تحتاج هذه المقالة إلى مصادر أكثر.

قضية شرطية

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قضية شرطية

القضية الشرطية عند المنطقيين هي القضية المركبة من قضيتين إحداهما محكوم عليها والأخرى محكوم بها. وهي على قسمين لأنها إن أوجبت حصول إحدى القضيتين عند حصول الأخرى أو سلبته فهي متصلة وإن أوجبت انفصال إحداهما عن الأخرى أو سلبته فهي منفصلة.[1] فالقضية شرطية مثل كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود.[2]

المنطق

وقع الاختلاف في أن الحكم في القضية الشرطية في الجزاء أم بين الشرط والجزاء قال المنطقيون أن الحكم بين طرفيها أي المقدم والتالي ومفهوم القضية الشرطية الحكم بلزوم الجزاء للشرط مثلا وصدقها باعتبار مطابقة الحكم باللزوم للواقع وكذبها بعدم تلك المطابقة وكل من طرفيها قد انخلع عن الخبرية واحتمال الصدق والكذب - فالقضية الشرطية تشارك القضية الحملية في أنها قول يحتمل الصدق والكذب وتخالفها بأن طرفيها يكونان مفردين ويكون الحكم فيها بأن أحد الطرفين هو الآخر - فإن قولنا كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود مفهومه عندهم أن وجود النهار لازم لطلوع الشمس فالقضية إذا جعلت جزءا من الشرطية مقدما أو تاليا ارتفع عنها اسم القضية ولم يبق لها احتمال الصدق والكذب وتعلق هذا الاحتمال بالربط بين القضيتين سواء كان بالاتصال أو الانفصال فإن كان الحكم بالاتصال أو الانفصال مطابقا للواقع فيكون صادقا وإلا فكاذبا ولا ملاحظة إلى الشرط ولا إلى الجزاء.[1]

علم العربية

والمحقق التفتازاني صرح في المطول أن مذهب أهل العربية أن الحكم في الجزاء والشرط قيد المسند فيه بمنزلة الحال أو الظرف فإن قولك إن تكرمني أكرمك بمنزلة كقولك أكرمك وقت إكرامك إياي ولا يخرج الكلام بتقييده بهذا القيد عما كان من الخبرية والإنشائية فالجزاء إن كان خبرا فالجملة خبرية نحو إن جئتني أكرمك بمعنى أكرمك وقت مجيئك. وإن كان إنشائية فالجملة إنشائية نحو إن جاءك زيد فأكرمه أي أكرمه وقت مجيئه.

وإنما صرح المحقق التفتازاني بهذا نظرا إلى ما اختاره السكاكي في المفتاح حيث قال إن الجملة الشرطية جملة خبرية مقيدة بقيد مخصوص محتملة في نفسها للصدق والكذب. وإنما قال جملة خبرية ولم يقل جملة خبرية أو إنشائية بناء على أنه في بحث تقييد المسند الخبري - وقوله في نفسها إشارة إلى أن الاحتمال يجب أن يقطع فيه النظر عن خصوصية المتكلم والخبر كما هو المشهور ولا المراد به ما ظنه العلامة الرازي في شرح المفتاح وليس في كلام غير السكاكي تصريح بهذا فالعجب من المحقق التفتازاني أنه اطلع على مذهب السكاكي ونسب المذهب إلى أهل العربية.[2]

النحو

وقد صرح النحويون بأن كلم المجازاة تدل على سببية الأول ومسببية الثاني وهذا ينادي نداء كالرعد القاصف بأن الحكم إنما هو بين الشرط والجزاء - والمقصود هو الارتباط بينهما فأهل العربية صاروا متهمين بهذا المذهب من زمان المحقق التفتازاني. والحق ما ذهب إليه المنطقيون لأن انتفاء القيد يستلزم انتفاء المقيد فلو كان الحكم في الجزاء ويكون الشرط قيده ويكون قولك إن ضربني زيد ضربته بمعنى أضربه في وقت ضربه إياي يلزم أن لا يكون صادقا إلا إذا تحقق الضرب مع ذلك القيد فإذا فرض انتفاء القيد أعني وقت ضربه إياي لم يكن الضرب المقيد به واقعا فيكون الخبر الدال على وقوعه كاذبا سواء وجد منك الضرب في غير ذلك الوقت أو لم يوجد. وذلك باطل قطعا لأنه إذا لم يضربك ولم تضربه وكنت بحيث إن ضربك ضربته عد كلامك هذا صادقا عرفا ولغة فلو جعل الشرط قيد الجزاء يلزم خلاف العرف واللغة.

حاصله أن الجملة الشرطية صادقة إذا كان قصد المتكلم تعليق مضمون الجزاء بالشرط سواء تحقق الجزاء والشرط أو لا ولو كان الشرط قيدا للجزاء كالظرف كان صدقها موقوفا على تحقق الجزاء في وقت تحقق الشرط كقولك أكرمتك في وقت مجيئك وذلك لأن الإخبار عن نسبة واقعة في وقت إنما يصدق إذا وقعت تلك النسبة في ذلك الوقت وليس الأمر كذلك فإن قولك إن ضربتني ضربتك صادق إذا كان المقصود التعليق وإن لم يوجد منك ضرب للمخاطب أصلا. ألا ترى أن قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا الله لفَسَدَتَا . شرطية صادقة مع امتناع تحقق الجزاء في وقت تحقق الشرط لامتناعه فافهم.

