الحرب الباردة (1947–1953)

هذه هي النسخة الحالية من هذه الصفحة، وقام بتعديلها عبود السكاف (نقاش | مساهمات) في 14:22، 29 ديسمبر 2022 (بوت: إصلاح التحويلات). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة.

(فرق) → نسخة أقدم | نسخة حالية (فرق) | نسخة أحدث ← (فرق)

الحرب الباردة (1947 - 1953) هي فترة الحرب الباردة الممتدة من إعلان مبدأ ترومان في عام 1947 وحتى انتهاء الحرب الكورية في عام 1953. نشأت الحرب الباردة في أوروبا بعد سنوات قليلة من فوز التحالف الناجح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة بالحرب العالمية الثانية في أوروبا، وامتدت إلى 1989-1991. في عام 1947، صاغ برنارد باروخ، الممول المليونير والمستشار لعدة رؤساء من وودرو ويلسون إلى هاري ترومان، مصطلح «الحرب الباردة» لوصف العلاقات الباردة بشكل متزايد بين حليفي الحرب العالمية الثانية: الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

التحافات العالميَّة عام 1953.

ظهرت بعض النزاعات بين الغرب والاتحاد السوفيتي في وقت سابق. في الفترة 1945-1946، احتجت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بقوة على جهود السوفيت المبذولة لبسط سيطرتها السياسية في أوروبا الشرقية وإيران، في حين أن البحث عن الجواسيس السوفيت جعل التوترات أكثر وضوحًا. ومع ذلك، يؤكد المؤرخون أن الانفصال الحاسم بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من جهة والاتحاد السوفيتي من جهة أخرى جاء في 1947-1948 بشأن قضايا مثل مبدأ ترومان ومشروع مارشال وحصار برلين، متبوعة بتشكيل الناتو في عام 1949. وقعت الحرب الباردة في جميع أنحاء العالم، ولكن بتوقيت مختلف جزئيًا خارج أوروبا.[1]

إنشاء الكتلة الشرقية

خلال الحرب العالمية الثانية، ضمّ الاتحاد السوفيتي العديد من الدول كجمهوريات اشتراكية سوفيتية ضمن اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية. جرى التنازل عن معظم هذه الدول للاتحاد بموجب جزء من المعاهدة السرية لاتفاق مولوتوف ريبنتروب مع ألمانيا النازية.[2][3] تشمل الأراضي التي تم ضمها لاحقًا شرق بولندا (دُمِجت في جمهوريتين مختلفتين تابعتين للاتحاد السوفيتي)،[4] لاتفيا (أصبحت جمهورية لاتفيا الاشتراكية السوفيتية[5][6] إستونيا (أصبحت جمهورية إستونيا الاشتراكية السوفيتية[5][6] ليتوانيا (أصبحت جمهورية ليتوانيا الاشتراكية السوفيتية)، جزء من شرق فنلندا (أصبحت جزءًا من الجمهورية الكريلية الفنلندية الاشتراكية السوفيتية[7] وشمال رومانيا (أصبحت جمهورية مولدوفا الاشتراكية السوفيتية).[8][9]

أصبحت العديد من الدول الأخرى التي سيطر عليها الاتحاد السوفيتي والتي لم يضمها مباشرة إليه دولًا تابعة للاتحاد السوفيتي. في ألمانيا الشرقية وبعد خسائر الانتخابات المحلية، حصل اندماج قسري للأحزاب السياسية في حزب الوحدة الاشتراكي (SED)، تلته الانتخابات في عام 1946 حيث تعرّض فيها المعارضون السياسيون للقمع.[10] في الجزء غير الملحق بالاتحاد السوفيتي من بولندا، صوّت أقل من ثلث سكان بولندا لصالح إصلاحات الأراضي الشيوعية الضخمة وتأميم الصناعة[11] في استفتاء حول السياسات يعرف باسم «3 مرات نعم»، عندئذ أجريت انتخابات مزورة ثانية للحصول على النتيجة المرجوة.[12][13][14] أدت الانتخابات البولندية المزورة في يناير 1947 إلى تحول بولندا رسميًا إلى جمهورية بولندا الشعبية.

