عدد قتلى مذبحة نانجنغ

هذه هي النسخة الحالية من هذه الصفحة، وقام بتعديلها عبود السكاف (نقاش | مساهمات) في 04:02، 9 فبراير 2023 (بوت:صيانة المراجع). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة.

(فرق) → نسخة أقدم | نسخة حالية (فرق) | نسخة أحدث ← (فرق)

يُعتبر العدد النهائي لقتلى مذبحة نانجنغ موضوعًا مثيرًا للجدل في التأريخ الصيني والياباني. بعد اندلاع الحرب الصينية اليابانية الثانية، زحف الجيش الإمبراطوري الياباني من شنغهاي على العاصمة الصينية نانجنغ، ورغم ذبح اليابانيين عددًا كبيرًا من أسرى الحرب الصينيين والمدنيين، بعد دخولهم إلى نانكينغ في 13 ديسمبر 1937، ما يزال الرقم الدقيق غير معروفًا. منذ أواخر الستينيات، وبعد صدور أولى الأبحاث الأكاديمية التي تناولت مذبحة نانكينغ، أصبح تقدير عدد قتلى المذبحة موضوعًا رئيسيًا على طاولة النقاش العلمي.

مقبرة جماعية لمذبحة نانجنع.

في الوقت الحاضر، تُشير الأرقام الأكثر مصداقية والمتفق عليها على نطاق واسع إلى أن عدد ضحايا المذبحة داخل مدينة نانجنغ بلغ 40,000 شخصًا تقريبًا، ذُبح غالبهم في الأيام الخمسة الأولى من 13 ديسمبر 1937؛ في حين أن إجمالي الضحايا الذين ذُبحوا في نهاية مارس 1938 في كل من نانجنغ والمقاطعات الريفية الست المجاورة لها يتجاوز 100,000 بكثير، ولكن أقل من 200,000. وبالنتيجة، واعتمادًا على الإطار الزمني والجغرافي، فإن عدد الضحايا الذي يمكن التحقق منه تجريبيًا والممكن إثباته علميًا يتراوح بين 40,000 وأقل من 200,000.[1]

ينصبّ صُلب النقاش على صحة سجلات الدفن والتاريخ الشفوي. ثمة جدلٌ أقلّ بشأن مَن مِن القتلى يمكن تصنيفهم على أنهم «ضحايا المجزرة». طُرحت أرقام أقلّ أو أكثر من عدد الضحايا الذين يمكن التحقق منه تجريبيًا وإثباته العلمي مِن قبل المؤرخين التعديليين اليابانيين والحزب الشيوعي الصيني. أحصت بعض أقل التقديرات 10,000 حالة وفاة فقط، بينما لقنت حملة التعليم الوطني التابعة للحكومة الصينية الطلابَ أن 300,000 مدني قُتلوا في نانجنغ.[2]

خلفية المجزرة

في يوليو 1937 نشبت الحرب في شمال الصين بين الصين واليابان، وبحلول أغسطس امتدّ القتال إلى مدينة شنغهاي. بعد استيلائه على شنغهاي، قرر الجيش الياباني في الأول من ديسمبر متابعة حملته العسكرية في نانكينغ، عاصمة الحكومة القومية الصينية، الواقعة على بُعد 300 كيلومتر تقريبًا غرب شنغهاي.[3] بالرغم من نجاح اليابانيين في محاصرة نانكينغ وهزيمة الحامية الصينية المتمركزة فيها بحلول 13 ديسمبر، لم يستسلم رسميًا سوى أقل القليل من الجنود الصينيين في المدينة. وبدلًا من ذلك خلعوا لباسهم العسكري وألقوا أسلحتهم، واندسوا بين سكان المدينة من المدنيين. وطوال فترة احتلاله لنانكينغ، طارد الجيش الياباني الجنود الصينيين السابقين داخل المدينة وفي معظم الأحيان أعدمهم دون محاكمات.[4] بالتوازي مع ذلك، ارتكب جنود الجيش الياباني أيضًا أعمال قتل عشوائية بحق المدنيين، وتورطوا في عمليات اغتصاب، وإحراق، ونهب. يُطلَق على هذه الأحداث مجتمعةً اسم مذبحة نانكينغ.[5]