وأيضا مفاد الشرطية نسبة اتصالية أو انفصالية ومفاد الحملية نسبة حملية. ومن المعلوم أن هذه النسب الثلاث متباينة فهكذا القضايا الثلاث فكيف يتصور الاتحاد بينها وإن نظرت حق النظر في كلام السكاكي في المفتاح ظهر لك أن كلامه يدل ظاهرا على ما يدل لكن مراده من جعل الشرط قيدا للجزاء ضبط الكلام وتقليل الانتشار للأقسام لأن الكلام حينئذ يكون مضبوطا بحيث يكون بعض أجزائه ملصقا بالبعض.

وأيضا تكون الجملة الخبرية جملة مقيدة بالظرف أو الحال لا شرطية قسما آخر مقابلا للحملية فيحصل تقليل الأقسام وهو أرفع للانتشار فالسكاكي موافق للمنطقيين فالمحقق التفتازاني توهم من ظاهر كلامه ما توهم فقال ما قال. وقال المحقق التفتازاني إن العلامة الرازي ذكر في شرح المفتاح أن مراد السكاكي بقوله في نفسها أن الجزاء بالنظر إلى ذاته مجردا عن التقييد بالشرط جملة خبرية وبالنظر إلى تقييده بالشرط وأداة الشرط إنشائية مع أن مراد السكاكي بقوله في نفسها ما مر فلما حمل العلامة الرازي قوله في نفسها على ما حمله كما علمت آنفا. قال إن مذهب السكاكي أن الشرط قيد الجزاء والجزاء جملة إنشائية فطعن عليه المحقق التفتازاني بأنه خلط المذهبين وأحدث مذهبا آخر من البين لأن تقييد الجزاء بالشرط مذهب أهل العربية على ما زعمه وخروجه عن الخبرية إلى الإنشاء مذهب المنطقيين فأخذهما جميعا.[2]

المنطق وعلم العربية

ثم اعلم أن المحقق التفتازاني قال في المطول والتحقيق في هذا المقام أن مفهوم الشرطية بحسب اعتبار المنطقيين غيره بحسب اعتبار أهل العربية لأنا إذا قلنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود فعند أهل العربية النهار محكوم عليه وموجود محكوم به والشرط قيد له. ومفهوم القضية أن الوجود ثبت للنهار على تقدير طلوع الشمس وظاهر أي على هذا المفهوم أن الجزاء باق على ما كان عليه من احتمال الصدق والكذب وصدقها باعتبار مطابقة الحكم بثبوت الوجود للنهار حين طلوع الشمس للواقع وكذبها بعدمها أي بعدم تلك المطابقة وأما عند المنطقيين فالمحكوم عليه هو الشرط والمحكوم به هو الجزاء ومفهوم القضية الحكم بلزوم الجزاء للشرط وصدقها باعتبار مطابقة الحكم باللزوم وكذبها بعدمها انتهى.

وغرض المحقق من هذا التحقيق الأنيق بيان أن منشأ النزاع والخلاف هو الاختلاف في المفهوم يعني أن مفهوم الشرطية عند أهل العربية غير ما هو مفهومها عند المنطقيين ولو كان مفهومها واحدا عندهما لما وقع النزاع والخلاف. ولكن لا يخفى على من له أدنى مسكة أن النحويين الباحثين عن كلم المجازاة بأنها تدل على سببية الأول ومسببية الثاني كيف يكون عندهم مفهوم قولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود إن الوجود ثبت للنهار على تقدير طلوع الشمس من غير ملاحظة السببية والمسببية قيل النزاع بينهما لفظي فإن نظر أهل العربية على محاورة العرب وهم إذا قالوا إن دخلت الدار فأنت طالق مثلا لا يرومون به مجرد الإخبار بالاتصال لزوما أو اتفاقا بل إنما يرومون به مجرد إيقاع الطلاق وقت الدخول.

فالمقصود عندهم أن الحكم في الجزاء مقيد بذلك الوقت بخلاف المنطقيين فإن غرضهم يتعلق بنظم القياس وهو لا يمكن إلا باعتبار الحكم الاتصالي بين النسبتين. ولا يخفى أن هذا إنما يتم في الشرطيات التي تواليها إنشاءات بحسب العرف كسائر ألفاظ العقود التي يقصد بها حصول المعنى الشرعي كالبيع والشراء والنكاح وليس الكلام فيها بل فيما قصد به مجرد الإخبار كقولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود ولا يمكن قياس هذا على تلك الوجود الفارق. وقد يقال إن قول أهل العربية هذا مقصور في تلك الشرطيات خاصة لا في جميعها. وأصحاب المنطق لم يخالفوهم فيها. ولقائل أن يقول لا نسلم أن الشرطية التي تاليها إنشاء فيها حكم حتى يقال إنه في الجزاء أو بين المقدم والتالي لانتفاء الحكاية وإنما الكلام فيما فيه حكم فافهم.[2]

انظر أيضًا

مراجع

  1. ^ أ ب كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي
  2. ^ أ ب ت ث دستور العلماء - "قاموس الضاد | ضادكت - Dadict". Dadict. مؤرشف من الأصل في 2020-04-27. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-27.