معهد كونفوشيوس

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
معهد كونفوشيوس

معاهد كونفوشيوس (بالصينية: 孔子 学院) هي برامج ترويجية تعليمية وثقافية عامة تمولها وتنظمها حاليًا مؤسسة التعليم الدولي الصينية وسابقًا بواسطة هابان (مركز معهد كونفوشيوس)،[1] وهو منظمة تابعة للحكومة الصينية.[2] والهدف المعلن للبرنامج هو تعزيز اللغة والثقافة الصينية، ودعم التدريس المحلي للغة الصينية دوليًا، وتسهيل التبادلات الثقافية.[3][4] وقد تعرضت المنظمة لانتقادات بسبب المخاوف من التأثير غير المبرر للحكومة الصينية في الخارج وقمع الحرية الأكاديمية.[5][6]

بدأ برنامج معهد كونفوشيوس في عام 2004 وبدعم من مركز هابان التابع لوزارة التعليم الصينية (رسميًا مكتب مجلس اللغة الصينية الدولي، والذي غير اسمه إلى مركز تعليم اللغة والتعاون في عام 2020)، وتشرف عليه جامعات خاصة. وتعمل هذه المعاهد بالتعاون مع الكليات والجامعات المحلية التابعة لها في جميع أنحاء العالم، ويجري تقاسم التمويل بين مركز هابان والمؤسسات المضيفة. يتعاون برنامج صف كونفوشيوس المرتبط مع المدارس الثانوية المحلية أو المناطق التعليمية لتوفير المعلمين والمواد التعليمية.[7][8]

قارن المسؤولون الصينيون معاهد كونفوشيوس بمنظمات ترويج اللغة والثقافة مثل معهد كامو البرتغالي والمجلس الثقافي البريطاني والأليانس فرانسيز الفرنسي ومعهد دانتي أليغييري الإيطالي ومعهد ثيربانتس الإسباني ومعهد غوته الألماني، وقد سُمي العديد منها باسم شخصية ثقافية بارزة في ذلك البلد، فكان اسم كونفوشيوس في الصين.[9] ويجادل بعض المعلقين، على عكس هذه المنظمات، بأن العديد من معاهد كونفوشيوس تعمل مباشرة في حرم الجامعات، الأمر الذي أدى إلى ظهور ما يرون أنه مخاوف فريدة تتعلق بالحرية الأكاديمية والتأثير السياسي.[10]

تُستخدم معاهد كونفوشيوس كشكل من أشكال «القوة الناعمة» من قبل الحكومة الصينية، إذ تنفق نحو 10 مليارات دولار سنويًا على معاهد كونفوشيوس والبرامج ذات الصلة لمتابعة هذه المبادرات.[11] وقد صرح الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني (سي سي بّي) شي جين بينغ في عام 2013 أن النوايا هي «تقديم وصف صيني لائق».[12] ونظرًا إلى كونها تابعة لوزارة التعليم الصينية، فقد كانت معاهد كونفوشيوس محل شكوك متزايدة بشأن رقابتها على المحتوى الذي يجري تدريسه، مثل الموضوعات المتعلقة بالحريات الفردية والديمقراطية، وتايوان، والتبت، وشينجيانغ.[13]

كان هناك عدد من التقارير التي تشير إلى حوادث مثيرة للجدل في الماضي، بما في ذلك تعليق مسؤول كبير سابق في الحزب الشيوعي الصيني، لي تشانغ تشون، بأن معاهد كونفوشيوس هي «جزء مهم من الدعاية الصينية الخارجية».[14][15][16][17] وفي يوليو عام 2020 أعلن مركز هابان تغيير اسمه إلى مركز تعليم اللغة والتعاون، مشيرًا إلى أن معهد كونفوشيوس قد جرى نقله إلى مؤسسة التعليم الدولي الصينية، وهي منظمة تصف نفسها «بالخاصة غير الحكومية».[18] وفي 13 أغسطس عام 2020 صنفت وزارة الخارجية الأمريكية المقر الرئيسي لمعهد كونفوشيوس في الولايات المتحدة كبعثة دبلوماسية تابعة للحكومة الصينية.[19][20] وقد احتج المركز على هذا التصنيف في رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية السابق مايك بومبيو ووزيرة التعليم السابقة بيتسي ديفوس.[21]

التاريخ

افتتح معهد كونفوشيوس الأول في 21 نوفمبر عام 2004 في سيول في كوريا الجنوبية، بعد إنشاء معهد تجريبي في طشقند في أوزبكستان في يونيو عام 2004. ولم يعد معهد كونفوشيوس نشطًا في كوريا الجنوبية. وافتتح معهد كونفوشيوس الثاني في حرم جامعة ميريلاند، كوليج بارك أيضًا في نوفمبر عام 2004. وفي عام 2006، جرت مناقشة هدف تأسيس 1000 معهد كونفوشيوس بحلول عام 2020. [22]

وافتتحت المئات من المعاهد منذ ذلك الحين في عشرات البلدان حول العالم.

