تضامنًا مع حق الشعب الفلسطيني |
محمد بن أحمد النبهان الحلبي
تحتاج هذه المقالة إلى الاستشهاد بمصادر إضافية لتحسين وثوقيتها. |
تحتاج هذه المقالة إلى تهذيب لتتناسب مع دليل الأسلوب في أرابيكا. |
في هذه المقالة ألفاظ تعظيم تمدح موضوع المقالة، وهذا مخالف لأسلوب الكتابة الموسوعية. (أكتوبر 2010) |
محمد بن أحمد بن نبهان | |
---|---|
محمد النبهان | |
معلومات شخصية | |
الميلاد | 1902 حلب - سوريا |
تاريخ الوفاة | 1974 |
مكان الدفن | جامع الكلتاوية |
تاريخ الدفن | آب 1974 |
عدد الأولاد | 2 |
تعديل مصدري - تعديل |
محمّد بن أحمد بن نبهان عالم إسلامي حلبي، عرف بالنّبهان والنّبهاني ونبهان بن حمود بن خضر[1]، وَبـهِ يدعى قومه بالخضيرات ويرجع نسبهم إلى القبائل الزبيدية. أما نسبه من جهة أمّه فوالدته فاطمة بنت محمود بن عبد العزيز بن خشمان، من ذرّية الإمام إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى الكاظم إلى الإمام علي زين العابدين بن سيّدنا الإمام الحسين. ولد يوم الخميس في الثامن من ربيع الأول سنة 1318 هـ عام 1902م.
أقوال العلماء فيه
- الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي رئيس ندوة علماء الهند الذي له سبعمائة مؤلف في كتابه: مذكّرات سائح في الشرق الأوسط الطبعة الثالثة فقط: ص/337:
غرة ذي القعدة 1370 هــ 4/8/1951م يوم السبت، كان مما يستحق التسجيل هذا اليوم زيارة الشيخ محمّد النّبهان في بيته، وهو رجل يمتاز بقوّة إيمانه، وتأمله في القرآن، ويظهر أنّه من طراز خاص، يفتح عليه في الدين ويتكلّم فيه عن يقين.
- قال الفيلسوف الإسلامي مالك بن نبي المفكر الجزائري فيما حدثنا به السيد النبهان: يا أستاذ، أرجعتني لحقيقتي! يا أستاذ، أرجعتني لنفسي. (و ذلك بعد استماعة في درس السيد البنهان بيّن فيه كيف أن النبي محمد لم يأت لقتل الكافر وإنما أتى لقتل كفر الكافر).
- قال علاّمة العراق الشيخ فؤاد أحمد شاكر آل أبي الثناء الآلوسي العراقي / بغداد فيما حدثنا به الشيخ خليل محمّد الفياض الكبيسي من الفلوجة لما قدم سيّدنا إلى العراق أول مرة قال الشيخ الآلوسي:
يا حضرة الشيخ، مجيئك هذا إلى العراق سَيُسَجَّلُ في التأريخ
- قال الشيخ نجم الدين الواعظ/ مفتي بغداد فيما رواه الحاج عثمان بن عبد الله الفياض الكبيسي بالفلوجة وسمعها مشافهة ًمن الشيخ الواعظ:
هذا الرجل نحن نتبارك به.
- حدث الشيخ حسن حبنكة الميداني / دمشق فيما رواه الشيخ الدكتور محمود أحمد الزين فقال: سمعت من الشيخ حسن حبنكة أثناء زيارتي له في بيته بدمشق فقال:
نحن علماء ورق، والشيخ النّبهاني عالم رباني قلـت للشيـخ محمّد النّبهان: إن الله وضع لك القبول في القلوب.
- حدث الأديب الشيخ علي الطنطاوي / نـزيل مكة المكرمة لما زار سيّدنا النبهان في الكلتاوية،
فبادره بسؤال على غير عادته: كيف قلبك مع الله؟ ! فأخذت العبارة مأخذها منه، وطار بها إلى إذاعة دمشق، وألقى بها موعظة ذكر فيها: لم تعجبني كلمة من أحد، مثل كلمة الشيـخ محمّد النّبهان، بعد أن رمى علي السلام سألني: كيف قلبك مع الله؟ الشيخ محمّد النّبهان إحسان يمشي على الأرض.
