الفتح الإسلامي للمغرب: الفرق بين النسختين

لا يوجد ملخص تحرير
ط (استبدال قوالب (بداية قصيدة، بيت ، شطر، نهاية قصيدة) -> أبيات)
 
لا ملخص تعديل
 
(1 مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
سطر 99: سطر 99:
وعندما أصبحت المسيحيَّة الديانة الرسميَّة للإمبراطوريَّة أيَّام [[قسطنطين العظيم|قُسطنطين الأوَّل]]، وقف هذا الأخير ضدَّ الدوناتيَّة واعتبرهم خارجين عن القانون. وترتَّب على تحالف الإدارة والكنيسة ضدَّ المذهب الدوناتي أن أصبح المذهب رمز المُقاومة الشعبيَّة، وازداد انتشاره بِزيادة انتشار الفقر والبُؤس بين الأهالي الذين ثاروا ضدَّ الحُكومة والطبقة الغنيَّة، ودعوا إلى المُساواة. وحاولت الحُكومة مُجادلة أصحاب هذا المذهب، فكان القدِّيس [[أوغسطينوس|أوغسطين]] ألد أعدائه، حيثُ شهَّر به وهاجم أساليبه العنيفة، وأباح للدولة استعمال العنف ضدَّ أصحاب هذا المذهب لِكسر شوكتهم وإعادتهم إلى حظيرة الكنيسة النيقيَّة. لكنَّ النتيجة جاءت عكسيَّة، إذ تحالف الكادحون والفُقراء مع الدوناتيَّة، واستمرَّ الصراع إلى وفاة دونات سنة [[355]]م، واتخذ شكل الثورة الوطنيَّة في طرابُلس ونوميديا إلى سنة [[375]]م.<ref group="ْ">Julien, C.A. (1931) ''Histoire de l'Afrique du Nord, vol. 1 - Des origines a la conquête arabe'', 1961 edition, Paris: Payot. p: 347 - 348</ref> وبعد وفاة دونات استمرَّ أوغسطين في مُحاربة المُنشقين عن الكنيسة الوطنيَّة و[[هرطقة|الهراطقة]] حتَّى انتصرت الكنيسة الإفريقيَّة على أعدائها، على أنَّ الدوناتيَّة استمرَّت بعض جماعاتها إلى [[القرن 6|القرن السَّادس الميلاديّ]]. وعندما وقعت بلادُ المغرب تحت حُكم قبائل الوندال الجرمانيَّة، ابتدأ فصلٌ جديد من فُصول الصراع الدينيّ، فقد فرض الوندال على الناس مذهبهم [[آريوسية|الآريوسي]] الذي يقول بطبيعة المسيح البشريَّة، واضطهدوا النصارى النيقيين وصادروا أملاك الكنيسة وأموالها وحوَّلوها إلى الآريوسيين.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[المسعودي|أبو الحسن عليّ بن الحُسين بن عليّ]]|مؤلف2= تحقيق: [[أسعد خليل داغر|أسعد داغر]]|عنوان= مروج الذهب ومعادن الجوهر (الجُزء الأوَّل)|طبعة= الأولى|صفحة= 318|سنة= [[1409 هـ|1409هـ]]|ناشر= دار الهجرة|مكان= [[قم|قُم]] - [[إيران]]}}</ref>
وعندما أصبحت المسيحيَّة الديانة الرسميَّة للإمبراطوريَّة أيَّام [[قسطنطين العظيم|قُسطنطين الأوَّل]]، وقف هذا الأخير ضدَّ الدوناتيَّة واعتبرهم خارجين عن القانون. وترتَّب على تحالف الإدارة والكنيسة ضدَّ المذهب الدوناتي أن أصبح المذهب رمز المُقاومة الشعبيَّة، وازداد انتشاره بِزيادة انتشار الفقر والبُؤس بين الأهالي الذين ثاروا ضدَّ الحُكومة والطبقة الغنيَّة، ودعوا إلى المُساواة. وحاولت الحُكومة مُجادلة أصحاب هذا المذهب، فكان القدِّيس [[أوغسطينوس|أوغسطين]] ألد أعدائه، حيثُ شهَّر به وهاجم أساليبه العنيفة، وأباح للدولة استعمال العنف ضدَّ أصحاب هذا المذهب لِكسر شوكتهم وإعادتهم إلى حظيرة الكنيسة النيقيَّة. لكنَّ النتيجة جاءت عكسيَّة، إذ تحالف الكادحون والفُقراء مع الدوناتيَّة، واستمرَّ الصراع إلى وفاة دونات سنة [[355]]م، واتخذ شكل الثورة الوطنيَّة في طرابُلس ونوميديا إلى سنة [[375]]م.