الدولة البويهية: الفرق بين النسختين

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا يوجد ملخص تحرير
ط (استبدال قوالب (بداية قصيدة، بيت ، شطر، نهاية قصيدة) -> أبيات)
 
لا ملخص تعديل
 
سطر 41: سطر 41:
وهكذا أسَّس البُويهيُّون [[ملكية وراثية|مُلكًا وراثيًّا]] لهم، وهيمنوا على الخلافة العبَّاسيَّة كما فعل التُّرك قبلهم. لكنَّ عصرهم هذا تميَّز عن عصر الحرس التُّركي بِشيءٍ من الاستقرار السياسي، خاصَّةً مُدَّة حُكم الخُلفاء. فعلى سبيل المثال دامت خِلافة [[فضل المطيع لله|المُطيع لله]] تسعًا وعِشرين سنة ([[334 هـ|334]] - [[363 هـ|363هـ]] \ [[946]] - [[974]]م)، و[[أحمد القادر بالله|القادر بالله]] إحدى وأربعين سنة ([[381 هـ|381]] - [[422 هـ|422هـ]] \ [[991]] - [[1031]]م). ولعلَّ مردَّ ذلك يعود إلى أنَّ إمرة الأُمراء التي تولَّاها البُويهيُّون كانت تتحمَّل كافَّة تبعات الحُكم، في حين اقتصر دور الخليفة على إضفاء الصفة الشرعيَّة على أعمالهم، ولم يتولَّ من مقاليد الأُمُور شيئًا.<ref name="طقوش1"/> وممَّا ميَّز هذا العصر أيضًا عن سابقه أنَّ الأُمراء البُويهيين تلقَّبوا بِألقابٍ ملكيَّة، لعلَّ أبرزها «[[ملك الملوك|ملك المُلُوك]]» ([[اللغة الفارسية|بِالفارسيَّة]]: {{خط/عربي|شاهنشاه}})<ref group="la" name="Sajjadi, Asatryan & Melvin-Koushki"/> لِتحسُّسهم [[قومية إيرانية|بِقوميَّتهم الفارسيَّة]] وميلهم لِإحياء التُراث الفارسي القديم.<ref name="الزهراني0">{{استشهاد مختصر|1=الزهراني|2=1980|ص=22}}</ref> ومن ذلك أنَّ بعضهم نقش نُقُوشًا في أطلال [[تخت جمشيد]]، العاصمة الروحيَّة [[الإمبراطورية الأخمينية|لِلفُرس الأخمينيين]]، كما كانت عادة بعض [[الأسرة الأخمينية|مُلُوك هذه السُّلالة]].<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Herzig & Stewart|2=2011|ص=36|لغة=en}}</ref> بلغت الدولة البُويهيَّة أوج مجدها وقُوَّتها خلال عهد [[عضد الدولة|عضُد الدولة أبي شُجاع فناخسرو]] (حكم: [[338 هـ|338]] - [[372 هـ|372هـ]] \ [[949]] - [[982]]م)، فشهد عهده هذا بعض المشاريع العُمرانيَّة، لعلَّ أبرزها سد «بند أمير» شمال شرق شيراز،<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Lerner|2=1988|ص=680–681|لغة=en}}</ref> وامتدَّت حُدود الدولة حتَّى بلغت تُخُوم [[الإمبراطورية البيزنطية تحت حكم السلالة المقدونية|ديار الرُّوم]] غربًا و[[خراسان الكبرى|خُراسان]] شرقًا.<ref group="la" name="Bürgel & Mottahedeh">{{استشهاد مختصر|1=Bürgel & Mottahedeh|2=1988|ص=265–269|لغة=en}}</ref> واستمرَّت الحركة العلميَّة والأدبيَّة مُزدهرةً وقائمةً على قدمٍ وساق كما في العُهُود السابقة، فوُضعت الكثير من المُؤلَّفات المُفيدة في مُختلف المجالات بِاللُُّغات [[اللغة العربية|العربيَّة]] و[[اللغة الفارسية|الفارسيَّة]] و[[اللغة السريانية|السُّريانيَّة]].<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Frye|2=2014|لغة=en}}</ref>
وهكذا أسَّس البُويهيُّون [[ملكية وراثية|مُلكًا وراثيًّا]] لهم، وهيمنوا على الخلافة العبَّاسيَّة كما فعل التُّرك قبلهم. لكنَّ عصرهم هذا تميَّز عن عصر الحرس التُّركي بِشيءٍ من الاستقرار السياسي، خاصَّةً مُدَّة حُكم الخُلفاء. فعلى سبيل المثال دامت خِلافة [[فضل المطيع لله|المُطيع لله]] تسعًا وعِشرين سنة ([[334 هـ|334]] - [[363 هـ|363هـ]] \ [[946]] - [[974]]م)، و[[أحمد القادر بالله|القادر بالله]] إحدى وأربعين سنة ([[381 هـ|381]] - [[422 هـ|422هـ]] \ [[991]] - [[1031]]م). ولعلَّ مردَّ ذلك يعود إلى أنَّ إمرة الأُمراء التي تولَّاها البُويهيُّون كانت تتحمَّل كافَّة تبعات الحُكم، في حين اقتصر دور الخليفة على إضفاء الصفة الشرعيَّة على أعمالهم، ولم يتولَّ من مقاليد الأُمُور شيئًا.<ref name="طقوش1"/> وممَّا ميَّز هذا العصر أيضًا عن سابقه أنَّ الأُمراء البُويهيين تلقَّبوا بِألقابٍ ملكيَّة، لعلَّ أبرزها «[[ملك الملوك|ملك المُلُوك]]» ([[اللغة الفارسية|بِالفارسيَّة]]: {{خط/عربي|شاهنشاه}})<ref group="la" name="Sajjadi, Asatryan & Melvin-Koushki"/> لِتحسُّسهم [[قومية إيرانية|بِقوميَّتهم الفارسيَّة]] وميلهم لِإحياء التُراث الفارسي القديم.