عرض مصدر جلال الدين أكبر

{{صندوق معلومات ملكية
|صورة           = Emperor Akbar the Great.jpg
|نوع الحكم      = سُلطان مغول الهند
|فترة الحكم     = [[963 هـ|963هـ]]\[[1556]]م - [[1014 هـ|1014هـ]]\[[1605]]م<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Eraly|2=2004|ص=115-116|لغة=en}}</ref><ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Ballhatchet(N.D)|2=|ص=|لغة=en}}</ref>
|الحاكم السابق  = [[نصير الدين همايون]] 
|الحاكم اللاحق   = [[نور الدين جهانكير|نورُ الدين جهانكير]]
|الزوجة         = [[#زوجاته وأولاده|انظر]]
|الأبناء         = [[#زوجاته وأولاده|انظر]]
|الاسم الكامل    = أبو الفتح جلالُ الدين مُحمَّد أكبر
|house          = [[الدولة التيمورية|السلالة التيمورية]]
|dynasty        = [[سلطنة مغول الهند|آل بابُر]]
| الأب           = [[نصير الدين همايون]]
| الأم           =  حمیدة بانو بیگم
|تاريخ الولادة   = [[7 رجب]] [[949 هـ|949هـ]]\[[15 أكتوبر|15 تشرين الأوَّل (أكتوبر)]] [[1542]]م {{محتوى مرجعي|أ}}
|مكان الولادة    = عُمركوت
|تاريخ الوفاة   = [[30 جمادى الأولى|30 جُمادى الأولى]] [[1014 هـ|1014هـ]]\[[13 أكتوبر|13 تشرين الأوَّل (أكتوبر)]] [[1605]]م (63 سنة)
|مكان الوفاة    = [[فاتح بور سيكري|فتحپور]]، {{سلطنة مغول الهند}}
|الجنسية        = لا 
|المهنة         = لا
|أخوة           = لا
|مكان الدفن     = مقبرة أكبر، [[أغرة]] {{الهند}}
|دين            = [[مسلم]] [[أهل السنة والجماعة|سني]] [[حنفية|حنفي]]<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Black|2=2011|ص=245|لغة=en}}</ref><ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Eraly|2=2000|ص=189|لغة=en}}</ref> ثم اعتنق [[الدين الإلهي|الدين الإلٰهي]]
}}
'''السُلطَانُ الأَعظَم والخَاقَانُ المُكرَّم سُلطانُ الإسلام {{محتوى مرجعي|ب}} وكَافِت الأَنَام وَصَاحِب الزَّمان أَبُو الفَتح جَلَالُ الدِّين مُحمَّد أَكبَر پادشاه غازي بن مُحمَّد همايون بن مُحمَّد بابُر الگوركاني''' ([[اللغة الفارسية|بالفارسية]]: {{خط/عربي|fa|السُلطَانُ الأَعظَم والخَاقَانُ المُكرَّم سُلطانُ الإسلام وكَافِت الأَنَام وَصَاحِب الزَّمان ابوالفتح جَلَالُ الدِّين مُحمَّد اَكبَر پادشاه غازى بن مُحمَّد همايون بن مُحمَّد بابُر  گورکانی}}، و[[اللغة الأردية|بالأردية]]: {{خط/نستعليق|السُلطَانُ الأَعظَم والخَاقَانُ المُكرَّم سُلطانُ الإسلام وكَافِت الأَنَام وَصَاحِب الزَّمان ابوالفتح جَلَالُ الدِّين مُحمَّد اَكبَر پادشاه غازى بن مُحمَّد ہمایوں غازى گورکانی}}) ([[7 رجب]] [[949 هـ|949هـ]] - [[30 جمادى الأولى|30 جُمادى الأولى]] [[1014 هـ|1014هـ]] المُوافق فيه [[15 أكتوبر|15 تشرين الأوَّل (أكتوبر)]] [[1542]]م - [[13 أكتوبر|13 تشرين الأوَّل (أكتوبر)]] [[1605]]م) المعروف اختصارًا '''بِجلال الدين أكبر''' أو '''أكبر الكبير''' أو '''أكبر الأعظم'''،<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Schwartzberg et al.|2=|ص=|لغة=en}}</ref><ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Collier|2=2011|ص=326|لغة=en}}</ref> هو ثالث [[قائمة سلاطين مغول الهند|سلاطين دولة المغول الهندية]] الذين حكموا [[شبه القارة الهندية]] طيلة 300 عام، وقد حكم البلاد من سنة [[963 هـ|963هـ]] المُوافقة لِسنة [[1556]]م إلى سنة [[1014 هـ|1014هـ]] المُوافقة لِسنة [[1605]]م.

وُلد أكبر سنة [[949 هـ|949هـ]] المُوافقة لِسنة [[1542]]م لِلسُلطان [[نصير الدين همايون]] وحميدة بانو بيگم، وتولَّى بعد وفاة أبيه وهو في الثالثة عشرة من عُمره، تحت إشراف ووصاية [[أتابك]]ه [[بيرم خان]]، ولم يحكم البلاد فعليًّا إلَّا سنة [[1562]]م، بعد أن قضى على مُربِّيه الذي تلاعب به خِلال سنيّ حداثته.<ref name="رولان" /> يُعدُّ أكبر أعظم مُلُوك الهند في [[العصور الوسطى|العصر الوسيط]] على الإطلاق، فقد حكم حوالي خمسين عامًا، أسهم خلالها بِجُهُوده الكبيرة في نهضة البلاد، وجعل الدولة المغوليَّة الهنديَّة إحدى أفضل وأقوى الدُول في العالم آنذاك. كان مُنفتحًا سياسيًّا ودينيًّا، بعيد النظر، أضاف فصلًا جديدًا في تاريخ الهند، أوتي من القُوَّة البدنيَّة وقُوَّة الاحتمال، ومن النشاط والشجاعة الشيء الكثير بِحيث أصبح مفزعة الشرق كُلِّه، ومما يُروى عنهُ أنَّهُ كان يُروِّض أشد [[فيل آسيوي|الفيلة]] شراسة وهو ابن أربع عشرة سنة، وحدث أن تمرَّدت إحدى القُرى ضدَّه فأسرع يُهاجمها على ظهر فيله، ولم يُبالِ بِالنبال المُنهالة عليه والتي راحت تتكسَّر على درعه، ثُمَّ اندفع بِفيله مُخترقًا الحواجز ودخل البلدة وأحرقها. أمَّا هيئته الخارجيَّة، فقد وُصف أنَّه كان مربوعًا، عريض المنكبين، [[ركبة فحجاء|أعقف الساقين]]، تقدح عيناه نارًا، لهُ [[شارب]]ان خفيفان وصوتٌ جهوريّ، حنطيّ اللون، وكان له من الهيبة والوقار والرصانة ما يجعل المرء الذي يراه يُدرك أنَّهُ أمام ملك.<ref name="رولان">{{استشهاد مختصر|1=موسنيه|2=1987|ص=583-584}}</ref><ref name="طقوش1">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=215-217}}</ref> اتصف أكبر بِالطيبة واللُطف على الإجمال، وكان يمتلك زمام أمره ويُخفي سريرته، أمَّا إذا استشاط غيظًا وغضبًا، أنزل الرُعب في القُلُوب. كان أكبر [[أمية|أُميًّا]] يجهل القراءة والكتابة، وعلى الرُغم من ذلك فإنَّهُ استمع إلى قصص وحكاياتٍ كثيرة، وأُوتي ذاكرةً هائلة، فكان يحفظ جيدًا أسماء شُعراء الإسلام ومُؤرِّخيهم، كما ألمَّ بِتعاليم [[إنجيل|الإنجيل]] والعقائد الرئيسيَّة في [[المسيحية|الديانة المسيحيَّة]]، ومبادئ [[الهندوسية|الهندوسيَّة]] و[[الزرادشتية|المجوسيَّة]]، وكان يُجادل ويُناقش عن معرفة، بِدقَّة واستبانة. عُرف بِذكائه الفطري الواسع وبِمنطقه السليم، ونظر إلى الأُمُور من فوق، لكنَّ روح البداوة بقيت مُجيَّشة فيه. أدرك جيدًا ما فات أبيه همايون وجدِّه [[ظهير الدين بابر|بابُر]]، وكانت لهُ نظرة شاملة وفكرة عالية عن السياسة والدولة، ووقف على الظُرُوف التي تمَّت فيها الغلبة لِلمغول وساعدت على ترسيخ دولتهم.<ref name="رولان" /><ref name="طقوش1" />

اعتنى أكبر بِجُيُوش دولته وتجيزها وتدريبها لِينهض على الوجه الأكمل بِالحُرُوب التي تحتَّم عليه خوضها، وقد أدرك جيِّدًا فلسفة التكتيك العسكري القائلة: «إن لم تُبادر بِالهُجُوم، استُهدفت له، وتعرَّضت لهُ بِأسرع ممَّا تظن». حارب طوال حياته المديدة مُجاهدًا من أقصى الهند إلى أقصاها، فغزا [[كجرات|الگُجرات]] و[[سورت]] و[[صوريون|أفغان البنغال]] ومملكة أُريسَّة وسلطنة أحمد نگر، ثُمَّ انكفأ لِيُخمد ثورة الراجپوتيين وثورة البنغاليين والبيهاريين والثورة التي قام بها التيموريُّون، كما ردَّ الهجمات والتعدِّيات التي تعرَّضت لها بلاده من قِبل الأوزبك، وأعاد فتح [[كابل|كابُل]]، وضمَّ إلى مُمتلكاته [[كشمير]]، حتَّى صُنِّف من بين أعظم الفاتحين في تاريخ الهند والعالم الإسلامي، وعدَّه المُؤرِّخون [[هنود|الهُنُود]] أعظم عاهلٍ عرفته الهند مُنذُ أيَّام [[أشوكا]]، حامي [[البوذية|البُوذيَّة]] ومُوحِّد الهند، ووضعوه في مصاف أعاظم المُلُوك الذين عرفهم العالم في عصره.<ref name="رولان" /><ref name="طقوش1" /> تمتَّعت الهند باقتصادٍ متينٍ قويٍّ في عهد أكبر، وعرفت حياةً ثقافيَّةً مُزدهرةً ونشطة كان أكبر راعيها، وعلى الرُغم من كونه أُميًّا، إلَّا أنَّهُ أسَّس مكتبةً ضخمةً ضمَّت حوالي 24,000 مُجلَّد بِاللُغات [[اللغة السنسكريتية|السنسكريتيَّة]] [[اللغة الفارسية|والفارسيَّة]] و[[اللغة العربية|العربيَّة]] و[[يونانية العصور الوسطى|الروميَّة]] و[[اللغة اللاتينية|اللاتينيَّة]] و[[اللغة الكشميرية|الكشميريَّة]]، وعهد بإدارتها إلى عشرات المُؤلِّفين والمُترجمين والفنَّانين والخطَّاطين، كما أنشأ مكتبةً خاصَّة بِالنساء في مدينة [[فاتح بور سيكري|فتحپور]]،<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Wiegand & Davis|2=1994|ص=271|لغة=en}}</ref> وأنشأ [[مدرسة إسلامية|المدارس]] في طول البلاد وعرضها لِتعليم المُسلمين والهندوس. كان أكبر [[أهل السنة والجماعة|مُسلمًا سُنيًّا]] في بداية حياته، ثُمَّ ابتكر دينًا جديدًا سمَّاه [[الدين الإلهي|الدين الإلٰهي]]، وهو مزيجٍ من المُعتقدات الإسلاميَّة والهندوسيَّة وبعض المسيحيَّة والمجوسيَّة، وأمر حاشيته وأتباعه باعتناقه، ويُحتمل أنَّ ما حمله على ذلك كان التناقضات الدينيَّة الكبيرة الموجودة بِالهند ورغبته بِلم شمل شعبه تحت رايةٍ دينيَّةٍ واحدة، على أنَّ أغلب الناس التي اعتنقت الدين الجديد عادت ونبذته بِمُجرَّد وفاة أكبر.

== حياته قبل السلطنة ==
[[ملف:Umarkot Fort view3.JPG|تصغير|يمين|قلعة عُمركوت حيثُ وُلد جلالُ الدين أكبر.]]
وُلد أكبر يوم [[7 رجب]] [[949 هـ|949هـ]] المُوافق فيه [[15 أكتوبر|15 تشرين الأوَّل (أكتوبر)]] [[1542]]م، في قلعة «عُمركوت» [[السند (إقليم)|بِالسند]]،<ref>{{استشهاد مختصر|1=محفوظ|2=2004|ص=54}}</ref> لِلسُلطان [[نصير الدين همايون]] وحمیدة بانو بيگم، ابنة الشيخ علي أكبر الجامي،<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Smith|2=1917|ص=12–19|لغة=en}}</ref> وقيل أنَّ ولادته كانت في شهر ربيعٍ الأوَّل المُوافق فيه شهر شُباط (فبراير) من السنتين سالِفتا الذكر، في ذات القلعة المذكورة، حيثُ حلَّ همايون وزوجته ضيفان على حاكمها الهندوسي «رانا پراساد الراجپوتي».<ref name="النمر">{{استشهاد مختصر|1=النمر|2=1981|ص=262-263}}</ref><ref name="نوار">{{استشهاد مختصر|1=نوار|2=1998|ص=516-517}}</ref> وكان همايون آنذاك طريدًا هائمًا يطوُفُ بِالسند بعد أن هزمه [[شير شاه|شير شاه الأفغاني]] مؤسس [[صوريون|سلطنة آل سور]]، في «معركة قنوج» سنة [[947 هـ|947هـ]] الموافقة لسنة [[1540]]م وأخرجه من الهند كُلِّها،<ref>{{استشهاد مختصر|1=بدوانى(د.ت)|2=|ص=355}}</ref> وتنكَّر لهُ إخوته وامتنعوا عن مساعدته، وتخلَّى عنه مُعظم رجاله، فأصابه اليأس لولا أن استقبله صاحب عُمركوت، ثُمَّ بُشِّر بِولادة ابنه، فإذا به يتحوَّل إلى مُقاتلٍ على أعلى مُستويات الصلابة والعُنف بعد أن أعطته ولادة هذا الطفل داغعًا عظيمًا، وأقسم لِيُقاتل ويُقاتل حتَّى يُعيد بناء مُلكٍ جديرٍ به ليرثه ابنه من بعده، فخاض حُرُوبًا ومعارك دامية عديدة، ولكنَّهُ خسرها الواحدة تلو الأُخرى،<ref name="نوار" /> فعاد وخرج من عُمركوت وسار بِأُسرته حتَّى وصلوا إلى [[قندهار]] التي كانت تحت حُكم أخيه كامران ميرزا، ولمَّا علِم بِأنَّ الأخير يُريد القبض عليه والفتك به فرَّ بِنفسه إلى [[الدولة الصفوية|الدولة الصفويَّة]] بِ[[إيران الكبرى|إيران]]، واضطرَّ إلى ترك ابنه أكبر يقع في قبضة عمِّه (أي أخ همايون) عسكري ميرزا، لكنَّ الأخير كان كريمًا نحو ابن أخيه، فلم يُصبه بِسُوء.<ref name="النمر" /><ref name="نوار" />
[[ملف:The Emperor Humayun Returning from a Journey Greets his Son.jpg|تصغير|همايون يجتمع بِإبنه أكبر بعد فُراقٍ طويل.]]
تربَّى أكبر في بلاط عمِّه كامران طيلة فترة غياب والده في إيران، وحظي بِرعاية وعطف زوجة عمَّه بِشكلٍ خاص، وأمضى سنوات صغره يتعلَّم الصيد والجري والقتال، ممَّا جعلهُ مُحاربًا قديرًا، غير أنَّهُ لم يتعلََّم القراءة والكتابة، فعاش سنوات الفُتُوَّة الأولى مع السيف والخيل وألعاب الفُرُوسيَّة، مُعرضًا كُلَّ الإعراض عن آداب العصر، وعن أساليب الحُكم والإدارة،<ref name="نوار" /> غير أنَّهُ كان يُحضر إلى مخدعه ليلًا من يقرأ له قصص وأخبار تاريخ الإسلام والمُسلمين.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Smith|2=1917|ص=22|لغة=en}}</ref> وفي يوم [[22 ذو القعدة|22 ذي القعدة]] [[958 هـ|958هـ]] المُوافق فيه [[20 نوفمبر|20 تشرين الثاني (نوڤمبر)]] [[1551]]م، قُتل هندال ميرزا، الشقيق الأصغر لِهمايون، في معركةٍ ضدَّ قُوَّات أخيه كامران، فحزن همايون على مقتل أخيه حُزنًا شديدًا،<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Erskine|2=1854|ص=403-404|لغة=en}}</ref> وفي سبيل تكريم ذكراه، خطب ابنته [[رقية سلطان بيغوم|رُقيَّة سُلطان بيگم]] لابنه أكبر، وتمَّت مراسم الخِطبة في مدينة كابُل بُعيد وقتٍ قصيرٍ من تعيين أكبر نائبًا لِلسلطنة في [[ولاية غزني|غزنة]].<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Mehta|2=1986|ص=189|لغة=en}}</ref> منح همايون ابنه وخطيبته كُل ثروة عمِّه هندال بِالإضافة لِجُنُوده وأتباعه، وخصَّهُ بِإحدى إقطاعاته لِتدُرَّ عليه مالًا، وعيَّنه قائدًا على عساكر هندال.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Ferishta|2=2013|ص=169|لغة=en}}</ref> احتُفل بِزواج أكبر ورُقيَّة في مدينة [[جالاندهار|جالندهر]] [[بنجاب (منطقة)|بِالپُنجاب]] ما أن بلغ كِلاهما الرابعة عشرة من العُمر، فأصبحت رُقيَّة بِهذا أولى زوجات أكبر وقرينته الرئيسيَّة.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Eraly|2=2000|ص=123, 272|لغة=en}}</ref>

لم يهدأ همايون، وأصرَّ أن يُتابع الحرب والقتال، فكان يجمع القليل من القُوَّات من هُنا ومن هُناك، ولكنَّهُ كان مُصممًا على أن يصل إلى هدفه، وأن يستعيد ابنه ويبني لهُ مُلكًا. وبعد جُهدٍ مُتطاول استطاع أن يُسيطر على قندهار وكابُل سنة [[1555]]م، وهُناك اجتمع همايون وزوجته حميدة بابنهما أكبر، بعد طول فراقٍ وعناء. ولمَّا تمَّ لهمايون النصر على خُلفاء شير شاه واستعاد مُلكهُ بِالهند، عيَّن ابنه حاكمًا على الپُنجاب ومعهُ بيرم خان مُستشارًا له ومُوجهًا. التفت همايون بعد ذلك إلى ابنه لِيُربيه، ولِيُعدُّه كي يحكُم من بعده، فأحضر لهُ أهم الأستاذة والعُلماء، وأشهر المُربين قُدرةً على تعليم الصبية والفتيان، ولكنَّهم وجدوا أنفسهم أمام فتىً على غير ما ألفوه من الصبية والفتيان، فكان ذهنه أبعد ما يكون عن الدرس عكس الكثير من الفتيان الذين - وإن عاندوا - كانوا يُحصِّلون شيئًا من العِلم بعد فترة، أمَّا أكبر فكان صلبًا عنيدًا بحيثُ استنفذ طاقة أساتذته، ففشلوا حتَّى في تعليمه مُجرَّد القراءة والكتابة.<ref name="النمر" /><ref name="نوار" /> كُلِّف أكبر من طرف والده - قُبيل وفاته بِفترةٍ قصيرة - بِمطاردة الأمير إسكندر شاه السوري، سُلطان دلهي وأحد خُلفاء شير شاه الذي هزمه همايون وأجبره على الالتجاء إلى جبال الپُنجاب، فسيطر على مدينة «كلانور» وأخذ يجمع الرجال والأموال لِيُهاجم مُمتلكات المغول مُجددًا، لِذلك أرسل همايون ابنه ومُستشاره بيرم خان لِقمع هذا الثائر والقضاء عليه قبل استفحال خطره.<ref name="بخشي">{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=332-335}}</ref>

== مُبايعة أكبر بِعرش المغول ==
في شهر [[ربيع الأول]] سنة [[963 هـ|963هـ]] المُوافق فيه شهر [[يناير|كانون الثاني (يناير)]] سنة [[1556]]م توفي [[نصير الدين همايون]] والد جلال الدين أكبر، وذلك بعد أن انزلقت به عصاه وهو يصعد درج مكتبته في [[دلهي]] فوقع مغشيًا عليه، وتوفي بعد ذلك. وما إن وصلت أخبار وفاة همايون إلى ابنه أكبر وهو في «كلانور» [[بنجاب (منطقة)|بالپنجاب]] يطارد الثائر «إسكندر السوري»، وبعد إقامة شعائر الحزن، بادر أتابكه وصاحب أبيه الحميم (والذي رافق أكبر لمساعدته) «بيرم خان» إلى المناداة به سلطانًا على الهند باسم «جلال الدين مُحمَّد أكبر»، ولم يكن يتجاوز إذ ذاك الرابعة عشرة من عمره، وقد كان ذلك في يوم الجُمُعة [[2 ربيع الأول|2 ربيع الأوَّل]] [[963 هـ|963هـ]] الموافق فيه [[14 مارس|14 آذار (مارس)]] [[1556]]م. ولصغر سن أكبر قام أتابكه بيرم خان بالوصاية عليه والنيابة عنه في تدبير أمور السلطنة،<ref>{{استشهاد مختصر|1=أبو شنة والجياشي|2=2018|ص=111-112}}</ref> وقد استمرت فترة الوصاية حتى سنة [[967 هـ|967هـ]] المُوافقة لِسنة [[1560]]م.<ref name="الساداتي1">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=94-96|لغة=en}}</ref> ويُقسِّم المُؤرِّخون مُدَّة حُكم أكبر إلى ثلاث مراحل زمنيَّة: '''الأولى''' هي التي كان الحُكم الفعلي فيها بِيد أتابكه بيرم خان، و'''الثانية''' هي التي حاولت فيها بعض نساء القصر فرض إراداتهنَّ وإملاء رغباتهنَّ على السُلطان الشاب، وذلك بعد أن نجحن، من واقع الدسائس والمُؤامرات والخِداع، في إبعاد بيرم خان بِحُجَّة [[الشيعة|تشيُّعه]]؛ و'''الثالثة''' التي انفرد فيها أكبر بِشُؤون الحُكم، وتُعدُّ الأطول بِوصفها امتدَّت بين سنتيّ [[969 هـ|969]] و[[1013 هـ|1013هـ]] المُوافقة لِما بين سنتيّ [[1562]] و[[1605]]م، والأزهى في تاريخ المُسلمين في الهند. ويُمكن تقسيم مُدَّة حُكم أكبر التوسُّعيَّة إلى ثلاث مراحل زمنيَّة أيضًا: '''الأولى''' التي بسط خلالها سُلطانهُ على الهند كُلِّها، وتُغطِّي المُدَّة الزمنيَّة بين سنتيّ [[965 هـ|965]] و[[983 هـ|983هـ]] المُوافقة لِما بين سنتيّ [[1558]] و[[1576]]م؛ و'''الثانية''' التي أتمَّ خلالها تأمين الحُدُود الشماليَّة الغربيَّة ومناطقها، التي تُعد أخطر أبواب [[شبه القارة الهندية|الهند]]، وتُغطِّي المُدَّة الزمنيَّة بين سنتيّ [[988 هـ|988]] و[[1004 هـ|1004هـ]] المُوافقة لِما بين سنتيّ [[1580]] و[[1596]]م؛ و'''الثالثة''' التي بدأ فيها يتوغَّل في [[هضبة الدكن|بلاد الدكن]] حتَّى تمَّ لهُ إخضاع مُعظمها، وتُغطِّي المُدَّة الزمنيَّة بين سنتيّ [[1006 هـ|1006]] و[[1009 هـ|1009هـ]] المُوافقة لِما بين سنتيّ [[1598]] و[[1601]]م.<ref name="الساداتي1" /><ref>{{استشهاد مختصر|1=مؤنس|2=1987|ص=257}}</ref>

== سلطنته في ظل بيرم خان ==

=== الأوضاع السياسيَّة في الهند عشيَّة اعتلاء أكبر العرش ===
[[ملف:Moghol-ar.svg|تصغير|يمين|خريطة تُظهر تطوُّر حُدُود دولة مغول الهند في ظل سلطنة أكبر.]]
لم يعش [[نصير الدين همايون]] طويلًا بعد أن استعاد الحكم، فورث أكبر عن والده حكم بلاد تسودها الاضطرابات، كما انتشرت المجاعات والأمراض في أنحائها، فقد كانت الأجزاء الشمالية من الهند بما فيها [[دلهي]] و[[أغرة]] قد ضربها الطاعون الذي أودى بحياة الكثير من الناس. وكان عرش دلهي كان قد أصبح كالكرة تتداولها أيدي الأفغان والمغول، ولم تعد السلطنة إلا تعبيرًا جغرافيًا أو مجموعة من الولايات.<ref name="طقوش-217-218">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=217-218}}</ref>

كما غدت السيادة على الإقليم الشمالي الغربي من الهند موضع نزاع بين أمراء [[صوريون|أسرة سور الأفغانية]] «[[إسكندر شاه السوري]]» و«[[محمد عادل شاه السوري]]»، فقد جمع إسكندر شاه جيشًا كبيرًا في [[بنجاب (منطقة)|الپنجاب]] وبدأ يتحفز للانقضاض على [[دلهي]] و[[أغرة]] واسترداد الأراضي التي أخرجه [[نصير الدين همايون]] منها، وأما مُحمَّد عادل شاه فقد تراجع إلى الأقاليم الشرقية واستقر في [[تشونار|چنار]] وأخذ يعمل على توسيع نفوذه هناك، وفي نفس الوقت بعث قائده الهندوسي «[[هيمو البقال]]» على رأس قوات كثيفة فأحرز لنفسه بطولة فائقة بانتصاره في أكثر من اثنتين وعشرين معركة، ثم توقف بقواته بالقرب من [[أغرة]] بعد ذلك في مرتقبًا الفرصة المواتية لاستردادها من جديد.<ref name="الشيال-80-81">{{استشهاد مختصر|1=الشيال|2=2001|ص=80-81}}</ref>

لم تكن أسرة سوري وحدها من تهدد سلطان أكبر بالهند، حيث تعرض كذلك لتهديد أخيه «[[محمد حكيم ميرزا]]» الذي أعلن استقلاله [[كابل|بكابُل]]، ثم أخذ بعد ذلك يتطلع ببصره إلى أرض الأرض نفسها والجلوس على عرشها. وقد كانت كابُل طريق تعد أرض الرجعة للسلاطين المسلمين بالهند، وطريق الإمدادات التي كانت تمدهم بمحاربي [[بلاد ما وراء النهر]].<ref name="الساداتي-96-97">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=96-97}}</ref>

وكانت ولايات [[السند (إقليم)|السند]] و[[ملتان|المُلتان]] و[[كشمير]] قد انفصلت عن [[سلطنة دلهي|سلطان دلهي]] بدورها لسنين خلت، في حين راح الأمراء الراجپوتيون يغتنمون ما أتاحه لهم اضطراب الأحوال من فرص لاستعادة الكثير من سلطانهم القديم ونفوذهم الذي فقدوه أثناء حكم [[ظهير الدين بابر]] واستعادوا سيطرتهم على قلاعهم «[[ميوار]]» و«[[جيسلمير]]» و«[[بوندي (الهند)|بوندي]]» و«[[جودبور|جُدهفور]]». واستردت «[[سلطنة مالوا|مالوة]]» و«[[سلطنة الكجرات|سلطنة الگُجرات]]» استقلالهما بعد أن نقضتا الحلف الذي كان بينهما وبين الحكومة المركزية أثناء حكم [[محمد تغلق]]. وكانت «[[أوديشا|أُريسَّة]]» و«[[غوندوانا (الهند)|خوندنة]]» مستقلتين. وثبت [[سلطنات الدكن|أمراء الدكن المسلمون]] أقدامهم في بلادهم من جديد، في «[[خاندش]]» و«[[برار]]» و«[[بيدر]]» و«[[سلطنة أحمد نجار|أحمد نگر]]» و«[[العادل شاهية|بيجافور]]» و«[[قطب شاهي|گُلكُندة]]». وكان الأمراء الهنادكة أصحاب «[[إمبراطورية فيجاياناغارا|إمارة ڤيايانگر]]» في الجنوب يجهدون في المحافظة على استقلالهم من اعتداءات جيرانهم المسلمين [[سلطنات الدكن|أمراء الدكن]]. وكان [[الهند البرتغالية|الپُرتغاليون]] بدورهم يقيمون في حصونهم القوية في «گووه» و«ديوا» على شاطئ الهند الغربي بعد أن خاضوا معارك عنيفة ضد سلاطين الگجرات المسلمين وأعوانهم من سلاطين [[الدولة المملوكية|المماليك]] و[[الدولة العثمانية|العثمانيين]].<ref name="طقوش-217-218" /><ref name="الشيال-80-81" /><ref name="الساداتي-96-97" />

=== الصراع مع هيمو البقَّال ومعركة پاني پت الثانية ===
{{مفصلة|معركة باني بت الثانية{{!}}معركة پاني پت الثانية}}
[[ملف:Maharaja Hemu Bhargava - Victor of Twenty Two Pitched Battles, 1910s.jpg|تصغير|يمين|رسم تخيلي للقائد الهندوسي هيمو البقَّال. كان في أول أمره بقالًا بمدينة رواري بإقليم موات ثم عهد إليه بمراقبة الأسواق، حتى صار مديرًا لإمدادات الجيش، وما زال يرتقي حتى بلغ مرتبة القيادة وصار وزيرًا للسلطان محمد عادل شاه السوري.<ref name="الساداتي-98-101" />]]
يذكر المؤرخون أنه كان من حسن حظ أكبر عندما اعتلى عرش آبائه في هذه السن الحرجة وفي هذا الوضع المضطرب أن وجد إلى جانبه الوزير [[بيرم خان]]، الذي بذل جهده لمساعدة سيده وتدعيم ملكه إلى أن بلغ رشده واكتملت رجولته.<ref name="الشيال-82-83">{{استشهاد مختصر|1=الشيال|2=2001|ص=82-83|لغة=en}}</ref> وجد بيرم خان أن الخطر الأكبر يتمثل في [[صوريون|آل سور]]، فقرر التخلص منهم أولًا، وكان هؤلاء يجهدون لاسترداد ملكهم المفقود. وفي الوقت الذي كان فيه بيرم خان يجد في مطاردة إسكندر شاه السوري في [[بنجاب (منطقة)|الپُنجاب]] اقتحم «[[هيمو البقال|هيمو (هيمون)]]» قائد محمد عادل شاه السوري مدينة [[أغرة]] على رأس خمسين ألف فارس وخمسمائة من الفيلة، وأرغم واليها إسكندر أوزبك على التقهقر إلى [[دلهي]].<ref name="طقوش-219-220-221">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=219-221|لغة=en}}</ref>
أدرك أكبر فورًا على أثر هذه الضربة أن [[دلهي]] هي الهدف التالي لهيمو، فبادر إلى تسيير تعزيزات عسكرية بقيادة علي قُلي حاكم سمبهال، ويبدو أن هيمو علم بذلك، فأسرع إلى المدينة وسبق التعزيزات المغولية، فاصطدم بحاكمها «[[تردي بيكخان|تردي بيگخان]]» وانتصر عليه. وقد لاذ تردي بيگخان بالفرار بعد هزيمته ناجيًا بنفسه دون أن يفطن أن عدوه عدل عن مطاردته، وقد كان السبب في كسر قوته تأخر وصول الإمدادت إليه من جهة، وقوة عدوه من جهة أخرى، وذهب إلى «سرهند» مع إسكندر أوزبك، ولحق بهما علي قُلي عندما علم بسقوط دلهي. دخل هيمو مدينة [[دلهي]] في جو من الانتصار، واتخذ لنفسه على أثر هذا النصر لقب «بكرماديت» الهندوسي القديم، وأبدى رغبة قوية في إحياء أمجاد أمته القديمة، ومناهضته للإسلام والمسلمين. وبدأت تداعبه الآمال بعد هذه الانتصارات أن يستأثر بالعرش المغولي لنفسه مهملًا شأن سيده عادل شاه، فضرب السكة باسمه، ورفع المظلة السلطانية فوق رأسه، وولى خاصته ورجاله في مناصب الدولة وشؤون الولايات، وسيطر على المنطقة الواقعة بين [[منطقة جواليور|غواليور]] و[[نهر ستلج]].<ref name="الساداتي-98-101">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=98-101}}</ref>
[[ملف:The defeat of Hemu, Akbarnama.jpg|تصغير|هزيمة هيمو في [[معركة باني بت الثانية|معركة پاني پت الثانية]].]]
كان أكبر في غضون ذلك في غولندار، وعندما علم بسقوط [[أغرة]] و[[دلهي]] تلقى نصيحة من معظم قادة جيشه بالتراجع نحو [[كابل]]، لكن أكبر ووزيره [[بيرم خان]] قاوموا هذه التوجه وأصروا على القتال لأن في تنفيذه قضاء على آمال الأسرة المغولية، وتشير المصادر أن هؤلاء القادة الذين أشاروا بالتراجع قد هالتهم كثرة قوات هيمو، التي كانت تبلغ مائة ألف من الجند وخمسمائة من الفيلة، بالمقارنة مع ضآلة قواتهم التي لم تكن تعدو عشرين ألفًا بين فرسان ومشاة. أمر بيرم خان بالقبض على تردي بيگخان وقتله لأنه لم يحسن التصرف أثناء مواجهته للعدو، وليكون عبرة لغيره من القادة. عهد أكبر إلى صهره خضر خان بمواصلة قتال إسكندر شاه السوري، ثم خرج هو على رأس قواته للقاء القائد الهندوسي هيمو وعصبته.<ref name="الساداتي-98-101" />

التقى الطرفان في سهل [[باني بت|پاني پت]] في يوم [[2 محرم]] [[964 هـ|964هـ]] الموافق فيه [[5 نوفمبر|5 تشرين الثاني (نوڤمبر)]] [[1556]]م. واستطاعت فرقة من طلائع الجيش المغولي أن تعرقل هيمو بالاستيلاء على مدفعيته، ومع ذلك استطاع هيمو أن يكتسح جناحي جيش أكبر، فأصاب ذلك الجيش المغولي بالذعر، إلا أن تغييرًا وجه المعركة فجأة، وذلك بعد أن أصيب هيمو بسهم في عينه أفقده وعيه، ثم وقع على الأرض، وحين طلب من فَيَّاله أن يسير به وبدابته إلى خارج ميدان المعركة توهم أفراد جيشه وقوع الهزيمة بهم، فانفرط عقدهم لساعتهم وتفرق شملهم، ووقع هيمو نفسه في الأسر، وجيء بالأسير إلى أكبر فأشار عليه وزيره [[بيرم خان]] بأن يقلته، إلا أن أكبر رفض أن يحقق هذه الرغبة معتبرًا أنه ليس من الشهامة ولا من الفروسية التنكيل بأعزل جريح، وعدو منهزم، وعند ذلك استل بيرم خان سيفه وتولى هو قتل هيمو، ثم بعث برأسه إلى [[كابل]] وبجثته إلى [[دلهي]] ليرى الثائرون مصير صاحبهم عبرة لهم وعظة. كان من نتائج هذه النصر أنه تمت إزالة أقوى معارض لأكبر، وتشتيت شمل جيشه، وغنم الجيش المنتصر غنائم كثير، تشمل مبالغ طائلة من المال، و1500 من الفيلة، وتقدم أكبر واستعاد [[دلهي]] و[[أغرة]] والمناطق المجاورة، وضاعت آمال الهندوس لتكوين مُلك خاص بهم في الهند، وشكل خطوة تمهيدية للقضاء نهائيًا على حكم الأفغان في الهند، وارتفعت مكانة الجيش المغولي منذ ذلك الحين.<ref name="الشيال-82-83" /><ref name="طقوش-219-220-221" /><ref>{{استشهاد مختصر|1=غازي|2=2009|ص=45}}</ref>

