عرض مصدر فخر الدين الرازي

{{عن|فخر الدين الرازي|مقالات أخرى ذات عناوين مشابهة|الرازي (توضيح)}}
{{معلومات عالم مسلم
| الصورة          = تخطيط لاسم الإمام الرازي.png
| الاسم            = فخر الدين الرازي
| الاسم الأصلي      = محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي
| كنية            = يكنى بأبي عبد الله وأبي المعالي وأبي الفضل، وابن خطيب الري
| لقب             = [[شيخ الإسلام]]، فخر الدين، سلطان المتكلمين، إمام المتكلمين، الإمام الكبير، شيخ المعقول والمنقول،<ref>كتاب: تأسيس التقديس/ تأليف: شيخ المعقول والمنقول الإمام فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي، ومعه: رسالة الإمام العلامة أحمد بن يحيى بن جهبل الكلابي في الرد على من رد على صاحب التأسيس؛ عني بهما: أنس محمد عدنان الشرفاوي (محقق)، أحمد محمد خير الخطيب (محقق).</ref> [[خالد بن الوليد|سيف الله المسلول]] على [[مشبهة|المجسمة]]<ref>كتاب: [[السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل (كتاب)|السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل]] للإمام تقي الدين السبكي، ومعه تكملة الرد على نونية ابن القيم/ بقلم الإمام الكوثري، الناشر: المكتبة الأزهرية للتراث، ص: 137.</ref>
| العصر           = [[العصر الذهبي للإسلام]]
| تاريخ الولادة    = [[544 هـ]] وقيل [[543 هـ|543هـ]]
| مكان الولادة     = [[الري (إيران)|الري]]
| وفاة            = [[604 هـ]] أو [[605 هـ]] أو [[606 هـ]]
| مكان الوفاة     = [[هراة]]
| مذهب            = [[شافعية|شافعي]]
| العقيدة         = [[أشعرية|أشعري]] 
| انتماء          = [[بنو تيم]] من قريش
| مواطنة          = لا
| عرق             = لا
| أفكار مميزة     = [[مجدد (إسلام)|مجدد القرن السادس الهجري]]
| تأثر بـ         = [[أبو الحسن الأشعري]]{{•}}[[أبو إسحاق الإسفراييني]]{{•}}[[ابن فورك]]{{•}}[[أبو بكر الباقلاني|الباقلاني]]{{•}}[[أبو المعالي الجويني|الجويني]]{{•}}[[أبو حامد الغزالي|الغزالي]]{{•}}الكمال السمناني{{•}}المجد الجيلي{{•}}[[الراغب الأصفهاني]]
| أثر في          = [[أحمد بن خليل الخويي]]{{•}} [[أثير الدين الأبهري]]{{•}}[[سراج الدين الأرموي]]{{•}}شمس الدين الخسروشاهي{{•}}[[نظام الدين النيسابوري]]{{•}}[[برهان الدين النسفي]]{{•}}[[عضد الدين الإيجي]]{{•}}[[شرف الدين بن التلمساني|شرف الدين ابن التلمساني]]{{•}}[[شهاب الدين القرافي]]{{•}}[[تاج الدين السبكي]]{{•}}[[جلال الدين السيوطي]]{{•}}[[ابن جميل الربعي]]{{•}}[[محمد متولي الشعراوي]]{{•}}[[سعيد فودة]]
| أعمال ملحوظة    = {{•}}[[تفسير الرازي|التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب]]<br />{{•}}[[تأسيس التقديس (كتاب)|أساس التقديس أو تأسيس التقديس]]<br />{{•}}[[الإشارة في علم الكلام (كتاب)|الإشارة في علم الكلام]]<br />{{•}}[[لوامع البينات شرح أسماء الله تعالى والصفات (كتاب)|لوامع البينات شرح أسماء الله تعالى والصفات]]<br />{{•}}[[معالم أصول الدين]]<br />{{•}}[[الأربعين في أصول الدين (توضيح)|الأربعين في أصول الدين]]<br />{{•}}[[المطالب العالية من العلم الإلهي (كتاب)|المطالب العالية من العلم الإلهي]]<br />{{•}}[[محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين (كتاب)|محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين]]<br />{{•}}[[اعتقادات فرق المسلمين والمشركين]]
}}
'''أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي الرازي، الطبرستاني المولد، [[قريش|القرشي]]، [[بنو تيم|التيمي]] البكري النسب، الشافعي الأشعري الملقب بفخر الدين الرازي وابن خطيب الري وسلطان المتكلمين وشيخ المعقول والمنقول.''' هو إمام مفسر فقيه أصولي، [[موسوعي|عالم موسوعي]] امتدت بحوثه ودراساته ومؤلفاته من العلوم الإنسانية اللغوية والعقلية إلى العلوم البحتة في: الفيزياء، الرياضيات، الطب، الفلك. ولد في [[ري (توضيح)|الريّ]]. [[قريش|قرشي]] النسب، أصله من [[طبرستان]]. رحل إلى [[خوارزم (توضيح)|خوارزم]] وما وراء النهر وخراسان. وأقبل الناس على كتبه يدرسونها، وكان يحسن اللغة [[اللغة الفارسية|الفارسية]].

وكان قائمًا على نصرة [[أشعرية|الأشاعرة]]، كما اشتهر بردوده على [[فلسفة|الفلاسفة]] و[[المعتزلة]]، وكان إذا ركب يمشي حوله ثلاث مائة تلميذ من الفقهاء، ولقب بشيخ الإسلام في هراة، له تصانيف كثيرة ومفيدة في كل فن من أهمها: [[تفسير الرازي|التفسير الكبير]] الذي سماه «[[تفسير الرازي|مفاتيح الغيب]]»، وقد جمع فيه ما لا يوجد في غيره من التفاسير، وله «المحصول» في علم الأصول، و«المطالب العالية» و«[[تأسيس التقديس (كتاب)|تأسيس التقديس]]» في [[علم الكلام]]، «ونهاية الإيجاز في دراية الإعجاز» في البلاغة، و«[[الأربعين في أصول الدين (الرازي)|الأربعين في أصول الدين]]»، وكتاب الهندسة. وقد اتصل الرازي بالسلطان محمد بن تكشي الملقب ب[[خوارزم شاه]] ونال الحظوة لديه. توفي الرازي في مدينة [[هراة]] سنة [[606 هـ]].

== عصره ==
عاش الرازي في النصف الثاني من القرن السادس الهجري، وكانت هذه الفترة حرجة في حياة المسلمين السياسية والاجتماعية والعلمية والعقيدية، فالوهن قد بلغ مداه ب[[الدولة العباسية]]، وكانت أخبار [[حملات صليبية|الحروب الصليبية]] في [[بلاد الشام|الشام]]، وأخبار [[تتار|التتار]] في المشرق تهدد مضاجع المسلمين، وتحرك وجدانهم، وتثير مشاعرهم. وكانت الخلافات المذهبية والعقائدية شديدة وفي [[الري (إيران)|الري]] وحدها كانت ثلاث طوائف: ال[[شافعية]] وهم الأقلية، و[[حنفية|الأحناف]] وهم الأكثرية، و[[الشيعة]] وهم السواد الأعظم، ففي البداية وقع التصادم بين [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] والشيعة، وكانت الغلبة لأهل السنة.<ref>ياقوت الحموي، معجم البلدان، مج2، ص893.</ref> ثم بعد ذلك، وقعت حروب بين الشافعية والحنفية، وكانت الغلبة للشافعية مع قلة عددها. وكثرت الفرق وطال الجدل بينها وأشهرها: [[الشيعة]]، و[[المعتزلة]]، وال[[مرجئة]]، وال[[باطنية]]، و[[الكرامية]]. أما العلوم فقال فيها [[ابن خلدون]]: {{اقتباس مضمن|ويبلغنا عن أهل المشرق أن بضائع هذه العلوم (العلم الطبيعي، والعلم الإلهي، والهندسة، والموسيقى...) لم تزل عندهم موفورة، وخصوصاً في [[عراق العجم]] وما بعده فيما وراء النهر، وأنهم على ثبج (نهج) من العلوم العقلية والنقلية، لتوفر عمرانهم واستحكام الحضارة فيهم.}}<ref>[http://islamport.com/w/tkh/Web/345/292.htm ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160304194739/http://islamport.com/w/tkh/Web/345/292.htm |date=04 مارس 2016}}</ref>

واستفحل شر ال[[باطنية]] وعمدوا إلى الاغتيالات الفردية التي ذهب ضحيتها نظام الملك و[[قاضي القضاة|قاضي قضاة]] [[أصفهان|أصبهان]]، يقول [[ابن العماد (توضيح)|ابن العماد]] في [[شذرات الذهب]]: {{اقتباس مضمن|وعظم الخطب بهؤلاء الملاعين، وخافهم كل أمير وعالم لهجومهم على الناس.}}<ref>[http://islamport.com/w/trj/Web/1620/1146.htm ابن العماد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160304193800/http://islamport.com/w/trj/Web/1620/1146.htm |date=04 مارس 2016}}</ref> وهم كما وصفهم الإمام [[أبو حامد الغزالي|الغزالي]]: {{اقتباس مضمن|ظاهر مذهبهم الرفض، وباطنه الكفر المحض.}}<ref>الغزالي، فضائح الباطنية، ص37.</ref> وفي هذه الاضطرابات السياسية والعقلية والدينية نشأ الرازي، يقول [[تاج الدين السبكي]] في [[طبقات الشافعية الكبرى]]: {{اقتباس مضمن|وعبر إلى خوارزم بعد ما مهر في العلوم، فجرى بينه وبين المعتزلة مناظرات أدت إلى خروجه منها. ثم قصد ما وراء النهر فجرى له أشياء نحو ما جرى بخوارزم فعاد إلى الري.}}<ref>[http://islamport.com/w/trj/Web/2131/1726.htm تاج الدين السبكي، طبقات الشافعية الكبرى.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160304194138/http://islamport.com/w/trj/Web/2131/1726.htm |date=04 مارس 2016}}</ref> ويقول الداوودي في طبقات المفسرين: {{اقتباس مضمن|وجدت بينه وبين جماعة من الكرامية مخاصمات وفتن، وأوذي بسببهم، وآذاهم وكان ينال منهم في مجلسه، وينالون منه.}}<ref name="شمس الدين الداوودي، طبقات المفسرين">{{استشهاد بويكي بيانات|Q121011102|ج=2|ص=216}}</ref>

وكانت [[الري (إيران)|الري]] موقعًا لعديد من الأحداث التاريخية في ذلك الوقت، لكثرة طرقها إلى الدول، ولذلك لجأ أهلها إلى دور تحت الأرض، فجعلوها في غاية الظلمة ومسالكها وعرة، وتقع الآن في الجنوب الغربي من [[طهران]].<ref>ياقوت الحموي، معجم البلدان، مج2، ص849. والقزويني، آثار البلاد، ص375-376.</ref> وفي سنة [[543 هـ]] قامت [[غوريون|الدولة الغورية]]، وهي السنة التي ولد فيها الرازي. وكانت في بداية فترة الضعف والانحطاط للدولتين [[الدولة السلجوقية|السلجوقية]] و[[الدولة الغزنوية|الغزنوية]]، وهما الدولتان اللتان عاش تحت ظلالهما، وفي أيام ازدهارهما، ولقد زالتا بعد موته ببضع سنين، عندما خرج ال[[مغول]] من بلاد [[الصين]].

وإن كان القرن السادس الهجري عصرا اجتمعت فيه متناقضات كثيرة، فإن عوامل القوة لاستمرار [[العصر الذهبي للإسلام|الحضارة الإسلامية]] كانت موجودة أَيْضًا، ولهذا فلا تكاد دولة ما تسقط، حتى تظهر دولة أخرى، تكون كبيرة أَيْضًا، لتواصل المسيرة التاريخية، وقد استطاعت الدولتان [[خوارزميون|الخوارزمية]] والغورية مقاومة فتن الغز (شعب من شعوب الترك، ومنهم كان السلاجقة، وقد انتقلوا من أقاصي الترك إلى ما وراء النهر، وأسلموا ولكن كانت أفعالهم قبيحة، وخربوا بلاداً كثيرة وأشعلوا الفتن، وقتلوا العلماء والصالحين وأحرقوا خزائن الكتب) المتكررة، ورد هجمات الخطإ (قوم من الترك الكفار، خرجوا من أطراف [[الصين]] وتمركزوا فيما وراء النهر، وقد استنجد بهم بعض سلاطين وأمراء المسلمين)، وقاومتا [[تتار|التتار]] لبعض الوقت، وقد حلتا محل [[غوريون|الدولة الغورية]]، و[[الدولة السلجوقية]] في [[فارس]]. أما [[الدولة الأيوبية]] فقد حلت محل الدولة السلجوقية في غرب فارس، لما ضعفت وعجزت عن رد الحملات الصليبية في [[الشرق الأوسط]]، كما قاومت [[الدولة الموحدية]] الحملات الصليبية في [[شمال إفريقيا|شمال أفريقيا]] و[[الأندلس]]، وقد حلت محل ثلات دول: [[الدولة الفاطمية]] و[[حماديون|الدولة الحمادية]] و[[الدولة المرابطية]].

والملاحظ أن القرن السادس الهجري شهد تحولات كبيرة في جميع الميادين، من أهمها بداية اضمحلال [[الدولة العباسية|الخلافة العباسية]]، بتفككها إلى دول صغيرة كثيرة، تعمل كل دولة على السيطرة على جميع نواحي الحياة في إقليمها، وكان هذا الوضع سببًا في ظهور بوادر الفساد والتخلف في شؤون الحياة الاجتماعية. ما عدا الحركة الفكرية والعلمية، فقد تواصلت بفضل وجود علماء كبار في هذا العصر، واستقلال المدارس التعليمية عن السلطة السياسية. لقد كتب لهذه الحركة أن تواصل مسارها بثبات، وأن تعوض النكوص الذي أصاب جسم الأمة الإسلامية. ومن المعلوم أن المرض عندما يصيب الجسم لا يؤدي في الحين إلى التأثير في العقل إلا بعد انهيار الجسم، لذلك يتميز عصر الرازي بما يأتي:

=== ضعف الخلافة العباسية ===
[[ملف:Seljuk Empire locator map.svg|250px|تصغير|يسار|[[الدولة السلجوقية]] في أقصى اتساعها عام [[1092]]م، بعد وفاة السلطان [[جلال الدولة ملك شاه]]]]

ويرجع هذا الضعف والاضمحلال إلى أسباب كثيرة، منها: التناحر على السلطة، واستنزاف طاقات كبيرة بين الخلافتين العباسية والفاطمية من أجل السيطرة على العالم الإسلامي والانفراد بالحكم وقيادته. ومنها أَيْضًا التعارض بين السلطة واتساع الرقعة الجغرافية لدولة الخلافة، لأن الخليفة يضطر إلى تعيين ولاة على البلاد البعيدة، وإلى أن يمنحهم سلطات عسكرية ودينية إلى جانب السلطة المدنية، فيغري ذلك هؤلاء الولاة بالانفصال والاستقلال، وقد حصل ذلك للخلافتين أكثر من مرة، وأدى هذا التصرف إلى الانحطاط السياسي ثم الحضاري، وكان هذا حال القرن السادس الهجري، حيث انهارت الخلافتان العباسية والفاطمية أمام سلاطين الأقاليم، وعلى الخصوص في الفترات التي كان فيها الخليفة ليس حاكما عظيما، لأن عظمة الدولة من عظمة الرجل الذي يقودها.<ref>غوستاف لوبون، حضارة العرب، تر: عادل زعيتر، ط2، دار إحياء الكتب العربية، 1948، ص480.</ref>
ومن الشواهد التاريخية على قيام حروب بين الخلفاء والسلاطين، الحرب التي وقعت سنة [[529 هـ]] بين الخليفة [[الفضل المسترشد بالله|المسترشد بالله]] (توفي في نفس السنة) والسلطان مسعود السلجوقي (ت [[547 هـ]]).<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، مج8، دار الطباعة المنيرية، القاهرة، (د.ت)، ص347. وابن العبري، مختصر تاريخ الدول، ط2، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1958، ص204.</ref> والحرب التي نشبت في السنة التالية أي سنة [[530 هـ]] بين الخليفة الراشد (ت [[532 هـ]]) وعسكر السلطان مسعود.<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج8، ص352.</ref> وفد ذكر المؤرخون حروبا كثيرة من هذا النوع، طوال القرن السادس الهجري، حين تجرأ فيها السلاطين على الخلفاء، لا سياسيا وعسكريا فحسب بل حتى دينيا، إذ كانوا يطلبون الخطبة لأنفسهم ويسلبونهم رموز الخلافة، منها سلب السلطان سنجر (ت [[552 هـ]]) بردة النبي [[محمد]] والقضيب من الخليفة [[الفضل المسترشد بالله|المسترشد بالله]] (ت [[529 هـ]])، ثم أعادها إلى الخليفة [[محمد المقتفي لأمر الله|المقتفي لأمر الله]] (ت [[555 هـ]]) في سنة [[535 هـ]].<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج8، ص368. وابن الوردي، تتمة المختصر في أخبار البشر، ج2، ط1، دار المعرفة، بيروت، 1970، ص69.</ref> وهذه الظاهرة تدل على ضعف الخلافة وتصدعها. ولما كثرت الإمارات والملوك كثرت الفتن، وتأججت الرغبات في التناحر على السلطة، وأحيانا بالاستعانة بالكفار، وذلك مذكور ومشهور في كتب التاريخ، مثل فتنة جماعة أصحاب الخلفاء [[علويون (توضيح)|العلويين]] بمصر، الذين أرادوا الوثوب على [[صلاح الدين الأيوبي|صلاح الدين]] (ت [[589 هـ]]) باستدعاء [[الإفرنج (توضيح)|الإفرنج]] من [[صقلية]] ومن ساحل [[بلاد الشام|الشام]] إلى [[مصر]] مقابل مال وبلاد.<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، (د.ط)، مطبعة الاستقامة، القاهرة، (د.ت)، ص123.</ref>

وأما قدوم [[تتار|التتار]] إلى بلاد المسلمين، فيقول [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير]] (ت [[630 هـ]]): أن الخليفة [[الناصر لدين الله (توضيح)|الناصر لدين الله]] (ت [[662 هـ]]) راسل التتار يُطمعهم في البلاد، وتلك هي الطامة الكبرى.<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، (د.ط)، مطبعة الاستقامة، القاهرة، (د.ت)، ص361.</ref> هذا وكانت البلاد الإسلامية مسرحا للحروب الصليبية طوال هذا القرن، وقد أدت هذه الحروب إلى مزيد من الضعف للخلافة، وإلى العجز الكلي أحيانا عن المقاومة والدفاع عن البلاد الواسعة التي طرقتها الحملات الصليبية، وغزوات أقوام من كل ناحية، ولا سيما خروج التتار في العشرية الثانية من القرن السابع الهجري، وبالتحديد في سنة [[617 هـ]] إلى بلاد الإسلام.<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، (د.ط)، مطبعة الاستقامة، القاهرة، (د.ت)، ص329.</ref>

=== الأحوال الاجتماعية ===
لقد تدهورت الحياة الاجتماعية في القرن السادس الهجري بسبب الفساد السياسي الذي استنزف القدرات الاجتماعية والمادية والمعنوية، كما يرجع الأمر إلى الفتن المختلفة وإلى الأزمات الاقتصادية وانتشار [[وباء|الأوبئة]]، وهذه العوامل كلها ساهمت في تدمير البنيات الاجتماعية المادية والمعنوية التي كانت من مقومات القوة والنماء، لذلك خربت المدن وانقطعت الطرق وانتشرت السرقة، ولم تسلم منها حتى قوافل الحجاج، حيث يغار عليها جهارا نهارا، لذلك ساءت العلاقات الاجتماعية المختلفة. ويشهد على ذلك ما وقع خلال هذه السنوات:
* ففي سنة [[538 هـ]] زاد أمر [[العيارون والشطار|العيّارين]]<ref>مفرد عَيّار يعني من يكون عاطلا عن العمل، ويتجول ويطوف كثيرا ويترك نفسه وهواها، ومعناها في وقتنا الحاضر المنحرف.</ref> بسبب ابن الوزير وابن قاروت<ref>كانا عقيدي العيارين، الأول ولد الوزير، والثاني أخو امرأة السلطان، ولما أستفحل الأمر، أمر السلطان بصلبهما إلا أن الأول هرب والثاني قبض عليه وصلب.</ref> اللذين كان لهما نصيب مما يأخذه العيارون.<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، ص7.</ref>
* وفي سنة [[552 هـ]] أغار الجنود الخراسانية على الحجاج الخراسانية وقتلوا منهم نفرًا، وسلبوهم أموالهم وأمتعتهم، ولما تقدموا في المسير قليلًا، هاجمتهم الإسماعيلية، فقتلوهم إلا من هرب، وقتل منهم كثير من العلماء والزهاد، وتلك مصيبة عظيمة حلت بالحجاج وبالأمن العام في ذلك الزمان.<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، ص56.</ref>
* وفي سنة [[556 هـ]] اندلعت فتنة أخرى ببغداد بسبب [[ابن هبيرة]] والغلمان والفقهاء، حيث أمر الخليفة بضرب الفقهاء وتأديبهم، فمضى إليهم أستاذ الدار وعاقبهم.<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، ص72.</ref>
* وفي سنة [[581 هـ]] وقعت فتنة بين ال[[تركمان]] و[[كرد|الأكراد]] في بديار الجزيرة و[[الموصل]]، قتل فيها خلق كثير، ونهبت الأموال ودامت سنين عديدة، حيث انقطعت فيها الطرق بين بلاد كثيرة، من الشام إلى [[أذربيجان]].<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، ص170.</ref>
* وفي مطلع القرن السابع الهجري، تواصلت الفتن بين أهل البلاد المختلفة، وكذلك بين أهل الأحياء في المدينة الواحدة، مثل فتنة ب[[بغداد]] بين أهل باب الأزج وأهل المأمونية،<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، ص268.</ref> وفتنة ب[[هراة]] بين أهل السوقين الحدادين والصفارين.<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، ص270.</ref> وأما الأزمات الاقتصادية فهي لا تعد ولا تحصى، وقد أدت إلى الغلاء الشديد في [[العالم الإسلامي|البلاد الإسلامية]] كافة، ولم يسلم منها بلد، وقد أدت إلى المجاعة في أحيان كثيرة، فعمت هذه الأزمات البلاد الإسلامية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، مثل الذي وقع سنة [[543 هـ]]، وهي سنة ولادة الرازي، حيث عم الغلاء جميع البلاد من [[خراسان الكبرى|خراسان]] إلى [[العراق]] وإلى [[بلاد الشام|الشام]] وإلى بلاد [[إفريقيا|أفريقيا]].<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، ص23. وأبو الفداء، المختصر في أخبار البشر، ج2،(د.ط)، دار الكتاب اللبناني، بيروت (د.ت)، ص31.</ref>
* وفي سنة [[574 هـ]] اشتد الغلاء أَيْضًا وعم سائر البلاد ودام إلى السنة التالية.<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، ص145.</ref> وقد دفعت هذه الأزمات الناس إلى أكل الدواب المحرمة والمكروهة، وهناك روايات كثيرة في كتب التاريخ تتحدث عن أكل الآدميين!<ref>أنظر ما قاله المؤرخون كابن الأثير في الكامل، وأبو الفدا في المختصر، والذهبي في العبر، لأن هؤلاء رصدوا هذه الظاهرة مرات عديدة في القرن السادس الهجري.</ref>

=== الأحوال الطبيعية ===
ومن [[كارثة طبيعية|الكوارث الطبيعية]] التي شهدها هذا القرن ال[[زلزال|زلازل]] و[[قحط|الجفاف]] و[[فيضان|الفيضانات]]، فالزلال لم تتوقف طوال هذا القرن، وقم اهتم [[مؤرخ|المؤرخون]] بذكرها ووصف أحوالها وآثارها، وكانت تضرب البلاد الكثيرة وتحدث أضرارا كبيرة في البنايات سواء كانت منازل أو مرافق عامة [[جسر (ممر)|كالجسور]] وغيرها. وكذلك كارثة الجفاف التي كانت آثارها وخيمة على معيشة الناس واستقرارهم، لأن انقطاع الأمطار إلى قلة الغلة والمحاصيل ثم إلى الغلاء وإلى ارتحال الناس عن الديار والبلاد، وإلى موت الحيوانات التي هي من المصادر الأساسية لمعاش الإنسان، وقد أسهم ذلك كله في إضعاف المسيرة الحضارية للمسلمين.<ref>راجع سنوات: 529 - 532 - 533 - 544 - 552 - 556 - 571 - 573 - 590 - 597 - 600 - 604 - 605 للهجرة عن ابن الأثير، وسبط ابن الجوزي، وأبي الفداء، وابن الوردي.</ref>

=== الخلافات الفكرية ===
[[ملف:BAE09705.jpg|200px|تصغير|يسار|تمثال ل[[ابن رشد|ابن رشد الحفيد]] في [[قرطبة]]، [[إسبانيا]].]]
كان الصراع الفكري على أشده في هذا القرن بين الفرق الكلامية وبينها وبين المذاهب الفقهية، وما وقع في هذا القرن إنما هو استمرار للاختلاف القديم في مسائل السياسة والعقائد، مع العلم أن الاختلاف الفكري في حد ذاته ليس نقمة بكامله، ولا هو ميزة خاصة ب[[ثقافة إسلامية|الثقافة الإسلامية]]، لأن جميع الديانات الأخرى عرفت أشكالًا وأنواعًا من الاختلافات في الأصول والفروع معًا. وقد نشأ [[علم الكلام]] من الاختلاف في الأصول، ونشأ [[فقه إسلامي|علم الفقه]] من الاختلاف في الفروع، وكان الاختلاف في الأصول في أربع مسائل كبرى: أولًا: الصفات والتوحيد، ثانيًا: القضاء و[[قدر (إسلام)|القدر]]، ثالثًا: الوعد والوعيد، ورابعًا: [[نبي|النبوة]] و[[إمامة|الإمامة]].<ref>ابن العبري، مختصر تاريخ الدولة، ص96.</ref> ويتميز القرن السادس الهجري من الناحية الفكرية باتساع موضوع التفكير في العلوم الشرعية، وكذلك الحال في العلوم الأخرى، كالعلوم العقلية والطبيعية والاجتماعية، كما تتميز بكثرة الإنتاج في جميع تلك العلوم، وبنمو سلطة الفرق والمذاهب في ضم وتجنيد الناس في صفوفها.