- الفقيه الحجة في الفقه الإسلامي والموسوعة العلمية الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا وزير العدل السوري السابق. زار الشيخ فاستقبله قائلا أهلا بالشيخ مصطفى أفندي فقال له الشيخ مصطفى:
يا سيّدي أنا مصطفى أفندي برّه (أي في خارج مجلسك) اما هنا بين يديك فلا وجود لي.
- قال الشيخ أمجد الزهاوي، أول رئيس لرابطة علماء العراق فيما كتبه رسالة من الشيخ أمجد الزهاوي تعالى بخط يده إلى الشيخ محمّد محمود الصواف تعالى حيث قال:
المرشد الكبير العارف بالله الشيخ النّبهاني هو نور تلك البلاد.
- يقول الشيخ محمد بن زكريا، المَرْغِلاني البخاري/ المدينة المنورة:
أطعمت الشيخ محمّداً النّبهان حبحب (وهو البطيخ الأحمر) ثمّ صببت على يديه، ومن غير شعور منّي أخذت غسول يديه وشربته، الشيخ من الواصلين، الشيخ من الواصلين
- يقول (العارف بالله والوارث المحمدي والولي الصالح باذن الخالق ((((ذو الفضل العظيم)))):[2] بأن عالم الأمة محمد النبهان الحلبي في مخيلتي قد بلغ العلى بصفات النبي محمد (ﷺ) التي ورثها عنه باذن الله تبارك وتعالى، حتى أن محمد فؤاد حافظ العاصي عندما راه لاول مرة تذكر الله وتعلق بهذا الشيخ وتمني ان يكون مثله
.
نشأته
الأسرة والمولد والطفولة:
يقع حي باب النبرب في الجهة الشرقية من المدينة ويمتد من حي الأصيلة وباب المقام إلى أقصى الشرق حيث يبتدئ الريف بكروم الفستق التي تجاور هذا الحي وتحيط به من الجهة الجنوبية والشرقية وأسرهذا الحي إلى عشائرلا تتسامح في حقوقها، وتندفع بقوة للدفاع عن كل فرد من أفرادها تناصره وتؤازره.
وكان سكان القرى القريبة من حلب يفدون إلى المدينة حاملين معهم ما تنتجه أرضهم من محاميل زراعية وما تجود به أغنامهم من ألبان وأجبان وأصواف ويشترون من أسواق المدينة ما يحتاجون إليه من ملابس وأدوات يستعينون بها على حرث أرضهم وتربية مواشيهم.
موطن الأسرة الأصلي:
وعلى مشارف المدينة الشرقية تقع مجموعة من القرى المتجاورة تربط ما بينها صلة القرابة والنسب، وتشدها عصبية التلاحم للدفاع عن أفرادها، وقد اشتهر أهلها بالانتماء إلى أصل واحد، وكانت في البداية تمثل وحدة قبلية متكاملة تملك أراضي واسعة تحدها من الغرب قرية جبرين ثم تتجه شرقاً لمسافة واسعة ويحدها من الجنوب الأراضي التي يملكها سكان قرية السفيرة وأراضي تل عرن وتل حامل اللتين ينتمي سكانهما إلى الأكراد.
وتعرف هذه الأراضي الفلاحية بأراضي الخضيرات الزبيدية نسبة إلى كبير هذه الأسرة القبلية (خضر الزبيدي) وأغلب الظن أنه استوطن هذه الأرض المجاورة لمدينة حلب بعد خلاف مع أهل قبيلته الكبيرة ويقال بأن أصول هذه القبيلة من شمال العراق ويقال أيضاً بأن أصلها يعود إلى الأسرة النبها نية التي حكمت (عمان) في شرق الجزيرة العربية وأقامت قلعة حصينة ما زالت قائمة حتى الآن في الأراضي العمانية سميت بقلعة جبرين ويقال بأن الأسرة التي استوطنت الأواضي المجاورة لمدينة حلب سكنت قرية جبرين التي ما زالت حتى الآن قائمة بالقرب من إقامة قبيلة الخضيرات في الأراضي المرتفعة المطلة على جبرين.