التقديرات المبكرة

تلقت مذبحة نانكينغ تغطية إعلامية دولية في غضون أسبوع من حدوثها، ونُشر أول تقدير لعدد القتلى الإجمالي في 24 يناير 1938 في صحيفة نيو تشاينا ديلي. نقل التقرير عن الصحفي الأسترالي هارولد تيمبرلي قولَه إن 300,000 مدني قُتلوا. بالرغم من ذلك، كان مصدر تمبرلي لهذا الرقم هو الأب الفرنسي جاكوينوت العامل في مجال الإغاثة، الذي كان في شنغهاي وقت وقوع المذبحة، ومن المحتمل أن الرقم شمل كذلك الضحايا المدنيين في معركة شنغهاي.[6] أورد تيمبرلي تقديرًا ثانيًا في كتابه الذي نُشر في وقت لاحق من العام نفسه بعنوان الإرهاب الياباني في الصين، والذي نقل عن «عضو أجنبي في هيئة التدريس بجامعة نانجنغ» قوله إن «ما يقرب من 40 ألف شخص غير مسلح قتلوا داخل نانكينغ وبالقرب منها». وكان مصدر هذه المعلومات هو ماينر سيرل بيتس، وهو أمريكي مقيم في نانكينغ استند في حساباته إلى سجلات الدفن لجمعية الصليب الأحمر المعقوف.[7]

بين ذلك الوقت وأواخر أربعينيات القرن العشرين، استند المراسلون ووسائل الإعلام إلى هذين التقديرين بشكل عام. على سبيل المثال، ذكر إدغار سنو في كتابه الصادر في العام 1941، المعركة من أجل آسيا، أن 42,000 ذبحوا في نانكينغ و300,000 في المجمل في كل من نانكينغ وشنغهاي، وهي أرقام استندت على ما يبدو إلى تلك التقديرات. ذكر فيلم العام 1944، معركة الصين، أن 400,000 قُتلوا في مذبحة نانكينغ.[8][9]

ومن أولى التقديرات يُذكر تقدير وكالة الأنباء المركزية الحكومية في الصين، والتي ذكرت في فبراير 1938 أن اليابانيين قد ذَبحوا 60,000 إلى 70,000 أسير حرب في نانكينغ. في الشهر نفسه، ادعى مندوب الحكومة القومية الصينية أن اليابانيين قتلوا 20,000 مدني في مذبحة نانكينغ. ومع ذلك، في خطابه الذي ألقاه في العام 1942، رفع شيانج كاي شيك ذلك الرقم إلى «ما يزيد عن 200,000 مدني». في العام 1938 أعلن الجيش الأحمر التابع للحزب الشيوعي الصيني أن إجمالي عدد قتلى المذبحة بلغ 42,000. قدّر جون رابي، الرئيس الألماني للجنة الدولية للمنطقة منزوعة السلاح في نانجنغ، أن ما بين 50,000 و60,000 صيني قد قُتلوا في نانكينغ، مع أن ذلك التقدير شمل كلًا مِن قتلى الجنود والمدنيين.[10][11]

بعد انتهاء الحرب بين الصين واليابان في العام 1945، حلّت محلّ تلك التقديرات نتائج محاكمتَين لجرائم الحرب، المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى ومحكمة جرائم الحرب في نانكينغ. وفقًا لتقديرات محكمة جرائم الحرب في نانكينغ بلغ عدد القتلى أكثر من 300,000، على الرغم من أن المحكمة قيّدت كذلك تقديرات أخرى، منها ما وضَع عدد الضحايا لدى 430,000. أحصت المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى ما يصل إلى 155,000 ضحية من ضحايا المذبحة، على الرغم من أن هذا الرقم في حُكمهم على الجنرال إيواني ماتسوي عُدّل شيئًا ما ليبلغ «ما يزيد عن 100,000 شخص». ومع ذلك، لم تبذل جهة الادعاء في هذه المحاكمات سوى القليل من الجهد للتثبّت من دقة تقديرات عدد القتلى، وقد قبلت كلتا المحكمتين قدرًا كبيرًا من البيانات المشكوك فيها والتي تُعتبر الآن فاقدةً لمصداقيتها.[11][12]

يُعتبر توميو هورا أول مؤرخ قدّم تقديرًا أكاديميًا لعدد القتلى في مذبحة نانكينغ في كتابه الصادر في العام 1967 بعنوان «ألغاز تاريخ الحرب الحديثة»، والذي تبنّى التقدير القائل بأن عدد الضحايا كان 200,000. منذ ذلك الحين، أصبح عدد قتلى المذبحة موضوعًا ساخنًا في النقاش بين المؤرخين في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، تتسبّب الحجج المشحونة بالعاطفة والتدخل السياسي في النقاش في إعاقة الوصول إلى توافق أكاديمي بشأن عدد الأشخاص الذين قتلوا في تلك الواقعة الفظيعة.[13]

