بيري ريس
أحمد محيي الدين بيري ((بالتركية العثمانية: حاجي أحمد محيتين پيري بك) ؛ (بالتركية: Ahmet Muhiddin Piri)) الشهير بالتركية بـ «بيري ريس» (بالتركية: Piri Reis)[1][2] (ولد ما بين 1465 و1470 وتوفي ما بين 1554 و1555). هو قبطانٌ بحريٌ وراسم خرائط عثمانيٍ مسلمٍ، ويُنسب له أنه مكتشف أمريكا الحقيقي بعد الكشف عن خرائط له تقر بذلك.
| ||||
---|---|---|---|---|
معلومات شخصية | ||||
تعديل مصدري - تعديل |
بيري ريس معروفٌ في المقام الأول اليوم بخرائطه ومخططاته التي تم جمعها في كتابه «كتابِ بحرية»، وهو كتابٌ يحتوي على معلوماتٍ مفصلةٍ عن تقنيات الملاحة المبكرة بالإضافة إلى مخططاتٍ دقيقةٍ نسبيًا لوقتهم، ويصف الموانئ والمدن المهمة في البحر المتوسط. اكتسب شهرةً كرسام خرائط عندما تم اكتشاف جزءٍ صغيرٍ من أول خريطةٍ للعالم أعد عام 1513، في عام 1929 في قصر توبكابي في إسطنبول. خريطة العالم الخاصة به هي أقدم أطلسٍ تركيٍ معروفٍ يُظهر العالم الجديد، وواحدةٌ من أقدم خرائط أمريكا التي لا تزال موجودةً في أي مكانٍ (أقدم خريطةٍ معروفةٍ لأمريكا هي الخريطة التي رسمها خوان دي لا كوسا في عام 1500). تتركز خريطة بيري ريس على الصحراء عند خط عرض مدار السرطان.[3]
مع اشتداد وطأة الهجمة البرتغالية على كافة البلدان الإسلامية في مطلع القرن السادس عشر، اهتم العثمانيون بالجغرافيا البحرية، واستطاع البحارة العثمانيون آنذاك أن يصلوا إلى المحيط الأطلسي ويبلغوا بحر الهند، ورسموا خرائط السواحل (بورتلان). وأول من برز في ذلك المجال كان بيري ريس.
وإذا علمنا أنه كان رُبّانًا على إحدى السفن في معركة مودون البحرية عام 1500م، وكان عمره آنذاك بين 30 - 35 عامًا، لأمكننا أن نتوقع أنه وُلد خلال 1465 - 1470. نشأ بحارًا، واشترك مع عمه كمال ريس (المتوفي في 16 شوال 916 هـ / 16 يناير 1511 م) في بعض المعارك البحرية، ثم جرى تعيينه قائدًا على أسطول السويس، واستطاع الاستيلاء على مسقط عام 1551 م، واشتبك في البصرة مع الأسطول البرتغالي وهُزم في تلك المعركة، ثم عاد إلى مصر. ونتيجة لدسائس والي البصرة قباد باشا، تم إعدامه في مصر عام 960 هـ (1552 م) أو عام 962 هـ (1555 م) حسب بعض المصادر الأخرى.
الحملة العثمانية ضد البرتغاليين
أرسل الخليفة سليمان القانوني حملةً بحريةً بقيادة بيري ريس فاستردت عدن عام 958 هـ، ثم سارت إلى الشحر، وأخيراً رست سفنها في مسقط، وألقت الحصار عليها، وألزمت القائد البرتغالي على الاستسلام، ثم سارت إلى هرمز، ولم تستطع دخولها، فانطلقت إلى جزيرة قشم فاحتلتها، ومنها إلى البصرة، ثم رجعت إلى البحرين عندما علمت بمجيء نجدة من الهند إلى البرتغاليين، ثم عادت إلى السويس حيث استدعى قائدها بيري ريس إلى استانبول، وأعدم لفشل حملته، إذ ظهر أنه كان سبباً في ذلك الفشل حيث بدأ يعمل في التجارة، أو كان اهتمامه بشؤون الحملة ضعيفاً. وجاءت حملة من السويس لإنقاذ مسقط فاستطاعت دخولها عام 959 هـ، ثم غادرت.[4]
علاقته بالأمير شاهزاده مصطفى
عُرف بدعمه للأمير شاهزاده مصطفى وتأمين حمايته دون معرفة الأمير، وإنشاء حلفٍ لدعم الأمير ومحاولة جعله في السلطة بعد وفاة السلطان سليمان القانوني.
