الحسين بن علي شريف مكة: الفرق بين النسختين

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا يوجد ملخص تحرير
ط (استبدال قوالب (بداية قصيدة، بيت ، شطر، نهاية قصيدة) -> أبيات)
 
لا ملخص تعديل
 
سطر 175: سطر 175:
}}</ref> في وقتٍ وصلت فيه إمارة الحجاز من الضعف والفوضى حدًا أثار استياء أهل الحجاز وتذمُّرهم بسبب تجاهل أميرها عون الرفيق لأمر ولايته وإدارتها.<ref name=":1" />
}}</ref> في وقتٍ وصلت فيه إمارة الحجاز من الضعف والفوضى حدًا أثار استياء أهل الحجاز وتذمُّرهم بسبب تجاهل أميرها عون الرفيق لأمر ولايته وإدارتها.<ref name=":1" />


وهكذا فترت العلاقات بين الحسين وبين عمه الشريف عون الرفيق، إذْ لم ترق للأخير تصرفات ابن اخيه، فشكاه إلى السلطان سنة 1893 بهدف إزاحته عن [[الحجاز]]،<ref name="مولد تلقائيا15">{{استشهاد بكتاب
وهكذا فترت العلاقات بين الحسين وبين عمه الشريف عون الرفيق، إذْ لم ترق للأخير تصرفات ابن أخيه، فشكاه إلى السلطان سنة 1893 بهدف إزاحته عن [[الحجاز]]،<ref name="مولد تلقائيا15">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الأعلام
| عنوان = الأعلام
| مؤلف1 = الزركلي
| مؤلف1 = الزركلي
سطر 193: سطر 193:
| صفحة = 65
| صفحة = 65
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
}}</ref> في الواقع، كانت هذه الدعوة بهدف فرض الإقامة الجبرية عليه، وليكون قريبًا من عيون السلطان ولم تكن للضيافة مثلما ادّعى السلطان العثماني، ومما يُؤكد ذلك قول إبنه [[عبد الله الأول بن الحسين|الأمير عبد الله]] في مذكراته:<ref name=":2" />
}}</ref> في الواقع، كانت هذه الدعوة بهدف فرض الإقامة الجبرية عليه، وليكون قريبًا من عيون السلطان ولم تكن للضيافة مثلما ادّعى السلطان العثماني، ومما يُؤكد ذلك قول ابنه [[عبد الله الأول بن الحسين|الأمير عبد الله]] في مذكراته:<ref name=":2" />


{{اقتباس خاص|لقد كانت إقامتنا بإستنبول إقامة جبر واكراه بالرغم من أنَّ السلطان عبد الحميد الثاني، لما مَثُل والدي في حضرته يوم وصوله الأستانة قال له إنه إنما استدعاه لينشئه ويرجو منه أن يخدم الدولة ويخدمه، وبالرغم من أنه عيَنه عضوًا في شورى الدولة، وأمر أن تهيأ له دار ساحلية في البسفور وتفرش، فقد كان في الحقيقة ورغم هذه الاعتبارات أُخِذ إلى الاستانة نفيًا وتغريبًا بناءً على معارضة سياسة الظلم والاعتساف بالحجاز، وأخذْ الأموال الطائلة من الحجاج بشتى الاساليب، تلك السياسة التي اختطها ولاة الحجاز والأمير عون الرفيق}}
{{اقتباس خاص|لقد كانت إقامتنا بإستنبول إقامة جبر واكراه بالرغم من أنَّ السلطان عبد الحميد الثاني، لما مَثُل والدي في حضرته يوم وصوله الأستانة قال له إنه إنما استدعاه لينشئه ويرجو منه أن يخدم الدولة ويخدمه، وبالرغم من أنه عيَنه عضوًا في شورى الدولة، وأمر أن تهيأ له دار ساحلية في البسفور وتفرش، فقد كان في الحقيقة ورغم هذه الاعتبارات أُخِذ إلى الاستانة نفيًا وتغريبًا بناءً على معارضة سياسة الظلم والاعتساف بالحجاز، وأخذْ الأموال الطائلة من الحجاج بشتى الاساليب، تلك السياسة التي اختطها ولاة الحجاز والأمير عون الرفيق}}
سطر 254: سطر 254:
}}</ref> وأصبح في الأستانة سيدًا للّغة الدبلوماسية الملتوية، ولكنّه ظلّ بالنسبة للأتراك لغزًا لا يُحل.<ref name=":4" /> وبسبب منهج الحسين في حياته، كانت له علاقات مع كبار رجال الدولة للتشاور في أوضاعها.<ref name="مولد تلقائيا2" /> استفاد الحسين من تلك العلاقات في فهم الأحداث السياسية التي كانت تمر بها الدولة العثمانية، وعرف ميزاتها وإشكاليتها المختلفة ومبادئ السياسة العثمانية.<ref name="مولد تلقائيا19" />
}}</ref> وأصبح في الأستانة سيدًا للّغة الدبلوماسية الملتوية، ولكنّه ظلّ بالنسبة للأتراك لغزًا لا يُحل.<ref name=":4" /> وبسبب منهج الحسين في حياته، كانت له علاقات مع كبار رجال الدولة للتشاور في أوضاعها.<ref name="مولد تلقائيا2" /> استفاد الحسين من تلك العلاقات في فهم الأحداث السياسية التي كانت تمر بها الدولة العثمانية، وعرف ميزاتها وإشكاليتها المختلفة ومبادئ السياسة العثمانية.<ref name="مولد تلقائيا19" />