<ref group="ْ">Julien, C.A. (1931) ''Histoire de l'Afrique du Nord, vol. 1 - Des origines a la conquête arabe'', 1961 edition, Paris: Payot. p: 347 - 348</ref> وبعد وفاة دونات استمرَّ أوغسطين في مُحاربة المُنشقين عن الكنيسة الوطنيَّة و[[هرطقة|الهراطقة]] حتَّى انتصرت الكنيسة الإفريقيَّة على أعدائها، على أنَّ الدوناتيَّة استمرَّت بعض جماعاتها إلى [[القرن 6|القرن السَّادس الميلاديّ]]. وعندما وقعت بلادُ المغرب تحت حُكم قبائل الوندال الجرمانيَّة، ابتدأ فصلٌ جديد من فُصول الصراع الدينيّ، فقد فرض الوندال على الناس مذهبهم [[آريوسية|الآريوسي]] الذي يقول بطبيعة المسيح البشريَّة، واضطهدوا النصارى النيقيين وصادروا أملاك الكنيسة وأموالها وحوَّلوها إلى الآريوسيين.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[المسعودي|أبو الحسن عليّ بن الحُسين بن عليّ]]|مؤلف2= تحقيق: [[أسعد خليل داغر|أسعد داغر]]|عنوان= مروج الذهب ومعادن الجوهر (الجُزء الأوَّل)|طبعة= الأولى|صفحة= 318|سنة= [[1409 هـ|1409هـ]]|ناشر= دار الهجرة|مكان= [[قم|قُم]] - [[إيران]]}}</ref>


ولمَّا استعاد الروم البلاد المغربيَّة من الوندال، أخذت الدولة تعمل على حسم الخلافات الدينيَّة، فاستعاد البيزنطيّون الكنائس المُغتصبة، وثأروا من الآريوسيين أشد الثأر، واضطهدوا الدوناتيَّة وكذلك اليهود،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= بينز، نورمان|مؤلف2= ترجمة: د. [[حسين مؤنس|حُسين مُؤنس]] |عنوان= الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة|صفحة= 107|سنة= [[1950]]|ناشر= لجنة التأليف والترجمة والنشر|تاريخ الوصول= [[27 ديسمبر|27 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2015]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار = http://www.mediafire.com/view/sdegbucsamxaiin/الإمبراطورية+البيزنطية+-+د.حسين+مؤنس+EgyClassics.com.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200710205956/http://www.mediafire.com/error.php?errno=320&origin=download | تاريخ أرشيف = 10 يوليو 2020 }}</ref> ولكنَّ ذلك لم يمنع انتشار مذاهب جديدة مثل [[نسطورية|النسطوريَّة]] القائلة بِثُنائيَّة طبيعة المسيح: [[الله الآب|الإلهيَّة]] و[[الله الابن|الإنسانيَّة]]. ولم تنتهِ مشاكل المسيحيَّة عند هذا الحد، إذ انقسم [[مونوفيزية|اليعاقبة أصحاب مذهب الطبيعة الواحدة]]، وهو المذهب الرسمي للإمبراطوريَّة البيزنطيَّة على أنفُسهم، وتدخلت الإمبراطورة [[ثيودورا (القرن السادس)|ثُيودورا]] زوجة جُستنيان في سبيل المُحافظة على وحدة الكنيسة،<ref group="ْ">{{استشهاد ويب|مسار=https://www.thoughtco.com/empress-theodora-facts-3529665 |عنوان=Theodora – Byzantine Empress |ناشر=[[دوت داش|أبوت.