تأسل

هذه هي النسخة الحالية من هذه الصفحة، وقام بتعديلها عبود السكاف (نقاش | مساهمات) في 17:13، 20 سبتمبر 2023 (استبدال وسائط مستغى عنها في الاستشهاد). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة.

(فرق) → نسخة أقدم | نسخة حالية (فرق) | نسخة أحدث ← (فرق)

التأسّل أو التأثل[1] في علم الأحياء، تعديلاً للبنية الحيوية، بحيث تظهر سمة الأجداد بعد اختفائها من خلال التغيّر التطوّري في الأجيال السابقة.[2] يمكن أن يحدث التأسّل بعدّة طرق؛[3] يكمن أحدها في الحفاظ على الجينات الخاصّة بسمات النمط الظاهري الموجودة سابقًا في الحمض النوويّ DNA، وتجلّيها من خلال طفرة تقضي على جينات السمات الجديدة المهيمنة، أو تجعل الصفات القديمة تطغى على الصفات الجديدة.[2] قد يتغيّر عددٌ من السّمات نتيجةَ تقصير نمو الجنين للسمات (استدامة المرحلة اليرقية) أو بإطالته. في مثل هذه الحالة فإنّه من الممكن أن تسمح النقلة في الوقت (الذي من المفترض أن تتطوّر فيه السمة قبل أن تثبت) أن يؤدّي لظهور نمط ظاهريّ للأسلاف.[4] غالبًا ما يُنظر إلى التأسّل كدليل على التطوّر.[5]

يُعَتبر التأسّل أو الارتداد[6] في العلوم الاجتماعية، ميلاً للارتداد. فعلى سبيل المثال، يعود الأشخاص في العصر الحديث إلى تبنّي طرقاً في التفكير وتصرّفات تنتمي إلى زمن سابق. كلمة التأسل atavism مشتقة من كلمة atavus اللاتينية والتي تعني الجدّ الأكبر، أو بشكلٍ أكثر عموميّة «السلف».

الأحياء

لا تختفي الصفات التطوّريّة (التي اختفت ظاهريّاً) بالضرورة من الحمض النووي DNA للكائن الحي. وغالبًا ما يبقى تسلسل الجينات، لكنّه يكون بحالةٍ غير نشطة. قد يبقى مثل هذا الجين غير المستخدم في الجينوم لعدّة أجيال.[3][7] يمكن أن يؤدي خطأٌ ما في السيطرة الجينيّة الخافية للجين –طالما بقي سليماً- إلى التعبير عنه مرّة أخرى. ويمكن في بعض الأحيان أن يحدث إظهار الجينات الخاملة عن طريق التحفيز الاصطناعيّ.

وقد لوحظ التأسّل عند البشر، كالأطفال الرضّع المولودين بذيول غير وظيفية (تسمى "النتوء العصعصي" أو "البروز العصعصي " أو "اللاحِقَةٌ الذيليّة").[8] يمكن أيضًا رؤية التأسّل عند البشر الذين يملكون أسناناً كبيرة، مثل تلك الموجودة لدى الرئيّسات الأخرى.[9] بالإضافة إلى ذلك، تمّت أيضًا ملاحظة وجود حالات "قلب الأفعى"، (التي تعني ظهور "الدورة الدموية التاجيّة وبنية العضلة القلبية" عند شخصٍ ما بشكلٍ مشابه لتلك الموجودة عند الزاحف").

أمثلة أخرى عن حالات التأسّل التي تمّت ملاحظتها:

  • الأطراف الخلفيّة عند الحيتانيات.[2][10]
  • الأصابع الإضافيّة عند الحصان الحديث.[2][11][12]
  • عودة ظهور الأطراف عند الفقاريّات عديمة الأطراف.[2][5][13]
  • إعادة تطوّر النشاط الجنسيّ من التناسل العذريّ عند القراديات الخنفسيّة.[14]
  • الأسنان عند الدجاج.[15]
  • الزمعة عند الكلاب.[2]
  • عودة ظهور الأجنحة الأماميّة في الحشرات.[16][17][18]
  • ظهور الأجنحة عند الحشرات العصويّة (الشبحيّات) التي لا تملك أجنحة،[19] وعند (أبو مقص).[2]
  • عضلات تأسّليّة في العديد من الطيور،[20][21] والثدييات مثل كلب البيغل،[22] والجربوع.[20]
  • أصابع إضافية عند خنازير غينيا.[2][23]
  • عودة ظهور التكاثر الجنسي في نبتة الينم التي تُعتبر من كاسيات البذور (أو النباتات المزهرة)، وفي عائلة اللّقلق من العثّ.[24]
  • الأقدام المُكَفَّفة عند سمَنْدل المكسيك أو عفريت الماء البالغ.[25]
  • ذيول الإنسان (الذيول غير الزائفة)[26][27] والحلمات الزائدة عنده (وعند غيره من الرئيسات).[2]
  • عمى الألوان عند البشر.[28]