ويُذكر عن الحسين آنذاك سعيه للإتصال بالأوروبيين، لكنَّ [[الدولة العثمانية]] لم تبدِ اهتمامًا لهذا الأمر بسبب المشكلات الكبرى التي كانت تعانيها.<ref>{{استشهاد بكتاب
ويُذكر عن الحسين آنذاك سعيه للاتصال بالأوروبيين، لكنَّ [[الدولة العثمانية]] لم تبدِ اهتمامًا لهذا الأمر بسبب المشكلات الكبرى التي كانت تعانيها.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = ماضي الحجاز وحاضره
| عنوان = ماضي الحجاز وحاضره
| مؤلف1 = حسين ناصيف
| مؤلف1 = حسين ناصيف
| صفحة = 5-4
| صفحة = 5-4
}}</ref> وذُكر أيضًا أنَّ بعض الوزراء أشاروا على السلطان عبد الحميد بتعيين الحسين أميرًا على مكة بدلًا من الشريف عون الرفيق، ولكنَّ السلطان لم يبدِ آنذلك رغبة بتعيينه في هذا المنصب.<ref>{{استشهاد بكتاب
}}</ref> وذُكر أيضًا أنَّ بعض الوزراء أشاروا على السلطان عبد الحميد بتعيين الحسين أميرًا على مكة بدلًا من الشريف عون الرفيق، ولكنَّ السلطان لم يبدِ آنذاك رغبة بتعيينه في هذا المنصب.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
سطر 290: سطر 290:
توزيعهم وتقسيم الصرة الهمايونية المرسلة من قبل سلطتنا إلى أربابها بوساطة المأمورين بموجب الدفاتر الموجودة، وأنْ يستجلب الدعوات الخيرية لذاتنا الشاهانية، وأنْ يهتم في توفيق الأمور والمصالح الواقعة والجارية بالعدل والحقانية متحدًا مع وزيرنا والي الحجاز.|align=left|width=250|المصدر=الحسين بن علي والثورة، سليمان موسى، ص26-27|bgcolor=#EDEAE0}}
توزيعهم وتقسيم الصرة الهمايونية المرسلة من قبل سلطتنا إلى أربابها بوساطة المأمورين بموجب الدفاتر الموجودة، وأنْ يستجلب الدعوات الخيرية لذاتنا الشاهانية، وأنْ يهتم في توفيق الأمور والمصالح الواقعة والجارية بالعدل والحقانية متحدًا مع وزيرنا والي الحجاز.|align=left|width=250|المصدر=الحسين بن علي والثورة، سليمان موسى، ص26-27|bgcolor=#EDEAE0}}