=== القضاء على آل سور الأفغان ===
بعد القضاء على هيمو واسترجاع [[دلهي]] و[[أغرة]] التفت أكبر ووزيره [[بيرم خان]] إلى [[صوريون|أسرة آل سور الأفغانية]] الذين ما زالوا يطالبون بالعرش ليقضي عليهم، وقد كانت هزيمة القائد الهندوسي الكبير هيمو قد حطمت آمالهم ونال اليأس من نفوسهم منالًا شديدًا، وقد كان أكبر قبل معركة پاني پت الثانية قد أرسل جيشًا لقتال إسكندر شاه السوري، خرج أكبر إلى [[لاهور]] فبلغ [[جالاندهار|جالندهر]] وبعد أن علم إسكندر شاه بذلك ارتدَّ من تلال «سيوالِك» إلى حصن «مانكُت» فاعتصم فيه. حتى إذا ما قدم أكبر ومدفعيته إلى هذا الحصن شدّد الحصار عليه، فاضطر إسكندر إلى طلب الصلح، وتعهد بالولاء التام للسلطان أكبر مقابل السماح له بالمسير إلى البنغال بأمان، وحفظ أكبر على هذا الأمير كرامته فولاه «بهار» و«خريد» في الشرق؛ فلبث بها حتى وافته منيته بعد عامين في سنة [[977 هـ|977هـ]] المُوافقة لِسنة [[1569]]م. وأما محمد عادل شاه السوري فقد اقتحم عليه خضر خان وإخوته مقره في «[[تشونار|چنار]]» فدحروا قواته وقتلوه في [[رجب]] [[966 هـ|966هـ]] المُوافق فيه [[أبريل|نيسان (أبريل)]] [[1559]]م انتقامًا لمقتل أبيهم «محمد خان البنغالي». وحاول «شير شاه الثاني بن عادل شاه السوري» أن يسيطر على [[جونبور|جونفور]] بعد مقتل والده، فتصدى له القائد المغولي خانزمان وهزمه، وضم أملاكه إلى الدولة المغولية. أما [[إبراهيم شاه السوري]] فقد زينت له بعض القبائل الأفغانية الاستيلاء على ولاية مالوه، حتى إذا فشل في اقتحامها تحول إلى ولاية «أُريسَّة» في إقليم البنغال فبقي فيها حتى سنة [[975 هـ|975هـ]] المُوافقة لِسنة [[1568]]م حيث لقي مصرعه على يد القائد المغولي «سليمان كِراني».<ref name="الشيال-82-83" /><ref name="طقوش-219-220-221" /><ref name="الساداتي-102" /><ref>{{استشهاد مختصر|1=علي|2=2008|ص=103}}</ref>

=== ثورة علي قُلي ===
كان علي قُلي أحد القادة [[أوزبك|الأوزبكيين]] الكبار، رُقِّي إلى رُتبة «خانزمان» (خان زمان) بعد معركة پاني پت سنة [[963 هـ|963هـ]] المُوافقة لِسنة [[1556]]م تقديرًا لِجُهُوده وشجاعته، والتفَّ حوله كثيرٌ من الجُند والقادة والأُمراء. وفي سنة [[967 هـ|967هـ]] المُوافقة لِسنة [[1560]]م، حاول الأفغان، بِقيادة شير شاه بن عادل شاه السوري، الاستيلاء على [[جونبور|جونفور]]، انطلاقًا من حصن [[تشونار|چنار]]، فتصدَّى لهم علي قُلي وهزمهم بِجيشٍ جرَّار،<ref name="الساداتي-102">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=102}}</ref><ref name="بخشي3">{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=18-19}}</ref> ويبدو أنَّهُ اغترَّ بِقُوَّته فرفض بعد انتصاره أن يرُد الفيلة التي غنمها إلى السُلطان، فخرج أكبر بِنفسه من مدينة کالپي لِقتاله وزحف نحو جونفور، وعندما سمع علي قُلي بِخُرُوجه أسرع بِتقديم الولاء والطَّاعة له، واصطحب معهُ الفيلة وغنائم الحرب وبعض الهدايا ووضعها بين يدي السُلطان، فعفا عنهُ وتغاضى عن عصيانه وثبَّتهُ في حُكم جونفور.<ref name="بخشي3" />

=== سُقُوط بيرم خان ===
[[ملف:Bairam Khan's submission.png|تصغير|يمين|إحضار بيرم خان أمام السُلطان أكبر بعد وُقُوعه في الأسر.]]
[[ملف:Bairam Khan is assassinated by an Afghan at Patan, 1561, Akbarnama.jpg|تصغير|اُغتيل بيرم خان وهو يجتاز الگُجرات في طريقه إلى [[مكة|مكة المكرمة]] عام [[968 هـ|968هـ]] الموافق فيه [[1561]]م على يد أفغاني يدعى مبارك خان اللوحاني ثأرًا لمقتل والده على يديه في إحدى المعارك.]]
يشير المؤرخون إلى أن [[بيرم خان]] [[ترك]]ماني المولد، [[الشيعة|شيعي المذهب]]، وكان من أخلص أتباع [[نصير الدين همايون]] والد أكبر، فقد تحمل معه كل متاعب الحياة في منفاه، ووقف إلى جانبه في أشد الأوقات، وكان ناصحًا وفيًا له حتى استعاد ملكه في الهند. ولم يكن أقل إخلاصًا لأكبر الذي تولى الوصاية على عرشه، فقد كان سياسيًا محنكًا وإداريًا حازمًا، يبذل قصارى جهده في تصريف شؤون الدولة على أحسن وجه، وتم له القضاء على [[صوريون|أسرة سور الأفغانية]]، وخاض معه غمار [[معركة باني بت الثانية|معركة پاني پت الثانية]] وتم لهم الانتصار بتوجيهاته، وفي عهد وصايته على العرش اُستُعيدتْ «[[دلهي]]» و«[[أغرة]]» والمناطق المحيطة بهم، وضم «آچمير» و«[[منطقة جواليور|گواليار]]»، واقتحمت «[[جونبور|جونفور]]»، وأمنت الحدود الشمالية الغربية، فأمكن بذلك للسلطنة أن تستعيد أغلب الأراضي التي كانت لها أيام [[ظهير الدين بابر]]. وعمل كذلك على تثقيف السلطان الشاب وحضه دومًا على طلب العلم والتزود بالمعرفة.<ref name="الساداتي-103-105">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=103-105}}</ref><ref name="طقوش-221-224" /><ref>{{استشهاد مختصر|1=أبو شنة ومحسن|2=2019|ص=456}}</ref>

وبعد أن تم له هذا كله، بدأ بيرم خان يوجه جهوده نحو الحالة الداخلية، لكن هذا الوزير لم يلبث أن اصطدم بأطماعه الشخصية وبالسلطان الذي يتولى الوصاية عليه. ولقد عرف أكبر فضل هذا الرجل عليه وهمته وحزمه تثبيت ملكه، وأنه المسؤول عن نجاحه في الأعوام الأولى من حكمه، فخلع عليه لقب «خان خانان» أي أمير الأمراء،<ref>{{استشهاد مختصر|1=حسين|2=2012|ص=114}}</ref> وجعله وكيلًا للسلطنة. إلا أن هذا الوزير ارتكب عدة هفوات أدت إلى تكتل أعدائه ضده، ومن ثم إسقاطه، منها أنه كان يغار من حاشية السلطان، ولا يسمح أن يحصل أحد منهم من رعاية أو فضل إلا بإذنه وبعد استشارته، وأنه كان يتصف بالكبر والتعالي على الحاشية، وأنه رفع من شأن أبناء مذهبه الشيعي وخصهم بالمناصب الرفيعة في الدولة، وأمعن في اضطهاد [[أهل السنة والجماعة]] وهم أصحاب الغالبية العظمى في الهند، مستغلًا في ذلك حادثة اندحار القائد السني تردي بيگخان أمام القائد الهندوسي هيمو في {{وإو|لغ=en|تر=Battle of Tughlaqabad|عر=معركة دلهي}}، حتى فاضت نفوس [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] بالسخط الشديد عليه، وأنه مال سرًا إلى «أبي القاسم بن كمران»، ابن عم أكبر، الذي كان يطمع في اعتلاء عرش الهند، وأنه عزل صدر الصدور «بير محمد» المقرب للسلطان من منصبه، وعيّن مكانه «الشيخ كاداي» الشيعي المذهب.<ref name="الساداتي-103-105" /><ref name="طقوش-221-224" />
[[ملف:Bairam Khan's widow and child are escorted to Ahmedabad, Akbarnama.jpg|تصغير|يمين|مُنمنمة مغوليَّة من كتاب «أكبرنامه» تُصوِّر اصطحاب أرملة بيرم خان (الظاهرة في الهودج) وابنه عبد الرحيم (محمولًا على الأكتُف) إلى مدينة [[أحمد آباد]]، بعد اغتيال بيرم المذكور.]]
كانت نتيجة سلوكه هذا أن عاداه رجال البلاء ونساء القصر، وكان في مقدمة الناقمين عليه «حميدة بانو بيگم» أم السلطان، ومرضعة أكبر «مهيم أنقاه»، وأخوه من الرضاع «أدهم خان»، وحاكم دلهي «شهاب الدين أحمد»، و«شرف الدين حسين ميرزا»، و«بير محمد»، وقد كانوا جميعًا يكرهون بيرم خان لأسباب مختلفة، ولهذا فقد كانوا يبذلون كل جهودهم لتسوء العلاقة بينه وبين السلطان، ونجحوا في ذلك.<ref name="طقوش-221-224" /><ref name="بخشي2" /> فقد حدث أن أكبر يشاهد صراع بين الفيلة، وهي رياضة كانت منتشرة في الهند، فاشتدت ثورة الفيلين المتصارعين وخرجا عن طورهما، وتخطيا الأسوار، وهاجما معسكر بيرم خان -وكان قريبًا من المكان- وهددا حياته بالخطر. وعلى الرغم من أن الحادث قد وقع بطريق الصدفة، فقد اعتذر السلطان لوزيره، لكن الأخير انتابه الغضب، وأمر فورًا بقتل رجل بريء من خدم السلطان الخاصين، عند ذلك ثار أكبر لكرامته. وفي الواقع كانت العلاقة بين السلطان الذي بلغ سن الرشد في عام [[967 هـ|967هـ]] الموافق فيه [[1560]]م قد سادها الفتور على الرغم مما بذله أكبر من جهود لإرضاء وزيره وتهدئته، فزوجه ابنة عمته «[[سليمة سلطان بيغوم|السلطانة سليمة]]»، ومع هذا تمادى بيرم خان حين أمر بقتل رجل من حاشية السلطان لجرم قد اقترفه من دون العودة إلى السلطان.<ref name="طقوش-221-224" /><ref name="الشيال-85">{{استشهاد مختصر|1=الشيال|2=2001|ص=85}}</ref>

وبدأت المؤامرات لإبعاده عن السلطة. وحدث أن سافر أكبر إلى [[دلهي]] لزيارة والدته، فاستغلت مرضعته «مهيم أنقاه» وجوده هناك وأفرغت كل ما كانت تختزنه من أحقاد ضد بيرم خان.<ref>{{استشهاد مختصر|1=المحمدي|2=2017|ص=78}}</ref> وكان أكبر على استعداد لتقبل كل ما يقال له، ولهذا لم يكد أن يعود من [[دلهي]] حتى أصدر أمرًا جاء فيه، أنه يريد أن يتولى الحكم بنفسه بدون وصاية لبلوغه سن الرشد، وأنه ينحيه عن وظائفه التي يتولاها، وأمره بأن يرحل إلى [[مكة|مكَّة المُكرَّمة]] ليقضي بقية حياته في العبادة بعيدًا عن متاعب الحياة العامة. عند ذلك أدرك بيرم خان ما كان يُدبر له في الخفاء، وشعر بخطورة الموقف، وأنه في الواقع قد تجاوز حده معترفًا بأنه أخطأ في تصرفاته، فحاول أن يصلح موقفه بأن أرسل اثنين من قادته الذين يثق بهم إلى السلطان يرفعان ولاءه ويؤكدان خضوعه وإخلاصه للعرش، فقبض أكبر على الرسولين وسجنهما، وأرسل رسولًا من قِبله إلى بيرم خان يؤكد قراره السابق، وضرورة الإسراع بالرحيل إلى مكة. أحس بيرم خان بنفور السلطان عنه فعقد النية على الابتعاد عن البلاط والمسير نحو مكة، حتى إذا ما بلغه تسيير السلطان الجند في أثره، مخافة أن يستحوذ على الپُنجاب، فغضب لذلك غضبًا شديدًا فأعلن عزمه على مناهضة قوات الدولة، غير أنه وقع في الأسر، وحمل إلى السلطان في [[لاهور]]، ولما مثل بين يديه طلب الصفح منه، فعفا عنه، وخيره بين ثلاث: إما أن يبقى في القصر فيعامل باحترام وإعزاز بوصفه صاحب فضل على الأسرة الحاكمة، أو يظل في الخدمة فيعينه واليًا على أحد الأقاليم، أو يذهب إلى [[الحجاز]] ويتفرغ للعبادة في [[مكة|مكَّة المُكرَّمة]]، فيقدم له المنح والمساعدات التي تعينه على ذلك. اختار بيرم خان الحل الثالث، وسمح له أكبر بذلك وأمده بقوة حراسة ترافقه ووهبه معاشًا كافيًا، ولكن الوزير لم يتمكن من إتمام رحلته، فحينما كان يجتاز الگُجرات في طريقه إلى مكة اغتيل على يد أفغاني يدعى مبارك خان اللوحاني، ثأرًا لمقتل والده على يديه في معركة ماشبوارة، وكان ذلك في شهر [[جمادى الأولى]] [[968 هـ|968هـ]] الموافق فيه شهر [[يناير|كانون الثاني (يناير)]] [[1561]]م. وعلى أثر مقتله، تزوج أكبر [[سليمة سلطان بيغوم|أرملته]]، واحتضن أكبر ابنه «{{وإو|لغ=en|تر=Abdul Rahim Khan-I-Khana|عر=عبد الرحيم بن بيرم خان}}» ببلاطه وكان إذ ذاك في الرابعة من عمره، فما زال يرعاه حتى بلغ أكبر مناصب الدولة.<ref name="طقوش-221-224">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=221-224}}</ref>

== سلطنته في ظل نساء القصر ==
مهَّد زوال بيرم خان الطريق، لِلحاشية ورجال القصر ونسائه، لِلهيمنة على مُقدرات الدولة، فيما يُعرف بِسلطنة الخواتين (جمع [[خاتون]]) أو مرحلة حُكم النساء ([[967 هـ|967]] - [[971 هـ|971هـ]] \ [[1560]] - [[1564]]م)، وكان أبرز هؤلاء وأشدُّهم نُفوذًا مُرضعة أكبر الداهية «مهيم أنقاه»، وكانت موضع ثقة السُلطان، يستشيرُها في كُل شُؤون الدولة وكان يحكم من خِلالها إلى حدٍّ كبير. وأخذت هذه السيِّدة تُنصِّب أتباعها في مرافق الدولة وفق هواها، ورفعت من مقام ابنها أدهم خان. وسُرعان ما تكشَّفت خُطُورتها، فراح أكبر يُراقب سُلُوكها وتصرُّفات أتباعها بِيقظةٍ وحذر.<ref name="بخشي2">{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=23-26}}</ref><ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Jackson|2=1999|ص=237|لغة=en}}</ref> ويرى بعض المُؤرِّخين، كالدكتور [[جمال الدين الشيال|جمالُ الدين الشيَّال]]، أنَّ الحقائق التاريخيَّة تدحض الدعوى القائلة بِحُكم أكبر تحت تأثير نساء القصر، وتُثبت أنَّ أكبر كان الحاكم بِأمره، بِدليل عفوه عن بيرم خان وإكرامه له رُغم مُعارضة «مهيم أنقاه» وإصرارها على ضرورة عقابه، وبِدليل ما فعلهُ أكبر لاحقًا بِأدهم خان أخيه في الرِّضاع وابن مهيم أنقاه لمَّا تجاوز حُدوده مع السُلطان.<ref name="الشيال87-99" />

=== ثورة أدهم خان ===
[[ملف:The Defeat of Baz Bahadur of Malwa by the Mughal Troops, 1561, Akbarnama.jpg|تصغير|يمين|أدهم خان يفتتحُ مالوة ويهزمُ باز بهادُر.]]
كان أكبر قد أرسل أخاه بِالرضاعة أدهم خان، ومعهُ مير مُحمَّد خان، على رأس جيشِ لِإخضاع بايزيد باز بهادُر بن شُجاع خان، آخر [[سلطنة مالوا|سلاطين مالوة]]، بعدما وصلت مسامع السُلطان أنَّ نظيره المالوي ليس لهُ دراية بِالحُكم وأنَّهُ يُفضِّل مُرافقة الفُقهاء والمُطربين والمُوسيقيين، مما سمح لِلفاسدين والظالمين في دولته أن يعتدوا على الفُقراء والضُعفاء مُستغلِّين قلَّة اكتراث سُلطانهم بِالشأن العام، فأزهقوا الكثير من الأرواح في سبيل تحقيق مصالحهم الشخصيَّة، الأمر الذي دفع أكبر إلى استغلال الفُرصة لِضم تلك البلاد إلى دولته لِتكون دارًا لِلأمن والأمان، فأرسل المذكورين لِتسخيرها والسيطرة عليها بِالقُوَّة. ولمَّا وصل الجيش المغولي على مقرُبةٍ من مدينة سارنكفور تنبَّه باز بهادُر لِلخطر المُحدق به، فسار إلى المدينة المذكورة على رأس جيشٍ وتحصَّن بها، ولمَّا وصل المغول وجدوه قد أعدَّ العدَّة لِلقتال، فنصبوا المدافع على المدينة وقصفوها، ففرَّ الأُمراء الأفغان الذين كانوا يكتمون الضغينة في نُفُوسهم، وتبعهم باز بهادُر نفسه، فسقطت المدينة بِيد المغول ومعها غنائم لا تُحصى.<ref name="الهروي" />
[[ملف:Akbar orders punishment of Adham Khan, Akbarnama.jpg|تصغير|أكبر (الواقف في أعلى اليسار) يشهد إلقاء أدهم خان من على الشُرفة إلى أسفل، مرَّتين، حتَّى مات.]]
كتب أدهم خان عن أمر هذا الفتح وأرسلهُ إلى البلاط السُلطاني مع جُزءٍ من الأفيال والغنائم، واستحوذ على مُعظمها الآخر ووزَّع بعضُها على أتباعه لاستقطابهم، كما احتفظ بِالرَّايات السُلطانيَّة وشعار المُلك، فارتاب السُلطان في نواياه وقرَّر تأديبه، فخرج على رأس جيشه يوم [[21 شعبان]] [[968 هـ|968هـ]] المُوافق فيه [[6 مايو|6 أيَّار (مايو)]] [[1561]]م من دار السلطنة إلى [[مالوا|مالوة]]، وفتح أثناء سيره قلعة كاكرون الحصينة، وبعد ستَّة عشر يومًا وصل سارنكفور وفاجأ أدهم خان لِيطَّلع بِنفسه على ما بِحُوزته من أسلابٍ ضخمة، ولم يملك أدهم خان عند ذاك إلَّا أن يدَّعي أنَّهُ كان بِصدد إرسالها إلى العاصمة أغرة، فاستولى أكبر على الغنائم وعزلهُ عن حُكم مالوة، واصطحبهُ إلى أغرة ولم يقتُله وأمرهُ بِمُلازمة القصر، وذلك بِتأثير مُرضعته مهيم أنقاه، والدة أدهم خان، وعيَّن مير مُحمَّد خان حاكمًا على مالوة.<ref name="الهروي">{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=26-30}}</ref>

وحدث في غُضُون ذلك أن رُقِّي أحد رجال السُلطان، ويُدعى شمسُ الدين مُحمَّد آتگه خان، إلى مرتبة وكيل السلطنة، وهي وظيفة تُشبه وظيفة [[صدر أعظم|الصدر الأعظم]]، فاشتعلت نيران الحقد في صدر أدهم خان، ودفعهُ الألم الذي كان يشعُر به، لِفُقدانه حُكم مالوة، إلى التسلّل في إحدى الليالي مع بعض رجاله إلى الديوان العام، وانقضَّ على شمس الدين وقتله، فحدثت ضجَّة على أثر ذلك أيقظت السُلطان، ولمَّا وقف على حقيقة الأمر استدعى أدهم من منزله، ولمَّا حضر إلى مجلسه لكمهُ بِقُوَّةٍ طُرح على أثرها أرضًا ثُمَّ أُمر به فأُلقي من شُرُفات القصر إلى داخل القلعة، فلم يمت أوَّل مرَّة، فأُلقي به مُجددًا فمات، ولعلَّ عدم موته مُباشرةً يعود إلى أنَّ الشُرفة التي أُلقي منها كانت ترتفعُ حوالي أربعة أمتارٍ فقط، وأُرِّخت هذه الحادثة بِيوم الإثنين [[12 رمضان]] [[970 هـ|970هـ]] المُوافق فيه [[4 مايو|4 أيَّار (مايو)]] [[1563]]م، وقيل أنها وقعت قبل سنة أي سنة [[969 هـ|969هـ]] المُوافقة لِسنة [[1562]]م.<ref name="بدواني1">{{استشهاد مختصر|1=بدوانى(د.ت)|2=|ص=51-52}}</ref><ref name="الهروي2">{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=32}}</ref> بُعيد قتله، ذهب أكبر بنفسه إلى مهيم أنقاه وأخبرها أنَّهُ قتل ابنها لِفعلته، فأسرَّت الحُزن في نفسها وأجابته بأنَّهُ فعل حسنًا بِأن قتل خائنًا ولو كان ابنها، لكنَّها لم تلبث طويلًا بعد هذه الحادثة، فماتت غمًّا وكمدًا وحُزنًا على ابنها بعد حوالي أربعين يومًا.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Majumdar|2=1974|ص=113-114|لغة=en}}</ref><ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Abu'l-Fazl|2=1907|ص=268-275|لغة=en}}</ref> وعاقب أكبر الجماعة التي كانت مع أدهم خان في هذه الفتنة، وأجبر كُل شخصٍ منهم على الانزواء،<ref name="الهروي2" /> ثُمَّ أمر بِدفن أدهم خان (ووالدته مهيم أنقاه بعد وفاتها) بِكُلِّ مظاهر الاحترام في ضريحٍ أقامه في ناحية «مهرؤلي» من مدينة [[دلهي]].<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Abu'l-Fazl|2=1907|ص=274|لغة=en}}</ref>

=== مصاهرة الراجپوتيين وزوال سلطنة الخواتين ===
[[ملف:Jodhbai.jpg|تصغير|مريم الزمان، زوجة أكبر الهندوسيَّة.]]
عند وفاة مهيم أنقاه، تحرَّر أكبر نسبيًّا من تأثير أفراد الحاشية، وأدرك ضرورة التقرُّب من الهندوس لِنفخ روحٍ جديدةٍ في الدولة، فبعد أن قضى على دسائس نساء القصر والثورات التي قامت ضدَّ حُكمه، رأى أن يبدأ عهدًا جديدًا في حُكم الهند مُبرهنًا عن بُعد نظر في التفكير السياسي. وإذ أدرك مُنذُ اللحظة الأولى أنَّهُ من الحُمق اتباع سياسة أسلافه تجاه الهندوس، والتي كانت قائمة في أغلب الأوقات على العداء والحرب والقهر؛ رأى وُجُوب ارتكاز سياسته على أساسٍ متينٍ من حُب رعاياه ورضائهم، بِغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم، والعمل على توحيد سُكَّان الهند جميعًا، [[الإسلام في الهند|مُسلمين]] وهندوس، ولِهذا ابتدأ بِاستقطاب [[راجبوت|الراجپوتيين]] الذين يُكوِّنون [[النظام الطبقي في الهند|الطبقة العسكريَّة في المُجتمع الهندوسي]]، واتخذ لِتحقيق هذا الهدف وسائل كثيرة، كانت المُصاهرة أهمُّها، فقد شجَّع أكبر على قيام تقارُبٍ أُسريٍّ بين المُسلمين والهندوس قائم على الزواج، وكان [[راجا]] قصبة «آمير» المدعو «بيهار مال كاشهورها»، أوَّل راجا يُقدِّم ابنته زوجةً لِأكبر، وذلك في سنة [[969 هـ|969هـ]] المُوافقة لِسنة [[1562]]م، وقد ضمن هذا الزواج تأييد هذه الأُسرة الراجپوتيَّة القويَّة لِلسُلطان المُسلم، ومثَّل فجر عهدٍ جديدٍ في تاريخ السياسة الهنديَّة.<ref>{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=227}}</ref> وهكذا، اتخذ أكبر زوجةً هندوسيَّة هي [[جودا باي|جودا باي بنت بيهار مال الراجپوتيَّة]]، وقد تمَّ الزفاف يوم [[2 جمادى الآخرة|2 جُمادى الآخرة]] [[969 هـ|969هـ]] المُوافق فيه [[6 فبراير|6 شُباط (فبراير)]] [[1562]]م، عند عودة أكبر من زيارة ضريح العالم الوليّ خواجة مُعين الدین الجشتي.<ref name="الهروي" /> تجلَّت ثمار هذا الزواج بِوليّ عهد أكبر [[نور الدين جهانكير|نُور الدين سليم جهانكير]]، ويبدو أنَّ أكبر عشق زوجته هذه عشقًا كبيرًا، حتَّى سمَّاها «مريم الزمان».<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Mukhia|2=2004|ص=126|لغة=en}}</ref><ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Metcalf|2=2006|ص=17|لغة=en}}</ref> وفي سنة [[971 هـ|971هـ]] المُوافقة لِسنة [[1564]]م، تُوفي خواجة مُعظَّم، خالُ أكبر، وبِوفاته تحرَّر أكبر نهائيًّا من سيطرة ونُفُوذ حاشية القصر، وأصبح بِإمكانه إدارة دولته بِمُفرده.<ref name="بخشي2" /> وقد استطاع أكبر، بِفضل سياسته المُنفتحة على الهندوس، أن يستقطب مُعظم الأُمراء الراجپوتيُّون ويكسب تأييدهم، فأدخلهم في خدمة الدولة، واستفاد من خبراتهم السياسيَّة والعسكريَّة، فزال خطر هذه الطائفة في عهده التي هدَّدت دولة المُسلمين في الهند على مراحل زمنيَّة مُنذُ [[الفتح الإسلامي للسند|الفُتُوح الإسلاميَّة الأولى]].

== سلطنته المُنفردة ==
تعتبر سنة [[971 هـ|971هـ]] المُوافقة لِسنة [[1564]]م بداية عهد جديد في حكم أكبر للهند، ففي هذه السنة كان قد أمسك بيده مقاليد الحكم كلها، وقضى على كل منافسيه. وأدرك من خلال التجارب الماضية التي واجهته في مستهل حياته السياسية أنه لا يمكن أن يحكم بسلام لو ظلت الهند مجموعة من الإمارات الصغيرة المتفرقة والمتناحرة، وأن السبيل الوحيد لإقرار السلام هو إيجاد حكومة مركزية قوية تدير كافة أجزاء الهند، أي العمل على توحيد البلاد وإخضاعها لحكم المغول ويكون هو الحاكم المطلق في بلاد الهند كلها. ولذلك اندفع أكبر في حروب وغزوات متصلة الحلقات حتى سنة [[1009 هـ|1009هـ]] الموافقة لسنة [[1601]]م انتهت بتدعيم ملكه وتوسيع رقعة دولته.<ref name="الشيال87-99">{{استشهاد مختصر|1=الشيال|2=2001|ص=87-99}}</ref>

=== تجدُّد ثورة علي قُلي واستعادة مالوة ===
[[ملف:1562-Pir Muhammad Drowns While Crossing the Narbada-Akbarnama.jpg|تصغير|يمين|مير مُحمَّد خان يقضي نحبه غرقًا في نهر تربدة.]]
عيَّن أكبر مير مُحمَّد خان أميرًا على مالوة بعد أن عزل أدهم خان، ويبدو أنَّهُ نجح كقائدٍ عسكريٍّ، إذ أضاف أراضي جديدة إلى إمارته، فضمَّ ولايتيّ أسير - خاندش و[[برهان بور|بُرهانفور]]، إلَّا أنَّهُ ارتكب المجازر بِحقِّ سُكَّانها وجُنُودها، فلمَّا ضمَّ جميع قلاع ولاية أسير قتل جميع العساكر المُرابطة فيها، وأغار على أغلب قصبات وقُرى تلك الولاية ونهبها نهبًا ذريعًا، ولمَّا دخل بُرهانفور أمر بِالقتل العام، وأمر بِإحضار كثير من العُلماء و[[شريف|السادة الأشراف]] وأطاح بِرُؤوسهم. أثارت هذه الأعمال الوحشيَّة حاكم أسير وبُرهانفور، فتعاون مع باز بهادُر، آخر سلاطين مالوة سالِف الذِكر، الذي كان قد فرَّ إلى هذه النواحي بعد سُقُوط بلاده بِيد المغول، فهاجما مير مُحمَّد خان وأجبراه على الفرار. وقام أثناء فراره بِأعمال التعدِّي على المُمتلكات والأموال في كافَّة المناطق حتَّى شواطئ [[نارمادا|نهر تربدة]] الجنوبيَّة، فاجتمع الناس عليه، وما زالوا يُطاردونه حتَّى لقي حتفه غرقًا في النهر وهو في طريقه من مدينة مندو إلى مدينة تربدة، واستقلَّ باز بهادُر بِحُكم مالوة بعد أن طرد منها الأُمراء المغول.<ref name="بدواني1" /><ref name="الهروي3">{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=30-31}}</ref>

لم يركن أكبر إلى الهُدُوء، وهو يرى انسلاخ مالوة عن أملاكه، فأرسل قُوَّةً عسكريَّةً لاستعادتها بِقيادة عبد الله خان أوزبك، وعندما وصل إليها فرَّ باز بهادُر منها إلى تلال كمبالمير مُفضلًا عدم مُواجهة الجيش المغولي في معركةٍ مكشوفةٍ، فلاحقه بعض الجُنُود المغول وقتلوا جماعةً كبيرة من رجاله، فهرب إلى مروار، والتمس المُساعدة من حاكمها المهرانا «أواديسنگة»، وهو من كبار راجوات ولاية ميوار، ويبدو أنَّهُ فشل في استقطابه، فغادرها إلى الگُجرات حيثُ قضى فترةً من الزمن، ولمَّا رأى نفسه وحيدًا، شريدًا وطريدًا، أرسل إلى أكبر يلتمس عفوه مُقابل الخُضُوع له، فوافق السُلطان على التماسه، وفي روايةٍ أُخرى أنَّهُ قبض عليه وسجنه ثُمَّ أطلق سراحه وتُوفي بعد قليلٍ من ذلك، واستعاد أكبر مالوة في سنة [[971 هـ|971هـ]] المُوافقة لِسنة [[1564]]م، وعيَّن عبد الله خان أميرًا عليها.<ref name="بدواني1" /><ref name="الهروي3" />
[[ملف:1567-The Fight between Wazir Khan and Bahadur Khan Against Ali Quli Khan near Chunar-Akbarnama.jpg|تصغير|مُنمنمة مغوليَّة تُصوِّرُ اقتتال جيش أكبر مع جيش علي قُلي خان.]]
وحدث أن طمع عبد الله خان بِالمُلك، فأعلن الثورة على أكبر واستقلَّ بِحُكم مالوة، فخرج أكبر بِنفسه لِتأديبه، وعندما وصل قريبًا منها، فرَّ عبد الله إلى الگُجرات حيثُ حصل على دعمٍ من علي قُلي، الذي كان على خِلافٍ مع أكبر، وتعاون الرَّجُلان في الثورة على السُلطان وذلك في سنة [[972 هـ|972هـ]] المُوافقة لِسنة [[1565]]م، مُستغلين انهماك أكبر بِإخضاع ثورة الپُنجابيين وصد هُجُوم أخيه ميرزا عليها. واستولى علي قُلي على [[قنوج|قنَّوج]] وأوده، فأرسل أكبر جيشًا مغوليًّا لِإخماد الثورة، إلَّا أنَّهُ هُزم أمام قوى التحالُف، فاضطرَّ أن يخرج بِنفسه لِإخماد الثورة، فعادة إلى أغرة، على وجه السُرعة، فجمع جيشًا وخرج على رأسه لِمُهاجمة علي قُلي على الرُغم من حُلُول [[رياح موسمية|الرياح الموسميَّة]] مع ما تأتي به في هذه الناحية من العالم من أمطارٍ وسُيُولٍ جارفةٍ وفيضان الأنهار، ووصل إلى شاطئ [[نهر الغانج|نهر الگنج]]، وكان علي قُلي على الشاطئ الآخر مُطمئنًّا إلى أنَّ أكبر لا يستطيع أن يصل إليه في مثل هذه الأيَّام.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=49-50}}</ref>

وعبر أكبر نهر الگنج ليلًا على ظُهُور الفيلة لِعدم وُجُود السُفُن، في ظل مُعارضة أركان حربه لِما في ذلك من المُجازفة، وعبر معهُ عددٌ قليلٌ من الجُند تراوحوا بين عشرة وخمسة عشر رجُلًا، وفاجأ علي قُلي المُتحصِّن في صوبة «قره مانكفور»، الذي كان مُنغمسًا في اللهو والشُرب والطرب. وفي صباح اليوم التالي، أي [[1 ذو الحجة|1 ذي الحجَّة]] [[974 هـ|974هـ]] المُوافق فيه [[8 يونيو|8 حُزيران (يونيو)]] [[1567]]م، كان بقيَّة الجيش المغولي قد عبر إلى الضفَّة المُقابلة، فطُوِّق علي قُلي على حين غفلة، وفُوجئ بِالمغول يُحاصرونه من كُلِّ جانب. أدرك علي قُلي أنَّهُ فقد السيطرة على الموقف، لكنَّهُ قرَّر القتال حتَّى الموت، فاشتبك مع جُنُوده في معركةٍ ضدَّ المُحاصرين، لكنَّ كفَّة المغول كانت هي الأعلى، فقُتل أغلب جُنُود الثائر، وأُصيب هو بِسهمٍ أسقطه عن صهوة جواده، ثُمَّ انقضَّ عليه فيَّالٌ وسوَّاه أرضًا تحت أقدام فيله. ووقع بهادُر خان شقيق علي قُلي في الأسر، فقُتل بِسعي الأُمراء.<ref name="تشونار"/>

ولمَّا انقشع غُبار المعركة وعلم أكبر بِالنصر، سجد سجدة شُكرٍ لله وأرسل البشائر إلى عاصمة مُلكه وسائر البلاد التابعة له، كما قبض على الأشخاص الذين كانوا قد فرُّوا من البلاط ولجأوا إلى علي قُلي.<ref name="تشونار">{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=63-65}}</ref>

=== فتح خوندنة ===
ابتدأت سلسلة الفتوح بإخضاع الأمراء [[راجبوت|الراجپوتيين]] الذين رفضوا الدخول تحت حكمه، فغزا «[[مملكة خوندنه|إمارة خوندنة]]»، إحدى إمارات الراجپوت الصغيرة في الإقليم الأوسط من الهند، والممتدة من «رنثنبور» في الشرق إلى «رايسين» في الغرب و«روا» في الشمال حتى حدود «[[سلطنات الدكن|الدكن]]» في الجنوب. وكانت تحكم هذه الإمارة ملكة هندوسية تدعى «{{وإو|لغ=en|تر=Rani Durgavati|عر=راني درگاڤاتي}}» نيابة عن ابنها الصغير «بير نرايان»، وقد اشتهر اسم هذه الملكة في التاريخ لاستماتتها في الدفاع عن بلادها. أرسل أكبر جيشًا في سنة [[972 هـ|972هـ]] الموافقة لسنة [[1564]]م لفتح خوندنة بقيادة «آصف خان»، فبذلت الملكة الحاكمة جهدًا كبيرًا في الدفاع عن إمارتها الصغيرة، وقاومت الجيش المغولي ببسالة، ولكن من دون جدوى. وعندما وجدت أخيرًا أن المقاومة غير مجدية طعنت نفسها وخرت قتيلة، مفضلة الموت على الاستسلام. وحين استبان لابنها الصغير كذلك استحالة الوقوف في وجه آصف خان قائد القوات المغولية آثر تناول السم على الاستسلام لأعدائه، فلحق بأمه. وبذلك تم إخضاع خوندنة وضمها إلى أملاك السلطنة.<ref>{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=234}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=109}}</ref><ref name="الشيال-95-96">{{استشهاد مختصر|1=الشيال|2=2001|ص=95-96}}</ref>