ولما توفي خضر الزبيدي اقتسم أولاده الأربعة أراضيهم وسكن كل واحد منهم زاوية من زوايا الأرض التي يملكها أبوهم، وهكذا أنشئت أربع قرى متقاربة، وسكن كل ابن مع أسرته في أرضه التي عكف على زراعتها والعناية بها، وأصبحت أرض الخضيرات تضم أربع قرى، قرية الدويرينة ويسكنها جنيد الحسن وقرية الصفة ويسكنها نبهان وقرية التياره ويسكنها حسين المعروف بالحوت، وقرية مير الحصين ويسكنها غانم.
وتكاثر الأولاد والأحفاد، وأصبحت كل قرية مستقلة بأمرها تتنافس مرة وتتلاقى مرة أخرى، كما هو الشأن في الحياة القبلية، واشتهرت قرى الخضيرات بالثروة والمال وكثرة المواشي والإبل، وكانوا يخدمون أرضهم بيدهم، ويسعى الأبناء لتنمية ثروة الأسرة وأحياناً كانت تقع مواجهات وانقسامات بين أبناء العمومة بسبب الخلاف على الأراضي والمصالح، ويلتقون جميعأ على كلمة واحدة عندما يتعرض أحدهم لاعتداء عليه.
سكن نبهان في قرية الصفة، وكانت أراضيها واسعة وخصبة، وكلف ولده أحمد أن يحمل ثمرات الأرض والمواشي إلى أسواق مدينة حلب القريبة، فكان هذا الشاب يذهب في الصباح إلى المدينة ويعود في المساء حاملأ معه الأموال والسلع، وتعرف خلال رحلاته السريعة إلى تجار حلب وأسواقها وعرف من أسرار التجارة ما جعله مؤهلأ لكي يستشيره أهل عشيرته في شؤون تجارتهم، فكان يحمل السلع في كل يوم، وأقام لنفسه مركزاً للتجارة في المدينة، يباشر فيه مهمة البيع والشراء، ويتلقى السلع من قومه ويبيعها لهم في المدينة. وكانت كلمة (الخان) تعني ذلك المركز التجاري الذي يقوم بدور الوساطة بين المنتج والمستهلك أو بين المنتج والتاجر الأكبر، وكانت حلب مليئة في ذلك الحين بخاناتها، وهي خانات في الأسواق القديمة (المدينة) لتجارة الأقمشة والسلع المنسوجة وخانات أخرى في الأحياء النائية عند مداخل المدينة لتلقي السلع من المزارعين كالقمح والشعير والعدس والجلبان والحليب والسمن والألبان والمواشي والإبل، واشتهرت الأحياء الشرقية والغربية بخاناتها التي ما زالت قائمة، وكانت تؤدي دورا كبيرا في تجارة المواد الزراعية، وتخصصت كل أسرة من الأسر الحلبية بتجارة خاصة بها، فهناك أسر اشتهرت بتجارة المواشي والأغنام، وأسر اشتهرت بتجارة الأ لبان والأجبان، وأسر ثالثة عرفت بتجارة الحبوب، وتشمل القمح والشعير والعدس والجلبان.
انتقال الأسرة من الريف إلى المدينة:
أحب أحمد بن نبهان حلب وتعلق بها وأصبح مشدودأ إلى حياة المدينة، معجبا بالتجارة متطلعا إلى ممارستها وأدرك أن الفلاحة مهما ارتقت أسبابها فإنها لا توفر له طموحه في الثروة والمال ولا تعده لحياة أفضل يتطلع إليها، والفلاح مستضعف في المدينة مهما كان قويا في قومه ولا يأخذ إلا القليل من حقه، فإنه يبيع سلعه بأقل الأثمان وبما يسد به الرمق ويكفل له حد الكفاية، ولابد من اقتحام عالم التجارة في المدينة فبدأ يتطلع إلى حياة المدينة، ويخشى من نظرات أهله وعشيرته، فهم لا يريدون له هذا الانتقال، فأبناء الريف يختارون حياتهم الريفية البسيطة على حياة المدن ويخشون من حياة المدن على قيمهم وتربية أبنائهم أقوياء بين عشيرتهم، وضعفاء إذا انفصلوا عنهم ولابد لهم إن أرادوا حياة المدينة واختاروها من تدعيم مركزهم بعصبية قوية تحميهم وتدامع عنهم، فالمدينة بأسرارها وخريطتها تغرق كل من يقتحم عالمها إذا لم يحسن السباحة في مياهها.