لم تدم إمارة الشريف علي طويلًا، إذْ عُزل بعد إعلان الدستور سنة 1908،<ref name="مولد تلقائيا17" /> والأرجح أنَّ سبب عزله يعود إلى إبطائه في إعلان الدستور في الحجاز بالإشتراك مع الوالي العثماني،<ref name=":5">{{استشهاد بكتاب
لم تدم إمارة الشريف علي طويلًا، إذْ عُزل بعد إعلان الدستور سنة 1908،<ref name="مولد تلقائيا17" /> والأرجح أنَّ سبب عزله يعود إلى إبطائه في إعلان الدستور في الحجاز بالاشتراك مع الوالي العثماني،<ref name=":5">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = تاريخ مكة
| عنوان = تاريخ مكة
| مؤلف1 = أحمد السباعي
| مؤلف1 = أحمد السباعي
سطر 322: سطر 322:
| مؤلف1 = عبد الله الأول بن الحسين
| مؤلف1 = عبد الله الأول بن الحسين
| صفحة = 61-60
| صفحة = 61-60
}}</ref> خاصة أنَّه اكتسب سُمعة حسنة خلال إقامته في الأستانة وكان له جماعة من المعجبين المتنفِّذين لدى الدولة العثمانية،<ref name=":5" /> كما أصدر السلطان فرمان آخر منح فيه الحسين رُتبة الوزارة،<ref name=":6" /> الأمر الذي أثار [[جمعية الاتحاد والترقي]] وكان بداية الخلاف بين الشريف الحسين والإتحاديين (أعضاء الجمعية).<ref>{{استشهاد بكتاب
}}</ref> خاصة أنَّه اكتسب سُمعة حسنة خلال إقامته في الأستانة وكان له جماعة من المعجبين المتنفِّذين لدى الدولة العثمانية،<ref name=":5" /> كما أصدر السلطان فرمان آخر منح فيه الحسين رُتبة الوزارة،<ref name=":6" /> الأمر الذي أثار [[جمعية الاتحاد والترقي]] وكان بداية الخلاف بين الشريف الحسين والاتحاديين (أعضاء الجمعية).<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الآثار الكاملة
| عنوان = الآثار الكاملة
| مؤلف1 = عبد الله الأول بن الحسين
| مؤلف1 = عبد الله الأول بن الحسين
سطر 362: سطر 362:
| مؤلف1 = عبد الله الأول بن الحسين
| مؤلف1 = عبد الله الأول بن الحسين
| صفحة = 57
| صفحة = 57
}}</ref> ثم تابع سيره إلى مكة فوصلها يوم الأحد 12 ذي القعدة 1326هـ الموافق 6 ديسمبر سنة 1908،<ref name=":6" /> كانت مظاهر الاستقبال بالغة لم تشهدها مكة من قبل، وحُدّد يوم الخميس السادس عشر من ذي القعدة 1326هـ / 10 ديسيمبر 1908 موعدًا للاحتفال بقراءة [[فرمان]] إمارة مكة للشريف حسين وكذلك فرمان الوزارة،<ref name=":8">{{استشهاد بكتاب
}}</ref> ثم تابع سيره إلى مكة فوصلها يوم الأحد 12 ذي القعدة 1326هـ الموافق 6 ديسمبر سنة 1908،<ref name=":6" /> كانت مظاهر الاستقبال بالغة لم تشهدها مكة من قبل، وحُدّد يوم الخميس السادس عشر من ذي القعدة 1326هـ / 10 ديسمبر 1908 موعدًا للاحتفال بقراءة [[فرمان]] إمارة مكة للشريف حسين وكذلك فرمان الوزارة،<ref name=":8">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = ماضي الحجاز وحاضره
| عنوان = ماضي الحجاز وحاضره
| مؤلف1 = حسين ناصيف
| مؤلف1 = حسين ناصيف
سطر 372: سطر 372:
}}</ref>
}}</ref>