في أبريل عام 2007 افتُتح أول معهد كونفوشيوس قائم على الأبحاث في جامعة واسيدا في اليابان. وبالشراكة مع جامعة بكين يشجع البرنامج الأنشطة البحثية لطلاب الدراسات العليا الذين يدرسون اللغة الصينية. وفي عام 2007 قدرت وزارة التعليم الصينية أن 100 مليون شخص في الخارج سيتعلمون اللغة الصينية بحلول عام 2010.[23]

في عام 2010، كان أعلى تركيز لهذه المعاهد في الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.[24]

منذ عام 2006 حتى عام 2019، أنفقت الحكومة الصينية أكثر من 150 مليون دولار على المعاهد في الولايات المتحدة. وبلغ عدد المعاهد في الولايات المتحدة ذروته في عام 2018 عند نحو 100 معهد، وبلغ المجموع في جميع أنحاء العالم نحو 550 معهدًا.[25]

في عام 2019 أصبح هناك 530 معهدًا في عشرات البلدان في القارات الست.[26][27][28]

الاسم

جرت تسمية معهد كونفوشيوس باسم الفيلسوف الصيني الشهير كونفوشيوس (551-479 قبل الميلاد). وطوال القرن العشرين انتقد قادة الحزب الشيوعي الصيني واستنكروا كونفوشيوس باعتباره تجسيدًا للتقاليد «الإقطاعية» في الصين، مع مناهضة الكونفوشيوسية بدءًا من الحركة الثقافية الجديدة عام 1912 إلى حملة انتقاد لين وانتقاد كونفوشيوس خلال الثورة الثقافية عام 1973. ومع ذلك في العقود الأخيرة نما الاهتمام بالثقافة الصينية ما قبل الحديثة في البلاد، وشهد كونفوشيوس على وجه الخصوص انتعاشًا في شعبيته. وخارج الصين يعتبر كونفوشيوس رمزًا معروفًا بشكل عام للثقافة الصينية، ولم يرتبط بالأمور السلبية مثل شخصيات صينية بارزة أخرى كالزعيم ماو تسي تونغ.[29]

«معهد كونفوشيوس» هو اسم علامة تجارية مسجّل، ووفقًا لمتحدث باسم المنظمة «الذين يستمتعون بالأسماء التجارية سيستمتعون بما هو أكثر شعبية وأفضل سمعة وأكبر أثرًا اجتماعيًا، وبالتالي سيكونون قادرين على توليد المزيد من الدعم من المجتمعات المحلية». وحمت حملة عام 2011 «معهد كونفوشيوس» من انتهاك التسجيل المسبق في كوستاريكا.[30]

ذكرت مقالة في صحيفة تشاينا بوست في عام 2014 أنه «من المؤكد أن الصين كانت ستحقق تقدمًا طفيفًا إذا سمت هذه المعاهد باسم ماو، أو باسم دنغ شياو بنغ. ولكن من خلال استعارة اسم كونفوشيوس، أنشأت علامة تجارية من السهل التعرف عليها مباشرة كرمز للثقافة الصينية وتختلف جذريًا عن صورة الحزب الشيوعي».[31]

يشير كيري براون، أستاذ السياسة الصينية في جامعة سيدني، إلى المفارقة التي تقول إن الحزب الشيوعي الصيني الذي يكرس كونفوشيوس الآن قد شوهه قبل أربعة عقود فقط لارتباطه بالقيم الأبوية والتسلسل الهرمي والمحافظة.[32]

