فتوى تحريم الطباعة

هذه هي النسخة الحالية من هذه الصفحة، وقام بتعديلها عبود السكاف (نقاش | مساهمات) في 19:09، 4 يوليو 2023 (تدقيق لغوي (طفيف)). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة.

(فرق) → نسخة أقدم | نسخة حالية (فرق) | نسخة أحدث ← (فرق)

فتوى تحريم الطباعة هي فتوى تٌنسب إلى الدولة العثمانية في عدد من المراجع التاريخية تجرم وتحرم الطباعة وخاصة الكتب الإسلامية وتسمح بها لغير المسلمين بشرط عدم استخدام الحرف العربي.[1][2][3] [4]

مصحف القرآن الكريم برواية ورش عن نافع مطبوع في المطبعة الثعالبية في الجزائر.

فيما اتسعت في الأستانة المطبعة العربية، متخطيةً ما عوقت به من الحكومة ورجال الدين؛ إذ أفتى العلماء بأنها رجس من عمل الشيطان، ولكن فريقًا منهم عاون الصدر الأعظم في الحصول على إذن من السلطان، موقع عليه بالخط الشريف سنة 1712م بإنشاء المطبعة، وطبع جميع الكتب إلّا كتب التفسير والحديث والفقه والكلام منعًا للتحريف، ثم سُمح بعد ذلك بطباعة الكتب الدينية تحت إشراف مجموعة من العلماء.[5]

وكذلك الأزهر الشريف قام بتحريم طباعة الكتب الشرعية:

أفتى بعض علماء الأزهر الشريف بتحريم طباعة الكتب الشرعية، قالوا: اطبعوا تاريخ، أدب، لغة، أما الكتب الشرعية لا تجوز طباعتها، هذا شفقة على العلم

وفقًا لعالم الدين السعودي عبد الكريم الخضير في كتابه شرح ألفية العراقي.[6]

حدث هذا الحدث في العالم عندما كانت أوروبا في عصر النهضة، مما أثر كثيرًا على سرعة انتشار المعرفة في العالم الإسلامي مقارنة بأوروبا.[7][8]

التاريخ

مع بداية القرن الخامس عشر، ظهرت المحاولات الأولى لاستعمال الحرف العربي ضمن مؤلفات لاتينية. كان ذلك مع صدور كتابين هما الحج إلى قبر المسيح لبرنارد دي برينباخ، وكتاب عن النحو العربي لبيدرو دي ألكالا. طُبعت كتب عربية بارزة مثل القانون الثاني لابن سينا ونزهة المشتاق للإدريسي وكنز اللغة العربية للفيروز آبادي. كانت تُتدَاولُ هذه الطبعات داخل العالم الإسلامي بفضل حركة التجارة القائمة حينئذٍ.

ظهرت المطابعُ العربية لأول مرة من طرف العرب المسيحيين في الشام. ومن ذلك مطبعة قوزحية، بلبنان، التي تُعتبر الأولى من نوعها والتي يعود تاريخ تأسيسها إلى بداية القرن الـ17. رغم التعرف المبكر على تقنيات الطباعة وتداول إصداراتها داخل دول العالم الإسلامي، ظلت البنية الدينية المحافظة تُشهر رفضها لدخول الطباعة عبر فتاوى صدرت من عدة بلاد.[9]

ظهور فتاوى التحريم

أصدر السلطان العثماني بايزيد الثاني فرماناً يحرم الطباعة على رعاياه المسلمين، إلا أنه سمح لليهود والمسيحيين إنشاء مطابعهم داخل الدولة العثمانية شريطة عدم استعمال الحروف العربية. أصدر علماء الأزهر بعضهم فتوى بتحريم طباعة الكتب الشرعية، بدعوى كونها تحرف العلوم. وإلى ذلك ذهبت فتاوى فردية، ومنها فتوى الفقيه المغربي محمد بن إبراهيم السباعي، الذي خط وثيقة سماها “رسالة في الترغيب في المؤلفات الخطية، والتحذير من الكتب المطبوعة، وبيان أنها سبب في تقليل الهمم وهدم حفظ العلم ونسيانه.

أُصدرت أول مطبعة بإسطنبول بعد قرنين ونصف عن صدور فرمان تحريمها. وكان وراءها المجري إبراهيم متفرقة، الذي استطاع استصدار فتوى من شيخ الإسلام وأمراً جديداً من السلطان أحمد الثالث بجواز طباعة الكتب. غير أنه بعد ثلاث سنوات من ذلك، أُحرقت مطابع متفرقة في خضم ثورة الضابط خليل باتروني التي انتهت بعزل السلطان.[9]

طباعة القرآن

كان النسّاخون والخطاطون يكتبون النص القرآني على الأوراق ويجمعوها في الكتب إلى حين شيوع الطباعة والمطابع في جميع أنحاء العالم خلال القرن التاسع عشر. وفي بعض الأماكن، كان النص القرآني يُطبع على ألواح خشبية، وقد شاعت هذه الوسيلة خلال القرون الوسطى عند مسلمي الصين خصوصًا. غير أنه لم يصل المؤرخين والباحثين أي مصحف كامل مكتوب بهذا الشكل، ولعلّ سبب ذلك هو التكلفة العالية التي تتطلبها طباعة هكذا كتاب.[10] كذلك شاع خلال القرن التاسع عشر طباعة النصوص القرآنية على الأحجار في أمكنة أخرى.[11]