<ref name="الزهراني0">{{استشهاد مختصر|1=الزهراني|2=1980|ص=22}}</ref> ومن ذلك أنَّ بعضهم نقش نُقُوشًا في أطلال [[تخت جمشيد]]، العاصمة الروحيَّة [[الإمبراطورية الأخمينية|لِلفُرس الأخمينيين]]، كما كانت عادة بعض [[الأسرة الأخمينية|مُلُوك هذه السُّلالة]].<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Herzig & Stewart|2=2011|ص=36|لغة=en}}</ref> بلغت الدولة البُويهيَّة أوج مجدها وقُوَّتها خلال عهد [[عضد الدولة|عضُد الدولة أبي شُجاع فناخسرو]] (حكم: [[338 هـ|338]] - [[372 هـ|372هـ]] \ [[949]] - [[982]]م)، فشهد عهده هذا بعض المشاريع العُمرانيَّة، لعلَّ أبرزها سد «بند أمير» شمال شرق شيراز،<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Lerner|2=1988|ص=680–681|لغة=en}}</ref> وامتدَّت حُدود الدولة حتَّى بلغت تُخُوم [[الإمبراطورية البيزنطية تحت حكم السلالة المقدونية|ديار الرُّوم]] غربًا و[[خراسان الكبرى|خُراسان]] شرقًا.<ref group="la" name="Bürgel & Mottahedeh">{{استشهاد مختصر|1=Bürgel & Mottahedeh|2=1988|ص=265–269|لغة=en}}</ref> واستمرَّت الحركة العلميَّة والأدبيَّة مُزدهرةً وقائمةً على قدمٍ وساق كما في العُهُود السابقة، فوُضعت الكثير من المُؤلَّفات المُفيدة في مُختلف المجالات بِاللُُّغات [[اللغة العربية|العربيَّة]] و[[اللغة الفارسية|الفارسيَّة]] و[[اللغة السريانية|السُّريانيَّة]].<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Frye|2=2014|لغة=en}}</ref>


اضطربت أوضاع البُويهيين بعد وفاة [[بهاء الدولة]] ابن عضُد الدولة سالف الذِّكر، في سنة [[403 هـ|403هـ]] المُوافقة لِسنة [[1012]]م، وذلك لأسبابٍ عديدة، أبرزها تنازُع أبناء بهاء الدولة واستئثار كُلٍّ منهم بِقسمٍ من البلاد، وعودة الجُند التُّرك إلى سابق قُوَّتهم وتنافُسهم مع الديالمة ممَّا سبَّب الكثير من المتاعب لِبني بُويه، وانكماش هؤلاء على أنفُسهم ضمن دائرة نُفُوذهم وإهمالهم ما كان يجري من أحداثٍ على تُخُوم دولتهم، وأبرزها تنامي قُوَّة [[الإمبراطورية البيزنطية|الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة]] وصُعُود نجم [[الدولة السلجوقية|بني سَلجُوق]]. فظهرت في هذه المناطق إماراتٌ إسلاميَّة أخذت على عاتقها القيام بهذه المُهمَّة، أمثال [[عقيليون|العُقيليين]] في شماليّ العراق وبعض مناطق [[الجزيرة الفراتية|الجزيرة]]، والنميريين في [[حران (تركيا)|حرَّان]] و[[الرها|الرُّها]] و[[الرقة|الرِّقَّة]]، و[[مروانيون|المروانيين]] في [[ديار بكر (منطقة)|ديار بكر]] و[[ميافارقين|ميَّافارقين]]، وغيرهم. وفي سنة [[447 هـ|447هـ]] المُوافقة لِسنة [[1055]]م دخل السلاجقة بغداد بِقيادة [[طغرل بك|طُغرُل بك]]، ووقع آخر مُلُوك البُويهيين [[الملك الرحيم|أبو نصر خسرو فيروز]] في أسرهم، لتسقط بذلك الدولة البُويهيَّة في العراق.<ref>{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2009|ص=230-231}}</ref> أمَّا في فارس فقد استمرَّ مُلك بني بُويه حتَّى سنة [[454 هـ|454هـ]] المُوافقة لِسنة [[1062]]م، حينما قُتل آخر أُمرائهم أبو منصور فولادستون ووقع شقيقه الأصغر إسفنديار في أسر السلاجقة.<ref group="la" name="مولد تلقائيا1">{{استشهاد مختصر|1=Bosworth|2=1975|ص=303–304|لغة=en}}</ref>
اضطربت أوضاع البُويهيين بعد وفاة [[بهاء الدولة]] ابن عضُد الدولة سالف الذِّكر، في سنة [[403 هـ|403هـ]] المُوافقة لِسنة [[1012]]م، وذلك لأسبابٍ عديدة، أبرزها تنازُع أبناء بهاء الدولة واستئثار كُلٍّ منهم بِقسمٍ من البلاد، وعودة الجُند التُّرك إلى سابق قُوَّتهم وتنافُسهم مع الديالمة ممَّا سبَّب الكثير من المتاعب لِبني بُويه، وانكماش هؤلاء على أنفُسهم ضمن دائرة نُفُوذهم وإهمالهم ما كان يجري من أحداثٍ على تُخُوم دولتهم، وأبرزها تنامي قُوَّة [[الإمبراطورية البيزنطية|الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة]] وصُعُود نجم [[الدولة السلجوقية|بني سَلجُوق]]. فظهرت في هذه المناطق إماراتٌ إسلاميَّة أخذت على عاتقها القيام بهذه المُهمَّة، أمثال [[الدولة العقيلية|العُقيليين]] في شماليّ العراق وبعض مناطق [[الجزيرة الفراتية|الجزيرة]]، والنميريين في [[حران (تركيا)|حرَّان]] و[[الرها|الرُّها]] و[[الرقة|الرِّقَّة]]، و[[مروانيون|المروانيين]] في [[ديار بكر (منطقة)|ديار بكر]] و[[ميافارقين|ميَّافارقين]]، وغيرهم. وفي سنة [[447 هـ|447هـ]] المُوافقة لِسنة [[1055]]م دخل السلاجقة بغداد بِقيادة [[طغرل بك|طُغرُل بك]]، ووقع آخر مُلُوك البُويهيين [[الملك الرحيم|أبو نصر خسرو فيروز]] في أسرهم، لتسقط بذلك الدولة البُويهيَّة في العراق.