=== فتح ميوار ===
{{مفصلة|حصار شيتور (1567–1568)|معركة هالدي غاتي}}
[[ملف:Akbar shoots Jaimal at the siege of Chitor.jpg|تصغير|أكبر يطلق النار على جاي على قائد حصن شيتور جاي مال.]]
[[ملف:Jaimal phatta delhi.jpg|تصغير|يمين|أثار ما أظهره الراجپوتيون من ضروب البسالة إعجاب أكبر حتى احتفظ بتمثالثين للقائدين «جاي مال » و«بتا»، ووضعههما على بوابة حصن أغرة.]]
[[ملف:The Battle of Haldighati by Chokha.jpg|تصغير|يمين|معركة هالدي غاتي.]]
توجه أكبر بعد ذلك إلى فتح «[[ميوار]]» والتي كانت تحت حكم الأمير الهندوسي «{{وإو|لغ=en|تر=Udai Singh II|عر=أودايسينگه الثاني}}»، وقد كان هذا الأخير ينظر إلى أكبر على أنه عدو أجنبي، ورفض الخضوع له، كما أنه كان يأوي عنده فريقًا من الثائرين على [[سلطنة مغول الهند|الدولة المغولية]]، أمثال «بهادر خان» [[سلطنة مالوا|أمير مالوة]] السابق، فضلًا عما كان يسديه من العون ويبذله من التعضيد لأبناء عمومة أكبر الطامعين في ملكه.<ref name="الساداتي-111-113">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=111-113}}</ref> يضاف إلى ذلك فإن لميوار أهمية اقتصادية وسياسية بالغة، فهي تتحكم بالطريق التجاري من شمال الهند حتى شاطئ [[كجرات|الگُجرات]]،<ref name="طقوش-235-236">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=235-236}}</ref> ولم يكن من المعقول أن يترك أكبر حصون هذا الإقليم وقلاعه القوية تشرف على حدود دولته، وهو يعمل لتكوين دولة هندية موحدة، وستبقى سيطرته على شمال الهند مزعزعة.<ref name="الشيال-95-96" />
[[ملف:RajaRaviVarma MaharanaPratap.jpg|تصغير|المهرانا پرتاپ.]]
وفي يوم [[16 ربيع الآخر]] [[975 هـ|975هـ]] الموافق فيه يوم [[20 نوفمبر|20 تشرين الثاني (نوفمبر)]] [[1567]]م هاجم أكبر وحاصر «[[قلعة شيتور|حصن چتور]]»، والذي يعد أمنع معاقل الراجپوتيين جميعًا، إذ كان يقوم على سلسلة من الاستحكامات القوية الممتدة لمسافة ثمانية أميال على نتوء صخري وارتفاع شاهق. وتلقى أودايسينگه نصيحة من قادته العسكريين بالخروج إلى التلال المجاورة حرصًا على حياته، ونظم قبل خروجه حركة المقاومة، فعين القائدين «{{وإو|لغ=en|تر=Jaimal Rathore|عر=جاي مال}}» و«بتا» للدفاع عن الحصن، فأبديا ضروبًا من البسالة حالت دون اقتحام أكبر للحصن. وبعد خمسة أشهر من [[حصار|الحصار]] والضرب المتواصل، أصيب جاي مال برصاصة أطلقها عليه أكبر وهو يُشرف على ترميم أسوار الحصن، وسرعان ما توفي متأثرًا بجروحه، وبعد أن رأى السكان من النساء والشيوخ أن زمام الأمر يفلت من أيديهم، دب الذعر والخوف في نفوسهم، فعمدوا إلى قتل أنفسهم بأيديهم، فمنهم من جرع السم، ومنهم من عرض نفسه على نيران المواقد. وقرر المقاتلون الخروج من الحصن والاشتباك مع الجيش المغولي، وجرى بين الطرفين قتال ضار ووحشي فنيت فيه غالب الحامية الراجپوتية. ودخل أكبر الحصن، وتشير بعض الروايات أن أكبر أجرى فيه مذبحة مروعة بمن بقي على قيد الحياة.<ref name="الساداتي-111-113" /><ref name="طقوش-235-236" />

هكذا نجح المغول في فتح عاصمة ميوار وحصنها چتور، لكن القسم الأكبر من الإمارة استمر تحت حكم أودايسينگه الثاني حتى وفاته في سنة [[980 هـ|980هـ]] الموافقة لسنة [[1572]]م، فخلفه ابنه المتشدد [[ماهارانا براتاب|المهرانا پرتاپ]] الذي كان يرى في توثيق العلاقات بين الأمراء الراجپوتيين وسلطان المغول خطرًا شديدًا قد يؤدي إلى القضاء التام على أمجاد بني جنسهم، وما بذله أسلافهم من تضحيات دفاعًا عن شرف عنصرهم، فنصب نفسه للدفاع عن تراث الهندوس وماضيهم. وقد بذل أكبر في نفس الوقت جهودًا لاستقطابه، إلا أنه اضطر أخيرًا إلى استعمال القوة لإخضاعه، فأرسل من أجل ذلك جيشًا كبيرًا في سنة [[984 هـ|984هـ]] الموافقة لسنة [[1576]]م بقيادة «{{وإو|لغ=en|تر=Man Singh I|عر=مانسينگه الأول}}» و«آصف خان»، اشتبك مع قوات المهرانا پرتاپ في «{{وإو|لغ=en|تر=Battle of Haldighati|عر=معركة هالدي غاتي}}» في [[21 ربيع الأول]] الموافق فيه [[18 يونيو|18 حزيران (يونيو)]] وانتهى هذا الاشتباك بانتصار القوات المغولية. وتعرضت حياة المهرانا پرتاپ للخطر أثناء القتال، ولم ينقذه إلا استعمال الحيلة، إذ أقدم أحد الأمراء بجانبه على انتزاع التاج الملكي من على رأس پرتاپ ووضعه على رأسه، فحاصره المغول معتقدين أنه الأمير الحاكم، الأمر الذي أتاح للمهرانا پرتاپ الفرار من أرض المعركة والنجاة بنفسه. وفتح المغول «توكوندا» بعد المعركة، ولم يطاردوا الفارين بسبب الإنهاك الذي بدا عليهم، إلا أن السلطان أرسل بعد ذلك فرقة عسكرية لمطاردته والقبض عليه، وكان قد لجأ إلى التلال والغابات المجاورة، ولكن العملية كانت فاشلة. ولئن كان أكبر قد سير قوات كثيفة من جنده لتكتسح إقليم ميوار كله، فإنه لم يتيسر له تحقيق غايته على التمام، فقد واصل المهرانا پرتاپ تحديه للحكومة المركزية وواصل مقاومته لأطماع أكبر ورفض الاعتراف بحكمه، وعندما توفي في سنة [[1005 هـ|1005هـ]] الموافقة لسنة [[1597]]م كان قد نجح في استعادة أجزاء واسعة من الإمارة.<ref name="الساداتي-111-113" /><ref name="طقوش-235-236" />

=== فتح رنثنبور وكالنجر ===
{{مفصلة|حصار رنثنبور (1568)}}
[[ملف:Bullocks dragging siege-guns up hill during the attack on Ranthambhor Fort.jpg|تصغير|ثيران تجر مدافع الحصار أعلى التل.]]
لم يكد أكبر يفرغ من حصار شيتور سالف الذكر حتى أخذ يعد العدة لاقتحام «{{وإو|لغ=en|تر=Ranthambore Fort|عر=حصن رنثنبور}}» ثاني قلاع الهند الكبرى، فجهز جيشًا اختار أفراده من الذين لم يشتركوا فتح چتور، وخرج على رأسه في سنة [[976 هـ|976هـ]] الموافقة لسنة [[1568]]م باتجاه رنثنبور.<ref name="الساداتي-113-114">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=113-114}}</ref>

وأثناء زحف الجيش المغولي علم أكبر بالاضطرابات التي أثارها آنذاك بعض الثائرين من الأوزبك والأفغان الذين ما إن فروا من الگُجرات حتى ذهبوا إلى حصن أوجان وحاصروه، فتحول عندئذ إلى «{{وإو|لغ=en|تر=Marwar|عر=مروار}}» للقضاء على ثورتهم، وعندما علم هؤلاء بقرب وصول القوات المغولية فكوا الحصار عن الحصن وفروا باتجاه ماندو، فطاردهم الجيش المغولي حتى [[نارمادا|نهر تربدة]] حيث غرق معظمهم أثناء عبورهم النهر.<ref name="طقوش-236-237">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=236-237}}</ref>

عاد أكبر مع جيشه إلى رنثنبور، وعسكر على التلال المحيطة بها، وحين رأى «{{وإو|لغ=en|تر=Rao Surjan Singh|عر=راي سورجان سينگه}}» صاحب الحصن قوة أعدائه وعجزه عن المقاومة، آثر السلامة، وبادر بوساطة من «بهگوان داس» و«مان سينگه» الذين كانو بصحبة أكبر إلى إعلان خضوعه واستسلامه، فخلع عليه أكبر وعلى ولديه، وما غدا بعد قليل أن أقامه على [[فاراناسي|إقليم بنارس]]، كما عهد إليه بقلعة چتور.<ref name="الساداتي-113-114" /><ref name="طقوش-236-237" />

أدى سقوط حصني شيتور ورنثنبور إلى تسهيل فتح «{{وإو|لغ=en|تر=Kalinjar Fort|عر=حصن كالنجر}}» في بندلخند ثالث أهداف السلطان أكبر، إلى تسيير مهمة الحملة التي كان قد بعث بها للاستيلاء على حصن كالنجر، فقد أرسل في شهر [[ربيع الأول]] [[977 هـ|977هـ]] الموافق لشهر [[أغسطس|آب (أغسطس)]] [[1569]]م القائد «مجنون خان كاكشال» الذي كان من حكام هذه النواحي، على رأس جيش لفتح الحصن، فاستسلم حاكمه من دون قتال بعد أن علم بسقوط حصني شيتور ورنثنبور، وحذا صاحبا حصني «[[جودبور|جُدهفور]]» و«[[بيكانر]]» حذوه وخضعوا لأكبر، فأرسل الأول ابنه ليقدم الولاء والتبعية، وقدم الثاني ابنته زوجة لأكبر. وبسقوط الحصون الثلاثة الكبرى في الهند، وبحلول سنة [[978 هـ|978هـ]] الموافقة لسنة [[1570]]م رسخ أكبر أقدامه وتعززت حدوده باستثناء بعض المدن الصغيرة التابعة لمروار، وأدى ما سلكه مع أصحاب هذه الحصون حين استسلموا إليه، من طريق المودة والرفق، فصحبهم إلى بلاطه في الغالب وأجرى عليهم الأرزاق، وعهد إليهم بقدر من مناصب الدولة، إلى أن ركن أغلب الأمراء الهندوس إلى السلم وطفقوا يساهمون معه في بناء الدولة بهمة بالغة وإخلاص.<ref name="الساداتي-113-114" /><ref name="طقوش-236-237" />

=== فتح الگُجرات ===
{{مفصلة|فتح أكبر للكجرات{{!}}فتح أكبر للگُجرات}}
[[ملف:1572-Akbars triumphal entry into Surat.jpg|تصغير|يمين|أكبر يدخل مدينة [[سورت|سورات]] في سنة [[980 هـ|980هـ]] الموافقة لسنة [[1572]]م.]]
بعد أن سيطر أكبر على «{{وإو|لغ=en|تر=Rajputana|عر=الراجپوتانا}}» وضمها إلى سلطنته، أضحت حدوده تجاور «[[سلطنة الكجرات|سلطنة الگُجرات الإسلامية]]»، وقد كان [[نصير الدين همايون]] قد ضم هذه الولاية إلى أملاكه في عهد صاحبها «{{وإو|لغ=en|تر=Bahadur Shah of Gujarat|عر=بهادر شاه (سلطان الگجرات)}}»، ولكن هذا الضم كان مؤقتًا إذ سرعان ما استعاد بهادر شاه الحكم واستقل عن [[أغرة]] أثناء انهزام همايون أمام [[شير شاه|شير شاه السوري]] وفراره من الهند، وبقيت مستقلة منذ ذلك الوقت، وقد كان يحكمها في عهد أكبر «[[مظفر شاه الثالث]]» حفيد بهادر شاه، الذي يصفه المؤرخون بالضعف والخمول، فقد اجتمع عليه نفر من رجاله وسلبوه نفوذه، ثم ما غدا نفر منهم أن انتهز فرصة الفوضى التي كانت تسود الدولة في عهده فراح يسعى إلى الاستقلال بما بأيديه من إقطاعات.<ref name="الساداتي-116-119">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=116-119}}</ref> بدأ أكبر يعمل لاستعادة هذه الولاية المفقودة وضمها ثانية إلى سلطنته مدفوعًا بعوامل عديدة، منها أن الگُجرات ولاية [[سلطنة مغول الهند|مغولية]] سابقة كانت تحت حكم والده، وأنها كانت في حالة مضطربة، وقد اختل نظام الملك فيها نتيجة للصراع القائم بين مظفر شاه والحكام الذي كان همايون قد أقامهم إبان حكمه، وأن الولاية قد أصبحت في عهده ملجأ لكل القادة الثائرين والرؤساء العصاة، فلجأ إليها الأوزبك وأمراء المغول، وقامت فيها ثورة خطيرة ضد الحكم المغولي، والأهم من هذا كله كانت الگُجرات ولاية خصبة وفيرة الثراء، وكانت تجارتها البحرية المزدهرة تجذب إليها أنظار الطامعين، وفي مقدمتهم أكبر.<ref name="الشيال-96-98">{{استشهاد مختصر|1=الشيال|2=2001|ص=96-98}}</ref> وأن «اعتماد خان» وزير مظفر شاه، أرسل إلى أكبر يلتمس المساعدة منه لإنقاذ الولاية من الفوضى التي تسودها.<ref name="طقوش-237-240">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=237-240}}</ref><ref name="بخشي-80-94">{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=80-94؛ 171-177}}</ref>
[[ملف:1573-The Battle Between the Imperial Army and Muhammad Husain Mirza near Ahmadabad-Akbarnama.jpg|تصغير|المعركة بين القوات المغولية ومحمد حسين ميرزا.]]
[[ملف:Fatehput Sikiri Buland Darwaza gate 2010.jpg|تصغير|[[بوابة بلند دروازه|بوَّابة بُلند دروازه]]، بناها أكبر تخليدًا لِذكرى فتحه الگُجرات.]]
رحب أكبر بالدعوة التي وجهها إليه اعتماد خان، فجهز جيشًا من عشرة آلاف مقاتل بقيادة «مير محمد خان آتگه»، وأرسله إلى [[أحمد آباد]] عاصمة الگُجرات، ولحق به بعد ذلك في شهر [[ربيع الآخر]] [[980 هـ|980هـ]] الموافق لشهر [[أغسطس|آب (أغسطس)]] [[1572]]م، واستسلم سلطان الگُجرات مظفر شاه من فوره لأكبر الذي أجرى عليه رزقًا حسنًا. وحذا حذوه كثير من رجال الگُجرات وخضعوا جميعًا للسلطان، الذين عين أخاه من الرضاع «[[ميرزا كوكا|ميرزا عزيز كوكا]]» حاكمًا على البلاد، وأمره بمطاردة «إبراهيم حسين ميرزا» ابن عمه، وفريق من الأمراء المغوليين العصاة الذين كانوا يقيمون هناك، ثم لحق بهم حتى [[سورت|سورات]]. هذا وقد كان البرتغاليون قد أسسوا في سورات مركزًا لتجارتهم ووضعوا فيه حامية من الجند، ولما زحف أكبر بجيشه لإخضاع المدينة نهض هؤلاء لمساعدة الثائرين اللاجئين إليها، ولكن عندما رجحت كفة أكبر مالوا إلى الصلح حرصًا على مصالحهم التجارية، وعقدوا معه معاهدة تعهدوا فيها بتسهيل الحج إلى [[مكة|مكة المكرمة]] وعدم التعرض للحجاج المسلمين في البحر، حيث أن الگُجرات كانت طريقًا ومنطلقًا للحجاج المسلمين من كافة أنحاء الهند، وكانت سورات الميناء الذي يبحر منه هؤلاء. وفر إبراهيم حسين ميرزا من سورات عندما علم بزحف الجيش المغولي، فطاردته قوة عسكرية فاشتبكت معه في شهر [[شعبان]] الموافق لشهر [[ديسمبر|كانون الأول (ديسمبر)]] وتغلبت عليه. ودخل أكبر مدينة سورات وضمها إلى أملاكه، كما دخل «[[خمبهات|كامبي (الهند)]]» واستقبل فيها عددًا من التجار من مختلف بلدان العالم، ولم يكن قد رأى البحر من قبل فانتهز الفرصة وقام برحلة بحرية قصيرة في المحيط، وبعد أن استقر له الوضع في ولاية الگُجرات عاد إلى عاصمته الجديدة [[فاتح بور سيكري|فتحپور سكري]].<ref name="طقوش-237-240" />

لم يكد أكبر يعود إلى فتحپور سكري حتى رجع الگُجراتيون إلى العصيان مرة أخرى بزعامة «محمد حسين ميرزا»، وما إن علم بذلك أسرع بالعودة إليها في يوم [[24 ربيع الأول]] [[981 هـ|981هـ]] الموافق فيه [[23 أغسطس|23 آب (أغسطس)]]، وقطع مسافة أربعمائة وخمسين ميلًا في وقت قياسي بلغ تسعة أيام، وفاجأ الثوار الذين لم يتوقعوا وصوله بمثل هذه السرعة، واصطدم بهم بالقرب من [[أحمد آباد]] وهزمهم، واستخلص من أيديهم مدينة أحمد آباد ودخل كامبي و[[فادودارا|باردوا]]، كما اقتحم حصن [[سورت|سورات]]. ورجع أكبر إلى عاصمته في منتصف عام [[981 هـ|981هـ]] الموافق لعام [[1573]]م بعد أن عهد إلى وزيره «تدرمل خان»، ثم إلى «شهاب الدين أحمد خان» من بعده بتنظيم شؤون هذا الإقليم.<ref name="الشيال-96-98" /><ref name="طقوش-237-240" />

ظلت الأمور في هذا الإقليم تميل إلى الاستقرار مدة عشرة أعوام حتى أتيح لمظفر خان سلطان الگُجرات السابق أن يجمع قوات جديدة، وهاجم بها في سنة [[991 هـ|991هـ]] الموافقة لسنة [[1583]]م مدينة [[أحمد آباد]] فدخلها، كما استولى على كمباي وباردوا فتم له بذلك السيطرة على أغلب الگُجرات، فسير إليه أكبر قائده عبد الرحيم خان خانان بن بيرم خان فرده عن كثير مما سيطر عليه، وما زالت القوات المغولية تطارده من بعد ذلك حتى استسلم إليها عام [[1000 هـ|1000هـ]] الموافق لعام [[1592]]م ليقتل نفسه بعد ذلك بموسى كان يخفيها بثيابه. وقد عهد أكبر إلى ثاني أبنائه «{{وإو|لغ=en|تر=Murad Mirza (son of Akbar)|عر=مراد ميرزا بن أكبر}}» بشؤون هذه الولاية التي صارت جزء من أراضي الدولة وبقيت في حوزة [[قائمة سلاطين مغول الهند|سلاطين مغول الهند]] قرابة قرنين من الزمان.<ref name="الساداتي-116-119" />

يعد «{{وإو|لغ=en|تر=Akbar's conquest of Gujarat|عر=فتح الگُجرات}}» إيذانًا ببدء عهد جديد في حكم أكبر، فقد بدأت [[سلطنة مغول الهند|السلطنة]] بعد هذا الفتح تخطو نحو المجد والرفاهية خطوات واسعة وثابتة، وذلك لأن خراج هذا الإقليم يعد من أهم موارد الدولة حيث يقدر بنحو خمسة ملايين روبية في السنة. وكان من نتائج هذا الفتح أيضًا أن بدأ السلطان يتصل بالبرتغاليين اتصالًا مباشرًا لأول مرة، وقد كانت لهذه العلاقات بين أكبر والبرتغاليين آثارًا سياسية هامة على تاريخ هذا العصر. كذلك مهد فتح الگُجرات السبيل لفتوح أخرى، فقد اتخذت كقاعدة تقدمت منها جيوش أكبر لغزو [[سلطنات الدكن]]، كما أصبح غزو البنغال أمرًا ميسورًا.<ref name="الشيال-96-98" />

=== ضم البنغال ===
{{مفصلة|الغزو المغولي للبنغال|صوبة البنغال}}
[[ملف:Attributed to Hiranand - Illustration from a Dictionary (unidentified)- Da'ud Receives a Robe of Honor from Mun'im Khan - Google Art Project.jpg|تصغير|يمين|داود خان الكرَّاني يتلقَّى [[قفطان]]ًا من منعم خان.]]
استطاع أكبر القضاء على معظم الفلول الأفغاني المتبقي في الهند، ولم يتبق سوى قوة أفغانية واحدة في هذه البلاد متمثلة في «{{وإو|لغ=en|تر=Karrani dynasty|عر=سلالة كراني}}» حاكمة [[سلطنة البنغال]]، وقد كانت تحت حكم «{{وإو|لغ=en|تر=Sulaiman Khan Karrani|عر=سليمان خان الكراني}}»،<ref group="la" name="مولد تلقائيا3">{{استشهاد مختصر|1=Eraly|2=2000|ص=148–154|لغة=en}}</ref> وكان هذا الرجل حكيمًا فآثر السلامة، وأعلن ولاءه الاسمي [[سلطنة مغول الهند|للدولة المغولية]] معترفًا لأكبر بحق السيادة على سلطنته، ودفع الخراج له، وذلك في سنة [[975 هـ|975هـ]] الموافقة لسنة [[1568]]م. وقد توفي سليمان خان في عام [[980 هـ|980هـ]] الموافق لعام [[1572]]م وخلفه ابنه «{{وإو|لغ=en|تر=Bayazid Khan Karrani|عر=بايزيد خان الكراني}}» فقتله وزراؤه بعد مدة قصيرة، ورفعوا أخاه «{{وإو|لغ=en|تر=Daud Khan Karrani|عر=داود خان الكراني}}» على العرش، وقد كان هذا عنيدًا صلب الرأي، انتهج سياسة مغاييرة لسياسة والده، مغترًا بما في خزائنه من أموال كثيرة، وما تهيأ له من جند كثيف، بالإضافة إلى انهماك أكبر بحروبه؛ فأعلن استقلاله عن [[سلطنة مغول الهند|الدولة المغولية]]، وامتنع عن دفع الخراج، وضرب السكة باسمه، وخُطب له على المنابر، وراح يهاجم أراضي الدولة المغولية الشرقية حتى بلغ [[باتنا|بتنة]] وخربها.<ref name="الشيال-96-98" />
[[ملف:Akbar prays after Bengal victory.jpg|تصغير|يسار|مُنمنمة مغوليَّة تُصوِّرُ أكبر وهو يشكر الله بعد انتصاره وضمِّه البنغال إلى دولته.]]
استاء أكبر من موقف داود فكلف قائده «{{وإو|لغ=en|تر=Munim Khan|عر=منعم خان}}» بإخضاعه واستكمال «{{وإو|لغ=en|تر=Mughal invasion of Bengal|عر=فتح البنغال}}». كان داود آنذاك في [[حاجي بور|حاجي پور]]، وأدرك أمير أمرائه «لودي خان»، الذي كان على خلاف معه، أن كفة المغول هي الراجحة، وتجنبًا لدمار الأفغان، عرض على منعم خان، وكانت الصداقة القديمة بينه وبين سليمان خان والد داود كفيلة بأن تجعله يوافق على عرض الصلح، على أن يُقدم داود مائتي ألف روبية نقدًا ومائة ألف روبية قماش هدية، ودفع الخراج، مقابل سحب القوات المغولية، وأقطعه منعم خان [[أوديشا|أُريسَّة]] على الرغم من معارضة القائد «تدرمل خان» الذي كان يرافق القائد المغولي. كان داود شابًا قصير النظر في الحقل السياسي، فأقدم على قتل أمير أمرائه لودي خان بناءً على رأي بعض مستشاريه المعادين له، وهو الذي كان يحمي [[سلطنة البنغال|السلطنة]] من الفوضى بحسن سياسته وتدبيره، فأثار مقتله منعم خان الذي كان تربطه به صداقة، وقرر إخضاع داود والاستيلاء على سلطنته، وأعلم أكبر بذلك، فقرر الأخير التوجه بنفسه للقضاء على داود، فخرج من العاصمة في شهر [[صفر (توضيح)|صفر]] [[982 هـ|982هـ]] الموافق لشهر [[يونيو|حزيران (يونيو)]] [[1574]]م فاستولى على «[[باتنا|بتنة]]» و[[حاجي بور|حاجي پور]]، واضطر داود إلى الفرار، وذلك في يوم [[3 جمادى الأولى]] الموافق ليوم [[21 أغسطس|21 آب (أغسطس)]]، وكلف منعم خان بمطاردة الثائر. تحصن داود في «{{وإو|لغ=en|تر=Tandah|عر=تاندة}}»، فهاجمه منعم خان واستولى على المدينة في يوم [[4 جمادى الآخرة]] الموافق ليوم [[21 سبتمبر|21 أيلول (سبتمبر)]]، وفر داود إلى أُريسَّة، فأرسل منعم خان «{{وإو|لغ=en|تر=Todar Mal|عر=راجا تدرمل}}» لتعقبه، فهرب إلى «دهربور»، وهو مكان بين البنغال وأُريسَّة، ثم التجأ إلى قلعة غانج بنارس، وهي مركز ولاية أُريسَّة، ولما علم منعم خان بذلك، قرر قيادة الحملة بنفسه، فلحق بقائده تدرمل واصطدم بداود في «{{وإو|لغ=en|تر=Battle of Tukaroi|عر=معركة بجهورة}}» وانتصر عليه، فاضطر داود إلى طلب الصلح ووافق على دفع الخراج. عندما توفي منعم خان في عام [[983 هـ|983هـ]] الموافق لعام [[1575]]م، نهض داود لاستعادة ملكه المفقود، فاستولى على تاندة، فأرسل أكبر جيشًا بقيادة «{{وإو|لغ=en|تر=Khan Jahan I|عر=خان جهان}}» نائب السلطنة الجديد، وعينه حاكمًا على البنغال وبهار، فاصطدم به في «[[معركة راج محل|معركة راجا محل]]» وقضى عليه وذلك في شهر [[ربيع الآخر]] [[984 هـ|984هـ]] الموافق لشهر [[1576]]م، وبمقتله قُضي على استقلال البنغال، وضمت إلى [[سلطنة مغول الهند|الدولة المغولية]]، لكن الحكم المغولي فيها بقي مزعزعًا وغير مستقر بوصفها سلطنة كان يحكمها الأفغان، ومركزًا لتجمعهم، وكانت لهم فيها الكثير من الإقطاعات الكبيرة بما يصحبها من نفوذ، ولم تستقر تمامًا لحكم المغول إلى في عهد [[نور الدين جهانكير|جهانكير]].<ref name="الساداتي-119-121">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=119-121}}</ref><ref name="طقوش-240-242">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=240-242}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=109-158}}</ref>

بعد وفاة خان جهان في عام [[987 هـ|987هـ]] الموافق لعام [[1579]]م خلفه «مظفر خان تٌربتي»، ففرض الضرائب المرتفعة على الملاك وأصحاب الأراضي الأمر الذي أدى إلى اندلاع ثورة هؤلاء الملاك، واتسعت الثورة وعمت الاضطرابات، فشملت البنغال و[[جونبور|جونفور]]، وأدى نفور علماء الدين المحافظين من نزعات أكبر الدينية وما بلغهم من انصرافه إلى التفكير في ابتداع مذهب جديد يذيب فيه عقائد الهند كلها ويجمعها على التوحيد، دورًا في ذلك، وقد أفتوا بوجوب حربه لما استحدثه من بدع تُزعزع بناء الإسلام في الهند. وبلغ من عنف الثورة هناك أن قتل مظفر خان نفسه، واستمرت هذه الثورة حتى جاء القائد المغولي «ميرزا عزيز كوكا» فقضى على التمرد الذي قاده «بابا خان قاقشال» وعشائره الجغطائيَّة بالبنغال، لينطلق من بعد ذلك قائده «باز خان» إلى «بهار» فيرغم «معصوم فرنخودي» زعيم الثوار هناك على الفرار إلى تلال سوالك بالپنجاب.<ref name="الساداتي-119-121" />

=== ضم كابُل ===
[[ملف:The Flight of Mirza Sulayman from Kabul.jpg|تصغير|يمين|انسحاب ميرزا سُليمان من أمام كابُل.]]
انتهج ثُوَّار المناطق الشرقيَّة من [[بشتون|أفغانٍ]] وأوزبك، وهم مُسلمون سُنيُّون مُتشدِّدون، سياسةً مُعاديةً لِأكبر، إذ عدُّوه [[إلحاد|مُلحدًا]]، وعمدوا، في غمرة العصيان، إلى إثارة القلاقل والفتن عند حُدُود الدولة الغربيَّة والشماليَّة الغربيَّة لِتخفيف الضغط عنهم، وحتَّى يُعطوا حركتهم دفعًا معنويًّا وماديًّا اتخذوا من الأُمراء المغول الطامعين في الحُكم والمُعادين لِحُكم أكبر، ستارًا يتحرَّكون من خِلاله. وكان ميرزا مُحمَّد حكيم، أخو السُلطان أكبر، يحكُم [[كابل|كابُل]] ويطمع في اعتلاء العرش في أغرة، فرأى في الثائرين عونًا وسندًا لِلتخلُّص من نير أخيه الجالس عليه، وقد وعده هؤلاء بِمُساندته، وانضمَّ إليه عددٌ من قادة أكبر الناقمين، الأمر الذي شجَّعهُ على مُهاجمة الپُنجاب في سنتيّ [[973 هـ|973]] و[[974 هـ|974هـ]] المُوافقة لِسنتيّ [[1565]] و[[1566]]م، غير أنَّهُ فشل في السيطرة عليها، على الرُغم من أنَّهُ دخل [[لاهور]] ونهب ما جاورها. وعندما علم أكبر بِهُجُوم أخيه الأوَّل، بدت عليه علامات الغضب والأسى، وقرَّر الخُرُوج والتصدِّي لِحكيم، فجمع جيشًا ونهض من أغرة في [[3 جمادى الأولى|3 جُمادى الأولى]] [[973 هـ|973هـ]] المُوافق فيه [[25 نوفمبر|25 تشرين الثاني (نوڤمبر)]] [[1565]]م، مُتوجهًا إلى لاهور، لكنَّهُ علم أنَّ أخاه انسحب منها عائدًا إلى كابُل لمَّا عرف بِقُدُومه، ففرح لِذلك وتابع حتَّى وصل المدينة سالِفة الذِكر، وأنعم على أُمرائها الذين بقوا على ولائهم وتأييدهم له.<ref name="بخشي4">{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=55-58}}</ref> أمضى أكبر شتاء تلك السنة في لاهور، وأرسل ميرزا سُليمان لِحصار كابُل والاستيلاء عليها، لكنَّ الأخير لم يتمكَّن من إتمام مُهمَّته لِقسوة المُناخ وشدَّة البرد الذي فتَّ في عضُد الجُنُود المغول.<ref name="بخشي4" />

عاود ميرزا مُحمَّد حكيم مُهاجمة الهند في سنة [[989 هـ|989هـ]] المُوافقة لِسنة [[1581]]م على رأس جيشٍ يُقدَّر بِخمسة عشر ألف جُندي، وحاول عبثًا استقطاب سُكَّانها. وفي يوم الأحد [[15 صفر]] [[989 هـ|989هـ]] المُوافق فيه [[20 مارس|20 آذار (مارس)]] [[1581]]م، وصلت أكبر رسائل من أُمرائه المُخلصين في الشمال تُعلمه بِمسير ميرزا مُحمَّد حكيم إلى الهند،<ref name="بخشي5">{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=158-162}}</ref> فعزم على التصدِّي له وإنهاء عصيانه تمامًا والمسير إلى أفغانستان نفسها واستخلاصها، فنادى بِجمع الجُيُوش، لكنَّهُ واجه صُعُوبةً في ذلك بدايةً، لأنَّ أغلب أُمراء الجيش والقادة كانوا يخشون السير إلى تلك البلاد والقتال في جوِّها قارس البرودة، كما أنَّ القادة والعساكر الهندوس رفضوا السير لِإيمانهم أنَّ عُبُور [[نهر السند]] مُحرَّم، لكنَّ أكبر أصرَّ عليهم وحفَّزهم بِأن قرَّر لِكُل من يسير معه من الجُند راتب ثمانية أشهرٍ مُقدَّمًا.<ref group="la" name="مولد تلقائيا3" /> أمام هذا الوعد، سار الجيش مع السُلطان وولداه سليم ومُراد، وبلغ تعداد الجُنُود المغوليَّة حوالي خمسين ألف مُقاتل وخمسُمائة فيل، وفي ذات الوقت كان ميرزا مُحمَّد حكيم قد عبر نهر السند مُندفعًا إلى لاهور، فبلغهُ أنَّ أكبر آتٍ إليه، فانسحب هاربًا إلى كابُل. تتبَّع مُراد عمِّه إلى كابُل بعد أن عبر [[ممر خيبر]] في [[هندوكوش|سلسلة جبال الهندوكوش]] في حين تقدَّم سليم إلى [[جلال آباد]]. ولمَّا وصل مُراد على مسافة سبعة فراسخ من كابُل تقدَّم ميرزا مُحمَّد حكيم لِلحرب في ناحية «خورد كابُل»، فوقعت معركة بين الطرفين انهزم فيها مُحمَّد حكيم وفرَّ إلى الجبال ناجيًا بِحياته، ودخل مُراد المدينة ظافرًا.<ref name="بخشي5" /> وفي يوم الجُمُعة [[10 رجب]] [[989 هـ|989هـ]] المُوافق فيه [[9 أغسطس|9 آب (أغسطس)]] [[1581]]م، دخل أكبر كابُل وقضى سبعة أيَّام في التريُّض بِحدائقها، وخِلال تلك الفترة بلغه أنَّ ميرزا مُحمَّد حكيم يُريد أن يجلو عن وطنه وينضم إلى الأوزبك في [[بلاد ما وراء النهر]] بعد أن عجز عن انتزاع السُلطة من أخيه، وخشي من بطشه فيما لو أمسك به. تخوَّف أكبر من هذا الأمر، كما اعتبر أنَّ جلاء أخيه عن بلاده هو ضربٌ من العار، فأرسل إليه لطيف خواجة ومعهُ فرمان العفو عن كُل ما سبق من خُرُوقاته وتعدياته، فردَّ مُحمَّد حكيم بِكتابٍ يتضمَّن وعدًا وقسمًا بأن لا يخرج على أخيه مُجددًا. وردَّ أكبر مُحمَّد حكيم إلى حُكم كابُل على أن تكون إمارةً تابعةً لِلدولة المغوليَّة، ويكون هو نائب السلطنة فيها، ثُمَّ قفل وعاد إلى الهند.<ref name="بخشي5" />
[[ملف:Horsemen assembled outside the city walls at Kabul, Afghanis Wellcome V0050453.jpg|تصغير|رسمٌ يُصوِّرُ مدينة كابُل الحصينة التي ضمَّها المغول إلى دولتهم في الهند خلال عهد السُلطان جلالُ الدين مُحمَّد أكبر سنة 993هـ المُوافقة لِسنة 1585م.]]
ظلَّ ميرزا مُحمَّد حكيم حاكمًا على كابُل حتَّى تُوفي في سنة [[993 هـ|993هـ]] المُوافقة لِسنة [[1585]]م،<ref>{{استشهاد مختصر|1=بدوانى(د.ت)|2=|ص=346}}</ref> فضُمَّت بعدها إلى الدولة المغوليَّة، وولَّى عليها أكبر «كنور مانسينگه» الهندوسي، ولم يُولِّ أحدًا من أبناء مُحمَّد حكيم الثلاثة: فريدون وكيقباد وأفراسياب، كونهم كانوا صغار السن لا يقدروا على مهام المُلك،<ref>{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=185-186}}</ref> واعتبر بعض المُؤرِّخين أنَّ تولية أكبر لِمانسينگه كانت من دلائل تسامُحه وحُكمه القويّ، إذ كانت هذه أوَّل مرَّة يُعيَّن فيها هندوسي في حُكم ولايةٍ إسلاميَّةٍ في الهند.<ref name="طقوش كابل">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=243-244}}</ref> وكان لِضم كابُل إلى الدولة المغوليَّة نتائج بالغة الأهميَّة: منها أنَّها شكَّلت ضربةً قاضيةً لِثورات [[غلاة|الغُلاة]] من أهل السُنَّة الذين كانوا يطمعون في تولية ميرزا مُحمَّد حكيم سُلطانًا على الهند لِأنَّهُ كان مُغاليًا في سُنيَّته ويستطيعون التحرُّك من خلاله، فاضطرَّ المُترددون منهم والضعاف على الاعتراف بِحُكم أكبر خوفًا من بطشه؛ ومنها أنَّها أزالت الحواجز التي كانت تحول دون تدفُّق الجُنُود الأفغان الشُجعان إلى الهند، فأتاحت لِلدولة المغوليَّة تأمين مورد بشري مُقاتل لا ينضب؛ ومنها أنها وضعت حدًا لِلغارات المُتجدِّدة التي كانت تُهدد الهند من الشمال الغربي،<ref name="الشيال99">{{استشهاد مختصر|1=الشيال|2=2001|ص=99}}</ref> وأفضى هذا إلى إخضاع المنطقة القبليَّة التي تعُجُّ بِقبائل الأوزبك والأفغان المُعادية، فنقل أكبر بلاطه إلى لاهور لِيكون قريبًا من مجرى الأحداث. وكان الأوزبك، بِقيادة عبد الله خان أوزبك الذي خلع طاعة أكبر كما أُسلف، قد طردوا ميرزا سُليمان من [[بدخشان]] ووجَّهوا أنظارهم إلى كابُل، وقد لقي عبد الله تأييدًا من قبائل «يوسفزي» الأفغانيَّة لِكُرههم الشديد لِأكبر، إذ عدُّوه مُلحدًا، فأرسل أكبر بعض قادته، مثل الراجا كنور مانسينگه وزين خان والراجا بيهار مال كاشهورها، اصطدموا بِعبد الله وحُلفائه الأفغان وتغلَّبوا عليهم.<ref name="طقوش كابل" /> لعلَّ أبرز نتيجةٍ تمحَّضت عن ضم كابُل لِممالك المغول في الهند، أنَّ أكبر شعر بِأنَّهُ تخلَّص من كُل القُيُود التي تُكبِّله وتمنعه من إتمام إصلاحاته، ولِهذا بدأ يعمل على تنفيذ مشروعه الديني.<ref name="الشيال99" />