«كتابِ بحرية»
بيري ريس هو مؤلف «كتابِ بحرية»، وهو أحد أشهر أعمال رسم الخرائط في تلك الفترة. يقدم الكتاب للبحارة معلوماتٍ عن ساحل البحر الأبيض المتوسط، والجزر، والمعابر، والمضايق، والخلجان؛ أين تلجأ في حالة حدوث عاصفة، وكيفية الاقتراب من الموانئ.
نُشر العمل لأول مرةٍ في عام 1521، وتم تنقيحه في 1524-1525 بمعلوماتٍ إضافيةٍ ومخططاتٍ مصممةٍ بشكلٍ أفضلٍ لتقديمه كهديةٍ للسلطان سليمان الأول.
مصادر الكتاب
على الرغم من أنه لم يكن مستكشفًا ولم يبحر أبدًا إلى المحيط الأطلسي، فقد جمع أكثر من عشرين خريطةً للأصول اليونانية العربية والإسبانية والبرتغالية والصينية والهندية والأقدم في تمثيلٍ شاملٍ للعالم المعروف في عصره.[5] شمل هذا العمل الشواطئ التي تم استكشافها مؤخرًا في كلٍ من القارتين الأفريقية والأمريكية؛ في أول خريطةٍ عالميةٍ له عام 1513، طبع الوصف «هذه الأراضي والجزر مأخوذةٌ من خريطة كولومبوس.»[6] في نصه، كتب أيضًا أنه استخدم «الخرائط المرسومة في زمن الإسكندر الأكبر» كمصدرٍ، ولكن على الأرجح أنه خلط عن طريق الخطأ بين الجغرافي اليوناني بطليموس من القرن الثاني وبين جنرال الإسكندر الذي يحمل نفس الاسم (قبل أربعة قرونٍ ونصفٍ)، نظرًا لأن خريطته تشبه خريطة استنساخ جان ستوبنيكا الشهيرة لخريطة بطليموس والتي طُبعت عام 1512. تُرجم كتاب الجغرافيا لبطليموس إلى التركية بأمرٍ شخصيٍ من محمد الثاني قبل عدة عقودٍ.[7] يمكن ملاحظة أن الجزء الأطلنطي من الخريطة نشأ مع كولومبوس بسبب الأخطاء التي يحتوي عليها (مثل اعتقاد كولومبوس أن كوبا كانت شبه جزيرةٍ قاريةٍ).[8]
محتوى الكتاب
بالإضافة إلى الخرائط، احتوى الكتاب أيضًا على معلوماتٍ مفصلةٍ عن الموانئ الرئيسية والخلجان والرؤوس وشبه الجزيرة والجزر والمضائق والملاجئ المثالية للبحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى تقنيات الملاحة والمعلومات المتعلقة بعلم الفلك معًا. وكذلك معلوماتٍ عن السكان المحليين في كل بلدٍ ومدينةٍ والجوانب الغريبة لثقافتهم. هناك ثلاثون أسطورةً حول خريطة العالم، تسعة وعشرون أسطورةٍ منها باللغة التركية وواحدةٌ باللغة العربية؛ يعطي الأخير التاريخ على أنه شهر محرم 919 هـ (أي ربيع 1513) ولكن معظم الدراسات حددت التاريخ الأكثر احتماليةً للانتهاء على أنه 1521.[5][9][10]
يحتوي «كتابِ بحرية» على قسمين رئيسيين، القسم الأول مخصصٌ للمعلومات حول أنواع العواصف، وتقنيات استخدام البوصلة، وخرائط بورتولان بمعلوماتٍ مفصلة عن الموانئ والسواحل؛ وطرق إيجاد الاتجاه باستخدام النجوم؛ وخصائص المحيطات الرئيسية والأراضي المحيطة بها. تم التركيز بشكلٍ خاصٍ على الاكتشافات في العالم الجديد من قبل كريستوفر كولومبوس واكتشافات فاسكو دا غاما والبحارة البرتغاليين الآخرين في طريقهم إلى الهند وبقية آسيا.