ثقافة

استخدم جوزيف شومبتر مصطلحَ التأسّل أو الارتدادفي تفسيرِ الحرب العالمية الأولى في أوروبا الليبرالية خلال القرن العشرين. دافع شومبترعن نظريّة العلاقات الدوليّة الليبرالية القائلة بأنّ المجتمع الدُوليّ المبنيّ على التّجارة سيتجنب الحرب بسبب التدمير الهائل الناتج عنها وتكلفتها المرتفعة بشكل نسبيّ. وصف جوزيف شومبتر سبب الحرب العالمية الأولى بأنّه «تأسل»، حيث أكّد أنّ الحكومات الهرمة في أوروبا (حكومات الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية الروسية والإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية النمساوية المجريّة) دفعت أوروبا الليبراليّة إلى الحرب، وأنّ الأنظمة الليبرالية للسلطات الأوروبيّة الأخرى لم تشارك في ذلك. استخدم جوزيف هذه الفكرة ليقول أنّ الليبرالية والتجارة ستستمرّان في أن يكون لهما تأثيرٌ مهدّئٌ في العلاقات الدولية، وأنّ الحرب لن تنشأ بين الدول التي تربطها روابط تجاريّة.[29] حدّد الأستاذ بجامعة لندن غاي ستاندنج ثلاث مجموعات فرعيّة متميزة من البريكاريا، أشار إلى واحدة منها باسم «التأسّل atavists»، وهم الذين يتوقون إلى ما يرون أنه ماضٍ ضائع.[30]

داروينية اجتماعية

تم استخدام التأسّل atavism -خلال الفترة الفاصلة بين قبول التطوّر في منتصف القرن التاسع عشر وصعود الفهم الحديث لعلم الوراثة في أوائل القرن العشرين لتفسير ظهور سمة ما عند أحد الأفراد بعد اختفائها لعدّة أجيال، غالبًا ما يطلق عليها «الردّة throw-back». [بحاجة لمصدر] أدّت فكرة إمكانيّة جعل التأسّلات تتراكم بواسطة التكاثر الانتقائي أو التناسل الرجعي*، إلى سلالات مثل سلالة «ماشيةِ هيك Heck cattle» [بحاجة لمصدر] التي نشأت من خلال سلالات قديمة تملك صفاتٍ بدائيّة مختارة في محاولة لإعادة إحياء الأرخص (ثور برى أوروبي) والذي يعتبر صنفاً منقرضاً من الماشية البرّيّة. [بحاجة لمصدر] استخدمت نفس مفاهيم التأسّل من قبل الداروينيين الاجتماعيين، الذين ادّعوا أن الأجناس السفليّة أظهرت سِماتاً تأسّلية، وأنّها تحمل سماتاً بدائيّة أكثر من تلك التي يحملها عرقهم. يتعلّق كلّ من التأسّل ونظرية التلخيص لإرنست هيجل بعمليّة التطوّر، من حيث أنّ التطوّر فيهما يتّجه نحو المزيد من التعقيد والقدرات المتفوّقة.

التناسل الرجعي هو شكل من أشكال الاصطفاء الاصطناعي يعتمد على التكاثر الانتقائي المُتَعمّد للحيوانات الأليفة في محاولة لتحقيق سلالة حيوانيّة ذات نمط ظاهريّ يشبه سَلفها البرّي والذي عادةً ما يكون منقرضاً.