=== ابتداع الدين الإلٰهي ===
{{مفصلة|الدين الإلهي{{!}}الدين الإلٰهي}}
[[ملف:AbulFazlPresentingAkbarnama.jpg|تصغير|يمين|مُنمنمة مغوليَّة تُصوِّر أبا الفضل بن مُبارك وهو يُقدِّم [[كتاب أكبر]]نامه إلى السُلطان أكبر. كان أبو الفضل من أبرز العُلماء المُقرَّبين والمُؤثرين بِجلال الدين أكبر.]]
الواقع أنَّ من أسباب عداء الأوزبك والأفغان لِأكبر هو تقرُّبه من [[الدولة الصفوية|الصفويين]] في إيران، المُعادين لِأهل السُنَّة والجماعة، وما أُشيع في [[طوران|البلاد الطورانيَّة]] من أنَّ أكبر ادَّعى الأُلُوهيَّة وأنَّهُ ابتدع دينًا جديدًا أطلق عليه «الدين الإلٰهي».<ref name="أوروك">{{استشهاد مختصر|1=سعودي والريشاوي|2=2018|ص=79-80}}</ref> نتيجة ذلك توقَّف الأوزبك عن إرسال السفارات إلى الهند، رُغم قيام أكبر بِإرسال رسائل عديدة ولم يحصل على أي جواب، ثُمَّ أرسل عبد الله خان أوزبك سفارةً إلى أكبر وهو بالپُنجاب، يرأسها «مير قُريشي» وهو من أكابر قومه، وبِصُحبته هدايا كثيرة ورسالة وديَّة إلى السُلطان المغولي مُعربًا في رسالته عن سبب تأخُّره في مُواصلة إرسال السفارات وفي مُقدِّمتها سماعه أخبار الدين الإلٰهي الجديد واستياءه نتيجة ذلك، وردَّ عليه أكبر بِرسالةٍ جوابيَّةٍ أنَّ التأخُّر غير مُبرَّر وأنَّهُ لا يجب الإصغاء إلى المُغرضين وأصحاب النوايا السيِّئة الذين يُريدون تشويه سُمعة الآخرين، وأنَّ السلامة تقتضي أن يُرسل مبعوثيه لِلتعرُّف على دقائق الأُمُور.<ref name="أوروك" /> كما ذكر أكبر في رسالته أنَّ الأُسرة الصفويَّة تنتسب إلى [[أهل البيت|آل بيت الرسول مُحمَّد]]، ولا يُمكنهُ أن يجعل اختلاف مذهبهم سببًا لِلهُجُوم عليهم وينسى العلاقات القديمة القائمة بين دولته والدولة الصفويَّة، التي استقبلت والده همايون عندما كان في أمس الحاجة إلى حُلفاء وأصدقاء، ونبَّه عبد الله خان أن لا يذكر الشاه الصفوي ([[عباس الأول الصفوي|عبَّاس بن مُحمَّد خُدابنده]] آنذاك) بِسُوءٍ مرَّة أُخرى. لكنَّهُ عاد وأكَّد في رسالته على الروابط التي تجمع بين مغول الهند والأوزبك، وأنَّهم يرجعون لِأُصُولٍ مُشتركةٍ، وختم رسالته بِالبيت الشعري التالي ([[اللغة الفارسية|بِالفارسيَّة]]):
{{أبيات|
جو مادوست باشيم باهمدگر\\بود بحر وبر أيمن از شوروشر}}
و[[تعريب (لغة)|تعريبه]]: طالما نُصادق بعضنا البعض، نكونُ برًّا وبحرًا آمنين من الفتنة والشر.<ref name="أوروك" /> والحقيقة أنَّ أكبر كان خِلال هذه المرحلة من حياته يُبطنُ عقيدته في نفسه، بعد أن لم يعد واثقًا من نفسه عن مكان الحقيقة بِفعل ما شاهده في مملكته من كثرة الطوائف والملل والنحل،<ref name="الدين الإلهي">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=251-255}}</ref> وبِفعل نشأته على حُب الاستطلاع وعادته في جمع جُملة من المشايخ والعُلماء ومُناقشتهم في مسائل الدين، وكثيرًا ما كان هؤلاء العُلماء والفُقهاء يصمون بعضهم البعض بِالكُفر في حُضُور السُلطان، حينما يشتد النقاش بينهم، وكان منهم فئة من عُلماء السوء الذين كانوا يتهافتون على مُغريات الحياة ويجمدون على ما وجدوا عليه شُيُوخهم وآبائهم.<ref name="الدين الإلهي" /><ref name="الندوي">{{استشهاد مختصر|1=الندوي|2=1950|ص=60-63}}</ref> أضف إلى ذلك، كان لِمُصاهرة أكبر لِلهندوس وتقرُّبه منهم، وولادته من أُمٍّ شيعيَّةٍ وتأثُّره أثناء حداثته بِتوجيهات مُربيه ووزيره بيرم خان الشيعيّ وتقريبه العُلماء الشيعة، أمثال السيِّد [[فتح الله بن هبة الله الشيرازي]] والشيخ مُبارك بن خضر الناكوري وولديه [[أبو الفضل بن مبارك|أبي الفضل]] و[[أبو القاسم فيضي (عالم)|أبي الفيض]]،<ref name="الدين الإلهي" /><ref name="الندوي" /><ref>{{استشهاد مختصر|1=الدرر السنية|2=|ص=}}</ref> بِالإضافة إلى عدم تلقِّيه تعليمًا دينيًّا راسخًا في صغره يعصمه من الزلل؛ كُل ذلك دفعهُ إلى التحوُّل والخُرُوج عن الإسلام وعرَّضهُ لِلاتهام بِالإلحاد والزندقة.<ref name="الدين الإلهي" /> هكذا بدأ أكبر يُفكِّرُ في إيجاد دينٍ جديدٍ يجمع فيه أبناء دولته ويقضي على ما يُفرِّقهم، واعتقد في قرارة نفسه أنَّهُ شُعاع [[الله (إسلام)|الله]] وفيضٌ منه، باعتبار أنَّ الملكيَّة نورٌ مصدره الله، ويُحتمل أنَّهُ تأثَّر بِالتيَّارات الدينيَّة القائمة في الهند آنذاك، والقائلة بِأنَّ على رأس الألف الثانية الهجريَّة سيظهر [[المهدي|المهدي المُنتظر]] أو [[نزول عيسى (إسلام)|ينزل المسيح عيسى ابن مريم]] لِيُعيد العدل إلى الأرض بعد أن مُلئت ظُلمًا وجُورًا، فاعتبر أنَّهُ أكثر الناس حقًا في أن يكون ظل الله على الأرض كونه أعرفهم وأعلمهم بِالمذاهب وأقدرهم على توجيه أُمُور الرعيَّة لِما فيه الخير.<ref name="الدين الإلهي" />
[[ملف:Jesuits at Akbar's court.jpg|تصغير|أكبر يعقدُ جلسة مُناقشة دينيَّة في [[عبادت خانه|دارة العبادة أو الـ«عبادت خانه»]] بِمدينة فتحپور، ويظهر فيها جمعٌ من رجال الدين المُسلمين والمسيحيين والهندوس وغيرهم.]]
كان أكبر قد أمر بِإنشاء «[[عبادت خانه|دارة العبادة]]» أو الـ«[[عبادت خانه]]» سنة [[983 هـ|983هـ]] المُوافقة لِسنة [[1575]]م، وهي مُنتدى لِلمُناقشات والمُجادلات الدينيَّة طويلة النفس، ودعا الفُقهاء والعُلماء، من أهل السُنَّة والشيعة، لِلحُضُور إلى هذه الدارة مساء كُلَّ خميس ومُناقشة المذاهب الإسلاميَّة المُختلفة في حضرته، بِهدف التقريب بينها واستنباط مذهبٍ واحد، ولكنَّ هذه المُناقشات لم تُؤدِّ إلى النتيجة المرجُوَّة، بل على العكس، وسَّعت الشقَّة بين المذهبين السُنِّي والشيعي حتَّى أخذ العُلماء والفقهاء يصمون بعضهم البعض بِالكُفر كما أُسلف. عند ذلك سأل أكبر الحاضرين عن من يكون صاحب الحق في إصدار الفتاوى والأوامر الدينيَّة الواجب اتباعها إذا اشتدَّ الخلاف بين الفُقهاء، فتقدَّم الشيخ مُبارك بن خضر الناكوري وقال أنَّ السُلطان يكون صاحب هذا الحق. وتنفيذًا لِهذا الاقتراح كُتب محضرٌ تضمَّن إعلان أكبر «إمامًا عادلًا»، ووقَّعهُ العُلماء والفُقهاء في شهر رجب سنة [[987 هـ|987هـ]] المُوافق فيه شهر أيلول (سپتمبر) [[1579]]م، وقد وضعت هذه الوثيقة السُلطة الدينيَّة كُلُّها في يد أكبر، فأضحى بِذلك السُلطان الروحي على رعاياه إلى جانب سُلطاته الزمنيَّة، وبِالتالي فإنَّهُ سلب العُلماء هذا الحق، ولم يعد لهم أن يتدخَّلُوا في شُؤون الحُكم.<ref name="الدين الإلهي" /> وخطا أكبر خُطوةً أُخرى في سبيل توحيد الأديان، فدعا الهندوس والنصارى والبوذيين والبراهمة والجاينيين والمجوس إلى الاشتراك في المُناقشات الدينيَّة، لكنَّ جهوده كُلِّها ذهبت أدراج الريح، وتقاذف الزُعماء الروحيُّون المُختلفون المُجتمعون في دارة العبادة بِأبشع التُهم والشتائم، وعلى الرُغم من سُخريته من هؤلاء جميعًا، فقد راح أصحاب كُل دينٍ يدعيه بِدوره لِنفسه في غير تورُّع ولا استحياء.<ref>{{استشهاد مختصر|1=بدوانى(د.ت)|2=|ص=299}}</ref> وأخيرًا هدت أكبر قريحته، بِمُعاونة وزيره أبي الفضل وأخيه أبي الفيض، إلى ابتكار دينٍ جديدٍ يتألَّف من كُلِّ ما هو حسن في سائر الأديان والمذاهب، على وجهٍ يقضي فيما ظنَّهُ لِلوُصُول إلى السَّلام والأمن، وشدَّد في اعتقاده هذا ما شاع في الهند مع نهاية [[قرن 10 هـ|القرن العاشر الهجري]] من أنَّ [[البعثة النبوية|البعثة النبويَّة المُحمَّديَّة]] كانت خاصَّة الألفيَّة الأولى، ممَّا يلزم قيام دينٍ جديدٍ مع بداية الألفيَّة الثانية. وفي شهر جُمادى الأولى [[987 هـ|987هـ]] المُوافق فيه شهر حُزيران (يونيو) [[1579]]م ترأَّس أكبر الصلاة محل الإمام في [[مسجد فاتح بور سيكري الجامع|المسجد الجامع بِفتحپور]]، وبعد أن فرغ من [[الصلاة في الإسلام|الصلاة]] قال: «الله أكبر» مُعلنًا بِذلك أنَّهُ مُشارك لِلطبيعة الإلٰهيَّة، ثُمَّ أعلن عصمته أمام الناس وطلب من جميع العُلماء والأُمَّة جمعاء أن يأتمُّوا بِهديه ورأيه، ومن لم يمتثل خسر أمواله ومُقتنياته، واستوجب الهلاك الأبدي، فالسُلطان هو نائب الله على الأرض ويُنبُوع النِّعم. سمَّى أكبر هذا الدين الجديد «الدين الإلٰهي» ([[اللغة الفارسية|بِالفارسيَّة]]: {{خط/عربي|دین الهی}}؛ و[[اللغة الأردية|بِالأرديَّة]]: {{خط/نستعليق|دین الٰہی}})، ودمج فيه بعض المبادئ الإسلاميَّة بِمُعتقداتٍ هندوسيَّة و[[براهمة|براهميَّة]] ومسيحيَّة ومجوسيَّة وجاينيَّة، فأعلن أنَّ [[التوحيد في الإسلام|الله واحدٌ أحد]]، وأوصى بِتقديس [[الشمس]] والنار كما الهندوس والمجوس، وأنكر [[وحي|الوحي]] و[[جن|الجن]] و[[الملائكة في الإسلام|الملائكة]] و[[يوم القيامة في الإسلام|الحشر والنشر]] وسائر المُغيَّبات، كما أنكر [[معجزة (دين)|المُعجزات]]، وجوَّز [[تناسخ الأرواح|التناسُخ]] وحرَّم [[بقرة مقدسة|ذبح البقر]]، وحلَّل أكل لحم الخنزير، وحرَّم عادة [[ستي|السُتي]] أي حرق الأرملة نفسها مع جُثَّة زوجها، وبدَّل شهادة «[[الشهادتان|لا إله إلَّا الله مُحمَّد رسول الله]]» بِشهادة «لا إله إلَّا الله أكبر خليفة الله». وفي سنة [[1582]]م فرض أكبر هذا الدين على الناس، فمنع رفع الآذان والصلاة في المساجد، وحثَّ أتباعه على هجر التقليد، ويعني به الإسلام، وأمر بِأن لا يُقرأ من العُلُوم [[اللغة العربية|بِالعربيَّة]] سوى [[علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية|الفلك]] و[[الرياضيات في عصر الحضارة الإسلامية|الرياضيَّات]] و[[الطب والصيدلة في عصر الحضارة الإسلامية|الطب]] و[[فلسفة إسلامية|الفلسفة]]، ومنع الناس من إطلاق بعض الأسماء الإسلاميَّة على أولادهم مثل أحمد ومُحمَّد.<ref name="الدين الإلهي" /><ref>{{استشهاد مختصر|1=ملكاوي وآخرون|2=2014|ص=135}}</ref>

=== ضم كشمير ===
[[ملف:Market boats on Mar Canal, Srinigar.jpg|تصغير|جانب من مدينة سري نگر، قصبة بلاد كشمير.]]
كان أكبر يطمع في ضم الإمارة الچكيَّة في [[كشمير]] بِفعل ما تتمتَّع به من جوٍّ جميلٍ ومناظر ساحرة وأرضٍ خصبة، وكانت آنذاك تحت حُكم يُوسُف شاہ الچكِّي، فاتخذ من مُعاملة الأخير القاسية والشديدة لِرعاياه الهندوس ذريعةً لِيُهاجمه ويضم بلاده إليه، فأرسل قائديه، ميرزا شاهرُخ والراجا بهجوانداس، لِقتال الأمير الكشميري في سنة [[994 هـ|994هـ]] المُوافقة لِسنة [[1586]]م،<ref name="بخشي6">{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=187، 189-191}}</ref> ولكنَّ الثلج والبرد أعاقهما عن إتمام فتحها وإن كان حاكمها قد عقد الصُلح على أن يُرسل ولديه إلى بلاط أكبر لِيكونا رهينة، وتجنَّب هو الذهاب بِنفسه. لم يقبل أكبر هذا التصرُّف من يُوسُف شاہ الچكِّي وقد أراد أن يضمّ كشمير إلى أملاكه، فأرسل جيشًا آخر بِقيادة مُحمَّد قاسم خان لِإخضاعه، فشدَّد الضغط عليه حتَّى أجبرهُ على إعلان خُضُوعه، ودخل الجيش المغولي مدينة [[سري نكر|سري نگر]] عاصمة البلاد الكشميريَّة، وأعلن يُوسُف شاه دُخُوله في خدمة أكبر، فأكرمه الأخير هو وابنه يعقوب الذي كان قد استأنف المُقاومة ثُمَّ هُزم واستسلم، فعيَّن كُلًّا منهما في وظيفة «منصبدار». وضُمَّت كشمير إلى أملاك المغول وأضحت ولاية من ولاياتهم في الهند، وذلك في سنة [[995 هـ|995هـ]] المُوافقة لِسنة [[1587]]م. وقد زار أكبر كشمير في سنة [[997 هـ|997هـ]] المُوافقة لِسنة [[1589]]م وعهد بِإدارتها إلى عددٍ من القادة من ذوي الخبرة والمقدرة، وأضحت مُنذُ ذلك الحين مصيفًا لِلسلاطين المغول.<ref name="بخشي6" />

=== ضم السِّند وأُريسَّة ===
[[ملف:The Khan Jahan shows Akbar his princely captives..jpg|تصغير|يمين|150بك|إحضار أسرى وعُصاة أُريسَّة أمام السُلطان أكبر.]]
كانت [[ملتان|المُلتان]] خاضعة لِحُكم المغول مُنذُ سنة [[982 هـ|982هـ]] المُوافقة لِسنة [[1574]]م، وعهد أكبر بِحُكمها إلى عبد الرحيم خان خانان، وأمرهُ بِاتخاذ الإجراءات اللازمة لِفتح جنوبي [[سند (توضيح)|السند]]. والمعروف أنَّ أكبر كان قد أخضع بهاكاراس، ولكنَّهُ لم يتمكَّن من إخضاع الجُزء الجنوبي. كان حاكم هذه المنطقة آنذاك جاني بك بن مُحمَّد التُرخاني، الذي رفض الدُخُول تحت سيادة المغول واستقلَّ بِحُكمها. خاض عبدُ الرحيم معركتين ضدَّ جاني بك فانتزع منهُ حصنيّ «تهتَّة» و«سهوان» وأجبرهُ على الاستسلام في سنة [[1000 هـ|1000هـ]] المُوافقة لِسنة [[1592]]م، بعد أن ضيَّق عليه الحصار وقطع عنهُ المُؤن لِدرجةٍ دفعتهُ ورجاله إلى أكل لُحُوم [[فرس|الخُيُول]] و[[جمل عربي|الإبل]]، فحملهُ إلى أكبر الذي عفا عنه وعيَّنهُ أميرًا على تهتَّة، وخلفهُ بعد وفاته ابنه غازي بك.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=200-202}}</ref>

خلال أحدث السند، استقلَّ «قُطلوه خان اللوحاني» بِحُكم [[أوديشا|أُريسَّة]] في سنة [[998 هـ|998هـ]] المُوافقة لِسنة [[1590]]م، واتَّخذ لِنفسه لقب «قُطلوه شاه» لِلدلالة على استقلاله بِالأمر. وقُطلوه خان المذكور هو أحد القادة العسكريين في جيش داود خان بن سُليمان الكرَّاني،<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Yamin|2=2009|ص=34–40|لغة=en}}</ref> الذي كان يحكم أُريسَّة بِصفته نائبًا لِلسلطنة المغوليَّة، لكنَّهُ استقلَّ بها خلال شهر تشرين الأوَّل (أكتوبر) 1575م بعد أن اضطرَّ الجيش المغولي لِلانسحاب منها إثر تفشِّي [[طاعون|وباء الطاعون]] في رُبُوعها، فعاد أكبر وأرسل إليه جيشًا آخر بِقيادة حُسين قُلي بك اشتبك معهُ في معركةٍ طاحنةٍ يوم الخميس [[16 ربيع الآخر]] [[984 هـ|984هـ]] المُوافق فيه [[12 يوليو|12 تمُّوز (يوليو)]] [[1576]]م، وهزمه هزيمةً شنعاء، وساقهُ إلى أكبر الذي أمر بِإعدامه. وهكذا بقيت أُريسَّة في حوزة المغول إلى أن أشهر قُطلوه خان العصيان، فأرسل إليه أكبر أمير بيهار الراجا مانسينگه لِحربه وإخضاعه، وقبل أن يشتبك الطرفان في قِتالٍ تُوفي قُطلوه خان، فخلفه ابنه نزار خان الذي وقع عليه عبء الدفاع عن الإمارة، فاشتبك في قتالٍ خفيفٍ مع القُوَّات المغوليَّة قبل أن يستسلم نتيجة التفاوت في القُوَّة، فاعترف بِتبعيَّته لِلمغول يوم [[14 شوال|14 شوَّال]] [[998 هـ|998هـ]] المُوافق فيه [[15 أغسطس|15 آب (أغسطس)]] [[1590]]م، ودفع ما ترتَّب على إمارته من أموالٍ مُتأخرة، فأعادهُ السُلطان إلى حُكم تلك البلاد. وعندما فرغ أكبر من ضم السند، عاد نزار بن قُطلوه لِإشهار العصيان، فثار وحاول الاستيلاء على مُقاطعتيّ [[منطقة بوري|پوري]] وجگنَّة، فتصدَّى لهُ الراجا مانسينگه وهزمهُ في معركةٍ يوم [[7 رجب]] [[1000 هـ|1000هـ]] المُوافق فيه [[18 أبريل|18 نيسان (أبريل)]] [[1592]]م، على مقرُبةٍ من بلدة «مدنافور»، وطرده من البلاد، وسيطر على مُجمل أُريسَّة، التي أمر أكبر بِضمِّها إلى [[صوبة البنغال]]، فأضحت جُزءًا من الدولة المغوليَّة مُنذ ذلك التاريخ، واستمرَّت كذلك حتَّى سنة [[1164 هـ|1164هـ]] المُوافقة لِسنة [[1751]]م عندما انتزعها [[إمبراطورية ماراثا|المهراتيُّون]].<ref name="بلوشستان">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=245-246}}</ref><ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Cambridge|2=1937|ص=660|لغة=en}}</ref>

=== ضم بلوشستان وقندهار ===
[[ملف:Kandahar City in December 1841.jpg|تصغير|يسار|رسمٌ لِمدينة قندهار التي أعادها أكبر إلى حظيرة الدولة المغوليَّة في الهند بعد أن خرجت من حوزتهم لِمُدَّة ثلاثين سنة قبعت خِلالها تحت حُكم الدولة الصفويَّة. مهَّدت سيطرة أكبر على وادي السند وبلوشستان إلى سيطرته على قندهار بعد أن حاصرها من ثلاثة جوانب قبل أن يدخُلها صُلحًا.]]
عيَّن أكبر في شهر جُمادى الآخرة [[1003 هـ|1003هـ]] المُوافق فيه شهر شُباط (فبراير) [[1595]]م مير مُحمَّد معصوم البكھري لِفتح [[بلوشستان (باكستان)|بلوشستان]]، وتقع هذه البلاد إلى الشمال من دولته، وكانت تحت حُكم الأفغان الپارنيين، وذلك تمهيدًا لِانتزاع [[قندهار]] من الصفويين. تمكَّن أكبر من إقناع عشرات زُعماء قبائل [[بلوش|البلوش]] من خلع طاعة الأفغان والقُبُول بِتبعيَّتهم لِلمغول، فيما وجَّه مير مُحمَّد معصوم سالِف الذِكر لفتح بلاد الزُعماء الذين لم يقبلوا بِذلك. هاجم القاد المغولي حصن «سيبي» الواقع شمال غرب مدينة [[كويته]]، فاستسلم صاحبه وبقيَّة زُعماء القبائل، واعترفوا بِسيادة أكبر عليهم، وتوجَّهوا إلى بلاطه مُعلنين خُضُوعهم. نتيجةً لِهذا، ضُمَّت بلوشستان بما فيها جميع المناطق ذات الأهميَّة الاستراتيجيَّة في [[مكران]] إلى الدولة المغوليَّة، وأضحى المغول يُحيطون بِقندهار من ثلاث جهات.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Mehta|2=1986|ص=258|لغة=en}}</ref><ref name="بلوشستان" /> كان أكبر يُمنِّي النفس، مُنذُ أمدٍ بعيد، بِاستعادة إقليم قندهار من الصفويين، كونه يُشكِّل مفتاح الطريق إلى حُدُوده الشماليَّة الغربيَّة. وكانت قندهار تتبع مغول الهند في الأصل، لكنَّها وقعت تحت سيطرة الصفويين بِقيادة الشاه [[طهماسب الأول|طهماسب بن إسماعيل]] قبل نحو ثلاثين سنة، وطُرد منها حاكمها المغولي.<ref group="la" name="مولد تلقائيا1">{{استشهاد مختصر|1=Eraly|2=2000|ص=156–157|لغة=en}}</ref> ولمَّا كان أكبر حريصًا على عدم مُعاداة الصفويين بِسبب مُعاونتهم والده ولِأنَّ والدته فارسيَّة شيعيَّة، فإنَّهُ غضَّ النظر عنها حتَّى حين، ثُمَّ عمل على ضم السند وبلوشستان ممَّا مهَّد الطريق أمامه لِاسترداد الإقليم المذكور، وانتهز فُرصة انهماك الشاه [[عباس الأول الصفوي|عبَّاس بن مُحمَّد خُدابنده]] بِحُرُوبه مع [[الدولة العثمانية|العُثمانيين]] والأوزبك، واندفع بِقُوَّاته إلى هذا الإقليم، وكان حاكمه مُظفَّر حُسين ميرزا على خِلافٍ مع الصفويين ويخشى خطر الأوزبك، لِذلك ارتمى في أحضان أكبر وطلب منهُ إرسال أحد قادته لِتسلُّم الإقليم، فأرسل «شاه بك»، فتسلَّم قندهار من دون حرب، وعيَّن مُظفَّر حُسين في وظيفة منصبدار وأميرًا على سمبهال.<ref name="بلوشستان" /> كما زوَّج أكبر حفيده [[شهاب الدين شاهجهان|خُرَّم مُحمَّد]] بِابنة مُظفَّر حُسين المدعُوَّة «قندهاري بيگم».<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Floor & Herzig|2=2012|ص=136|لغة=en}}</ref> وبِضمِّ قندهار سيطر أكبر على كامل شماليّ الهند ووسطها باستثناء جُزء من ميوار، وأضحى لهُ مملكةً واسعة الأرجاء تمتد من آخر حُدُود البنغال الشرقيَّة إلى ما وراء جبال الهندوكوش وأرض كابُل و[[غزنة]] وقندهار في الغرب، ومن [[هملايا|جبال الهيمالايا]] في الشمال إلى نهر نربدا في الجنوب.<ref name="بلوشستان" /> ومن الجدير بِالذكر أنَّ ضم قندهار لم يُعكِّر صفو العلاقات المغوليَّة - الصفويَّة، فتتابع تبادل السفارات بين أكبر والشاه عبَّاس، لكنَّ ميزان القُوى مال لِصالح المغول.<ref group="la" name="مولد تلقائيا1" />

=== الفُتُوح في الجنوب ===
[[ملف:Deccan sultanates 1490 - 1687 ad-ar.png|تصغير|يمين|خريطة تُظهر الحُدُود التقريبيَّة لِلسلطنات الإسلاميَّة في الدكن بِالإضافة إلى إمارة ڤيايانگر الهندوسيَّة.]]
بعد السيطرة على الشمال والوسط، التفت أكبر إلى التوسُّع باتجاه الجنوب حيثُ الممالك الإسلاميَّة الخمس التي قامت على أنقاض [[بهمنيون|الدولة البهمنيَّة]] في [[هضبة الدكن|الدكن]]، وكان يطمع دائمًا في ضمِّها إلى دولته وتوحيد الهند كُّلُّها تحت حُكمه، وهي: الدولة البيداريَّة في بيدر، و[[قطب شاهي|الدولة القطبشاهيَّة]] في گُلكُندة، و[[العادل شاهية|الدولة العادلشهايَّة]] في بيجافور، والدولة النظامشاهيَّة في أحمد نگر. وكانت الدُول سالِفة الذِكر في تنافُسٍ دائمٍ وعداءٍ مُستمرٍّ ما خلَّف أجواء مُناسبة لِلتدخُّل الخارجي. وكان صاحب أحمد نگر مُرتضى نظام بن حُسين شاه قد أغار على إمارة برار في سنة [[980 هـ|980هـ]] المُوافقة لِسنة [[1572]]م وضمَّها إلى مُلكه، فقويت بِذلك شوكته وأضحى يُشكِّلُ قُوَّةً خطيرة. وقامت في شمال هذه السلطنات سلطنة إسلاميَّة أُخرى هي سلطنة خاندش وعاصمتها [[برهان بور|بُرهانفور]]، وقد ضمَّها سُلطان الگُجرات آخيرًا، وعندما ضمَّ أكبر البلاد الأخيرة، أصبحت خاندش تابعة اسميًّا لِلمغول يدفع صاحبها الخِراج لهم. وأحاط بِهذه السلطنات الإسلاميَّة بعض الإمارات الهندوسيَّة، وفي مُقدِّمتها [[إمبراطورية فيجاياناغارا|إمارة ڤيايانگر]] التي تقع في أقصى الجنوب في طرف شبه الجزيرة الهنديَّة.<ref name="بلوشستان" /> كانت الخُطوة الأولى على طريق الضَّم مُحاولة سياسيَّة من جانب أكبر، فأرسل في شهر شوَّال سنة [[999 هـ|999هـ]] المُوافق فيه شهر آب (أغسطس) سنة [[1591]]م، السُفراء إلى أصحاب تلك السلطنات يطلب منهم الاعتراف بِسيادته وأن يدفعوا لهُ ضريبةً سنويَّةً تعبيرًا عن هذا الاعتراف، لكنَّ هؤلاء رفضوا طلبه باستثناء صاحب خاندش، ما دفع أكبر إلى انتهاج طريق القُوَّة لِتحقيق غايته.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=197-198}}</ref>
[[ملف:Princess Chand Bibi defends Ahmadnagar 1595.jpg|تصغير|رسم تخيُّلي لِلأميرة چاند بيبي، الوصيَّة على العرش النظامشاهي، وهي تُدافع عن حصن أحمد نگر ضدَّ المغول، سنة 1595م.]]
كانت الدولة النظامشاهيَّة، بِحُكم موقعها الجُغرافي، أُولى الدُويلات التي اصطدم بها أكبر، وساعدهُ على ذلك اضطراب أوضاعها بِسبب النزاع على السُلطة بين اثنين من المُتنافسين، هُما الأميرة «چاند بيبي» العمَّة والوصيَّة على الطفل بهادُر بن إبراهيم النظامشاهي، صاحب الحق الشرعي في حُكم الدولة، والأمير مُحمَّد خُدابنده المدعوم من الوزير «ميان منجهو»، وقد التمس هذا الأخير المُساعدة من السُلطان أكبر. أرسل أكبر جيشًا كبيرًا لِضم أراضي الدولة النظامشاهيَّة في سنة [[1003 هـ|1003هـ]] المُوافقة لِسنة [[1595]]م بِقيادة ابنه مُراد والقائد عبد الرحيم خان خانان، فحاصرا المدينة وضرباها بِالمدافع، ودافعت «چاند بيبي» عن المدينة بِبسالةٍ مُلفتة، والتمست المُساعدة من الدُول الإسلاميَّة المُجاورة، فأسرع لِنجدتها كُلٌّ من إبراهيم بن طهماسب العادلشاهي سُلطان الدولة العادلشهايَّة، ومُحمَّد قُلي بن إبراهيم القُطبشاهي سُلطان الدولة القطبشاهيَّة.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Michell & Zebrowski|2=1999|ص=4-22|لغة=en}}</ref> واستعصت الدولة العادلشهايَّة على المُهاجمين الذين بلغ الأعياء والتعب منهم، فجنحوا إلى السلم. ومن جانبها وافقت «چاند بيبي» على إحلال السلام بِسبب الإنهاك الذي بدا على جُنُودها. واتفق الطرفان على أن يأخذ أكبر برار ويحتفظ بهادُر شاه بِمدينة أحمد نگر والقُرى التابعة لها، واعترف السُلطان أكبر بِبهادُر النظامشاهي سُلطانًا على أحمد نگر، وبِذلك حالت شجاعة «چاند بيبي» دون أن يُحقق المغول نصرًا سريعًا وحاسمًا.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Astarabadi|2=1794|ص=169-168|لغة=en}}</ref> وشهدت الدولة النظامشاهيَّة بعد ذلك خِلافات حادَّة بين الأُمراء الذين رفضوا المُعاهدة المُبرمة مع المغول وبين الأميرة «چاند بيبي»، كان من نتيجتها أن قُتلت الأميرة.<ref group="la" name="مولد تلقائيا2">{{استشهاد مختصر|1=Gazetteers(N.D)|2=|ص=|لغة=en}}</ref> وحاول المُتآمرون نقض المُعاهدة واستعادة برار، فساروا إليها على رأس خمسين ألف فارسٍ لِطرد المغول منها ما أدَّى إلى إعلان الحرب على النظامشاهيين مرَّةً ثانية. تلقَّى الأُمراء النظامشاهيين المُساعدة من سلاطين الدُويلات المُجاورة، وشكَّلوا حلفًا لِمُناهضة المغول والتصدِّي لهم. وتجاه فشل ابنه مُراد وقائده عبد الرحيم خان خانان، قرَّر أكبر إدارة العمليَّات العسكريَّة بِنفسه. واشتبك الطرفان في شهر جُمادى الآخرة [[1005 هـ|1005هـ]] المُوافق فيه شهر شُباط (فبراير) 1097م في عدَّة معارك كانت سجالًا ولم تنتهِ إلى نتيجةٍ حاسمة. فساد الاضطراب في المُعسكر المغولي وبِخاصَّةٍ بعد وفاة مُراد، الذي كان يقود الجُيُوش، نتيجة إدمانه على شُرب الخمر، فاضطرَّ السُلطان إلى إرسالة صديقه ومُستشاره المُخلص أبا الفضل بن مُبارك الذي ذهب إلى ميدان القتال، كمال أرسل ابنه الثاني دانيال إلى المُعسكر، وذلك في سنة [[1008 هـ|1008هـ]] المُوافقة لِسنة [[1599]]م.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Astarabadi|2=1794|ص=171-172|لغة=en}}</ref><ref name="السلطنات">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=248-249}}</ref>
[[ملف:Asirgarh Fort1.jpg|تصغير|قلعة عسير، أهم وأكثر قلاع سلطنة خاندش مناعةً. تقع اليوم في [[منطقة برهانبور|منطقة بُرهانفور]]. حاصرها أكبر طيلة سبعة أشهر قبل أن يتمكَّن من افتتاحها.]]
واضطرَّ أكبر أخيرًا إلى الخُرُوج بِنفسه لِقيادة العمليَّات العسكريَّة، فترأَّس ثمانين ألف فارس وسار بهم إلى الجنوب بعد أن عهد بِأمر حُكُومته إلى ابنه سليم. وحدث في غُضُون ذلك أن انقلبت سلطنة خاندش على حُكمه وانضمَّت إلى جماعة الثائرين، وذلك بعد وفاة سُلطانها راجا علي خان وقيام ابنه ميران شاه بهادُردل بِالمُلك من بعده،<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Shyam|2=1981|ص=81|لغة=en}}</ref> وقد ناوأ المغول وامتنع عن دفع الخِراج لهم، وكانت هذه السلطنة تقع في شماليّ الدكن وتُعدُّ ممرًّا إلى الدُويلات الإسلاميَّة في الجنوب، فدخل عاصمتها بُرهانفور ثُمَّ شرع بِحصار قلعتها المشهورة والمنيعة المُسمَّاة «عسير»، في الوقت الذي حاصر ابنه دانيال مدينة أحمد نگر. ووافتهُ في غُضُون ذلك أخبار خُرُوج ابنه سليم عليه وتنصيبه سُلطانًا في مدينة [[الله آباد]] في الدوآب الأدنى، فلم يُثنه ذلك عن المضي في خطَّته. وافتقد سُكَّان أحمد نگر وجُنُودها أميرتهم «چاند بيبي» وروحها المُوجِّهة وبُطُولتها واستماتتها في الدفاع والتضحية، ولِهذا سُرعان ما هُزموا، وقُتل ألف وخُمسُمائة جُندي من الحامية أثناء الحصار، فدخل دانيال إلى المدينة وضمَّها إلى الدولة المغوليَّة، وذلك في سنة [[1009 هـ|1009هـ]] المُوافقة لِسنة [[1600]]م.<ref group="la" name="مولد تلقائيا2" /><ref name="السلطنات" /> واسمرَّ حصار قلعة عسير مُدَّة سبعة أشهر، دافع خلالها المُحاصرون عنها بِشجاعة، ولكن أكبر لجأ إلى استقطاب بعض الأُمراء بِالمال لِإضعاف المُقاومة، كما تفشَّت الأمراض في القلعة، ووقع أميرُها ميران بهادُردل تحت تأثير الأوهام والخوف، فاستسلم لِأكبر الذي دخلها وضمَّها إلى أملاكه، وبِذلك انتهت خاندش وضُمَّت مع الدولة النظامشاهيَّة إلى مُلك المغول، ولم ينل أكبر من الدولتين القطبشاهيَّة والعادلشهايَّة، وبقيتا مُستقلَّتين، وكذلك إمارة ڤيايانگر الهندوسيَّة القابعة في أقصى جنوب الهند. وقسَّم أكبر الفُتُوح الجنوبيَّة إلى ثلاث صوبات هي: صوبة أحمد نگر وصوبة خاندش وصوبة برار، وعيَّن ابنه الشاهزاده دانيال أميرًا عليها جميعًا.<ref name="السلطنات" />