أما كثرة العلماء المناصرين للفرق والمذاهب فقد عمقت مجال الصراع الفكري وأعطته حماسًا كبيرًا، ولم يكن الهدف عندهم إلا الانتصار على الخصم. ويتميز هذا القرن أَيْضًا بوجود كثرة الزهاد وال[[صوفية|متصوفة]]، وهذا يعني أن المسلمين صاروا يندفعون إلى البحث عن الخلاص الفردي لا الجماعي، اندفاعًا جعل الحياة الاجتماعية مشلولة، وفتحوا بذلك بابًا على مصراعيه أمام ال[[يهود]] وال[[المسيحية|نصارى]]، الذين تغلغلوا في وظائف الدولة، وشؤون الحياة المختلفة، وهذا من الأمور التي ساهمت في انتشار الأهواء والبدع. ويشعر الخلفاء والأمراء في بعض الأحيان بهذا التغلغل، فيأمرون بعزل اليهود والنصارى من دواوين الدولة، مثلما أمر الخليفة العباسي [[الناصر لدين الله (توضيح)|الناصر لدين الله]] أن لا يستخدم في الديوان يهودي أو نصراني، وأن لا يستعان بهم مهما كانت الحاجة ملحة. مع العلم أن هذه الأوامر الناهية عن استخدام اليهود قليلة وتعد على الأصابع.<ref>سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان، قسم 1، ج8، ط1، مطبعة دائرة المعارف العثمانية، الهند، (د.ت)، ص378.</ref>

ونتيجة لسوء الأحوال الاجتماعية سياسيًّا واقتصاديًّا مال الناس إلى التقليد ورفضوا [[اجتهاد (إسلام)|الاجتهاد]] و[[مجدد (إسلام)|التجديد]]، لأن أفهامهم صماء وعقولهم جدباء في بعض العهود كهذا العهد، وكان ذلك كله من علامات بداية الانحطاط. وأدى الصراع الفكري بدوره إلى إثارة فتن دموية في بعض الأحيان، مثل الفتنة التي نشبت بين [[علويون (طائفة)|العلويين الشيعة]] والشافعية في سنة [[554 هـ]] ب[[جرجان|أستراباذ]]<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، ص66.</ref> وفتنة أخرى سنة [[560 هـ]] في [[أصفهان]] بسبب التعصب للمذاهب وهي فتنة قتل فيها كثير من الناس.<ref>ابن الأثير، الكمال في التاريخ، مج9، ص92.</ref> وذلك إما محاكمة العلماء تعسفا وطردهم من البلاد، أو حملهم على الخروج منها، أو تحريض العامة عليهم، أو حرق كتبهم فلم يسلم منها إلا القليل، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، محاكمة الركن عبد السلام بن عبد الوهاب الكيلاني (548-611 هـ) الذي كان [[حنابلة|حنبلياً]]، عارفا بال[[المنطق|منطق]] وال[[فلسفة]]، وقد اتهم بأقوال [[فيلسوف|الفلاسفة]]، لذلك وقعت له محنة في عهد [[ابن يونس الحنبلي|الوزير ابن يونس]] فأحرقت مكتبته في رحبة ببغداد، وخرجت مدرسة جده من يده ويد أبيه عبد الوهاب، وفوضت إلى [[ابن الجوزي|أبي الفرج ابن الجوزي]] (ت [[597 هـ]])، وأدخل السجن مدة ثم أفرج عنه سنة [[589 هـ]] لما قبض على [[ابن يونس الحنبلي|الوزير ابن يونس]] فرد إليه ما سلب منه.<ref>ابن العماد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، مج3، ج5، (د.ط)، مكتبة القدسي، القاهرة، 1351 هـ، ص45-46. والقفطي، تاريخ الحكماء، مكتبة المثنى ببغداد، ومؤسسة الخانجي بمصر، (د.ت)، ص228-229.</ref>

وهناك محاكمة أخرى عقدت بواسط للشيخ ابن الجوزي بسعي الركن عبد السلام إذ ادعى عليه بتصرف في وقف مدرسة جده لما تولى إدارتها، فحكم عليه بالسجن<ref>ابن العماد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، مج3، ج5، ص46.</ref> ثم أفرج عنه سنة [[595 هـ]] وقد بقي في المطمورة بسجن واسط خمس سنين.<ref>الذهبي، العبر في خبر من غبر، ج4، طبعة الكويت، 1963، ص285.</ref> وكانت نقمة الفقهاء وأنصار الفرق شديدة على كل من يحاول الاجتهاد أو يشتغل بعلوم الأوائل، وقد يتواطؤ هؤلاء الفقهاء مع السلطة السياسية التي كانت تقوم بتسليط العقوبات أو الطرد من البلاد، ومن ذلك خروج [[سيف الدين الآمدي]] (551-631 هـ) من [[العراق]] إلى [[بلاد الشام|الشام]] ثم إلى [[مصر]] سنة [[592 هـ]] لأنه متهم بفساد العقيدة ومذهب ال[[فيلسوف|فلاسفة]] لما أظهر من علوم الأوائل، ومرة أخرى انتقل خفية من مصر إلى الشام ولم يكن حظه سعيدًا هنالك، حيث عزل عن التدريس وأقام مختفيا في بيته حتى توفي.<ref>القفطي، تاريخ الحكماء، ص241. وابن العماد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، مج3، ج5، ص145. وابن خلكان، وفيات الأعيان، مج3، ط1، مطبعة النهضة المصرية، القاهرة، 1948، ص293-294.</ref>

هذا في المشرق وأما في المغرب فقد عاش [[ابن رشد]] (520-595 هـ) محنة شديدة فأحرقت كتبه وأخرج من [[قرطبة]]. وأما فخر الدين الرازي فطرد من بلاد كثيرة بسبب آرائه الفلسفية والدينية لأنها ليست متحجرة ولا مقلدة، كما كان حال الفقهاء وأشباه العلماء في عصره، وإنما كان مجتهدا ومجددا في العلوم العقلية والنقلية معا، وكان جريئا ومدافعا بقوة عن آرائه. يذكر المؤرخين أن أعظم فتنة وقعت له سنة [[595 هـ]] ب[[هراة]]، وقد قيل: لما بنى ابن أخت غياث الدين مدرسة له، نزل ذلك كالصاعقة على [[الكرامية]]، وفي راوية أخرى: أن الفتنة حصلت بسبب مناظرة الرازي لابن القدوة، وهو مقدم الكرامية ولم تخمد إلا بإخراج الرازي من هراة.<ref>ابن الأثير، الكامل، مج9، ص247. والذهبي، العبر، ج4، ص285. وأبو الفداء، المختصر، مج9، ص126.</ref>

وقد استدل المؤرخون على شجاعة الرازي، وجرأته في الوعظ بما يلي: قيل كان الرازي يعظ في داره، وقد زاره السلطان شهاب الدين الغوري فقال له: «يا سلطان لا سلطانك يبقى ولا تلبيس الرازي فبكى شهاب الدين حتى رحمه الناس».<ref>ابن الأثير، الكامل، مج9، ص274.</ref> وقد انتشر شرور العامة عندما وجدت لنفسها قوة بالاعتماد على سلطة الساسة وسلطة الفقهاء، وهي قوة كانت في بعض الأحيان تستخدمها للتمرد على السلطتين معا، كما هو الشأن حين عجز [[غياث الدين الغوري]] (ت [[599 هـ]]) على تسكين [[الكرامية]]، إلا بعد أن وعدهم بإخراج الرازي، وأَيْضًا حين انقلب الناس كشهود والفقهاء كقضاه على [[ابن الجوزي]].

هكذا شاع اضطهاد العلماء في هذا العصر، أمثال الرازي و[[السهروردي المقتول|السهروردي]] (ت [[587 هـ]]) و[[ابن رشد]] و[[سيف الدين الآمدي|السيف الآمدي]] (ت [[631 هـ]]) وغيرهم، وهذا يدل على سيطرة النزعة التقليدية على الحياة الاجتماعية، وعدم احترام قواعد الحوار وحرية التفكير السائدة في القرون السابقة، ولقد ظل أهل الفرق وأصحاب المذاهب يحرضون العامة على العلماء، عند محاورتهم في المسائل الخلافية، كما كان بعض الحكام مستبدا ومنحازا إلى حد التعصب الأعمى. فالاختلاف واضح بين هذا القرن والقرون التي قبله، ولو كان الأمر نسبيًّا، إلا أن تبادل الآراء كان مباحا من قبل والاختلاف متفشيا، والتأمل العقلي ناظرا في مسائل العقيدة والشريعة معا، فأنتج ذلك كله ثقافة متنوعة وظهرت مؤلفات جليلة، ولما بدأ التعصب وقبض على الحرية وسجن العقل فاضمحل الفكر وتحولت سلطة الدولة إلى أداة قهر و[[قمع]]، ما عدا بعض الحكام في بعض الأحيان. هكذا يكون التشتت والتمزق قد عم جميع ميادين الحياة الاجتماعية في هذا القرن، والرازي عاش في هذا العصر في ظل إيجابياته وسلبياته عالما مقارعا للجهل وأنواع الضلالات المختلفة، وعلى الرغم من عدم رضى العامة عنه وكثرة الحساد والمتعصبين عليه، فقد ظل متمسكا بالمطالب العالية وبذل جهدا كبيرا في سبيل تعريف الناس بها.<ref>أبو الفداء، المختصر في أخبار البشر، ج2، ص13.</ref>

نلاحظ مما سبق أن عصر الرازي يتميز باضمحلال [[الدولة العباسية|الخلافة العباسية]]، وتفكك [[سلطة مركزية|السلطة المركزية]] إلى دول كثيرة، حيث تتناحر هذه الدول على استقطاب [[خلافة إسلامية|الخلفاء]]، ويدخلون في حروب فيما بينهم وبين الخليفة، مما أثر سلبا على جميع ميادين الحياة. بالإضافة إلى ذلك فهذا العصر لم ينج من الكوارث الطبيعية الكثيرة كزلازل والجفاف التي اهتم المؤرخون بذكرها وإحصاء الخسائر المترتبة عنها وآثارها على المسيرة الحضارية. كما يتميز أَيْضًا بظهور العلماء الأعلام في كل علم وفن، ويمكن الإشارة إلى أهم الظواهر التي سادت هذا العصر، وإلى العوامل التي كانت سببًا في الاضمحلال والتقوقع، وهي بإيجاز:
* هذا العصر مليء بالأحداث المثيرة والعجيبة في الميادين المختلفة.
* هو عصر الاضطرابات السياسية والفكرية والدينية.
* ال[[مغول]] يطرقون الحدود الشرقية، لضعف ملوك وسلاطين المسلمين بسبب تناحرهم فيما بينهم.
* [[حملات صليبية|الحروب الصليبية]] تهدد البلاد الإسلامية غربا وكانت المراكز الحضارية مسرحا لها.
* ملوك المسلمين يستعينون بالأجانب - أي هؤلاء الأعداء من كل جنس ولون - في الحروب التي تقع بينهم.
* [[بنية اجتماعية|البناء الاجتماعي]] هش وضعيف.
* الفرق الكلامية والمذاهب الفقهية يشتد الصراع بينها جميعا.
* الفكر يزدهر ويتنوع بظهور العلماء الأعلام كالرازي و[[ابن الجوزي]].

== نسبه ==
{{خريطة مواقع| Iran
| AlternativeMap = Iran location map.svg
| width   = 200
| float   = left
| caption = موقع [[الري (إيران)|مدينة الري]] في [[إيران]] حيث ولد الرازي
| alt     = Ray is located in Iran
| label   = الري
| lat_deg = 35.35
| lon_deg = 51.26
}}

هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن عبد الرحمن بن أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن [[عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر|عبد الرحمن]] بن [[القاسم بن محمد بن أبي بكر|القاسم]] بن [[محمد بن أبي بكر|محمد]] ابن [[أبو بكر الصديق|أبي بكر الصديق]] التيمي القرشي البكري،<ref>مدة التحقيق في بشائر بيت آل الصديق لأبي المكارم الصديقي</ref><ref>جواهر الاثار، عبد العزيز بن محمد الجوهري، اسطنبول، 1798</ref><ref name="طبقات الشافعية 1">طبقات الشافعية الكبرى الجزء 8 صـــ81</ref> الملقب بفخر الدين ويقال له ابن خطيب الري لأن والده الإمام ضياء الدين عمر كان خطيب مسجد الري كما لقب في هراة بشيخ الإسلام، <ref>عيون الانباء صـــ465</ref><ref name="مولد تلقائيا2">تاريخ الإسلام الجزء 43 صــ214</ref> يكنى بأبي عبد الله وأبي المعالي وأبي الفضل، <ref>البداية والنهاية الجزء 17 صــ11</ref><ref>الكامل في التاريخ الجزء 10 صــ606</ref> الرازي نسبة إلي [[الري (إيران)|مدينة الري]]، الطبرستاني الأصل نسبة إلي [[طبرستان]] حيث كانت أسرته فيها ثم رحلت إلى الري، <ref>طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة الجزء 2 صــ81</ref> القرشي التيمي البكري نسبة إلي [[أبو بكر الصديق|ابي بكر الصديق]] الشافعي مذهباً والاشعري عقيدة.<ref name="طبقات الشافعية 1"/><ref>أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم صــ250</ref>

== نشأته وتعليمه ==
{{Location map many | Iran
| width = 200
| float = left
| label = [[سمنان (توضيح)|سمنان]] 
  | pos = right
  | bg = lightgreen 
  | marksize = 8
  | lat_deg = 35.34
  | lon_deg = 53.23
| label2 = [[مراغة (إيران)|مراغة]]
  | pos2 = bottom
  | bg2 = yellow
  | mark2size = 8
  | lat2_deg = 37.23
  | lon2_deg = 46.14
  | caption = رحلات الرازي في طلب العلم
}}

ولد الرازي في عام [[544 هـ]] الموافق [[1149]]م بمدينة [[ري (توضيح)|الري]] وقيل بأنّه وُلد عام عام [[543 هـ|543هـ]]، <ref>تاريخ الإسلام الجزء 43 صــ213</ref><ref>دائرة المعارف الأمريكية (V.X (P.725</ref><ref>لسان الميزان الجزء 6 صــ318</ref> ونشأ في بيت علم، إذ كان والده الإمام ضياء الدين عمر بن الحسن فقيها أصوليا متكلما صوفيا، وكان خطيب الري وعالمها وله تصانيف كثيرة في الأصول والوعظ وغيرهما من أهمها غاية المرام في علم الكلام، حيث اعتبره [[تاج الدين السبكي|إبن السبكي]] من أنفس كتب أهم السنة وأشدها تحقيقاً.<ref>عيون الانباء الجزء الثاني صــ25</ref><ref>طبقات الشافعية الكبرى الجزء 7 صـــ242</ref> <br />
وعلى يدي والده ابتدأ فخر الدين طلبه للعلم في صباه، فتعلم العلوم الأولية فأغناه عن طلب العلم على يد سواه حتى وفاته عام [[559 هـ|559هــ]]،<ref>هدية العارفين الجزء الأول صــ781</ref> وقد كان الرازي شديد الإعجاب بوالده فيذكر اسمه بإجلال واحترام ويدعوه «بالإمام السعيد»، ويجعله شيخه وأستاذه ويذكر السلسلة العلمية التي تلقاها عنه بكل اعتزاز، <ref>لوامع البينات صــ240</ref><ref>مناقب الشافعي صــ11</ref><ref>التفسير الكبير الجزء الإول صــ17</ref> يقول [[ابن خلكان]] متحدثاً عن السلسلة العلمية للرازي:

{{اقتباس مضمن|...وذكر فخر الدين في كتابه الذي سماه تحصيل الحق أنه اشتغل في علم الأصول على والده ضياء الدين عمر، ووالده على [[أبو القاسم الأنصاري|أبي القاسم سليمان بن ناصر الأنصاري]]، وهو على [[أبو المعالي الجويني|إمام الحرمين أبي المعالي]]، وهو على [[أبو إسحاق الإسفراييني|الأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني]]، وهو على الشيخ أبي الحسين الباهلي، وهو على [[أبو الحسن الأشعري|شيخ السنة أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري]]، وهو على [[أبو علي الجبائي|أبي علي الجبائي]] أولا ثم رجع عن مذهبه ونصر مذهب أهل السنة والجماعة.
وأما اشتغاله في المذهب -يعني الفقه- فإنه اشتغل على والده، ووالده على [[البغوي|أبي محمد الحسين ابن مسعود الفراءالبغوي]]، وهو على [[حسين بن حريث|القاضي حسين المروزي]]، وهو على [[القفال المروزي]]، وهو على [[أبو زيد المروزي|أبي زيد المروزي]]، وهو على [[أبو إسحاق المروزي|أبي إسحاق المروزي]]، وهو على [[ابن سريج|أبي العباس بن سريج]]، وهو على [[أبو القاسم الأنماطي|أبي القاسم الأنماطي]]، وهو على [[إسماعيل بن يحيى المزني|أبي إبراهيم المزني]]، وهو على [[محمد بن إدريس الشافعي|الإمام الشافعي]] رضي الله عنه <ref name="مولد تلقائيا1">وفيات الأعيان الجزء 4 صــ252</ref> }}

وبعد أن توفي والده، رحل الرازي إلى [[سمنان (توضيح)|سمنان]] ليشتغل على كمال الدين أحمد بن زيد (الكمال السمناني) واشتغل عليه مدة ثم عاد إلى الري واشتغل على المجد الجيلي ولما طلب المجد مراغة للتدريس بها صحبه الرازي وقرأ عليه مدة طويلة الكلام والفلسفة.<ref name="مولد تلقائيا2" /><ref>طبقات الشافعية لـ ابن السبكي الجزء 8 صــ86</ref>

وهكذا وجد الرازي نفسه منذ نعومة أظافره في بيت علم، وبين يدي عالم من أعلام العلماء قضى الفترة الأولى من حياته ينهل من معين علومه، ولذلك شغف بالعلم وأكب على الدرس والتحصيل، وحرص على أن لا يضيع من حياته وقتاً إلا في تعلم أو تعليم حتى أنه ليتمنى لو اسْتَطاعَ أن يستغني عن كثير من الحاجات الطبيعية ليجعل وقته المصروف فيها في طلب العلم فيقول {{اقتباس مضمن|والله إنني أتأسف في الفوات عن الاشتغال بالعلم في وقت الأكل فإن الوقت والزمان عزيز <ref>عيون الانباء الجزء 2 صــ23</ref>  }}، ونتيجة لحبه للعلم واستعداده له مع ذكاءه وذاكرته القوية اسْتَطاعَ في فترة وجيزة اسْتيعَاب الكثير من كتب المتقدمين كالشامل في علم الكلام [[أبو المعالي الجويني|لإمام الحرمين]] [[المستصفى من علم الأصول|والمستصفي]] [[أبو حامد الغزالي|للغزالي]] والمعتمد [[أبو الحسين البصري|لأبي الحسين البصري]] وأمثالها ولذلك قال {{اقتباس مضمن|ما أذن لي في تدريس [[علم الكلام]] حتى حفظت اثني عشر ألف ورقة <ref>اليواقيت والجواهر صــ17</ref> }}

== علومه ==
كان الرازي يرى أن تعلم العلوم جميعا فرض من الفرائض الشرعية ولذلك أحب العلوم كلها وأقبل عليها بدون تفريق إلا ما يكون من فرق بين الفاضل والمفضول، <ref>طبقات الشافعية لـ ابن السبكي الجزء 4 صــ91</ref> والعلوم كلها في نظره لا تخرج عن كونها واجباً أو مما لا يتم الواجب إلا به أو مما لابد منه لتحقيق مصلحة من المصالح الدنيوية أو مما لا بد من تعلمه لمعرفة أضراره وأخطاره والدعوة إلى اجتنابها.<ref>لإمام الرازي ومصنفاته صــ84</ref>

=== التفسير ===
{{مفصلة|تفسير الرازي}}
نال الرازي كمفسر شهرة واسعة وحظي [[تفسير الرازي|تفسيره الكبير "مفاتيح الغيب"]] منذ تأليفه له حتى اليوم باهتمام بالغ، وتناوله الكثيرون بالدرس والتعليق والنقد حتى جاء وقت لم يكن يطالع فيه أكثر المتعلمين سواه، وقد جمع الرازي في تفسيره كل غريب وغريبة، فهو كان يرى أن القرآن الكريم أصل العلوم كلها فيقول {{اقتباس مضمن|أن القرآن أصل العلوم كلها فعلم الكلام كله في القرآن، وعلم الفقه كله مأخوذ من القرآن، وكذا علم أصول الفقه. وعلم النحو واللغة، وعلم الزهد في الدنيا وأخبار الآخرة، واستعمال مكارم الأخلاق، ومن تأمل كتابنا في دلائل الإعجاز علم أن القرآن قد بلغ في جميع وجوه الفصاحة إلى النهاية القصوى <ref>تفسير الرازي الجزء 2 صــ127</ref>}} كما يرى أَيْضًا في إيراد مباحث العلوم المختلفة وغيره في التفسير ما يثبت الإيمان في القلب فيقول {{اقتباس مضمن|وربما جاء بعض الجهال والحمقى وقال إنك أكثرت في تفسير كتاب الله من عليم الهيئة والنجوم، وذلك على خلاف المعتاد! فيقال لهذا المسكين: إنك لو تأملت في كتاب الله حق التأمل لعرفت فساد ما ذكرته وتقريره من وجوه....<ref>تفسير الرازي الجزء 1 صــ11</ref>}}

وتسيطر عليه هذه الأفكار في تفسيره كله، ولذلك نراه يذكر الآية ثم يبين مناسبتها لما قبلها وما بعدها ويستطرد بعد ذلك في بيان ما يمكن أن تدل عليه، أو يدل عليها من المسائل الرياضية والطبيعية والفلكية مسانداً أو معارضاً مذاهب علماء تلك العلوم باستدلال عقلي قائم على الآية الكريمة، <ref>الإمام الرازي ومصنفاته صــ86</ref> ثم يعالج المسائل الكلامية، أو الأصولية، أو الفقهية المتعلقة بالآية مرجحاً في الكلام مذهب أصحابه [[الأشاعرة (توضيح)|الأشاعرة]] غالباً وفي الأصول والفقه [[شافعية|مذهب الشافعي]] إلا ما ندر.<ref>الإمام الرازي ومصنفاته صــ87</ref>

ولا ينسى وهو يتناول كل هذه الأمور المسائل اللغوية فيعطيها من بحثه قسطاً كبيراً، فيغوص وراء دقائق نحوية وبلاغية وغيرها قل ما تنبه إليها سواه وإذا ما أحس أنه ابتعد من جو الآية التي يفسرها فإنه سرعان ما يستدرك عائداً لربط ما استنبطه وما أورده من مسائل بالآية الكريمة، وهو لا يتوقف عن الاستنباط والاستطراد ما دام يستطيع إيجاد صلة ولو كانت يسيرة ما بين المستنبط أو المستطرد إليه واللفظ القرآني.<ref>التفسير والمفسرون الجزء 1 صــ210</ref>

والرازي يعارض حشو التفسير بالقصص والأخبار التي ينقلها بعض المفسرين عن أصحاب السير والتاريخ عند ذكر [[الأنبياء والرسل في الأديان الإبراهيمية|الأنبياء]] أو الملوك أو الأمم السابقة إلا إذا وردت عن طريق [[القرآن]] أو [[الحديث النبوي|السنة الثابتة]]، <ref>وذلك في مواضع كثيرة من تفسيره، راجع على سبيل المثال تفسير الرازي لسورة يوسف آية 20، وسورة هود الآيات 38 إلى 39، وسورة البقرة الآيات من 67 إلى 73</ref> ولذلك نراه كثيراً ما يورد [[الحديث النبوي|الأحاديث النبوية]] المفسرة للآية أو ذات العلاقة بها وكذلك أقول [[الصحابة]] أو [[التابعون|التابعين]] قبل أن يبدأ هو في استطراداته.