الغاية

إن الغرض المعلن من معاهد كونفوشيوس هو تعزيز وتعليم الثقافة واللغة الصينية في جميع أنحاء العالم. وتقوم معاهد كونفوشيوس بتطوير دورات اللغة الصينية، وتدريب المعلمين، وإجراء اختبار هانيو شوي بينغ كاوشي (اختبار الكفاءة في اللغة الصينية)، واستضافة العروض الثقافية والفنية، وتوفير المعلومات حول الصين المعاصرة.[33] وصرحت مديرة برنامج معاهد كونفوشيوس، شو لين، أن معاهد كونفوشيوس بدأت بتلبية الزيادة المفاجئة في الاهتمام باللغة الصينية حول العالم. كما أنها توفر أعضاء هيئة تدريس اللغة الصينية من البر الرئيسي للصين. ومنذ عام 2011 أصبح هناك 200 من هؤلاء المعلمين يعملون في الولايات المتحدة. ويوجد 14 معهد في الشرق الأوسط، والغرض الرئيسي لمشاركة السكان المحليين في أنشطة المعهد هو تعلم اللغة الصينية للعثور على وظيفة في السوق المحلية أو للعثور على عمل في السوق الصينية المتنامية.[34][35]

المراجع

  1. ^ Jichang, Lulu (1 Sep 2022). "Propaganda and beyond: A note on the 2020 Confucius Institute reform" (PDF). Sinopsis (بen-US). Archived from the original (PDF) on 2022-10-16. Retrieved 2022-09-29.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
  2. ^ "China: Agreements Establishing Confucius Institutes at U.S. Universities Are Similar, but Institute Operations Vary". مكتب محاسبة الحكومة. 13 فبراير 2019. مؤرشف من الأصل في 2019-02-28. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-02.
  3. ^ Penn، Brierley (15 أبريل 2014). "China Business:A broader education". The New Zealand Herald. مؤرشف من الأصل في 2014-04-22. اطلع عليه بتاريخ 2014-04-21.
  4. ^ Mattis، Peter (2 أغسطس 2012). "Reexamining the Confucian Institutes". The Diplomat. مؤرشف من الأصل في 2014-04-22. اطلع عليه بتاريخ 2014-04-21.
  5. ^ "A message from Confucius". ذي إيكونوميست. 24 أكتوبر 2009. ISSN:0013-0613. مؤرشف من الأصل في 2022-11-26. اطلع عليه بتاريخ 2022-09-29.
  6. ^ "China: Government Threats to Academic Freedom Abroad". هيومن رايتس ووتش. 21 مارس 2019. مؤرشف من الأصل في 2019-03-23. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-02.
  7. ^ "Introduction to the Confucius Institutes". مؤرشف من الأصل في 2011-07-07. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-02.
  8. ^ Jianguo Chen؛ Chuang Wang؛ Jinfa Cai (2010). Teaching and learning Chinese: issues and perspectives. IAP. ص. xix. ISBN:9781617350641. مؤرشف من الأصل في 2020-09-23. اطلع عليه بتاريخ 2015-12-15.
  9. ^ Justin Norrie (2011), Confucius says school's in, but don't mention democracy نسخة محفوظة 4 June 2017 على موقع واي باك مشين., The Sydney Morning Herald, 20 February 2011.
  10. ^ "Confucius Institutes: Vehicles of CCP Propaganda?". Freeman Spogli Institute for International Studies (بEnglish). جامعة ستانفورد. 1 Apr 2022. Archived from the original on 2022-04-02. Retrieved 2022-04-14.
  11. ^ "The role of soft power in China's influence in the Pacific islands". 29 أبريل 2019. مؤرشف من الأصل في 2021-05-23. اطلع عليه بتاريخ 2021-05-23.
  12. ^ Wang, Shuai (2 Aug 2018). "国际汉语教师如何讲好中国故事". صحيفة الشعب اليومية (بالصينية). Archived from the original on 2020-06-17. Retrieved 2021-08-07.
  13. ^ "China's Big Bet on Soft Power". مؤرشف من الأصل في 2021-05-19. اطلع عليه بتاريخ 2021-05-23.
  14. ^ Sahlins، Marshall (29 أكتوبر 2013). "China U." The Nation. مؤرشف من الأصل في 2015-06-26. اطلع عليه بتاريخ 2014-04-11.
  15. ^ Pearson، Elaine (7 أبريل 2019). "More Must be Done to Protect Academic Freedoms Under Threat from China". هيومن رايتس ووتش. مؤرشف من الأصل في 2020-11-08. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-02.
  16. ^ Lim، Louisa؛ Furze، Anders (7 ديسمبر 2017). "Confucius Institute in NSW education department 'unacceptable' – analyst". الغارديان. مؤرشف من الأصل في 2017-12-07. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-02.