والحقيقة هي أن معظم دول أوروبا الشرقية كانت أيضًا جزءًا من اتفاقية ستالين السرية التي عقدها مع ونستون تشرشل في مؤتمر موسكو الرابع في عام 1944 وسُمّيت اتفاقية النسب. لم يُعرف بأمر هذه الاتفاقية حتى عام 1953 تقريبًا عندما نشر تشرشل مذكراته.[15] يوضّح بحث ريسيس أن روزفلت كان مطّلعًا على هذه الاتفاقية ولكنه لم يقدم سوى الدعم المشروط لتشرشل بعد تلقي معلومات محدّثة بشأن المحادثات؛ رغم أن روزفلت كان قد أبلغ ستالين قبل الاجتماع: «لا شكّ في أن الولايات المتحدة ليست مهتمة في هذه الحرب العالمية سياسيًا أو عسكريًا» وعلى هذا النحو، يمكن القول إن بداية الحرب الباردة كانت في الرابع من أكتوبر 1944.[15]

قائمة بقادة العالم في بداية هذه السنوات هي كما يلي:

في المجر، عندما أقام السوفيت حكومة شيوعية، تولّى ماتياش راكوشي منصب الأمين العام للحزب الشيوعي المجري،[16] الذي استهلّ واحدًا من أقسى الديكتاتوريات في أوروبا[17][18] في ظل جمهورية المجر الشعبية. في بلغاريا، قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية، عبر الاتحاد السوفيتي الحدود وخلق الظروف لحدوث انقلاب شيوعي في الليلة التالية.[19] تولّى القائد العسكري السوفيتي في صوفيا السلطة العليا، وتولّى الشيوعيون الذين وجّههم، بمن فيهم كيمون جورجيف (الذي لم يكن شيوعيًا، وإنما عضوًا في المنظمة السياسية النخبوية «زفينو»، ويعمل مع الشيوعيين)، السيطرة الكاملة على السياسة الداخلية[19] في جمهورية بلغاريا الشعبية.

بدعم من الاتحاد السوفيتي، تولّى الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي زمام السيطرة على حكومة تشيكوسلوفاكيا في انقلاب تشيكوسلوفاكيا عام 1948، منذرًا بالديكتاتورية.[20][21][22] في الانتخابات العامة الرومانية عام 1946، استخدم الحزب الشيوعي الروماني (PCR) أساليب التخويف واسعة النطاق والتزوير الانتخابي للحصول على 80 في المئة من الأصوات، وألغى فيما بعد دور الأحزاب الوسطية ومارس عمليات الدمج القسري، ما أسفر عن ذلك إما إعدام معظم السياسيين غير الشيوعيين أو نفيهم أو سجنهم بحلول عام 1948. في الانتخابات الألبانية في ديسمبر 1945، كانت خيارات الاقتراع الوحيدة الفعالة هي خيارات الجبهة الديمقراطية الشيوعية (ألبانيا)، بقيادة أنور خوجة.[23][23] في عام 1946، أُعلنت ألبانيا باسم جمهورية ألبانيا الشعبية.

في بادئ الأمر، وجّه ستالين الأنظمة في دول الكتلة الشرقية التي رفضت الخصائص المؤسساتية الغربية لاقتصادات السوق، والحكم الديمقراطي (الذي يطلق عليه «الديمقراطية البرجوازية» بلغة السوفيت) وسيادة القانون، مضعفًا التدخل التقديري من قبل الدولة.[24] كانت هذه الدول شيوعية اقتصاديًا واعتمدت على الاتحاد السوفيتي في الحصول على كميات كبيرة من المواد. رغم حدوث هجرة جماعية من هذه الدول إلى الغرب خلال السنوات الخمس الأولى التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، أوقفت القيود المطبَّقة بعد ذلك معظم الهجرة من الشرق إلى الغرب، باستثناء تلك الهجرة التي تكون بموجب اتفاقيات ثنائية محدودة وغيرها من الاتفاقيات.[25]