ويرى الرازي كذلك أن على المفسر أن لا يكتفي بإيراد الأقوال الواردة في الآية وردها إلى أصحابها فحسب مع قطع النظر عن كونها متعارضة أو متوافقة، بل عليه أن يرجح ويختار ويبين ما هو الخطأ أو الصواب بالدليل الذي يمكنه الاستدلال به من [[الشريعة الإسلامية|الشريعة]] أو [[اللغة العربية|اللغة]].<ref>تفسير الرازي الجزء 2 صــ25</ref>

وجماع القول أن الرازي المفسر ربط على وجه التقريب كل علومه [[القرآن|بالقرآن الكريم]]، وحاول في تفسيره أن يعيدها إليه. وتفسيره أشبه ما يكون بموسوعة جامعة في سائر العلوم حوت كل غريب وغريبة كما قال [[ابن خلكان]].<ref>الإمام الرازي ومصنفاته صــ88</ref><ref>وفيات الأعيان الجزء 4 صــ249</ref>

=== علم الكلام ===
إن شهرة الرازي [[علم الكلام|بعلم الكلام]] لا تقل عن شهرته في التفسير، فهو سلطان المتكلمين الذي الذي فاق أهل زمانه في [[علم الكلام]] والمعقولات،<ref>وفيات الأعيان الجزء الرابع صــ249</ref> كما يعتبره البعض رائداً لطريقة المتكلمين المتأخرين عن طريقتهم في إدخال [[فلسفة|الفلسفة]] ومباحثها في [[علم الكلام]] يقول [[ابن خلدون]] في [[العبر وديوان المبتدأ والخبر|تاريخه]] {{اقتباس مضمن|ثمّ خلط المتأخّرون من المتكلّمين مسائل علم الكلام بمسائل الفلسفة لاشتراكهما في المباحث، وتشابه موضوع [[علم الكلام]] بموضوع الإلهيّات ومسائله بمسائلها فصارت كأنّها فنّ واحد ثمّ غيّروا ترتيب الحكماء في مسائل الطّبيعيّات والإلهيّات وخلطوهما فنّا واحدا قدّموا الكلام في الأمور العامّة ثمّ أتبعوه بالجسمانيّات وتوابعها ثمّ بالرّوحانيّات وتوابعها إلى آخر العلم كما فعله الإمام ابن الخطيب في المباحث المشرقيّة وجميع من بعده من علماء الكلام.<ref>تاريخ ابن خلدون الجزء 1 صــ654</ref> }}

ولم يقصر الفخر نشاطه في هذا العلم على التأليف والتدريس، بل سافر إلى البلدان التي توجد فيها فرق مخالفة لمنهج [[أشعرية|أهل السنة الأشاعرة]] [[المعتزلة|كالمعتزلة]] و[[الكرامية]] وغيرهم وعقد مع علمائهم مناظرات كثيرة في [[خوارزم]] [[بخارى|وبخارى]] [[سمرقند|وسمرقند]] [[خجندة|وخجند]] وبناكت [[غزنة|وغزنة]] [[شبه القارة الهندية|وبلاد الهند]]، وقد كان يفلح فيها بإعادة الكثيرين من أصحاب تلك المذاهب إلى مذهب [[الأشاعرة (توضيح)|أهل السنة الأشاعرة]]،<ref>وفيات الأعيان الجزء 4 صــ250</ref> وقد كتب ذلك في كتاب «المناظرات» لتكون بمثابة سجل وتاريخ لنشاطه العلمي ورحلاته فهي مذكراته الشخصية عن هذه الفترة من حياته.<ref>المناظرات صــ7</ref>

=== الفقه وأصوله ===
الرازي أصولي وفقيه شافعي، وأصحابه الشافعية يعرفون له قدره وطول باعه في الأصول خاصة ويضعونه في مقدمة أهل التحقيق من الأصوليين وخصوه بالقب الإمام فإذا أطلق لقب الإمام في كتبهم فالمراد به الرازي،<ref>انظر -على سبيل المثال- شرح الإسنوي على المنهاج الجزء 1 صــ7، 18، 56، 57، 58</ref> ولقد استوعب وهو ما يزال في مقتبل العمر أهم الكتب الأصولية لسابقيه فدرس «البرهان» [[أبو المعالي الجويني|لإمام الحرمين]] و «العهد» [[القاضي عبد الجبار|للقاضي عبد الجبار]] وحفظ [[المستصفى من علم الأصول|"المستصفى"]] [[أبو حامد الغزالي|للغزالي]] و«المعتمد» [[أبو الحسين البصري|لأبي الحسين البصري]]، ولذلك استطاع أن يؤلف في الأصول، هذا ولم يسر وراءهم سير مقلد يجمع ما قالوه ثم يلخصه ويقرره كما قد يتصور البعض ولكنه نظر في كل ذلك نظرة الفاحص المدقق لذلك نجد له مؤاخذات على سابقيه وخاصة [[أبو حامد الغزالي|الغزالي]] [[أبو الحسين البصري|وأبي الحسين البصري]] وملاحظات تدل على تبحره في هذا العلم.<ref>المناظرات صـ43-48</ref>

أما الفقه فقد ذكر المؤرخون أن الرازي قد ألف شرحاً «لوجيز» [[أبو حامد الغزالي|الغزالي]] ولكن لم يتمه، كما بث في كتبه المختلفة وخاصة التفسير الكثير من الآراء الفقهية التي تدل على طول باعه في هذا الباب، كما ألف في الفقه كتاب «البراهين البهائية» بالفارسية وذكر فيه سبعين ومائة مسألة فيها آراء الشافعية والحنفية مرجحاً في كل تلك المسائل رأي إمامه الشافعي والترجيح -في الفقه- من أعلى مراتب الفقهاء.<ref>طبقات المفسرين للسيوطي الجزء 1 صــ115</ref><ref>مقدمة الكوثري على الغرة المنيفة صــ7</ref><ref>االإمام الرازي ومصنفاته صأ85</ref>

=== علوم اللغة ===
الفخر ممن جمعوا بين أدب القول وأدب الكتابة فهو خطيب الري وواعظها وصاحب التصانيف التي أوتي فيها من التوفيق ما لم يؤته عالم وله في هذين الفنين من فنون القول اليد الطولي يقصد مجالس وعظه وخطابته السلاطين والأدباء والفقهاء، ولاشك أن تمكنه في هذين الفنين دليل على تبحره في علوم العربية وإحاطته بدقائقها.<ref>الإمام الرازي ومصنفاته صــ91</ref>

والرازي يرى أن تعلم [[علوم اللغة العربية|علوم العربية]] واجب شرعي، لا يختلف عن وجوب تعلم [[القرآن]] [[الحديث النبوي|والسنة]] بل هو يرى أن تعلم [[اللغة العربية|العربية]] مقدم على تعلمهما من حيث كونها وعاء [[القرآن|للكتاب]] [[الحديث النبوي|والسنة]] لا يمكن فهمهما قبل الإلمام [[اللغة العربية|بالعربية]]،<ref>المحصول (1/18 أ) مخطوطة دار الكتب (130) أصول</ref> كما يبدي الرازي استغرابه وعجبه من [[أصول (توضيح)|الأصوليين]] كيف لم يعنوا بضبط اللغة وإخضاع رجالها وطرق نقلها إلى نفس القواعد التي أخضعت لها السنة، فيقول {{اقتباس مضمن|والعجب من الأصوليين: أنهم أقاموا الدلالة على خبر الواحد أنه حجة في الشرع ولم يقيموا الدلالة على ذلك في اللغة وكان هذا أولى}}، وقد قدم لتفسيره ببحث قيم في [[اللغة العربية|اللغة]] تناول فيه الدقائق، كما كتب في المحصول بحثاً في الأحكام الكلية للغات، وله مؤلفات خاصة بفروع لغوية تدل على إلمامه التام بعلوم اللغة.<ref>المحصول الجزء 1 صــ212</ref>

أما البلاغة فقد اعتبره بعض الكاتبين أول من قعد [[بلاغة|علوم البلاغة]]، وأنه هو الذي أوصل ما بين البلاغة الأدبية والبلاغة ذات القواعد والقوانين، وكتابه «نهاية الإيجار في دراية الإعجاز» يعتبر من المراجع البلاغية المهمة.<ref>البلاغة عند السكاكي لأحمد مطلوب صــ243</ref><ref>فخر الدين الرازي للعماري صـ57</ref>

أما [[علم النحو|النحو]] فله مؤاخذات جيدة على النحاة منها عدم تجويز جمهورهم دخول رب على المستقبل ويرى هو تجويز ذلك لوروده في قوله تعالى {{قرآن|15|2}} وينعى على من جوز ذلك استدلالاً بقول الشاعر «ربما تكره النفوس من الأمر» وليس لوروده في القرآن الكريم فيقول {{اقتباس مضمن|ولو أنهم وجدوا بيتا مشتملا على هذا الاستعمال لقالوا إنه جائز صحيح وكلام الله أقوى وأجل وأشرف، فلم لم يتمسكوا بوروده في هذه الآية على جوازه وصحته <ref>تفسير الرازي الجزء 19 صــ157</ref> }}، وقد بث هذه المؤاخذات في كتبه وفي مقدماتها «[[تفسير الرازي|التفسير]]» و «المحصول» كما أحال على كتاب له في دقائق [[علم النحو|النحو]] سماه «المحرر» وهو من كتبه المفقودة.<ref>الإمام الرازي ومصنفاته صــ92</ref>

=== الطب والفراسة ===
كان الفخر طبيباً من أحذق أطباء زمان وأشهرهم،<ref>عيون الأنباء الجزء 2 صــ23</ref> قوي النظر في هذه الصناعة ومباحثها، شرح وهو في مقتبل العمر «[[القانون في الطب|قانون ابن سينا]]» وحظيت مؤلفاته في [[تشريح|التشريح]] باهتمام أهل هذه الصناعة، قال [[طاشكبري زاده|طاش كبرى زاده]] {{اقتباس مضمن|وكتب التشريح أكثر من أن تحصى ولا أنفع من تصنيف [[ابن سينا]]، والإمام الرازي <ref>مفتاح السعادة الجزء صــ323</ref>}}، كما تتلمذ على يديه تلاميذ اشتهروا بالمهارة في الطب مثل قطب الدين المصري.<ref>عيون الأنباء الجزء 2 صــ30</ref>

والرازي يجعل الطب والفراسة فرعاً للعلم الطبيعي، فيقول {{اقتباس مضمن|أن من أصول هذا العلم -يعني الفراسة- مستندة إلى العلم الطبيعي وتفاريعه مقررة بالتجارب وكان مثل الطب سواء بسواء <ref>الفراسة للرازي صــ6</ref>}}، فهو يجعل الفراسة [[طب نفسي|طباً نفسانياً]] بالمفهوم الحديث، ويرى أنه كما تعالج أمراض الجسد بالأدوية والعقاقير فإن الفراسة علم تعالج به أمراض النفس ويضع لـ أطباء النفس شروطاً يرى أنه لابد منها لمن يريد المهارة في هذا المجال كالعناية بجميع الظواهر النفسية لدى المريض وقوة الملاحظة والمواظبة على العمل وإجراء التجارب الكثيرة.<ref>الفراسة صــ27، 28</ref>

وقد كان علم الفراسة قبل الفخر علماً ملتصقاً [[دجل|بالدجل]] يصعب فصله عنه حتى جاء وميزه وأخرجه من هذه الدائرة ليدخله في دائرة العلوم كفرع من الطب واعتبره علماً يقيني الأصول ظني الفروع،<ref>الفراسة صــ7</ref> وقد ألَّف كتابه «الفراسة» بناءً على رسالة صغيرة [[أرسطو|لـ أرسطو]] لم يقف عند ما جاء فيها بل وسعها وزارد عليها مما جعل البعض يعتبرونه المعلم الأول في هذا الباب.<ref>إرشاد القاصد صـ167</ref><ref>مفتاح السعادة الجزء 1 صــ310</ref>

=== الفلسفة ===
لقد اشتغل الرازي بالفلسفة، تعلماً وتعليماً وتأليفاً: أما التعلم فإن اهتمامه بالفلسفة كان كبيرا، لهذا فإنه لما طلب شيخه [[مجد الدين الجيلي]] إلى المراغة سافر معه حرصا على استكمال تعلم العلوم الحكمية، وبالفعل فلقد قرأ عليه الحكمة لمدة طويلة. وأما التعليم فإنه كان يباحث في مجالسه في المسائل الفلسفية وباصطلاحاتها. وأما التأليف فقد شرح كتبا فلسفية لابن سينا ك[[الإشارات والتنبيهات]]، وعيون الحكمة. وله مبتكرات كالمحصل والمباحث المشرقية والمطالب العالية والملخص في المنطق والحكمة وغيرها. وهذا المؤلفات تدل على اهتمامه بالعلوم الحكمية ومدى عنايته بها.

لم يكن الرازي مجرد شارح [[فيلسوف|للفلاسفة]] ال[[يونانيون|يونانيين]]، ولا مكررا لما قالوه بألفاظ عربية، بل كان شديد ال[[نقد]] لهم، وهو ما كان ليستطيع الرد عليهم لو لم يدرس فلسفتهم جيدا، حتى تكونت لديه [[ثقافة]] فلسفية عالية، وعقلانية جبارة فذة. لقد اعتبره البعض من المفكرين الأوائل الذين أسسوا حركة فلسفية معتبرة في الفكر الإسلامي، إذ تصرف في الأفكار اليونانية ووظف تلك الأفكار في بحوثه ال[[صوفية]] بعد تطويرها، وكان يهاجم في الوقت نفسه مختلف [[أرسطية|النظريات الأرسطية]] بعنف. 117 وفي ذلك يقول [[شمس الدين الذهبي|الذهبي]] (ت [[748 هـ]]): {{اقتباس مضمن|وقد خالف الفلاسفة الذين أخذ عنهم هذا الفن.}}<ref>الذهبي، تاريخ الإسلام، طبقة 61، ص: 207.</ref> وأما [[الصفدي (توضيح)|الصفدي]] (ت [[764 هـ]]) فقد رد على من حاول التشكيك في فكر الرازي وعقيدته بسبب إيراده لشبه الفلاسفة في كتبه، لأنه زلزل قواعدهم ولأنه كلما ذكر لهم شبهة إلا وأردفها بنقد شديد، إما ليهدمها ويمحقها، وإما ليزلزل أركانها، كمسألة وجود [[الله]] تعالى أنه عين ذاته، وقد رد عليهم بأن الإنسان يعلم قطعا أنه تعالى موجود ولكنه لا يعلم ما هي ذاته، فلو كان وجوده عين ذاته لاستحال وقوع الشك في ذاته، ولاستحال القطع في وجوده لأن الشيء لا يكون معلوما ومجهولا في نفس الوقت.<ref>[[الصفدي (توضيح)|الصفدي]]، الوافي بالوفيات، ج4، ص: 252.</ref>

فهذا المثال يوضح أن الرازي من العلماء الذين قاوموا [[فلسفة يونانية|الفلسفة اليونانية]] من أجل حماية [[عقيدة إسلامية|العقيدة الإسلامية]] من التشكيك والتشويه،<ref>[[محمد إقبال]]، تطور الفكر الفلسفي في إيران، تر: حسن محمود الشافعي، ومحمد العيد جمال الدين، ط1، الدار الفنية، القاهرة 1989، ص: 96.</ref> مما جعله علما شامخا، لذلك لقي معارضة عنيفة من أنصار الفلسفة اليونانية ك[[الطوسي (توضيح)|الطوسي]] (ت [[672 هـ]]) بسبب حملته على الفلاسفة وبسبب بعض أفكاره التي يعارضهم بها جملة وتفصيلا، كمبدأ الضرورة وتفسيره لل[[القرآن|قرآن]] بطريقة علمية غير معهودة.<ref>[[محمد إقبال]]، ما وراء الطبيعة في إيران، تر: حسين مجيب المصري، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1987، ص: 105.</ref> والطوسي قد أشار في شرح المحصل إلى مخالفة الرازي لما هو مشهور عند الفلاسفة، زيادة على ما هم فيه يختلفون كاختلافه معهم في اصطلاح الرسم التام والناقص،<ref>الطوسي، شرح المحصل، ص: 19.</ref> وفي مسألة التصديق فإن مذهبه يقوم على أنه عبارة عن مجموع التصورات مع الحكم.<ref>الطوسي، شرح المحصل، ص: 54.</ref>

ويقول [[ابن خلدون]] (ت [[808 هـ]]) في هذا الشأن: {{اقتباس مضمن|ومن أراد الرد على الفلاسفة في عقائده فعليه بكتب [[أبو حامد الغزالي|الغزالي]] والإمام ابن الخطيب.}}<ref>[[ابن خلدون]]، المقدمة، ص: 370.</ref> وأما [[صدر الدين الشيرازي]] ([[1059 هـ]]) فقد أولى اهتماما كبيرا للمسائل التي رد فيها الرازي على الفلاسفة، كقولهم أن للطبائع العالية والسافلة غايات طبيعية ونهايات ذاتية، وهو قول يعارضهم فيه بالوجود الذهني لأن الآثار المخصوصة المطلوبة لا تحصل بفعل من الغاية، ولأن الدوافع الوهمية قد تكون سببا للتحريكات والتأثيرات الخارجية.<ref>صدر الدين الشيرازي، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، ج1 من السفر الأول، ص: 275-276.</ref> واعترض عليهم أَيْضًا في مسألة صدور الكثرة عن الواحد من حيث هو واحد، لأنه يستحيل أن يصدر أثران عن الواحد وهو ما لا يراه هو، لأنه لم يمنع أن يصدر أثران الواحد،<ref>صدر الدين الشيرازي، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، ج2 من السفر الأول، ص: 177.</ref> واعترض عليهم أَيْضًا في قولهم بأن كل متحرك له محرك.<ref>صدر الدين الشيرازي، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، ج3 من السفر الأول، ص: 42.</ref> هذا ويتعجب الشيرازي من إيراد الرازي للتشكيك في مسألة خروج الشيء من القوة إلى الفعل على التدريج لأن الحكماء متفقون على ذلك،<ref>صدر الدين الشيرازي، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، ج3 من السفر الأول، ص: 26-27.</ref> ولأن العبرة بالاتفاق ليس حجة لأن الجماعات البشرية قد تتفق على أرذل الأشياء، ونظرا إلى ذلك فالتشكيك فيه قد يكون في محله طالما أن قولهم يحتمل الإشارة إلى عدم وجود الفاعل الحقيقي أو الانتقاص منه باعتبار أن الأشياء لما تخرج على التدريج تعني ذلك.

وأما اتهامه للرازي بالمباهاة عندما يشعر بأنه قد زلزل قوانين ال[[فلسفة]] وهدم أصولها،<ref>صدر الدين الشيرازي، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، ج1 من السفر الرابع، ص: 64.</ref> فلا عيب في ذلك ما دام هذا الشعور كان شعورا بشريا ينتاب كل منتصر، ولا يصح أن نقبله عند من نرضى به ونرفضه عند من نخاصمه، خاصة في الأمور الطبيعية. والذي يراه [[ابن تيمية]] (ت [[728 هـ]]) أن ما ألزم به الرازي الفلاسفة لا محيد عنه.<ref>[[ابن تيمية]]، [[درء تعارض العقل والنقل (كتاب)|موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول]]، ص: 218.</ref> لكنه تراجع في موضح آخر، حيث صنفه ضمن مجموعة [[عالم (إسلام)|العلماء المسلمين]] الذين ردوا على الفلاسفة بردود ضعيفة، ولم يصنفه ضمن مجموعة العلماء التي تضم عددا كبيرا من الأسماء، حيث اعتبر ردودهم أصح من ردود مجموعة الرازي. وقد أكد على تفضيله لهم لأن مناظرتهم للمتفلسفة خير من مناظرة أولئك.<ref>[[ابن تيمية]]، [[مجموع الفتاوى (كتاب)|مجموع الفتاوى]]، مج5، ص: 294-295.</ref> كما صنف ضمن مجموعة الرازي بعض [[أشعرية|الأشاعرة]] الآخرين ك[[أبو الفتح الشهرستاني|الشهرستاني]] (ت [[548 هـ]]) و[[الآمدي (توضيح)|الآمدي]] (ت [[631 هـ]]). وهذا فيه إجحاف في حقهما لأنهما ساهما كثيرا في الرد على الفلاسفة، وفي الحقيقة أن ردود هؤلاء الثلاثة لا تقل أهمية عن ردود الأعلام المذكورين في المجموعة الثانية، ويشهد على ذلك ما تركوه من آثار في هذا الموضوع. والواقع أن [[ابن تيمية]] نفسه قد ملأ كتبه بردود الرازي بدل ردود من فضلهم عليه، وهذا ما يدعو إلى التعجب من مواقفه المتناقضة.

هذا وليس من الحكمة المفاضلة بين هؤلاء العلماء جميعا لأن كل واحد منهم يرد بحسب عصره ومقدار فهمه ومنطلقات مذهبه، كما أننا لا نستطيع تفضيل ردود المتقدمين على ردود المتأخرين، طالما أن المتأخرين على دراية بردود المتقدمين، ونظرا إلى هذا فمن الممكن أن يكون المتأخرون أفضل من المتقدمين لتراكم الخبرة واتضاح المسائل، وإلا فهم مثلهم على الأقل.