== وفاة أكبر ==
[[ملف:Akbar's Tomb 04.jpg|تصغير|يمين|الواجهة الخارجيَّة لِضريح أكبر في ناحية سكندارا بِأغرة، كما بدت سنة [[2011]]م. دُفن أكبر في هذا الضريح قبل تمامه، وأنهى بنائه وليّ عهده جهانكير في سنة [[1613]]م.]]
سادت أيَّام أكبر الأخيرة الأحزان والآلام، فقد شكَّل أبناؤه مصدر قلقٍ له، فتُوفي ولداه مُراد ([[1007 هـ|1007هـ]] \ [[1599]]م) ودانيال ([[1013 هـ|1013هـ]] \ [[1604]]م) بِسبب الإدمان على شُرب الخمر،<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Cambridge|2=1937|ص=151|لغة=en}}</ref> وأضحى ابنه سليم مثار قلقٍ شديدٍ له، لا سيَّما بعدما ثار عليه في سنة [[1009 هـ|1009هـ]] المُوافقة لِسنة [[1600]]م ونصَّب نفسهُ سُلطانًا، وأقام لِنفسه سلطنة مُستقلِّة في الله آباد.<ref name="السلطنات" /> ويُحتمل أنَّ ثورة سليم على أبيه كانت بِسبب الجفاء القائم بينهما، بِفعل أنَّ أكبر لم يُغدق على ابنه الحُب الأبوي الحقيقي والضروري، ما دفع الأوَّل إلى الثورة عندما كان والده مُنهمكًا في حملته على الدكن على الرُغم من أنَّهُ ولَّاه على الله آباد. وفي سنة [[1011 هـ|1011هـ]] المُوافقة لِسنة [[1602]]م أُصيب السُلطان بِصدمةٍ قويَّةٍ عندما علم بِأنَّ ابنه اتفق مع أحد قُطَّاع الطُرق لِقتل الوزير أبي الفضل، ومع هذا فقد تحسَّنت العلاقة بين الأب وابنه قبل وفاة الأوَّل، وعيَّنهُ وليًّا لِعهده. ويبدو أنَّ وفاة أخويه المُبكرة أعادت الصفاء بينهما لِأنَّهُ أضحى الوريث الوحيد لِلعرش، واضطرَّ والده لِلصفح عنه وراح يُزوِّده بِنصائحه قبل وفاته.<ref>{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=261}}</ref> غير أنَّ الشاهزاده سليم لم يكن محبوبًا من السُكَّان، ولِهذا حاول الراجپوتيُّون الموجودون في البلاط، تحويل ولاية العهد إلى خسرو بن سليم، حفيد أكبر. ومع أنَّ المُؤامرة فشلت إلَّا أنَّها تسبَّبت في كثيرٍ من المتاعب لِلسُلطان العجوز وهو على وشك السُقُوط ميتًا. وفي سنة [[1014 هـ|1014هـ]] المُوافقة لِسنة [[1605]]م أُصيب أكبر بِإسهالٍ حادٍ، تبيَّن فيما بعد أنَّهُ [[زحار]]، عجز الأطبَّاء عن مُعالجته، واستمرَّ المرض يشتد ويقوى حتَّى تُوفي أكبر في [[30 جمادى الأولى|30 جُمادى الأولى]] [[1014 هـ|1014هـ]] المُوافق فيه [[13 أكتوبر|13 تشرين الأوَّل (أكتوبر)]] [[1605]]م، مُتأثرًا به، ودُفن في ضريحه الذي كان قد بدأ في بنائه في ناحية سكندارا بِمدينة أغرة، والذي أتمَّهُ فيما بعد ابنه جهانكير.<ref name="السلطنات" /> ويُقال إنَّ ما سُجِّل في كتاب «تُزك جهانكيري»، وهو كتاب سيرة حياة السُلطان سليم بن أكبر، من أحوال أكبر عند وفاته، يدُل على أنَّهُ كان قد شعر عند دُنُوِّ الأجل بِأنَّهُ على خطأ وضلال، فجدَّد إيمانه بِأن وحَّد الله وتلفظ بِالشهادتين، ولمَّا فارق الحياة كان مُحاطًا بِجماعةٍ من القُرَّاء الذين كانوا يقرؤون [[سورة يس]] ويدعون له.<ref name="تزك">{{استشهاد مختصر|1=الندوي|2=2007|ص=89}}</ref> ويعتبر الدكتور [[عبد العزيز نوار|عبدُ العزيز سُليمان نوَّار]] أنَّ القلق النفسي والأزمات العاطفيَّة التي عاشها أكبر في السنوات الأخيرة من حياته، بِسبب وفاة ابنيه ووالدته ثُمَّ أعز أصدقائه وخُلصائه أبا الفضل بن مُبارك، وما رافقها من ثورة ابنه سليم عليه وما ولَّدتهُ في نفسه من قلقٍ وخوف، أدَّت كُلُّها إلى إعادته إلى حظيرة الدين الإسلامي، فتُوفي وهو يُحاول أن ينطق باسم الله.<ref name="نوار-519-520">{{استشهاد مختصر|1=نوار|2=1998|ص=519-520}}</ref>

== نزعات أكبر الدينيَّة ==
=== علاقته مع المُسلمين ===
تولى أكبر العرش في سنة [[963 هـ|963هـ]] الموافقة لسنة [[1556]]م وهو في الرابعة عشرة من عمره، وظل يحكم الهند خمسين عامًا، وعلى هذا يُقسم المؤرخون نزعات أكبر الدينية وعلاقته [[الإسلام|بالدين الإسلامي]] والمسلمين إلى مرحلتين متميزتين ومتناقضتين،<ref>{{استشهاد مختصر|1=شودري|2=2002|ص=447}}</ref> ويضيف آخرون مرحلة ثالثة.<ref name="نوار-519-520" />

==== المرحلة الأولى ====
[[ملف:Basawan - Akbar visits the tomb of Khwajah Mu'in ad-Din Chishti at Ajmer - Google Art Project (cropped).jpg|تصغير|يمين|أكبر يزور قبر [[معين الدين الجشتي]]. في [[أجمير|آچمير]] ويدعو الله أمامه.]]
[[ملف:Portrait of Emperor Akbar Praying.jpg|تصغير|السُلطان أكبر وهو [[دعاء|يدعو]] الله.]]
استمرت '''«المرحلة الأولى»''' مدة عشرين عامًا، أي حتى عام [[982 هـ|982هـ]] الموافق لعام [[1574]]م، فبدأ حكمه راسخ العقيدة الإسلامية كأحسن ما يكون عليه المسلم المخلص، يحافظ على أصول الدين، ويؤدي [[الصلاة في الإسلام|الصلوات]] في ال[[مسجد]] وفي أوقاتها، ويقوم أحيانًا مقام [[أذان|المؤذن]] فيدعو الناس إلى الصلاة. واتصف سلوكه في هذه المرحلة بالتقشف في الحياة والمغالاة في العقائد، وكان متأثرًا بالبيئة المحيطة به وبتقاليد عصره، ومتأثرًا [[صوفية|بالمتصوفة]] في عصره فكان يغلو في تعظيم المشايخ، واعتقاد مكانهم من الله، وشفاعتهم للناس، وكان يزور الأضرحة والمشاهد، ويشد الرحال لزيارة قبور الصالحين من المشايخ المعروفين، وكان يعاقب الناس على مخالفة عقائد الجمهور، وقلة التدين، وضعف الاعتقاد، وكان يقدم النذور إلى ضرائح الأولياء والصالحين، ويشتغل [[ذكر (إسلام)|بالأذكار والأوراد]] في شغف واستغراق، ويصاحب العلماء والصالحين، ويحضر مجالس [[سماع (إنشاد)|السماع الصوفية]]. وقد نقل [[عبد القادر البدايوني|عبد القادر البَدَايُوني]] في كتابه «منتخب التواريخ» عدة تصريحات عن تدين أكبر في هذه المرحلة ومغالاته في العقيدة والدين، منها: أنه تجشم عناء السفر مشيًا على الأقدام إلى آچمير شكرًا لله على ولادة [[نور الدين جهانكير|سليم]]، وعرج على [[دلهي]] أثناء عودته، وزار قبور الأولياء والصالحين، وكان يتبرك بالشيخ «{{وإو|لغ=en|تر=Salim Chishti|عر=سليم بن بهاء الدين الجشتي}}» وازداد محبة له بعدما بشره بثلاثة أولاد، فتحققت بشارته بعد أن كان محرومًا، ولذلك سمى ابنه سليم باسمه على غير عادة المغول في تسمية أبنائهم، وبنى مدينة في المكان الذي كان يقيم فيه هذا الشيخ، بالقرب من [[أغرة]]، وجعلها عاصمة له مبالغة في تكريمه وسماها [[فاتح بور سيكري|فتحپور سكري]]. وكان قبل ذلك قد بعث عقيلته [[جودا باي]] قبل الولادة حتى تكون موضع عناية الشيخ واهتمامه، وتسعد بدعائه. ووُلد ابنه مراد كذلك في بيت الشيخ سليم. وكان يرحل في كل سنة راجلًا إلى [[أجمير|آچمير]] لزيارة قبر [[معين الدين الجشتي]] ويطوف به عدة مرات، ثم يجلس في حضرته وقتًا طويلًا. وكان يشتغل باستغراق في ذكر «ياهو» «ويا هادي» في مصلاه، ولا يبدأ عملًا أو قولًا إلا بدأه بقوله: «يا هادي، يا معين» ويذكر أن لهاتين الكلمتين أثر السحر في نفسه، كما كانتا تثيران حماس أتباعه، فكان جنود جيشه مسلمين وهندوس إذا سمعوه يدعو بهذا الدعاء يرددونه وراءه في صوت جهوري، ثم ينقضون على العدو دون خوف.<ref name="الدين الإلهي" /><ref name="الشيال-109-116">{{استشهاد مختصر|1=الشيال|2=2001|ص=109-116}}</ref>
[[ملف:Bikaner Akbar Sheikh-Salim-Chishti 25811 700w.jpg|تصغير|يمين|مُنمنمة مغوليّة تعود لِأواخر [[القرن 18|القرن الثامن عشر الميلادي]] تُصوِّرُ أكبر (الواقف يمينًا) في حضرة الشيخ سليم بن بهاء الدين الجشتي.]]
وكان أكبر يطلب في كل ليلة [[الجمعة|جمعة]] وهو في مصلاه، الأشراف والمشايخ والعلماء، ويُحضر حلقة من العلماء، ويُباحثهم في المسائل والأحكام. كان قبل خروجه للحرب يتوجه إلى قبور الأولياء والصالحين للدعاء عندها. وتعرض مرة لمحاولة اغتيال في [[دلهي]] إلا أنه نجى منها فكان يعد نجاته من كرامة أولياء [[دلهي]]. ولما أصبح ولي عهده سليم في سن يبدأ فيها القراءة وأول ما يقرأ الطفل يكون «[[البسملة|بسم الله الرحمن الرحيم]]» وهي عادة تسمى باحتفال التسمية في الهند، طلب من المحدث الشهير «ميركلان الهروي» أن يُشرف بهذه المناسبة فحضر وأقرأ سليم التسمية بحضور أكبر مع جمع من أعضاء الدولة. وحينما بدأ ولي العهد يشدو في القراءة والكتابة، أمره أن يذهب إلى بيت الشيخ «عبد النبي أحمد الكنكوهي» ويدرس عليه الحديث، وكان هو أيضًا يقصد بيته ويحضر درسه، وكان يبالغ في إجلاله، فقام مرتين بوضع نعليه عند احتذاء الشيخ لهما. وكان كذلك مهتمًا بأمر المساجد، فعين سبعة أئمة لأيام الأسبوع السبعة فيتناوبون على الإمامة في الأيام المعينة لهم، ويذكر عنه أيضًا أنه كان يكنس المسجد. وكان يبعث في كل عام عددًا كبيرًا من الحجاج إلى الحرمين في [[مكة]] و[[المدينة المنورة|المدينة]] على نفقة الدولة، ويبعث مع أمير الحجاج الهدايا والتحف إلى والي مكة المكرمة، ويبعض النقود والغلال لأهل الحرمين، وكان يُشيع الحجاج عند توديع قوافلهم محرمًا كإحرام الحج، مقصرًا للشعر، ملبيًا، حاسر الرأس، حافي القدمين. ولما قدم «شاه أبو تراب» إلى الهند بحجر قيل أن عليه أثر لقدم [[محمد|الرسول]] ووصل قرب مدينة [[أغرة]] خرج أكبر مع حشد عظيم من العلماء والمشايخ لاستقبال الشيخ أبي تراب، وإجلال لمقام الرسول.<ref name="نزهة الخواطر-466">{{استشهاد مختصر|1=الحسني|2=1999|ص=466}}</ref> ومن الشواهد على تدينه وتعبده ما جاء في كتاب «مآثر العلماء» لمؤرخ [[سلطنة مغول الهند|الدولة المغولية]] «مير عبد الرزاق خافي خان» المعروف بصمصام الدولة شاه نوازخان ([[1111 هـ|1111هـ]] - [[1171 هـ|1171هـ]]) يقول فيه: {{اقتباس مضمن|كان الملك أكبر يبذل جهودًا كبيرة في تنفيذ الأحكام الشرعية، والتأكيد على [[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]]، كان يؤذن بنفسه، ويؤم الناس في الصلاة، حتى أنه كان يكنس المسجد، احتسابًا وطلبًا لمرضاة الله.}}<ref>{{استشهاد مختصر|1=الندوي|2=2007|ص=81-88}}</ref>

==== المرحلة الثانية ====
[[ملف:Mirza Aziz Koka.png|تصغير|يمين|ميرزا عزيز كوكا أخ أكبر من الرضاع، يشير المؤرخون إلى أنه كان دائمًا يغلظ القول على أكبر فيما يخالف الشريعة الإسلامية، وكان لا يستحسن بعض ما اخترعه من السجدة بحضرته وحلق اللحية وغيرها.<ref name="العفاني" />]]
هكذا بدأ أكبر المرحلة الأولى من حياته الدينية، ولكنه انقلب فجأة إلى رجل مغاير في '''«المرحلة الثانية»''' وذلك بعد أن إعلانه [[الدين الإلهي|للدين الإلٰهي]] في سنة [[987 هـ|987هـ]] الموافقة لسنة [[1579]]م، فاعتزم على اتباع سياسة معادية للدين الإسلامي، وقد رأى المسلمون من رعيته أن السلطان يريد القضاء على دينهم، بل إن معارضيه من المسلمين وخاصة من مسلمي الهند لم ينظروا إلى الدين الجديد باعتباره أنه دين أولًا -وهكذا سماه أكبر- بل تم اعتباره من قبلهم مروقًا وإلحادً وكفرًا. ومن أشهر من انتقد سياسته هذه المؤرخ المعاصر له [[عبد القادر البدايوني]]، الذي اعتبر الدين الإلٰهي كفرًا وإلحادًا، واعتبر أكبر [[ردة (إسلام)|مرتدًا عن الدين الإسلامي]]، وأحصى المؤرخون المسلمون ما خرج فيه أكبر عن الإسلام في نقاط كثيرة، منها: أنه أباح السجود للسلطان، والإسلام يمنع السجود إلا لله، دعا إلى عبادة أو تقديس الشمس والنار، وسمح بوضع الخنازير في قصره، واعتبر النظر إليها كل صباح عملًا يستحق التقدير، والإسلام يحرم أكل لحم الخنزير، وحرم أكل لحم البقر والثوم والبصل، وهذه أشياء أحلها الإسلام، كما حرم تربية اللحى، وقد كانت الشعار المميز للمسلمين في الهند في ذلك الحين لأن الهندوسيين كانوا يحلقوا لحاهم، وكان هو وحاشيته يستهزؤون بها، وحلل الخمر وأباح بيعها، وأباح لرعيته أن يتعاملوا بالربا، وأباح للناس بالمقامرة، وأسقط غسل الجنابة. أما بالنسبة لموقفه من المسلمين فقد راح يضهدهم، فأجبر الأولاد الذين يحملون اسم محمد على تغيير أسمائهم، ومنع المسلمين من الزواج من بنات العم والعمة والخال والخالة، وكذلك منعهم من الختان، وأصدر أمرًا بمنع تعليم اللغة العربية، وكذلك أوجب على خاصته أن يرتدوا الملابس الحريرية أثناء الصلوات، وألغى بعض أركان الإسلام، وحظر على الناس أن يصوموا شهر رمضان، ومنع الناس من أداء الحج، وبلغ به الأمر في عام [[1004 هـ|1004هـ]] الموافق لعام [[1595]]م أن كان يعاقب كل من يتجرأ على ذكره بأشد أنواع العقوبة، وتعطلت أعياد المسلمين في عصره وانقطع الاحتفال بها، وتحولت المساجد في عصره إلى مرابط للخيول وإلى معابد هندوسية.<ref name="الدين الإلهي" /><ref name="الشيال-109-116" /><ref>{{استشهاد مختصر|1=الندوي|2=1950|ص=70-81}}</ref> وحرم إنشاءها وترميمها.<ref>{{استشهاد مختصر|1=حسين|2=2012|ص=118}}</ref>

وأصدر أكبر في سنة [[989 هـ|989هـ]] أمرًا يمنع فيه الزكاة، وراح يسخر ويزدري المعتقدات الإسلامية، فأنكر المعجزات، وقام بازدراء الدين الإسلامي وإهانته، ووصم تراث المسلمين كله بالحُدوث، واعتبره مجموعة من السفاهات، وأن واضعيه ومؤسسيه أعراب فقراء من جزيرة العرب كانوا مفسدين في الأرض وقطاع طرق. وكان يسخر من حادثة [[الإسراء والمعراج]]، ومن الوحي، وكذلك يذكر المؤرخون أنه كان يهين ويعترض على النبوة المحمدية، وكان ينفر من أسماء النبي ويكرهها، وكانت الأسماء مثل أحمد ومحمد ومصطفى ثقيلة على سمعه، وغير أسماء خاصة أصحابه إلى أسماء أخرى، وبالإضافة إلى منع الحج والصوم والزكاة، فقد أسقط الصلاة، بالإضافة إلى الاستهزاء بأركان الإسلام وفرائضه، وذكر البدايوني أن أحدهم قد ألف عدة رسائل عن العبادات الإسلامية في أسلوب تهكمي ساخر، وإيراد اعتراضات عليه، وقد نالت هذه الرسائل إعجاب السلطان، وأصبحت واسطة له لدى السلطان في التقرب منه.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الندوي|2=2007|ص=123-131}}</ref> يقول [[عبد القادر البدايوني]] المعاصر لأكبر بخصوص عدائه للإسلام: {{اقتباس مضمن|إن الإسلام بهذا قد هدمت أركانه وأنقض بنيانه، ولم يمض غير خمس أو ست سنوات حتى انقلب كل شيء رأسًا على عقب ولم يبق في نفس أكبر أثر ضئيل من دينه القديم القويم الإسلام، بل لقد أبدى مظاهر العداء الشديد للدين الذي آمن به في شبابه والذي آمن به أسلافه من قبل.}}<ref name="الشيال-109-116" />

ولم تكن التغييرات التي أحدثها أكبر مقصورة على الدين وحده بل أحدث تغييرات تؤذي شعور المسلم، لأنها ذات صلة وثيقة بالتشريع أو النظام الإسلام، فقد تزوج من بنات أمراء الهندوس ليرتبط وإياهم برابطة ولاء النسب، وسمح لهن بالاحتفاظ بأديانهن وبالقيام بشعائر هذه الأديان داخل قصره، وهذا الأمر محرم في الإسلام فلا يجوز الزواج من غير المسلمة إلا في استثناء واحد وهو الزواج من [[أهل الكتاب|نساء أهل الكتاب]]، كما استبدل [[تقويم هجري|التقويم الهجري]] بتقويم جديد أسماه التقوم الإلهي، يبتدئ بسنة جلوسه على العرش، وجعل شعار أتباعه «الله أكبر» يقصد بذلك أنه الله. هزت هذه الحركة المجتمع الإسلامي في الهند هزة عنيفة، وأثار هذا التحول ضجة بالغة المدى في دولته، غير أن كل من عارضها كان نصيبه النفي والاضطهاد والتشريد، ومع هذا فقد لقيت الحركة تأييدًا من بعض العلماء المسلمين الذين كانوا يبتغون الوسيلة والقربى إلى السلطان، وخاف بعضهم من اضطهاد الملك ورجاله، ولم يتحرجوا من تأييده،<ref>{{استشهاد مختصر|1=الندوي|2=1950|ص=83}}</ref> ويذكر المؤرخون أنه لولا تأييد هذا النفر من العلماء لما استطاع أكبر أن يقيم دعائم دينه الجديد، يقول [[أحمد السرهندي]]: {{اقتباس مضمن|ومما لا مجال فيه للشك أن كل ما وقع من المداهنة والتخاذل في الأحكام الشرعية في هذا الزمان، وما ظهر من الفساد والوهم في نشر الدعوة الإلهية وإبقاء مآثرها في هذا العصر، إنما يرجع سببه إلى علماء السوء الذي هم لصوص الدين وشر من تحت أديم السماء، أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون}}.<ref name="الشيال-109-116" />

ومع هذا فإن المسلمين في الهند لم يخضعوا لأمر أكبر، حيث ظهر علماء آخرون تمسكوا بدينهم وعارضوا الدين الإلٰهي معارضة عنيفة، فأعلنوا معاداته وهاجموا آراءهم، وأبدوا استنكارهم لهذه الأوضاع قدر مستطاعهم،<ref name="الدين الإلهي" /> وكان على رأسهم «[[أحمد السرهندي]]»، الذي قام بحركة تجديدية مضادة، تعتبر رد فعل لما قام به أكبر، إلا أن آثار دعوته هذه لم تظهر إلا بعد موت أكبر في عهد ابنه [[نور الدين جهانكير|جهانكير]].<ref name="الشيال-109-116" /> ومنهم «إبراهيم المحدث الأكبرآبادي» الذي ذهب ذات مرة إلى [[عبادت خانه]] بناء على دعوة أكبر، فلم يسجد له، ولم يأت بالتحيات التقليدية للملك باعتبار أنها مخالفة للشريعة الإسلامية، ثم خطب عنده بجرأة ولم يتهيب من شوكة أكبر الملكية.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الحسني|2=1999|ص=462}}</ref> ومنهم «{{وإو|لغ=en|تر=Shahbaz Khan Kamboh|عر=شهباز كنبوه}}» الذي كان من كبار الأمراء في بلاط أكبر، الذي كان ذا جرأة على السلطان، ولا يبالي برضاه أو سخطه فيما يخص الأمور الشرعية في الإسلام، فلم يقصر اللحية، ولم يشرب الخمر، ولم يرغب في الدين الإلٰهي قط.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Ikram|2=1964|ص=160|لغة=en}}</ref><ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Said|2=1990|ص=187|لغة=en}}</ref><ref name="نزهة الخواطر-539">{{استشهاد مختصر|1=الحسني|2=1999|ص=539}}</ref> ومنهم «عبد القادر الأجي» لم يكن يوافق السلطان في مخالفة الشريعة، ومنهم «عبد القادر اللاهوري» الذي يذكر المؤرخون أن أكبر كان ساخطًا عليه لشدة تمسكه بالشريعة الإسلامية، فأمره أن يسافر إلى [[مكة|مكة المكرمة]]. وكان من بين العلماء الذين ردوا عليه «بدر الدين بن سليم الجشتي» الذي كان محترمًا عند السلطان في شبابه، ولكن لما رأى تحول أكبر قطع جميع علاقاته معه، واعتكف في منزله، إلا أنه تم التضييق عليه، فلم ير مفرًا إلا أن يهاجر إلى [[مكة|مكة المكرمة]] وتوفي فيها. ويذكر المؤرخون أنه بالإضافة إلى ما سبق فقد شتت أكبر معارضين آخرين ونفى بعضهم وقتل البعض الآخر، فكان بين من قتل رئيس القضاة «عبد الله الأنصاري السلطانبوري»،<ref>{{استشهاد مختصر|1=الحسني|2=1999|ص=374-375}}</ref> و«عبد النبي الكنكهوني».<ref name="العفاني">{{استشهاد مختصر|1=العفاني|2=2005|ص=66-72}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=غازي|2=1979|ص=476-477}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=الحسني|2=1999|ص=380}}</ref> وعمل أكبر على اضطهاد العلماء والفقهاء خاصة [[أهل السنة والجماعة]]، فعطلت الحكومة رواتب العلماء والفقهاء، وصادرت أراضيهم واقطاعاتهم، وعزل أكبر جميع القضاة المسلمين وبلدهم بمن كانوا يدينون بدينه، وقتل كثيرًا من العلماء خفية لعدم موافقتهم في معتقداته.<ref>{{استشهاد مختصر|1=غازي|2=1979|ص=478-479}}</ref> بالإضافة إلى العلماء، فقد ظهرت ثورات متعددة في بعض أقاليم الدولة كردة فعل لإعلان أكبر لدينه الجديد، فظهرت ثورة في [[صوبة البنغال|البنغال]] و[[جونبور|جونفور]] في عام [[987 هـ|987هـ]] الموافق لعام [[1579]]م بسبب نفور علماء الدين المحافظين من نزعات أكبر الدينية، وأفتى قاضي جونفور «محمد يزدي» بوجوب حرب السلطان لما استحدثه من بدع تزعزع بناء الإسلام في الهند، وبلغت هذه الثورة درجة كبيرة من العنف إلا أن أكبر استطاع القضاء عليها.<ref name="الساداتي-119-121" /> وقامت ثورة بقيادة «ميرزا محمد حكيم» حاكم [[كابل]] أخ أكبر في سنة [[989 هـ|989هـ]] المُوافقة لِسنة [[1581]]م بهدف مناهضة أكبر حيث اعتبروه ملحدًا يجب القضاء على تياره الإلحادي إلا أن هذه الثورة لم تنجح وتم لأكبر القضاء عليها.<ref name="طقوش كابل" /><ref>{{استشهاد مختصر|1=حسين|2=2012|ص=117}}</ref>

==== المرحلة الثالثة ====
يضيف بعض المؤرخين مثل [[عبد العزيز نوار|عبدُ العزيز سُليمان نوَّار]] مرحلة ثالثة إضافة إلى المراحل السابقة، تمتد من سنة [[1009 هـ|1009هـ]]/[[1601]]م إلى سنة [[1014]]هـ/[[1605]]م، حيث اعتبر أن هذه الفترة كانت مليئة بالقلق النفسي والأزمات العاطفية، حيث فقد فيها أكبر ابنيه وأمه، وأعز أصدقائه [[أبو الفضل بن مبارك|أبا الفضل بن مبارك الناكوري]]، وخلالها ثار ابنه [[نور الدين جهانكير|سليم]]، وغادر عاصمته [[فاتح بور سيكري|فتحپور سكري]]، أدت إلى إعادته إلى الدين الإسلامي، فتوفي وهو يحاول أن ينطق باسم [[الله]].<ref name="نوار-519-520" /> وقد سجل ابنه [[نور الدين جهانكير|جهانكير]] في كتاب «تُزك جهانكيري» أحوال أكبر عند وفاته، فذكر ما يدل على أنه عندما شعر بأنه على خطأ وضلال عند دنو أجله، فجدد إيمانه بتلفظه [[الشهادتان|بكلمة التوحيد]]، ولما فارق الحياة كان محاطًا بمجموعة من القراء الذي كانوا يقرؤون [[سورة يس]]، ويدعون له.<ref name="تزك" />

=== علاقته مع الهندوس ===
[[ملف:The great Mogul discoursing with a Humble Fakir.jpg|تصغير|رسمٌ لِأكبر وهو يُحاورُ هندوسيًّا من [[فقير (صوفية)|طبقة الفُقراء]].]]
كان أكبر يرى أن سياسة أسلافه في الحكم تجاه ال[[هندوس]] يشوبها الخطأ حيث أنها كانت قائمة في أغلب الأوقات على العداء والحرب، ورأى أنه من الواجب أن ترتكز دولته على أساس قوي من حب رعاياه ورضاهم، بصرف النظر عن عقائدهم ومذاهبهم، وأن عليه البدء في عهد جديد يتقرب فيه منهم لنفخ روح جديدة في الدولة، ولهذا بدأ يعمل على كسب حب الهندوس بوجه عام والراجپوت بشكل خاص، فقد كان [[راجبوت|الراجپوت]] يكونون الطبقة الحربية في المجتمع الهندي، وكانوا سلالة القادة العسكريين في الهند، ولم يكن في استطاعة الأسرة الحاكمة أن تستغني عن تأييدهم، واتخذ لتحقيق هذا الهدف وسائل كثيرة، منها:
* '''المصاهرة'''، حيث بدأ أكبر يعقد أحلافًا تعتمد على الزواج وصلات النسب،<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Sarkar|2=1984|ص=37|لغة=en}}</ref> وكان «{{وإو|لغ=en|تر=Bharmal|عر=بيهار مال كاشهورها}}» أول راجا يقدم ابنته زوجة لأكبر وذلك في عام [[969 هـ|969هـ]] الموافق لعام [[1562]]م، وقد ضمن هذا الزواج تأييد هذه الأسرة الراجپوتية القوية، وكان يمثل فجر عهد جديد في تاريخ السياسة الهندية.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Chandra|2=2007|ص=243|لغة=en}}</ref> وفي عام [[978 هـ|978هـ]] الموافق لعام [[1570]] تزوج أكبر أميرتين من [[جسلمير]] و[[بيكانر]]. وفي سنة [[922 هـ|922هـ]] الموافقة لسنة [[1584]]م زوَّج ولي عهده الأمير [[نور الدين جهانكير|نور الدين سليم]] من ابنة «{{وإو|لغ=en|تر=Bhagwant Das|عر=راجا بهگونت داس}}».
* '''التعيين في مناصب الدولة'''، إذ راح أكبر يعمل على تشجيع رعاياه الهندوس وتقدير خدماتهم، وخاصة الراجپوت فقربهم منه وفتح لهم أبواب بلاطه، وعينهم بالمناصب الرفيعة في الدولة مدنية وعسكرية على السواء، ووضع فيهم ثقته الكاملة، وأتاح لهم الترقي، فتولى عدد من الراجات مناصب القيادة في جيشه، كما شكل الهندوس نصف عدده.<ref name="أكبر والهندوس"/>
* '''التسامح الديني'''، وكان هذا أهم المبادئ التي قامت عليها سياسة أكبر، فأتاح لهم حرية العقيدة والرأي، وشجع على إحياء عاداتهم وأعرافهم، واختلط بهم وشايعهم في تقاليدهم وعاداتهم. كذلك رفع الجزية التي كانت تُفرض عليهم، والرسوم التي كانوا يلزمون بها عند الحجيج إلى مقدساتهم، وساوى في معاملته بين المسلمين والهندوس من رعاياه، بل يذكر المؤرخون أنه كان أكثر محاباة للهندوس، وأنه كان شديد الوطأة مع المسلمين متسامحًا معهم.<ref name="أكبر والهندوس">{{استشهاد مختصر|1=نوار|2=1998|ص=524}}</ref>
* '''الإصلاحات الاجتماعية'''، فكان شديد العناية برفاهية رعاياه من الهندوس، فبذل جهده لكي يرفع عنهم ما نزل بهم ضيم، وعمل كذلك على القضاء على المفاسد والعيوب التي كانت تشوب مجتمعهم، فمنع زواج الأطفال، وحارب ممارسة عادة [[ستي|الستي]]، وشجع زواج الأرامل، ودعا لمحاربة التمييز بين الطبقات، وعمل على نشر التعليم بين الجميع دون استثناء، فكان الهندوس يدرسون مع المسلمين جنبًا إلى جنب دون أي تفرقة. جنى أكبر نتيجة هذه السياسة عددًا من الفوائد، منها أنه استطاع أن يضمن ولاء [[راجبوت|الراجپوت]] وتأييدهم، وانتهى خطرهم الذي كان يهدد الدولة، وتحول الهندوس وأمرائهم [[راجبوت|الراجپوتيون]] من أعداء للدولة إلى خدّام لها وحُماة لأراضيها. وكانوا أعوانًا له كذلك في القضاء على الفلول الأفغاني المتبقي في الهند. وكان من الحكمة أن يعمل السلطان على الاستفادة من جهود الراجپوت، فقد كانوا عنصرًا حربيًا مميزًا.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=107-108}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=227-228}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=الشيال|2=2001|ص=89-91}}</ref>