الاحتواء

ربما كانت الفترة ما بعد عام 1945 هي الذروة التاريخية التي بلغتها شعبية الإيديولوجية الشيوعية، إذ إن الأعباء التي تحمّلها الجيش الأحمر والاتحاد السوفيتي قد أكسبت الإيديولوجية احترامًا كبيرًا، والتي كانت لتحظى بفرصة جيدة لخلق أوروبا الشيوعية، لو أن جوزيف ستالين استغل هذه الشعبية بالكامل. حققت الأحزاب الشيوعية شعبية كبيرة في دول مثل الصين واليونان وإيران وجمهورية مهاباد. وصلت الأحزاب الشيوعية مسبقًا إلى السلطة في رومانيا وبلغاريا وألبانيا ويوغوسلافيا. شعرت المملكة المتحدة والولايات المتحدة بالقلق من أن الانتصارات الانتخابية التي تحقّقها هذه الأحزاب الشيوعية في أي من هذه البلدان يمكن أن تؤدي إلى تغيير اقتصادي وسياسي كاسح في أوروبا الغربية.

خطط مورغنثاو ومارشال

 
مظاهرة في ألمانيا الغربية خلال شتاء الجوع بتاريخ 31 مارس عام 1947 يظهر على اللافتة بالألمانية "نريد فحم. نريد خبز".

بعد أن حصدت الحرب حياة 27 مليون شخص، كان الاتحاد السوفيتي مصمّمًا على تدمير قدرة ألمانيا على شن حرب أخرى، ودفعه ذلك إلى عقد مؤتمرات وقت الحرب، تمخّض عنها سياسة خطة مورغنثاو التي تنبأت بإعادة ألمانيا دولةً رعويةً من دون أي صناعات ثقيلة. ولكن بسبب التكاليف المتزايدة لواردات المواد الغذائية لتجنب المجاعة الجماعية في ألمانيا، ومع خطر خسارة الأمة بأكملها للشيوعية، تخلّت الحكومة الأمريكية عن خطة مورغنثاو في سبتمبر 1946 في خطاب وزير الخارجية جيمس بيرنز «إعادة صياغة السياسة بشأن ألمانيا».[26]

في يناير 1947، عيّن ترومان الجنرال جورج مارشال وزيرًا للخارجية، وسنّ JCS 1779، الذي صدر عنه مرسوم يفيد بأن «أوروبا المنظمة والمزدهرة بحاجة إلى المساهمات الاقتصادية من ألمانيا المستقرة والمنتجة».[27] جاء هذا التوجيه منسجمًا مع رأي الجنرال لوسيوس د. كلاي ورئيس الأركان المشترك بشأن النفوذ الشيوعي المتنامي في ألمانيا، فضلًا عن فشل ما تبقى من الاقتصاد الأوروبي في التعافي من دون القاعدة الصناعية الألمانية التي كان معتمدًا عليها سابقًا. التقى مسؤولو الإدارة بوزير الخارجية السوفيتي فياتشيسلاف مولوتوف وغيره للضغط من أجل جعل ألمانيا مكتفية ذاتيًا من الناحية الاقتصادية، بما في ذلك تقديم شرح مفصّل للمنشآت الصناعية والسلع والبنية التحتية التي أزالها السوفيت مسبقًا.[28] بعد ستة أسابيع من المفاوضات، رفض مولوتوف المطالب وأُجّلت المحادثات.[28] كان مارشال محبطًا بشكل خاص بعد لقائه شخصيًا مع ستالين، الذي أبدى القليل من الاهتمام في إيجاد حل للمشاكل الاقتصادية الألمانية.[28] خلصت الولايات المتحدة إلى أن إيجاد حل لم يعد يحتمل الانتظار.[28] في خطاب أُلقي في 5 يونيو 1947، بالانسجام مع مبدأ ترومان، أعلن مارشال عن برنامج شامل للمساعدة الأمريكية لجميع الدول الأوروبية التي ترغب في المشاركة، بما في ذلك الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية، عُرف هذا الخطاب بمشروع مارشال.[28]