<ref>{{استشهاد مختصر|1=طقوش|2=2009|ص=230-231}}</ref> أمَّا في فارس فقد استمرَّ مُلك بني بُويه حتَّى سنة [[454 هـ|454هـ]] المُوافقة لِسنة [[1062]]م، حينما قُتل آخر أُمرائهم أبو منصور فولادستون ووقع شقيقه الأصغر إسفنديار في أسر السلاجقة.<ref group="la" name="مولد تلقائيا1">{{استشهاد مختصر|1=Bosworth|2=1975|ص=303–304|لغة=en}}</ref>


== تأثيل ==
== تأثيل ==
سطر 67: سطر 67:
=== أوضاع الخلافة العبَّاسيَّة عشيَّة السيطرة البُويهيَّة ===
=== أوضاع الخلافة العبَّاسيَّة عشيَّة السيطرة البُويهيَّة ===
[[ملف:Fragmentation of the Abbasid Caliphate-ar.jpg|تصغير|الدُّول التي تقسَّمت من الدولة العبَّاسيَّة، قُرابة سنة 945م، ولم يُحتفظ لِلخلافة في بعضها بشيءٍ من السُّلطة الفعليَّة، سوى السكَّة والخطبة.]]
[[ملف:Fragmentation of the Abbasid Caliphate-ar.jpg|تصغير|الدُّول التي تقسَّمت من الدولة العبَّاسيَّة، قُرابة سنة 945م، ولم يُحتفظ لِلخلافة في بعضها بشيءٍ من السُّلطة الفعليَّة، سوى السكَّة والخطبة.]]
شكَّلت حادثة مقتل الخليفة [[أبو الفضل جعفر المتوكل على الله|المُتوكِّل على الله]] سنة [[247 هـ|247هـ]] المُوافقة لِسنة [[861]]م،<ref>{{استشهاد مختصر|1=الطبري|2=1967|ص=222}}</ref> على أيدي قادة جُنده الأتراك الذين اصطنعهم، شكَّلت بداية الانحطاط وانقسام الدولة العبَّاسيَّة كما يعتقد ابن خلدون.<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن خلدون|2=1981|ص=351}}</ref> فضعُفت الدولة بعد الاستفحال وتغلَّب على الخليفة فيها الأولياء والقرابة والمُصطنعون، وحدثت الفتن في [[بغداد]]، وصار العلويُّون والمُنتسبون إلى [[أهل البيت|آل البيت]] إلى النواحي مُظهرين دعوتهم، فدعا [[أبو عبد الله الشيعي]] سنة [[286 هـ|286هـ]] المُوافقة لِسنة [[899]]م بِ[[إفريقية]] في طاعة [[عبيد الله المهدي|عُبيد الله المهدي]]، وظهر بِطبرستان [[الحسن بن زيد بن محمد|الحسن بن زيد بن مُحمَّد]] المعروف بِالدَّاعي سنة [[250 هـ|250هـ]] المُوافقة لِسنة [[864]]م في خلافة [[أحمد المستعين بالله|المُستعين بالله]] وملكها.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الطبري|2=1967|ص=271}}</ref> وظهر [[إقليم اليمن|باليمن]] الإمام [[القاسم الرسي|القاسم الرسِّي]] وهو ابن [[إبراهيم طباطبا]]، فأظهر دعوة الزيديَّة وملك [[صعدة]] و[[صنعاء]] وغيرها من بلاد اليمن، ومَلَك [[الدولة السامانية|بنو سامان]] [[بلاد ما وراء النهر]] آخر سنة [[260 هـ|260هـ]] المُوافقة لِسنة [[873]]م، وبدأت [[صفاريون|دولة بني الصفَّار]] في الظُّهُور سنة [[253 هـ|253هـ]] المُوافقة لِسنة [[867]]م بعد استيلائه على [[سجستان]] و[[هراة]] من خُراسان،<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997ب|ص=247}}</ref> كما بدأ [[ثورة الزنج|أمر]] [[صاحب الزنج|صاحب الزَّنج]] سنة [[255 هـ|255هـ]] المُوافق لِسنة [[868]]م،<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997ب|ص=263}}</ref> وفي سنة [[254 هـ|254هـ]] المُوافقة لِسنة [[868]]م بدأ أمر [[أحمد بن طولون]] بِالظُّهُور.<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997ب|ص=250}}</ref> وما كادت سنة [[264 هـ|264هـ]] المُوافقة لِسنة [[877]]م تغيب حتَّى مَلَك [[بلاد الشام|الشَّام]] إضافةً إلى [[تاريخ مصر الإسلامية|مصر]]. وبدأ أمر [[قرامطة|القرامطة]] سنة [[276 هـ|276هـ]] المُوافقة لِسنة [[889]]م، وخلال عشر سنواتٍ عظُم أمرهم واشتدَّ في [[إقليم البحرين|البحرين]]،<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997ب|ص=504}}</ref> أمَّا [[المغرب الأقصى]] و[[الأندلس|الأندلُس]] فاقتُطعا عن الدولة العبَّاسيَّة مُنذُ زمنٍ بعيد.
