عرض مصدر شجاعة

'''الشجاعة''' معروفة كذلك بالثبات وال[[جرأة]] وتنقسم إلى نوعين: 
* '''شجاعة طبيعية''' 
وهي شجاعة تجاه الألم الطبيعي والمشقّة أو التهديد بالموت. 
* '''شجاعة أخلاقية''' 
وهي القدرة على التصرف بشكل صحيح تجاه المعارضة الشعبية و[[خزي|الخزي]] والفضيحة أو [[إحباط|الإحباط]].

== معنى الشجاعة ==
*<u>في اللغة</u>:

يرد معناها إلى أصل واحد هو ال[[جرأة]] و الإقدام. في لسان العرب: شَجُع شجاعة: اشتد عند [[بأس]]، و '''الشجاعة''': <u>''شدة [[قلب|القلب]] في البأس''</u>، و من يتصف بهذا الخلق يقال له : شَجاع وشِجاع و شُجاع وأشجع و شَجع وشَجيع و شِجَعَة ويُجمع على : شُجْعان وشِجعان و شَجَعَاء وشِجَعَة و شِجْعَة وشَجْعَة و شُجْعَة وشِجَاع و المرأة شِجَاعَة وشَجِعَة و شَجِيعَة وشَجْعَاء.<ref>[[لسان العرب]] ل[[ابن منظور]] (8/173)، [[مقاييس اللغة]] ل[[ابن فارس]] (ص3/247)</ref>

*<u>في الاصطلاح</u>:

قيل الشجاعة هي: (الإقدام على المكاره، والمهالك، عند الحاجة إلى ذلك، وثبات الجأش عند المخاوف، والاستهانة بالموت).<ref>([[تهذيب الأخلاق]]) المنسوب [[الجاحظ|للجاحظ]] (27)</ref>
وقال [[ابن حزم (توضيح)|ابن حزم]]: (حد الشَّجَاعَة هو بذل النفس للموت، عن الدين، والحريم، وعن الجار المضطهد، وعن المستجير المظلوم، وعن الهضيمة ظلمًا في المال، والعرض، وفي سائر سبل الحق، سواء قلَّ من يعارض أو كثر).<ref>([[الأخلاق والسير]])  ل[[ابن حزم (توضيح)|ابن حزم]] (80)</ref>

== الفرق بين الشجاعة وغيرها من الصفات المتقاربة ==

=== الفرق بين الشجاعة والقوة ===
({{خط/عربي|كثير من الناس تشتبه عليه الشجاعة بالقوة وهما متغايران، فإن '''الشجاعة''' هي ثبات القلب عند النوازل وإن كان ضعيف البطش.''</u>
وكان [[علي بن أبي طالب|علي ابن ابي طالب]] أشجع الأمة بعد رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} وكان [[عمر بن الخطاب]] وغيره أقوى منه، ولكن برز على الصحابة كلهم بثبات قلبه في كل موطن من المواطن التي تزلزل الجبال، وهو في ذلك ثابت القلب، ربيط الجأش، يلوذ به شجعان الصحابة وأبطالهم، فيثبتهم، ويشجعهم).<ref>([[الفروسية (كتاب)|الفروسية]])  ل[[ابن قيم الجوزية|ابن القيم]] (500)</ref>}}

===الفرق بين البسالة والشَّجَاعَة===
({{خط/عربي|أنَّ أصل البَسْل: [[حرام (توضيح)|الحرام]]، فكأن الباسل يتعذَّر على أحد أو يحرم عليه أن يصيبه في ال[[حرب]] بمكروه؛ لشدته فيها وقوته.
والشَّجَاعَة: ال[[جرأة]]، والشُّجاع: الجريء، المقدام في الحرب ضعيفًا كان أو قويًّا، والجرأة قوة القلب الداعي إلى الإقدام على المكاره، <u>''ف'''الشَّجَاعَة''' تنبئ عن الجرأة''</u>، <u>''و'''البسالة''' تنبئ عن الشدَّة''</u>.<ref>[[الفروق اللغوية (كتاب)]] [[أبو هلال العسكري|لأبي هلال العسكري]] (ص99)</ref>}}