كوم]] |تاريخ الوصول=11 April 2008| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20080707072515/http://womenshistory.about.com/library/bio/blbio_theodora.htm | تاريخ أرشيف = 7 يوليو 2008 }}</ref> وقامت بِإجراءاتٍ كان من نتيجتها ثورة أهل إفريقية الذين احتجوا على الإمبراطور في القُسطنطينيَّة والبابا في روما. واستخدم جُستنيان ضدَّهم العنف والإرهاب مما عمل على اتساع الهُوَّة بين الإمبراطوريَّة وإفريقية.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= عبدُ الحميد، سعد زغلول|عنوان= تاريخ المغرب العربي: ليبيا وتُونُس والجزائر والمغرب من الفتح العربي حتَّى قيام دول الأغالبة والرُستميين والأدارسة|صفحة= 72|ناشر= دار المعارف|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref>
ولمَّا استعاد الروم البلاد المغربيَّة من الوندال، أخذت الدولة تعمل على حسم الخلافات الدينيَّة، فاستعاد البيزنطيّون الكنائس المُغتصبة، وثأروا من الآريوسيين أشد الثأر، واضطهدوا الدوناتيَّة وكذلك اليهود،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= بينز، نورمان|مؤلف2= ترجمة: د. [[حسين مؤنس|حُسين مُؤنس]] |عنوان= الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة|صفحة= 107|سنة= [[1950]]|ناشر= لجنة التأليف والترجمة والنشر|تاريخ الوصول= [[27 ديسمبر|27 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2015]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار = http://www.mediafire.com/view/sdegbucsamxaiin/الإمبراطورية+البيزنطية+-+د.حسين+مؤنس+EgyClassics.com.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200710205956/http://www.mediafire.com/error.php?errno=320&origin=download | تاريخ أرشيف = 10 يوليو 2020 }}</ref> ولكنَّ ذلك لم يمنع انتشار مذاهب جديدة مثل [[نسطورية|النسطوريَّة]] القائلة بِثُنائيَّة طبيعة المسيح: [[الله الآب|الإلهيَّة]] و[[الله الابن|الإنسانيَّة]]. ولم تنتهِ مشاكل المسيحيَّة عند هذا الحد، إذ انقسم [[مونوفيزية|اليعاقبة أصحاب مذهب الطبيعة الواحدة]]، وهو المذهب الرسمي للإمبراطوريَّة البيزنطيَّة على أنفُسهم، وتدخلت الإمبراطورة [[ثيودورا (القرن السادس)|ثُيودورا]] زوجة جُستنيان في سبيل المُحافظة على وحدة الكنيسة،<ref group="ْ">{{استشهاد ويب|مسار=https://www.thoughtco.com/empress-theodora-facts-3529665 |عنوان=Theodora – Byzantine Empress |ناشر=[[دوت داش|أبوت.كوم]] |تاريخ الوصول=11 April 2008}}</ref> وقامت بِإجراءاتٍ كان من نتيجتها ثورة أهل إفريقية الذين احتجوا على الإمبراطور في القُسطنطينيَّة والبابا في روما. واستخدم جُستنيان ضدَّهم العنف والإرهاب مما عمل على اتساع الهُوَّة بين الإمبراطوريَّة وإفريقية.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= عبدُ الحميد، سعد زغلول|عنوان= تاريخ المغرب العربي: ليبيا وتُونُس والجزائر والمغرب من الفتح العربي حتَّى قيام دول الأغالبة والرُستميين والأدارسة|صفحة= 72|ناشر= دار المعارف|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref>