بالإضافة إلى ذلك، فقد شاع مفهومُ التأسّلِ كجزء من التفسير الفرديّ لأسباب الانحراف السلوكيّ الجنائيّ من قبل عالم الجريمة الإيطالي سيزار لومبروسو في سبعينيات القرن التاسع عشر.[31] فقد حاول تحديد الخصائص البدنيّة الجسمانيّة الشائعة للمجرمين ووصف تلك التي وجدها بأنها سمات «رجعيّة» تحدّد السلوك الإجرامي «البدائي». تخلّى المجتمع العلمي منذ فترة طويلة عن الأدلة الإحصائيّة التي قدّمها لومبروسو وفكرة علم تحسين النسل، لكن وبالمقابل فإنّ المفهوم القائل بإمكانيّة تأثير السمات الجسمانيّة على احتمال ظهور السلوك الإجرامي أو غير الأخلاقي لدى الشخص ما زال يتمتع ببعض الدّعم العلمي.[32]

المراجع

  1. ^ Q114972534، ص. 40، QID:Q114972534
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ Brian K. Hall (1984)، "Developmental mechanisms underlying the atavisms"، Biological Reviews، ج. 59، ص. 89–124، DOI:10.1111/j.1469-185x.1984.tb00402.x
  3. ^ أ ب Tomic، Nenad؛ Meyer-Rochow، Victor Benno (2011). "Atavisms - medical, genetic, and evolutionary implications". Perspectives in Biology and Medicine. ج. 54 ع. 3: 332–353. DOI:10.1353/pbm.2011.0034. مؤرشف من الأصل في 2022-09-26.
  4. ^ Held, L. (2009). Quirks of Human Anatomy, an Evo-Devo Look at the Human Body. مطبعة جامعة كامبريدج. ISBN:978-0-521-73233-8.
  5. ^ أ ب Brian K. Hall (1995)، "Atavisms and atavistic mutations"، Nature Genetics، ج. 10، ص. 126–127، DOI:10.1038/ng0695-126، PMID:7663504
  6. ^ Q121079600، ص. 25، QID:Q121079600
  7. ^ Collin، R.؛ Cipriani، R. (2003). "Dollo's law and the re-evolution of shell coiling". Proceedings of the Royal Society B. ج. 270 ع. 1533: 2551–2555. DOI:10.1098/rspb.2003.2517. PMC:1691546. PMID:14728776.
  8. ^ TalkOrigins Archive. "29+ Evidences for Macroevolution: Part 2". مؤرشف من الأصل في 2006-10-29. اطلع عليه بتاريخ 2006-11-08.
  9. ^ "What our tails tell us". Los Angeles Times. 15 فبراير 2007. مؤرشف من الأصل في 2009-03-12. اطلع عليه بتاريخ 2009-03-08.
  10. ^ Hiroko Tabuchi (2006)، Dolphin May Have 'Remains' of Legs، Livescience.com، مؤرشف من الأصل في 2019-12-02
  11. ^ Tyson R، Graham JP، Colahan PT، Berry CR (2004). "Skeletal atavism in a miniature horse". Veterinary Radiology & Ultrasound. ج. 45 ع. 4: 315–7. DOI:10.1111/j.1740-8261.2004.04060.x. PMID:15373256.
  12. ^ Simpson, G. G. (1951)، Horses: The story of the horse family in the modern world and through sixty million years of evolution، Oxford University Press
  13. ^ Raynauad, A. (1977)، Somites and early morphogenesis in reptile limbs. In Vertebrate Limb and Somite Morphogenesis، Cambridge University Press, London، ص. 373–386
  14. ^ Katja Domes؛ وآخرون (2007)، "Reevolution of sexuality breaks Dollo's law"، Proc. Natl. Acad. Sci. U.S.A.، ج. 104، ص. 7139–7144، DOI:10.1073/pnas.0700034104، PMC:1855408، PMID:17438282
  15. ^ Matthew P. Harris؛ وآخرون (2006)، "The Development of Archosaurian First-Generation Teeth in a Chicken Mutant"، Current Biology، ج. 16، ص. 371–377، DOI:10.1016/j.cub.2005.12.047، PMID:16488870
  16. ^ Tergal and pleural structures contribute to the formation of ectopic prothoracic wings in cockroaches، مؤرشف من الأصل في 2019-12-14
  17. ^ Elias-Neto، Moysés؛ Belles، Xavier (2016)، "Tergal and pleural structures contribute to the formation of ectopic prothoracic wings in cockroaches"، Royal Society Open Science، ج. 3، ص. 160347، DOI:10.1098/rsos.160347، PMC:5108966، PMID:27853616
  18. ^ Phylogeny of Higher Taxa in Insecta: Finding Synapomorphies in the Extant Fauna and Separating Them from Homoplasies، مؤرشف من الأصل في 2019-12-14
