جبل الأكراد

هذه هي النسخة الحالية من هذه الصفحة، وقام بتعديلها عبود السكاف (نقاش | مساهمات) في 14:49، 22 يونيو 2023 (تهذيب). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة.

(فرق) → نسخة أقدم | نسخة حالية (فرق) | نسخة أحدث ← (فرق)

جبل الأكراد (بالكردية: چیای کوردان‏) أو جبل حلب منطقة جبلية في شمال غرب سوريا وجنوب شرق تركيا، وتغطي معظم مساحة منطقة عفرين في محافظة حلب.[1] يحدها من الغرب سهل العمق - في لواء اسكندرون - والنهر الأسود الذي يرسم في تلك المنطقة خط الحدود بين سورية وتركية، ومن الشمال، خط الحديد المار من ميدان أكبس حتى كلس، ومن الشرق سهل أعزاز ومن الجنوب منطقة جبل سمعان. معظم تضاريس المنطقة جبلية متوسطة الارتفاع (700 - 1269 م)، وأعلى قمة فيها الجبل الكبير الذي يعد جزءا من سلسة جبال طوروس. يبلغ عرض سلسلة جبل الأكراد من الشرق إلى الغرب 55 كم وطولها من الشمال إلى الجنوب 75 كم، وهكذا تساوي مساحتها حوالي 3850 كم2 أي ما يعادل 2% من مساحة سورية.

جبل الأكراد
لقطة لتلال الزيتون في جبل الأكراد

عقب الحرب العالمية الأولى وتبعاتها من سقوط وتقسيم الدولة العثمانية التي كانت تسيطر على عموم الأراضي من الأناضول إلى البحر الأحمر، رُسّمت حدود الانتداب الفرنسي على سوريا، وقُسمت منطقة جبل الأكراد إلى قسمين، قسم شمالي ضم إلى تركيا، وقسم جنوبي ظل ضمن دائرة النفوذ الفرنسي. وكان قضاء «كرد طاغ» إحدى أقضية دولة حلب التي دامت لمدة خمس سنوات، ليصبح لاحقا ضمن الحدود الإداريَّة لمحافظة حلب وعرف باسم منطقة عفرين.[2][3]

التسمية والحدود

يُعرف جبل الأكراد محليًا باسم «جبل الكرمانج» نسبةً إلى اسم اللهجة المنطوقة في المنطقة والمسماة الكرمانجية، وهو اسم إحدى لهجات اللغة الكرديَّة والمشتقة من اسم «كورمانج» المذكور في النصوص التاريخيَّة في فترة ما قبل الميلاد على شكل «كوردماد»، والمشار به إلى قبائل قديمة.[4][5][6]

وردَ ذكر الجبل تاريخيًّا تحت مُسَمى «جبل الأكراد»، ومع ظهور الدولة العثمانيَّة تُرجم الاسم إلى اللغة التركية العثمانية واصبح «كرد داغ» بمعنى «جبل الأكراد» اشتقاقًا من كلمة داغ - Dağ التركية التي تعني «جبل»، واستخدم بتلك الصيغة في الوثائق العثمانية الرسمية، وبقيت تسمية كرد داغ في التداول الرسمي في العهد الفرنسي حتى نهاية العقد الأول من استقلال سوريا، إلى ان ترجمتها السلطات السورية إلى «جبل الأكراد» أو «جبل الكرد». ومع ذلك في سنوات الوحدة بين مصر وسوريا أزيل اسم الأكراد من اسم المنطقة وأصبحت تعرف بمنطقة عفرين. وفي عام 1977، اطلقت السلطات السورية على الجبل اسم «جبل العروبة» وفقًا للمرسوم 15801 الذي حظر أسماء الكردية، ومن ثم سُمي «جبل حلب» وبقيت تسمية جبل الكرد متداولة في الكتب المدرسية كتسمية جغرافية.[7][8]

 
جبل الأكراد «كرد طاغى» ومحيطه على خريطة لولاية حلب العثمانيَّة

جاء في كتاب ذكرياتي عن بلاد ألف ليلة وليلة مابين سنوات 1548-1556:[9][10]

«أنه وبحكم مهنتي في استيراد الحرير كنت أسافر إلى كلس وعنتاب واعزاز وجبل الأكراد وما إليها.» – ذكرياتي عن بلاد ألف ليلة وليلة للملحق التجاري الفرنسي في حلب.