شكَّلت حادثة مقتل الخليفة [[جعفر المتوكل على الله|المُتوكِّل على الله]] سنة [[247 هـ|247هـ]] المُوافقة لِسنة [[861]]م،<ref>{{استشهاد مختصر|1=الطبري|2=1967|ص=222}}</ref> على أيدي قادة جُنده الأتراك الذين اصطنعهم، شكَّلت بداية الانحطاط وانقسام الدولة العبَّاسيَّة كما يعتقد ابن خلدون.<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن خلدون|2=1981|ص=351}}</ref> فضعُفت الدولة بعد الاستفحال وتغلَّب على الخليفة فيها الأولياء والقرابة والمُصطنعون، وحدثت الفتن في [[بغداد]]، وصار العلويُّون والمُنتسبون إلى [[أهل البيت|آل البيت]] إلى النواحي مُظهرين دعوتهم، فدعا [[أبو عبد الله الشيعي]] سنة [[286 هـ|286هـ]] المُوافقة لِسنة [[899]]م بِ[[إفريقية]] في طاعة [[عبيد الله المهدي|عُبيد الله المهدي]]، وظهر بِطبرستان [[الحسن بن زيد بن محمد|الحسن بن زيد بن مُحمَّد]] المعروف بِالدَّاعي سنة [[250 هـ|250هـ]] المُوافقة لِسنة [[864]]م في خلافة [[أحمد المستعين بالله|المُستعين بالله]] وملكها.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الطبري|2=1967|ص=271}}</ref> وظهر [[إقليم اليمن|باليمن]] الإمام [[القاسم الرسي|القاسم الرسِّي]] وهو ابن [[إبراهيم طباطبا]]، فأظهر دعوة الزيديَّة وملك [[صعدة]] و[[صنعاء]] وغيرها من بلاد اليمن، ومَلَك [[الدولة السامانية|بنو سامان]] [[بلاد ما وراء النهر]] آخر سنة [[260 هـ|260هـ]] المُوافقة لِسنة [[873]]م، وبدأت [[صفاريون|دولة بني الصفَّار]] في الظُّهُور سنة [[253 هـ|253هـ]] المُوافقة لِسنة [[867]]م بعد استيلائه على [[سجستان]] و[[هراة]] من خُراسان،<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997ب|ص=247}}</ref> كما بدأ [[ثورة الزنج|أمر]] [[صاحب الزنج|صاحب الزَّنج]] سنة [[255 هـ|255هـ]] المُوافق لِسنة [[868]]م،<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997ب|ص=263}}</ref> وفي سنة [[254 هـ|254هـ]] المُوافقة لِسنة [[868]]م بدأ أمر [[أحمد بن طولون]] بِالظُّهُور.<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997ب|ص=250}}</ref> وما كادت سنة [[264 هـ|264هـ]] المُوافقة لِسنة [[877]]م تغيب حتَّى مَلَك [[بلاد الشام|الشَّام]] إضافةً إلى [[تاريخ مصر الإسلامية|مصر]]. وبدأ أمر [[قرامطة|القرامطة]] سنة [[276 هـ|276هـ]] المُوافقة لِسنة [[889]]م، وخلال عشر سنواتٍ عظُم أمرهم واشتدَّ في [[إقليم البحرين|البحرين]]،<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997ب|ص=504}}</ref> أمَّا [[المغرب الأقصى]] و[[الأندلس|الأندلُس]] فاقتُطعا عن الدولة العبَّاسيَّة مُنذُ زمنٍ بعيد.
[[ملف:Iraq Ninth Century-ar.svg|تصغير|يمين|خريطة تُصوِّرُ الديار العراقيَّة في أواسط [[القرن 9|القرن التاسع الميلاديّ]]. كانت هذه المناطق الوحيدة تقريبًا التي كان لِلخلافة هيمنة سياسيَّة فعليَّة فيها.]]