  17. ^ Spinelli، Dan (21 مارس 2019). "American colleges hosted 'an important part of China's propaganda set-up.' Now they're bailing out". Mother Jones ‏. مؤرشف من الأصل في 2019-03-21. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-02.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link)
  18. ^ 语言交流合作中心. "中外语言交流合作中心设立公告". 教育部中外语言交流合作中心 (ب中文(简体)). 北京. Archived from the original on 2021-07-27. Retrieved 2020-07-16.
  19. ^ "US labels Confucius Institute 'foreign mission'". BBC News (بBritish English). 13 Aug 2020. Archived from the original on 2020-08-14. Retrieved 2020-08-13.
  20. ^ O’Keeffe, Kate (13 Aug 2020). "U.S. to Classify Beijing-Backed Confucius Institute Center as Foreign Mission". The Wall Street Journal (بen-US). ISSN:0099-9660. Archived from the original on 2020-08-13. Retrieved 2020-08-13.{{استشهاد بخبر}}: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
  21. ^ "An Open Letter: The CIUS Center Responds to Secretaries Pompeo and DeVos" (بen-US). Confucius Institute. 19 Oct 2020. Archived from the original on 2020-12-02. Retrieved 2020-11-01.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
  22. ^ "Confucius Institute: promoting language, culture and friendliness". Xinhua. 2 أكتوبر 2006. مؤرشف من الأصل في 2012-10-21.
  23. ^ China to host second Confucius Institute Conference نسخة محفوظة 9 December 2007 على موقع واي باك مشين., Xinhua, 6 December 2007.
  24. ^ Simon، Tay (2010). Asia Alone: The Dangerous Post-Crisis Divide from America. John Wiley and Sons. ص. 42. ISBN:9780470826201. مؤرشف من الأصل في 2021-08-27. اطلع عليه بتاريخ 2015-12-15.
  25. ^ Ford, Will (24 Apr 2022). "How Far Does China's Influence at U.S. Universities Go? One Student Tried to Find Out". POLITICO (بEnglish). Archived from the original on 2022-10-07. Retrieved 2022-04-28.
  26. ^ "HanBan-Confucius Institute/ClassRoom-About Confucius Institute/ClassRoom". english.hanban.org. مؤرشف من الأصل في 2019-09-16. اطلع عليه بتاريخ 2019-10-01.
  27. ^ "Confucius Institutes Worldwide". UCLA Confucious Institute. مؤرشف من الأصل في 2014-08-12. اطلع عليه بتاريخ 2014-08-11.
  28. ^ "Confucius Institutes Around the Globe | Confucius Institute | Nebraska". مؤرشف من الأصل في 2008-09-07. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-03.
  29. ^ "China's Confucius Institutes Rectification of statues". The Economist. 20 يناير 2011. مؤرشف من الأصل في 2011-01-26. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-02.
  30. ^ Zhou Wenting, Trademark infringement continues despite crackdown نسخة محفوظة 24 October 2012 على موقع واي باك مشين., China Daily 29 July 2011.
  31. ^ World should watch for Confucius نسخة محفوظة 2 June 2015 على موقع واي باك مشين., China Post, 1 October 2014
  32. ^ Kerry Brown, The case for eliminating Confucius from China's Confucius Institutes نسخة محفوظة 24 August 2014 على موقع واي باك مشين., South China Morning Post, 2 June 2014.
  33. ^ "About Us". Confucius Institute. مؤرشف من الأصل في 2011-08-11. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-03.
  34. ^ Yellinek, Roie; et al. (1 Mar 2020). "Chinese 'Soft Power Pipelines Diffusion' (SPPD) to the Middle Eastern Arab Countries 2000–2018: A Discursive-Institutional Study". British Journal of Middle Eastern Studies (بEnglish). 48 (5): 941–959. DOI:10.1080/13530194.2020.1732870. ISSN:1353-0194. S2CID:213061595. Archived from the original on 2020-05-28. Retrieved 2020-10-19.
  35. ^ Yellinek، Roie AT EL (1 نوفمبر 2020). "Chinese Soft-Power in the Arab world – China's Confucius Institutes as a central tool of influence". Comparative Strategy. ج. 39 ع. 6: 517–534. DOI:10.1080/01495933.2020.1826843. ISSN:0149-5933. S2CID:226263146. مؤرشف من الأصل في 2021-08-27. اطلع عليه بتاريخ 2020-11-07.