السياسة في جنوب أفريقيا
تُعتبر جمهورية جنوب أفريقيا جمهوريةً ديمقراطية برلمانية مركزية. يشغل رئيس جنوب أفريقيا منصبَ رئيس الدولة ورئيس الحكومة. تنتخب الجمعيةُ الوطنية لجنوب أفريقيا (المجلس الأدنى في برلمان جنوب أفريقيا) الرئيسَ ويجب أن يحظى بثقة الجمعية للبقاء في منصبه. كما ينتخب مواطنو جنوب أفريقيا الهيئات التشريعية الإقليمية التي تحكم مقاطعةً من المقاطعات التسع في البلاد.
منذ نهاية نظام الأبارتايد في العام 1994، هيمن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على السياسة في جنوب أفريقيا. وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي هو الحزب الحاكم في الهيئة التشريعية الوطنية، وفي ثمانٍ من المقاطعات التسعة (في حين يحكم حزب التحالف الديمقراطي كيب الغربية). حصل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على 57.50% من الأصوات خلال الانتخابات العامة للعام 2019. قبل ذلك، حصل على نسبة 62.9% في الاقتراع المباشر في الانتخابات البلدية للعام 2011.[1] يُعتبر المنافسُ الرئيسي لحكومة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي حزبُ التحالف الديمقراطي، بقيادة جون ستينهوزين (والذي قاده سابقًا مموسي مايماني)، الذي حصل على نسبة 20.77% من الأصوات في انتخابات العام 2019. تضمّ الأحزاب السياسية الرئيسية الأخرى الممثلة في البرلمان حزب مقاتلو الحرية الاقتصادية، وحزب الحرية إنكاثا الذي يمثل بصفة أساسية ناخبي الزولو. في العام 2005، حُلّ الحزب الوطني الجديد المهيمن سابقًا، والذي أدخل نظام الفصل العنصري وأنهاه عبر سلفه الحزب الوطني، للاندماج مع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. شغل جاكوب زوما منصب رئيس جنوب أفريقيا منذ 9 مايو 2009 حتى استقالته في فبراير 2018. حلّ سيريل رامافوزا محلّ زوما. عُقدت الانتخابات العامة في البلاد للعام 2019 في 8 مايو.
في العام 2019، صنفت وحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لإيكونوميست جنوبَ أفريقيا على أنها «ديمقراطية معيبة». في حين يرى البعض بأن جنوب أفريقيا تمثل دولة عاجزة.
السياق السياسي
في 31 مايو 1910، توحّدت مستعمرة كيب، ومستعمرة ناتال، ومستعمرة ترانسفال، ومستعمرة نهر أورانج في دولة واحدة سُميت اتحاد جنوب أفريقيا. تبنّى اتحاد جنوب أفريقيا نظامَ حُكم مماثلٍ للنظام السياسي للمملكة المتحدة. واعتُبر الملك البريطاني هو رأس الدولة الشرفي لدولة جنوب أفريقيا ومثّله الحاكم العام. تتركز السلطة السياسية الحقيقية في يد رئيس الوزراء ومجلس الوزراء. ما تزال الأفكار الأساسية لهذا النظام مثل حكومة ذات السلطات الثلاث والبرلمان القوي ساريةً حتى الوقت الحاضر.
في 15 نوفمبر 1926، اعتُمد إعلان بلفور في المؤتمر الإمبراطوري للعام 1926. جعلت هذه الوثيقة مناطق سيادة الإمبراطورية البريطانية، بما في ذلك جنوب أفريقيا، مساوية لبعضها البعض مقابل المملكة المتحدة. إنما من الناحية العملية، أسفر هذا عن جعل اتحاد جنوب أفريقيا نظامًا ذي سيادة ذاتية وتابعًا للإمبراطورية البريطانية. في العام 1931، أصبح اتحاد جنوب أفريقيا مستقلًا رسميًا مع تمرير تشريع وستمنستر لعام 1931. ومنح ذلك التشريعُ برلمان جنوب أفريقيا سلطة سنّ القوانين لجنوب أفريقيا دون الحاجة لموافقة برلمان المملكة المتحدة.
في العام 1948، تبنى الحزب الوطني في جنوب أفريقيا سياسةَ الفصل العنصري المؤسسي التي تسمى نظام الأبارتايد. وبموجبه، حُرم ذوو البشرة الملونة، وخاصة الأغلبية من السود، حُرموا من الحقوق القليلة التي كانوا يحظون بها. استُخدم التصنيف والتمييز العنصريين لإعادة توزيع الموارد الاقتصادية والسيطرة على السلطة السياسية. سيطر السكان البيض، لا سيما الأفريكان، على النظام السياسي. في حين حُرِم السود من حقوقهم في جميع مقاطعات جنوب أفريقيا.
في العام 1961، أصبحت جنوب أفريقيا دولةً جمهورية. واستُبدل الملك البريطاني بصفته رئيسًا للدولة برئيسٍ تنتخبه أقلية من السكان من خلال نوابهم المنتخبين. في العام 1970، صدر قانون مواطني البلاد. واستندَ إلى نظام محميات السكان الأفارقة السود لإنشاء نظام من الدول السوداء المستقلة ظاهريًا. حُرم العديد من السود من جنسيتهم في جنوب أفريقيا وأصبحوا بدلًا من ذلك مواطنين في منطقة بانتوستان التابعة لقبيلتهم. لم تعترف غالبية دول العالم بتلك الجنسية، وكان نطاق سيطرتها المستقلة على شؤونها الداخلية محدودًا للغاية.