[[ملف:Iraq Ninth Century-ar.svg|تصغير|يمين|خريطة تُصوِّرُ الديار العراقيَّة في أواسط [[القرن 9|القرن التاسع الميلاديّ]]. كانت هذه المناطق الوحيدة تقريبًا التي كان لِلخلافة هيمنة سياسيَّة فعليَّة فيها.]]
وكان اغتيال المُتوكِّل البدايةَ الأولى لما آل إليه أمر الخلافة، والنتيجة الحتميَّة لِغلَبة العناصر [[عجم|الأعجميَّة]] على الجيش، فصار قادة الجُند ينتزعون تدريجيًّا كُل سُلطات الخليفة حتَّى لم يبقَ لهُ سوى السكَّة والخطبة، وحتَّى هذه الأخيرة شاركوه فيها. أمَّا تعيينه وعزله فبات أيضًا محكومًا بِمشيئة قائد الجُيُوش الذي لم يكن يتورّع عن قتل الخليفة أو سجنه. وكانت الصفة الأساسيَّة التي تطلَّبها قادة الجُند والأُمراء والوُزراء لِتنصيب الخليفة، هي ضعفه، ممَّا يُتيحُ لهم حُريَّة التصرُّف بِأُمُور الدولة، فبات واجبًا أن لا يُولَّى أمر الخلافة {{اقتباس مضمن|مَنْ قَدْ عَرَفَ دَارَ هَذَا وَنِعْمَةَ هَذَا وَبُسْتَانَ هَذَا وَجَارِيَةَ هَذَا وَضِيعَةَ هَذَا وَفَرَسَ هَذَا، وَمَنْ لَقِيَ النَّاسُ وَلَقُوهُ وَعَرَفَ اَلْأُمُور وَتَحَنَّكَ وَحَسَب حِسَاب نِعَمِ اَلنَّاس}}.<ref>{{استشهاد مختصر|1=مسكويه|2=2000أ|ص=52}}</ref> لكنَّ ذلك لم يَحُلْ دون ظُهُور خُلفاء أقوياء تصدَّوْا للفساد والفتن وقمعوا أهلها، مثل [[أحمد المعتضد بالله|المُعتضد بالله]] الذي سُمِّي «السفَّاح الثاني» لأنَّهُ جدَّد مُلك بني العبَّاس،<ref>{{استشهاد مختصر|1=السيوطي|2=2004|ص=268}}</ref> تيمنًا بالخليفة [[أبو العباس عبد الله السفاح|أبي العبَّاس السفَّاح]] مُؤسس الدولة العبَّاسيَّة. لِذلك يعتبر حمزة بن الحسن الأصفهاني، أنَّ مرحلة تدهور الخلافة العبَّاسيَّة بدأت فعليًّا بعد مضيّ ثلاث عشرة سنة من مُلك [[جعفر المقتدر بالله|المُقتدر بالله]]، أي في أواخر سنة [[308 هـ|308هـ]] المُوافقة لِسنة [[920]]م، فعندها بدأت الأحداث والفتن في دار الخلافة، فأزالت عن الجُند والرعيَّة هيبة الخُلفاء، وأخلت من الأموال خزائنهم وبُيُوت أموالهم، ولبث الحال على ما هو عليه خمسًا وعِشرين سنة،<ref>{{استشهاد مختصر|1=الأصفهاني|2=1844|ص=201-202}}</ref> أي حتَّى دخل البُويهيُّون بغداد.
وكان اغتيال المُتوكِّل البدايةَ الأولى لما آل إليه أمر الخلافة، والنتيجة الحتميَّة لِغلَبة العناصر [[عجم|الأعجميَّة]] على الجيش، فصار قادة الجُند ينتزعون تدريجيًّا كُل سُلطات الخليفة حتَّى لم يبقَ لهُ سوى السكَّة والخطبة، وحتَّى هذه الأخيرة شاركوه فيها. أمَّا تعيينه وعزله فبات أيضًا محكومًا بِمشيئة قائد الجُيُوش الذي لم يكن يتورّع عن قتل الخليفة أو سجنه. وكانت الصفة الأساسيَّة التي تطلَّبها قادة الجُند والأُمراء والوُزراء لِتنصيب الخليفة، هي ضعفه، ممَّا يُتيحُ لهم حُريَّة التصرُّف بِأُمُور الدولة، فبات واجبًا أن لا يُولَّى أمر الخلافة {{اقتباس مضمن|مَنْ قَدْ عَرَفَ دَارَ هَذَا وَنِعْمَةَ هَذَا وَبُسْتَانَ هَذَا وَجَارِيَةَ هَذَا وَضِيعَةَ هَذَا وَفَرَسَ هَذَا، وَمَنْ لَقِيَ النَّاسُ وَلَقُوهُ وَعَرَفَ اَلْأُمُور وَتَحَنَّكَ وَحَسَب حِسَاب نِعَمِ اَلنَّاس}}.<ref>{{استشهاد مختصر|1=مسكويه|2=2000أ|ص=52}}</ref> لكنَّ ذلك لم يَحُلْ دون ظُهُور خُلفاء أقوياء تصدَّوْا للفساد والفتن وقمعوا أهلها، مثل [[أحمد المعتضد بالله|المُعتضد بالله]] الذي سُمِّي «السفَّاح الثاني» لأنَّهُ جدَّد مُلك بني العبَّاس،<ref>{{استشهاد مختصر|1=السيوطي|2=2004|ص=268}}</ref> تيمنًا بالخليفة [[أبو العباس السفاح|أبي العبَّاس السفَّاح]] مُؤسس الدولة العبَّاسيَّة. لِذلك يعتبر حمزة بن الحسن الأصفهاني، أنَّ مرحلة تدهور الخلافة العبَّاسيَّة بدأت فعليًّا بعد مضيّ ثلاث عشرة سنة من مُلك [[جعفر المقتدر بالله|المُقتدر بالله]]، أي في أواخر سنة [[308 هـ|308هـ]] المُوافقة لِسنة [[920]]م، فعندها بدأت الأحداث والفتن في دار الخلافة، فأزالت عن الجُند والرعيَّة هيبة الخُلفاء، وأخلت من الأموال خزائنهم وبُيُوت أموالهم، ولبث الحال على ما هو عليه خمسًا وعِشرين سنة،<ref>{{استشهاد مختصر|1=الأصفهاني|2=1844|ص=201-202}}</ref> أي حتَّى دخل البُويهيُّون بغداد.