==== ردوده على الفلاسفة اليونانيين ====
لقد كان الرازي يرد على [[فلسفة يونانية|الفلاسفة اليونانيين]] إما بصفة عامة بما يتفقون فيه بصفتهم فلاسفة يمثلون نزعة فلسفية، وإما بصفة خاصة أي يرد على فيلسوف ما بحسب آرائه الخاصة. لذلك تنقسم هذه المسألة إلى قسمين:
* '''القسم الأول:''' بالنسبة للردود العامة فإنه يخالف هؤلاء الفلاسفة في مسألة أفضلية [[ملاك|الملائكة]] على [[نبي|الأنبياء]] إذ يرى خلافا لهم أن الأنبياء أفضل من الملائكة.<ref>المحصل، ص: 221 ط.جامعة الإمام محمد بن السعود الإسلامية</ref> لأن أفضل العبادات أشقها وعبادة الأنبياء مليئة بالمشاق، بينما عبادة الملائكة خالية منها. ويرى أَيْضًا في مسألة [[نبي|النبوة]] خلافا لهم، أن إثباتها لا يستقيم مع القول بقدم العالم لأن هذا القول يقدح في [[ألوهية]] الإله، ومن فعل ذلك فلا سبيل له إلى الإقرار بالنبوة أصلا، ناهيك عن جعلها من فروع العلم الإلهي.<ref>المطالب العالية، ج4، ص: 33.</ref>

وإذا كان يعتقد البعض أنه يهاجم الفلاسفة بقوة، فهو لا يفعل ذلك إلا بعد أن يبين آراءهم ويشرح أدلتهم فيها، وقد يصنفها إلى أصناف قبل أن يرد عليها، مثلما فعل مع قولهم بقدم الأجسام لأنه لاحظ أنه لم يكن رأيهم على وجه واحد، بل هم فريقان:

'''الفريق الأول:''' هو الذي يرى أن الأجسام كانت في الأزل متحركة، وينقسم إلى طائفتين، واحدة تقول بقدم العالم بمادته وصورته وبأزلية الحركة وأبديتها، والطائفة الثانية تقول بأن العالم يتكون من أجزاء غير متحركة، ولذلك فإن حركاتها مضطربة من الأزل إلى [[أبد|الأبد]]. '''وأما الفريق الثاني:''' فهو يرى أن العالم قديم المادة ومحدث الصورة، بمعنى أن المادة المكونة للعالم أجزاء صغيرة، كانت ساكنة في الأزل ثم ركب الله تعالى منها العالم. وقد رد على الفريق الأول بامتناع الحركة الأزلية، وعلى الفريق الثاني بأنه اشتغل بإبطال هذا المذهب.<ref>المطالب العالية، ج4، ص: 281-282.</ref>

أما إثباتهم [[أبد|لأزلية العالم]]، فقد أثبتوا أولا أبدية العالم، أي أنه لو لم يكن أبديا لصح عليه العدم بعد أن كان موجودا، وبما أن ذلك محال فهو من هذه الجهة غير قابل للعدم، وذلك يوجب كونه أزليا.<ref>المطالب العالية، ج4، ص: 228.</ref> هذا ولما كان يقول بأن الأجسام محدثة فإنه يخالفهم في كونها أزلية سواء كانت ساكنة أو متحركة، فالقسمان عنده باطلان. وأما أن الجسم يمتنع أن يكون متحركا، فلأن ماهية الحركة هي الانتقال من حالة إلى حالة، وهذا يقتضي أن تكون مسبوقة بالغير، بينما الأزلية تقتضي عدم المسبوقية بالغير، وتنافي الجمع بين القولين. وأما امتناع كون الجسم ساكنا في الأزل، فلأن السكون لو كان أزليا لامتنع زواله، ولما ثبت أن الأجسام ليست ممتنعة الزوال، ومن أنها ليست ساكنة منذ الأزل، وأن السكون مثل الأجسام جائز الزوال باعتبار أن الأجسام تماثله وأن خروجها عن حيزها جائز.<ref>معالم أصول الدين، ص: 35-36.</ref>

وترجع محاولة الفلاسفة لإثبات [[أبد|أبدية العالم]] إلى قولهم بدوام جميع الموجودات بدوام [[البارئ (أسماء الله الحسنى)|الباري]] تعالى، وهو دوام يوجب نفي حصول التغير في العالم، وقد قالوا به لأنه فاتهم أن المشاهدة تثبت حصول التغير وتبطل قولهم.<ref>معالم أصول الدين، ص: 38.</ref> هكذا فالعالم ليس قديما عند الرازي. وقد رد أَيْضًا على شبهة الفلاسفة في قولهم بأن ذات [[الله]] تعالى إما أن تكون متقدمة على وجود العالم أو لا. فإذا كانت متقدمة فإن تقدمها إما أن يكون متناهيا أو غير متناه، فإن كان متناهيا فيلزم حدوث الباري تعالى وهو محال، وإن لم يكن متناهيا، فذلك دليل على أن زمان تقدمها قديم. وإن افترضنا عدم تقدمها، فيلزم إما حدوث الباري تعالى وهو محال، وإما إثبات قدم العالم وهو المطلوب عندهم.

وهكذا يكون الرازي رافضا للتقدم بالزمان لأن الزمان الماضي متقدم على الزمان المستقبل، ويرى أن هذا التقدم لا يكون بالزمان وإلا حصل الزمان في زمان آخر وهو محال، وبه يبطل قولهم أن ذات الباري تعالى متقدمة على العالم بالزمان.<ref>المسائل الخمسون، تح: أحمد حجازي السقا، ط2، دار الجبل بيروت، والمكتب الثقافي القاهرة 1990، ص: 22-23.</ref> ويقول: واعلم أن البحث المهم في هذا الموضع بيان أنه هل يعقل أن يكون للشيء الواحد خروج من القوة إلى الفعل على التدريج فإن هذا متفق عليه بين الحكماء ولي فيه شك.<ref>المباحث المشرقية، ج1، ص: 671.</ref> فخروج الشيء من القوة إلى الفعل باعتبار الزمان، وكذلك باعتبار الحركة والدفعة وعلاقتهما بالزمان غير ثابت لديه، وهذا الذي يفسر لنا مخالفته [[أرسطو|لأرسطو]] (ت [[322 ق م]])، خاصة في مفهوم الحركة وخروج الشيء من القوة إلى الفعل، كما يختلف معه في مسألة الزمان لأن التسليم بأن الأشياء تخرج من القوة إلى الفعل على التدريج قد يؤدي إلى القول بالتولد الذاتي للأشياء ونفي الفاعل المختار، وهو ما لا يقول به الرازي أصلا ويحاول دائما بيان بطلانه.<ref>المباحث المشرقية، ج1، ص: 697-698.</ref> ويرفض أن يقال الأجسام ثقيلة أو خفيفة لأن كل ما هو في موضعه الطبيعي لا يمكن الخروج عنه، وبما أن الأجسام في موضعها الطبيعي فلا نستطيع القول أنها ثقيلة أو خفيفة، ولا هي موجودة بالقوة أو بالفعل.<ref>المباحث المشرقية، ج2، ص: 86.</ref>

هذا ويرى أَيْضًا أن قول الفلاسفة بأن تأثير المؤثر إنما يكون في وجود الأثر لا في ماهيته، فهو باطل. لأن الوجود له ماهية عنده، وإلا امتنع أن يكون له تأثير في الماهية.<ref>الأربعين، ج1، ص: 102.</ref> ويرد عليهم أَيْضًا ما يخالف عندهم أصول العقيدة، كمبدأ الواحد لا يصدر عنه إلى الواحد، وبالفعل فهو يرد عليهم في هذا المبدأ لأن الكثرة تصدر عن العقل الفعال المدبر للعالم، ولأن الفلك الواحد فيه موجودات كثيرة كال[[هيولى (توضيح)|هيولى]] والصورة الجسمية والصورة النوعية، فعلمنا أن هذا المبدأ باطل لا شك فيه.<ref>المحصل، ص: 201 ط.جامعة الإمام محمد بن السعود الإسلامية</ref> وقد أورد عليهم إشكالات على هذا المبدأ في كتاب المباحث المشرقية وأطال في بسطها ثم انتهى إلى القول بأن جملة ما يلزم عنه لا يمكن التمسك به، لأنه عبارة عن [[خرافة|خرافات]] ومن أراد التأكد من ذلك والوصول إلى الحق فعليه أن يحكم عقله بين الكلامين. أي كلامه هو وكلام الفلاسفة.<ref>المباحث المشرقية، ج2، ص: 535.</ref> ويرد على قولهم بامتناع إعادة الأبدان لأن حججهم في هذه المسألة ضعيفة وهي مبنية على أصول واهية.<ref>المباحث المشرقية، ج2، ص: 450.</ref> ويرد عليهم أَيْضًا في مسألة إنكارهم لعلم [[الله]] تعالى بالجزئيات.<ref>المباحث المشرقية، ج2، ص: 498.</ref>
* '''القسم الثاني:''' وأما ردوده على كل فيلسوف على حدة، فمنهم [[طاليس]] الذي يقول عنه أنه جعل النفس جسما، وأرجعها إلى عنصر الماء، وديوجين الذي يتفق معه في كون النفس جسما، ولكنه يختلف معه في كونها ماء لأنها هواء. ومنهم [[أنباذوقليس]] الذي زعم أن الأجسام الأسطقسية تكونت بالاتفاق، وله في ذلك أربع حجج:
# منها أن ال[[طبيعة]] تفتقر إلى الروية ولذلك فهي لا تفعل لأجل غرض.
# ومنها إذا تأملنا نظام الذبول فأننا نجده لا يتوجه إلى تحقيق غرض معين، لأنه يحصل بسبب ضرورة المادة، والحق أن نظام الطبيعة يؤدي أشياء كثيرة دون قصد، كالزوائد والتشوهات والموت.
# ومنها لو افترضنا أن الطبيعة تفعل لغرض فإن غرضها إما أن يكون لغرض آخر وعندئذ يلزم التسلسل، وإما أن لا يكون لغرض آخر، فيكون فعلها لا لغرض أصلا.
# ومنها أن الطبيعة الواحدة تفعل أفعالا مختلفة، لذلك فهي لا تفعل لغرض.<ref>المباحث المشرقية، ج1، ص: 653-654.</ref>

ولقد أجابه الرازي بأن الاتفاق يمكن حصوله في الأمور الطبيعية بالقياس إلى أفرادها ثم بين بطلان تلك الحجج بإسهاب، بما يأتي:
* '''أولا:''' إن انعدام الروية في الطبيعة لا يجعل الفعل خاليا من الغاية لأن الروية نفسها قد لا تجعل الفعل ذا غاية، بل قد تؤدي إلى تمييز الفعل عن غيره وتعين على وقوعه، ومن هنا فإنه يمكن أن تتكون الغاية المخصوصة لكل فعل وأن يحصل الفعل دون روية كصور أفعال الملكات عن النفس وهي لا تحتاج إلى روية.
* '''ثانيا:''' والملاحظ على فساد الكائنات، أنه يحدث لعدم بلوغ كمالاتها أو لحصول زيادات خارجة عن مجراها الطبيعي، فال[[موت]] والذبول يحدثان بسبب قصور الطبيعة عن بلوغ الغاية المقصودة، ومع هذا فنظام الذبول يؤدي فعلا طبيعيا من أجل غاية معينة والموت مثله. وعلى الرغم من أن الغاية منه ليست نافعة بالنسبة للشخص فهي تحقق غاية بالنسبة للنظام الكلي.
* '''ثالثا:''' ولا يلزم أن تكون لكل غاية غاية، لأن الغاية الحقيقية مقصودة لذاتها، وأما سائر الأشياء فتقصدها.
* '''رابعا:''' والغاية الذاتية من بعد هذا واحدة، وأما اختلاف الأفعال فيرجع إلى اللوازم الخارجية لأن الوصول إلى تلك الغاية يكون بوسائط كثيرة ومختلفة، وهي الأفعال المختلفة مما يثبت أن الطبيعة تفعل لغرض.<ref>المباحث المشرقية، ج1، ص: 655.</ref>

ومنهم [[ديموقريطوس|ديمقريطس]] والذي يرى أن العالم تكوّن بالاتفاق لأن مبادئه الأساسية ما هي إلا عناصر أو أجرام صغيرة، وهي غير متناهية ودائمة الحركة فاتفق أن تصادمت واجتمعت على هيئة كان عنها هذا العالم، ولقد أجابه الرازي على هذا الزعم بأمور ثلاثة:
* '''الأول:''' إن الاتفاق غاية عرضية لأمر طبيعي أو إرادي أو قسري، وإذا كان القسر لا يستند إلى قسر آخر إلى ما لا نهاية، فلابد أن ينتهي إلى الإرادة أو الطبيعة، وبما أن الإرادة والطبيعة أقدم من الاتفاق فالسبب الأول للعالم هو الإرادة أو الطبيعة.
* '''الثاني:''' إذا كانت تلك الأجرام الصغيرة متشاكلة الطبائع فإن حركتها تكون إلى جهة واحدة ولا تقع بينها لذلك مصادمة، فإذا افترضنا أن التصادم حاصل كان لزاما على العالم أن لا يبقى لهذه المدة، لأن بقاءه على هذا الحال يدل على بطلان هذا الزعم.
* '''الثالث:''' لقد قال [[ديموقريطوس|ديمقريطس]] بعكس ما يجب أن يقوله لأنه جعل الأمر الدائم الذي يخضع لنظام واحد اتفاقيا، وجعل الأمور المتغيرة كأحوال ال[[نبات]] وال[[حيوان]] غايات معينة، بينما العكس أولى.<ref>المطالب العالية، ج5، ص: 371. والمباحث المشرقية، ج1، ص: 659-660.</ref>

ومنهم [[إقليدس]] ويتعلق رده عليه ببعض النظريات الرياضية، كاشتغاله في المقالة الخامسة بإقامة البرهان على إثبات أن نسبة المقدارين المتساويين إلى مقدار ثابت متساوية، إن هذا الاشتغال في نظر الرازي ليس في محله لأن العلم بصحة هذه المسألة علم ضروري.<ref>المطالب العالية، ج6، ص: 140.</ref>

ومنهم [[أفلاطون]] و[[أرسطو]] اللذان يتربعان على عرش الفلسفة اليونانية ويحتلان قمة هرمها، وقد رأينا أن الرازي يأخذ برأي أفلاطون في الزمان ليعارض به رأي أرسطو، وأنه في مسألة المكان يعارض أفلاطون وينتصر لأرسطو الذي لا يعتبر المكان بعدا قائما بنفسه، فالبعد المسمى بالفضاء في نظره هو إما أن يكون حالا في مادة أو لا يكون حالا في مادة، وبما أن القسمين باطلان، فالقول بأن المكان هو البعد باطل.<ref>المطالب العالية، ج5، ص: 135، 136.</ref>

وأما ردوده على [[أرسطو]] فكثيرة جدا، ويرجع السبب في ذلك إلى عوامل منها:
# إن مكانة أرسطو المرموقة بين الفلاسفة جعلت الرازي يعتقد أن الرد عليه ينسحب عليهم جميعا.
# ومنها أن الرازي رأى الفلاسفة بعد أرسطو يعتقدون في كتبه اعتقادات عظيمة، ومنهم ابن سينا فحاول ضرب الرأس المدبر وبذل جهودا مضنية في سبيل إبطال تلك الكتب.
# ومنها أنه لما كان إقبال الرازي على ال[[فلسفة]] من أجل معرفة ما في كتب الفلاسفة للرد عليهم فليس من أجل ذاتها، وقد صرح في مناسبات كثيرة أنه صرف شطرا من عمره في سبيل معرفة كتب الفلاسفة لذلك سعى للرد عليهم بمصنفات كثيرة، ككتاب نهاية العقول، وكتاب المباحث المشرقية، وكتاب الملخص، وكتاب شرح الإشارات [[ابن سينا|لابن سينا]]، وغيرها.<ref>اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص: 91-92.</ref>

وقد صرح في وصيته بأنه اختبر [[علم الكلام|المناهج الكلامية]] وغيرها ولم يحصل منها على طائل ولا جدوى، إلا في طريقة [[القرآن]].<ref>[[تاج الدين السبكي]]، [[طبقات الشافعية الكبرى]]، 8/90.</ref> وبما أن مسألة الرد على أرسطو جاءت في كتبه المطولة فإن حصرها وتناولها يطول به المقام، نذكر منها بعض الشواهد، وهي كالتالي:
* إن أرسطو لما كان يعارض [[نظرية المثل|المثل الأفلاطونية]] ويحاول إبطالها بدعوى أن المجرد إما أن يكون بعينه مشتركا بين هذه الأشخاص أو لا يكون، رد عليه الرازي بأن الأول محال والثاني كذلك، وهو في هذه المسألة يناصر أفلاطون لأنه لابد في كل طبيعة نوعية من شخص باق أزلي وأبدي، وأما قول أرسطو بأن أفراد الطبيعة الواحدة مشتركة في الاستغناء عن القابل أو الحاجة إليه فهو منقوض بالوجود بل بالأجناس والأنواع.<ref>الملخص في المنطق والحكمة، ص: 79.</ref>
* ومن مزاعم أرسطو أن الأمور المتخالفة بالنوع سواء كانت قريبة أو بعيدة لا تستقل بها قوة واحدة كالإدراك والتحريك وغيرها، ويلزم عن ذلك أن القوى بسائط والبسيط لا يصدر عنه بالذات إلا فعل واحد.

والذي يراه الرازي هو عدم التسليم بأن الواحد لا يصدر عنه أكثر من الواحد لأن القوة الواحدة يجوز أن تكون مبدأ للأفعال المتضادة بحسب الشرائط المختلفة كالطبيعة، ويعني هذا أنه يجوز أن تكون القوة الفاعلة للأفعال النباتية والحيوانية واحدة، طالما أن الفعل يتعدد بتعدد الآلات.<ref>الملخص في المنطق والحكمة، ص: 217.</ref>
* وهو يتفق معه أَيْضًا في مسألة خروج الشيء من القوة إلى الفعل، لأن الموجود يستحيل عليه أن يكون بالقوة من كل وجه، وإلا كان وجوده نفسه بالقوة فيصير ما بالقوة أيضا بالقوة، وعندئذ تكون القوة حاصلة وغير حاصلة في الآن نفسه وذلك محال. وإذا كانت حاصلة بالفعل فإن حصولها لذي قوة، ويكون الشيء الحاصل بالفعل إما من كل وجه أو من بعض الوجوه كما أن الموجود بالقوة فإما أن يكون خروجه إلى الفعل دفعة واحدة أو لا يكون دفعة واحدة، فالأول يسمى بالكون والثاني بالحركة.<ref>المباحث المشرقية، ج1، ص: 669-670.</ref>

ولما كان خروج الشيء من القوة إلى الفعل باعتبار الزمان، والزمان يقدر بالحركة والدفعة فمن المعلوم أن الرازي يعارض تماما أرسطو في هذه المسألة، لأننا إذا سلمنا بخروج الشيء من القوة إلى الفعل على التدريج فإنه يجب علينا القول بالتولد الذاتي للأشياء ويلزم عنه أَيْضًا القول بنفي الفاعل المختار، وهو ما يحاول أن لا يقول به.
* ويرد عليه أَيْضًا في مسألة التحيز والحجمية بإبطال إثبات ال[[هيولى (توضيح)|هيولى]]، فيقول: {{اقتباس مضمن|والمختار عندي: أن القول بإثبات الهيولى - بهذا التفسير - باطل، فيجب علينا أن نذكر دلائل المثبتين للهيولى أولا، ثم نعترض عليها ثانيا، ثم نقيم الدلائل اليقينية على القول بامتناعها ثالثا.}}<ref>المطالب العالية، ج6، ص: 200.</ref>

والذي نلاحظ على هذه الردود هو أن الرازي كان يستعمل فيها الطريقة العلمية، فيتعرف الفكرة وحجج القائلين بها أولا، ثم ينقدها وأخيرا ينتهي إلى ما يريد إثباته أو نفيه، وهي تدل على استيعابه لمقالات الفلاسفة وعلى قدرة كبيرة ساعدته على تطوير التفكير الفلسفي بنقده وآرائه المتميزة.
* لم يكن رده على أرسطو في المسائل الطبيعية و[[فوق طبيعي|الميتافيزيقية]] فحسب، بل رد عليه أَيْضًا في أهم علم لديه وهو ال[[المنطق|منطق]]، فلقد ضعف ما قيل في الفرق بين الأوليات والوهميات، لأن ذلك ينفع أولا لو كان علمنا بصحة الأوليات لأجل سلامتها حاصلا. وينفع ثانيا بشرط الإحاطة بجميع القضايا التي لا نهاية لها وبما أن هذا متعذر فلا يجوز القدح في القضايا التي تسمى الأوليات وأن لا يوثق بها على سبيل الإطلاق، وبما أنها مساوية للمقدمات الوهمية في القوة فإن قدح كل واحدة منها في الأخرى لا يجعل إحداهما أولى من الأخرى، ويعني هذا أن الوهميات ليست أضعف من الأوليات لأنها لو كانت كذلك لما كنا في حاجة إلى التمييز بينهما. فالرازي يرفض التفاوت في العلوم اليقينية لهذا السبب، ولأن حصول الاحتمال ولو على أبعد الوجوه يفقد اليقين يقينيته وعدم حصوله لا يترتب عليه عدم حصول التفاوت.<ref>الملخص، ص: 63.</ref> هذا هو ما أجاب به الرازي عن الفرق بين الأوليات والوهميات وبينها وبين المشهورات، ولقد اعتمد فيه على جملة إشكالات [[سفسطة|السوفسطائية]].
* ولما كان أنصار أرسطو لا يرون تفاوتا في التقديم والتأخير في مقدمات القياس، لأن ذلك لا يؤثر في الأمور العقلية، بيّن لهم الرازي أن الكبرى أقوى المقدمتين في اقتضاء الإنتاج ولهذا فإن تقديمها أهم وأوجب حتى ولو كان اندراج الحد الأصغر تحت الأوسط أمرا سهلا، ويعني هذا أن التقديم والتأخير يغير من الأمر شيئا.<ref>شرح عيون الحكمة، ج1، ص: 165.</ref> والمراد بأنصار أرسطو [[قائمة الفلاسفة المسلمين|الفلاسفة المسلمين]] الذين يقدمون المقدمة الصغرى على الكبرى لتسهيل عميلة تداخل الحدود الثلاثة في نظام القياس الحملي، حسبما يقال: فإنه لا يمكن هدم ال[[المنطق|منطق]] إلا بمنطق، والفلسفة إلا بفلسفة.
* وأما رده على [[قالينوس]] فأكثره يتعلق بمسألة هل ال[[دماغ]] معدن الإدراك والفهم أم ال[[قلب]]؟ والجدير بالذكر في البداية أن الرازي يعود إلى مناصرة أرسطو في هذه المسألة، لأنه كان على حق والحق أحق أن يتبع، فمصدر الإدراك والفهم هو القلب، لما تبين عنده من أن القلب هو منبت [[عصب|الأعصاب]]، ومن أن الأعصاب هي آلة الإداراك والدليل عليه أن الحركة الإرادية لا تكون إلا بآلة صلبة قوية، ولما كان الدماغ غير متوفر على الصلابة المطلوبة، وكنا نجدها في القلب لأن لحمه شديد القوة، فيه عضلات كثيرة وهو أصلب لحم في جسم الإنسان.<ref>المطالب العالية، ج7، ص: 181-182. وكتاب النفس والروح، الأبحاث الإسلامية طهران 1406، ص: 71-72.</ref>

==== ردوده على المشائية الإسلامية ====
تعتبر ردود الرازي على [[المدرسة المشائية|المشائين الإسلاميين]] شاملة لأنه لم يستثن واحدا منهم، لا [[الفارابي]] (ت [[393 هـ]])، ولا [[ابن سينا]] (ت [[428 هـ]])، ولا [[ابن ملكا البغدادي|أبا البركات البغدادي]] (ت [[555 هـ]]). مثلا رأيهم في ماهية الزمان: يرى الأول والثاني حسب الرازي أن الزمان مقدار حركة الفلك الأعظم، وأما الثالث فيرى أنه مقدار امتداد الوجود.<ref>المطالب العالية، ج5، ص: 51.</ref> والرازي قد عارض [[أرسطو]] في مسائل كثيرة منها مسألة الزمان، أي يرفض تفسيره بالحركات لأنه غني عن كل الحركات، ودليله هو أن مقدار الحركة في الحقيقة هو عبارة عن مقدار امتداد الحركة، وأن امتداد الحركة لا وجود له في الأعيان، فلو كان الزمان مقدارا للحركة لكان صفة من صفات الحركة، وبما أن كل صفة تحتاج إلى الموصوف بها فالزمان يحتاج إلى الحركة هو باطل والعكس هو الصحيح، أي أن الحركة هي التي تحتاج إلى الزمان. ويظهر بطلان ما ذهب إليه ال[[فيلسوف|فلاسفة]] في الزمان بدليل آخر، وهو لو كان الزمان مقدارا للحركة لكنا متى فرضنا عدم الحركة وجب فرض عدم وجود الزمان، وبما أن التالي باطل فالمقدم مثله.<ref>المطالب العالية، ج5، ص: 57 وما بعدها.</ref>

ولقد أولى الرازي اهتماما كبيرا بفلسفة [[أبو بكر الرازي|محمد بن زكريا الرازي]] (ت [[313 هـ]])، الذي لم ينج من النقد اللاذع بسبب ما كان يصرح به من أفكار لا تتفق مع المنطق السليم، كإحيائه لمذهب يُرجع سبب حدوث العالم إلى [[نرجسية|عشق النفس]] على ال[[هيولى (توضيح)|هيولى]]. ولقد عقد الرازي العزم على رد هذا المذهب فحدد في البداية الطريقة التي سيتبعها وهي طريقة [[تعليم مستند إلى الاستقصاء|الاستقصاء]]، وبالفعل فقد عرض المذهب بمقدماته ثم انتقل إلى سؤالات وجوابات ليتضح المقصود، وفي النهاية انتهى إلى إبطاله ورأى أن القائلين بأن إله العالم موجب بالذات ينكرون هذا المذهب، وأما الذين يقولون بالفاعل المختار أي بأن أفعال الإله لا يجب أن تكون واقعة على وفق مصالح الإنسان، فهؤلاء لا يلتفتون إلى هذا المذهب أصلا وحجتهم في ذلك أن الإله رحيم كريم لا يفعل فعلا مؤلما وضارا.<ref>المطالب العالية، ج4، ص: 401 وما بعدها.</ref>

ولقد كان الرازي يتهم المشائين الإسلاميين بعدم الإخلاص [[أرسطية|للأرسطية]] لأنهم يأتون بكلام مبهم كأبي البركات الذي قال إن الزمان عبارة عن مقدار الوجود، وإذا كان المراد بذلك هو مقدار امتداد الوجود فهو باطل، لأن امتداد الوجود عبارة عن بقاء الشيء ودوامه، وبقاء كل شيء ودوامه صفة قائمة به، كما أن بقاء الشيء ودوامه غير بقاء ودوام الآخر، وبما أن التسليم بهذا يفضي إلى القول باجتماع الأزمنة الكثيرة دفعة واحدة وهو محال فيكون قول أبي البركات باطلا.<ref>المطالب العالية، ج5، ص: 75.</ref>

وأما رده على [[ابن سينا]] فإنه يتميز بالصرامة وما قيل عن تأثره به بسبب ترديده لهذا الاسم الكبير في مصنفاته ولاهتمامه بالكتب التي شرحها له ككتاب الإشارات والتنبيهات، وعيون الحكمة، و[[القانون في الطب]] فهو أمر غير قائم على أساس صحيح. لكن ترديده لأقوال ابن سينا ليس كله من أجل بسط فلسفته واتباعه، ولكن من أجل مناقشة آرائه والرد عليها فال[[علم المنهج|منهجية]] تقضي عرض الآراء وحججها أولا ثم مناقشتها ثانيا ثم البت في صحتها أو فسادها ثالثا، وهذا مشاهد في معظم المواقع التي يذكره فيها. ولقد كان الرازي يرد على المشائية الإسلامية في أكثر المسائل الفلسفية الكبرى حيث لم يترك لها متنفسا، فهو يراقبها عن كثب ويحاول دائما قلعها من جذورها حتى لا يبقى لها منبت يمكن أن ترجع منه، لذلك فإنه لم يكتب لها المزيد من الانتشار بعد الرازي إلا بمقدار ما كانت منتشرة به أو أقل من ذلك.