=== بداية الخلاف مع الإتحاديين ===
=== بداية الخلاف مع الاتحاديين ===
{{تاريخ الدولة العثمانية}}عندما وصل الشريف الحسين إلى جدة، انتخب [[جمعية الاتحاد والترقي|حزب الاتحاد والترقي]] وفدًا للسلام على الشريف الحسين، وقد استقبله رئيسه عبد الله القاسم قائلًا:<ref>{{استشهاد بكتاب
{{تاريخ الدولة العثمانية}}عندما وصل الشريف الحسين إلى جدة، انتخب [[جمعية الاتحاد والترقي|حزب الاتحاد والترقي]] وفدًا للسلام على الشريف الحسين، وقد استقبله رئيسه عبد الله القاسم قائلًا:<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = مذكراتي
| عنوان = مذكراتي
سطر 381: سطر 381:
فردَّ الشريف الحسين على رئيس وفد حزب الاتحاد والترقي عبد الله القاسم قائلًا:<ref name=":6" /> {{اقتباس مضمن|لقد حظيت بمقام أسلافي وآبائي على الشريطة التي بايع بها الشريف أبو نمي السلطان سليم الأول، وأن هذه البلاد لا تقوم فيها غير شريعة الله المشتملة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي حريصة على الاحتفاظ بحقها، فليذهب كل منكم يشتغل بما يخصه...، فهذه البلاد ليست بملك لأحد، وأن السلطان الآمر بالدستور الذي تذكره، والذي أمر بأن يُعمل في بلاده، يفتخر هو وأسلافه بأنهم خدام الحرمين الشريفين، دستور بلاد الله، شريعة الله وسنة نبيهم}}.
فردَّ الشريف الحسين على رئيس وفد حزب الاتحاد والترقي عبد الله القاسم قائلًا:<ref name=":6" /> {{اقتباس مضمن|لقد حظيت بمقام أسلافي وآبائي على الشريطة التي بايع بها الشريف أبو نمي السلطان سليم الأول، وأن هذه البلاد لا تقوم فيها غير شريعة الله المشتملة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي حريصة على الاحتفاظ بحقها، فليذهب كل منكم يشتغل بما يخصه...، فهذه البلاد ليست بملك لأحد، وأن السلطان الآمر بالدستور الذي تذكره، والذي أمر بأن يُعمل في بلاده، يفتخر هو وأسلافه بأنهم خدام الحرمين الشريفين، دستور بلاد الله، شريعة الله وسنة نبيهم}}.


كان ردُّ الشريف الحسين على الإتحاديين ردًا مُتسمًا بالجرأة والشجاعة، ويبدو أنه كان مستاءً جدًا من سياسة الإتحاديين في الحجاز، إذْ هددهم من مغبة الاستمرار في سياسة التدخل في شؤون الحجاز الداخلية بقوله: (فليذهب كل منكم ليشتغل بما يخصه)، وأعلَن بوضوح عن سياسته الرامية إلى حقِّه في حكم الحجاز بنفسه، وهكذا أظهرت كلمة الشريف الحسين إصراره على ضرورة المحافظة على استقلال الحجاز الذاتي وحِرصه على المحافظة على حقه التاريخي.<ref name=":6" />
كان ردُّ الشريف الحسين على الاتحاديين ردًا مُتسمًا بالجرأة والشجاعة، ويبدو أنه كان مستاءً جدًا من سياسة الاتحاديين في الحجاز، إذْ هددهم من مغبة الاستمرار في سياسة التدخل في شؤون الحجاز الداخلية بقوله: (فليذهب كل منكم ليشتغل بما يخصه)، وأعلَن بوضوح عن سياسته الرامية إلى حقِّه في حكم الحجاز بنفسه، وهكذا أظهرت كلمة الشريف الحسين إصراره على ضرورة المحافظة على استقلال الحجاز الذاتي وحِرصه على المحافظة على حقه التاريخي.<ref name=":6" />


كان هذا الرد من قبل الشريف الحسين دافعًا للإتحاديين لأنْ يكتبوا إلى مسؤوليهم في الأستانة عن الشريف الحسين قائلين: «بعث عبد&nbsp;الحميد برجلٍ جلس على مقام أسلافه، لا يَعبأ بأحد ولا يُقر بدستور ولا بِتجدُّد»، مُعلنين بهذا الجواب بداية الحرب ضد الشريف الحسين والخلاف العلني معه.<ref name=":6" />
كان هذا الرد من قبل الشريف الحسين دافعًا للاتحاديين لأنْ يكتبوا إلى مسؤوليهم في الأستانة عن الشريف الحسين قائلين: «بعث عبد&nbsp;الحميد برجلٍ جلس على مقام أسلافه، لا يَعبأ بأحد ولا يُقر بدستور ولا بِتجدُّد»، مُعلنين بهذا الجواب بداية الحرب ضد الشريف الحسين والخلاف العلني معه.<ref name=":6" />


=== توليه حكم الإمارة ===
=== توليه حكم الإمارة ===
سطر 423: سطر 423:
}}</ref>
}}</ref>