أمَّا [[وزير (لقب)|الوزارة]] فقد انتهت حالتها إلى مثل ما انتهت إليه الخلافة، إن لم يكن أسوأ، عشيَّة السيطرة البُويهيَّة. ففي سنة [[324 هـ|324هـ]] المُوافقة لِسنة [[935]]م، منح الخليفة [[محمد الراضي بالله|الراضي بالله]] لقب «أمير الأُمراء» لِوالي [[واسط (مدينة تاريخية)|واسط]] [[محمد بن رائق|مُحمَّد بن رائق]]، وأطلق يده في تدبير أُمُور الدولة. فأبطل أمر الوزارة و[[الديوان|الدواوين]] وتولَّى هو و[[كاتب (ثقافة إسلامية)|كاتبه]] جميع الأُمُور، فزال أمر هذا المنصب ولم يعد الوزير ينظر في شيء.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Sourdel|2=1971|ص=902|لغة=en}}</ref><ref group="la" name="Kennedy">{{استشهاد مختصر|1=Kennedy|2=2004|ص=195|لغة=en}}</ref> وكان الراضي يأمل من خلال تعيينه ابن رائق في هذا المنصب الكبير، أن يُؤدِّي ذلك إلى إيقاف حالة الاضطراب والصراعات الدامية التي كانت تعمُّ بغداد، وأن يُعيد للخلافة سُلطتها على وُلاتها الذين كان أغلبهم لا يُؤدُّون ما عليهم من أموالٍ لِلخزينة، لا سيَّما وأنَّ ابن رائق كان أقوى المُتصارعين على تولِّي إمرة الأُمراء. لكنَّ النتيجة جاءت عكسيَّة. فقد عمد ابن رائق سنة [[325 هـ|325هـ]] المُوافقة [[936]]م إلى مُحاربة [[الحسن البريدي|أبي عبد الله الحسن البريدي]] صاحب [[الأهواز]] بعد أن امتنع عن تأدية ما يجب عليه لِلدولة، إذ كان هو الآخر يطمع في تولِّي إمرة الأُمراء. والبريدي هذا كان «أحد دجَّالي الدُّنيا وشياطينها» كما يصفه مسكويه،<ref>{{استشهاد مختصر|1=مسكويه|2=2000أ|ص=228}}</ref> فلم يكتفِ بمنع أموال ولايته، بل نجح بدهائه من الاتفاق مع كاتب ابن رائق، أبي عبد الله الكوفي، في ضمان [[البصرة]] وواسط لِأخيه أبي يُوسُف. فقويت شوكته وأخذ في تحريض الناس على ابن رائق وبالاستعداد لِمُقاتلته، ونجح في ذلك،<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997أ|ص=60}}</ref> خاصَّةً وأنَّ أهل البصرة كانوا في نهاية الاستيحاش من ابن رائق وعامله الذي ظلمهم في مُعاملاتهم ظُلمًا مُفرطًا وأساء السيرة معهم فقدَّروا بالبريدي خيرًا.<ref>{{استشهاد مختصر|1=مسكويه|2=2000أ|ص=463}}</ref> لِذلك نجح الأخير في دُخُول واسط وهرب عامل ابن رائق منها، إلَّا أنَّ هذا الأخير وجَّه جيشًا بِقيادة [[بجكم التركي|أبي الحُسين بجكم]] إلى الأهواز، فهزم البريدي الذي فرَّ مُلثَّمًا إلى البويهيين في فارس سنة [[325 هـ|325هـ]] المُوافقة لِسنة [[936]]م.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Canard|2=1960|ص=866–867|لغة=en}}</ref>
أمَّا [[وزير (لقب)|الوزارة]] فقد انتهت حالتها إلى مثل ما انتهت إليه الخلافة، إن لم يكن أسوأ، عشيَّة السيطرة البُويهيَّة. ففي سنة [[324 هـ|324هـ]] المُوافقة لِسنة [[935]]م، منح الخليفة [[محمد الراضي بالله|الراضي بالله]] لقب «أمير الأُمراء» لِوالي [[واسط (مدينة تاريخية)|واسط]] [[محمد بن رائق|مُحمَّد بن رائق]]، وأطلق يده في تدبير أُمُور الدولة. فأبطل أمر الوزارة و[[الديوان|الدواوين]] وتولَّى هو و[[كاتب (ثقافة إسلامية)|كاتبه]] جميع الأُمُور، فزال أمر هذا المنصب ولم يعد الوزير ينظر في شيء.