وخِلال هذه الفترة عاود المذهب الدوناتي الظُهور بعد أن انتشرت المفاسد بين رجال الكنيسة [[رشوة|كالرشوة]] وقلَّة الانتظام و[[حسد|التحاسد]]. ومع مطلع [[القرن 7|القرن السابع الميلاديّ]] ونتيجةً لِقيام إفريقية بِدورٍ هام في سياسة الإمبراطوريَّة القاضية بِخلع الإمبراطور [[فوقاس]] وتزويد الجيش البيزنطي بالرجال لِحرب [[الإمبراطورية الساسانية|الفُرس الساسانيين]] وإخراجهم من مصر والشَّام، أنعم [[هرقل]] عليها فشهدت عصرًا من السلام، وتمتع أهلها بِقسطٍ كبيرٍ من الحُريَّة الدينيَّة والاطمئنان، واستغلَّ البابا [[غريغوري الأول|جرجير الأوَّل]] هذا الهُدوء فأرسل البعثات التبشيريَّة إلى المناطق الداخليَّة لِنشر المسيحيَّة بين البربر، فنجحت بعضها بذلك.<ref name="سعدون">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= نصر الله، سعدون|عنوان= تاريخ العرب السياسي في المغرب من الفتح العربي حتَّى سُقوط غرناطة|طبعة= الأولى|صفحة= 23 - 24|سنة= [[2003]]|ناشر= [[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]]|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> وترتب على ذلك أن ازدهرت علاقة الكنيسة الإفريقيَّة بِروما، مع احتفاظها بِعلاقتها الإداريَّة مع القُسطنطينيَّة. وفي سنة [[638]]م ظهر في إفريقية مذهبٌ جديد هو مذهب بطريرك القُسطنطينيَّة سرجيوس الأوَّل، المشهور بالمذهب [[مونوثيليتية|المونوثيليتي]] أو مذهب المشيئة الواحدة الذي يقول بالطبيعة الإلهيَّة والإنسانيَّة معًا للمسيح، وقد وقف إلى جانبه هرقل رغبةً منهُ في اكتساب تأييد اليعاقبة وإنهاء الصراعات المذهبيَّة في البلاد. وعارضت الكنيسة الإفريقيَّة هذا المذهب، وانتهى الأمر بأن أعلنت أُسقفيَّة قرطاج عدم صلاحيَّة الإمبراطور لِحُكم البلاد والعباد وأنَّهُ يجب خلعه عن العرش. وسُرعان ما تعقَّد الموقف أكثر مع [[الفتح الإسلامي لمصر|الفتح الإسلاميّ لِمصر]]، إذ وفد بعض القساوسة اليعاقبة من مصر إلى إفريقية لِنشر مذهبهم، وكان لِحماسهم في الدعوة أثرٌ كبير في جعل الإمبراطور [[قسطنطين الثالث|قُسطنطين الثالث بن هرقل]] يسمح لهم بِمُمارسة شعائر مذهبهم بِحُريَّة. وأدَّى انتشار مذهبهم في إفريقية إلى وُقوف قساوسة هذه الأخيرة في وجه الإمبراطوريَّة وإلى انفصالهم شيءًا فشيئًا عنها. وعندما تولَّى الإمبراطور [[قسطنطين الثاني (إمبراطور بيزنطي)|قُنسطانز]] العرش سنة [[641]]م وكان مُعتنقًا المونوثيليتيَّة، لم يأل رئيس مُعارضة هذا المذهب في إفريقية، وهو الأُسقف مكسيموس، لم يأل جُهدًا في دفع سُكَّان المغرب المسيحيين والبربر إلى إعلان خلعهم لِطاعة الإمبراطور وتنصيب حاكم إفريقية البطريرك [[جريجوري البطريرك|جرجير بن نيقيتاس]] على العرش،<ref name="سعدون"/> وكان المُسلمون حينها على وشك أن يفرغوا من فتح مصر، وطرق باب المغرب.