ولذا اختار أن يتزوج من فتاة من أسرة حلبية وأن يسكن في حي يطل على قومه وأهله بحيث يراهم في صباح يأتون إليه بسلعهم، ويكون عوناً لهم في تجارتهم ويكونون أعواناً له في التعامل مع الآخرين وكان يعرف أنه لابد في التجارة من قوة تحمي التاجر وتدافع عنه وترد عليه حقه.
وتزوج أحمد من (آمنة الحشمان) وهي ابنة آسية تسكن في حي باب النيرب المعروف بأسره التي تنتمي إلى عشائر ذات قوة وبأس، وأصبح له أسرة من أهل زوجته تسانده في الشدائد، ويقال بأنها أسرة شريفة تنتمي إلى بيت آل النبوة. لم تكن هذه الأسرة من الأسر القوية التي تحكم هذا الحي الحلبي المعروف بصراعاته وتنافس عائلاته القوية ذات العصبية على زعامته ولم يكن للوافد من أبنا، الريف أن يتزوج من تلك العائلات القوية، إلا بعد أن يأخذ موقعه في صفوفهم بقوته الشخصية وبمكانته الاجتماعية وبعائلته التي تقف خلفه في الشدائد والمواجهات.
لم تكن الدولة في أواخر القرن التاسع عشر قائمة كانت الدولة العثمانية تعاني من أمراض مزمنة، وكان الولاة يحكمون بقوة، ويقتلون خصومهم ويسرقون أموال الضعفاء من الناس عن طريق الرشوة والاغتصاب، وكان لابد من نظام العشائر لكي يقع التوازن بين القوى والتجمعات السكانية، فكان زعيم العشيرة يحمي أبناء عشيرته، فلا يقترب أحد من مصالحها وأبنائها، ومن ليس له عشيرة فإنه يلتحق بعشيرة قوية عن طريق الولاء والتبعية وكانت المصاهرات بين العائلات تهدف إلى القوة والتلاحم إما لمنع الاشتباك بين القوتين المتنافستين أو لتحقيق تلاحم عصبي بين قوتين لمواجهة طرف ثالث.
استطاع الشاب أحمد نبهان أن يعقد صلات وصداقات مع الأسر العريقة ذات النفوذ، وحقق نجاحاً في مجال التجارة والمال، وأصبح بفضل تجارته وشخصيته يحظى بالاحترام.
كان (أحمد نبهان) يدرك أنه يحتاج إلى أبناء ذكور يقفون إلى جانبه ويدعمون مركزه الاجتماعي، ويوجههم لتسيير أعماله التجارية التي اتسعت مع كثرة الأولاد في المجتمعات العشائرية قوة وهم العصبية الأقوى التي تدافع عن نفسها بقوة رجالها، ومن لا ولد له لا قوة له، ومن لا قوة له فسرعان ماتتساقط عليه الطيور الجارحة طامعة في زاده مهددة له إن تعرض لها بسوء
مولده وطفولته :
وفي مطلع القرن العشرين أضيئت الأنوار في دار أحمد النبهان معلنة ولادة الابن الأول له، ولا نستطيع الجزم بتاريخ محدد إذ لم تكن سجلات التوثيق قائمة، ويرى البعض أن الولادة تمت في شهر ربيع الأول عام 8 ا 13 هــ الموافق شهر تموز عام 0 019، والمهم أن الولادة تمت في هذه الفترة الزمنية.
فرح أحمد فرحة كبيرة بولده البكر، وسماه محمداً وأقام في هذه المناسبة حفلة كبيرة لأبناء عشيرته وأبناء عمومته الذين وفدوا إلى داره مهنئين ومباركين، أحس أحمد بالاستقرار النفسي، إذ أن حلمه قد تحقق بعد قدوم المولود الذي كان ينتظره.
