منهم عن بلادهم، وتعرَّض بعضهم للتهجير والقتل والتشريد والعذاب ما أدَّى إلى هلاك عدد كبير منهم، ولم تنجُ الأشجار والنباتات من يد التخريب، فأمست المناطق المُجاورة لِعين زربة خرابًا يبابًا.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[مسكويه|ابن مسكويه، أبو علي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب]]|مؤلف2= تحقيق: سيِّد كسروي حسن|عنوان= تجارب الأُمم وتعاقب الهمم، الجُزء الثاني|طبعة= الأولى|صفحة= 190 - 191|سنة= [[1424 هـ|1424هـ]] - [[2003]]م|ناشر= دار الكُتب العلميَّة|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار=https://ia802605.us.archive.org/28/items/waq77671/02_77672.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191216205517/https://ia802605.us.archive.org/28/items/waq77671/02_77672.pdf | تاريخ أرشيف = 16 ديسمبر 2019 }}</ref> | خرج سيف الدولة في سنة 349هـ المُوافقة لِسنة 960م على رأس جيشٍ كبير، تعداده ثلاثون ألف مُقاتل، وتوغَّل في الأراضي البيزنطيَّة حتَّى خرشنة، وهو يقتل ويسبي ويحرق ويفتح الحُصُون من دون أن يحفل بما خلَّفه وراءه ليون من جُندٍ في الشَّام، فكلَّفهُ ذلك غاليًا لاحقًا. وكمن البيزنطيُّون لِلمُسلمون في درب مغارة الكُحل، وهو إحدى دُروب جبال طوروس التي كان المُسلمون يعبرون من خلالها من الشَّام إلى الأناضول والعكس. ونصح الطرسوسيُّون سيف الدولة بألَّا يسلُك هذا الدرب أثناء عودته لأنَّ البيزنطيين ملكوه من خلف ظهره، لكنَّهُ رفض نصيحتهم، ويبدو أنَّ رفضه ناجمٌ عن اعتزازه بنفسه وإعجابه بِرأيه ولِتفادي القول بِأنَّهُ أصاب بِرأي غيره. وما أن تقدَّم سيف الدولة بمن معهُ من الأسرى وبما يحملُ من الغنائم، انقضَّ عليه ليون بِقُوَّاته، فدارت بين الطرفين معركة في [[15 رمضان]] المُوافق فيه [[8 نوفمبر|8 تشرين الثاني (نوڤمبر)]] تعرَّض فيها سيف الدولة لِخسارةٍ جسيمة وصلت إلى حد الكارثة، فلم ينجُ إلَّا بِثلاثمائة مُقاتل من المُسلمين، وعاد إلى حلب تاركًا أثرًا سلبيًّا في نُفُوس المُسلمين الذين وضعوا كُل ثقتهم به في مُواجهة الروم.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني]]|مؤلف2= تحقيق: أبو الفداء عبدُ الله القاضي|عنوان= [[الكامل في التاريخ]]، الجُزء السَّابع|طبعة= الأولى|صفحة= 303|سنة= [[1407 هـ|1407هـ]] - [[1987]]م|ناشر= دار الكُتب العلميَّة|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> وفي ذات السنة، عُيِّن نقفور فوقاس دمستقًا جديدًا في الشرق بعد أن عاد مُنتصرًا من إقريطش، فنقل الحرب من مناطق الحُدود إلى قلب الدولة الحمدانيَّة، فاستولى بدايةً على قيليقية ومدينة [[عين زربة]]، وارتكب جُنُوده كثيرًا من الأعمال الوحشيَّة، وأظهر من الشَّدة والصرامة والقسوة ما ألقى الرُعب في قُلُوب الأهالي المُسلمين بِهذه الجهات وعلى الأطراف، فانجلى الكثير منهم عن بلادهم، وتعرَّض بعضهم للتهجير والقتل والتشريد والعذاب ما أدَّى إلى هلاك عدد كبير منهم، ولم تنجُ الأشجار والنباتات من يد التخريب، فأمست المناطق المُجاورة لِعين زربة خرابًا يبابًا.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[مسكويه|ابن مسكويه، أبو علي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب]]|مؤلف2= تحقيق: سيِّد كسروي حسن|عنوان= تجارب الأُمم وتعاقب الهمم، الجُزء الثاني|طبعة= الأولى|صفحة= 190 - 191|سنة= [[1424 هـ|1424هـ]] - [[2003]]م|ناشر= دار الكُتب العلميَّة|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار=https://ia802605.us.archive.org/28/items/waq77671/02_77672.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191216205517/https://ia802605.us.archive.org/28/items/waq77671/02_77672.pdf | تاريخ أرشيف = 16 ديسمبر 2019 }}</ref> | ||
[[ملف:Nikiphoros Phokas.jpg|تصغير|يمين|الدمستق، ثُمَّ الإمبراطور البيزنطي نقفور فوقاس، صاحب الحملات العديدة على ديار الإسلام، بما فيها إقريطش وحلب.]] | [[ملف:Nikiphoros Phokas.jpg|تصغير|يمين|الدمستق، ثُمَّ الإمبراطور البيزنطي نقفور فوقاس، صاحب الحملات العديدة على ديار الإسلام، بما فيها إقريطش وحلب.]] |
تعديل