أظهر الشريف الحسين في أيامه الأولى في الإمارة إخلاصه للدولة العثمانية وللدستور، وشارك الحجاز باقي أجزاء الدولة العثمانية في الإحتفال بإعادة افتتاح [[مجلس المبعوثان]]،<ref>{{استشهاد بخبر
أظهر الشريف الحسين في أيامه الأولى في الإمارة إخلاصه للدولة العثمانية وللدستور، وشارك الحجاز باقي أجزاء الدولة العثمانية في الاحتفال بإعادة افتتاح [[مجلس المبعوثان]]،<ref>{{استشهاد بخبر
| عنوان = صحيفة المؤيد
| عنوان = صحيفة المؤيد
| تاريخ = 29 ديسيمبر 1908
| تاريخ = 29 ديسيمبر 1908
سطر 467: سطر 467:
| مؤلف1 = عبد الله الأول بن الحسين
| مؤلف1 = عبد الله الأول بن الحسين
| صفحة = 65
| صفحة = 65
}}</ref> تعهَّد الشريف الحسين بتأمين وصول الحجاج برًا عن طريق المدينة المنورة - دمشق، تاركًا الأمير عبد الرحمن باشا اليوسف وحاشيته يسافرون بحرًا من جدة إلى [[دمشق]]،<ref name=":12" /> انتدب الشريف حسين، أخاه الشريف ناصر وإبنه [[عبد الله الأول بن الحسين|عبد الله]] لإيصال موكب الحجيج من مكة إلى المدينة المنورة فدمشق، فأعطى الشريف بذلك برهانًا واضحًا على كفايته وسيطرته على القبائل وأفشل مخطط الإتحاديين.<ref>{{استشهاد بكتاب
}}</ref> تعهَّد الشريف الحسين بتأمين وصول الحجاج برًا عن طريق المدينة المنورة - دمشق، تاركًا الأمير عبد الرحمن باشا اليوسف وحاشيته يسافرون بحرًا من جدة إلى [[دمشق]]،<ref name=":12" /> انتدب الشريف حسين، أخاه الشريف ناصر وابنه [[عبد الله الأول بن الحسين|عبد الله]] لإيصال موكب الحجيج من مكة إلى المدينة المنورة فدمشق، فأعطى الشريف بذلك برهانًا واضحًا على كفايته وسيطرته على القبائل وأفشل مخطط الاتحاديين.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = مذكراتي
| عنوان = مذكراتي
| مؤلف1 = عبد الله الأول بن الحسين
| مؤلف1 = عبد الله الأول بن الحسين
سطر 473: سطر 473:
}}</ref>
}}</ref>


أظهرت جمعية الاتحاد والترقي في الحجاز مرة أخرى معارضتهم لأمير مكة الشريف الحسين بن علي، وذلك عندما انتُخب [[عبد الله الأول بن الحسين|الأمير عبد الله]] والشيخ حسن الشيبة بصفتهم نائبين عن مكة في البرلمان العثماني الأول، فقد رفعت الجمعية برقيات إلى البرلمان استنكرت فيه إنتخابهما، على أساس أنَّ الأمير عبد الله لم يكن راشدًا وأنَّ الشيخ الشيبة لا يُحسن القراءة والكتابة بالعربية والتركية، ولكن ذلك لم يغيِّر من نتيجة الانتخابات.<ref>{{استشهاد بكتاب
أظهرت جمعية الاتحاد والترقي في الحجاز مرة أخرى معارضتهم لأمير مكة الشريف الحسين بن علي، وذلك عندما انتُخب [[عبد الله الأول بن الحسين|الأمير عبد الله]] والشيخ حسن الشيبة بصفتهم نائبين عن مكة في البرلمان العثماني الأول، فقد رفعت الجمعية برقيات إلى البرلمان استنكرت فيه انتخابهما، على أساس أنَّ الأمير عبد الله لم يكن راشدًا وأنَّ الشيخ الشيبة لا يُحسن القراءة والكتابة بالعربية والتركية، ولكن ذلك لم يغيِّر من نتيجة الانتخابات.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = أعمدة الحكمة السبعة
| عنوان = أعمدة الحكمة السبعة
| مؤلف1 = لورنس العرب
| مؤلف1 = لورنس العرب
سطر 503: سطر 503:
}}</ref>
}}</ref>