  19. ^ Michael F. Whiting؛ وآخرون (2003)، "Loss and recovery of wings in stick insects"، Nature، ج. 421، ص. 264–267، DOI:10.1038/nature01313، PMID:12529642
  20. ^ أ ب Robert J. Raikow؛ وآخرون (1979)، "The evolutionary re-establishment of a lost ancestral muscle in the bowerbird assemblage."، Condor، ج. 81، ص. 203–206، DOI:10.2307/1367290، JSTOR:1367290
  21. ^ Robert J. Raikow (1975)، "The evolutionary reappearance of ancestral muscles as developmental anomalies in two species of birds"، Condor، ج. 77، ص. 514–517، DOI:10.2307/1366113، JSTOR:1366113
  22. ^ E. Evansh (1959)، "Hyoid muscle anomalies in the dog (Canis familiaris)"، Anatomical Record، ج. 133، ص. 145–162، DOI:10.1002/ar.1091330204
  23. ^ William E. Castle (1906)، The origin of a polydactylous race of guinea-pigs (ط. 49)، Carnegie Institution of Washington
  24. ^ Domes، K.؛ Norton، R. A.؛ Maraun، M.؛ Scheu، S. (2007). "Reevolution of sexuality breaks Dollo's law". Proceedings of the National Academy of Sciences. ج. 104 ع. 17: 7139–7144. DOI:10.1073/pnas.0700034104. PMC:1855408. PMID:17438282.
  25. ^ Meyer-Rochow، Victor Benno (1989). "A report of webbed feet in a mature axolotl Siredon mexicanum and remarks on webbed feet in Urodela generally". Amphibia-Reptilia. ج. 10: 89–92. DOI:10.1163/156853889x00340.
  26. ^ Nenad Tomić؛ وآخرون (2011)، "Atavisms: Medical, Genetic, and Evolutionary Implications"، Perspectives in Biology and Medicine، ج. 54، ص. 332–353، DOI:10.1353/pbm.2011.0034، PMID:21857125
  27. ^ Anh H. Dao؛ Martin G. Netsky (1984)، "Human tails and pseudotails"، Human Pathology، ج. 15، ص. 449–453، DOI:10.1016/S0046-8177(84)80079-9، PMID:6373560
  28. ^ "How do things look to the color-blind?" (PDF). ميت بريس. ص. 24. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2017-08-13. اطلع عليه بتاريخ 2015-12-16. Most mammals are dichromats, and according to the standard account of the evolution of primate trichromacy, around thirty million years ago gene duplication transformed the single longer-wavelength photopigment of our dichromatic ancestors into two, our current L- and M- photopigments. (For reviews see Jacobs and Rowe 2004 and Surridge et al. 2003.) This added a new red-green opponent channel to the existing yellow-blue channel. On the Reduction View, human red-green dichromacy can accordingly be thought of as something of an atavistic glimpse of our distant evolutionary history. If misperception is widespread among human red-green dichromats, then presumably it also is among the many dichromatic mammals who share versions of the ancient yellow-blue system of color vision.
  29. ^ جوزيف شومبيتر (1969). "Imperialism and Capitalism". Imperialism and Social Classes. Cleveland: The World Publishing Company.
  30. ^ Guy Standing (9 نوفمبر 2016). "Meet the precariat, the new global class fuelling the rise of populism". World Economic Forum. مؤرشف من الأصل في 2019-05-08.
  31. ^ "Lombroso and the pathological perspective can be traced back to the 19th Century following a history of demonic and classical perspectives". Criminology.fsu.edu. 27 نوفمبر 2000. مؤرشف من الأصل في 2013-09-23. اطلع عليه بتاريخ 2013-12-04.
  32. ^ Haselhuhn، M. P.؛ Wong، E. M. (2011). "Bad to the bone: Facial structure predicts unethical behaviour". Proceedings of the Royal Society B. ج. 279 ع. 1728: 571–576. DOI:10.1098/rspb.2011.1193. PMC:3234568. PMID:21733897.