قاد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحراكَ ضد نظام الفصل العنصري ذلك. وبعد ضغوط دولية كبيرة ونضال داخلي، ألغت حكومة الرئيس فريديريك ويليم دي كليرك العديد من قوانين الفصل العنصري أو خففت تشددها. بعد مفاوضات بين حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وحزب الحرية إنكاثا، وحزب المؤتمر الوطني ومنظمات أخرى، أُلغي نظام الأبارتايد رسميًا واعتُمد الدستور المؤقت. ألغيت جنسية البانتوستان وأعيد دمجها في جنوب أفريقيا، واستعاد حاملوها جنسيةَ دولة جنوب أفريقيا.
ظلت حكومة الوحدة الوطنية التي شُكّلت بموجب الدستور المؤقت في منصبها حتى الانتخابات الوطنية للعام 1999. توزّعت السلطة التنفيذية على الأحزاب المكوّنة لحكومة الوحدة الوطنية، وهي حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، والحزب الوطني، وحزب الحرية إنكاثا. في 30 يونيو 1996، انسحب الحزب الوطني من حكومة الوحدة الوطنية ليصبح جزءًا من المعارضة.
بُثّت العديد من مبادئ المساواة العرقية، وديمقراطية الأغلبية، وحقوق الأقليات التي أرستها في الدستور النهائي لجنوب أفريقيا الذي اعتُمد في العام 1996 والذي ما يزال ساري المفعول. يحدد الدستور هيكلية الحكومة، ويحمي حقوق الإنسان الرئيسية، ويضع آلياتٍ للمساءلة، ويوزّع السلطة التشريعية والتنفيذية على المؤسسات الحكومية الوطنية، والإقليمية، والمحلية.
الحكومة
جنوب أفريقيا هي دولة جمهورية ديمقراطية تمثيلية برلمانية، ورئيس جنوب أفريقيا، الذي ينتخبه البرلمان، هو رئيس الحكومة والنظام متعدد الأحزاب. تتألف الحكومة من ثلاثة فروع.
تتكون السلطة التنفيذية من رئيس جنوب أفريقيا، ومجلس وزراء جنوب أفريقيا. ينتخب برلمان جنوب أفريقيا الرئيسَ لفترة رئاسية مدتها خمس سنوات. يجوز للرئيس أن يبقى في المنصب فترتين رئاسيتين فقط. وبحسب العُرف، يشغل هذا المنصبَ زعيم أكبر حزب في الجمعية الوطنية. يعين الرئيسُ أعضاء مجلس الوزراء الذين يُطلق عليهم اسم الوزراء. يشرف الوزراء على الإدارات الحكومية التنفيذية. يضطلع مجلس الوزراء بصياغة وتنفيذ سياسة البلاد، وتأتي معظم المقترحات التشريعية من مجلس الوزراء. يخضع رئيس وأعضاء مجلس الوزراء للمساءلة أمام الجمعية الوطنية. تحظى الجمعية الوطنية بسلطة عزلهم من مناصبهم عبر تمرير اقتراح بسحب الثقة، ولديها سلطة مساءلتهم من خلال الردود الشفهية أو المكتوبة لأسئلة أعضاء البرلمان.
وتتكون السلطة التشريعية من البرلمان. يضمّ البرلمان مجلسين: مجلس الشيوخ وهو المجلس الوطني للمقاطعات، والمجلس الأدنى وهو الجمعية الوطنية. من الناحية العملية، فالجمعية الوطنية هي المجلس الأقوى بصورة كبيرة. وهي تتحكم في تشكيل الحكومة، وموافقة الجمعية شرطٌ لكي تصبح معظم المقترحات التشريعية قانونًا. يضمن المجلس الوطني للمقاطعات تمثيلًا متساويًا لمقاطعات جنوب أفريقيا التسعة، وموافقته مطلوبةٌ لإقرار القوانين التي تؤثر على مقاطعات جنوب أفريقيا والمجتمعات الثقافية في البلاد. في حين تُنتخب الجمعية الوطنية عن طريق التمثيل النسبي للحزب، فإن المجلس الوطني للمقاطعات تنتخبه الهيئاتُ التشريعية في المقاطعات.
تتكون السلطة القضائية من المحاكم. ولها سلطة تفسير وتطبيق القوانين. تُعتبر المحكمة الدستورية لجنوب أفريقيا أعلى محكمة للشؤون الدستورية. وتحظى بسلطة إلغاء القوانين التي تتعارض مع الدستور. ومحكمة الاستئناف العليا هي أعلى محكمة للأمور غير الدستورية. أما المحكمة العليا لجنوب أفريقيا فهي محكمة ذات اختصاص عام ولها صلاحيات استئناف. تنقسم المحكمة العليا لجنوب أفريقيا إلى أقسام لها سلطات محددة على مناطق معينة في البلاد. تعمل محاكم الصلح بوصفها محاكمَ ابتدائية. وتوجد محاكم وهيئات قضائية متخصصة تحظى بسلطاتٍ قد تُعادِل سلطات محكمة الاستئناف العليا.
المراجع
- ^ "Local Government Elections 2011" (PDF). Results Summary - All Ballots. Independent Electoral Commission. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2022-12-05. اطلع عليه بتاريخ 2011-05-22.
السياسة في جنوب أفريقيا في المشاريع الشقيقة: | |