وخِلال هذه الفترة عاود المذهب الدوناتي الظُهور بعد أن انتشرت المفاسد بين رجال الكنيسة [[رشوة|كالرشوة]] وقلَّة الانتظام و[[حسد|التحاسد]]. ومع مطلع [[القرن 7|القرن السابع الميلاديّ]] ونتيجةً لِقيام إفريقية بِدورٍ هام في سياسة الإمبراطوريَّة القاضية بِخلع الإمبراطور [[فوقاس]] وتزويد الجيش البيزنطي بالرجال لِحرب [[الإمبراطورية الساسانية|الفُرس الساسانيين]] وإخراجهم من مصر والشَّام، أنعم [[هرقل]] عليها فشهدت عصرًا من السلام، وتمتع أهلها بِقسطٍ كبيرٍ من الحُريَّة الدينيَّة والاطمئنان، واستغلَّ البابا [[غريغوري الأول|جرجير الأوَّل]] هذا الهُدوء فأرسل البعثات التبشيريَّة إلى المناطق الداخليَّة لِنشر المسيحيَّة بين البربر، فنجحت بعضها بذلك.<ref name="سعدون">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= نصر الله، سعدون|عنوان= تاريخ العرب السياسي في المغرب من الفتح العربي حتَّى سُقوط غرناطة|طبعة= الأولى|صفحة= 23 - 24|سنة= [[2003]]|ناشر= [[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]]|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> وترتب على ذلك أن ازدهرت علاقة الكنيسة الإفريقيَّة بِروما، مع احتفاظها بِعلاقتها الإداريَّة مع القُسطنطينيَّة. وفي سنة [[638]]م ظهر في إفريقية مذهبٌ جديد هو مذهب بطريرك القُسطنطينيَّة سرجيوس الأوَّل، المشهور بالمذهب [[مونوثيليتية|المونوثيليتي]] أو مذهب المشيئة الواحدة الذي يقول بالطبيعة الإلهيَّة والإنسانيَّة معًا للمسيح، وقد وقف إلى جانبه هرقل رغبةً منهُ في اكتساب تأييد اليعاقبة وإنهاء الصراعات المذهبيَّة في البلاد. وعارضت الكنيسة الإفريقيَّة هذا المذهب، وانتهى الأمر بأن أعلنت أُسقفيَّة قرطاج عدم صلاحيَّة الإمبراطور لِحُكم البلاد والعباد وأنَّهُ يجب خلعه عن العرش. وسُرعان ما تعقَّد الموقف أكثر مع [[الفتح الإسلامي لمصر|الفتح الإسلاميّ لِمصر]]، إذ وفد بعض القساوسة اليعاقبة من مصر إلى إفريقية لِنشر مذهبهم، وكان لِحماسهم في الدعوة أثرٌ كبير في جعل الإمبراطور [[قسطنطين الثالث|قُسطنطين الثالث بن هرقل]] يسمح لهم بِمُمارسة شعائر مذهبهم بِحُريَّة. وأدَّى انتشار مذهبهم في إفريقية إلى وُقوف قساوسة هذه الأخيرة في وجه الإمبراطوريَّة وإلى انفصالهم شيءًا فشيئًا عنها. وعندما تولَّى الإمبراطور [[قسطنطين الثاني (إمبراطور بيزنطي)|قُنسطانز]] العرش سنة [[641]]م وكان مُعتنقًا المونوثيليتيَّة، لم يأل رئيس مُعارضة هذا المذهب في إفريقية، وهو الأُسقف مكسيموس، لم يأل جُهدًا في دفع سُكَّان المغرب المسيحيين والبربر إلى إعلان خلعهم لِطاعة الإمبراطور وتنصيب حاكم إفريقية البطريرك [[جريجوري البطريرك|جرجير بن نيقيتاس]] على العرش،<ref name="سعدون"/> وكان المُسلمون حينها على وشك أن يفرغوا من فتح مصر، وطرق باب المغرب.