=== علاقته مع النصارى ===
[[ملف:Jesuits in the 'Ibadat-Khanah'.jpg|تصغير|يمين|الأبوان اليسوعيَّان رودولف أكواڤيڤا و[[فرنسيسكو هنريكس]] يحضران جلسة مُناقشة في دارة العبادة بِحُضُور السُلطان أكبر.]]
[[ملف:Church of Akbar 3.jpg|تصغير|بيعة السُلطان أكبر في مدينة أغرة. بناها الآباء اليسوعيُّون في المدينة سالِفة الذِكر سنة 1600م،<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=eventseeker(N.D)|2=|ص=|لغة=en}}</ref> بعدما أجاز لهم أكبر بناء الكنائس في بلاده في سبيل التقرُّب من الپُرتُغاليين.]]
كان عدد [[المسيحية في الهند|النصارى في الهند]] خِلال عهد أكبر يصلُ إلى حوالي مائة وخمسين ألفًا من [[نسطورية|النساطرة]] الذين اعتنقوا هذا المذهب على يد كهنةٍ [[آشوريون/سريان/كلدان|سُريان]]، وتوزَّعوا في المُدن والقُرى المُتناثرة على سواحل [[مليبار|الملبار]] بِخاصَّة، وشكَّلوا طبقةً خاصَّةً مُنعزلةً انطوت على نفسها بِهدف المُحافظة على بقائهم وسط مُحيطٍ بشريٍّ مُوزَّع بين المُسلمين والهندوس. واعترفت البراءات البابويَّة مُنذُ سنة [[898 هـ|898هـ]] المُوافقة لِسنة [[1493]]م لِلپُرتُغاليين بِحق الولاية على [[المحيط الهندي|المُحيط الهندي]] وعلى بِحار الصين، وخوَّلتهم حق إنشاء مُطرانيَّات وأُسقُفيَّات، وتعيين أساقفة، و[[تبشير بالإنجيل|التبشير بِالإنجيل]]، ولم يكن لِأحد من رجال الدين أن يأتي إلى هذه الديار والمناطق إلَّا بِإذنٍ خاصٍ من ملك الپُرتُغال وبعد أن يُعرِّج على [[لشبونة]] و[[غوا|گووه]].<ref name="المسيحية">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=232-234}}</ref> وأنشأ الپُرتُغاليُّون في گووه مركزًا لِرئيس أساقفة، وكاتدرائيَّة ودير لِلرُهبان [[فرنسيسكانية|الفرنسيسكان]]، ومعهد لاهوتي لِإعداد الكهنة لِعمل الكِرازة والتبشير بين الهندوس، كما سمحوا لِعددٍ كبيرٍ من المُرسلين، من كُل الدُول الأوروپيَّة، بِالمجيء إلى الأقطار الآسيويَّة والهنديَّة بِخاصَّة، وبذلوا لهم كُل عونٍ وحماية في سبيل تسهيل مُهمَّتهم لِحمل الوثنيين على اعتناق [[المسيحية|المسيحيَّة]].<ref name="المسيحية" /> وقام [[يسوعيون|الآباء اليسُوعيُّون]] بِمجهودٍ كبيرٍ لِلتبشير بِالإنجيل ونشر المسيحيَّة، أمثال الأب [[فرنسيس كسفاريوس|فرنسيس اكسافييه]] [[مملكة نبرة|النبراني]]، والأب فالغنياني، الذي شهدت حركة التبشير على يديه نقلةً نوعيَّة في استقطاب الطبقات الدُنيا والمنبوذين، أمثال صيَّادي السمك، وُصُولًا إلى طبقة المُلُوك والأسياد وعلية القوم.<ref name="المسيحية" />

وبِوصفه سُلطانًا مُنفتحًا على الديانات الأُخرى، أراد أكبر أن يطَّلع على [[فلسفة مسيحية|فلسفة الدين المسيحي]]، فأرسل مبعوثًا إلى گووه في سنة [[987 هـ|987هـ]] المُوافقة لِسنة [[1579]]م يطلُب إرسال رُهبانٍ لِشرح الديانة المسيحيَّة، وإطلاعه على الأُسس الفلسفيَّة لِهذه الديانة. استجابت السُلُطات الدينيَّة لِطلب السُلطان في جوٍّ مُفعمٍ بِالسُرُور والطمع في حمل سُلطان المُسلمين في الهند على اعتناق المسيحيَّة. ففي سنة [[988 هـ|988هـ]] المُوافقة لِسنة [[1580]]م، أُرسلت من گووه بعثة، بِرئاسة الأب رودولف أكواڤيڤا والأب مونسرات، فاستقبلهما أكبر بِكُلِّ ترحابٍ واحترام وسمح لهُما بِأن يبنيا [[كنيسة|بيعةً]] في مدينة أغرة، وأظهر إعجابه الشديد بِصُورة المسيح والعذراء، ووضع ابنه سليم تحت رعايتهما لِيُجرِّب أثر المسيحيَّة في عقليَّة طفلٍ صغيرٍ غير مُتعصِّب، لكنَّ التجربة فشلت، إذ لم يُؤثِّر أي شيء في إيمان الابن بِدينه، ومع هذا فإنَّ الآباء لم يلبثوا أن شعروا بِخيبة أملٍ كبيرةٍ لِأنَّ السُلطان لم يكن غنيمةً سهلة، وبعد أن مكثت البعثة ثلاث سنواتٍ في بلاط السُلطان عادت من دون أن تستطيع تحقيق أهدافها. وأُرسلت من گووه بعثتان أُخرتان ولكنها لم تكن أكثر نجاحًا من الأولى، فقد سمح السُلطان لِأعضاء الإرساليَّة الثالثة أن يبنوا كنائس في لاهور وأغرة وأن يقوموا بِالتبشير إن استطاعوا، كما حصلوا على امتيازاتٍ تجاريَّةٍ، وبِذلك أضحت الإرساليَّات التبشيريَّة، إلى حدٍ ما، مُؤسسة دائمة في الدولة المغوليَّة. وأصدر السُلطان أكبر في سنة [[1009 هـ|1009هـ]] المُوافقة لِسنة [[1600]]م أمرًا يُجيزُ لِلمُرسلين التبشير بِالإنجيل، كما ترك لِرعاياه الحُريَّة باعتناق المسيحيَّة. وفي سنة [[1101 هـ|1101هـ]] المُوافقة لِسنة [[1602]]م أُسِّست أوَّل بيعة مسيحيَّة في أغرة، ثُمَّ رُخِّص بعدها لِبعض الآباء اليسوعيين بِإنشاء إرساليَّات تبشيريَّة في البلاد الخاضعة لِحُكمه. الواضح أنَّ هدف أكبر، من وراء استدعاء البعثات التبشيريَّة والاحترام العميق الذي أضفاه على النصارى لم يكن دينيًّا بحتًا، والواقع أنَّهُ كان غطاءً لِهدفٍ سياسيٍّ، فقد رغب في كسب ودّ وصداقة الپُرتُغاليين في گووه لِأنَّهم كانوا يملكون مدفعيَّةً ضخمة، ويطمع في مُساعدتهم ضدَّ قلعة عسير الثائرة وضدَّ ابنه سليم الذي خرج عليه، والحقيقة أنَّ أكبر كان دائمًا رجُل سياسة ورجُل دولة أكثر منهُ رجل دين، وتكمن وراء تصرُّفاته دوافع سياسيَّة.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الشيال|2=2001|ص=91-94}}</ref>

=== علاقته مع الجاينيين ===
عقد أكبر جلسات نقاشٍ عديدةٍ مع كهنة [[الجاينية|الجاينيَّة]] بين الحين والآخر، وقد تأثَّر ببعض تعاليمهم. كان أوَّل لقاءٍ لِأكبر مع أحد هؤلاء الكهنة عندما شاهد موكبًا احتفاليًّا لِمريدةٍ جاينيَّة تُدعى «چمپة»، بعد أن أكملت صيامها الذي دام ستَّة أشهر، ويُقال أنَّهُ تأثَّر بِقُوَّة إيمانها وتفانيها، فدعا [[غورو|مُرشدُها الگُرو]] «أشاريا هيراڤيجايا سوري» إلى مدينة فتحپور، فقبل الأخير دعوته وغادر الگُجرات مُتوجهًا إلى البلاط السُلطاني في المدينة سالِفة الذِكر. تأثَّر أكبر بِعلم المُرشد المذكور وبِصفاته وشخصيَّته، وقيل أنَّ من شدَّة تأثُّره عزف عن أكل اللحم وأصبح نباتيًّا كما أتباع هذه الديانة.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Sen|2=2005|ص=288–289|لغة=en}}</ref> كما أصدر عدَّة فرمانات صبَّت في صالح الجاينيين ومُعتقداتهم، كتحريم ذبح الحيوانات في بعض الأيَّام التي يُوافق فيها احتفالاتهم الدينيَّة، كأيَّام الاتحاد (پاريوشانا) ويوم الاحتفال بِمولد [[ماهافيرا|مهاويرا]] (ماهاڤير جايانتي).<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Truschke(N.D)|2=|ص=|لغة=en}}</ref> كذلك، أعفى أكبر أماكن الحج الجاينيَّة، كبلدة «پاليتانة» الگُجراتيَّة من الجزية.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Yamin|2=2009|ص=|لغة=en}}</ref>

=== الآراء والمواقف حوله ===
اختلف المؤرخون والعلماء في تقدير أكبر بعد ابتداعه [[الدين الإلهي|للدين الإلهي]]، فأعجب فيه قسم رأوا فيه بشير نهضة أو حركة إحياء هندية كبرى، ونظروا إليه كحاكم مصلح منشئ لإمبراطورية قوية، وأن الدين الذي دعا إليه لم يكن هدفًا في ذاته، وإنما كان وسيلة لهدف أكبر، وهو التوحيد بين طوائف الشعب، والوصول إلى إزالة ما بين الناس من فوارق، ودعم الإنسان لأخيه الإنسان، ليبلغ بذلك قيام التجانس التام في مجتمع بلاده، ولتكوين هند قوية موحدة، فقد كانت السياسة هي دينه، ووحدة أهل الهند تحت سلطانه هي عقيدته. ويرى قسم آخر أن أعمال أكبر لا تتنافى مع الإسلام في شيء، وقصارى أمرها أمور تنظيمية فرعية لا تمس حقيقة الإسلام في شيء، ولا يمكن تكفيره بها، وأن أعماله هذه تدل على وسع أفق أكبر الديني، وأن تاريخه تعرض لعملية تزييف ممنهج من قبل مبغضيه، بقصد تشويه صورته. في الطرف المقابل كان لبعض العلماء والمؤرخين المسلمين موقف مضاد لأكبر، وخاصة من مسلمي الهند -معاصرين وغير معاصرين- وهؤلاء لا ينظرون إلى الدين الجديد باعتباره دين أولًا، ويحكمون على أكبر باعتباره ملكًا مسلمًا دعا إلى دين جديد معظم ما فيه لا يقره الإسلام، فاعتبروه مروقًا وإلحادًا وكفرًا. ويرى قسم آخر أن أكبر مر بثلاثة فترات من الناحية الدينية، فكان في المرحلة الأولى مسلمًا سنيًا، وفي المرحلة الثانية أعلن الدين الإلهي، وفي المرحلة الثالثة رجع إلى الإسلام. ويجلعها آخرون فترتين فقط.<ref name="نوار-519-520" /><ref name="الشيال-109-116" /><ref>{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=135، 143}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=النمر|2=1981|ص=283-292}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=الندوي|2=2007|ص=81 - 134}}</ref>

== العلاقات الخارجيَّة ==
=== العلاقات مع الأوزبك ===
[[ملف:Abdullah Khan Uzbek II slicing melons.jpg|تصغير|يمين|عبد الله خان أوزبك الشيباني، أمير الخانيَّة البُخاريَّة في عهد جلال الدين أكبر.]]
كانت [[شيبانيون|الخانيَّة البُخاريَّة الأوزبكيَّة في بلاد ما وراء النهر]] مجاورة لدولة المغول الهندية، وبحكم الجوار جرت سفارات متبادلة ما بين الدولتين، ففي سنة [[980 هـ|980هـ]] الموافقة لسنة [[1572]]م وقبل بدء حملة إقليم الگُجرات وصل مبعوث أرسله «[[عبد الله خان الثاني|عبد الله خان أوزبك]]» [[شيبانيون|الشيباني]] إلى أكبر حاملًا معه رسالة ودية وعددًا من الهدايا، ثم دعاه أكبر إلى مرافقة الجيش المغولي المتقدم نحو الإقليم، واطلع على مجريات تلك الحرب ونجاح الجيش المغولي في ضمه، وقد كان هدفه من دعوته حتى يطلع على قوة الجيش المغولي في الحرب، وسلم أكبر ذلك المبعوث رسالة جوابية إلى عاهله في سنة [[985 هـ|985هـ]] الموافقة لسنة [[1577]]م بعد أن حمله بالهدايا النفيسة، وقد تأخر أكبر في الرد عليه لأنه كان يمقت الأوزبك الذين جردوا أجداده التيموريين من أملاكهم في [[بلاد ما وراء النهر]]. وفي سنة [[987 هـ|987هـ]] الموافقة لسنة [[1579]]م وصل سفير آخر بعثه عبد الله خان أوزبك إلى أكبر، وقدم طلبًا يدعوه فيه بأن يشتركا معًا في الهجوم على [[الدولة الصفوية]] والقضاء عليها -مما يدل على تأزم العلاقات بين الدولتين-، وقد أحسن أكبر استقبال السفير، وعند رحيله إلى بلده أرسل معه مبعوثًا من قبله إلى عبد الله خان بعد أن جهزه بالهدايا الثمينة، وأرفق معه رسالة جوابية ذكر فيها أنه لا يمكن أن يجعل اختلاف المذهب سببًا للهجوم عليهم وينسى العلاقات القديمة القائمة بينهم، ونبهه ألا يذكر الشاه الصفوي بسوء مرة أخرى، واشتملت الرسالة كذلك على تأكيد الروابط الطيبة والعلاقات الودية بينهم.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الأكبرآبادي|2=1995|ص=149}}</ref>

أعلن ميرزا محمد حكيم حاكم [[كابل]] أخ أكبر الثورة على أكبر، ولكنه تعرض للهزيمة في سنة [[989 هـ|989هـ]] الموافقة لسنة [[1581]]م وهرب باتجاه [[بلاد ما وراء النهر]] عازمًا على طلب اللجوء هناك خوفًا من بطش أكبر، وعندما وصلت أخبار ذلك إلى أكبر أعرب عن عدم رضاه عن ذلك، وأرسل من يخبره بعفوه عنه، ورده إلى حكم كابل على أن تكون تابعة للدولة المغولية، وأراد بذلك قطع الطريق أمام الأوزبك للتدخل في شؤون كابل. وفي سنة [[993 هـ|993هـ]] الموافقة لسنة [[1585]]م استولى الأوزبك على [[بدخشان]] فلجأ حاكمها إلى الهند وتم استقباله من قبل كبار الأمراء في الدولة وشعر أكبر بالقلق من نيات الأوزبك التوسعية. وفي نفس العام توفي ميرزا محمد حكيم فأراد أكبر تعيين أولاد أخيه المتوفى حكامًا على كابل، لكن أمراءه أخبروه بعدم مقدرتهم على إدارة دفة الحكم في كابل خوفًا كون الأوزبك يتربصون على الحدود، وبسبب خشيته من نياتهم التوسعية توجه إلى الپُنجاب ليكون قريبًا من منطقة كابل وبقي هناك حتى عام [[1007 هـ|1007هـ]] الموافق لعام [[1598]]م. بعد ابتداع أكبر [[الدين الإلهي|للدين الإلٰهي]] انتشر خبره [[توران|البلاد الطورانية]] وأشيع أيضًا أن أكبر ادعى الألوهية والنبوة، فتوقف الأوزبك عن إرسال السفارات، بالرغم من إرسال أكبر بإرسال رسائل عديدة ولم يحصل على أي جواب، ثم أرسل عبد الله خان أوزبك سفارة برئاسة أحد أكابر قومه إلى أكبر وهو بالپُنجاب، وبصحبته هدايا كثيرة ورسالة ودية إلى أكبر، وأعرب في رسالته أن سبب تأخره في مواصلة إرسال السفارات هو انشغاله في الحروب، فضلًا عن سماعه أخبار الدين الجديد واستيائه نتيجة ذلك، ورد عليه أكبر رسالة جوابية ذكر فيها أن التأخير غير مبرر، وأنه لا يجب الإصغاء إلى المغرضين الذين يريدون تشويه سمعة الآخرين، وكانت الصداقة تقتضي أن يرسل مبعوثية للتعرف على دقائق الأمور، واقترح عليه اللقاء المباشر بينهما، وحمل هذه الرسالة مبعوثه الخاص مصحوبًا بأحد السادات الكبار لتقديم التعازي في وفاة إسكندر خان أوزبك والد عبد الله خان، كما أرسل معهم العديد من الهدايا النفيسة. وفي عام [[1004 هـ|1004هـ]] الموافق لعام [[1595]]م أرسل أكبر مبعوثًا إلى عبد الله خان أوزبك حاملًا معه رسالة مطولة يشرح فيها بعض الأحداث الداخلية، وأشار فيها أنه حافظ على روابط النسب المشتركة بينهما ولم يقم بالاستجابة إلى طلب الشاه الصفوي لمساعدته في صراعه مع الأوزبك، وكذلك تطرق في رسالته إلى أن [[قندهار]] قد أصبحت تحت النفوذ المغولي المباشر. وبعد عدة أشهر قام عبد المؤمن بن عبد الله خان أوزبك بخطبة ابنة أكبر دون علم والده، فأرسل عبد الله خان رسالة إلى أكبر يعتذر فيها عن تصرف ابنه، وقد رد عليه أكبر برسالة جوابية أشار فيها إلى فتوحاته في [[كشمير]] و[[سند (توضيح)|السند]] و[[كجرات|الگُجرات]] وبعض المناطق الأخرى، وكان يهدف إلى إظهار قوته وزرع الخوف في من يتجرأ على الوقوف ضد طموحاته في التوسع في الهند. وفي سنة [[1006 هـ|1006هـ]] الموافقة لسنة [[1597]]م وصلت الأخبار إلى أكبر وهو في [[لاهور]] بوفاة عبد الله خان أوزبك وتشتت الدولة الأوزبكية بعد ذلك، واقترح أمراء أكبر عليه استغلال الأوضاع هناك والاستيلاء على عليها، لكنه فضل إكمال فتوحاته وتوجيه الجيش نحو الدكن.<ref name="أوروك" />

=== العلاقات مع الپُرتُغاليين ===
[[ملف:Death of Sultan Bahadur in front of Diu against the Portuguese 1537 Akbar Nama end of 16th century.jpg|تصغير|يمين|پُرتُغاليُّون يشهدون مصرع قُطب الدين بهادُر شاه سُلطان الگُجرات سنة 1537م خلال [[حصار ديو (1538)|حصار ديو]].<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Dodwell|2=1929|ص=14 |لغة=en}}</ref>]]
وصل أكبر إلى العرش وقد كان [[الهند البرتغالية|الپُرتغاليُّون]] قد ثبتوا أقدامهم في بلاد الهند، وقد كانو يسيطرون بمراكزهم وقلاعهم الحربية فضلًا عن سفنهم البحرية على المحيط الهندي وعلى طريق [[رأس الرجاء الصالح]] إلى [[أوروبا|أوروپَّا]]، وأغلقوا مداخل [[البحر الأحمر]] و[[الخليج العربي]]، وأخذوا يمارسون أعمال القرصنة على السفن الهندية والعربية، ولا تكاد تمر سفينة ما في تلك البحار إلا بالموافقة الپُرتغالية، ولم يتعرض أكبر للپُرتغاليين بسوء بالرغم من قيامهم بنهب السفن الهندية وتعريض أرواح الناس فيها للخطر، وقد اعترضت السفن الپُرتغالية أكثر من سفينة هندية في البحر، خاصة في موسم الحج، حيث يذكر المؤرخون أنهم كانوا يستولى على ما فيها ثم يحرقونها بمن فيها من الحجاج. يعلل المؤرخون موقفه السلبي هذا إلى ضعف القوة البحرية في عهده، وانشغاله في تعزيز سلطته وفتح الممالك الهندية في [[شبه القارة الهندية]]، ولم يكن يجد متسعًا من الوقت يضيعه في الاحتكاك بالپُرتغاليين الذي ما كان يقيم لهم وزنًا على الرغم من احتكاكه بهم بين الفينة والأخرى.<ref>{{استشهاد مختصر|1=المليباري|2=1985|ص=163-164}}</ref> فضلًا عن التفوق الپُرتغالي في القوة البحرية وسلاح المدفعية. ويذكر آخرون أن موقفه هذا يعتبر نقطة ضعف شديدة في سياسته.<ref name="أكبر والهندوس" /><ref name="سعودي-الريشاوي" />

صادف أكبر الپُرتغاليين لأول مرة أثناء حملة الگُجرات في سنة [[981]]هـ الموافقة لسنة [[1573]]م، وكانوا فئة قليلة قدمت لشد أزر مُظفَّر خان في حربه معه، فلم يتعرض لهم بسوء، واكتفى بأن أخذ عليهم موثقًا بألا يتعرضوا لحجاج البيت الحرام حين يخرجون من موانئ الهند التي كانوا يسيطرون على مسالك أغلبها.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=118-119}}</ref> واستقبل بعض التجار الپُرتغاليين أثناء مكوثه في [[كامبي (الهند)|كامبي]] الذين قدموا له احترامهم.<ref>{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=231}}</ref> واتصل بهم في عام [[982 هـ|982هـ]] الموافق لعام [[1574]]م عندما أرادت عمته أكبر «گلبدن بيگم»، وزوجته «[[سليمة سلطان بيغوم|السلطانة سليمة]]» السفر بحرًا لأداء فريضة الحج، وطلب منهم عدم التعرض للأميرات، وفي مقابل ذلك حصلوا على موقع في ساحل دامان، ولما عادت الأميرة سالمة من رحلة الحج، انقض جنود الدولة على «دامان» و«ديو» و«سورات»، وكانت كلها معاقل پُرتغالية، ولكن لم تستطع القوات المغولية أن تطرد الپُرتغاليين من تلك المعاقل، وعندما احتج نائب الملك الپُرتغالي على ذلك الهجوم، أدعى أكبر أن ذلك من عمل بعض عماله وأنه لم يأمر بذلك. وفي نفس العام أرسل أكبر بعثة إلى ميناء [[غوا|گووه]] الذي كان مقرًا للقائد الپُرتغالي في الهند، واختار «حاجي حبيب الله» مسؤولًا عن بعثته وهو ذو خبر في الفنون المختلفة، وكان يريد بذلك نقل الصناعات والفنون الغربية إلى الهند، وبقيت هذه البعثة في گووه حتى عام [[985 هـ|985هـ]] الموافق لعام [[1577]]م.<ref name="سعودي-الريشاوي" />

وفي عام [[984 هـ|984هـ]] الموافق لعام [[1576]]م قرر أكبر أن يقود أحد الأمراء قافلة الحج البحرية، ويشرف على رعاية الحجاج، ويتم استبداله كل عام، وقد أرسل أحد رجاله إلى الپُرتغاليين بغرض الحصول على تعهد منهم بعدم التعرض للحجاج. وكانت القوافل التجارية تأتي من ميناء [[غوا|گووه]] إلى مدينة [[أغرة]]، كما كانت هناك علاقات ثقافية ودينية حيث سمح لهم ببناء الكنائس والتبشير في المدن الهندية. وأرسل رسالة ودية إلى [[فرديناند الثاني (توضيح)|فرديناند الثاني]] ملك إسپانيا والپُرتغال آنذاك مع أحد المبشرين اليسوعيين ولكن الرسالة لم تصل إلى الملك. يذكر المؤرخون أن السبب الرئيسي الذي جعل أكبر يتصل بالپُرتغاليين هو رغبته في الحصول على مساعداتهم العسكرية، فلقد وجد في فتح قلعة عسير مشقة كبيرة جدًا لأن العاملين على المدفعية في ذلك الحصن كانوا من الپُرتغاليين. ويتبين أن أكبر كان يدرك مدى قوة الپُرتغاليين الحربية ولكنه لم يرتفع إلى المستوى المطلوب بالنسبة للسياسات العالمية، فالعصر الذي عاش فيه كان نهاية القوى البرية وبداية القوى المحيطية، وجعل عدم ارتفاعه إلى مستوى الأحداث العالمية الهند محاطة بالقوى المحيطية واضطرت الهند إلى القوقعة وراء سواحلها، ثم أخذت القوى البحرية تطرق أبواب الهند بقوم حتى انتهى الأمر بها بها إلى الوقوع في قبضة الاستعمار الأوروپي.<ref name="أكبر والهندوس" /><ref name="سعودي-الريشاوي">{{استشهاد مختصر|1=سعودي والريشاوي|2=2018|ص=83-84}}</ref>

=== العلاقات مع الصفويين ===
[[ملف:شاه عباس یکم و باز شکاری.jpg|تصغير|الشاه عبَّاس الصفوي وهو يُدرِّبُ صقره.]]
احتفظ المغول في عهد أكبر بِعلاقاتهم الوديَّة مع الصفويين، على الرُغم من الاختلاف المذهبي بين الطرفين، إذ كان المغول سُنيُّون بينما كان الصفويُّون شيعة اثنا عشريُّون. وترجع جُذُور العلاقة الوديَّة بين الطرفين إلى عهد همايون الذي التجأ إلى بلاط الشاه طهماسب بن إسماعيل الصفوي بعد انكساره على يد الأفغان وخسارته مُلكه في الهند لِصالحهم. وعندما جلس أكبر على العرش المغولي أرسل إليه الشاه طهماسب سفارةً بِرئاسة ابن عمِّه سيِّد بك بن معصوم لِتهنئته بِهذه المُناسبة، وحمَّلهُ تُحفٍ وهدايا كثيرة. ولمَّا تُوفي الشاه طهماسب سنة [[984 هـ|984هـ]] المُوافقة لِسنة [[1576]]م، وصلت سفارة أُخرى إلى بلاط أكبر أرسلها الشاه مُحمَّد خُدابنده، وقادها الأمير علي بك التُركماني مبعوثًا منهُ إلى السُلطان المغولي، ويصحبه عددٌ كبيرٌ من الأُمراء الصفويين. بعد تولِّي الشاه عبَّاس بن مُحمَّد خُدابنده العرش الصفوي سنة [[995 هـ|995هـ]] المُوافقة لِسنة [[1587]]م، عادت المُراسلات بين الجانبين، وأرسل الشاه مبعوثه مُرشد التبريزي في سفارةٍ إلى أكبر يطلب فيها مُساعدته في استرداد [[خراسان الكبرى|خُراسان]] من أيدي الأوزبك، ولكنَّ أكبر أبدى عدم رضاه ممَّا أقدم عليه الشاه من إبعاد والده مُحمَّد خُدابنده عن العرش وجُلُوسه مكانه. وفي سنة [[999 هـ|999هـ]] المُوافقة لِسنة [[1590]]م، أرسل الشاه «يادكار سُلطان» مبعوثًا عنه ويحملُ رسالةً وديَّةً إلى أكبر، وجدَّد طلبهُ السابق، ولمَّا استشار أكبر أُمرائه في كيفيَّة التعامُل مع هذا الأمر، أشار البعض بِأن يُبادر السُلطان بِإرسال أحد أبنائه على رأس جيشٍ إلى خُراسان، لِيُساعدوا الصفويين في استرداد البلاد من الأوزبك، وقد عارض بعض الأُمراء الآخرين هذا الرأي، فمال لهم السُلطان وآثر أن يقف موقفًا مُحايدًا بين الجانبين.<ref name="الصفويين">{{استشهاد مختصر|1=سعودي والريشاوي|2=2018|ص=81-82}}</ref>

والحقيقة فإنَّ العديد من الأُمور كان ينبغي لها أن توقع بين الصفويين والمغول، أبرزها استرداد المغول لِقندهار كما أُسلف، ولُجوء العديد من الأُمراء الصفويين إلى بلاط أكبر بعد أن ساءت العلاقات بينهم وبين الشاه عبَّاس، فأصبحت الهند مكانًا آمنًا لِلهاربين من حُكم الشاه المذكور، ولكنَّ أكبر حرص على أن لا يجعل من هذه الخلافات سببًا لِإساءة العلاقة بين الدولتين الصفويَّة والمغوليَّة، وهُما في أمس الحاجة لِإبقاء علاقتهما وديَّة بِسبب ما يُواجهانه من مصاعب وأزمات، كما كان أكبر بِحاجةٍ لِتأمين علاقاته مع جيرانه المُؤثِّرين في المنطقة حتَّى يتفرَّغ لِبناء دولته. أمَّا الشاه الصفوي فكان مُحاطًا بِقوى تُريد تحطيمه والسيطرة على مقدَّرات دولته، ويُقصد بها كُلٌ من العُثمانيين والأوزبك، وهو بِذلك يُريدُ حليفًا يقفُ معهُ في مُواجهة الخطر المُحدق به. أمَّا تواجد الرعايا الإيرانيين في الهند فقد برَّرهُ أكبر عبر رسالته التي بعثها إلى الشاه عبَّاس حيثُ ذكر فيها أنَّ لُجُوء رعايا الدولة الصفويَّة لا يجوز اعتباره عملًا عدائيًّا لِأنَّهم سيمكثون في الهند دون أن يقوموا بِأعمالٍ عدائيَّة تستهدف مصالح الصفويين.<ref name="الصفويين" /> دامت العلاقات الوديَّة بين المغول والصفويين حتَّى نهاية عهد أكبر، واستمرَّت كذلك سنواتٍ طويلةٍ من بعده.

=== العلاقات مع العُثمانيين ===
[[ملف:Seydi Ali-Ambush.png|تصغير|يمين|كمينٌ بحري پُرتُغالي ضدَّ [[قائمة أنواع السفن الحربية القديمة|الغلايين]] العُثمانيَّة، بِقيادة سيدي علي ريِّس، في المُحيط الهندي.]]
لم يرد في المصادر التاريخيَّة وُجُود سفارات دبلوماسيَّة بين الدولتين المغوليَّة والعُثمانيَّة، إلَّا أنَّ أكبر أرسل إلى [[الحجاز]] الداخلة في نطاق [[الدولة العثمانية|الدولة العُثمانيَّة]] خطابًا مُوجهًا إلى أخوه من الرضاعة «أعظم خان كوكلطاش»، وكان أكبر قد أمر باستدعائه من صوبة الگُجرات الذي كان واليًا عليها إلى العاصمة، لكنَّهُ رفض الذهاب وأخذ أهله ولجأ إلى الحجاز، وقد دعاه أكبر لِلعودة إلى الهند ثُمَّ أشار إلى أنَّهُ يُفكِّر في إرسال مبعوثٍ إلى «سُلطان الروم» (أي السُلطان العُثماني) لِتعزيز الأواصر بين الدولتين،<ref name="الصفويين" /> ومن المعروف أنَّهُ راسل السُلطان [[سليمان القانوني|سُليمان القانوني]] ستَّ مرَّاتٍ على الأقل.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Farooqi|2=1996|ص=32-48|لغة=en}}</ref> ويتبيَّن من خطابات أكبر أنَّهُ يُشيرُ إلى إمكانيَّة إقامة اتصالات وعلاقاتٍ وديَّةٍ مع الدولة العُثمانيَّة، لكنَّهُ أراد بِذلك تخويف أعظم خان وأنَّهُ باستطاعته إرجاعه متى يشاء. ظهرت بعض الاتصالات بين أكبر وبين [[شرافة مكة|أشراف مكَّة]]، وكان يُرسلُ إليهم الهدايا حيثُ ينقُلُها أمير الحج المُعيَّن من قِبل أكبر لِلإشراف على قافلة الحُجَّاج الهُنُود إلى [[المسجد الحرام|البيت الحرام]]، وكذلك يقوم بِتوزيع الأموال المُرسلة من الهند على المُحتاجين في موسم الحج، ففي سنة [[1576]]م أرسل أكبر مع قافلة الحُجَّاج 600,000 قطعة ذهبيَّة وفضيَّة، و12,000 قفطانًا، وشحنةً هائلةً من [[أرز|الأرُز]]، وكلَّف أمير البحار يحيى صالح النقشبندي، الذي عيَّنهُ أميرًا لِلحج، بِتوزيعها على الفُقراء والمساكين في بلاد الحرمين.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Farooqi|2=1989|ص=45|لغة=en}}</ref> كما أرسل أكبر أربع قوافل مُحمَّلة بالأرزاق والهدايا النفيسة إلى أهالي الحرمين وأشرافها، خلال الفترة المُمتدَّة ما بين سنتيّ [[1577]] و[[1580]]م.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Alam Khan|2=1999|ص=218|لغة=en}}</ref> وهُناك ما يُشير إلى أنَّ الدولة العُثمانيَّة طلبت صُنع بعض سُفُنها في موانئ السند والبنغال المشهورين بِصناعة السُفُن، ولم تظهر إشارات لِوُجُود علاقات سياسيَّة جيِّدة بين الدولتين كون أكبر كان مُتعاطفًا مع الصفويين في صراعهم مع العُثمانيين.<ref name="الصفويين" />

رُغم ما تقدَّم، فإنَّ العُثمانيين كانوا شديدي الاهتمام بِالهند بِفعل تزايُد الخطر الپُرتُغالي في بحار العالم الإسلامي، مع ما يُمثِّله من تهديدٍ لِديار المُسلمين ومُنافسةٍ لِتجارتهم وتحدٍ لِسيادتهم، لِذلك حرص العُثمانيُّون - من جانبهم - على مُراسلة المغول والتعاون معهم، وقد بدأت هذه المُحاولات مُنذُ طُفُولة أكبر عندما كان والده همايون ما يزال مُتربعًا على العرش، حيثُ أرسل السُلطان أمير البحار [[سيدي علي رئيس|سيدي علي ريِّس بن حُسين]] إلى البلاط المغولي لِلتباحث مع سُلطان الهند حول ضرورة [[الحملات البحرية العثمانية في المحيط الهندي|التحالف ضدَّ الپُرتُغاليين]]. وفي سنة [[1569]]م، أي خلال بدايات سلطنة أكبر، أرسل السُلطان العُثماني أمير بحارٍ آخر هو [[كوردوغلو خضر ريس|خُضر ريِّس بن قورد]]، في سبيل تجديد المُحادثات بين الدولتين على أمل التعاون ضدَّ الخطر الپُرتُغالي.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Subrahmanyam|2=1994|ص=249|لغة=en}}</ref> على أنَّ أكبر كان يُفضِّل التحالف مع الپُرتُغاليين للاستفادة من قُدراتهم المدفعيَّة كما أُسلف، لِذلك لم يتعاون مع العُثمانيين ضدَّهم، لكنَّهُ بِالمُقابل لم يقبل أن يتعاون مع الپُرتُغاليين ضدَّ العُثمانيين، وحذَّر هؤلاء من مُخططات الپُرتُغاليين التي علم بها.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Farooqi|2=1989|ص=161|لغة=en}}</ref> ازدهرت حركة التجارة المغوليَّة العُثمانيَّة خِلال عهد أكبر، فكان التُجَّار الهُنُود يُسافرون عبر ثغر [[البصرة]] صُعُودًا في النهر ثُمَّ يرتحلون إلى [[حلب]] لِبيع مُنتجات بلادهم من البهارات والأصباغ والقطن والشالات في [[بازار|أسواقها]].<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Faroqhi|2=2006|ص=180|لغة=en}}</ref>

=== العلاقات مع الممالك الأخرى ===
[[ملف:Akbar receives an embassy sent by Queen Elizabeth.jpg|تصغير|معدول|أكبر يستقبل مبعوث الملكة أليصابت.]]
بينما كان تشكيل [[شركة الهند الشرقية]] في موضع البحث والنقاش، أرسلت [[إليزابيث الأولى ملكة إنجلترا|أليصابت الأولى ملكة إنگلترا]] مبعوثها «[[جون ميلدنهال|يُوحنَّا ميلدنهال]]» إلى أكبر محملًا بالهدايا والتحف الجميلة، تطلب منه موافقته على وجود عدد من التجار الإنگليز في بلاده،<ref>{{استشهاد مختصر|1=أحمد|2=1991|ص=36}}</ref> بشروط جيدة مثل التي يتمتع بها البرتغاليون.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Smith|2=1917|ص=292|لغة=en}}</ref> وفي أواخر عهد أكبر زارت بعثة إنگليزية الهند للإطلاع على الترتيبات التي يمكن اتخاذها لبدء التجارة مع الهند ومعرفة مجريات الأمور فيها. ولم تصل أي سفينة من سفن الشركة في عهد أكبر إلى السواحل الهندية تجنبًا من المواجهة العسكرية مع القوات العسكرية الپُرتُغالية التي كانت في حرب مع الإنگليز.<ref>{{استشهاد مختصر|1=سعودي والريشاوي|2=2018|ص=84}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=أحمد|2=1991|ص=42-43}}</ref>