وفي عام 1910، استشار العثمانيون الشريف الحسين بشأن الثورة التي قام بها [[يحيى حميد الدين|الإمام يحيى]] في اليمن، فنصحهم الشريف الحسين أنْ يتفقوا مع الإمام يحيى على أية شروط تكون مقبولة لديه، كي لا يضطروا لمواجهة ثورة أخرى في المستقبل، وفي الوقت نفسه كتب الشريف الحسين إلى الإمام يحيى باسم الرابطة الإسلامية على ضرورة الاتفاق مع الدولة العثمانية.<ref name="مولد تلقائيا23" /> عمل العثمانيون بنصيحة الشريف الحسين وعقدوا اتفاقية ([[اتفاقية دعان]]) مع الإمام يحيى في أغسطس 1911، اعترفوا فيها برئاسته في [[صنعاء]] والجبل، وظلَّ الإمام وفيًا لهذه الإتفاقية حتى انتهاء [[الحرب العالمية الأولى]].<ref name="مولد تلقائيا23">{{استشهاد بكتاب
وفي عام 1910، استشار العثمانيون الشريف الحسين بشأن الثورة التي قام بها [[يحيى حميد الدين|الإمام يحيى]] في اليمن، فنصحهم الشريف الحسين أنْ يتفقوا مع الإمام يحيى على أية شروط تكون مقبولة لديه، كي لا يضطروا لمواجهة ثورة أخرى في المستقبل، وفي الوقت نفسه كتب الشريف الحسين إلى الإمام يحيى باسم الرابطة الإسلامية على ضرورة الاتفاق مع الدولة العثمانية.<ref name="مولد تلقائيا23" /> عمل العثمانيون بنصيحة الشريف الحسين وعقدوا اتفاقية ([[اتفاقية دعان]]) مع الإمام يحيى في أغسطس 1911، اعترفوا فيها برئاسته في [[صنعاء]] والجبل، وظلَّ الإمام وفيًا لهذه الاتفاقية حتى انتهاء [[الحرب العالمية الأولى]].<ref name="مولد تلقائيا23">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الحركة العربية
| عنوان = الحركة العربية
| مؤلف1 = سليمان موسى
| مؤلف1 = سليمان موسى
سطر 509: سطر 509:
}}</ref>
}}</ref>


كما استنجدت الدولة العثمانية في عام 1911 بالشريف الحسين للقضاء على الشيخ [[محمد بن علي الإدريسي|محمد الأدريسي]] أمير إمارة الأدارسة في منطقة جازان أو ما يعرف بمنطقة المخلاف السليماني في تهامة، بسبب شقِّه عصا الطاعة وإعلانه عدم الولاء والطاعة للسلطان العثماني وإعلانه انفصال إقليم عسير عن السلطة العثمانية.<ref name="مولد تلقائيا23" /> استطاع الأدريسي أنْ يجمع حوله القبائل وأنْ يتحصَّن في [[أبها]] عاصمة إقليم عسير، وأنْ يتزعم للقيام بثورة عسير، فانتهز فرصة وقوع [[ثورة تركيا الفتاة|الانقلاب العثماني عام 1908]] وإعلان الدستور وما تبع ذلك من انشغال حكومة الإنقلاب بالمشكلات الداخلية والخارجية.<ref name=":28">{{استشهاد بكتاب
كما استنجدت الدولة العثمانية في عام 1911 بالشريف الحسين للقضاء على الشيخ [[محمد بن علي الإدريسي|محمد الإدريسي]] أمير إمارة الأدارسة في منطقة جازان أو ما يعرف بمنطقة المخلاف السليماني في تهامة، بسبب شقِّه عصا الطاعة وإعلانه عدم الولاء والطاعة للسلطان العثماني وإعلانه انفصال إقليم عسير عن السلطة العثمانية.<ref name="مولد تلقائيا23" /> استطاع الإدريسي أنْ يجمع حوله القبائل وأنْ يتحصَّن في [[أبها]] عاصمة إقليم عسير، وأنْ يتزعم للقيام بثورة عسير، فانتهز فرصة وقوع [[ثورة تركيا الفتاة|الانقلاب العثماني عام 1908]] وإعلان الدستور وما تبع ذلك من انشغال حكومة الانقلاب بالمشكلات الداخلية والخارجية.<ref name=":28">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
سطر 519: سطر 519:
}}</ref>
}}</ref>