والرازي يرفض أدلة الفلاسفة في أكثر المطالب التي يحاولون إثباتها، ويصفها بأوهن من بيت العنكبوت لأن العقول البشرية ضعيفة والعلوم التي يبتكرها الإنسان محدودة، وأما الحق كل الحق فهو ما جاء في [[القرآن]].<ref>المطالب العالية، ج6، ص: 195.</ref> ويستدل بقوله تعالى: {{قرآن|ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}} <small>[[سورة الإسراء]]:85</small> وهذا الذي جعله ينتقد المشائية الإسلامية نقدا شديدا لأنها بعيدة في نظره عن الحق الذي هو موجود في القرآن.

==== ردوده على الفكر الشرقي القديم ====
الإمام الرازي كان متهما بتطرقه إلى الفكر الشرقي القديم أي بذكره وعنايته بالحكماء القدماء في شتى [[حضارة|الحضارات]]، وإعجابه ببعض حكمتهم وتأليفه في علومهم مثل [[علم الفلك]] وما يتفرع منه من مباحث [[تنجيم|التنجيم]] و[[سحر (خارق للطبيعة)|السحر]]. والجواب على ذلك بوجوه:
* '''الوجه الأول:''' لقد استدل خصومه على تلك الشبهات ببعض مصنفاته ككتاب المباحث المشرقية وتعني عندهم كلمة مشرقية التراث الشرقي القديم، وكتاب السر المكتوم، وكتاب الاختيارات العلائية، أنهما في مسائل التنجيم والسحر، والجواب على ذلك بأمرين:
'''الأول:''' ليس غرضه من ذكر حكمة وعلوم أهل الشرق القديم التمسك بها، والسير على هداها ولقد كان من واجب هؤلاء الخصوم قبل الطعن في تلك المؤلفات أن يتحروا الغرض منها وأن يذكروا ما جاء في [[القرآن]] من ذكر ل[[فرعون]] و[[قارون]] وغيرهما من الطغاة والمفسدين والضالين، وأن يتأملوا كيف ذكروا لأن العبرة ليس في مجرد الذكر بل بالغرض منه، وقياسا على ذلك فإن تناول الرازي للفكر الشرقي القديم ينبغي البحث عن غرضه، ولما كان غرضه ليس التشهير به أو نشره أو الدعوة للتمسك به واعتناقه، فغرضه الحقيقي لم يكن إلا للبحث فيه ومعرفته للرد عليه.
'''الثاني:''' إن المؤلفات التي اتهم بها تعتبر قطرة في بحر بالنسبة لمؤلفاته الكثيرة في العقل والدين وفي الرد على جميع أصناف [[إلحاد|الإلحاد]] ومناصرة لعقيدة التوحيد ومدافعة عنها.
* '''الوجه الثاني:''' والدليل على أن مراده من التأليف في فنون الحضارات الشرقية القديمة هو الرد والتمييز بين الحق والباطل، فبيان ذلك من [[المنهج العلمي]] الذي يتبعه، هو أن أهل العقائد غير الإسلامية يزعمون أنهم يتمسكون بالدلائل العقلية وأنه لا يستطيع أي عالم أن يبطل عقائدهم إلا ببحث مسائلهم ومناقشتهم فيها بطريقة العقل، ولقد تمكن الرازي من النيل منهم باتباعه لهذه الطريقة العلمية لأنها جعلته يرد عليهم عن بصيرة وليس عن جهل، فتأليفه في سائر العلوم والفنون المعرفية يدل على انفتاحه على جميع الحضارات والثقافات، وهي مهما كانت منحرفة، فمع ذلك تحمل في طياتها شيئا ما يمكن الانتفاع به معرفيا، وهو أن نتعرف على الأقل على فسادها لنتجنبه. وأما سبب انطلاقه في بحث المسائل والعلوم من الماضي البعيد فيرجع إلى مبدأ اقتنع به، وهو أن أصول المذاهب والعلوم تنبني على النقل عن السلف.<ref>المطالب العالية، ج8، ص: 160.</ref>

وهناك مبدأ آخر، وهو أن دفع الشر أهم من جلب الخير، لأن دفع الشر يقتضي إبقاء الأصل الذي هو أهم من تحصيل الزائد، ولأن إيصال الخير إلى جميع الناس غير ممكن، بينما دفع الشر عنهم ممكن، وهذا يعني أن عدم دفع الشر شر، وأما عدم إيصال الخير فيحتمل أن لا يترتب شيء عليه وأن يبقى الناس على السلامة.<ref>[[تفسير الرازي|مفاتيح الغيب]]، مج8، ج16، ص: 182-183.</ref> ولعل هذا المبدأ هو الذي كان دافعا له لكي يخوض في الفكر الشرقي القديم من أجل دفع ما فيه من الشر، وبيان فساد معتقداتهم فيه، لا سيما وأن فرقا كثيرة كال[[المانوية|مانوية]] وال[[مزدكية]] وغيرهما تنتسب إلى [[الإسلام]] بوجه أو بآخر، وهي في الحقيقة ترجع جذورها إلى هذا الفكر، وللرد عليها فلابد من العودة إلى الأصل.
* '''الوجه الثالث:''' ويعتبر الرازي في تاريخ الفكر الإسلامي من الأعلام الكبار الذين حاربوا أهل العقائد المخالفة مثل العقائد الشرقية الدخلية أو المتبقية التي تغلغلت في أوساط المسلمين من أجل تضليلهم. ومن الفرق المتطرفة والمنحرفة التي رد عليها فرقة [[صوفية]] تعرف باسم [[إباحية (فرقة)|المباحية أو الإباحية]] التي تقوم على دين مزدك وتسمى ال[[مزدكية]].<ref>المزدكية نسبة إلى مزدك بن نامدان، عاش في زمن قباد بن فيروز والد شروان العادل، ادعى النبوة وأظهر دين الإباحة ولما تأذى منه أنو شروان، فطلبه للمناظرة بشرط أن قطعه طاوعه وإلا فيقتله وبعد المناظرة تبين عجز مزدك، لذلك قتله وفعل الشيء نفسه مع أتباعه.</ref> وكانوا يخالفون الشريعة بحفظهم لطاعات وتلبيسات لا علاقة لها بها.<ref>اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص: 74.</ref>

وفرقة [[باطنية|الباطنية]] التي ابتدعها رجل من [[الأهواز]] يقال له [[عبد الله بن ميمون القداح]].<ref>عبد الله بن ميمون بن داود المعروف بابن القداح (ت [[180 هـ]]) فقيه إمامي واهي الحديث عند علماء السنة وهو من الثقاة عند [[الشيعة]].</ref> وقد ساعده في دعوته أولاد ملوك ال[[عجم]] من ال[[مجوس]] بسبب حقدهم على [[الإسلام]] والمسلمين، وبقاء النزعة المجوسية في نفوسهم، ولقد ضلت هذه الدعوة خلقا كثيرا في بلاد العجم وفي بلاد [[المغرب]] و[[مصر]] لأن أصحاب هذه الدعوة استقروا في هذه البلاد وتأثروا بحركة [[حسن الصباح|الحسن بن الصباح]].<ref>[[حسن الصباح|الحسن بن الصباح بن علي الشيعي الإسماعيلي]] (428 - 518 هـ) داهية وعالم بالهندسة والحساب والنجوم، ولد بمرو من أصل يماني، كان مقدم [[الإسماعيلية ب[[أصفهان|أصبهان]]، طاف ببلاد كثيرة، وكان من كبار الزنادقة.</ref> الذي أخذ إجازة الدعوة من مصر ورجع إلى بلاد العجم لنشرها. وقد استمرت فتنته إلى زمان الرازي، وقال عنها إن مثل هذه الدعوة تفسد في الدين أكثر من جميع الكفار لأن أصحابها يزعمون أن العقل إن كان كافيا فليس لأحد أن يعترض على الآخر، وإن لم يكن كافيا فلابد من إمام، والجواب عليه أن عدم الاحتياج إلى العقل يعني عدم تمييزهم بين المحق والمبطل، وأما أن الإمام محتاج إليه فأين ذلك الإمام ومن هو؟ مما يدل على أن رأيهم في الإمامة في غاية الجهل.<ref>اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص: 76 وما بعدها.</ref>

وفرقة ال[[قرامطة]] أو القرمطية التي تنسب إلى حمدان القرمطي (ت [[294 هـ]]) وهو رجل غير معروف، دعاه أحد دعاة ال[[باطنية]] إلى معتقدهم فقبل الدعوة ثم صار يدعو الناس إليها، وقد أضل خلقا كثيرا. وكذلك المقنعية أتباع [[المقنع الخراساني]] (ت [[163 هـ]]) وهو من أصحاب [[أبو مسلم الخراساني|أبي مسلم الخراساني]] (ت [[137 هـ]]) الذي ادعى [[نبي|النبوة]] ثم [[ألوهية|الألوهية]] من طريق ال[[تناسخ الأرواح|تناسخ]]، واجتمع عليه خلق كثير وأضلهم ضلالا كبيرا.<ref>اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص: 79-80.</ref> ولا شك أن مثل هذه الفرق لقيت من يبين للناس فسادها كالرازي الذي بذل جهودا معتبرة في إنقاذ الناس من ضلالاتها، لقد كان كلما تطرق إليها لا يترك أراءها تمر دون فحصها ونقدها، ويظهر ذلك بوضوح في مناظراته ومن خلال مصنفاته.
* '''الوجه الرابع:''' لو كان له شيء من الانحراف عن الشريعة في مصنفاته وحياته لما أقدم على الطعن في هذه الفرق وغيرها، ولما عرف العام والخاص من الناس أنه لم يدخل أحد مثله في معارك طاحنة مع الفرق الضالة سواء الخارجة عن الإسلام صراحة أو التي تتظاهر بذلك. ولهذا فإنه مهما طعن فيه خصومه وحساده فإنهم لم يستطيعوا النيل منه لأن نيته حسنة في الإقدام على تناول الفكر الشرقي القديم، فهو مفكر منهجي يعمل بمقتضى الشريعة قدر المستطاع. وقد كان يرى أن الخطر كل الخطر على الدين يأتي من طريق مذهب ال[[مشبهة]] الذي هو رأس [[كفر (توضيح)|الكفر]]، ويعني هذا أن كل مذهب يقول بأن الله تعالى جسم هو مذهب ضال منحرف.<ref>[[تأسيس التقديس (كتاب)|تأسيس التقديس]]، ص: 196.</ref> وإذا كانت بعض [[فرقة (إسلام)|الفرق الإسلامية]] ضالة عنده بسبب القول بالتشبيه وال[[تجسيم]] كفرقة [[الكرامية]]، فكيف بفرق قائمة على معتقدات الشرق القديم كال[[مزدكية]]، وال[[الزرادشتية|زرادشتية]]،<ref>الزرادشتية: نسبة إلى [[زرادشت]]، رجل من أهل [[أذربيجان]]، ظهر في زمن بشتاسف بن لهراسف حوالي القرن السادس قبل الميلاد، ادعى النبوة وصدقه بشتاسف وانتشرت عقيدته بين ال[[مجوس]].</ref> وال[[المانوية|مانوية]]،<ref>المانوية: أتباع [[ماني]] حوالي (215 - 276 م)، ظهر زمن سابور بن أزدشير ادعى النبوة وأرجع أصل العالم إلى أصلين النور والظلمة، وانتشرت دعوته في أهل الصين.</ref> و[[المندائية|الصبائية]]،<ref>الصبائية: جاء في [[الملل والنحل]]، هم قوم من عبدة الكواكب لأنهم يرجعون خلق وتدبير العالم إلى الكواكب السبعة، ولما كانت الكواكب تغيب عن أنظارهم فصنعوا أصناما على صورتها لعبادتها.</ref> وغيرها.

ولقد كانت المجوسية تقدح في [[نبي|النبوة]] وتقول أن الشرائع تشتمل على أمور باطلة، وقولهم بوجود إلهين متحاربين، واحد منهما هو إله الخير يستعين بجند [[ملاك|الملائكة]]، وآخر هو إله الشر يستعين بجند [[الشياطين (فيلم)|الشياطين]]، وهذا طبعا باطل عند الرازي.<ref>المطالب العالية، ج8، ص: 91.</ref> وأما رده على [[تنكلوشا البابلي]] فيتعلق ببعض قضايا الفلك، كاقتران بعض [[كوكب|الكواكب]] مع [[القمر]]، وكأثر ذلك على أحوال البشر وهي قضايا لا يوافقه عليها، ويقول عنها: {{اقتباس مضمن|هذا فيه نظر لأنه في هذه الحالة يكون في المحاق، وهو لا يصلح لعمل.}}<ref>المطالب العالية، ج8، ص: 198.</ref> وهذا يدل منه على أنه لو لم يكن عالما بأحوال الفلك وأسس التنجيم لما استطاع أن ينتبه إلى عدم حصول الاقتران بين كوكب ما والقمر. والحق أنه اشتغل بعلوم الفلك بغرض إبطال السحر وتكذيب أهله الذين يطعنون في النبوة ويفسدون أكثر مما يصلحون، ولا عجب في أن نجد علماء الأصول كإمام الحرمين [[أبو المعالي الجويني|الجويني]] (ت [[478 هـ]])، وحجة الإسلام [[أبو حامد الغزالي|أبي حامد الغزالي]] (ت [[505 هـ]]) يهتمون بالنظر في هذا الباب، بينما غرضهم من ذلك هو التمييز بين المعجز والسحر.

ويتفق حذاق علماء الأصول على أن وجود الصانع يثبت بأدلة مختلفة منها الاستدلال بأحوال الفلك، وهو قسم من أقسام الدلائل التي عوّل عليها الرازي في ردوده على العقائد المخالفة في إثبات وجود الصانع. فالعقول عندما تتأمل أجرام الفلك وحركاتها تدرك بالبداهة أنها ليست على العبث والسفه وليست من قبيل ال[[صدفة (توضيح)|صدفة]] كما يقول [[إلحاد|الملحدون]]، وأنها على ما قاله الله تعالى: {{قرآن|الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار}} <small>[[سورة آل عمران]]:191</small> إن ما يظهر صريحا في الآية وما يثبته العقل السليم ليدل على أن المتأمل في [[الكون]] لا يسعه إلا أن يقر بوجود مدبر قاهر يحركه لأسرار وحكم هو مطلع عليها، أما نحن فليس عندنا - حسب الرازي - إلا الإيمان بها على الإجمال.<ref>[[تفسير الرازي|مفاتيح الغيب]]، مج2، ج4، ص: 213.</ref>

ومن منافع النجوم أن الله تعالى زين السماء بها، ويحصل بها قدر من الضوء ليلا كما يحصل بها تفاوت في أحوال الفصول، وجعلها تعالى علامات يهتدى بها في ظلمات الليل في البر والبحر، فقال عنها: {{قرآن|وعلامات وبالنجم هم يهتدون}} <small>[[سورة النحل]]:16</small> وجعلها أَيْضًا رجوما للشياطين، فقال: {{قرآن|ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير}} <small>[[سورة الملك]]:5</small> لأن الشياطين يعملون على إخراج الناس من نور الإيمان إلى ظلمات الكفر.<ref>[[تفسير الرازي|مفاتيح الغيب]]، مج15، ج30، ص: 60.</ref> وأما من حرّم النظر في علم النجوم فهو مخطئ، ويرفض الرازي هذا الحكم فيقول: إننا لا نسلم أن النظر في [[علم النجوم]] حرام مطلقا لأن من نظر فيه ليستدل به على التوحيد فهو قائم بأعظم الطاعات، بالنسبة إليه، ولهذا السبب استحق [[إبراهيم]] عليه السلام المدح بالنظر النجوم.<ref>الأربعين، ج2، ص: 134.</ref>

ومن الواضح أن الخوارق على وجهين: فهي إما أن تحدث بدافع الإعجاز، وإما أن تحدث بدافع السحر، وبما أن المعجزة والسحر متشاركتان في التخييل فلابد من التفريق بينهما، وهو المراد عند الرازي بدعوته إلى المعرفة بالسحر، لأن إبطاله من قبل العلماء ممكن طالما عرفوه وتمكنوا منه، وأما المعجز فليس كذلك.<ref>الرازي، مناظرة في الرد على النصارى، ص: 76.</ref> ويلزم من هذا أن الخوارق ليست كلها سحرا لأن السحر يحدث عن طريق التأثيرات النفسانية كأن يتوهم شخص أن القمر منشق بواسطة التأثير النفسي بينما القمر في حد ذاته لم يحدث فيه شيء، وأما المعجز فهو خارق يحدث في الحركات الآلية للفلك أو في ذات الأجرام وليس مجرد وهم.<ref>الملخص، ص: 231.</ref>

وأما كون [[سحر (خارق للطبيعة)|السحر]] حراما أم لا، فيرى أن علم السحر غير قبيح ولا محظور باتفاق المحققين لأن العلم لذاته شريف لعموم قوله تعالى: {{قرآن|قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب}} <small>[[سورة الزمر]]:9</small> ولأن السحر لو لم يكن يعلم لما أمكن الفرق بينه وبين المعجز، ولما كان العلم بالمعجز واجبا، فكيف يكون حراما، وهكذا فتحصيل العلم بالسحر واجب، وهو حرام على من كان غرضه الفساد والظلم، ومن يقوم به لهذا السبب كافر على الإطلاق، وكذلك من اعتقد بأن الكواكب هي المدبرة للعالم، والخالقة لما فيه من الحوادث والخيرات والشرور.<ref>[[تفسير الرازي|مفاتيح الغيب]]، مج2، ج3، ص: 214.</ref> وأما التمييز بين الغرضين فيدل على أن الرازي أقدم على [[علم الفلك]] ومنه السحر بغرض التمييز بين المعجز والسحر، وإذ تجتى عليه الخصم أو حسود ورماه بالسحر فقد كذب، لأنه كان ينقب في عجائب الكون من أجل الاستدلال عقلا على وجود الفاعل المختار، والمدبر الجبار الذي لا تأخذه سنة ولا نوم. ومصنفاته تشهد بذلك فهو يتناول مسائل الفلك بما في ذلك من [[تنجيم|التنجيم]] والسحر
بطريقة معرفية محضة وللغرض الشريف.

=== المنطق والجدل ===
كان الرازي أول من نظر إلى المنطق باعتباره فناً قائماً بذاته، فيقول ابن خلدون في تاريخه: «ثمّ تكلّموا فيما وضعوه من ذلك كلاما مستبحرا ونظروا فيه-يعني المنطق- من حيث إنّه فنّ برأسه لا من حيث إنّه آلة للعلوم فطال الكلام فيه واتّسع. وأوّل من فعل ذلك الإمام فخر الدّين بن الخطيب ومن بعده أفضل الدّين الخونجيّ».<ref>تاريخ ابن خلدون الجزء 1 صــ647</ref> أما الجدل فمع أنه يعتبر جزءاً من المنطق -فإننا نجد الرازي قد ميزه عنه وأفرده بالتأليف ووضع فيه كتباً خاصة اعتبرت زبدة هذا الفن وأهم المراجع فيه.<ref>الأمام الرازي ومصنفاته صــ97</ref>

=== العلوم الرياضية والطبيعية ===
اهتم الرازي بهذا النوع من العلوم اهتماماً بالغاً واعتبر تعلمها بكل أنواعها من التكاليف الشرعية لأنها مما لا يتم الواجب المطلق إلا به ومعرفة المسائل الهندسية بصورة خاصة يعتبرها فرض عين لأن كل مكلف مأمور باستقبال القبلة والغائب عن القبلة لا سبيل له إلى تحصيل اليقين بجهة القبلة إلا بالدلائل الهندسية فليزم من هذا أن يكون تعلم الدلائل الهندسية فرض عين على كل أحد، ثم يقول «ولكن الفقهاء قالوا: إن تعلمها غير واجب بل ربما قالوا إن تعلمها مكروه أو محرم ولا أدري ما عذرهم في هذا؟»،<ref>تفسير الرازي الجزء 4 صــ130</ref> وقد كتب مؤلفاً خاصاً في «الهندسة» إضافة إلى ما بثه من المسائل الهندسية في كتبه.