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Sourdel|2=1971|ص=902|لغة=en}}</ref><ref group="la" name="Kennedy">{{استشهاد مختصر|1=Kennedy|2=2004|ص=195|لغة=en}}</ref> وكان الراضي يأمل من خلال تعيينه ابن رائق في هذا المنصب الكبير، أن يُؤدِّي ذلك إلى إيقاف حالة الاضطراب والصراعات الدامية التي كانت تعمُّ بغداد، وأن يُعيد للخلافة سُلطتها على وُلاتها الذين كان أغلبهم لا يُؤدُّون ما عليهم من أموالٍ لِلخزينة، لا سيَّما وأنَّ ابن رائق كان أقوى المُتصارعين على تولِّي إمرة الأُمراء. لكنَّ النتيجة جاءت عكسيَّة. فقد عمد ابن رائق سنة [[325 هـ|325هـ]] المُوافقة [[936]]م إلى مُحاربة [[الحسن البريدي|أبي عبد الله الحسن البريدي]] صاحب [[الأهواز]] بعد أن امتنع عن تأدية ما يجب عليه لِلدولة، إذ كان هو الآخر يطمع في تولِّي إمرة الأُمراء. والبريدي هذا كان «أحد دجَّالي الدُّنيا وشياطينها» كما يصفه مسكويه،<ref>{{استشهاد مختصر|1=مسكويه|2=2000أ|ص=228}}</ref> فلم يكتفِ بمنع أموال ولايته، بل نجح بدهائه من الاتفاق مع كاتب ابن رائق، أبي عبد الله الكوفي، في ضمان [[البصرة]] وواسط لِأخيه أبي يُوسُف. فقويت شوكته وأخذ في تحريض الناس على ابن رائق وبالاستعداد لِمُقاتلته، ونجح في ذلك،<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997أ|ص=60}}</ref> خاصَّةً وأنَّ أهل البصرة كانوا في نهاية الاستيحاش من ابن رائق وعامله الذي ظلمهم في مُعاملاتهم ظُلمًا مُفرطًا وأساء السيرة معهم فقدَّروا بالبريدي خيرًا.<ref>{{استشهاد مختصر|1=مسكويه|2=2000أ|ص=463}}</ref> لِذلك نجح الأخير في دُخُول واسط وهرب عامل ابن رائق منها، إلَّا أنَّ هذا الأخير وجَّه جيشًا بِقيادة [[بجكم التركي|أبي الحُسين بجكم]] إلى الأهواز، فهزم البريدي الذي فرَّ مُلثَّمًا إلى البويهيين في فارس سنة [[325 هـ|325هـ]] المُوافقة لِسنة [[936]]م.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Canard|2=1960|ص=866–867|لغة=en}}</ref>
[[ملف:Distressed Natives Going to the Relief Works - The Graphic 1874.jpg|تصغير|أُناسٌ هجروا ديارهم بسبب المجاعة. وقع أهلُ بغداد بذات الابتلاء قُبيل السيطرة البُويهيَّة. '''الصورة تعبيريَّة وليست لأي مجاعةٍ من العصر العبَّاسي'''.]]
[[ملف:Distressed Natives Going to the Relief Works - The Graphic 1874.jpg|تصغير|أُناسٌ هجروا ديارهم بسبب المجاعة. وقع أهلُ بغداد بذات الابتلاء قُبيل السيطرة البُويهيَّة. '''الصورة تعبيريَّة وليست لأي مجاعةٍ من العصر العبَّاسي'''.]]
وسُرعان ما دبَّ الخلاف بين بجكم نفسه وابن رائق، فسار الأوَّل إلى بغداد وهزم غريمه في [[محافظة ديالى|ديالى]]، ثُمَّ دخل دار الخلافة حيثُ ولَّاه الخليفة الراضي إمرة الأُمراء،<ref>{{استشهاد مختصر|1=الأنطاكي|2=1990|ص=22}}</ref> وأُرسل ابن رائق لِيتولَّى [[ديار مضر|ديار مُضر]].<ref group="la" name="Kennedy"/> وبقي بجكم في منصبه إلى أن أدركه الموت بعد سنتين وثمانية أشهر وتسعة أيَّام.<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الجوزي|2=1992|ص=13}}</ref> وبعد وفاته سارع البريدي إلى استغلال الفُرصة وحاول السيطرة على بغداد، لكنَّ الجُند الديالمة انقلبوا عليه وأجبروه على الفرار واستولوا على دار الخلافة، وجعلوا الخليفة [[إبراهيم المتقي لله|المُتقي لله]] يُقلِّد أميرهم «كورتكين» إمرة الأُمراء.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Amedroz & Margoliouth|2=1921|ص=15–18|لغة=en}}</ref> ووقع القتال بين الجُند الديالمة والأتراك إثر تفرُّد «كورتكين» بالحُكم وقبضه على قائد التُّرك. ووقف العامَّة إلى جانب التُّرك بعد أن أساء الديالمة مُعاملتهم. وفي غمرة هذه الأحداث عاد ابن رائق لِلظُّهُور واستولى على بغداد وتسلَّم إمرة الأُمراء مُجدَّدًا.