يتكون القسم الثاني بالكامل من المخططات البورتولانية وأدلة الرحلات البحرية. يحتوي كل موضوعٍ على خريطة جزيرةٍ أو خطٍ ساحليٍ. في الكتاب الأول (1521)، يحتوي هذا القسم على إجمالي 132 مخطط بورتولان، بينما يحتوي الكتاب الثاني (1525) على إجمالي 210 خريطة بورتولان. يبدأ القسم الثاني بوصف مضيق الدردنيل ويستمر مع جزر وسواحل بحر إيجه والبحر الأيوني والبحر الأدرياتيكي والبحر التيراني والبحر الليغوري والريفيرا الفرنسية وجزر البليار وسواحل إسبانيا ومضيق جبل طارق وجزر الكناري وسواحل شمال إفريقيا ومصر ونهر النيل والشام وساحل الأناضول. يشتمل هذا القسم أيضًا على أوصاف ورسومات للمعالم والمباني الشهيرة في كل مدينةٍ، بالإضافة إلى معلوماتٍ عن السيرة الذاتية لبيري ريس الذي يشرح أيضًا أسباب تفضيله جمع هذه المخططات في كتابٍ بدلاً من رسم خريطةٍ واحدةٍ.
بعد قرن من وفاة بيري ريس وخلال النصف الثاني من القرن السابع عشر، تم إصدار نسخة ثالثة من كتابه، والتي تركت نص النسخة الثانية دون أن يتأثر أثناء إثراء الجزء الخرائطي من المخطوطة. تضمنت خرائط إضافية جديدة كبيرة الحجم، معظمها نسخٌ من الأعمال الإيطالية (من باتيستا أغنيسي وجاكوبو غاستالدي)، والهولندية (أبراهام أورتيليوس) من القرن السابق. كانت هذه الخرائط أكثر دقةً وصوّرت البحر الأسود الذي لم يكن مدرجًا في الأصل.[11]
خريطتا العالم
|
معرض لبعض خرائط بيري ريس
-
خريطة العالم التي رسمها ريس ويظهر فيها الجزء الغربي من قارة أفريقيا وشبه جزيرة أيبيريا وأجزاء من سواحل القارتين الأمريكتين والقارة القطبية الجنوبية
-
خريطة القاهرة.
-
خريطة تاريخية لقارة أوروبا وشمال أفريقيا وغرب آسيا لبيري ريس.
انظر أيضًا
الهوامش
- ^ كتاب الدولة العثمانية المجهولة، المؤلف أحمد آق كوندوز، ص250.
- ^ كتاب الدولة العثمانية تاريخ وحضارة، المؤلف أكمل الدين إحسان أوغلو، ص421.
- ^ Soucek, Svat (1992). "Islamic Charting in the Mediterranean" (PDF). In Harley, J. B.; Woodward, D. (eds.). Cartography in the Traditional Islamic and South Asian Societies. 2. Chicago: University of Chicago Press. pp. 263–272.
- ^ محمود شاكر (2000). ص 332
- ^ أ ب Brotton, Jerry (2003). Trading Territories: Mapping the Early Modern World. London: Reaktion Books. ISBN 978-1-86189-011-5.
- ^ "Explore Istanbul: The Piri Reis Map". Archived from the original on 2011-07-10. Retrieved 2010-10-27
- ^ Soucek, Svatopluk (1996) [1992]. Piri Reis and Turkish Mapmaking After Columbus: The Khalili Portolan Atlas. Studies in the Khalili Collection. 2. London: The Nour Foundation.
- ^ Tekeli, Sevim (1986). The Map of America by Pîrî Reis. Ankara: Atatürk Kültür Merkezi Yayını. OCLC 41917181
- ^ Robinson, Francis (1998). The Cambridge illustrated history of the Islamic world. London: Cambridge University Press.
- ^ Irzik, Gürol; Güzeldere, Güven, eds. (2005). Turkish studies in the history and philosophy of science. Springer. ISBN 978-1-4020-3332-2.
- ^ Loupis, Dimitris (2004). "Piri Reis' Book on Navigation (Kitab-i Bahriyye) as a Geography Handbook". Eastern Mediterranean cartographies. Athens, Greece: National Hellenic Research Foundation. p. 39. OCLC 892160459.
مصادر
في كومنز صور وملفات عن: بيري ريس |
- أكمل الدين إحسان أوغلي: الدولة العثمانية - تاريخ وحضارة.
- محمود شاكر (2000): التاريخ الإسلامي. العهد العثماني. المكتب الإسلامي، بيروت.
- حكاية المكتشف الحقيقي لأمريكا «بيري ريس»
- كيف اكتشف المسلمون أمريكا قبل كولومبس؟