ثم أخذت الأسرة تكبر وتتسع ورزق أحمد بخمسة أبناءهم محمد وحسن وعلي وعبد المجيد وجميل، وثلاث بنات وبدأت مظاهر الترف تظهر على الأبناء إنهم يشعرون بقوة عشيرتهم وعندما كانوا يزورون أبناء عمومتهم في قراهم القريبة كانوا يشعرون بالاعتزاز والتميز، أنهم أبناء المدينة، وبالتالي صاروا يشعرون بأثر الحضارة في سلوكهم، وعوائد الحضارة واضحة في حياتهم وفي أحاديثهم وفي اهتماماتهم. ومن هنا راحوا ينفقون الكثير على مظاهر الحياة وأنماط العيش، وفي الوقت ذاته فهم في المدينة مميزون باهتمامات قديمة وأصيلة في عشيرتهم، كالفروسية وأخلاقيات الريف، كالشجاعة والمروءة والسخاء.
عاش محمد حياة مترفة، كان الابن البكر لأبيه، والصديق المقرب إليه، والمرافق الذي يرافقه في كل زياراته، إنه الأمل بالنسبة له، ينظر إليه بإعجاب ويرى في وجهه ملامح الغد، سيحمل عنه العب ء كله، وسوف يسند إليه مهمة التجارة والتصرف في الثروة، وربما يكون أقدر من أبيه على تنمية هذه الثروة.
كان الأب يحلم كل يوم، إنه الحلم الكبير... كان ينظر إلى ولده بحب وحنان.. يعطيه المال الذي يطلب ولا يضيق بطلباته مهما كبرت.. أليس هو الأمل المنتظر ؟ !..
كبر الطفل الصغير.. وكبرت أحلام الأب والأم وأخذ إخوته الصغار يتساءلون.. لماذا يحظى هذا الأخ المدلل بكل المحبة والرعاية.. كان إخوته يحبونه ويجدون فيه ملامح في السلوك غير معهودة في أمثاله.
كان مشدوداً لأمر غريب.. كانت له اهتمامات غير معتادة في سلوك أمثاله.. كان كثير التأمل قليل الكلام محباً للفضائل كارهأ للرذائل، أميناً في معاملاته صادقاً في لهجته مخلصاً لأصدقائه صريحاً في أقواله.
كان والده يصحبه في لقاءات عمله، ويعلمه لغة التجارة ويلقنه مبادئ التعامل فيحاور والده ويناقشه، فيضيق والده به، ويدعوه إلى مزيد من الحرص على تعلم أسرار التجارة. أحيانأ كان يفقده ويبحث عنه فلا يراه.. ثم يكتشف أنه في مجلس علم وذكر وعبادة في مسجد من المساجد التي اعتاد أن يؤدي صلاته فيها.
أخذ الأب يتساءل بصوت هامس مع نفسه عن أسباب ما يفعله ابنه محمد، لماذا يتخلف عن مرافقته إلى مجالسه التي اعتاد أن يجلس فيها مع أصحابه المقربين، ولماذا يجلس معه بجسده وقلبه معلق بغير هذا المجلس.. لماذا لا يصادق من ينصحه الأب أن يصادقهم من أقرانه من أبناء الأسر الصديقة الذين اعتادوا أن يذهبوا في كل مساء إلى مجالس اللهو والطرب في أحياء المدينة التي اعتادت أن تنظم مثل هذه المجالس.
تزاحمت الخواطر في فكر الوالد الحائر وأخذ يعيد النظر ويقلب الأمور، ويدعو أبناءه الآخرين الأصغر سناً ليشاورهم في سر ما لاحظه في سلوك أخيهم الأكبر من غرابة.
وجه الأب أبناء أصدقائه لكي يطوقوا ابنه البكر ويأخذوه معهم إلى مجالسهم الممتعة المملوءة بالحياة والشباب، فيذهب معهم حتى إذا ما حان وقت الصلاة تركهم وذهب إلى المساجد حيث اعتاد أن يلقى صحبه المقربين يصلون ويقرؤرن القرآن ويبحثون ويذكرون الله، حتى إذا ما انتهى مجلس الذكر عاد إلى داره هادئ النفس، متأملاً في كل ما حوله، مبتعداً عن مجالس اللهو، ضيق النفس بما يسمع من أقوالهم وتنابذهم وخصوماتهم.