أما في الفلك فقد ألف "رسالة في علم الهيئة وأَوْرَد الكثير من المسائل الفلكية في تفسيره لأنه كان كثير الاعتماد عليها في إثبات وجود الله تعالى كما أنه كثيراً ما يركن إليها في الرد على أقوال الفلاسفة وتفنيدها.<ref>التفسير والمفسرون للذهبي الجزء 1 صــ209</ref>

أما في العلوم الطبيعية فله أثر ظاهر بنبئك عنه الكثير مما كتبه في التفسير وآراؤه التي أوردها في كتبه الفلسفية مثل «المباحث الشرقية» و «الملخص»، كما يعتقد البعض أن الرازي قد شارك بعض من علماء الحضارة الإسلامية [[ابن سينا|كابن سينا]] [[ثابت بن قرة|وثابت بن قرة]] [[ابن ملكا البغدادي|وابن ملكا البغدادي]] في اكتشاف [[قوانين نيوتن للحركة|قوانين الحركة]] قبل [[إسحاق نيوتن|نيوتن]]،<ref>عمر هلسة، فخر الدين الرازي..مؤسس علم الحركة، جريدة الرأي الاردنية عدد الاثنين 8-9-2008</ref><ref>، [http://www.mawhopon.net/?p=4353 قوانين الميكانيكا… للعرب لا لنيوتن] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170829133649/http://www.mawhopon.net/?p=4353 |date=29 أغسطس 2017}}</ref>
يقول الرازي في كتابه «المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات» {{اقتباس مضمن|تجدد مراتب السرعة والبطوء بحسب تجدد مراتب المعاوقات «الخارجية والداخلية كان كل زمان يحصل للحركة فانما يحصل بسبب مقارنة امور غريبة وهى تلك المعاوقات الداخلية والخارجية فلا تكون الحركة مستحقة في نفسها للزمان وذلك محال فاذا للسرعة والبطوء في طرفي الاشتداد والتنقص طرفان محدودان..}}.<ref>المباحث المشرقية الجزء 1 صــ606 ط.منشورات بيدار - قم</ref> ويقول أيضاً {{اقتباس مضمن|فاذا الجسمان لو اختلفا في قبول الحركة لم يكن ذلك الاختلاف بسبب المتحرك بل بسبب اختلاف حال القوة المحركة فان القوة في الجسم الاكبر أكثر مما في الاصغر الذي هو جزؤه لان ما في الاصغر فهو في الاكبر موجود مع زيادة واما القوة القسرية فانها يختلف تحريكها للجسم العظيم و الصغير لا لاختلاف المحرك بل لاختلاف حال المتحرك فان المعاوق في الكبير أكثر منه في الصغير..}}.<ref>المباحث المشرقية الجزء 1 صــ503 ط.منشورات بيدار - قم</ref> ويقول أيضاً {{اقتباس مضمن|الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط لا شك ان كل واحد منهما فعل فيها فعلا معوقا بفعل الآخر، ثم لا شك ان الذي فعله كل واحد منهما لو خلى عن المعارض لاقتضى انجذاب الحلقة إلى جانبه فثبت وجود شي ء لو خلى عن المعاوق لاقتضى الدفع إلى جهة مخصوصة..}}،<ref>المباحث المشرقية الجزء 1 صــ285 ط.منشورات بيدار - قم</ref> وهذا ما يعتبره البعض شرحاً لقانون نيوتن [[قوانين نيوتن للحركة#قانون نيوتن الأول|الأول]]، [[قوانين نيوتن للحركة#قانون نيوتن الثاني|والثاني]]، [[قانون نيوتن الثالث|والثالث]] على التوالَى.

== عقيدته ==
الرازي [[أشعرية|أشعري]] العقيدة، وقد رد على من يطعن في عقيدته ويتهمه بمخالفته لمنهج [[أهل السنة والجماعة]] في خاتمة كتابه «اعتقادات فرق المسلمين والمشركين» بعد سرده لأسماء بعض كتبه التي قضى عمره في تصنيفها، يقول: {{اقتباس مضمن|وهذه الكتب بأسرها تتضمن شرح [[أصول الدين]] وإبطال شبهات [[فيلسوف|الفلاسفة]] وسائر المخالفين، وقد اعترف الموافقون والمخالفون أنه لم يصنف أحد من المتقدمين والمتأخرين مثل هذه المصنفات، وأما المصنفات الأخر التي صنفناها في علم آخر فلم نذكرها هنا، ومع هذا فإن الأعداء والحساد لا يزالون يطعنون فينا وفي ديننا، مع ما بذلنا من الجد والإجتهاد في نصرة اعتقاد [[أهل السنة والجماعة]]، ويعتقدون أني لست على مذهب أهل السنة والجماعة، وقد علم العالمون أنه ليس مذهبي ولا مذهب أسلافي إلا مذهب أهل السنة والجماعة، ولم تزل تلامذتي ولا تلامذة والدي في سائر أطراف العالم يدعون الخلق إلى الدين الحق، والمذهب الحق، وقد أبطلوا جميع البدع. وليس العجب من طعن هؤلاء الأضداد الحساد، بل العجب من الأصحاب والأحباب كيف قعدوا عن نصري والرد على أعدائي؟! ومن المعلوم أنه لا يتيسر شيء من الأمور إلا بالمعاونه والمساعدة ولو أمكن ذلك من غير مساعدة لما كان كليم الله [[موسى|موسى بن عمران]] مع حججه الباهرة وبراهينه القاهرة يقول مخاطبا للرب سبحانه وتعالى: {{قرآن|فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي}} يسر الله لنا ولكم التوفيق إلى الخيرات وصاننا عما يكون في الدنيا والعقبى سببا لاستحقاق العقوبات بمنه ولطفه والسلام.}}<ref>اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للفخر الرازي، تحقيق: الدكتور سامي النشار، ص: 91-93.</ref>

== مؤلفاته ==
[[ملف:Mafatih al-Ghayb.jpg|تصغير|تفسير [[تفسير الرازي|مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير]]، الذي انتقده [[ابن تيمية]] قائلاً: {{اقتباس مضمن|فيه كل شيء عدا التفسير}} فرد عليه [[تقي الدين السبكي]] بقوله: {{اقتباس مضمن|فيه كل شيء مع التفسير.}}]]
[[ملف:Ta'sis al-Taqdis.jpg|تصغير|كتاب [[تأسيس التقديس (كتاب)|تأسيس التقديس أو أساس التقديس]]/ تأليف شيخ المعقول والمنقول الإمام فخر الدين الرازي الذي انتقده [[ابن تيمية]] في كتابه [[بيان تلبيس الجهمية]]؛ ومعه رسالة في نفي الجهة للإمام [[شهاب الدين بن جهبل]] (ت. [[733 هـ|733هـ]]) في الرد على ابن تيمية.]]
له كتب ومؤلفات كثيرة جداً في جميع علوم عصره، شملت فنون [[علم التفسير|التفسير]]، و[[فقه إسلامي|الفقه]]، وأصوله، و[[علم الكلام]] وال[[فلسفة]]، وال[[بلاغة]]، وغيرها، وقد ذكر [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]] في [[البداية والنهاية]] انها تصل لحوالي مائتي كتاب، منها:
# [[تفسير الرازي|التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب]].
# التفسير الصغير، أسرار التنزيل وأنوار التأويل.
# [[تأسيس التقديس (كتاب)|تأسيس التقديس (أساس التقديس في علم الكلام)]]، مجلد، ألفه للسلطان الملك العادل [[العادل سيف الدين أحمد|أبي بكر بن أيوب]]، فبعث له عنه ألف دينار.
# [[المطالب العالية من العلم الإلهي (كتاب)|المطالب العالية من العلم الإلهي]]، في ثلاثة مجلدات، ولم يتمه، وهو من آخر تصانيفه.
# [[محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين (كتاب)|محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين]].
# [[اعتقادات فرق المسلمين والمشركين]].
# المحصول في علم أصول الفقه.
# المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات.
# [[لوامع البينات شرح أسماء الله تعالى والصفات (كتاب)|لوامع البينات شرح أسماء الله تعالى والصفات]].
# [[معالم أصول الدين]].
# [[الأربعين في أصول الدين (توضيح)|الأربعين في أصول الدين]].
# المسائل الخمسون في أصول الدين.
# البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان.
# المباحث العمادية في المطالب المعادية.
# إرشاد النظار إلى لطائف الأسرار.
# نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز.
# نهاية العقول في دراية الأصول، مجلدان.
# مناقب الإمام الشافعي.
# ترجيح مذهب الشافعي وأخباره.
# النفس والروح وشرح قواهما في علم الأخلاق.
# الانارات في شرح الإشارات.
# لباب الاشارات والتنبيهات (شرح الإشارات والتنبيهات [[ابن سينا|لابن سينا]]).
# شرح كتاب عيون الحكمة [[ابن سينا|لابن سينا]].
# فضائل الصحابة.
# القضاء والقدر.
# ذم الدنيا.
# نفثة المصدور.
# الرياض المونقة.
# تعجيز الفلاسفة، ب[[اللغة الفارسية|الفارسية]].
# اللطائف الغياثية.
# البراهين البهائية، بالفارسية.
# الرسالة الكمالية في الحقائق الإلهية، بالفارسية لكمال الدين محمد بن ميكائيل، عربها تاج الدين الأرموي.
# رسالة [[الجوهر الفرد]].
# شرح كتاب المفصل [[الزمخشري|للزمخشري]] في [[علم النحو|النحو]]، لم يتمه.
# شرح نهج البلاغة، لم يتمه.
# شرح ديوان [[أبو الطيب المتنبي|المتنبي]].
# المشيخة الفخرية.
# الملل والنحل.
# إبطال القياس.
# الخلق والبعث.
# سراج القلوب.
# الجامع الكبير، لم يتم، ويعرف أَيْضًا بكتاب الطب الكبير.
# التشريح من الرأس إلى الحلق، لم يتمه.
# الآيات البينات، في ال[[المنطق|منطق]].
# الملخص، في ال[[فلسفة]].
# [[أخلاق الطبيب|الأخلاق]].
# الفراسة.
# الأشربة.
# الرعاية.
# الزبدة.
# كتاب في الهندسة.
# كتاب في النبض، مجلد.
# كتاب في الرمل.
# مسائل في الطب.
# رسالة في النفس.
# رسالة في النبوات.
# رسالة في التنبيه على بعض الأسرار المودعة في بعض سور القرآن العظيم.
# قصة السحر والسحرة في القرآن الكريم.
# خلق القرآن بين المعتزلة وأهل السنة.
# الكاشف عن أصول الدلائل وفصول العلل.
# عجائب القرآن.
# المناظرات العقدية.
# منتخب كتاب دنكاوشا.
# شفاء العي والخلاف أو شفاء العي من الخلاف.
# عمدة الأنظار وزينة الأفكار.
# الرسالة المحمدية.
# الرسالة المجدية.
# الرسالة الصاحبية.
# مباحث الوجود.
# مباحث الجدل.
# مباحث الحدود.
# الاختبارات السماوية.
# الاختبارات العلائية.
# الموسوم في السر المكتوم.
# الطريقة العلائية في الخلاف، أربع مجلدات.
# شرح مصادرات [[إقليدس]].
# شرح سقط الزند [[أبو العلاء المعري|لأبي العلاء]].
# شرح الوجيز [[أبو حامد الغزالي|للغزالي]]، لم يتمه، حصل منه العبادات والنكاح في ثلاث مجلدات.
# شرح كليات القانون، لم يتمه، وألفه للحكيم ثقة الدين عبد الرحمن بن عبد الكريم السرخسي.
# حدائق الأنوار في حقائق الأسرار: فيه موضوعات ستين علماً، ألفه للسلطان علاء الدين تكش الخوارزمي.
# درة التنزيل وغرة التأويل (في الآيات المتشابهات). موجود منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية رقم 440.<ref>[http://www.islamport.com/w/fhr/Web/1242/443.htm معجم المطبوعات.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160303053406/http://www.islamport.com/w/fhr/Web/1242/443.htm |date=03 مارس 2016}}</ref> جاء في فهرس جوتا: درة التنزيل وغرة التأويل لأبي عبد الله، محمد بن عبد الله الخطيب فخر الدين الرازي. وفي نسبة الكتاب إلى الفخر الرازي خطأ، إذ أن فخر الدين الرازي ليس هو محمد بن عبد الله الخطيب، وإنما هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن الخطيب.<ref>[https://shamela.ws/browse.php/book-1340/page-198 درة التنزيل وغرة التأويل.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160309052527/http://shamela.ws/browse.php/book-1340/page-198 |date=09 مارس 2016}}</ref>
# عصمة الأنبياء.
# رسالة الحدوث.
# الجمل في الكلام
# تهذيب الدلائل وعيون المسائل.
# المباحث المشرقية في العلم الإلهي.
# [[معالم أصول الدين|المعالم]]، وهو آخر مصنفاته من الصغار.

وغيرها كثير في شتى العلوم والفنون. قال الداوودي في كتابه طبقات المفسرين: {{اقتباس مضمن|ورزق سعادة في مصنفاته، وانتشرت في الآفاق، وأقبل الناس على الاشتغال بها.}}<ref>{{استشهاد بويكي بيانات|Q121011102|ج=2|ص=218}}</ref>

== وفاته ==
[[ملف:Herat in Afghanistan.svg|تصغير|موقع [[هراة]] في [[أفغانستان]] حيث توفي الرازي]]

بعد أن لاقَى الفخر في حياته الحافلة ما لاقَى من أذى الخصوم من [[المعتزلة|معتزلة]] [[الكرامية|وكرامية]] [[الشيعة|وشيعة]] [[حشوي (توضيح)|وحشوية]] وسواهم، حط عصا الترحال في [[هراة]] وسكن الدار التي كان السلطان [[خوارزم شاه]] قد أهداه إياها وهناك لم يتركه خصوم يخلد إلى الراحة بعد ذلك الكدح الطويل وإنما استمروا يعملون للنيل منه ومن سمعته.<ref>الأمام الرازي ومصنفاته صــ69</ref>

ومما يروى في هذا الباب إن [[حشوي (توضيح)|الحشوية]] كانوا يرفعون له وهو في مجلس وعظه رقاعاً تتضمن شتمه ولعنه والطعن في عرضه حتى بلغ من فجورهم في الخصومة أن رفعوا إليه يوماً رقعة كتبوا فيها أن ابنه يفسق [[زنى|ويزني]] وإن امرأته كذلك فما كان منه إلا أن قال {{اقتباس مضمن|1=إن هذه القصة تتضمن أن ابني يفسق ويزني وذلك مظنة الشباب فإنه شعبة من الجنون ونرجو من الله تعالى إصلاحه والتوبة وأما امرأتي فهذا شأن النساء إلا من عصمه الله وأنا شيخ ما في للنساء مستمتع هذا كله يمكن وقوعه وأما أنا فوالله لا قلت أن الباري -سبحانه وتعالى جسم ولا شبهته بخلقه ولا حيزته ولله الحمد أن ابني لا يقول إن الله جسم ولا يشبه به خلقه ولا زوجتي تعتقد في ذلك ولا غلامي فأي الفريقين أوضح سبيلاً ؟ <ref>طبقات الشافعية للسبكي الجزء 2 صــ89</ref><ref>الوافي بالوفيات الجزء 4 صــ176</ref> }}

واِشتدّ على [[الكرامية]] بخاصة ما كانوا يرونه من توقير السلاطين له وحضور بعضهم مجالس وعظه ومكانته لديهم خصوصاً بعد مجادلته مع شيخهم ابن القدوة،<ref>تاريخ ابن الوردي الجزء 2 صــ112</ref> فلم يزل بينهم وبين الفخر من يومها السيف الأحمر فيعمدون للتخلص منه بكل وسيلة حتى قيل أنهم سموه أو دسوا له من سمه،<ref>راجع اغلب الكتب التى ترجمت للرازي مثل شذرات الذهب وأخبار الحكماء وطبقات ابن السبكي</ref> وسواء كانوا أبرياء من هذه التهمة أم لا فإنهم فرحوا لدى وفاته فرحا شديداً،<ref>الذيل على الروضتين صــ68</ref> وكان ذلك في [[1 رمضان|الأول من رمضان]] عام [[606 هـ|606هــ]] الموافق عام [[1209]]م في [[هراة]] وذهب أكثر المؤرخين إلى أنه دفن في الجبل المجاور لقرية مزداخان القريبة من [[هراة]] وقيل بل دفن في بيته.<ref name="مولد تلقائيا1" /><ref>الإمام الرازي ومصنفاته صــ71</ref><ref>أخبار الحكماء صــ220</ref>