وجاء في كتاب قسطنطين بازيلي، حول أحداث نهاية احتلال ابراهيم باشا لمناطق جبل الأكراد:[11]

«عندئذ تحركت القبائل الجبلية في مناطق طوروس الجنوبية واخدت تنحدر جماعات من كرد داغ..» – سورية وفلسطين تحت الحكم العثماني، قسطنطين بازيلي، 1861.

وجاء في كتاب سمير الليالي لمحمد أمين صوفي السكري الطرابلسي:[12]

«وطول هذا النهر ٣٥٠ كيلو متر ومن انهارها نهر الاسود (قره صو) اصل منبعه من جبل بركت وينصب في بحيرة العمق ومنها (نهر عفرين) يخرج من جبل الكرد وينصب في البحيرة الآنفة الذكر.» – محمد أمين صوفي، 1895.

التقسيم الإداري والشعبي

تقسم منطقة عفرين إلى سبع نواحٍ إداريةٍ هيَ: عفرين المركز وجنديرس ومعبطلي وشيخ الحديد وراجو وبلبل وشران. وإلى ثمانٍ نواحٍ حسب التوزيع العشائريِّ  القديم على الشكل التالي: «شكاكا» في الشمال الشرقي، «بيا» في الشمال، «شيخان» في الشمال الغربي، «حَشتيا» و«خاسْتيا» في الجنوب الغربي، «جومه» في الجنوب، «شيرَاوا» و«روباري» في الجنوب الشرقي على جبل ليلون، «آمكا» في الوسط وتشمل قُرَاهَا جبل هاوار ومحيطه.[4]

 
نواحي منطقة عفرين الإدارية

الجغرافيا

يقع جبل الأكراد على الجانب الشمالي من الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وفي الزاوية الشمالية الغربية من منطقة الهلال الخصيب، ويرتبط بسلاسل جبال طوروس حيث يعتبر إحدى نهاياتها الجنوبية الغربية. وتبدأ مرتفعاته من غربي مدينة ديلوك القديمة في تركيا،^ ثم تأخذ اتجاهًا جنوبيًا غربيًا بانحراف نحو 30-40 درجة، وتمتد لمسافة تقدر بنحو 100 كم وتنتهي آخر مرتفعاتها في الجنوب الغربي، وتحديدا غربي بلدة جنديرس بنحو 9 كم. ويتراوح عرض مرتفعاتها مابين 25 و45 كم.[7]

 
خريطة امتداد منطقة جبل الأكراد «Kurd Dagh».

القسم السوري

يقع الجزء الواقع في سوريا من جبل الأكراد في أقصى الزاوية الشمالية الغربية من الخارطة السورية بين خطي طول °36.33 و°37 شرقاً، وبين دائرتي عرض °36.20 و°36.50 شمالاً، ويغطي منطقة عفرين. ويفصل جبل الكرد عن جبال الأمانوس بسهل ليچه، وأقرب نقطة للمنطقة من البحر المتوسط هي قرية قرة متلق غربي بلدة شيخ الحديد، وتبعد عن مدينة وميناء الإسكندرونة مسافة 38 كم كخط أفق.[7]

الخصائص الزلزالية

تقع منطقة جبل الكرد في أقصى الزاوية الشمالية الغربية من الصفيحة العربية، وتشكل جزءا من الحافة الشرقية العليا لفالق انهدام البحر الميت. وقع زلزال في شمالي حلب في يوم 13 آب/أغسطس عام 1822م، بلغت شدته حوالي 7.3 درجة على مقياس ريختر، وكان مركزه جبل الأكراد. وحدث زلزال آخر في عام 1872م، وكان مركزه على الحدود الجنوبية لمنطقة عفرين.[13][7]

الثروات الباطنية

تتمتع منطقة جبل الأكراد بثروة باطنية غنية من الحديد بالإضافة إلى النفط والفوسفات والسجيل الزيتي والرخام والكروم والأسبست والنحاس. وقد عرف وجود الحديد في منطقة شمال حلب منذ العهد الأيوبي، وعثر على خبث الحديد بجوار قرى حاج خليل وسوركه والشديان في ناحية راجو.[7]