بعد فتح [[كشمير]] قي سنة [[995 هـ|995هـ]] المُوافقة لسنة [[1587]]م وصل إلى أكبر مبعوث حاكم [[كاشغر]] وقد أحسن استقباله وأكرمه، وسلمه رسالة إلى ملكه يؤكد فيها على علاقات حسن الجوار، وأكد له أن دولته دولة صديقة ويمكن له أن يطلب العون منها في أي وقت، واستفسر أكبر عن وجود الفنانين والحرفيين والصناع في كاشغر. كما أرسل في سنة [[997 هـ|997هـ]] الموافقة لسنة [[1589]]م سفارة إلى حاكم [[التبت]] بهدف بعث روح الطمأنينة بينهم.<ref>{{استشهاد مختصر|1=سعودي والريشاوي|2=2018|ص=85}}</ref>

زار الرحَّالة والمُستكشف الفرنسي «پيير أوليڤيه ماليربي» بلاط أكبر خِلال هذه الفترة، أثناء جولته في بلاد [[الشرق الأقصى]] و[[جنوب آسيا|آسيا الجنوبيَّة]] و[[جنوب شرق آسيا|الجنوبيَّة الشرقيَّة]]،<ref group="la" name="مولد تلقائيا4">{{استشهاد مختصر|1=Lach & Van Kley|2=1998|ص=393|لغة=en}}</ref> في رحلةٍ كانت أقرب إلى التجسُّس من الاستكشاف، إذ لمَّا عاد إلى فرنسا قابل الملك [[هنري الرابع ملك فرنسا|هنري الرابع]] وأعلمه بِمدى ثراء تلك البلاد وكثرة الذهب والفضَّة فيها وضرورة دُخُول فرنسا السباق الاستعماري ضدَّ الپُرتُغال وإنگلترا في تلك الأنحاء من العالم، واقترح عليه أن يقود حملةً عسكريَّة باسمه (أي الملك) وباسم المملكة الفرنسية في سبيل فرض وجودهم في الهند و[[الهند الشرقية|جُزُر الهند الشرقيَّة]].<ref group="la" name="مولد تلقائيا4" />

== الدولة في عهده ==
=== إصلاحاته الإداريَّة والاجتماعيَّة ===
اقتبس أكبر النظام الإداري الذي طبقه [[شير شاه|شير شاه السوري]] من قبل، وأجرى عليه تعديلات تتناسب مع تطور الحياة السياسية في الهند ليكون أكثر فاعلية. وكان يتولى الحكم بنفسه من دون مساعدة رئيس وزراء، يعاونه أربعة وزراء، وبعض العاملين في البلاط، وقيِّم البلاط ورئيس الطهاة. ومن مجموع هؤلاء كان يتألف مجلس السلطان الخاص الذي كان يقدم له النصح والمشورة، ويحتفظ أكبر لنفسه باتخاذ القرار اللازم في نهاية الأمر بوصفه الپادشاه فهو صاحب السلطان المطلق في الدولة الذي يوجه أمورها وفق هواه، لا يحد من إرادته أو يفق في وجهه قانون أو دستور، وهؤلاء الموظفون هم:<ref name="الساداتي-143-145">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=143-145}}</ref><ref name="طقوش-255-257" />
* '''وكيل السلطنة:''' وقد تولى هذا المنصب [[بيرم خان]] في أول عهده بالحكم.
* '''الوزير أو الديوان:''' وهو القيم على شؤون المال في الدولة، وكان يشغل في العادة مركزًا كبيرًا في الجيش «منصب دار».
* '''ميربخشي:''' وهو الذي يقوم بدفع مرتبات الجند والقادة ويشرف على شؤون القوات جميعها، ويُعد مسؤولًا بصفة خاصة عن جيش السلطان الخاص.
* '''خان ساماه:''' وهو صاحب شؤون البلاط، وكان يلازم السلطان في حله وترحاله، ويشرف على شؤونه الخاصة جميعها.
* '''[[قاضي القضاة]]:''' وهو الموكل بشؤون العدل وإجرائه وفق الشريعة الإسلامية.
* '''المحتسب:''' وهو الذي يراقب سلوك الناس، ويمنع ممارسة البدع وارتكاب ما ينافي الشرع والآداب عمومًا.
إلى جانب هؤلاء كان هناك فريق آخر من أصحاب المناصب المهمة، دونهم في المنزلة، مثل المستوفي، ومحاسب الدولة الأول، والكوتول وهو بمثابة رئيس الشرطة وكان يوكل إليه حراسة المدينة في الليل والبحث عن اللصوص وقطاع الطرق ومراقبة السكان ورقابة الأسواق، وصاحب البريد، وأمير العرض الذي يرفع إلى السلطان الالتماسات والشكاوى.<ref name="طقوش-255-257">{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=255-257}}</ref>

ينص المؤرخون أن أكبر كان حريصًا على ضمان العدل في دولته، فكان ينظر بنفسه في القضايا الكبرى التي كان على عماله بولايات الدولة أن يبعثوا بها إليه، كما كان يفتح أبوب قصره للناس يومًا معلومًا في كل أسبوع ليتلقى منهم مظالمهم بنفسه، أو يتلقاها من ينيبه عنه من ثقاته حين كان يتغيب عن مقره. وكان صدر الصدور «المفتي» وقاضي القضاة ومساعدوهم يعاونونه في الفصل في ذلك كله وفق قواعد الشريعة الإسلامية، مع مراعاة رسوم الهندوس وشرائعهم فيما يعرض لهم من مشاكل ويقوم بينهم من خصومات،<ref name="الساداتي-143-145" /> وكان كتبة السر يحرصون على تدوين قراراته هذه. أما الإدارة فكانت متشعبة بحيث يجري تسجيل كل قضية بما يلزم من الإيضحات والبيانات اللازمة، ويقتضي لكل هذه المعاملات عدد كبير من الموظفين والكتبة. ولضبط غلال الأرض والمحاصيل وجباية الرسوم، كان لا بد أيضًا من عدد كبير من المحاسبين والكتبة، ومثلهم لتولي شؤون المال والتحصيلات، وغيرهم من المحاسبين والمفتشين لضبط القيود والإشراف على عمليات الجرد. وكان آلاف من الكتبة يسجلون بشكل يومي مجموع واردات الدولة ومداخيل الضرائب ومصروفات السلطان، كما يسجلون الحوادث البارزة في البلاد، ويضبطون أسماء الأجانب الذي يدخلون البلاد، مع بيان أسماء البلدان التي قدموا منها وهدف زيارتهم.<ref name="طقوش-255-257" />

ينص المؤرخون أن أكبر كان شديد العناية برفاهية شعبه، فبذل جهده لكي يرفع من نزل بهم من الضيم، ففتح بابه للشاكين، وجعل عليه ناقوسًا يدقه كل من أراد أن يقدم شكوى إليه، وساعد المزارعين وثبت ملكياتهم للأراضي، وتجاوز عن ديونهم المتأخرة، وامتنع عن جعل أسارى الحرب عبيدًا، وشجع علماء الهندوس على تعلم [[اللغة السنسكريتية]]، وأمر ولاته أن يحيطوا علمًا بأوضاع رعيتهم، ويعاملوا الناس معاملة حسنة، ويحسنوا إلى الفقراء وألا يعفوا عن المجرمين، ولا يقبلوا الهدايا، ولا يتعرضوا على المخالفين لهم في الدين، ويلاحظوا دخل الناس حتى إذا زاد خرجهم كان ذلك دليلًا على اكتساب غير مشروع، ومنع اغتسال الرجال والنساء في الأنهار سويًا.<ref>{{استشهاد مختصر|1=النمر|2=1981|ص=279-280}}</ref>

==== التقسيمات الإداريَّة ====
[[ملف:سلطنة مغول الهند زمن جلال الدين أكبر.jpg|تصغير|يمين|المدى الذي بلغته دولة مغول الهند في عهد أكبر.]]
[[ملف:India in 1605-ar.jpg|تصغير|صوبات الدولة المغوليَّة (باللون الأصفر) في سنة [[1014 هـ|1014هـ]] الموافقة لسنة [[1605]]م، أي عشيَّة وفاة أكبر بُعيد تمام فُتُوحاته وتوسُّعاته في شبه القارَّة الهنديَّة (باستثناء جنوبها) وأفغانستان.]]
لم تكن الدولة الإسلامية في الهند قبل عصر أكبر تعرف التقسيمات الإدارية في الغالب باستثناء ما استحدثه [[شير شاه]] في هذا الباب، إذ كان تحديد الإقطاعات مرتبطًا بمشيئة السلطان وحده. انتهى أكبر إلى تقسيم أراضي الدولة إلى ولايات أو «[[صوبة]]» ([[اللغة الفارسية|بالفارسية]]: {{خط/عربي|fa|صوبه}}، و[[اللغة الأردية|بالأردية]]: {{خط/نستعليق|صوبہ}})، وتقسم الولاية نفسها إلى عدد من الأقضية أو «{{وإو|لغ=en|تر=Sarkar (country subdivision|عر=سركار (تقسيم إداري)}}» ([[اللغة الأردية|بالأردية]]: {{خط/نستعليق|سركار}})، وكل قضاء إلى عدة دساكر أو «{{وإو|لغ=en|تر=|عر=بركنا}}» ([[اللغة الفارسية|بالفارسية]]: {{خط/عربي|fa|پرگنه}}، و[[اللغة الأردية|بالأردية]]: {{خط/نستعليق|پرگنہ}})، وكانت هذه الولايات في البداية اثنتي عشرة ثم أضحت خمس عشرة ولاية بعد فتح الدكن. يرأس الولاية حاكم أو قائد عام «[[صوبه دار]]» ([[اللغة الفارسية|بالفارسية]]: {{خط/عربي|fa|صوبه‌دار}})، وهو نائب السلطان بها، ولم يكن له أن يدخل في حرب أو يبرم تحالف أو صلح دون مشورة السلطان ورأيه، ويشرف على شؤون القوات العسكرية والقضاء في ولايته، وله ان يعين ويقيل صغار العمال، ولم يكن له أن يتدخل في الأمور الشرعية التي هي من اختصاص الصدر وحده، أو يصدر الحكم بالإعدام دون إذن السلطان نفسه. ويليه في المنصب ثمانية من أصحاب المناصب الكبيرة يستطيع السلطان من خلالهم الاطلاع على كل ما يجري في الولايات وهم، [[الديوان (منصب)|الديوان]]، و[[الصدر (منصب)|الصدر]]، و[[العامل (منصب)|العامل]]، و[[بتخشي (منصب)|البتخشي]]، و[[خزندار|الخزندار]]، و[[فوجدار(منصب)|الفوجدار]]، و[[كوتول (منصب)|الكوتول]]، و[[وقائع نويس (منصب)|وقائع نويس]]. بالرغم من أن أكبر قد أحكم نظام الرقابة على عماله جميعًا في مختلف الولايات، فإن صعوبة المواصلات وترامي المسافات مع اشتغال الدول نفسها بالحروب والغزوات المتواصلة في الغالب قد أضعف من جدوى هذا النظام، حتى صار حكام الأقاليم يتصرفون عمومًا وفق هواهم وعلى مسؤوليتهم الخاصة.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=146-150}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=257-258}}</ref>

==== إصلاح النظام الضريبي ====
امتدت إصلاحات أكبر إلى نظام خراج الأرض الذي يعد أهم موارد الخزينة بعد رفع ضريبة الرؤوس عن كاهل الهندوس وإعفائهم من ضريبة الحج. فحاول أن يزيد واردات الدولة المالية بإجراء بعض التحسينات على الوضع الاقتصادي، فعهد إلى [[راجا تدرمل]] وزير ماليته بوضع نظام ثابت لخراج الأرض يوفي للدولة حقوقها المالية من جهة ولا يرهق كاهل السكان من جهة أخرى، فعمد الأخير إلى مسح أراضي الدولة كلها وبيان ما يجود منها فيُزرع على مدار السنة، وما يُزرع منها مرة واحدة في العام، وما يُنبت إلا مرة واحدة في كل بضعة أعوام، وما يعتمد منها في السقي على الأمطار، وما يسقى منها من الأنهار والينابيع والآبار، وما هو في حكم البور، وما يقع منها في السهل أو يقوم على سفوح الجبال أو تغطيه الأحراش والغابات.<ref name="الساداتي150"/>

ثم ربط الضريبة على متوسط الإنتاج في عشر سنوات، على أن يكون للدولة ثلث المحصول نقدًا بعملة العصر، وكانت الصنع مالم يصب الزرع بآفة أو ينقطع الماء عن الأرض فتجدب. كذلك حاول أكبر أن يدرأ عن بلاده خطر المجاعات التي كانت تداهمها حين تجدب الأرض بسبب انحباس الأمطار الموسمية عنها، فاهتم باستصلاح الأراضي البور، وحض السكان على الاشتغال بالزراعة وتوسيع رقعة الأراضي الزراعية، وأمدهم بما يحتاجونه من البذور وما يعاونهم على زيادة إنتاج الأرض. كان من ثمرة هذه الجهود أن نعم الناس في الغالب بحياة طيبة لم يألفوها منذ زمن بعيد، وازدهرت معيشتهم، وصارت الأسعار في متناول أيديهم جميعًا.<ref name="الساداتي150">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=150-151}}</ref>

=== الحياة الفكرية والثقافية ===
[[ملف:Rodolfo Acquaviva diskutiert mit dem Großmogul.jpg|تصغير|يمين|ثُلَّة من العُلماء والفلاسفة والمُفكرين المُسلمين والمسيحيين يُجالسون أكبر (القابع في الوسط).]]
نشأ أكبر نشأة لم يتح له فيها أن يتعلم كما يتعلم أمثاله، وعندما ارتقى العرش لم يتجه إلى تحصيل الضروري من العلم، فكان كما يقول مؤرخون جاهلًا بالحروف، ولكنه مع ذلك كان على قدر كبير من الذكاء والنبوغ وقوة الشخصية، والرغبة في الاستماع إلى العلماء والاستفادة منهم، فكان مجلسه يحفل دائمًا بالعلماء والحكماء والفقهاء والمؤرخين والشعراء والأدباء، الذين تجاوز عددهم الثلاثمائة، يتحدثون ويتجادلون في كل نواحي العلم، وهو يستفيد منهم ويستمع لهم، وقد أتاح لمجالسه العلملية حرية البحث مهما كانت نتيجته، فشهد مجلسه مناظرات ومحاورات دينية وفلسفية وتاريخية. ولهذا يشير المؤرخون إلى أن الهند لم تعرف من قبل أكبر سلطانًا مثله اجتمع حوله هذا العدد الكبير من رجال العلم والأدب. وقد لقي هؤلاء العلماء من أكبر كل إجلال وتقدير، حتى بلغ من احترامه لشيخه عبد النبي أحمد الكنكوهي مثلًا أنه كان يقدم إليه نعليه بنفسه حين يغادر مجلسه. ونتيجة لهذا الدعم نشطت حركة التأليف والترجمة في عهده بشكل كبير، فظهرت عشرات المصنفات المتنوعة والكتب المترجمة من عدد من اللغات مثل [[اللغة العربية|العربية]] و[[اللغة السنسكريتية|السنسكريتية]] و[[اللغة الجغتائية|التركية الجغطائية]] إلى [[اللغة الفارسية]]، لغة المسلمين الرسمية بالهند إذ ذاك. واهتم كذلك [[اللغة السنسكريتية|باللغة السنسكريتية]] فبعثت آداب هذه اللغة وأحيت من جديد في عهد أكبر، حتى ظهر بعد تشجيعه فريق من المسلمين أنفسهم يشتغلون بتلك الآداب. وتتصل الحركة أو النهضة الفنية بالحركة العلمية التي رعاها أكبر ونماها، فشهد الفن في بلاطه ازدهارًا لم يشهد من قبل في بلاط الملوك المسلمين بالهند، لا سيما فن الرسم والتصوير، فلما أنشأ مدينة [[فاتح بور سيكري|فتحپور سكري]] وجعلها عاصمة له زين قصورها برسوم حائطية على أيدي فناني فارس والهند، وقد وفد هؤلاء الفنانون الفرس إليه ولقوا عنده العناية والتشجيع. ودفع بأكبر ولعه بهذه الفنون إلى إقامة معرض للنقش مرة في كل أسبوع تشجيعًا للفنانين وتشحيذًا لهممهم وإغراء لمشاهيرهم بالقدوم إلى بلاده. وانشأ معهدًا حكوميًا التحق به حوالي مائة فنان، كانوا يعملون تحت إرشاد المصورين الفرس. بالإضافة إلى ذلك فقد أهتم أكبر بتشجيع فناني الهندوس حتى نشأ من بينهم طبقة غدت تنافس نقاشي المسلمين في أكثر من ناحية. اعتنى أكبر كذلك بالموسيقى فأصبحت ذات مكانة ممتازة بين فنون العصر. وكذلك الحال بالنسبة للعمارة فقد اجتذب هذا الفن أكبر أيضًا، فاعتبر المؤرخون مدينة [[فاتح بور سيكري|فتحپور سكري]] أحد أعظم الأمثلة على رواج فن المعمار في أيام أكبر، فقد بناها لتكون عاصمته، وكان عمر هذه العاصمة قصيرًا جدًا لم يتجاوز خمسة عشرة عامًا، ثم هجرها -ويشار إلى عدم وجود أثر ل[[عبادت خانه|دارة العبادة]] في هذه المدينة بالرغم من ذياع صيتها-. وقد عني أكبر بتعمير هذه المدينة عناية بالغة، فكان من بين منشآتها [[مسجد فاتح بور سيكري الجامع|المسجد الجامع]] الذي أقيم على طراز المسجد الحرام، و[[بوابة بلند دروازه]] التي بناها أكبر تخليدًا لذكرى انتصاره في الگُجرات، وجملة من القصور. اعتنى أكبر كذلك بالمصانع فكان له أكثر من مائة مصنع للفنون والحرف ملحقة بالقصور الملكية، وكل منها كمدينة. بالإضافة إلى ذلك فقد امتلك أكبر مكتبة ضخمة يقال أنها احتوت على 24 ألف مخطوط.<ref>{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2007|ص=259-260}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=156-160، 312، 321-322}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=النمر|2=1981|ص=292-298، 400-401}}</ref><ref>{{استشهاد مختصر|1=نوار|2=1998|ص=531-533}}</ref>

=== سياسة التسامح والانفتاح ===
كان أكبر يرى أن السلاطين مفوضون من الله، وكما أن الله رحيم لجميع خلائقه فيجب على السلاطين كذلك أن يكون رحماء، وأن يكون نهجهم هو التسامح مع الجميع، ومن هنا كان يرى أن يتعايش المسلمون و[[الهندوسية|الهندوس]] و[[الزرادشتية|زرادشتيون]] و[[المسيحية|النصارى]] وأتباع مختلف الأديان والمذاهب والعقائد في سلام وأن يعبد كل منهم ربه حسب دينه ومذهبه، لأن الدائرة الوسيعة للرحمة الإلهية تتسع لجميع الطوائف. وتذكر المصادر أنه قبل قيام الدولة المغولية في الهند لم يكن [[الشيعة|للشيعة]] محل في الهند، ولكن في عهد السلطان أكبر كانت أراضي البلاد تتسع لكل قادم وصاحب كل عقيدة ومذهب، فكان السني والشيعي يصليان معًا في مسجد واحد، كما كان النصراني يدخل الكنيسة مع اليهودي. بالإضافة إلى أن أكبر كان يتودد إلى كبار الطوائف والأديان والمذاهب وكان يقضي أوقاته في صحبة علمائهم. وكان يصرح أن الله قد فوض إليه الحكم والملك ليقوم بالحراسة، والمسؤوليات الملقاة على عاتق الراعي تجاه رعاياه، والعمل لخير خلق الله والإحسان معهم جميعًا. هكذا انتهجت الدولة في عهده سياسة التسامح والانفتاح تجاه كل ساكن في الهند وكل قادم إليها، يشير بعض الباحثون أنه كان لهذه السياسة آثار في المجالين الداخلي والخارجي، ففي المجال الداخلي، وجد الهندوس وغيرهم فرصتهم للظهور والقيام بنشاطات كبيرة للالتفات حول عقائدهم وإحيائها، وأصبحت كل دعوة إلى الإسلام والتمسك به في هذه الفترة دعوة إلى التعصب والتشدد والخروج على الخط التسامحي انتهجه أكبر. ولهذا يعتبر البعض أن هذه السياسة التي عمل أكبر بها قد نجحت في إرساء قواعد الدولة والتمتع بحماية الغالبية الهندوسية في عصره والفترة الوجيزة التي تلته، ولكنها أضرت بسلطة المسلمين على المدى البعيد. وأصبحت الدولة لا تتمتع بحماية دين أو عصبة في وقت لاحق حيث لم يجد السلاطين من يقف إلى جانبهم. وكان لهذه السياسة صداها خارج الهند، فشجعت هذه السياسة الأفراد والجماعات والطوائف التي شعرت بالاضطهاد في موطنها إلى التوجه إلى الهند. وكذلك انتشر صدى هذه السياسة في أرجاء قارة [[أوروبا]]، فشجعت سائر الأوروبيين على القيام برحلات إلى الهند لمحاولة كسر الاحتكار الپُرتُغالي للتجارة في الشرق إلى الغرب، وكان [[شركة الهند الشرقية الهولندية|الهولنديون]] و[[شركة الهند الشرقية|الإنگليز]] و[[شركة الهند الشرقية الفرنسية|الفرنسيون]] في مقدمة الأوروپيين الذي تحدوا [[الهند البرتغالية|السيادة الپُرتُغالية]] البحرية واحتكارها لتجارة الشرق، ونجحوا في مسعاهم بعد أن قاموا بتكوين شركات الهند الشرقية.<ref>{{استشهاد مختصر|1=أحمد|2=1991|ص=20-25}}</ref>

=== سياسته التجاريَّة ===
[[ملف:Attock_Fort_-_Optographer.jpg|تصغير|أطلال قلعة أتُك كما تبدو اليوم.]]
[[ملف:The Adventures of Akbar artillery.jpg|تصغير|رسمٌ لِجُنُودٌ هُنُود في عهد أكبر يقفون أمام مدفعٍ ضخم. الرسم من كتابٍ عنوانه «مُغامرات أكبر»، صدر سنة 1913م.]]
شهد عهد أكبر تُوسُعًا عظيمًا في النشاط التجاري، وذلك بِفضل سياسية السُلطان القائمة على تشجيع التُجَّار وتقديمه التسهيلات اللازمة لهم، وفي مُقدمتها تأمين الطُرق والدُرُوب التي تسلُكُها القوافل وتخفيض الرُسُوم الجُمرُكيَّة على البضائع الأجنبيَّة. كما فرض أكبر على الأُمراء والوُلاة الذين تُسرق بضائع التُجَّار أو تُفقد ضمن نطاق ولايتهم، تعويض أولئك بِما يُقابل تلك البضائع من أموال. وفي سبيل تقليل وُقُوع هذه الحوادث، أنشأ أكبر فرقة شُرطة أُطلق عليها «الراحداريَّة» (مُفردُها «راحدار») كانت مُهمَّتُها بحراسة الطُرق والدُرُوب التجاريَّة وتأمين سلامة سالكيها من اللُصُوص وقُطَّاع الطُرق. وعمل أكبر على تعبيد الطُرق التجاريَّة المُهمَّة كمعبر خيبر، الذي كان الطريق المُفضَّل لِلتُجَّار والرحَّالة القادمين من كابُل إلى الهند، بأن جعلها صالحة لِسير العربات، بعد أن كان الناس يضطرُّون إلى عُبُورها سيرًا على الأقدام أو على ظُهُور الدواب، مما جعل عُبُورها سهلًا ووفَّر الوقت والمشقَّة على السالكين. كما هيَّأ أكبر البلدات والمُدن الاستراتيجيَّة الواقعة على طُرُق التُجَّار في شمال غرب دولته، بأسباب الراحة، لِيلجأ إليها المُسافرون المُتعبون، وفي مُقدِّمة تلك المُدن: المُلتان ولاهور وقلعة أتُك، التي بناها أكبر خصيصًا عند تقاطع الدرب المعروف بِـ«طريق الصداق الأعظم» ونهر السند، كي ينزل التُجَّار فيها. كما أنشأ مجموعةً من القلاع الأُخرى الأصغر حجمًا لِتأمين الطُرُق التجاريَّة البريَّة مع فارس وآسيا الوُسطى.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Levi|2=2002|ص=39|لغة=en}}</ref>

=== الجيش ===
[[ملف:Two elephants carrying the fish and sun insignia of Mughal sovereignty.jpg|تصغير|يمين|نموذجٌ عن الفيلة الحربيَّة الهنديَّة.]]
جرى سلاطين المسلمين في الهند على الاستعانة في حروبهم بما كان يمدهم أصحاب الإقطاعات من الرجال في الغالب. وكانت هذه الحشود على ضخامة عددها تجهل أساليب القتال وفنونه عمومًا. وبعد قضاء أكبر على نظام الإقطاع، صارت الأراضي كلها ملكًا للدولة، وغدت ولاياتهم تحكم بواسطة نواب السلطان يوليهم شؤونها بناء على مرسوم، فعمد إلى توفير قوات نظامية دائمة تدفع أجورها من الخزانة العامة. وكان من بين هذه القوات من يعمل تحت إمرته مباشرة، فهي بمثابة حرسه الخاص، ومنها من كان يعمل تحت إمرة حكام الولايات. هذا عدا القوات الخاصة التي كان يحتفظ بها أصحاب المناصب الكبرى في الدولة.<ref name="جيش" /> وعمل أكبر على إدخال تحسينات على سلاح المدفعية، وعني بتدعيم سلاحه البحري وإن لم يبلغ به إلى درجة الأساطيل في عصره، وأغلب سفنه كانت تعمل في أنهار الهند وفي حدود موانئه، ومن بينها ما كان يحمل المدافع الخفيفة وآلات الحرب. وأمر أكبر أيضًا بإنشاء عدد من المصانع لبناء السفن. هذا وتتباين أقوال مؤرخي أكبر في تحديد عدد قواته، حتى ذهب بعضهم إلى تقويم الفرسان عنده بأربعمائة ألف، والمشاة بما يقرب من أربعة ملايين. وقد كان الجيش الذي سار به أكبر للقضاء على ثورة أخيه ميرزا محمد حكيم كان يضم خمسين ألفًا من الفرسان، مع خمسة آلاف من [[فيل حربي|فيلة الحرب]]، وألوف من المشاة.<ref name="جيش">{{استشهاد مختصر|1=الساداتي|2=1959|ص=152-156}}</ref>

== زوجاته وأولاده ==
[[ملف:Akbar's ancestors-ar.png|تصغير|شجرة نسب أكبر.]]
تزوَّج أكبر عدَّة نساء خِلال حياته، ويبدو أنَّ مُعظم زيجاته غلب عليها الطابع السياسي وكان هدفها توثيق عرى التحالف والحفاظ على وحدة الدولة، أمَّا زوجاته وأولاده فهُم:
* '''[[رقية سلطان بيغوم|رُقيَّة سُلطان بيگم]]''': أولى زوجات أكبر وابنة عمِّه هندال ميرزا. تزوَّجها أكبر سنة 1551م، ولم تُنجب له ذُريَّة، فتولَّت وصاية حفيد زوجها الشاهزاده خُرَّم (السُلطان [[شهاب الدين شاهجهان|شاهجهان]] مُستقبلًا). تُوفيت يوم [[21 ربيع الآخر]] [[1035 هـ|1035هـ]] المُوافق فيه [[19 يناير|19 كانون الثاني (يناير)]] [[1626]]م.<ref>{{استشهاد مختصر|1=ندوى|2=2018|ص=274–275}}</ref>
* '''[[سليمة سلطان بيغوم|سليمة سُلطان بيگم]]''': ابنة نور الدين مُحمَّد ميرزا، نائب السلطنة في [[قنوج|قنُّوج]]، وزوجته گُلرُخ بيگم. كانت زوجة بيرم خان أتابك أكبر، ثُمَّ تزوَّجها الأخير بعد مقتل بيرم خان. تُوفيت دون أن تُنجب ذُريَّةً لِأكبر يوم [[11 ذو القعدة|11 ذي القعدة]] [[1021 هـ|1021هـ]] المُوافق فيه [[2 يناير|2 كانون الثاني (يناير)]] [[1613]]م.
* '''[[جودا باي|مريم الزمان جودا باي]]''': ابنة راجا قصبة «آمير» المدعو «بيهار مال كاشهورها». كانت أوَّل زوجة هندوسيَّة لِأكبر، وتزوَّجها في سبيل استقطاب الراجپوتيين الذين يُكوِّنون الطبقة العسكريَّة في المُجتمع الهندوسي. انجبت لِزوجها خليفته '''[[نور الدين جهانكير|سليم]]'''. تُوفيت يوم [[20 رجب]] [[1032 هـ|1032هـ]] المُوافق فيه [[19 مايو|19 أيَّار (مايو)]] [[1623]]م.
* '''جوهر النساء بيگم''': تتحدر من أُسرة عُلماء، فهي ابنة الشيخ مُحمَّد بخيتار وشقيقة الشيخ جمال بخيتار. أصبحت قرينة أكبر الرئيسيَّة بعد زواجهما.<ref>{{استشهاد مختصر|1=نواز خان|2=1888|ص=564، 566}}</ref>
* '''بهكَّر بيگم''': ابنة السُلطان مُحمَّد البهكَّري.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Siddiqi|2=1972|ص=166|لغة=en}}</ref> تزوَّجها أكبر سنة [[1572]]م.
* '''قاسمة بانو بيگم بنت عربشاه''': تزوَّجها أكبر سنة [[1575]]م.
* '''بيبي دولت شاد''': أنجبت لِأكبر ابنتان هما '''شُكر النساء بيگم''' و'''آرام بانو بيگم'''.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Moosvi|2=2008|ص=114|لغة=en}}</ref>
بِالإضافة إلى ما سبق، تذكر عدَّة مصادر أنَّ أكبر تزوَّج نساءٍ أُخريات دون أن تُحدد أسمائهُنَّ، منهُنَّ على سبيل المِثال '''ابنة عبد الله خان المُغَلَي'''، التي قيل بأنَّ أكبر تزوَّجها سنة [[1557]]م.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Burke|2=1989|ص=142-144|لغة=en}}</ref> أمَّا أبناء وبنات أكبر الآخرين، فهم: '''حسن ميرزا'''، و'''حُسين ميرزا'''، و'''مُراد ميرزا''' و'''دانيال ميرزا'''، ويُقال أنَّ الأخيران وُلدا من إحدى جاريات أكبر،<ref group="la" name="مولد تلقائيا5">{{استشهاد مختصر|1=Jahangir|2=1999|ص=37|لغة=en}}</ref> بينما تنص مصادر أُخرى أنَّ مُرادًا وُلد لِسليمة سُلطان بيگم.<ref group="la" name="مولد تلقائيا5" /> أمَّا ابنتا أكبر الأُخرتان فهما: '''شمسُ النساء بيگم''' و'''ماهي بيگم'''.

== في التُراث الشعبي والثقافة العامَّة ==
ترك أكبر أثرًا كبيرًا في التُراث الشعبي الهندي خُصوصًا نظرًا لِما شهده عهده الطويل من تغييراتٍ اجتماعيَّة وثقافيَّة وعسكريَّةٍ في البلاد. يردُ ذكر أكبر في إحدى ملاحم [[بورانا|الپورانا]] الهندوسيَّة المُسمَّاة «بهاڤيشيا پورانا»، أي «الپورانا المُستقبليَّة»، وفيها صُوِّر على أنَّهُ روحٌ منسوخة لأحد الحُكماء الذين عاصروا ظهير الدين بابُر، أوَّل سلاطين مغول الهند، الذي وُصف بِأنَّهُ «ملكُ المكيين (المُسلمين) الشرير». وفي هذه الملحمة يُوصف أكبر بِأنَّهُ «الولد المُعجزة» الذي لم يتَّبع الأساليب العنيفة مع الهنود كما فعل من سبقه من سلاطين المغول.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Khanna|2=2007|ص=34–35|لغة=en}}</ref><ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Beveridge|2=1900|ص=158–161|لغة=en}}</ref> صنَّفت مجلَّة [[تايم (مجلة)|تايم]] الأمريكيَّة أكبر من جُملة أفضل 25 حاكمًا عالميًّا عبر التاريخ، لِما اعتبرته من أنَّ حُكمه «العادل والمُتسامح» أرسى «القيم التي تقوم عليها جُمهُوريَّة الهند الحديثة».<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Tharoor|2=2011|ص=|لغة=en}}</ref>

بِالمُقابل، فإنَّ النظرة إلى أكبر في [[باكستان|پاكستان]] هي نظرة سلبيَّة، ويعتبر المُؤرِّخ «اشتياق حسن قُرشي» أنَّ مُمارسات أكبر وسياساته الانفتاحيَّة على باقي الأديان في شبه القارَّة الهنديَّة أضعفت الإسلام في تلك البلاد وقلَّلت من شأنه في عيون غير المُسلمين ولم تسمح له بِالعودة إلى مكانته المُهيمنة كما كان الوضع في السابق. كما أنَّ تقرُّب أكبر من الراجپوتيين ومُصاهرتهم يتناقض مع نظرة وفكرة الدولتين الهندوستانيتين المُنفصلتين (پاكستان الإسلاميَّة والهند الهندوسيَّة) التي قامت على أساسها الأُمَّتين سالفتيّ الذِكر، مما يُعطي سببًا إضافيًّا لِلمُطلعين من الپاكستانيين كي يبغضوا أكبر وينفروا منه.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Ali|2=1992|ص=73-76|لغة=en}}</ref>

ظهرت شخصيَّة أكبر في عدَّة أعمال سينمائيَّة وتلفزيونيَّة وأدبيَّة، منها على سبيل المِثال: فيلم «مُغَل أعظم» العائد لِسنة [[1960]]م، وقد جسَّد دور أكبر في هذا الفيلم المُمثل الهندي [[بريثفيراج كابور|پريثفيراج كاپور]]؛ وكذلك في فيلم «[[جودا أكبر (فيلم)|جودا أكبر]]» العائد لِسنة [[2008]]م، الذي جسَّد فيه المُمثل [[هريثيك روشان]] دور أكبر. وفي ذات السنة سالِفة الذكر، أصدر الكاتب الهندي البريطاني [[سلمان رشدي|سلمان رُشدي]] روايةً بِعنوان «ساحرة فلورنسة» لعب فيها أكبر دورًا رئيسيًّا.