تمكَّن الإدريسي من تكبيد القوات العثمانية خسائر جسيمة في أثناء حصاره لقواتها في مدينة أبها بالإشتراك مع [[إمارة آل عائض|آل عائض]]،<ref>{{استشهاد بكتاب
تمكَّن الإدريسي من تكبيد القوات العثمانية خسائر جسيمة في أثناء حصاره لقواتها في مدينة أبها بالاشتراك مع [[إمارة آل عائض|آل عائض]]،<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = مكة المكرمة في الفكر الإسلامي في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين
| عنوان = مكة المكرمة في الفكر الإسلامي في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين
| مؤلف1 = حمد الحسيني
| مؤلف1 = حمد الحسيني
سطر 545: سطر 545:
| تاريخ = 30 سبتمبر 1911
| تاريخ = 30 سبتمبر 1911
| العدد = 6478
| العدد = 6478
}}</ref> وأرسل إليه الخليفة العثماني وسام الامتياز المُرصَّع الذي يُعدٌ إعلاءًا لمكانة الشريف، وإعلانًا لصداقته للدولة العثمانية، وجرى احتفال كبير في مكّة بمناسبة تقلُّد الشريف الحسين هذا الوسام.<ref>{{استشهاد بخبر
}}</ref> وأرسل إليه الخليفة العثماني وسام الامتياز المُرصَّع الذي يُعدٌ إعلاءً لمكانة الشريف، وإعلانًا لصداقته للدولة العثمانية، وجرى احتفال كبير في مكّة بمناسبة تقلُّد الشريف الحسين هذا الوسام.<ref>{{استشهاد بخبر
| عنوان = صحيفة المؤيد
| عنوان = صحيفة المؤيد
| تاريخ = 14 ديسمبر 1911
| تاريخ = 14 ديسمبر 1911
سطر 692: سطر 692:
}}</ref>
}}</ref>


أدى توتر العلاقات بين الشريف الحسين والإتحاديين خاصة وبين الاتحاديين والعرب عامة خاصة بعد فشل [[المؤتمر العربي الأول|مؤتمر باريس سنة 1913]] في تحسين العلاقات العربية التركية، مما دفع بالنواب العرب في مجلس المبعوثان برفع برقية إلى الشريف الحسين يعترفون له فيها بإمارته على مكة، وبالرئاسة الدينية على العرب جميعًا وأنهم مستعدون إلى إعلان هذه البيعة في الوقت المناسب.<ref name=":16">{{استشهاد بكتاب
أدى توتر العلاقات بين الشريف الحسين والاتحاديين خاصة وبين الاتحاديين والعرب عامة خاصة بعد فشل [[المؤتمر العربي الأول|مؤتمر باريس سنة 1913]] في تحسين العلاقات العربية التركية، مما دفع بالنواب العرب في مجلس المبعوثان برفع برقية إلى الشريف الحسين يعترفون له فيها بإمارته على مكة، وبالرئاسة الدينية على العرب جميعًا وأنهم مستعدون إلى إعلان هذه البيعة في الوقت المناسب.<ref name=":16">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الثورة العربية الكبرى
| عنوان = الثورة العربية الكبرى
| مؤلف1 = قدري قلعجي
| مؤلف1 = قدري قلعجي
سطر 700: سطر 700:
| مؤلف1 = خير الله خير الله
| مؤلف1 = خير الله خير الله
| صفحة = 27
| صفحة = 27
}}</ref> جاءت تلك البرقية في الوقت الذي أُشيع فيه أنَّ الشريف الحسين لا يسعى للإنفصال فحسب، بل يسعى لاستعادة الخلافة من العثمانيين.<ref>{{استشهاد بكتاب
}}</ref> جاءت تلك البرقية في الوقت الذي أُشيع فيه أنَّ الشريف الحسين لا يسعى للانفصال فحسب، بل يسعى لاستعادة الخلافة من العثمانيين.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = جزيرة العرب
| عنوان = جزيرة العرب
| مؤلف1 = حافظ وهبة
| مؤلف1 = حافظ وهبة
سطر 708: سطر 708:
| مؤلف1 = فؤاد حمزة
| مؤلف1 = فؤاد حمزة
| صفحة = 321
| صفحة = 321
}}</ref> خاصة بعد فشل محاولات الإتحاديين المتكررة لعزل الشريف الحسين.<ref>{{استشهاد بكتاب
}}</ref> خاصة بعد فشل محاولات الاتحاديين المتكررة لعزل الشريف الحسين.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الحسين بن علي والثورة
| عنوان = الحسين بن علي والثورة
| مؤلف1 = سليمان موسى
| مؤلف1 = سليمان موسى
سطر 716: سطر 716:
| مؤلف1 = أمين سعيد
| مؤلف1 = أمين سعيد
| صفحة = 54/1
| صفحة = 54/1
}}</ref> واعترض أهالي الحجاز على ذلك وحدثت أزمة هناك، انتشرت على أثرها المجاعة وعمَّت الفوضى. زار الشريف الحسين الوالي وحدّثه بتمسك الشعب الحجازي بحقوقه القديمة، وأخذ الشريف يستعد لمقاومة الوالي، واهتمت الحكومة العثمانية بتلك الأزمة بعدما تعددت الإشتباكات بين رجال الوالي وأنصار الشريف الحسين.<ref name="مولد تلقائيا6" />
}}</ref> واعترض أهالي الحجاز على ذلك وحدثت أزمة هناك، انتشرت على أثرها المجاعة وعمَّت الفوضى. زار الشريف الحسين الوالي وحدّثه بتمسك الشعب الحجازي بحقوقه القديمة، وأخذ الشريف يستعد لمقاومة الوالي، واهتمت الحكومة العثمانية بتلك الأزمة بعدما تعددت الاشتباكات بين رجال الوالي وأنصار الشريف الحسين.<ref name="مولد تلقائيا6" />