أقدم نسخ المصحف المطبوعة بأسلوب الطباعة المنقولة، أو تجميع الحروف، والتي لا تزال باقية حتى اليوم، هي نسخة أنتجت بالبندقية سنة 1537 أو 1538، ويظهر بأنها كانت تُحضّر للبيع في الدولة العثمانية، حيث مُنعت الطباعة بهذا الأسلوب منذ سنة 1485. رُفع حظر الطباعة المنقولة في سنة 1588، لكن الرأي العام استمر يرفض استخدام الطباعة لإصدار الكتب غير الدينية، فكان من الطبيعي أن لا يوافق الناس على استخدامها لإصدار المصاحف، واستمر الأمر على هذا المنوال حتى أواخر القرن التاسع عشر. يظهر أن هذه المعارضة كان سببها النسّأخ الذين خافوا من انقطاع مورد رزقهم، وكذلك لأسباب جمالية وخوفًا من وقوع أخطاء عند طباعة النص، مما قد يُغيّر من معناه.[12] رعت كاثرين الثانية قيصرة روسيا أوّل طباعة حديثة للمصحف في سنة 1787، وسرعان ما حذت الدولة العثمانية وفارس حذوها، فظهرت نسخة مطبوعة من قازان في سنة 1828، ومن بلاد فارس سنة 1833، ومن الآستانة سنة 1877.[13]

انظر أيضًا

مراجع

  1. ^ Rubin، Jared، المحرر (2017). Restrictions on the Printing Press. Cambridge Studies in Economics, Choice, and Society. Cambridge: Cambridge University Press. ص. 99–118. ISBN:978-1-107-03681-9. مؤرشف من الأصل في 2023-01-12.
  2. ^ Howes, Anton. "Age of Invention: Did the Ottomans Ban Print?". antonhowes.substack.com (بEnglish). Archived from the original on 2022-09-03. Retrieved 2023-01-12.
  3. ^ أنستاس الكرملي (يونيو 1912). مجلة لغة العرب (PDF). العراق: أنستاس الكرملي. ج. 18. ص. 227. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2022-12-02.
  4. ^ "موقف العلماء من الطباعة أول ما بدأت وهل صدرت فتوى في الدولة العثمانية بتحريمها - إسلام ويب - مركز الفتوى". www.islamweb.net. مؤرشف من الأصل في 2023-01-17. اطلع عليه بتاريخ 2023-01-17.
  5. ^ محمد كامل الفقي (1956). الأزهر وأثره في النهضة الأدبية الحديثة (ط. .1). مصر: المطبعة المنيرية بالأزهر الشريف. ج. 1. ص. 141.
  6. ^ عبد الكريم الخضير. كتاب شرح ألفية العراقي (PDF) (ط. 1). ج. 1. ص. 530.
  7. ^ Jafar, Iqbal (19 Jun 2015). "Origins of Islam's crises". The Friday Times - Naya Daur (بen-US). Archived from the original on 2023-01-17. Retrieved 2023-01-17.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
  8. ^ "The Fatwa That Destroyed an Empire | Gurvinder Singh". www.newageislam.com (بEnglish). Archived from the original on 2023-01-17. Retrieved 2023-01-17.
  9. ^ أ ب العرب، Al Arab (يوليو 23, 2016 01:00). "تحريم الطباعة | حسن الوزاني". صحيفة العرب. مؤرشف من الأصل في 2021-05-02. اطلع عليه بتاريخ 2021-05-02. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  10. ^ طباعة المسلمين قبل گوتنبيرغ نسخة محفوظة 03 نوفمبر 2013 على موقع واي باك مشين.[وصلة مكسورة]
  11. ^ بيتر جـ. ريدل، طوني ستريت، أنطوني هارلي جونز، block printing&as_brr=3&ei=QTncS9WLKp2WyAS2yPnGCQ&cd=1#v=onepage&q&f=false إسلام: مقالات عن الكتاب المقدس، الفكر، والمجتمع: كتاب تذكاري مُهدى إلى أنطوني هـ. جونز، صفحة. 170–174، BRILL، 1997, ISBN 978-90-04-10692-5، 9789004106925 نسخة محفوظة 25 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ ثريا فاروقي، Qu'ran&ei=v5jbS8qMBo-GzgSw8eGcCQ&cd=7#v=onepage&q=printing%20Qu'ran&f=false رعايا السلطان: الثقافة والحياة اليومية في الدولة العثمانية، صفحة، 134–136، إ.ب.طوريس، 2005، ISBN 978-1-85043-760-4، 9781850437604؛ block printing&as_brr=3&ei=QTncS9WLKp2WyAS2yPnGCQ&cd=7#v=onepage&q&f=false موسوعة الإسلام: الكتيبات 111–112: مسرح المولد، كلفورد أدموند بوسورث نسخة محفوظة 25 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
  13. ^ القرآن في المخطوطات والمطبوعات. "النص القرآني". مؤرشف من الأصل في 2008-03-09. اطلع عليه بتاريخ 2007-06-05.

وصلات خارجية