الحياة البريّة

تعيش هذه الحيوانات في منطقة جبل الأكراد: الضبع، والذئب، والثعلب، وأبن آوى، والقط البري، والأرنب، والقنفذ، والخلد، والجرذ، والفأر، والخفاش، وأنواع عديدة من العصافير والحمام البري، والحجل، والبلبل، وسوسة الخشب، والطيور البحرية، والباشق، والغراب، والسنونو، واللقلق، والزرزور، والبط، والأفعى، والسلحفاة. وقديما كانت تعيش أسماك السلور في معظم ينابيع سهل جومه.[7]

المناخ[14]

يقع جبل الأكراد في نطاق المنطقة المعتدلة الحارة ويتمتع بمناخ متوسطي شبه جاف وشبه رطب، مع صيف حار وشتاء بارد. وتصل أهم المنخفضات المطرية إلى نواحي جبلي الأكراد وسمعان عبر النافذة المناخية في خليج السويدية، وممر بيلان في الجنوب الغربي.

الحرارة

يبلغ أدنى معدل عام لدرجة الحرارة في منطقة عفرين في شهر كانون الثاني - يناير بنحو 3.9 °م، ويبلغ متوسط درجة الحرارة في فصل الشتاء 16.3 °م. بينما يبلغ أعلى معدل لدرجة الحرارة في شهر آب - أغسطس ويبلغ معدلها العام في الصيف 32.3 °م.

جدول متوسط المعدلات السنوية لدرجات الحرارة في المحطات المناخية داخل منطقة عفرين في النصف الثاني من القرن العشرين:
المحطة المناخية متوسط درجة الحرارة في الشتاء متوسط درجة الحرارة في الصيف
ميدان أكبس 4 33
بلبل 3.6 33.2
عفرين 3.2 32
معبطلي 3.7 33.5
راجو 4 32.5
شيخ الحديد 4.3 33

الرطوبة

بلغ متوسط الرطوبة خلال النصف الثاني من القرن العشرين في منطقة عفرين 62%، وكانت أعلاها 78% في شهري كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير، وأدناها 49% في حزيران/يونيو وتموز/يوليو.

الرياح

تهب رياح شمالية غربية بسرعات معتدلة على منطقة عفرين في الصيف اعتبارا من شهر أيار/مايو إلى شهر آب/أغسطس. وفي الشتاء تتعرض المنطقة إلى الهواء البارد القادم من أوروبا الشمالية، وعادة ما تأتي في النصف الثاني من فصل الشتاء، مصحوبة بالبرق والأمطار الغزيرة، والثلوج أحيانا. وتتعرض إلى هواء شديد البرودة قادم من سيبيريا، وبالتالي يتسبب في حدوث الانقلاب الحراري في جبل الأكراد، حيث تصل درجة حرارة الهواء القريب من سطح الأرض إلى درجات قياسية من الانخفاض، فتلحق أضرارا كبيرة في الزراعة. وقد حدث مثل هذا الانقلاب أربع مرات في النصف الثاني من القرن العشرين. ففي عام 1989 أتلفت عشرات الآلاف من أشجار الزيتون والرمان في سهل جومه. وألحق في عام 1997 اضرارا جسيمة بنحو 3.5 مليون شجرة زيتون في منطقة عفرين.

التهطال

تندرج منطقة عفرين ضمن مناطق الاستقرار الأولى في سوريا فئة "ب". ويبلغ متوسط الأمطار السنوية فيها 546.6 ملم، وتعتبر والمنخفضات الجوية القادمة من البحر المتوسط هي المصدر الرئيسي لأمطارها. يبدأ هطول الأمطار من شهر أيلول/سبتمبر ويصل إلى ذروته في شهر كانون الثاني/يناير. وعادة ما تكون أمطار الخريف والربيع رعدية.

متوسط المعدل السنوي للأمطار في المنطقة خلال النصف الثاني من القرن العشرين:
المحطة المناخية المعدل السنوي للمطر
ميدان أكبس 648 ملم
بلبل 585 ملم
عفرين 455 ملم
معبطلي 655 ملم
راجو 615 ملم
شيخ الحديد 630 ملم

على الرغم من تساقط الثلوج عادة على المرتفعات الجبلية في شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير، إلا أنه في عام 1998 تساقطت في 28 آذار/مارس، وفي عام 2000 تساقطت في 23 تشرين الأول/أكتوبر. وفي شتاء 1911/1910 تساقطت الثلوج بغزارة، ابتداءً من يوم 30 كانون الأول/ديسمبر حتى العاشر من شباط/فبراير، وسمي ثلجة الأربعين «Çel Berfê»، أو ثلج الأسود «Berfa Reş»، أو الثلج العميق «Berfa Kûr». وتجمدت حينها صفحة نهر عفرين.