انقطع الشاب عن هواياته التي اعتاد أن يلهو بها في طفولته، كان يحب الفروسية وركوب الخيل، ويتفاخر بالخيول التي كان يملكها ويحتفظ بها، وكان يشيد بعد ذلك بتلك الهواية المحببة إليه، والتي تعلم منها دروساً في علو الهمة والمروءة وأخلاق الفروسية كانت الفروسية بالنسبة له خلقاً يكتسبه الإنسان ويأخذ نفسه به. وعلى الفارس أن يمسك بزمام فرسه وأن يتحكم بها، والنفس كالفرس لابد من ترويضها والتسمك بمقودها، والا جمحت النفس وانزلقت كما تجمح الخيول إذا لم يتمكن فارسها من ترويضها.
أحس الأب بحزن عميق، وأخذ يحاور ابنه بحنان وحب، ويسأله عن سره، فلا يجيب، وماذا يفعل الأب في مثل هذه المواقف، هل يكون مع ابنه فيما اختاره لنفسه أم يقف في مواجهته لحمله على ما يريده له. ووقف محتد حائرًا بين واجبه تجاه أبيه وأسرته وبين قلبه الذي يناديه في كل لحظة نحو هدف آخر، إنه صوت يسمعه في كيانه، في نهاره وليله صوت يملأ عليه كيانه، ويغرقه في هذا الفضاء الفسيح من التأمل.. إنه يسمع ذلك الصوت، ولا يدري من أين يأتيه.. إنه يناديه : الرحيل.. الرحيل.. من عالمه إلى عالم جديد. إنه لايعرف الطريق، إنه مشدود بكليته إلى وجهة لايعرف الطريق الموصلة إليها. حاول أن يستجيب لنداء أبيه بالعودة إليه.. إلى حياة التجارة والعمل إلى حياة المتعة واللهو.. إلى حيث يبذل جهده لتحقيق المال والرفاه... ولكن ليس هذا مما يغريه ويشده، فتح له الأب الأبواب لكي يأخذ من أمواله ما يريد، ولكنه أوصد تلك الأبواب.. ولم يغره بريقها.. واكتفى بالقليل الذي يسد به الرمق.
ومن صغره يحب الرسول ويحبُّ الأولياء، [قال : ((أنا رأس مالي من صغري محبة الرسول ومحبّة الأولياء))..كما يحبّ المنسوبين لآل البيت النبوي، فإذا رأى متوّجا بعمامة خضراء اعتقده وليّا لله تعالى، يجذب قلبه ولا يحطُّ نظره حتى تغيب عنه رؤيته وأصحابه قلةٌ قال : ((أصحابي قليلون، وأكثر أيامي أمشي وحدي، وإذا مشيت مع أحد فمع الأكبر مني، وما خطر لي يوماً أن أمشي مع أصغر مني، وأنا أصلي من صغري، وما حكم عليّ رفاقي أبداً بل أنا حاكم عليهم))..كما أنه شجاع لا يخاف يراهن على وصوله وحيداً في العتمة والبرد والمطر إلى البستان الفلاني ليضع فيه علامةً..فإن اختلف مع صديق في مسألة أخذ بيده إلى شيخ علم ليحكم بينهما، معتقداً ــ بنقاء فطرته أن شيخ العلم لا يتكلم إلا الحق والصدق، قال : ((كنت أعتقد العالم عبارة عن ملَك يمشي على وجه الأرض)).. تلك هي أيام الصبا.ثم دخل المدرسة الابتدائية، وتلقى بعض دروسه فيها باللغة التركية على زمن العثمانيين.