<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997أ|ص=96}}</ref> وبِذلك تكون دار الخِلافة في سنةٍ واحدةٍ ([[329 هـ|329هـ]] = [[940]]م) قد انتقلت بين أيدي أربعة قادة، واستمرَّ الحال على ما هو من الاضطراب حتَّى دخل البُويهيُّون بغداد. ولم تكن هذه الصراعات السياسيَّة مستورة، بل كانت دائمًا صراعات علنيَّة ومُباشرة تمسُّ السُكَّان مسًّا مُباشرًا. فصراع الجُند والقادة والحُرُوب بينهم كان ضحيَّتُها الأولى عامَّة الناس، يُضاف إليها غارات [[قرامطة|القرامطة]] و[[بدو|الأعراب]] والروم، ممَّا أدَّى إلى تدهور الأوضاع الاقتصاديَّة، وحُصُول موجاتٍ من الغلاء أفضت إلى وُقُوع [[مجاعة|مجاعات]]، من شاكلة تلك التي وقعت أواخر سنة [[323 هـ|323هـ]] وأوائل سنة [[324 هـ|324هـ]] ([[934]] - [[935]]م) وهلك فيها أكثر من مائتيْ ألف إنسان من أهل [[أصفهان (مدينة)|أصفهان]]، ومجاعة سنة [[333 هـ|333هـ]] التي تشرَّد بسببها عدد من أهالي بغداد ومات آخرون، بحسب ما يذكر حمزة بن الحسن الأصفهاني.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الأصفهاني|2=1844|ص=193-194}}</ref> فكان من الطبيعيّ أن يتطلَّع الناس إلى من ينتشلهم ممَّا هم فيه من الكرب والشقاء.
وسُرعان ما دبَّ الخلاف بين بجكم نفسه وابن رائق، فسار الأوَّل إلى بغداد وهزم غريمه في [[محافظة ديالى|ديالى]]، ثُمَّ دخل دار الخلافة حيثُ ولَّاه الخليفة الراضي إمرة الأُمراء،<ref>{{استشهاد مختصر|1=الأنطاكي|2=1990|ص=22}}</ref> وأُرسل ابن رائق لِيتولَّى [[ديار مضر|ديار مُضر]].<ref group="la" name="Kennedy"/> وبقي بجكم في منصبه إلى أن أدركه الموت بعد سنتين وثمانية أشهر وتسعة أيَّام.<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الجوزي|2=1992|ص=13}}</ref> وبعد وفاته سارع البريدي إلى استغلال الفُرصة وحاول السيطرة على بغداد، لكنَّ الجُند الديالمة انقلبوا عليه وأجبروه على الفرار واستولوا على دار الخلافة، وجعلوا الخليفة [[إبراهيم المتقي لله|المُتقي لله]] يُقلِّد أميرهم «كورتكين» إمرة الأُمراء.<ref group="la">{{استشهاد مختصر|1=Amedroz & Margoliouth|2=1921|ص=15–18|لغة=en}}</ref> ووقع القتال بين الجُند الديالمة والأتراك إثر تفرُّد «كورتكين» بالحُكم وقبضه على قائد التُّرك. ووقف العامَّة إلى جانب التُّرك بعد أن أساء الديالمة مُعاملتهم. وفي غمرة هذه الأحداث عاد ابن رائق لِلظُّهُور واستولى على بغداد وتسلَّم إمرة الأُمراء مُجدَّدًا.<ref>{{استشهاد مختصر|1=ابن الأثير|2=1997أ|ص=96}}</ref> وبِذلك تكون دار الخِلافة في سنةٍ واحدةٍ ([[329 هـ|329هـ]] = [[940]]م) قد انتقلت بين أيدي أربعة قادة، واستمرَّ الحال على ما هو من الاضطراب حتَّى دخل البُويهيُّون بغداد. ولم تكن هذه الصراعات السياسيَّة مستورة، بل كانت دائمًا صراعات علنيَّة ومُباشرة تمسُّ السُكَّان مسًّا مُباشرًا. فصراع الجُند والقادة والحُرُوب بينهم كان ضحيَّتُها الأولى عامَّة الناس، يُضاف إليها غارات [[قرامطة|القرامطة]] و[[بدو|الأعراب]] والروم، ممَّا أدَّى إلى تدهور الأوضاع الاقتصاديَّة، وحُصُول موجاتٍ من الغلاء أفضت إلى وُقُوع [[مجاعة|مجاعات]]، من شاكلة تلك التي وقعت أواخر سنة [[323 هـ|323هـ]] وأوائل سنة [[324 هـ|324هـ]] ([[934]] - [[935]]م) وهلك فيها أكثر من مائتيْ ألف إنسان من أهل [[أصفهان]]، ومجاعة سنة [[333 هـ|333هـ]] التي تشرَّد بسببها عدد من أهالي بغداد ومات آخرون، بحسب ما يذكر حمزة بن الحسن الأصفهاني.<ref>{{استشهاد مختصر|1=الأصفهاني|2=1844|ص=193-194}}</ref> فكان من الطبيعيّ أن يتطلَّع الناس إلى من ينتشلهم ممَّا هم فيه من الكرب والشقاء.


=== ظُهُور بني بُويه على المسرح السياسي ===
=== ظُهُور بني بُويه على المسرح السياسي ===

قائمة التصفح