يتساقط البرد في الخريف والربيع، ويلحق أضرارًا جسيمة في الأشجار المثمرة والمزروعات. كما يتشكل الضباب في ساعات الصباح.

الديمغرافيا

تعداد السكان

إحصاء عام 1892

بلغ عدد سكان القرى التي تقع حاليا ضمن الحدود الإدارية لمنطقة عفرين 23٫682 نسمة من إجمالي عدد السكان البالغ 72٫066 نسمة في إحصاء سكان قضاء كلس سنة 1310 هـ - 1892م.[3]

إحصاء عام 1922

بلغ عدد سكان قضاء كرد طاغ في إحصاء سكان دولة حلب سنة 1340 هـ - 1922م 21٫823 نسمة.[3]

عدد سكان قضاء كرد طاغ عام 1922
الفئة الذكور الإناث المجموع
النسمة 10٫434 11٫389 21٫823

إحصاء عام 1932

بلغ العدد التقريبي لعدد سكان قضاء كرد طاغ نحو 43 ألف نسمة حسب الإحصاء الفرنسي سنة 1932، والذي أجري عن طريق المخاتير والزعماء المحليين.[4]

إحصاء عام 1994[7]

عدد سكان منطقة عفرين عام 1994
الناحية مركز الناحية قرى الناحية المجموع
عفرين 28٫698 53٫428 82٫126
شران 687 13٫048 13٫735
بلبل 2٫031 13٫753 15٫784
راجو 1٫536 21٫428 22٫964
شيخ الحديد 2٫846 9٫153 11٫999
معبطلي 1٫974 12٫337 14٫311
جنديرس 10٫414 19٫495 29٫909
المجموع 48٫186 142٫642 190٫828
عدد سكان منطقة عفرين بموجب قيود السجل المدني لنهاية عام 1994
الناحية ذكور إناث المجموع
عفرين 51٫699 52٫199 103٫898
شران 20٫389 20٫580 40٫969
بلبل 20٫062 19٫910 39٫972
راجو 28٫488 27٫975 56٫463
شيخ الحديد 11٫830 11٫830 23٫714
جنديرس 23٫425 23٫933 47٫358
معبطلي 21٫647 21٫545 43٫192
المجموع 177٫388 178٫178 355٫566

إحصاء عام 2001[7]

عدد سكان منطقة عفرين بموجب قيود السجل المدني لنهاية عام 2001
الناحية ذكور إناث المجموع
عفرين 61٫707 62٫024 123٫731
شران 23٫914 23٫989 47٫903
بلبل 23٫279 23٫323 46٫602
راجو 33٫009 32٫352 65٫361
شيخ الحديد 13٫745 13٫748 27٫493
جنديرس 28٫052 28٫453 56٫505
معبطلي 25٫017 24٫642 49٫659
المجموع 208٫723 208٫531 417٫254

إحصاء عامي 2004 - 2005[15]

عدد سكان منطقة عفرين حسب إحصاء عام 2004
اسم الناحية ذكور إناث عدد السكان
عفرين 32٫798 31٫960 64٫758
شران 6٫658 6٫974 13٫632
بلبل 6٫202 6٫371 12٫573
راجو 11٫136 10٫819 21٫955
شيخ الحديد 7٫014 6٫857 13٫871
جنديرس 16٫780 16٫167 32٫947
معبطلي 6٫128 6٫231 12٫359
المجموع 86٫716 85٫379 172٫095
عدد سكان المسجلين من منطقة عفرين في سجلات الأحوال المدنية لنهاية عام 2005
الناحية ذكور إناث المجموع
عفرين 68٫239 68٫634 136٫873
شران 26٫066 26٫155 52٫221
بلبل 25٫859 25٫869 51٫728
راجو 35٫873 35٫169 71٫042
شيخ الحديد 15٫174 15٫176 30٫350
جنديرس 32٫084 31٫317 63٫401
معبطلي 27٫326 26٫909 54٫235
المجموع 230٫621 229٫229 459٫850

