ارتبط مفهوم الحريم بالدولة العثمانية للدلالة على الجناح الضخم الملحق بقصر السلطان والذي يضم والدته وزوجاته وجواريه، وأبنائه. كان الحرم السلطاني في الباب العالي يأخذ مساحة كبيرة تضم ما يزيد على 400 غرفة، وإضافة إلى أسرة السلطان وجواريه، فإنه يضم أيضًا الخدم والموظفين من النساء فقط للاهتمام بأعضاء الجناح ومرافقه المتعددة التي تضم مطابخ وحمامات وصالونات ومكتبات وحدائق.

جناح الحريم للرسام الإسباني كوينتانا أوليراس (1851-1919)
تجمع الحريم هو عمل الرسام والنحات الفرنسي الشهير جان ليون جيروم. إنها تصور عمل العبيد أثناء خدمة نساء الحريم في الحمام التركي للحريم العثماني. يقام العمل الآن في متحف الأرميتاج في سانت بطرسبرغ.

ويُميَّز الحرم السلطاني بتعبير الحرم الهُمايوني (بالتركية العثمانية: Harem-i Hümayun) أي حريم السلطان العثماني، وهذا القسم هو الذي يؤدي إليه «باب السعادة» في القصر العثماني وهو الباب الذي لا يدخله أي أحد، وقد ألهم ما وراءه خيال الأدباء والرسامين، وارتبط بالأساطير. والدة السلطان تعد المسؤول الأول في الحرم العثماني، وتمارس سلطة مطلقة في اختيار أعضاء الحرم وتوزيع أدوارهم ولا يضاهي سلطتها هذه سوى السلطان نفسه.

يعد «باب السعادة» المفضي إلى الحرم الهُمايوني آخر نقطة يمكن للأجانب بلوغها، أما دخولها فمحصور على القلة، وأحد القلائل الذين زعموا دخول الحرم السلطاني وسجلوا مرئايتهم هو طوماس دلم (Thomas Dallam) الذي اُنتدب من الملكة إليزابيث لتقديم هدية إلى السلطان محمد الثالث؛ وجاء في وصفه:[1]

حرملك وبعد أن أراني [يقصد مرافقه الرسمي داخل القصر] أشياء كثيرة أعجبت بها، أشار إليّ -بعد عبور صحن صغير مبلط بالرخام- بالذهاب إلى نافذة في الجدار، ولكن لمح لي بإشارته أنه لا يستطيع الذهاب داخله بنفسه. وعندما جئت هناك، وجدت الجدار سميكًا جدًا وكان فيه نافذة من الحديد قوية جدًا من الجهتين ورأيت من خلال تلك النافذة ثلاثين جارية من جواري السيد العظيم [أي السلطان]، اللائي كن يلعبن بالكرة في صحن آخر.

وفكّرت عند نظرتي الأولى أنهن كن شبانًا، ولكن عندما رأيت شعورهن المعلقة على ظهورهن وفيها عقود من اللؤلؤ الصغير، وعلامات أخرى واضحة عرفت أنهن كن نساءً وجدّ جميلات حقًا.

ولم يكن يلبسن على رؤوسهن غير كوفية من قماش الذهب، والتي كانت لا تغطي إلا الجزء الأعلى من الرأس. ولم يكن حول عنقهن أي ربطة أو أي شيء آخر غير عقد من اللؤلؤ جميل، وماسة معلقة على صدر كل واحدة، وماسات في آذانهن وكانت قمصانهن شبيهة بحاكيتات الجنود، بعضها من الساتان الأحمر وبعضها من الأزرق وبعضها من ألوان أخرى وكانت مربوطة بمناطق شبيهة بدنتله، وكن يلبسن سراويل من القماطي (؟) قماش ممتاز القطن، أبيض كالثلج ورقيق كالماء لأنني استطعت أن أرى سيقانهن من خلالها.

وكانت تصل هذه السراويل إلى منتصف سيقانهن وبعضهن كن لابسات الأحذية العالية من الجلد القرطبي، وكانت سيقان الأخريات عارية، مع خلخال من الذهب في أسفل الساق، وفي أرجلهن خفاف من المخمل في علو خمس أو ست بوصات.

وبقيت واقفًا أنظر إليهن لمدة طويلة، بحيث أن الشخص الذي كان عاملني بكل هذا اللطف بدأ يغضب علي غضبًا شديدًا إذ قطب جبينه، وضرب برجله على الأرض لكي أترك النظر إليهن، الأمر الذي كرهته أنا، لأن هذا المشهد قد أبهجني، إلى حد كبير.

حرملك

مراجع

  1. ^ لويس، برنارد: استنبول وحضارة الخلافة الإسلامية. (سيد رضوان علي). (1982). ط2. الدار السعودية للنشر والتوزيع. ص 105.