ومنذ حداثة سنه يتعشق الكمالات الإنسانية، ويتلذذ بمكارم الأخلاق المحمّدية، صادق، عفيف أديب، شديد الحياء، جدّه جدٌّ، وهزله جدٌّ، لم تنخدش فطرته بعيب، ولم تتغبــّر جوهرته بصبوة، قال : ((كان عندي إيمان فطري، فطرتي ما انخدشت)). لسان حاله : ومذ كنت طفلا فالمعالي تطلُّبي وتأنف نفسي كل ما هوواضع
وعُرِف الفتى بشجاعة نادرة، وقوّة في الجسم، وسرعة في الجري، ومهارة في المصارعة، ودقّةٍ في الرماية، وفروسية عجيبة، وتفوق في ترويض الخيل وتطبيعها، قال : ((وكنت لا يسبقني أحد بسرعة الجري، ولا يرميني أحد في المصارعة إلاّ نادراً، وفي ركوب الخيل قليل من هو مثلي، وفي ضرب النيشان أرمي إبرة)). وألزم نفسه بتدريب عنيف يشبه لعب الحبشة أو كمن يتهيأ لقتال في سوح الجهاد.
معالمه البشرية
مظهر محمّديٌّ، وشخصيّة فذَّة، تنجذب إليها الشخصيات، وطلعة لا تحتوى تمتلك المهج، من رآه على بعد فقد هابه، ومن نظر إليه ذكرَ الله واطمأنَّ وانتهضتْ همته. فهو خلق في أحسن تقويم، قامة ربعة، وللطول أبين، بارع الحسن أزهر، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أكحل العين أحور، خفيف الحاجبين، كأن حدقتي عينيه مَبسمان، له لحية بيضاء منوّرة، لا كثّة ولا مفرّقة، شاخص الرأس والصدر، رقيق الأَدَم قليل شعر الجلد، في كتفه الأيسر شامة لا يفارق وجهه السرور وإشراق النور، إذا أقبل فكأنه كوكب درّيٌّ، وإذا مشى فكأنه يتحدر من صبب
نسـبه
هو سيّدنا الشيخ محمّد بن أحمد بن نبهان ومنه عرف بالنّبهان والنّبهاني ونبهان ــ بن خضر، وَبــهِ يدعى قومه بالخضيرات ويرجع نسبهم إلى القبائل الزبيدية، وهم أربع شعب: أكبرهم: حسين الملقب بــ (الحوت) والثاني: حسن، والثالث: أحمد الملقـب ب (غانم) لكرمه، ورابعهم: نبهان.
أما من جهة أمّه فوالدته فاطمة بنت محمود بن عبد العزيز بن خشمان بن أحمد بن محمود بن أحمد الطحان بن عبد الله الفارماني بن عبد الرحمن بن محمد السائح بن رمضان بن عبد الهادي بن خليل بن نوح بن خضر الصياري اليمني بن أحمد العواكلي بن شكري الغنام بن محمود بن مصطفى بن يونس بن أحمد الركاني بن إسماعيل بن محمد الوالي بن محمود الحجازي بن مهدي الواعظ بن محمد شمس الدين بن عز الدين القاضي بن محمد بن الإمام موسى بن الإمام إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن علي، وأمه سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء البتول بنت رسول الله. وكان يعتز بانتسابه ويقول: ((سيدتنا فاطمة أمي، وآل البيت أخوالي)).
منازل عشيرته في شرق مدينة حلب باتجاه الرقة وجده «نبهان» يسكن قرية تسمى «الصفة»، أما منازل أخواله ففي جنوب شرقي حلب.
من كتاب الشيخ محمد النبهان للدكتور محمد فاروق النبهان وكتاب السيد النبهان ط2 للشيخ هشام الألوسي
حياته
كان من الأولياء الصالحين باذن الله وزاهدا صاحب حق صاحب دين وكان باذن الله اخلاقه مثل اخلاق الرسول محمد (ﷺ) فهو وارث محمدي أي ورث صفات النبي محمد (ﷺ) وكان قد تأمل حتى عرف حقيقته من نفسه وعرف بأنه الوارث المحمدي ذلك الولي الصالح العادل باذن الله جل وعلا
دعوته
مؤشرات طريقته
• إنهّا دعوة بالإسلام وللإسلام دون تسمية ثانية تهدف إلى صحوة إسلامية عامّة ووعي صحيح موصول بالله ورسوله، بعيدة عن المداخل الطائفية والحزبية والإثارات الخِلافية، وهي مظهر كمال للصوفية الصادقة السائرة على خطى سلفنا الصالح أهل القرون الثلاثة الأولى المفضلة.