خوفًا من الاختراق السياسي والثقافي والاقتصادي الأمريكي، منع ستالين في النهاية دول الكتلة الشرقية السوفيتية المؤسِّسة حديثًا للكومنفورم من قبول مساعدة مشروع مارشال.[28] في تشيكوسلوفاكيا، تطلّب الأمر انقلابًا تشيكوسلوفاكيًا مدعومًا من الاتحاد السوفيتي في عام 1948، صدمت وحشيته القوى الغربية أكثر من أي حدث آخر حتى ذلك الحين وأثارت المخاوف لفترة وجيزة بشأن اندلاع الحرب وأزالت بقايا المعارضة الأخيرة لمشروع مارشال في كونغرس الولايات المتحدة.[29]

انظر أيضًا

مراجع

  1. ^ Odd Arne Westad, The Cold War: A World History (Penguin UK, 2017) pp. 2–7.
  2. ^ Encyclopædia Britannica, German-Soviet Nonaggression Pact, 2008
  3. ^ Text of the Nazi-Soviet Non-Aggression Pact, executed August 23, 1939 نسخة محفوظة 14 نوفمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ Roberts 2006، صفحة 43
  5. ^ أ ب Wettig 2008، صفحة 21
  6. ^ أ ب Senn, Alfred Erich, Lithuania 1940 : revolution from above, Amsterdam, New York, Rodopi, 2007 (ردمك 978-90-420-2225-6)
  7. ^ Kennedy-Pipe, Caroline, Stalin's Cold War, New York: Manchester University Press, 1995, (ردمك 0-7190-4201-1)
  8. ^ Roberts 2006، صفحة 55
  9. ^ Shirer 1990، صفحة 794
  10. ^ Wettig 2008، صفحات 96–100
  11. ^ Curp, David, A Clean Sweep?: The Politics of Ethnic Cleansing in Western Poland, 1945–1960, Boydell & Brewer, 2006, (ردمك 1-58046-238-3), pages 66–69
  12. ^ Tom Buchanan, Europe's Troubled Peace, 1945–2000: 1945–2000, Blackwell Publishing, 2005, (ردمك 0-631-22163-8), Google Print, p.84 نسخة محفوظة 4 أبريل 2017 على موقع واي باك مشين.
  13. ^ A brief history of Poland: Chapter 13: The Post-War Years, 1945–1990 نسخة محفوظة 2011-07-09 على موقع واي باك مشين.. Polonia Today Online. Retrieved on 28 March 2007.
  14. ^ "Poland." Encyclopædia Britannica. 2007. Encyclopædia Britannica Online. Retrieved on 7 April 2007 نسخة محفوظة 3 ديسمبر 2007 على موقع واي باك مشين.[وصلة مكسورة]
  15. ^ أ ب Resis، Albert (1978). "The Churchill-Stalin Secret Percentages Agreement, Moscow October 1944". American Historical Review. University of Chicago Press. DOI:10.2307/1862322. JSTOR:1862322.
  16. ^ Sugar, Peter F., Peter Hanak and Tibor Frank, A History of Hungary, Indiana University Press, 1994, (ردمك 0-253-20867-X), pp. 375–77
  17. ^ Granville, Johanna, The First Domino: International Decision Making during the Hungarian Crisis of 1956, Texas A&M University Press, 2004. (ردمك 1-58544-298-4)
  18. ^ Gati, Charles, Failed Illusions: Moscow, Washington, Budapest, and the 1956 Hungarian Revolt, Stanford University Press, 2006 (ردمك 0-8047-5606-6), pp. 9–12
  19. ^ أ ب Wettig 2008، صفحة 50
  20. ^ Grenville 2005، صفحات 370–71
  21. ^ Grogin 2001، صفحات 134–35
  22. ^ Saxonberg 2001، صفحة 15
  23. ^ أ ب Cook 2001، صفحة 17
  24. ^ Hardt & Kaufman 1995، صفحة 12
  25. ^ Böcker 1998، صفحة 209
  26. ^ John Gimbel "On the Implementation of the Potsdam Agreement: An Essay on U.S. Postwar German Policy" Political Science Quarterly, Vol. 87, No. 2. (Jun., 1972), pp. 242–269. نسخة محفوظة 18 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
  27. ^ Beschloss 2003، صفحة 277
  28. ^ أ ب ت ث ج ح Miller 2000، صفحة 16
  29. ^ Miller 2000، صفحة 19