== ثناء العلماء عليه ==
احتل الرازي المنزلة الرفيعة والمكانة العالية، ونال تقدير واحترام المجتمع على اختلاف طبقاته، فبالغ في احترامه العلماء وطلاب العلم، والسلاطين، وخاصة الناس وعامتهم. ولقد ترك الإمام الرازي في كل علم من العلوم المعروفة في زمانه مؤلفات وآثارا تشهد له بذلك، وتؤيد أن نيله لتلك المكانة العلمية كان عن جدارة واستحقاق. ولقد تواترت أقوال العلماء والمؤرخين الذين وصفوه بأحسن الكلام ورفعوه إلى أسمى المراتب، التي تدل على أنه حظي بمكانة عظيمة بين العلماء لم ينلها عالم آخر في عصره.
* يقول عنه [[ابن أبي أصيبعة]]: {{اقتباس مضمن|هو الإمام فخر الدين أبو عبد اللّه محمد بن العمر بن الحسين الرازي أفضل المتأخرين وسيد الحكماء المحدثين، قد شاعت سيادته، وانتشرت في الآفاق مصنفاته وتلامذته، وكان إذا ركب يمشي حوله ثلاثمائة تلميذ فقهاء وغيرهم وكان [[خوارزم شاه|خوارزمشاه]] يأتي إليه، وكان ابن الخطيب شديد الحرص جداً في سائر العلوم الشرعية والحكمية، جيد الفطرة، حاد الذهن، حسن العبارة، كثير البراعة، قوي النظر في صناعة الطب ومباحثها، عارفاً [[أدب|بالأدب]]، وله شعر بالفارسي والعربي، وكان عبل البدن، ربع القامة، كبير اللحية، وكان في صوته فخامة، وكان يخطب ببلده [[الري (إيران)|الري]] وفي غيرها من البلاد، ويتكلم على المنبر بأنواع من الحكمة، وكان الناس يقصدونه من البلاد، ويهاجرون إليه من كل ناحية على اختلاف مطالبهم في العلوم، وتفننهم فيما يشتغلون به، فكان كل منهم يجده عند النهاية القصوى فيما يرومه منه، وكان الإمام فخر الدين قد قرأ الحكمة على مجد الدولة الجيلي بمراغة، وكان مجد الدين هذا من الأفاضل العظماء في زمانه، وله تصانيف جليلة...}}<ref>[http://islamport.com/w/tkh/Web/340/309.htm ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160224045024/http://islamport.com/w/tkh/Web/340/309.htm |date=24 فبراير 2016}}</ref>
*
* ويقول عنه [[ابن العماد الحنبلي]]: {{اقتباس مضمن|الإمام فخر الدين الرازي العلامة أبو عبد الله، محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، الشافعي المفسر المتكلم، صاحب التصانيف المشهورة. ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة، واشتغل على والده الإمام ضياء الدين خطيب الري، صاحب محي السنة [[البغوي]]، وكان فخر الدين ربع القامة، عبل الجسم، كبير اللحية، جهوري الصوت، صاحب وقار وحشمة، له ثروة ومماليك وبزة حسنة وهيئة جميلة. إذا ركب مشى معه نحو الثلاثمائة مشتغل على اختلاف مطالبهم، في التفسير، والفقه، والكلام، والأصول، والطب، وغير ذلك. وكان فريد عصره، ومتكلم زمانه، رزق الحظوة في تصانيفه، وانتشرت في الأقاليم. وكان له باع طويل في الوعظ، فيبكي كثيرا في وعظه. سار إلى [[شهاب الدين الغوري]] سلطان غزنة، فبالغ في إكرامه، وحصلت له منه أموال طائلة، واتصل بالسلطان [[محمد خوارزم شاه الثاني|علاء الدين خوارزم شاه]]، فحظي لديه، وكان بينه وبين [[الكرامية]] السيف الأحمر، فينال منهم وينالون منه، سبا وتكفيرا، حتى قيل أنهم سموه فمات، وخلف تركة ضخمة، منها ثمانون ألف دينار. توفي ب[[هراة]] يوم عيد الفطر. قاله جميعه في العبر. وقال ابن قاضي شهبة: ومن تصانيفه تفسير كبير لم يتمه، في اثني عشر مجلدا كبارا، سماه مفاتيح الغيب...}}<ref>[http://islamport.com/w/trj/Web/1620/1558.htm ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160224060205/http://islamport.com/w/trj/Web/1620/1558.htm |date=24 فبراير 2016}}</ref>
* وقال عنه [[شمس الدين الداوودي]] في طبقات المفسرين: {{اقتباس مضمن|الإمام العلامة سلطان المتكلمين في زمانه، فخر الدين، أبو عبد الله القرشي البكري التيميّ، من ذرية [[أبو بكر الصديق|أبي بكر الصديق]] رضي الله عنه، الطبرستاني الأصل، ثم الرازي، ابن خطيبها. المفسّر، المتكلم. إمام وقته في العلوم العقلية، وأحد الأئمة في العلوم الشرعية، صاحب المصنفات المشهورة، والفضائل الغزيرة المذكورة، وأحد المبعوثين على رأس المائة السادسة لتجديد الدين. ولد في رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وقيل سنة ثلاث، اشتغل أولا على والده ضياء الدين عمر، وهو من تلامذة [[البغوي]]، ثم على الكمال السمناني، وعلى المجد الجيلي، صاحب محمد بن يحيى، وأتقن علوما كثيرة، وبرز فيها، وتقدّم وساد، وقصده الطلبة من سائر البلاد، وصنف في فنون كثيرة؛ وكان له مجلس كبير للوعظ يحضره الخاص والعام، ويلحقه فيه حال ووجد.}}<ref name="شمس الدين الداوودي، طبقات المفسرين"/>
* ويقول [[جمال الدين القفطي]] في كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء: {{اقتباس مضمن|وله تصانيف في الأصول وتصانيف في ال[[المنطق|منطق]] وفسر القرآن تفسيراً كبيراً وكان علمه محتفظاً من تصانيف المتقدمين والمتأخرين يعلم ذلك من يقف عليها... كان من أفاضل أهل زمانه بَذَّ القدماء في الفقه وعلم الأصول والكلام والحكمة ورد على [[ابن سينا|أبي علي بن سينا]] واستدرك عليه وكان عظيم الشأن ب[[خراسان (توضيح)|خراسان]] وسارت مصنفاته في الأقطار واشتغل بها الفقهاء وكان يطعن على [[الكرامية]] ويبين خطأهم فقيل أنهم توصلوا إلى إطعامه السم فهلك وكان يركب وحوله السيوف المجذبة وله المماليك الكثيرة والمرتبة العالية والمنزلة الرفيعة عند السلاطين الخوارزمشاهية وعنّ له أن تهوّس بعمل ال[[كيمياء]] وضيّع في ذلك مالاً كثيراً ولم يحصل على طائل... ومن تصانيفه كتاب تفسير القرآن الكبير سماه مفاتيح الغيب سوى تفسير الفاتحة وأفرد لها تصنيفاً اثني عشر مجلداً بخطه الدقيق. كتاب تفسير القرآن الصغير سماه أسرار التنزيل وأنوار التأويل...}}<ref>[https://shamela.ws/browse.php/book-26336/page-215#page-215 القفطي، إخبار العلماء بأخبار الحكماء.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160308043758/http://shamela.ws/browse.php/book-26336/page-215 |date=08 مارس 2016}}</ref>
* ويقول [[أبو يحيى زكريا القزويني|زكريا القزويني]] في [[آثار البلاد وأخبار العباد]]: {{اقتباس مضمن|إمام الوقت ونادرة الدهر وأعجوبة الزمان.}}<ref>[http://islamport.com/w/bld/Web/459/153.htm القزويني، آثار البلاد وأخبار العباد.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160225082922/http://islamport.com/w/bld/Web/459/153.htm |date=25 فبراير 2016}}</ref>
* ويقول [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير]] في [[الكامل في التاريخ]]: {{اقتباس مضمن|كان إمام الدنيا في عصره.}}<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=899&idfrom=3386&idto=3386&flag=0&bk_no=126&ayano=0&surano=0&bookhad=0 ابن الأثير، الكامل في التاريخ.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170702105809/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3386&idto=3386&bk_no=126&ID=899 |date=02 يوليو 2017}}</ref>
* ويقول [[شمس الدين الشهرزوري]] في نزهة الأرواح وروضة الأفراح: {{اقتباس مضمن|إمام زمانه وفاضل أيامه، وصاحب التصانيف المعظمة والمؤلفات المفخمة في أكثر العلوم، بلغ رحمه الله تعالى في البحث والجدل والقيل والقال مبلغاً عظيماً.}}<ref>شمس الدين الشهرزوري، نزهة الأرواح وروضة الأفراح، ص392.</ref>
* ويقول [[صلاح الدين الصفدي]] في الوافي بالوفيات: {{اقتباس مضمن|الإمام العلامة فريد دهره ونسيج وحده فخر الدين أبو عبد الله القرشي التيمي البكري الطبرستاني الأصل الرازي المولد ابن خطيب الري الشافعي الأشعري.}}
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|'''علامة العلماء والبحر الذي'''|'''لا ينتهي ولكل بحرٍ ساحل'''}}
{{بيت|'''ما دار في الحنك اللسان وقلبت'''|'''قلماً بأحسن من ثناه أنامل'''<ref name="الوافي1">[http://islamport.com/w/tkh/Web/290/538.htm الصفدي، الوافي بالوفيات.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160225114222/http://islamport.com/w/tkh/Web/290/538.htm |date=25 فبراير 2016}}</ref>}}
{{نهاية قصيدة}}
* وعند [[اليافعي]] في مرآة الجنان: {{اقتباس مضمن|الإمام الكبير العلامة التحرير الأصولي المتكلم المناظر المفسر صاحب التصانيف المشهورة في الآفاق الحظية في سوق الإفادة بالاتفاق فخر الدين الرازي أبو عبدالله محمد بن عمر بن الحسين القرشي التيمي البكري الملقب بالإمام عند علماء الأصول المقرر لشبه مذاهب الفرق المخالفين والمبطل لها بإقامة البراهين الطبرستاني الأصل الرازي المولد المعروف الشافعي المذهب فريد عصره، ونسيج وحده الذي قال فيه بعض العلماء.}}
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|'''خصه الله برأي هو للغيب طليعة'''|'''فيرى الحق بعين دونها حد الطبيعة'''}}
{{نهاية قصيدة}}
* ومدحه الإمام [[السكاكي|سراج الدين يوسف بن أبي بكر بن محمد السكاكي الخوارزمي]] بقوله:
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|'''إعلمن علمًا يقينا'''|'''أن رب العالمينا'''}}
{{بيت|'''لو قضى في عالميهم'''|'''خدمة للأعلمينا'''}}
{{بيت|'''أخدم الرازي فخرا'''|'''خدمة العبد ابن سينا'''}}
{{نهاية قصيدة}}<ref>[http://islamport.com/w/tkh/Web/350/638.htm اليافعي، مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160225114918/http://islamport.com/w/tkh/Web/350/638.htm |date=25 فبراير 2016}}</ref>
* وعده [[جلال الدين السيوطي]] مجدد القرن السادس، فقال في قصيدته عن المجددين:
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|'''والسادس الفخر الإمام الرازي'''|'''و[[أبو القاسم الرافعي القزويني|الرافعي]] مثله يوازي'''<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=1610&idfrom=7449&idto=7542&flag=0&bk_no=55&ayano=0&surano=0&bookhad=0 محمد شمس الحق العظيم آبادي، عون المعبود شرح سنن أبي داود.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170723084912/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=7449&idto=7542&bk_no=55&ID=1610 |date=23 يوليو 2017}}</ref>}}
{{نهاية قصيدة}}
* ومدحه شرف الدين بن عنين بقصيدة قال فيها:
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|'''ريح الشمال عساك أن تتحملي'''|'''خدمي إلى الصدر الإمام الأفضل'''}}
{{بيت|'''وقفي بواديه المقدس وانظري'''|'''نور الهدى متألقاً لا يأتلي'''}}
{{بيت|'''من دوحة فخرية عمرية'''|'''طابت مغارس مجدها المتأثل'''}}
{{بيت|'''مكية الأنساب زاك أصلها'''|'''وفروعها فوق السماك الأعزل(1)'''}}
{{بيت|'''واستمطري جدوى(2) يديه فطالما'''|'''خلف الحيا(3) في كل عام ممحل'''}}
{{بيت|'''نعم سحائبها تعود كما بدت'''|'''لا يعرف الوسميّ(4) منها والولي(5)'''}}
{{بيت|'''بحر تصدر للعلوم ومن رأى'''|'''بحراً تصدر قبله في محفل'''}}
{{بيت|'''ومشمّر في [[الله]] يسحب للتقى'''|'''والدين سربال(6) العفاف المسبل'''}}
{{بيت|'''ماتت به بدع تمادى عمرها'''|'''دهراً وكاد ظلامها لا ينجلي'''}}
{{بيت|'''فعلا به [[الإسلام]] أرفع هضبة'''|'''ورسا سواه في الحضيض الأسفل'''}}
{{بيت|'''غلط أمرؤ بأبي علي قاسه'''|'''هيهات قصر عن هداه أبو علي'''}}
{{بيت|'''لو أن رسطاليس يسمع لفظه'''|'''من لفظه لعرته هزة أفكل(7)'''}}
{{بيت|'''ويحار [[بطليموس]] لو لاقاه'''|'''من برهانه في كل شكل مشكل'''}}
{{بيت|'''فلو أنهم جمعوا لديه تيقنوا'''|'''أن الفضيلة لم تكن للأول'''}}
{{بيت|'''وبه يبيت الحلم معتصماً إذا'''|'''هزّت رياح الطيش ركني يذبل(8)'''}}
{{بيت|'''يعفو عن الذنب العظيم تكرماً'''|'''ويجود مسؤولاً وإن لم يسأل'''}}
{{بيت|'''أرضى الإله بفضله ودفاعه'''|'''عن دينه وأقرّ عين المرسل'''}}
{{بيت|'''يا أيها المولى الذي درجاته'''|'''ترنو إلى فلك الثوابت من عل'''}}
{{بيت|'''ما منصب إلا وقدرك فوقه'''|'''فبمجدك السامي يهني ما تلي'''}}
{{بيت|'''فمتى أراد الله رفعة منصب'''|'''أفضى إليك فنال أشرف منزل'''}}
{{بيت|'''لا زال ربعك للوفود محطة'''|'''أبداً وجودك كهف كل مؤمل'''<ref>[http://islamport.com/w/tkh/Web/340/310.htm ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160303135809/http://islamport.com/w/tkh/Web/340/310.htm |date=03 مارس 2016}}</ref><ref>{{استشهاد بويكي بيانات|Q114956888|ج=6|ص=2664-2665}}</ref>}}
{{نهاية قصيدة}}
# كوكب منير سمي بالأعزل لأنه ليس أمامه شيء.
# عطية.
# المطر.
# أول مطر الربيع.
# المطر يسقط بعد المطر.
# القميص أو كل ما يُلبس.
# المرتعد من خوف أو برد.
# اسم جبل.
* ودافع عنه [[سعيد فودة]] دفاعاً قوياً في كتابه [[الكاشف الصغير عن عقائد ابن تيمية]] فقال: {{اقتباس مضمن|...[[ابن تيمية]] الذي ظهر في النصف الثاني من القرن السابع وتوفي في الرابع الأول من القرن الثامن، كان واحداً من الذين حملوا لواء ال[[تجسيم]] ودافع عنه مُتَسَتِّراً تحت راية الكتاب والسنة وأقوال ال[[الصحابة|صحابة]] ليستجلب قلوب العوام إلى هذا المذهب كما سترى في هذا الكتاب. وقد كان ال[[مشبهة|مجسمة]] بكافة طوائفهم وفرقهم ما زالوا لا يستطيعون النهوض من آثار الضربات القوية والمتلاحقة التي كالها الإمام فخر الدين الرازي لمذهبهم ومشايخهم، فهو رحمه الله ما تركهم إلا بعد أن كسر شوكتهم وتركهم ضحكة للمتقدمين والمتأخرين، وكان الإمام الرازي شديد الوطأة عليهم في المناظرات وفي كتبه حتى كان بعضهم يبكي أمام الناس من هَوْلِ ما يلاقيه من هذا الإمام. وكان من أشد الكتب التي ألَّفها هذا الإمام الكبير الكتاب الذي سماه "[[تأسيس التقديس (كتاب)|أساس التقديس]]" ذكر فيه خلاصة مذاهبهم وردَّ عليها على جميع التقادير، حتى بقي هذا الكتاب علامة وحَسَنة ندعو الله تعالى أن يثيب الإمام عليها خيراً كثيراً. فلما نظر ابن تيمية في واقع أصحابه، قام بعدَّة تحركات ليس الآن مجال شرحها ولعلنا نوضحها في كتاب مستقل. ولكن ما نريد أن نقوله هو أن ابن تيمية لما لاحظ شدة تأثير الإمام الرازي على مذهبه وهو مذهب ال[[تجسيم]]، وأن ما تركه الإمام الرازي من كتب فهي الآن معاول بأيدي أصحابه يهدمون بها مذاهب ال[[مشبهة]] وال[[مشبهة|مجسمة]]. أقول لما رأي ابن تيمية هذا الواقع شدَّ عَزْمه على الرد على الإمام الرازي في غالب كتبه أساساً وكذلك الرد على سائر من هو من أصحاب الإمام الرازي من المتقدمين والمتأخرين. ولذلك تراه كثيراً ما يرد عليه في أغلب كتبه إما بذكره بالاسم أو بالرد على مذهبه وطريقته ولما كان الإمام الرازي قد ألف كتاباً خاصاً في الرد على المجسمة وبيان تهافتهم وهو كتاب [[تأسيس التقديس (كتاب)|أساس التقديس]]، فقد ركَّز ابن تيمية جهوده على هذا الكتاب فكتب كتابه المشهور [[بيان تلبيس الجهمية|بالرد على أساس التقديس]]. وقد كتب ابن تيمية في نصرة مذهب التجسيم كتباً ورسائل عديدة وبث أفكاره في أثناء كتبه وفتاويه ولم يَدَّخر جهداً في نصرة مذهبه والذبِّ عنه...<ref>كتاب: الكاشف الصغير عن عقائد ابن تيمية، تأليف: سعيد عبد اللطيف فودة، طبعة دار الرازي، الطبعة الأولى، 2000م، ص: 14-15.</ref>}}

{{اقتباس عالم|[[تاج الدين السبكي]] في [[طبقات الشافعية الكبرى|طبقاته]] عن فخر الدين الرازي|متن= إمام المتكلمين، ذو الباع الواسع في تعليق العلوم، والاجتماع بالشاسع من حقائق المنطوق والمفهوم، والارتفاع قدرا على الرفاق، وهل يجري من الأقدار إلا الأمر المحتوم؟ بحر ليس للبحر ما عنده من الجواهر، وحبر سما على السماء، وأين للسماء مثل ما له من الزواهر؟ وروضة علم تستقل الرياض نفسها أن تحاكي ما لديه من الأزاهر. انتظمت بقدره العظيم عقود الملة الإسلامية، وابتسمت بدره النظيم ثغور الثغور المحمدية، تنوع في المباحث وفنونها، وترفع فلم يرض إلا بنكت تسحر ببيونها، وأتى بجنات طلعها هضيم، وكلمات يقسم الدهر أن [[إلحاد|الملحد]] بعدها لا يقدر أن يضيم. وله شعار أوى [[أشعرية|الأشعري]] من سننه إلى ركن شديد، واعتزل [[المعتزلة|المعتزلي]] علما أنه ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، وخاض من العلوم في بحار عميقة، وراض النفس في دفع أهل البدع وسلوك الطريقة. أما الكلام فكل ساكت خلفه، وكيف لا وهو الإمام، رد على طوائف المبتدعة، وهد قواعدهم... وأما علوم الحكماء؛ فلقد تدرع بجلبابها، وتلفع بأثوابها، وتسرع في طلبها حتى دخل من كل أبوابها... وأما الشرعيات تفسيرا، وفقها: وأصولا: وغيرها؛ فكان بحرا لا يجارى وبدرا، إلا أن هداه يشرق نهارا... ولقد أجاد ابن عنين، حيث يقول فيه: ماتت به بدع تمادى عمرها دهرا وكاد ظلامها لا ينجلي وعلا به الإسلام أرفع هضبة ورسا سواه في الحضيض الأسفل...

واشتهرت مصنفاته في الآفاق، وأقبل الناس على الاشتغال بها، ورفضوا كتب المتقدمين، وأقام ب[[هراة]]، وكان يلقب بها [[شيخ الإسلام]]، وكان كثير الإزراء ب[[الكرامية]]. فقيل: إنهم وضعوا عليه من سقاه سما، فمات. وكان [[خوارزم شاه|خوارزمشاه]] يأتي إليه، وكان إذا ركب يمشي حوله نحو ثلاث مائة نفس من الفقهاء وغيرهم، وكان شديد الحرص جدا في العلوم، وأصحابه أكثر الخلق تعظيما له، وتأدبا معه، له عندهم المهابة الوافرة... وأما كتاب (السر المكتوم في مخاطبة النجوم) فلم يصح أنه له؛ بل قيل: إنه مختلق عليه... واعلم أن شيخنا [[شمس الدين الذهبي|الذهبي]] ذكر الإمام في كتاب (الميزان)، في الضعفاء، وكتبت أنا على كتابه حاشية، مضمونها أنه ليس لذكره في هذا المكان معنى، ولا يجوز من وجوه عدة، أعلاها أنه ثقة حبر من أحبار الأمة، وأدناها أنه لا رواية له، فذكره في كتب الرواة مجرد فضول، وتعصب وتحامل تقشعر منه الجلود... إلى أن قال: واعلم أن هذه الجملة من كلام الإمام دالة على مراقبته طول وقته، ومحاسبته لنفسه، [[رضي الله عنه]]، وقبح من يسبه، أو يذكره بسوء حسدا وبغيا من عند نفسه.<ref name="library.islamweb.net" />|}}

== انتقادات ==
[[ملف:تخطيط كلمة ابن تيمية.png|تصغير|يسار|[[ابن تيمية|ابن تيمية الحراني]] أقوى من توجه بالنقد الشديد لـ الرازي حتى أنّه في كتابه «[[بيان تلبيس الجهمية]]» اتهمه [[ردة (توضيح)|بالردة]] والدعوة إلى عبادة الكواكب والأوثان.]]

=== اشتغاله بالفلسفة ===
توجه البعض بالنقد لفكر الرازي وعقيدته، بسبب اشتغاله بالفلسفة واهتمامه بها، ويعني هذا أن الاشتغال بالفلسفة كان سببا في خصومات وانتقادات كثيرة في حياته وبعد مماته، كاتهامه بأنه مجرد ناقل عن [[أرسطو]] (ت 322 ق م) وأتباعه من [[المدرسة المشائية|المشائين]] اليونانيين والمسلمين، أمثال [[قالينوس]] (ت 201 م)، و[[أبو بكر الرازي|محمد بن زكريا الرازي]] (ت [[312 هـ]])، و[[ابن سينا]] (ت [[428 هـ]])، و[[ابن ملكا البغدادي|أبي البركات البغدادي]] (ت [[560 هـ]])، وهو متهم أَيْضًا بأنه كان يعرض الشبه عن الفلاسفة وغيرهم ولم يجب عنها، أو بأنه شغل الناس بكتب الفلسفة بدل كتب السنة وغير ذلك. وقد اهتم المؤرخون وغيرهم بهذه الانتقادات بين مؤيد ومعارض، فذكر [[الصفدي (توضيح)|الصفدي]] (ت [[764 هـ]]) أن خصوم الرازي أكثروا عليه التشنيع بسبب إيراد الشبه والأدلة للخصوم ولم يجب عنها، ومن هؤلاء [[ابن سيد الناس]] (ت [[734 هـ]])، الذي اعتمد على ما ذكره [[ابن جبير]] (ت [[614 هـ]]) في رحلته، من أنه دخل الري ووجد الرازي قد التفت عن السنة وشغل الناس بكتب [[ابن سينا]] و[[أرسطو]].<ref>[[الصفدي (توضيح)|الصفدي]]، الوافي بالوفيات، ج4، ص: 251.</ref>

بينما يرى آخرون بإنه وبالرغم من كون اشتغال الرازي بالفلسفة صحيح إلا أن ابتعاده عن السنة شهادة باطلة وافتراء عليه، ولكن خصومه استغلوا أي كلام من أجل التشكيك في مكانته في الفكر الإسلامي ودوره في تطويره، حسدا له على إصابته في اجتهاداته ونجاحه في الرد على أهل البدع والنصارى واليهود، وحتى الفلاسفة، فالرازي أخد من الفلسفة ما رآه صحيحا وحافظ على مذهب [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] ودافع عنه بكل قوته.

يقول [[تاج الدين السبكي]] (ت [[771 هـ]]) عن تضلعه في الحكمة: {{اقتباس مضمن|وأما علوم الحكماء فلقد تدرع بجلبابها وتلفع بأثوابها، وتسرع في طلبها حتى دخل من كل أبوابها، وأقسم الفيلسوف: إنه لذو قدر عظيم، وقال المنصف في كلامه: هذا من لدن حكيم.}}<ref name="library.islamweb.net">[http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?hflag=1&bk_no=1702&pid=631603 تاج الدين السبكي، طبقات الشافعية الكبرى.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170629224322/http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?hflag=1&bk_no=1702&pid=631603 |date=29 يونيو 2017}}</ref> ويقول [[ابن قاضي شهبة]] (ت [[851 هـ]]): {{اقتباس مضمن|إمام وقته في العلوم العقلية، وأحد الأئمة في العلوم الشرعية، صاحب المصنفات المشهورة والفضائل الغزيرة المذكورة، ولد في رمضان سنة 544، وقيل سنة ثلاث، اشتغل أولا على والده ضياء الدين عمر، وهو من تلامذة [[البغوي]]، ثم على [[الكمال السمناني]] وعلى [[المجد الجيلي]] صاحب محمد بن يحيى، وأتقن علوما كثيرة وبرز فيها وتقدم وساد، وقصده الطلبة من سائر البلاد، وصنف في فنون كثيرة..}}<ref>[http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/1559_خلاصة-عبقات-الأنوار-السيد-حامد-النقوي-ج-8/الصفحة_226 ابن قاضي شهبة، طبقات الشافعية.] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20191217022603/http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/1559_خلاصة-عبقات-الأنوار-السيد-حامد-النقوي-ج-8/الصفحة_226 |date=17 ديسمبر 2019}}</ref>

=== حول كتابته عن علم السحر والنجوم ===
من أشد الانتقادات التي وجهت للرازي هي كتابته عن علم السحر والطلاسم وتصنيفه فيه، وهذا ما اعْتَبَره منتقدوه مخالفا للشرع، واتهموه [[ردة (إسلام)|بالردة عن الإسلام]] والدعوة إلى عبادة الأوثان يقول [[ابن تيمية]]: {{اقتباس مضمن|من العجب أن يذكر -يعني الرازي- عن أبي معشر ما يَذُمُّ به عبادة الأوثان، وهو الذي اتخذ أبا معشر أحد الأئمة الذين اقتدى بهم في الأمر بعبادة الأوثان، لما ارتد عن دين الإسلام، وأمر بالإشراك بالله تعالى وعبادة الشمس والقمر والكواكب والأوثان، في كتابه الذي سماه: "السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم"}}.<ref>بيان تلبيس الجهمية الجزء 3 صــ53</ref> ويدافع آخرون عن اشتغال الرازي بالسحر بأنه لا يوجد دليل صريح على أنه يدعو إلى عبادة غير الله، ويقول الرازي نفسه في هذه المسألة بجواز تعلم السحر إذ يقول في [[تفسير الرازي|تفسيره]] {{اقتباس مضمن|العلم بالسحر غير قبيح ولا محظور: اتفق المحققون على ذلك لأن العلم لذاته شريف وأَيْضًا لعموم قوله تعالى: {{قرآن|هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}} ولأن السحر لو لم يكن يعلم لما أمكن الفرق بينه وبين المعجز، والعلم بكون المعجز معجزا واجب وما يتوقف الواجب عليه فهو واجب فهذا يقتضي أن يكون تحصيل العلم بالسحر واجبا وما يكون واجبا كيف يكون حراما وقبيحا}}.<ref>تفسير الرازي الجزء 3 صـ231-232</ref>

أما عن تصنيفه لكتاب: «السر المكتوم في مخاطبة النجوم» و«الاختيارات العلائية في الاختبارات السمائية» فليس في ذلك بأس عندهم فإنه قد صنفهم على وجه إظهار ما في السحر من الفساد، لا على سبيل الاعتقاد إذ أن الرازي تبرأ مما ذكر فيهم.<ref>تفسير ابن كثير الجزء 1 صــ251</ref><ref>[https://www.youtube.com/watch?v=aAKErFQ_fMo د.سعيد فودة، هل كفر فخر الدين الرازي كما يدعي ابن تيمية؟] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170526021739/https://www.youtube.com/watch?v=aAKErFQ_fMo |date=26 مايو 2017}}</ref><ref>الامام الفخر الرازي ومصنفاته صــ214</ref><ref>[http://www.sasmari.com/news/view/118 الشيخ صالح بن محمد الأسمري، تبرئة الإمام الرازي من الكفر] {{وصلة مكسورة|date= أبريل 2018 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161226182243/http://sasmari.com/news/view/118 |date=26 ديسمبر 2016}}</ref>

{{اقتباس عالم|الرازي في مقدمة "الاختيارات العلائية في الاختبارات السمائية" |متن= ينبغي أن تعلم أن النظر في النجوم على ستة أوجه:<br />الأول: النظر في هذه الأجرام لتدل علي الخالق عز اسمه وحياته وعلمه وقدرته، وهذا عين الإيمان بل أعلى درجات الإيمان؛ لأن إبراهيم عليه السلام نظر في النجوم والقمر والشمس فاستدل بهذا النظر على وجود الباري سبحانه وتعالي.<br />الثاني: النظر في حركاتها لتحديد أوقات الصلاة والصيام والزكاة والحج وسمت القبلة، والنظر في النجوم على هذا الوجه واجب.<br />
الثالث: النظر في مقاديرها وأجرامها وأبعادها ودوراتها كما في علم الهيئة والنظر في النجوم على هذا الوجه مندوب إليه لفهم آثار حكمة الله.<br />الرابع: اعتقاد أن النجوم غير مؤثرة أبدا في العالم بالطبع، لكن أجرى الله تعالى العادة أن طلوع الشمس سبب ضياء العالم وغروبها سبب ظلمته، والقرب منها سبب حرارة الهواء والابتعاد عنها سبب برودته، ومثل هذا النظر في هذه النجوم كأسباب للسعادة والنحوسة من طريق العادة لا من طريق الطبع، واتفق جملة المحققين والمتكلمين على أن علم النجوم على هذا الوجه ليس بكفر ولا ضلالة.<br />الخامس: اعتقاد أن النجوم مؤثرة في العالم بالطبع، وهذا الاعتقاد خطأ ولكنه ليس بكفر.<br />
السادس: اعتقاد أن النجوم مدبرة للعالم وعبادتها، وهذا كفر صريح. وبسبب هذا التفصيل أوردنا في هذا الكتاب ما يحدث بالنظر فيه منفعة ولا يضر الاعتقاد.<ref>[http://www.aghabozorg.ir/showbookdetail.aspx?bookid=85787 مقدمة الاختيارات العلائية في الاختبارات السمائية (مخطوط)] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170202013353/http://www.aghabozorg.ir/showbookdetail.aspx?bookid=85787 |date=02 فبراير 2017}}</ref>}}