=== الفرق بين الشَّجَاعَة والجرأة ===
({{خط/عربي|أنَّ '''<u>الشَّجَاعَة</u>''' من القلب، وهي ثباته واستقراره عند المخاوف، وهو خلق يتولد من الصبر و[[حسن الظن]]، فإنَّه متى ظن الظفر وساعده الصبر ثبت، كما أنَّ ال[[جبن (صفة)|جبن]] يتولد من [[سوء الظن]] وعدم ال[[صبر]]، فلا يظن الظفر ولا يساعده الصبر.
وأما <u>'''الجرأة'''</u>: فهي إقدام، سببه قلة المبالاة، وعدم النظر في العاقبة، بل تقدم النفس في غير موضع الإقدام معرضة عن ملاحظة العارض، فإمَّا عليها، وإمَّا لها).<ref>([[روح|الروح]])  ل[[ابن قيم الجوزية|ابن القيم]] (237)</ref>}}

== مراتب الشجاعة ==
تحدث [[ابن قيم الجوزية|ابن القيم]] عن '''مراتب الشجعان''' فقال:

(<u>أوَّل مراتبهم:</u> '''الهُمام'''؛ وسمي بذلك لهمته وعزمه، وجاء على بناء فُعَال كشجاع.

<u>الثاني</u>: '''المِقْدام'''؛ وسمي بذلك من الإقدام، وهو ضد الإحجام وجاء على أوزان المبالغة، كمعطاء، ومنحار، لكثير العطاء، والنحر، وهذا البناء يستوي فيه المذكر والمؤنث، كامرأة معطار كثيرة التعطر، ومذكار تلد الذكور.

<u>الثالث</u>: '''الباسل'''؛ وهو اسم فاعل من بسل يبسل، كشرف يشرف، والبسالة الشَّجَاعَة والشدة، وضدها فشل يفشل فشالة، وهي على وزنها فعلًا ومصدرًا وهي ال[[رذيلة|رذالة]].

<u>الرابع</u>: '''البطل'''؛ وجمعه أبطال و<u>في تسميته قولان</u>:
*أحدهما: لأنَّه يبطل فعل الأقران، فتبطل عند شجاعة الشجعان، فيكون بطل بمعنى مفعول في المعنى؛ لأنَّ هذا الفعل غير متعد.
*والثاني: أنَّه بمعنى فاعل لفظًا ومعنى؛ لأنَّه الذي يبطل شجاعة غيره فيجعلها بمنزلة العدم، فهو بطل بمعنى مبطل.
ويجوز أن يكون بطل بمعنى مبطل بوزن مكرم، وهو الذي قد بطله غيره، فلشجاعته تحاماه النَّاس، فبطلوا فعله باستسلامهم له، وترك محاربتهم إياه.

<u>الخامس</u>: '''الصنديد''' (بكسر الصاد).<ref>([[الفروسية (كتاب)|الفروسية]])  ل[[ابن قيم الجوزية|ابن القيم]] (503)</ref>

== الحث على الشجاعة في القرآن ==
*قال سبحانه (في [[سورة البقرة]]): {{قرآن|البقرة|190}}.
*وأمر الله المسلمين بالثبات في الجهاد فقال:{{قرآن|الأنفال|45|لا تخريج=1}} [الأنفال].
*وقال تعالى (في [[سورة الأنفال]]): {{قرآن|الأنفال|16}}.

يأمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بالقتال في سبيله، والثبات عليه، والإقدام في الحروب، وعدم الجبن.

*وقال سبحانه أيضاً في نفس السورة: {{قرآن|الأنفال|65}}.