الهجرة

بلغت نسبة الهجرة من قرى منطقة عفرين 70.06%، فيما بلغت النسبة الإجمالية للتحولات السكانية في البلدات 23.146%، والنسبة العامة للهجرة إلى خارج المنطقة 61.121%. وتنقسم الهجرات بين هجرة محلية من قرى نحو بلدات منطقة عفرين، وهجرة داخلية في الداخل السوري وعادة ما تكون صوب مدينتي حلب ودمشق، وهجرة خارجية نحو دول أوروبا، والتي بدأت منذ بداية عقد الستينات من القرن العشرين لأسباب دراسية وسياسية.[4]

التحولات السكانية لثلاث إحصاءات رسمية
عام تعداد السجل المدني

لسكان منطقة عفرين

التعداد العام للسكان

لمنطقة عفرين

الفارق النسبة المئوية لمن

يقيم خارج المنطقة

1981 232٫004 133٫319 98٫685 %42.5
1994 355٫566 190٫828 164٫738 %46.33
2004 446٫293 172٫095 274٫198 %61.43
نسب التحولات السكانية لقرى منطقة عفرين
قرى الناحية شران بلبل معبطلي راجو عفرين جنديرس شيخ الحديد
النسبة المئوية للهجرة % 77.27 75.68 74.69 71.55 67.06 62.61 56.12
نسب التحولات السكانية للمدن والبلدات في منطقة عفرين
قرى الناحية معبطلي بلبل شيخ الحديد راجو عفرين شران جنديرس
النسبة المئوية للهجرة % 73.85 62.06 47.03 22.72 20.60 11.32 34.07

المناخ والاقتصاد

لقرب منطقة جبل الأكراد من البحر يعتبر مناخها متوسطيا، حيث أنه حار صيفا وبارد شتاء والأمطار غزيرة نسبيا (حوالي 400-500 ملم) وتهطل الثلوج أحيانا؛ لهذا تعتبر منطقة خصبة ونموذجية للزراعات المتوسطية. فالمناخ المتوسطي، ووجود الوديان والسهول والجبال وخصوبة التربة ووفرة المياه في منطقة عفرين جعلها مناسبة لكل الزراعات المتوسطية. حيث تزرع الحبوب (قمح، عدس، شعير) والخضار بأنواعها والقطن والشوندر السكري والتفاحيات والعنب والكاكي والرمان. أما الزراعة الرئيسية التي تشتهر بها منطقة عفرين وتعتبر رمزا لها فهي الزيتـون الذي يزرع في كل أنحاء وقرى المنطقة دون استثناء، ويفوق عدد أشجارها الثلاثة عشر مليون شجرة. كما تتميز المنطقة بوجود غطاء حراجي طبيعي وصناعي غرس من قبل الدولة كثيف وكبير نسبيا، ويعد الأكبر في محافظة حلب. والأشجار الحراجية في معظمها صنوبرية إلى جانب السرو. وهذا الغطاء الحراجي يستفاد منه في استخراج الأخشاب وإنتاج البذور من أشجار الصنوبرالمثمرة. كما يمكن الاستفادة من هذه الحراج في تنشيط السياحة. أما تربية الحيوان ولاسيما الماشية فإنها تراجعت كثيرا ولا تلعب دورا يذكر في حياة المنطقة الاقتصادية، وذلك لفقدان المراعي واستقرار السكان في قراهم منذ زمن طويل، فلا وجود لقطعان الماشية. ولكن توجد بعض الأسر التي تربي عددا محدودا من الماعز أو الغنم التي إنتاجها بالكاد يفي بحاجة الأسرة ذاتها. أما الصنـاعة ولا سيما الحديثة منها، فانها غريبة عن منطقة عفرين، فلا نجد في عفرين غير صناعة السجاد اليدوي التقليدية، واستخراج زيت الزيتون وصناعة الصابون والبيرين وهذه تعتمد على زراعة الزيتون وتتأثر به. كذلك التجارة ليست بأفضل من الصناعة، فهي ضعيفة غير نشطة رغم غنى المنطقة بالزراعات المختلفة وقربها وعلاقاتها الكثيرة مع مدينة حلب وتجارها. فخبرة السكان التجارية ضعيفة رغم أن سوق عفرين الأسبوعي المشهور الذي ينظم كل يوم أربعاء.