المصادر والإجراءات

يقول ديفيد أسكيو، المؤرخ في جامعة ريتسوميكان، أن مؤرخي العصر الحديث يمكنهم حساب عدد القتلى في مذبحة نانكينغ بالاستناد إلى أربعة أنواع من المصادر. النوع الأول من هذه المصادر هو التاريخ الشفوي، لكنه يُسمّي هذا النوع «المنهجية الأكثر إشكالية في التحقيق في الحادثة»، ومردّ ذلك جزئيًا إلى التناقضات الكبيرة بين شهادات شهود العيان اليابانيين والصينيين.[10]

النوع الثاني من المصادر هو سجلات الدفن التي كتبها الجمعيات الخيرية الصينية. ذكرت المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى أنه دُفن ما مجموعه 155,300 جثة في نانكينغ وحولها بعد سقوط المدينة، وفقًا لإحصائيات جمعية الصليب الأحمر المعقوف وجمعية الصليب الأحمر في الصين، تشونغشانتانغ، على الرغم من أن العديد من المؤرخين الآن يشكّكون في دقة أرقام الدفن التي سجلتها جمعية الصليب الأحمر في الصين.[14]

المراجع

  1. ^ Wakabayashi، Bob Tadashi (2008). "Leftover Problems". في Wakabayashi، Bob Tadashi (المحرر). The Nanking Atrocity, 1937-38: Complicating the Picture. Berghahn Books. ص. 362, 382, 384. (p. 362) At the present stage of research, victimization estimates of under 40,000 and over 200,000 push the limits of reason, fairness, and evidence; [...] (p. 384) Japanese military sources dating from 1937, such as official battle reports and private field diaries, are the most reliable and revealing of all the sources examined here. Left by "the side that did the killing," these documents are self-incriminating in ways that their compilers did not intend. When read critically, they attest that Japanese troops illegally and unjustifiably massacred at least 29,240 Chinese—and I would say 46,215—just before and after Nanking fell. Beyond that, there is room for honest debate. Conservatives adhere to this academically reputable low-end estimate of over 40,000. By contrast, I hold that we must add several tens of thousands more Chinese illegally and unjustifiably killed from early December 1937 to the end of March 1938 in the NSAD—the walled city and 6 adjacent counties. This is a longer time span and a wider area than conservatives and deniers will allow. Largely following Kasahara Tokushi, then, I conclude that a final victim total will far exceed 100,000 but fall short of 200,000 in the absence of new evidence. But, to repeat for emphasis, an empirically verifiable, scholarly valid victimization range is from over 40,000 to under 200,000. [...] (p. 384) However, as conservatives admit, the figure 300,000 does represent a credible total for Chinese belligerents and civilians killed in the entire Yangtze delta area from Shanghai to Nanking over the period August to December 1937.
  2. ^ "永久保存版 - 三派合同 大アンケート," Shokun!, February 2001, 183-192.
  3. ^ Masahiro Yamamoto, Nanking: Anatomy of an Atrocity (Westport, Connecticut: Praeger, 2000), 40.
  4. ^ Masahiro Yamamoto, Nanking: Anatomy of an Atrocity (Westport, Connecticut: Praeger, 2000), 66-68.
  5. ^ Masahiro Yamamoto, Nanking: Anatomy of an Atrocity (Westport, Connecticut: Praeger, 2000), 82.
  6. ^ Wakabayashi، Bob Tadashi (2008). "Leftover Problems". في Wakabayashi، Bob Tadashi (المحرر). The Nanking Atrocity, 1937-38: Complicating the Picture. Berghahn Books. ص. 370–371, 377–384.
  7. ^ David Askew, "Part of the Numbers Issue: Demography and Civilian Victims," in The Nanking Atrocity, 1937-38: Complicating the Picture, ed. Bob Tadashi Wakabayashi (New York: Berghahn Books, 2008), 98.
  8. ^ Edgar Snow, The Battle for Asia (New York: Random House, 1941), 57.
  9. ^ Masahiro Yamamoto, Nanking: Anatomy of an Atrocity (Westport, Connecticut: Praeger, 2000), 177-178.
  10. ^ أ ب David Askew (أبريل 2002). "The Nanjing Incident: Recent Research and Trends". Electronic Journal of Contemporary Japanese Studies. مؤرشف من الأصل في 2022-03-31. اطلع عليه بتاريخ 2014-12-06.
  11. ^ أ ب Ikuhiko Hata, "The Nanking Atrocities: Fact and Fable," Japan Echo, August 1998, 47-57.
  12. ^ Masahiro Yamamoto, Nanking: Anatomy of an Atrocity (Westport, Connecticut: Praeger, 2000), 203, 219-223.
  13. ^ Takashi Yoshida, The Making of the "Rape of Nanking" (New York: Oxford University Press, 2006), 182.
  14. ^ Tokushi Kasahara, 南京事件 (Tokyo: Iwanami Shoten, 1997), 220, 223, 226-227.