قال [[سعدي (توضيح)|السعدي]]: ({{خط/عربي|يقول تعالى لنبيه {{صلى الله عليه وسلم}}: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ" أي: حثهم وأنهضهم إليه بكل ما يقوي عزائمهم وينشِّط هممهم، من الترغيب في الجهاد، ومقارعة الأعداء، والترهيب من ضد ذلك، وذكر فضائل الشَّجَاعَة والصبر، وما يترتب على ذلك من خير في الدنيا والآخرة، وذكر مضار الجبن، وأنه من الأخلاق الرذيلة المنقصة للدين وال[[مروءة]]، وأنَّ '''الشَّجَاعَة''' بالمؤمنين أولى من غيرهم).<ref>[[تفسير السعدي|تيسير الكريم الرحمن]] [[سعدي (توضيح)|للسعدي]] (ص325)</ref>}}

== الحث على الشجاعة في السنة النبوية ==
{{اقتباس حديث|أبي هريرة {{رضي الله عنه}}|متن= ا'''لمؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أنِّي فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان'''.<ref>رواه مسلم (2664)</ref>}}

قال [[يحيى بن شرف النووي|النووي]]: (والمراد بالقوة هنا، [[عزيمة]] النفس والقريحة في أمور الآخرة، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقدامًا على العدو في الجهاد، وأسرع خروجًا إليه، وذهابًا في طلبه، وأشد عزيمة في [[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]]، والصبر على الأذى في كل ذلك، واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وأرغب في الصلاة، والصوم، والأذكار، وسائر العبادات، وأنشط طلبًا لها، ومحافظةً عليها، ونحو ذلك).<ref>([[شرح صحيح مسلم|شرح النووي على صحيح مسلم]]).. (4/2052)</ref>

*وعن [[عمرو بن ميمون]] الأودي قال: كان سعد يعلِّم بنيه هؤلاء الكلمات، كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول: {{اقتباس خاص|({{خط/عربي|إنَّ رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} كان يتعوذ منهن دبر الصلاة: '''اللهم إني أعوذ بك من <u>الجبن</u>، وأعوذ بك أن <u>أرد إلى أرذل العمر</u>، وأعوذ بك من <u>فتنة الدنيا</u>، وأعوذ بك من <u>عذاب القبر</u>'''، فحدثت به مصعبًا فصدقه}}).<ref>رواه البخاري (2822)</ref>}}

قال [[المهلب بن أبي صفرة|المهلب]]: (أما استعاذته {{صلى الله عليه وسلم}} من '''الجبن'''، فإنَّه يؤدي إلى عذاب الآخرة؛ لأنَّه يفر من قرنه في الزحف فيدخل تحت وعيد الله لقوله: ((وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ)) [الآية 16 في الأنفال]، وربما يفتن في دينه، فيرتد لجبن أدركه).<ref>([[شرح البخاري]]) ل[[ابن بطال]] (5/35)</ref>

*وعن عبادة بن [[قائمة الصحابة#و|الوليد بن عبادة]] عن أبيه عن جده قال: {{اقتباس خاص|بايعنا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} على السمع والطاعة، في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، '''وعلى أن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم'''.<ref>رواه [[مسلم]] (1709) و[[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] (7199)</ref>}}

== أقوال السلف والعلماء في الشجاعة ==
{{صندوق اقتباس
| align = left
| width = 225
| اقتباس = '''الجبن والشَّجَاعَة غرائز في النَّاس، تلقى الرجل يقاتل عمن لا يعرف، وتلقى الرجل يفر عن أبيه'''<ref>([[مكارم الأخلاق]])  ل[[ابن أبي الدنيا]] (70)</ref>..
| المصدر = [[عمر بن الخطاب]] {{رضي الله عنه}}
}}

*قال [[أبو بكر الصديق]] ل[[خالد بن الوليد]] {{رضي الله عنه}}: {{اقتباس خاص| '''احرص على الموت، توهب لك الحياة'''.<ref>[[العقد الفريد]]  ل[[ابن عبد ربه]] (1/92)</ref>}}
*وقيل لبعضهم: ( ما الشَّجَاعَة؟ فقال: صبر ساعة.)
*وقال بعض أهل التجارب: {{اقتباس| ا'''لرجال ثلاثة''': فارس، وشجاع، وبطل، ف'''<u>الفارس</u>''': الذي يشد إذا شدوا، و'''<u>الشجاع</u>''': الداعي إلى البراز والمجيب داعيه، و<u>'''البطل'''</u>: الحامي لظهور القوم إذا ولَّوا.}}
{{صندوق اقتباس
| align = left
| width = 225
| اقتباس = <strong>'''الفزعات ثلاثة:

فمن كانت فزعته <u>في رجليه</u>،
فذاك الذي لا تقله رجلاه،

ومن كانت فزعته <u>في رأسه</u>،

فذاك الذي يفر عن أبويه،

ومن كانت فزعته <u>في قلبه</u>،

فذاك الذي لا يقاتل'''<strong>.<ref>([[الفروسية (كتاب)|الفروسية]])  ل[[ابن قيم الجوزية|ابن القيم]] (498)</ref>
| المصدر = <small>[[عمرو بن معديكرب]]</small>
}}

*وكتب زياد إلى [[عبد الله بن عباس]] {{رضي الله عنه}}: {{اقتباس| {{خط/عربي|أن صف لي الشَّجَاعَة، والجبن، والجود، والبخل، فكتب إليه: كتبت تسألني عن طبائع، رُكِّبت في الإنسان تركيب الجوارح، '''اعلم أنَّ الشجاع يقاتل عمن لا يعرفه'''، و'''الجبان يفر عن عرسه'''، وأن '''الجواد يعطي من لا يلزمه'''، وأن '''البخيل يمسك عن نفسه'''}}.<ref>([[نهاية الأرب في فنون الأدب]])  ل[[شهاب الدين النويري|للنويري]] (3/347)</ref>}}
*وقالوا: (حد الشَّجَاعَة [[سعة الصدر]]، بالإقدام على الأمور المُتْلِفة)<ref name="مولد تلقائيا1">([[نهاية الأرب في فنون الأدب]])  ل[[شهاب الدين النويري|للنويري]] (3/208)</ref>

- وقال بعض الحكماء: ({{خط/عربي|جسم الحرب: الشَّجَاعَة، وقلبها: التدبير، ولسانها: المكيدة، وجناحها: الطاعة، وقائدها: الرفق، وسائقها: النصر).<ref name="مولد تلقائيا1" />}}

{{اقتباس مركزي
| ltr = 
| عائم = 
| لون_الخلفية = pink
| لون_العلامة = blue
| النص = '''{{خط/عربي|الشَّجَاعَة والسخاء أخوان، فمن لم يجد بماله، فلن يجود بنفسه}}'''
| 1 = 
| المؤلف = الذهبي
| القائل = الذهبي
| المصدر = سير أعلام النبلاء
| العنوان =
| مصدر_النص = <ref>[[سير أعلام النبلاء]]  [[الذهبي|للذهبي]] (7/264)</ref>
}}

{{اقتباس مع خلفية|{{خط/عربي|'''ولما كان صلاح بني آدم لا يتم في دينهم ودنياهم إلا بالشَّجَاعَة والكرم، بيَّن الله سبحانه أنَّه من تولى عنه بترك الجهاد بنفسه، أبدل الله به من يقوم بذلك، ومن تولَّى عنه بإنفاق ماله، أبدل الله به من يقوم بذلك'''}}|[[ابن تيمية]]||.<ref>[[الاستقامة (كتاب)|(الاستقامة)]]  ل[[ابن تيمية]] (2/269)</ref>}}

== انظر أيضا ==
* [[جبن (صفة)]]
* [[بوغاتير]]

== المصادر ==
{{مراجع|2}}

== المراجع ==
{{روابط شقيقة}}
* Ernest Becker, The Denial of Death (New York: The Free Press, 1973). 
* Douglas N. Walton, Courage: A philosophical investigation (Los Angeles: University of California Press, 1986). 
* Stephen Palmquist, "Angst and the Paradox of Courage" [1], Chapter XII in The Tree of Philosophy (Hong Kong: Philopsychy Press, 2000) 
* لسان العرب.
{{الأخلاق في الإسلام}}
{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات|الإسلام|علم النفس|أخلاقيات|فلسفة}}

[[تصنيف:شجاعة]]
[[تصنيف:فضيلة]]
[[تصنيف:فلسفة الحب]]
[[تصنيف:مشاعر]]
[[تصنيف:مصطلحات]]
[[تصنيف:أخلاق إسلامية]]
[[تصنيف:أخلاقيات اجتماعية]]