== حواشٍ ==
* {{Cnote|أ|<small> بعض المصادر التي كُتبت زمن جلال الدين أكبر، كمُؤلَّف [[أبو الفضل بن مبارك|أبي الفضل بن مُبارك]]، تنص على أنَّ أكبر وُلد يوم [[15 أكتوبر|15 تشرين الأوَّل (أكتوبر)]] [[1542]]م وأنَّ والده سمَّاه جلال الدين مُنذُ ولادته. غير أنَّ بعض المُؤرِّخين المُعاصرين مثل الإيرلندي ڤينسنت آرثر سميث، قالوا بالاستناد على تأريخ جوهر، الخادم الشخصي لِهمايون، أنَّ أكبر وُلد يوم [[23 نوفمبر|23 تشرين الثاني (نوڤمبر)]] [[1542]] (المُوافق فيه [[14 شعبان|الرابع عشر من شعبان]]، أي ليلة اكتمال البدر) فسمَّاه والده «بدرُ الدين». وبِحسب سميث، فإنَّ تاريخ ميلاد أكبر غُيِّر قصدًا يوم [[ختان]]ه خِلال شهر آذار (مارس) 1546م في سبيل تضليل المُنجمين والمُشعوذين، ومعه غُيِّر اسمه إلى جلال الدين.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Smith|2=1917|ص=18–19|لغة=en}}</ref></small>}}
* {{Cnote|ب|<small>يُحتمل أن يكون لقب «سُلطان الإسلام» قد اتخذه أكبر قبل ارتداده وابتداعه الدين الإلٰهي، وقد يكون قصد به سُلطان بلاد المُسلمين، ويُحتمل أن يكون قد خُلع عليه مُجددًا فيما بعد إن صدقت رواية كتاب «تُزك جهانكيري»، من أنَّ أكبر عاد إلى الإسلام وهو على فراش الموت.<ref name="تزك" /></small>}}
== مراجع ==
=== فهرست المراجع ===
;بِاللُغتين العربيَّة والفارسيَّة
{{مراجع}}

;بِلُغاتٍ أوروپيَّة
{{مراجع|مجموعة="la"|2|محاذاة=نعم}}
=== ثبت المراجع <small>(مُرتَّبة حسب تاريخ النشر)</small> ===
;<u>كُتُب ودوريَّات باللُّغة العربيَّة:</u>
{{بداية المراجع|2}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q118113502|مرجع=الندوي1950}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q115912807|مرجع=الساداتي1959}}
* {{استشهاد بدورية محكمة|مؤلف=محمود أحمد غازي|دورية =مجلَّة مجمع اللُّغة العربيَّة بدمشق|مسار= http://www.arabacademy.gov.sy/uploads/magazine/mag54/mag54-2-7.pdf|عنوان=الدين الإلهي الأكبري أو أزمة الإسلام في شبه القارَّة خلال القرن السادس عشر الميلادي|المجلد=54|العدد=2|سنة=1979|ناشر=[[مجمع اللغة العربية بدمشق]]|issn=0258-1442|مرجع=غازي1979|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230501225716/http://www.arabacademy.gov.sy/uploads/magazine/mag54/mag54-2-7.pdf|تاريخ أرشيف=2023-05-01}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q115910365|مرجع=النمر1981}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q118126152|مرجع=المليباري1985}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q118111249|مرجع=موسنيه1987}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q6824741|مرجع=مؤنس1987}}
* {{استشهاد بأطروحة|الأخير= أحمد|الأول= نصير أحمد نور|تاريخ = [[1411 هـ|1411هـ]] - [[1991]]م|عنوان=شركة الهند الشرقية الإنجليزية منذ بدأ تأسيسها حتى سقوط دولة المغول الإسلامية في الهند (1009 - 1273 الهجري / 1600 - 1857 الميلادي)|مسار= https://ia802806.us.archive.org/34/items/GotGtd/got%20gtd.pdf|الدرجة=PhD.|ناشر =[[جامعة أم القرى]]|مرجع=أحمد1991|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20220526150018/https://ia802806.us.archive.org/34/items/GotGtd/got%20gtd.pdf|تاريخ أرشيف=2022-05-26}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q115913516|مرجع=الأكبرآبادي1995}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q115910703|مرجع=نوار1998}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q115914408|مرجع=الحسني1999}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q115912926|مرجع=الشيال2001}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q118125496|مرجع=شودري2002}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q115944403|مرجع=محفوظ2004}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q118125843|مرجع=العفاني2005}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q118278819|مرجع=الندوي2007}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q107406383|مرجع=طقوش2007}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q115943923|مرجع=علي2008}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q118111544|مرجع=غازي2009}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q118113237|مرجع=حسين2012}}
* {{استشهاد بويكي بيانات|Q118124873|مرجع=ملكاوي وآخرون2014}}
* {{استشهاد بدورية محكمة|مؤلف= سهام جميل المُحمَّدي|دورية= مجلَّة جامعة الأنبار للعُلُوم الإنسانيَّة|مسار= https://www.iasj.net/iasj/download/94625b3ffb27642c|عنوان=دور المرأة في إمبراطوريَّة المغول الإسلاميَّة في الهند (932-1274هـ/ 1525-1858م)|العدد=3|سنة= كانون الأول 2017|ناشر= [[جامعة الأنبار]]|issn=1995-8463|مرجع=المحمدي2017|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230430185618/https://www.iasj.net/iasj/download/94625b3ffb27642c|تاريخ أرشيف=2023-04-30}}
* {{استشهاد بدورية محكمة|مؤلف1=صابرين شلاكة رداد الجياشي|مؤلف2=أسعد حميد أبو شنة|دورية= مجلَّة أوروك للعُلُوم الإنسانيَّة|مسار= https://www.iasj.net/iasj/download/43ab784c8e3b2a18|عنوان= الأوضاع السياسية للإمبراطورية المغولية في الهند، المرحلة الأولى لحكم همايون (1530 – 1540) أنموذجًا|المجلد= 11|العدد= 3|سنة= 2018|ناشر=[[جامعة المثنى|جامعة المُثنَّى]]|doi=10.18018/URUK/018-11/107-116|issn=2072-6317|مرجع=أبو شنة والجياشي2018|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230430140726/https://www.iasj.net/iasj/download/43ab784c8e3b2a18|تاريخ أرشيف=2023-04-30}}
* {{استشهاد بدورية محكمة|مؤلف1=رقيب حسُّون عبُّودي سعودي|مؤلف2=متعب خلف جابر الريشاوي|دورية =مجلَّة أوروك للعُلُوم الإنسانيَّة|مسار= https://www.iasj.net/iasj/download/1bac38c58f9c39da|عنوان=السياسة الخارجيَّة لِلإمبراطورية المغوليَّة في الهند في عهد جلال الدين أكبر 1556 - 1605م|المجلد=11|العدد=3|سنة=2018|ناشر=[[جامعة المثنى|جامعة المُثنَّى]]|doi=10.18018/URUK/018-11/77-92|issn=2072-6317|مرجع=سعودي والريشاوي2018|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230430192148/https://www.iasj.net/iasj/download/1bac38c58f9c39da|تاريخ أرشيف=2023-04-30}}
* {{استشهاد بدورية محكمة|مؤلف1=سكينة بجاي محسن|مؤلف2=أسعد حميد أبو شنة|دورية =مجلَّة أوروك للعُلُوم الإنسانيَّة|مسار= https://www.iasj.net/iasj/download/cff9b5044a23dce6|عنوان=دور آل بيرم خان السياسي في الدولة المغولية في الهند (1530-1605)|المجلد=12|العدد=1|سنة=2019|ناشر=[[جامعة المثنى|جامعة المُثنَّى]]|doi=10.18018/URUK/019-12/450-470|issn=2072-6317|مرجع=أبو شنة ومحسن2019|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230430182244/https://www.iasj.net/iasj/download/cff9b5044a23dce6|تاريخ أرشيف=2023-04-30}}
{{نهاية المراجع}}
;<u>مواقع إلكترونيَّة عربيَّة:</u>
{{بداية المراجع}}
* {{استشهاد ويب| مسار أرشيف  =https://web.archive.org/web/20190625215530/https://dorar.net/firq/3894/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%AD%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB:-%D8%A3%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7|تاريخ أرشيف =[[26 يونيو|26 حُزيران (يونيو)]] [[2019]]م|مسار=https://dorar.net/firq/3894/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%AD%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB:-%D8%A3%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7|عنوان =فرقة الأكبريَّة: أشهر دُعاتها|موقع =الدُرر السُنيَّة|تاريخ الوصول =[[26 يونيو|26 حُزيران (يونيو)]] [[2019]]م|مرجع=الدرر السنية}}
{{نهاية المراجع}}
;<u>كُتُب باللُّغتين الفارسيَّة والأُرديَّة:</u>
{{بداية المراجع}}
* {{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[عبد القادر البدايوني|بدوانى، عبد القادر بن ملوک شاه]]|عنوان= مُنتخب التواريخ|طبعة= 1|تاريخ الوصول= [[23 ديسمبر|23 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2017]]م|مكان= [[أصفهان|اصفهان]]|ناشر= مركز تحقيقات رايانۀاى قائميه اصفهان|لغة=fa|مسار=https://archive.org/details/mohamed_rahman2007_hotmail_20170403_1844/mode/2up?view=theater|مرجع=بدوانى(د.ت)}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=شاه نواز خان|الأول1=صمصام الدولة|محرر1=مولوى عبد الرحيم|عنوان=مآثر الأُمرا|مسار=https://archive.org/details/MaasirAl-umaraOfShahnavazKhanAurangabadiVol.2Persian/mode/2up|سنة=۱۸۸۸|ناشر=مطبع اُردوكاڻيد|مكان=كُلكتَّة|لغة=fa|الجزء=۲|مرجع=نواز خان1888}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=ندوى|الأول1=رشيد اختر|عنوان=هُمايون نامه: تصنيف گلبدن بيگم بنت بابر بادشاه|سنة=۲۰۱۸|ناشر=سنگِ ميل پبلى كيشنز|مكان=لاهور|لغة=ur |isbn=969350318X|مرجع=ندوى2018}}
{{نهاية المراجع}}
;<u>بلُغاتٍ أجنبية:</u>
{{بداية المراجع|2|محاذاة=نعم}}
* {{استشهاد بموسوعة|الأخير=Ballhatchet|الأول=Kenneth A.|موسوعة=Encyclopædia Britannica|عنوان=Akbar|لغة=en|تاريخ=Invalid Date|طبعة=electronic|ناشر=[[الموسوعة البريطانية المحدودة (شركة)|Encyclopædia Britannica, Inc.]]|مسار=https://www.britannica.com/biography/Akbar|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20150503175608/http://www.britannica.com:80/EBchecked/topic/11421/Akbar|تاريخ أرشيف=2015-5-5|مرجع=Ballhatchet(N.D)}}
* {{استشهاد بموسوعة|مؤلف=Joseph E. Schwartzberg [and 11 others].|موسوعة=Encyclopædia Britannica|عنوان=The reign of Akbar the Great: Extension and consolidation of the empire|لغة=en|تاريخ= Invalid Date|طبعة=electronic|ناشر=[[الموسوعة البريطانية المحدودة (شركة)|Encyclopædia Britannica, Inc.]]|مسار=https://www.britannica.com/place/India/The-reign-of-Akbar-the-Great|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20190323001208/https://www.britannica.com/place/India/The-reign-of-Akbar-the-Great |تاريخ أرشيف=2019-3-23|مرجع=Schwartzberg et al.}}
* {{استشهاد بموسوعة|الأخير=Truschke|الأول=Audrey|موسوعة=Jainpedia|عنوان=Jains and the Mughals|لغة=en|تاريخ=Invalid Date|ناشر=Institute of Jainology|مسار=https://jainpedia.org/themes/places/jainism-and-islam/jains-and-the-mughals/?hilite=%27Jains%27%2C%27and%27%2C%27Mughals%27|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20190707153526/http://www.jainpedia.org/themes/places/jainism-and-islam/jains-and-the-mughals.html|تاريخ أرشيف=2019-07-07|مرجع=Truschke(N.D)}}
* {{استشهاد ويب |مسار=http://www.maharashtra.gov.in/english/gazetteer/Beed/his_mediaeval_period.html|عنوان=Medieval Period|ناشر=The Gazetteers Department, Government of Maharashtra|تاريخ الوصول=2006-12-24|مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20110722045739/http://www.maharashtra.gov.in/english/gazetteer/Beed/his_mediaeval_period.html | تاريخ أرشيف = 22 يوليو 2011|لغة=en|مرجع=Gazetteers(N.D)}}
* {{استشهاد ويب|مسار=https://eventseeker.com/venue/723150-akbar-s-church-agra|عنوان= Akbar's Church
|موقع=eventseeker.com|لغة=en|تاريخ الوصول=2017-09-29| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170929135639/https://eventseeker.com/venue/723150-akbar-s-church-agra| تاريخ أرشيف = 29 سبتمبر 2017|مرجع=eventseeker(N.D)}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=Astarabadi|الأول1=Muhammad Qasim Hindu Shah|عنوان=Ferishta's History of Dekkan From The First Mahummedan Conquests|مسار=https://archive.org/stream/ferishtashistory02firi#page/n3/mode/2up|سنة=1794|ناشر=J. and W. Eddowes|مكان=London|لغة=en|الجزء=II|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20160411175110/https://archive.org/stream/ferishtashistory02firi|تاريخ أرشيف= 11 أبريل 2016|مترجم=Jonathan Scott|مرجع=Astarabadi1794}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير=Erskine|الأول=William|عنوان=A History of India Under the Two First Sovereigns of the House of Taimur, Báber and Humáyun|سنة=1854|ناشر=Longman, Brown, Green, and Longmans|isbn=9781108046206|لغة=en|الجزء=2|مرجع=Erskine1854}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير=Smith|الأول=Vincent Arthur|عنوان=Akbar the Great Mogul, 1542–1605|مسار=https://archive.org/stream/cu31924024056503#page/n7/mode/2up|سنة=1917|ناشر=Oxford at The Clarendon Press|لغة=en|مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20160409185359/https://archive.org/stream/cu31924024056503|تاريخ أرشيف = 9 أبريل 2016|مرجع=Smith1917}}
* {{استشهاد بدورية محكمة|الأخير=Beveridge|الأول=H.|دورية=The Imperial and Asiatic Quarterly Review and Oriental and Colonial Record|مسار=https://archive.org/details/imperialandasia00unkngoog/page/n152/mode/2up|عنوان=The Gardens of Climes (Hadiqa-Al-Aqalim)|المجلد=IX|العدد=17 & 18|سنة=January - April 1900|ناشر=The Oriental University Insitute|لغة=en|مرجع=Beveridge1900}}
* {{استشهاد بكتاب|محرر-الأخير=Dodwell|محرر-الأول=Henry H.|تاريخ=1929|عنوان=The Cambridge history of the British Empire|المجلد=IV|مسار=https://books.google.com/books?id=Y-08AAAAIAAJ&pg=PA14 |مكان=Cambridge|ناشر=The University Press|لغة=en|oclc=1473561|مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20140609175229/http://books.google.com/books?id=Y-08AAAAIAAJ|تاريخ أرشيف = 9 يونيو 2014|مرجع=Dodwell1929}}
* {{استشهاد بموسوعة|محرر1= Burn, Richard|موسوعة=The Cambridge History of India|عنوان=The Mughul Period|لغة=en|تاريخ=1937|ناشر=Cambridge University Press|المجلد=IV|مسار=https://books.google.com.lb/books?id=yoI8AAAAIAAJ&pg=PA660&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20170420062252/https://books.google.com/books?id=yoI8AAAAIAAJ|تاريخ أرشيف= 20 أبريل 2017|مرجع=Cambridge1937}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=Ikram|الأول1=S. M.|عنوان=Muslim Civilization in India|مسار= http://www.columbia.edu/itc/mealac/pritchett/00islamlinks/ikram/index.html|سنة=1964|ناشر=Columbia University Press|مكان=New York|لغة=en|محرر1=Ainslie T. Embree|مرجع=Ikram1964|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230222075019/http://www.columbia.edu/itc/mealac/pritchett/00islamlinks/ikram/index.html|تاريخ أرشيف=2023-02-22}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=Siddiqi|الأول1=Mahmudul Hasan|عنوان=History of the Arghuns and Tarkhans of Sindh, 1507–1593: An Annotated Translation of the Relevant Parts of Mir Ma'sums Ta'rikh-i-Sindh, with an Introduction & Appendices|مسار= https://books.google.com.lb/books/about/History_of_the_Arghuns_and_Tarkhans_of_S.html?id=Ask5AQAAIAAJ&redir_esc=y|سنة=1972|ناشر=Institute of Sindhology, University of Sind|مكان=Jamshoro|لغة=en|مرجع=Siddiqi1972|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230508200932/https://books.google.com.lb/books/about/History_of_the_Arghuns_and_Tarkhans_of_S.html?id=Ask5AQAAIAAJ&redir_esc=y|تاريخ أرشيف=2023-05-08}}
* {{استشهاد بكتاب|محرر-الأخير=Majumdar |محرر-الأول=R. C. |سنة=1974 |عنوان=The Mughul Empire |مسار=https://archive.org/details/mughulempire00bhar/page/n6/mode/2up |سلسلة=The History and Culture of the Indian People |الجزء=VII |مكان=Bombay |ناشر=Bharatiya Vidya Bhavan|لغة=en|مرجع=Majumdar1974}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير=Shyam|الأول= Radhey|سنة = 1981|عنوان = The Kingdom of Khandesh|ناشر= Idarah-i-Adabiyat-i-Delli|مكان=Delhi|لغة=en|مرجع=Shyam1981}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=A History of Jaipur|الأول=Jadunath|الأخير=Sarkar|سنة=1984|ناشر=Orient Longman|مكان=New Delhi|لغة=en|isbn=8125003339|مسار=https://books.google.com/books?id=O0oPIo9TXKcC|مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170318055818/https://books.google.com/books?id=O0oPIo9TXKcC|تاريخ أرشيف = 18 مارس 2017|مرجع=Sarkar1984}}
* {{استشهاد بكتاب|مؤلف1-الأخير=Mehta|مؤلف1-الأول=Jaswant Lal|عنوان=Advanced Study in the History of Medieval India|تاريخ=1986|ناشر=Sterling Publishers Pvt. Ltd|لغة=en|مرجع=Mehta1986|isbn=8120710150}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=Burke|الأول1=S. M.|عنوان=Akbar: The Greatest Mogul|طبعة=1st|مسار=https://archive.org/details/akbargreatestmog0000smbu/mode/2up|سنة=1989|ناشر=Munshiram Manoharlal Publishers|مكان=New Delhi|لغة=en|isbn=812150452X|مرجع=Burke1989}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير=Farooqi|الأول=Naimur Rahman|تاريخ=1989|عنوان=Mughal-Ottoman relations: a study of political & diplomatic relations between Mughal India and the Ottoman Empire, 1556–1748|مسار=https://books.google.com/books?id=uB1uAAAAMAAJ&q=akbar#search_anchor|مكان=Delhi|ناشر=Idarah-i Adabiyat-i Delli|oclc=20894584|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20191213184037/https://books.google.com/books?id=uB1uAAAAMAAJ|لغة=en|تاريخ أرشيف = 13 ديسمبر 2019|مرجع=Farooqi1989}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=Said|الأول1=Hakim Mohammad|عنوان=Road to Pakistan: a comprehensive history of the Pakistan Movement, 1947|سنة=1990|ناشر=Hamdard Foundation Pakistan, Pakistan Historical Society|مكان=Karachi|لغة=en|isbn=969412140X|مرجع=Said1990}}
* {{استشهاد بدورية محكمة|الأخير=Ali|الأول=Mubarak|دورية=Social Scientist|مسار=https://dsal.uchicago.edu/books/socialscientist/pager.html?objectid=HN681.S597_232-33_075.gif|عنوان=Akbar in Pakistani Textbooks|المجلد=20|العدد=232-33|سنة=Sept-Oct 1992|ناشر=Indian School of Social Sciences|doi=10.2307/3517719 |issn=09700293|jstor=3517719|لغة=en|مرجع=Ali1992}}
* {{استشهاد بدورية محكمة|الأخير=Subrahmanyam|الأول=Sanjay|دورية=The Indian Economic & Social History Review|مسار= http://ier.sagepub.com/content/31/2/249.extract|عنوان=Book Reviews: Naimur Rahman Farooqi, Mughal-Ottoman Relations: A Study of the Political and Diplomatic Relations between Mughal India and the Ottoman Empire, 1556–1748, Delhi|المجلد=31|العدد=2|سنة=June 1994|ناشر=SAGE Publications|doi=10.1177/001946469403100210|issn=0019-4646|لغة=en|مرجع=Subrahmanyam1994|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20221129120233/https://ier.sagepub.com/content/31/2/249.extract|تاريخ أرشيف=2022-11-29}}
* {{استشهاد بموسوعة|عنوان=India|موسوعة=Encyclopedia of Library History |محرر1=Wiegand, Wayne A.|محرر2=Davis, Donald G.|ناشر=Garland Publishing, Inc.|تاريخ=1994|isbn=0824057872|لغة=en|مرجع=Wiegand & Davis1994}}
* {{استشهاد بدورية محكمة|الأخير=Farooqi|الأول=N. R.|دورية=Journal of Islamic Studies|مسار= https://academic.oup.com/jis/article-abstract/7/1/32/737289|لغة=en|عنوان=Six Ottoman Documents On Mughal-Ottoman Relations During The Reign Of Akbar|المجلد=7|العدد=1|سنة=January 1996|ناشر=[[مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية|Oxford Centre for Islamic Studies]]|doi=10.1093/jis/7.1.32|issn=0955-2340|مرجع=Farooqi1996|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230505223241/https://academic.oup.com/jis/article-abstract/7/1/32/737289|تاريخ أرشيف=2023-05-05}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=Lach|الأول1=Donald F.|الأخير2=Van Kley|الأخير1=Edwin J.|عنوان=Asia in the Making of Europe|طبعة=Paperback|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=PjVKjJ-WgOYC&pg=PA393&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false|سنة=1998|ناشر=University of Chicago Press|لغة=en|الجزء=III|isbn=0226467686|مرجع=Lach & Van Kley1998|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230507214808/https://books.google.com.lb/books?id=PjVKjJ-WgOYC&pg=PA393&redir_esc=y|تاريخ أرشيف=2023-05-07}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=Alam Khan|الأول1=Iqtidar|عنوان=Akbar and His Age|طبعة=1st|مسار= https://books.google.com.lb/books/about/Akbar_and_His_Age.html?id=HTduAAAAMAAJ&redir_esc=y|سنة=1999|ناشر=Northern Book Centre|مكان=New Delhi|لغة=en|isbn=8172111088|مرجع=Alam Khan1999|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230508200959/https://books.google.com.lb/books/about/Akbar_and_His_Age.html?id=HTduAAAAMAAJ&redir_esc=y|تاريخ أرشيف=2023-05-08}}
* {{استشهاد بكتاب|مؤلف1-الأخير=Jackson|مؤلف1-الأول=Guida M.|عنوان=Women rulers throughout the ages: an illustrated guide|تاريخ=1999|ناشر=ABC-CLIO|مكان=Santa Barbara, Calif|isbn=9781576070918|لغة=en|طبعة=2nd revised|مسار=https://archive.org/details/isbn_9791576070917/page/237| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217010206/https://archive.org/details/isbn_9791576070917/page/237| تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019|مرجع=Jackson1999}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=Jahangir|الأول1=Nur-ud-Din Muhammad|مؤلف-وصلة=نور الدين جهانكير|مترجم=Wheeler M. Thackston|عنوان=The Jahangirnama: memoirs of Jahangir, Emperor of India|مسار=https://archive.org/details/jahangirnamamemo00jaha/mode/2up|سنة=1999|ناشر=Oxford University Press|لغة=en|isbn=0195127188|مرجع=Jahangir1999}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=Michell|الأول1=George|الأخير2=Zebrowski|الأول2=Mark|عنوان=Architecture and Art of the Deccan Sultanates|مسار= https://www.cambridge.org/core/books/architecture-and-art-of-the-deccan-sultanates/5BFA505D4D88494241D664ACF38CDB41|سنة=1999|ناشر=Cambridge University Press|لغة=en |isbn=0521563216 |doi=10.1017/CHOL9780521563215|مرجع=Michell & Zebrowski1999|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230505095305/https://www.cambridge.org/core/books/architecture-and-art-of-the-deccan-sultanates/5BFA505D4D88494241D664ACF38CDB41|تاريخ أرشيف=2023-05-05}}
* {{استشهاد بكتاب|مؤلف=Abu'l-Fazl|مؤلف-وصلة=أبو الفضل بن مبارك|مترجم=Henry Beveridge|عنوان=The Akbarnama of Abu'l-Fazl|مسار=https://archive.org/details/in.ernet.dli.2015.55649/mode/2up|الجزء=II|سنة=2000|ناشر=The Asiatic Society|مكان=Calcutta|لغة=en|سنة النشر الأصلية=1907|طبعة=reprinted|مرجع=Abu'l-Fazl1907|isbn=8172360932}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير= Eraly|الأول=Abraham|عنوان= Emperors of the Peacock Throne: The Saga of the Great Mughals|مسار= https://archive.org/details/emperorspeacockt00eral |سنة=2000|ناشر= Penguin books |isbn= 9780141001432|لغة=en|مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20201203115551/https://archive.org/details/emperorspeacockt00eral | تاريخ أرشيف = 3 ديسمبر 2020|مرجع=Eraly2000}}
* {{استشهاد بكتاب|ناشر = BRILL|لغة=en|مسار=https://books.google.com/books?id=9qVkNBge8mIC&pg=PA39#v=onepage|isbn=978-90-04-12320-5|الأخير=Levi|الأول=S. C.|عنوان = The Indian Diaspora in Central Asia and Its Trade: 1550–1900|سنة = 2002|مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20160529073438/https://books.google.com/books?id=9qVkNBge8mIC|تاريخ أرشيف=2016-05-26|وصلة مكسورة = yes | تاريخ الوصول=  أغسطس 2020|مرجع=Levi2002}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1=Eraly|الأول1=Abraham|عنوان=The Mughal Throne: The Saga of India's Great Emperors|طبعة=1st|مسار= https://books.google.com/books?id=ld9kQgAACAAJ|سنة=2004|ناشر=Phoenix|مكان=London|لغة=en|isbn=9780753817582|مرجع=Eraly2004|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20221206072159/https://books.google.com/books?id=ld9kQgAACAAJ|تاريخ أرشيف=2022-12-06}}
* {{استشهاد بدورية محكمة|الأخير=Mukhia|الأول=Harbans|دورية=The Medieval History Journal|مسار= https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/097194580400700210|عنوان=India’s Islamic Traditions, Islam in Kashmir (Fourteenth to Sixteenth Century)|المجلد=7|العدد=2|سنة=2004|doi=10.1177/097194580400700210|issn=09719458|لغة=en|مرجع=Mukhia2004|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230507121830/https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/097194580400700210|تاريخ أرشيف=2023-05-07}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير=Sen|الأول=Amartya|مؤلف-وصلة=أمارتيا سن|تاريخ=2005|عنوان=The Argumentative Indian|وصلة=https://archive.org/details/nlsiu.954.sen.20388|مكان=London|ناشر=Allen Lane|لغة=en|isbn=0713996870|مرجع=Sen2005|oclc=57750786}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير=Faroqhi|الأول=Suraiya|تاريخ=2006|عنوان=The Ottoman Empire and the World Around It|مسار=https://books.google.com/books?id=Fy-C2gHkpecC&pg=PA180 |ناشر=I.B.Tauris |لغة=en|isbn=9781845111229|مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217013116/https://books.google.com/books?id=Fy-C2gHkpecC&pg=PA180| تاريخ أرشيف= 17 ديسمبر 2019|مرجع=Faroqhi2006}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير=Metcalf|الأول=Barbara, Thomas|عنوان=A Concise History of Modern India|مسار=https://archive.org/details/concisehistorymo00metc|سنة=2006|ناشر=Cambridge University Press|isbn=9780521863629|مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20210308025002/https://archive.org/details/concisehistorymo00metc|تاريخ أرشيف = 8 مارس 2021|لغة=en|مرجع=Metcalf2006}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=History of Medieval India|الأول=Satish|الأخير=Chandra|سنة=2007|ناشر=Orient Longman|مكان=New Delhi|لغة=en|isbn=9788125032267|مرجع=Chandra2007}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير=Khanna|الأول=Meenakshi|عنوان=Cultural History Of Medieval India|مسار=https://books.google.com/books?id=ZbKv3zyIFD8C&lpg=PP1&pg=PA24#v=onepage |سنة=2007|ناشر=Berghahn Books|isbn=9788187358305|لغة=en|تاريخ الوصول=2013-06-30|مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191213095146/https://books.google.com/books?id=ZbKv3zyIFD8C|تاريخ أرشيف= 13 ديسمبر 2019|مرجع=Khanna2007}}
* {{استشهاد بكتاب|مؤلف1-الأخير=Moosvi|مؤلف1-الأول=Shireen|عنوان=People, taxation, and trade in Mughal India|مسار=https://archive.org/details/peopletaxationtr0000moos|تاريخ=2008|ناشر=Oxford University Press|مكان=Oxford|isbn=9780195693157|لغة=en|مرجع=Moosvi2008}}
* {{استشهاد ويب|الأخير=Vashi|الأول=Ashish|تاريخ=Nov 23, 2009|عنوان=Ahmedabad turned Akbar veggie|مسار=https://timesofindia.indiatimes.com/city/ahmedabad/Ahmedabad-turned-Akbar-veggie/articleshow/5259184.cms|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20190403072809/https://timesofindia.indiatimes.com/city/ahmedabad/Ahmedabad-turned-Akbar-veggie/articleshow/5259184.cms|تاريخ أرشيف =2019-04-03|موقع=The Times of India|لغة=en|تاريخ الوصول =2009-11-23|مرجع=Vashi2009}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير=Yamin|الأول=Mohammed|عنوان=Impact of Islam on Orissan Culture|مسار=https://books.google.com/books?id=AN5KebBJxzcC&pg=PA34|تاريخ الوصول=10 February 2013|تاريخ=2009|ناشر=Readworthy|isbn=9788189973964|لغة=en|مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217013129/https://books.google.com/books?id=AN5KebBJxzcC&pg=PA34|تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019|مرجع=Yamin2009}}
* {{استشهاد بكتاب|مؤلف1-الأخير=Black|مؤلف1-الأول=Antony|عنوان=The History of Islamic Political Thought: From the Prophet to the Present|تاريخ=2011|ناشر=Edinburgh University Press|isbn=9780748688784|مسار=https://books.google.co.in/books?id=Hd1vAAAAQBAJ&dq=akbar+sunni+muslim|لغة=en| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217013124/https://books.google.co.in/books?id=Hd1vAAAAQBAJ&dq=akbar+sunni+muslim | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019|مرجع=Black2011}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير=Collier|الأول=Dirk|تاريخ=2011|عنوان= The Emperor'S Writings: Memories Of Akbar The Great|وصلة=https://archive.org/details/emperorswritings0000coll|مكان= Netherlands |ناشر=Amaryllis Books and Lannoo|isbn=9788191067361|لغة=en|مرجع=Collier2011}}
* {{استشهاد بمجلة|مجلة=[[تايم (مجلة)|Time]]|عنوان=Akbar the Great|مؤلف=Tharoor, Ishaan|مسار=https://content.time.com/time/specials/packages/article/0,28804,2046285_2045996_2046303,00.html|تاريخ الوصول =October 2020|مكان=New York|لغة=en|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20130823223148/http://www.time.com/time/specials/packages/article/0,28804,2046285_2045996_2046303,00.html|تاريخ أرشيف=2013-08-23.|تاريخ=Feb. 04, 2011|issn=	0040-781X|مرجع=Tharoor2011}}
* {{استشهاد بكتاب|ناشر= I.B.Tauris|لغة= en|مسار=https://books.google.com/books?id=2S_DxLGKw6IC&pg=PA136|isbn=9781850439301| الأخير1=Floor|الأول1=Willem|الأخير2= Herzig|الأول2=Edmund|عنوان= Iran and the World in the Safavid Age|سنة= 2012|مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191224161459/https://books.google.com/books?id=2S_DxLGKw6IC&pg=PA136| تاريخ أرشيف= 24 ديسمبر 2019|مرجع=Floor & Herzig2012}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير=Ferishta|الأول=Mahomed Kasim|عنوان=History of the Rise of the Mahomedan Power in India, Till the Year AD 1612|سنة=2013|ناشر=Cambridge University Press|isbn=9781108055550|لغة=en|مرجع=Ferishta2013}}
{{نهاية المراجع}}

== وصلات خارجية ==
{{روابط شقيقة}}
* {{استشهاد ويب|تاريخ=[[26 يوليو|26 تمُّوز [يوليو]]] [[2013]]|عنوان=جلالُ الدين أكبر.. ملكٌ مُحاربٌ وفيلسوفٌ لا يعرف القراءة والكتابة|مسار=https://www.alittihad.ae/article/70953/2013/%D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1--%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D8%A8-%D9%88%D9%81%D9%8A%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%81-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A9|مسار أرشيف=https://archive.today/20230511213519/https://www.alittihad.ae/article/70953/2013/%D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D8%A8-%D9%88%D9%81%D9%8A%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%81-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A9|تاريخ أرشيف=[[11 مايو|11 أيَّار [مايو]]] [[2023]]|موقع=[[الاتحاد (جريدة إماراتية)|جريدة الاتحاد]]|تاريخ الوصول=[[12 يوليو|12 تمُّوز [يوليو]]] [[2019]] 
}}
* {{استشهاد ويب|مؤلف=مُصطفى الأنصاري|تاريخ=[[17 مايو|17 أيَّار [مايو]]] [[2015]]|عنوان=لماذا يحتفي العالم بالسُلطان جلال الدين أكبر؟|مسار=https://lite.islamstory.com/ar/artical/3416/%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D9%83%D8%A8|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20190712233318/https://lite.islamstory.com/ar/artical/3416/%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D9%83%D8%A8|تاريخ أرشيف =[[12 يوليو|12 تمُّوز [يوليو]]] [[2019]]|موقع=قصَّة الإسلام لايت|تاريخ الوصول =[[12 يوليو|12 تمُّوز [يوليو]]] [[2019]]}}
* {{استشهاد ويب|مؤلف=كريم عبد المجيد|تاريخ=[[17 مايو|17 أيَّار [مايو]]] [[2016]]|عنوان=اختراع الدين الإلٰهي: جودا أكبر بين السينما والتاريخ|مسار=https://www.ida2at.com/invention-of-the-divine-religion-judah-between-film-and-history/|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20190712233317/https://www.ida2at.com/invention-of-the-divine-religion-judah-between-film-and-history/|تاريخ أرشيف=[[12 يوليو|12 تمُّوز [يوليو]]] [[2019]]|موقع=شبكة إضائات|تاريخ الوصول=[[12 يوليو|12 تمُّوز [يوليو]]] [[2019]]}}
* {{يوتيوب|izmeuQKBnB4|قصَّة جلال الدين أكبر - الدكتور عمرو خالد}}.
{{بداية صندوق}}
{{s-hou|[[الدولة التيمورية|عاهل آل تيمور]]||15 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 1542||13 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 1605}}
{{s-reg|}}
{{صندوق تعاقب/سبقه|before=[[نصير الدين همايون]]}}
{{تعاقب-لقب|title=[[قائمة سلاطين مغول الهند|سُلطان مغول الهند]]|years=1556–1605}}
{{صندوق تعاقب/تبعه|after=[[نور الدين جهانكير|نورُ الدين جهانكير]]}}
{{نهاية قالب}}
{{جلال الدين أكبر}}
{{سلاطين مغول الهند}}
{{مغول الهند}}
{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات|أعلام|الإسلام في الهند|التاريخ الإسلامي|دولة المغول الهندية|ملكية}}
{{شريط محتوى متميز|مختارة|التاريخ=2 أكتوبر 2019|النسخة=38868791}}
{{لا لربط البوابات المعادل}}

[[تصنيف:أشخاص من أصل إيراني]]
[[تصنيف:أشخاص من أغرة]]
[[تصنيف:أشخاص من عمركوت]]
[[تصنيف:أعلام هنود من أصل تركي]]
[[تصنيف:أكبر]]
[[تصنيف:تيموريون]]
[[تصنيف:حكام أطفال من آسيا]]
[[تصنيف:سلاطين مغول الهند]]
[[تصنيف:محاربون هنود]]
[[تصنيف:مسلمون سنة هنود]]
[[تصنيف:ملوك مسلمون]]
[[تصنيف:ملوك هنود من القرن 16]]
[[تصنيف:ملوك هنود من القرن 17]]
[[تصنيف:منتقدو الإسلام السني]]
[[تصنيف:مواليد 1542]]
[[تصنيف:مواليد 949 هـ]]
[[تصنيف:مؤسسو أديان]]
[[تصنيف:هنود من أصل إيراني]]
[[تصنيف:وفيات 1014 هـ]]
[[تصنيف:وفيات 1605]]
[[تصنيف:وفيات بسبب الزحار]]
[[تصنيف:وفيات في أغرة]]