الحيــاة الاجتماعية

في القرن التاسع عشر توطدت السلطة المركزية في الدولة العثمانية وترسخت على حساب الحكم الذاتي المحلي. مما أدى إلى زوال الزعامات التقليدية المحلية وظهور طبقة ارستقراطية جديدة تشكلت من ملاّكي الأرض الكبار - الاقطاعيين. وبالتالي فقدت الزعامات القديمة سلطتها ونفوذها مفسحة المجال للزعامات الجديدة. فبعد أن كان الزعيم يستمد سلطته ونفوذه سابقا من العلاقات الاجتماعية (العشيرة، الأسرة) أصبح يستمدها من قوته الاقتصادية، ومن اتساع رقعة الأرض التي يملكها. وبعد أن كان الولاء للعشيرة وشيخها، أصبح للأرض ومالكها الإقطاعي، فلم يعد الفلاح مرتبطا بعشيرة أو زعيم معين، وانما بالأرض التي يعمل فيها وبالاقطاعي - الآغـا المالك.[بحاجة لمصدر] وهكذا تطورت العلاقة والبنية الاجتماعية في جبل الأكراد، وتحولت من العشائرية إلى الإقطاعية. واستمر الوضع على هذا النحو حتى بداية ستينات القرن العشرين، حيث بدأ بعدها الزعماء الاقطاعيون يفقدون سلطتهم ونفوذهم تدريجيا بعد تفكك وتفتت الإقطاعات القديمة الكبيرة نتيجة التقسيم بين الورثة أو بيع أجزاء منها.

المصادر

  1. ^ Açikyildiz، Birgül (23 ديسمبر 2014). The Yezidis: The History of a Community, Culture and Religion. London, UK: I.B. Tauris. ص. 63. ISBN:1848852746. مؤرشف من الأصل في 2017-10-18.
  2. ^ Helmreich، Paul C. (1974). From Paris to Sèvres: the partition of the Ottoman Empire at the Peace Conference of 1919-1920. Internet Archive. Columbus, Ohio State University Press. ISBN:978-0-8142-0170-1.
  3. ^ أ ب ت كامل بن حسين بن محمد بن مصطفى البالي الحلبي، الشهير بالغزي. نهر الذهب في تاريخ حلب (ط. الثانية، 1419 هـ). دار القلم، حلب. ص. 258 ج2.
  4. ^ أ ب ت ث جبال الكرد: دراسة جغرافية شاملة، د. محمد عبدو علي، ص. 146.
  5. ^ صلاح، سعد الله، (1985). حول اللغة الكردية. دار الجاحظ. مؤرشف من الأصل في 2023-06-13.
  6. ^ محفوظ، عقيل؛ السياسات، المركز العربي للأبحاث ودراسة (1 يناير 2013). الأكراد واللغة والسياسة: دراسة في البنى اللغوية وسياسات الهوية. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. ISBN:978-9953-0-2824-8. مؤرشف من الأصل في 2023-06-13.
  7. ^ أ ب ت ث ج ح خ د جبال الكرد: دراسة جغرافية شاملة، د. محمد عبدو علي.
  8. ^ "State policies and military actions continue to threaten further displacement" (PDF). Relief Web. ص. 7. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2023-04-03. اطلع عليه بتاريخ 2020-07-20.
  9. ^ ذكرياتي عن بلاد ألف ليلة وليلة، نسخة مطبوعة في مدينة ليون الفرنسية سنة 1665.
  10. ^ موسوعة حلب المقارنة، خير الدين الأسدي، ج. 3 ص. 240
  11. ^ سورية وفلسطين تحت الحكم العثماني، قسطنطين بازيلي، ص. 186
  12. ^ "كتاب سمير الليالي". libraries.aub.edu.lb. مؤرشف من الأصل في 2023-06-13. اطلع عليه بتاريخ 2023-06-09.
  13. ^ علي، محمد بن عبد الرزاق بن محمد/كرد (1 يناير 2021). خطط الشام (التاريخ السياسي والمدني في القطر الشامي) 1-2 ج2. Dar Al Kotob Al Ilmiyah دار الكتب العلمية. مؤرشف من الأصل في 2023-06-13.
  14. ^ د. علي موسى. المناخ في سوريا (ط. مطبعة الحجاز). دمشق.
  15. ^ "نتائج التعداد العام للسكان والمنشآت 2004". المكتب المركزي للإحصاء. مؤرشف من الأصل في 2018-10-04. اطلع عليه بتاريخ 2015-11-21.