ويقول في مقدمة كتاب: «السر المكتوم في مخاطبة النجوم» «فهذا كتاب يَجْمَعُ فيه ما وصل إلينا من علم الطَّلْسَمات والسِّحْريات والعزائم ودعوة الكواكب، مع التَّبَرِّي عن كل ما يُخالف الدين وسليم اليقين».<ref>مقدمة السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم (مخطوط)</ref>
وأنكر كثير من العلماء والمؤرخين نسبة الكتاب إليه وشككوا في ذلك، ونفوا نسبته إليه؛ لعدم الوقوف على الكتاب ولكون المؤلف ليس من أهل تلك الصنعة، كما هو ظاهر كلام ابن خلدون في مقدمتة. كما أنه وعلى فرض صحة نسبته إليه ما يزال هناك شك في اطلاع المنكرين عليه. قال في لسان الميزان: «وله كتاب «السر المكتوم في مخاطبة النجوم»: سحر صريح فلعله تاب من تأليفه أن شاء الله».<ref>[https://shamela.ws/browse.php/book-12063/page-2184 لسان الميزان ج4 ص426] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170202080921/http://shamela.ws/browse.php/book-12063/page-2184 |date=02 فبراير 2017}}</ref> قال التاج السبكي: «وأمّا كتاب «السر المكتوم في مخاطبة النجوم» فلم يصحَّ أنّه له، بل قيل إنه مختلق عليه».<ref>طبقات الشافعية لتاج الدين السبكي ج8 ص87.</ref> وقال أَيْضًا: «قلتُ: وقد عرّفناك أن هذا الكتاب مختلق عليه، وبتقدير صحّة نسبته إليه ليس بسحر، فليتأمّله من يُحسن السحر». وفي دار الكتب المصرية عدة نسخ من هذا الكتاب، وجاء في مقدمتها نص الفخر الرازي أنه بريء مما في هذا الكتاب، وأنه أراد فقط جمع ما كتبه أدعياء السحر، وبيان حججهم بعبارته، حتى يستطيع المناظر لهم أن يدرك مذهبهم.<ref>مخطوطة دار الكتب المصرية</ref> وكلام الفخر الرازي حول السحر والتنجيم مذكور من خلال مؤلفاته التي بين فيها ماهية السحر وأحكامه،<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=151&idfrom=494&idto=508&flag=0&bk_no=132&ayano=0&surano=0&bookhad=0 تفسير الرازي] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170202041139/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=132&ID=151&idfrom=494&idto=508&bookid=132&startno=7 |date=02 فبراير 2017}}</ref> وتوضيح مفاسده، وبيان أقسامه.<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=151&idfrom=494&idto=508&flag=0&bk_no=132&ayano=0&surano=0&bookhad=0 التفسير الكبير ص188 وما بعدها] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170202041331/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=132&ID=151&idfrom=494&idto=508&bookid=132&startno=6 |date=02 فبراير 2017}}</ref>

=== انتقادات لتفسيره ===

==== إيراد الشبه وترك الجواب عليها ====
ينتقد البعض الرازي بأنه يورد شبه المخالفين في المذهب والدين على غاية ما يكون من التحقيق ثم يورد ردها على غاية من الوهاء والضعف ومثله قول بعضهم إنه يورد الشبه نقداً ويحلها نسيئة وقول آخرين كان يقرر في مسائل كثيرة من مذاهب الخصوم وشبههم بأتم عبارة، فإذا جاء إلى الأجوبة اقتنع بالإشارة.<ref>لسان الميزان الجزء 6 صــ319</ref><ref>ذيل الروضتين صــ68</ref>

ويرد على ذلك آخرون بإن الرازي لم ينصف بهذه العبارات المطلقة وإن الذين أصدروا تلك الأحكام في حقه وحق تفسيره لم يصيبوا <ref>د.عيادة بن أيوب الكبيسي، شبهات حول تفسير الرازي (عرض ومناقشة)، مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية - العدد 16 صــ71</ref>، يقول الشيخ [[محمد بن عبد الباقي الزرقاني|الزرقاني]] {{اقتباس مضمن|ومن أهل السنة من استبسل في الدفاع عن عقيدتهم في تفسيره وعلى رأس هؤلاء الإمام فخر الدين الرازي الذي شنها حربا شعواء في كل مناسبة على أهل الزيغ والانحراف في العقيدة وقد سلك في تفسيره [[تفسير الرازي|مفاتيح الغيب]] المشهور بتفسير الفخر مسلك الحكماء الإلهيين فصاغ أدلته في مباحث الإلهيات على نمط استدلالاتهم العقلية ولكن مع تهذيبها بما يوافق أصول أهل السنة وكذلكفقال لي الشيخ أثير الدين وأظنه تقي  تعرض لشبههم بالنقض والتفنيد في كثير من المواضع <ref>مناهل العرفان الجزء 2 صــ96-97</ref>}}، ويقول [[صلاح الدين الصفدي|الصفدي]] {{اقتباس مضمن|...ابن دقيق العيد يقول فخر الدين وإن كان قد أكثر من إيراد شبه الفلاسفة وملأ بها كتبه فإنه قد زلزل قواعدهم قلت الأمر كما قال لأنه إذا ذكر للفلاسفة أو غيرهم من خصومه شبهة ثم أخذ في نقضها فإما أن يهدمها ويمحوها ويمحقها وإما أن يزلزل أركانها من ذلك أنه أتى إلى شبهة الفلاسفة في أن وجود الله تعالى عين ذاته ولهم في ذلك شبه وحجج قوية مبنية على أصولهم التي قرؤها فقال هذا كله ما نعرفه ولكن نحن نعلم قطعا أن الله تعالى موجود ونشك في ذاته ما هي فلو كان وجوده عين ذاته لما كنا نعلم وجوده من وجه ونجهله من وجه إذ الشيء لا يكون في نفسه معلوما مجهولا هذا أمر قطعي فانظر إلى هذه الحجة ما أقواها وأوضحها وأجلاها كيف تهدم ما بنوه وتدكدك ما شيدوه وعلوه.<ref>الوافي بالوفيات الجزء 4 صــ177</ref>}}.

==== فيه كل شيء إلا التفسير ====
يُنتقَد الرازي ويُتهَم من البعض أنه قد جمع في تفسيره أشياء طويلة لا حاجة بها وليست من [[علم التفسير]] في شيء، يقول [[أبو حيان الغرناطي]] {{اقتباس مضمن|وهكذا جرت عادتنا: أن كل قاعدة في علم من العلوم يرجع في تقريرها إلى ذلك العلم، ونأخذها في علم التفسير مسلمة من ذلك العلم، ولا نطول بذكر ذلك في علم التفسير، فنخرج عن طريقة التفسير، كما فعله أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي، المعروف بابن خطيب الري، فإنه جمع في كتابه في التفسير أشياء كثيرة طويلة، لا حاجة بها في علم التفسير. ولذلك حكي عن بعض المتطرفين من العلماء أنه قال: فيه كل شيء إلا التفسير.<ref>البحر المحيط الجزء1 صــ547</ref>}}.

بينما يرى آخرون أن في هذا مغالاة ومبالغة زائد وحيفاً على هذا التفسير وصاحبه فيقول د.عيادة بن أيوب الكبيسي {{اقتباس مضمن|ولعل منشأ الخطأ في هذا الحكم ومجانبة الصواب إنما نتج عن عدم ملاحظة منهج الرازي في تفسيره والدافع له على تأليفه وهو الدفاع عن القرآن الكريم، وتبرير جميع ما جاء فيه على ضوء القوانين العقلية وتأييد استدلالاته في العقيدة بها، وإجابة الطاعنين والرد عليهم حتى لا يبقى شك عند أحد كونه من الله سبحانه وتعالى ولذا فهو يسخر في تفسيره المعارف الإنسانية لتحقيق هدفه وهو إثبات الإعجاز العقلي والعلمي للقرآن وإظهاره منزهاً عن التناقض الفكري والقصور العقلي وإثبات حقائق النقل بدقائق العقل حتى لا يستطيع ملحد أو ضال أن ينفذ من ثغرة غير مسدودة فيطعن فيي القرآن باسم العلم فينطي تزييفه على البسطاء فتتعرض عقائد الناس إلى الهزات..إنه يتمثل ذروة المحاولة العقلية لفهم القرآن واثبات سلامته من اى نوع من التناقض مع أشتماله على تلك العلوم والمعارف الكثيرة <ref>الرازي مفسرا صــ192، 193</ref><ref>د.عيادة بن أيوب الكبيسي، شبهات حول تفسير الرازي (عرض ومناقشة)، مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية - العدد 16 صــ65</ref> }} ويقول الشيخ [[محمد الفاضل بن عاشور]] {{اقتباس مضمن|وإذا كان بعض الناس لم يزل في شك من القيمة السامية لهذا التفسير، فإن كلمة قديمة لاكتها الألسن، قد كانت من أعظم أسباب هذا الشك وذلك ما راج في مجالس العلماء قديماً وحديثاً من أن تفسير الرازي قد اشتمل على كل علم إلا التفسير، فإنها كلمة صدرت من غير روية ولا تحقيق <ref>التفسير ورجاله صــ81</ref>}}، ويقول [[صلاح الدين الصفدي|الصفدي]] {{اقتباس مضمن|وقلت يوما للشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة [[تقي الدين السبكي|أبي الحسن علي السبكي]] قال الشيخ [[ابن تيمية|تقي الدين ابن تيمية]] وقد ذكر تفسير الإمام فيه كل شيء إلا التفسير فقال قاضي القضاة ما الأمر كذا إنما فيه مع التفسير كل شيء <ref>الوافي بالوفيات الجزء 4 صــ179</ref>}}

== كتب ومؤلفات عنه ==
* الرازي مفسراً — تأليف: د. [[محسن عبد الحميد]].
* الإمام الحكيم فخر الدين الرازي من خلال تفسيره — تأليف: د. عبد العزيز المجدوب.
* الإمام فخر الدين الرازي: حياته وآثاره — تأليف: علي محمد العماري.
* مناظرات فخر الدين الرازي في بلاد ما وراء النهر — تأليف: فتح الله خليف.
* الإمام فخر الدين الرازي ومصنافته — تأليف: [[طه جابر العلواني]].
* فخر الدين الرازي وآراؤه الكلامية والفلسفية — تأليف: محمد صالح الزركان.
* نظرية المعرفة عند الرازي من خلال تفسيره — تأليف: محمد العربي بوعزيزي.
* الرازي النحوي من خلال تفسيره — تأليف: طلال يحيى الطوبجي.
* موسوعة مصطلحات الإمام فخر الدين الرازي — تأليف: سميح دغيم.
* المنطلقات الفكرية عند الإمام الفخر الرازي — تأليف: محمد العريبي.
* الذات الإلهية عند فخر الدين الرازي — تأليف: عمر التريكي.
* الرازي في حضارة العرب — تأليف: د. خالد حربي.
* علم الدلالة عند العرب: فخر الدين الرازى نموذجاً — تأليف: محي الدين محسب.
* فخر الدين الرازي والتصوف — تأليف: أحمد محمد الجزار.
* الإعجاز البلاغي في القرآن؛ دراسة تحليلية عند فخر الدين الرازي — تأليف: عزيز الخطيب.
* المنقول والمعقول في التفسير الكبير لفخر الدين الرازي — تأليف: عارف مفضي المسعر.
* تعدد المعنى في النص القرآني: دراسة دلالية في تفسير مفاتيح الغيب للإمام فخر الدين الرازي — تأليف: إيهاب سعيد النجمي.
* أضواء على دراسة التفسير الكبير للإمام الرازي: رؤية منهجية لاستكشاف معالم المدرسة العقلية في التفسير — إعداد: محمد معصوم سركار الأزهري ومحمد أرشد الحسن أبو الحسن.
* التصور اللغوي عند الإمام فخر الدين الرازي — إعداد: أمان سليمان حمدان أبو صالح.
* تهذيب التفسير الكبير للإمام فخر الدين الرازي — إعداد: حسين بركة الشامي.
* منهج فخر الدين الرازي في تفسير القرآن — إعداد الباحث التونسي: بسّام الجمل.
* التفسير الكبير للفخر الرازي لغويا ونحويا — إعداد: محمود أحمد السويد.
* طبقات المفسرين — تأليف: [[جلال الدين السيوطي]].
* التفسير والمفسرون — تأليف: د. [[محمد حسين الذهبي]].
* مناهج المفسرين — تأليف: الدكتور منيع عبد الحليم محمود.
* تعريف الدارسين بمناهج المفسرين — تأليف: د. [[صلاح عبد الفتاح الخالدي]].
* التفسير ورجاله — تأليف: [[محمد الفاضل بن عاشور]].

== مراجع ==
{{مراجع}}

<div class="reflist4" style="height: 220px; overflow: auto; padding: 3px">
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، [[تأسيس التقديس (كتاب)|تأسيس التقديس]] ط.دار نور الصباح
* [[ياقوت الحموي|أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي]]، [[معجم البلدان]]
* [[أبو حامد الغزالي|أبو حامد محمد الغزّالي الطوسي النيسابوري]]، فضائح الباطنية
* [[ابن خلدون|ولي الدين عبد الرحمن بن محمد بن خلدون]]، [[مقدمة ابن خلدون]]
* [[ابن العماد الحنبلي|أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد]]، [[شذرات الذهب|شذرات الذهب في أخبار من ذهب]]
* [[الداودي (توضيح)|شمس الدين محمد بن علي بن أحمد الداوودي]]، طبقات المفسرين
* [[أبو يحيى زكريا القزويني|أبو عبد الله زكريا بن محمد بن محمود القزويني]]، [[آثار البلاد وأخبار العباد]] ط.دار صادر
* [[جوستاف لوبون]]، حضارة العرب ط.دار إحياء الكتب العربية
* [[ابن العبري|غريغوريوس أبو الفرج ابن العبري]]، مختصر تاريخ الدول ط.المطبعة الكاثوليكية
* [[ابن الوردي|ابو حفص عمر بن مظفر ابن الوردي]]، تتمة المختصر في أخبار البشر ط.دار المعرفة
* [[ابن الأثير الجزري|عز الدين ابن الأثير الجزري]]، [[الكامل في التاريخ]] ط. [[دار الكتب العلمية]]
* [[سبط ابن الجوزي|يوسف بن عبد الله سبط ابن الجوزي]]، مرآة الزمان
* [[جمال الدين القفطي|جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي]]، تاريخ الحكماء ط.مكتبة المثنى ببغداد، ومؤسسة الخانجي بمصر
* [[شمس الدين الذهبي|شمس الدين أبو عبد الله الذهبي]]، العبر في خبر من غبر ط.الكويت
* [[أبو الفداء|أبو الفداء إسماعيل بن علي]]، [[المختصر في أخبار البشر]]
* [[تاج الدين السبكي|تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب السبكي]]، [[طبقات الشافعية الكبرى]] نشر فيصل عيسى البابي الحلبي، دار إحياء الكتب العربية
* [[ابن أبي أصيبعة|أبو العباس ابن أبي أصيبعة]]، [[عيون الأنباء في طبقات الأطباء]] ط.دار مكتبة الحياة
* [[شمس الدين الذهبي|شمس الدين أبو عبد الله الذهبي]]، [[تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام]] ط.الكتاب العربي
* [[ابن كثير الدمشقي|أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير]]، [[البداية والنهاية]] ط.دار هجر
* [[ابن قاضي شهبة|تقي الدين ابن قاضي شهبة]]، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة نشر دائرة المعارف العثمانية – الهند
* حمد السنان وفوزي العنجري، أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم ط.دار الضياء
* دائرة المعارف الإمريكية
* [[ابن حجر العسقلاني|أحمد بن علي بن حجر العسقلاني]]، [[لسان الميزان]] ط.مكتب المطبوعات الإسلامية
* [[إسماعيل باشا البغدادي|إسماعيل بن محمد أمين بن مير سليم الباباني البغدادي]]، هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين ط.وكالة المعارف الجليلة
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، لوامع البينات شرح أسماء الله تعالى والصفات نشر المطبعة الشرقية بمصر
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، مناقب [[محمد بن إدريس الشافعي|الشافعي]] ط.القاهرة في مصر
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، [[تفسير الرازي|التفسير الكبير]] ط.دار الفكر
* [[عبد الوهاب الشعراني|أبو المواهب عبد الوهّاب بن أحمد الشعراني]]، [[اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر]]
* أ.د طه جابر العلوني، الإمام فخر الدين الرازي ومصنفاته ط.دار السلام
* [[محمد حسين الذهبي|د.محمد السيد حسين الذهبي]]، التفسير والمفسرون ط.مكتبة وهبة القاهرة
* [[ابن خلكان|أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان]]، [[وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان]] ط.دار صادر
* [[ابن خلدون الحضرمي|عبد الرحمن بن محمد بن محمد ابن خلدون]]، [[العبر وديوان المبتدأ والخبر|تاريخ ابن خلدون]] ط.: دار الفكر
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، مناظرات فخر الدين الرازي في بلاد ما وراء النهر ط.دار المشرق
* [[جمال الدين الإسنوي|جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي الشافعيّ]]، نهاية السول شرح منهاج الوصول ط.دار الكتب العلمية
* [[جلال الدين السيوطي|عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي]]، طبقات المفسرين ط.مكتبة وهبة
* [[محمد زاهد الكوثري]]، مقدمة الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل الإمام أبي حنيفة ط.مطبعة السعادة بمصر
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، المحصول ط.مؤسسة الرسالة
* [[أحمد مطلوب|د.أحمد بن مطلوب بن أحمد الناصري التكريتي]]، البلاغة عند السكاكي
* علي محمد العماري، الإمام فخر الدين الرازي: حياته وآثاره
* [[طاشكبري زاده|أبو الخير أحمد بن مصطفي بن خليل عصام الدين طاشكبري زاده]]، مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم ط.دار الكتب العلمية
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، الفراسة مطبوع في باريس سنة 1939م مع ترجمة فرنسية للدكتور يوسف مراد
* [[ابن الأكفاني|محمد إبراهيم الأنصاري ابن الأكفاني]]، إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد ط.دار الفكر العربى
* [[محمد إقبال]]، تطور الفكر الفلسفي في إيران ط.الدار الفنية
* [[محمد إقبال]]، ما وراء الطبيعة في إيران ط.مكتبة الأنجلو المصرية
* [[نصير الدين الطوسي|أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن نصير الدين الطوسي]]، تلخيص المحصل، على هامشه ط. مكتبة الكليات الأزهرية
* [[صدر الدين الشيرازي|ملا صدرا محمد بن إبراهيم القوامي الشيرازي]]، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ط.منشورات مصطفوى بقم
* [[ابن تيمية|تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني]]، [[درء تعارض العقل والنقل (كتاب)|موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول]] ط.مطبعة السنّة المحمدية
* [[ابن تيمية|تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني]]، [[مجموع الفتاوى (كتاب)|مجموع الفتاوي]] ط.مطابع الرياض
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، [[المطالب العالية من العلم الإلهي (كتاب)|المطالب العالية من العلم الإلهي]] ط.دار الكتاب العربي
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، معالم أصول الدين ط.مكتبة الكليات الأزهرية
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، المسائل الخمسون في أصول الدين ط2.دار الجيل بيروت والمكتب الثقافي.
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، المباحث المشرقية ط 1. دار الكتاب العربي
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ط.مكتبة النهضة المصرية
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، الملخص في المنطق والحكمة مخطوط بمكتبة الأسد.سوريا. تحت رقم 833
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، شرح عيون الحكمة ط 1. مكتبة الأنجلو المصرية
* صحيفة الرأي الأردنية عدد الاثنين 8-9-2008
* [[ابن الوردي|عمر بن مظفر ابن الوردي المعري الكندي]]، تاريخ ابن الوردي ط.دار الكتب العلمية
* [[أبو شامة المقدسي|عبد الرحمن بن إسماعيل شهاب الدين أبو شامة المقدسي]]، الذيل على الروضتين ط.دار الجيل بيروت
* [[جمال الدين القفطي|جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي]]، إخبار العلماء بأخبار الحكماء ط.دار الكتب العلمية
* [[شمس الدين الشهرزوري]]، نزهة الأرواح وروضة الأفراح
* [[اليافعي|أبو محمد عبد الله بن أسعد اليافعي]]، مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان
* [[ياقوت الحموي]]، معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
* [[محمد شمس الحق العظيم آبادي]]، [[عون المعبود على سنن أبي داود]] ط.دار الفكر
* [[سعيد فودة|سعيد عبد اللطيف فودة]]، [[الكاشف الصغير عن عقائد ابن تيمية]] ط.دار الرازي
* [[ابن كثير الدمشقي|أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير]]، [[تفسير ابن كثير|تفسير القرآن العظيم]] ط.دار الكتب العلمية
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، [https://web.archive.org/web/20201207042210/http://www.aghabozorg.ir/showbookdetail.aspx?bookid=85787 مقدمة الاختيارات العلائية في الاختبارات السمائية (مخطوط)]
* أبو عبد الله محمد بن عمر فخر الدين الرازي، مقدمة السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم (مخطوط)
* مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية - العدد 16
* [[محمد عبد العظيم الزرقاني]]، مناهل العرفان ط3.دار الفكر بيروت
* [[أبو حيان الغرناطي|أبو حيان محمد بن يوسف بن علي أبو حيان الغرناطي]]، البحر المحيط في التفسير
* [[محسن عبد الحميد|د.محسن عبد الحميد]]، الرازي مفسراً
* [[محمد الفاضل بن عاشور|محمد الفاضل بن محمد الطاهر بن الصادق عاشور]]، التفسير ورجاله
</div>

== انظر أيضا ==
* [[قائمة بمشاهير مقارني الأديان المسلمين|قائمة بمقارني الأديان المسلمين]]

== وصلات خارجية ==
{{روابط شقيقة}}
* [http://habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/161 الفخر الرازي في عالم الفلسفة]
* [https://web.archive.org/web/20161226182243/http://sasmari.com/news/view/118 تبرئة الإمام الرازي من الكفر]
* {{يوتيوب|aAKErFQ_fMo|هل كفر فخر الدين الرازي كما يدعي ابن تيمية؟}}
* {{يوتيوب|lXK4kLUAaW0|هل تراجع الإمام الرازي عن عقيدته؟ - أ. سعيد فودة}}
{{كتب فخر الدين الرازي}}
{{أعلام الشافعية}}
{{مجددون}}
{{متكلمون مسلمون}}
{{أعلام الأشاعرة والماتريدية}}
{{شيوخ الإسلام}}

{{أشخاص من خراسان}}
{{فلسفة العصور الوسطى}}
{{ضبط استنادي}}
{{أدباء وعلماء العصر العباسي الثالث وأعمالهم}}
{{شريط بوابات|أعلام|الإسلام|الدولة العباسية|علوم إسلامية|فلسفة إسلامية|اللغة العربية|أدب عربي}}
{{شريط محتوى متميز|مختارة|التاريخ=19 يوليو 2017|النسخة=23888086 }}
{{لا للتصنيف المعادل}}
{{لا لربط البوابات المعادل}}

[[تصنيف:أبو بكر الصديق]]
[[تصنيف:أشاعرة]]
[[تصنيف:أصوليون]]
[[تصنيف:أطباء في العصور الوسطى الإسلامية]]
[[تصنيف:إيرانيون في القرن 13]]
[[تصنيف:بنو تيم]]
[[تصنيف:رياضياتيون من العصر الذهبي للإسلام]]
[[تصنيف:شيوخ الإسلام]]
[[تصنيف:علماء فلك في العصور الإسلامية الوسطى]]
[[تصنيف:علماء في القرن 13]]
[[تصنيف:علماء كونيات]]
[[تصنيف:علماء مسلمون في القرن 6 هـ]]
[[تصنيف:علماء مسلمون في القرن 7 هـ]]
[[تصنيف:فقهاء الشافعية]]
[[تصنيف:فلاسفة مسلمون]]
[[تصنيف:فلكيون مسلمون]]
[[تصنيف:فيزيائيون مسلمون]]
[[تصنيف:متكلمون مسلمون]]
[[تصنيف:مجددون]]
[[تصنيف:مفسرون]]
[[تصنيف:مواليد 1149]]
[[تصنيف:مواليد 1150]]
[[تصنيف:مواليد 543 هـ]]
[[تصنيف:مواليد 544 هـ]]
[[تصنيف:مواليد في الري (إيران)]]
[[تصنيف:وفيات 1209]]
[[تصنيف:وفيات 1210]]
[[تصنيف:وفيات 604 هـ]]
[[تصنيف:وفيات 605 هـ]]
[[تصنيف:وفيات 606 هـ]]
[[تصنيف:وفيات في هراة]]
[[تصنيف:صفحات بها قالب بداية قصيدة يتعذر استبداله آليا]]