• كما إنّها امتداد للخط الوسط العام غير المتطرف أو المتعصب أو المتحزب من أهل السنّة والجماعة، تنشد دستورية هذا الدين في جميع نُظُم الحياة وميادينها، وهي بهذا المعنى تغيير في النفس والأسرة والمجتمع والأمة.
• اعتمادها على كتاب الله وسنّة نبيه وفقــه المذاهب المعتبرة، دون تمييز لمذهب على آخر.
• حُبٌّ لآل بيت رسول الله والصحابة والأولياء أجمعين، وتتبع لسِيَرهم وآثارهم.
• تأسيس المساجد ومعاهد العلوم الشرعية والجمعيات الخيرية، للنهوض بالمسلمين وخدمتهم، وتحقيق آمالهم.
• تصحيح عادات الناس وتقاليدهم المخالفة للشرع الحنيف.
• اهتمام بالفرد المسلم وبيته، ضمن تربية صوفية محمّدية، تجمع كل المشارب والطرق، وفق مفاهيم العبدية لله تعالى، والاتباع لرسوله، وتزكية النفس.
• العناية بكل شرائح المجتمع وأطيافه، والعمل على بناء أسر شرعية، مجتنبة مزالق الجهل والجاهلية ونـزوات المدنية الماجنة التي لا ترتدع بعيب أو حرام.
• وأمّهات الفضائل من شرف وشجاعة، وكرم ونـزاهة، وصدق وأدب وإخلاص من أهمّ الأسس التي تقوم عليها، مع تعميق في معاني الغيرة على الدين والعِرض.
• التودد للمسلمين ومعاونتهم.
• إخماد الفتن.
• إبداء النصح للحكّام.
• إحياء المناسبات الإسلامية، كالمولد النبوي الشريف، والإسراء والمعراج، والهجرة، اعتزازاً بصاحب الذكرى واعتباراً بمآثره
•احياء الخير باذن الله حتى يقتنع به ويقتنع به الله
تحقيقاته
- قال أنس : خدمتُ النبيّ عشر سنين، فما قال لي أفّ قطّ، ولا قال لشي صنعتُه لمَِ صنعتَه (12).. من تحقيقات السيد النبهان بأن هذا مدح لسيّدنا أنس، هذا ليس مدحاً لسيّدنا محمّد، سيّدنا محمّد معلِّم مشرِّع مهذِّب مؤدِّب، لا يمكن أن يرى شيئاً مخالفاً ويسكت عنه أبداً أبداً، كل أهل الكمال هكذا. إذا عمل مخالفة فهل يسكت؟ لا، عن شيء من المباحات؟ اللهم صحيح، ذاتيته شخصيته غير فظّ { ولو كنتَ فظاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك} (آل عمران 159). لكن سيّدنا أنس ليس خادماً مثل الخدّام، وإنما مريد للرسول وأي مريد. مريد عند رسول الله، لا تخمنوا بأنه خادم مثل الخدّام، مريد، لأنّه ما عمل مخالفة، والمريد الصادق يدخل في قلب الشيخ ويأخذ من قلب الشيخ كل ما بقلبه.
- يقول السيد النبهان في حديث تسبيح الحصى بين يديه بأن المعجزة ليست التسبيح وإنما هي سماع التسبيح لأن كل شيء يسبح بحمده. يقول السيد النبهان كل شيء يسبح بحمده ولكن الله حجب سماع التسبيح رحمة بنا وكل مخلوق له تسبيح غير الآخر
من المصادر المعتمدة :
[موقع السيد النبهان]
موقع أحباب الكلتاوية
كتاب الشيخ محمد النبهان تأليف الدكتور محمد فاروق النبهان
كتاب السيد النبهان للشيخ هشام الألوسي محمد حافظ شريدة
المراجع
http://www.alkeltawia.com/site2/pkg09/
- ^ "أحباب الكلتاوية". www.alkeltawia.com. مؤرشف من الأصل في 2021-03-04. اطلع عليه بتاريخ 2021-03-09.
- ^ (محمد فؤاد حافظ العاصي )
محمد بن أحمد النبهان الحلبي في المشاريع الشقيقة: | |