أظهر الصدام بين الشريف الحسين والوالي مطامح الشريف الحسين، فكان ذلك إيذانًا بعزله من منصبه، وزالت الأزمة بعد وصول برقية من [[صدر أعظم|الصدر الأعظم]] إلى الشريف الحسين يقول فيها: (أنه لا إخلال بحقوق الإمارة وبامتيازات الحجاز، وأنَّ الدولة في الوقت الحاضر لا تلح في مد الخط الحديدي)، وقد تُليت البرقية في [[المسجد الحرام]] وعادت المياه إلى مجاريها.<ref name=":15" /> توترت العلاقة مجددًا بين الشريف الحسين والوالي «وهيب باشا» الذي سعى إلى إقناع الحكومة بتوجيه حملة للقضاء على الشريف الحسين، ولكن محاولته باءت بالفشل، وسعى الشريف الحسين في المقابل بالتفاوض مع الحكومة العثمانية من أجل عزل «وهيب باشا» إلا أنه لم ينجح أيضًا، وكان ذلك بداية للشك في موقف الحكومة منه وأنها تُدبر له أمرًا.<ref name="مولد تلقائيا5" /> اعتُبرت نهاية الأزمة على هذا الشكل نجاحًا للشريف الحسين لم يستطع أسلافه تحقيقه وفرح الحجازيون، وبدأ العثمانيون يخشون عرب الحجاز وبدأ الوالي بالتقرب إلى الشريف الحسين.<ref>{{استشهاد بكتاب
أظهر الصدام بين الشريف الحسين والوالي مطامح الشريف الحسين، فكان ذلك إيذانًا بعزله من منصبه، وزالت الأزمة بعد وصول برقية من [[صدر أعظم|الصدر الأعظم]] إلى الشريف الحسين يقول فيها: (أنه لا إخلال بحقوق الإمارة وبامتيازات الحجاز، وأنَّ الدولة في الوقت الحاضر لا تلح في مد الخط الحديدي)، وقد تُليت البرقية في [[المسجد الحرام]] وعادت المياه إلى مجاريها.<ref name=":15" /> توترت العلاقة مجددًا بين الشريف الحسين والوالي «وهيب باشا» الذي سعى إلى إقناع الحكومة بتوجيه حملة للقضاء على الشريف الحسين، ولكن محاولته باءت بالفشل، وسعى الشريف الحسين في المقابل بالتفاوض مع الحكومة العثمانية من أجل عزل «وهيب باشا» إلا أنه لم ينجح أيضًا، وكان ذلك بداية للشك في موقف الحكومة منه وأنها تُدبر له أمرًا.<ref name="مولد تلقائيا5" /> اعتُبرت نهاية الأزمة على هذا الشكل نجاحًا للشريف الحسين لم يستطع أسلافه تحقيقه وفرح الحجازيون، وبدأ العثمانيون يخشون عرب الحجاز وبدأ الوالي بالتقرب إلى الشريف الحسين.<ref>{{استشهاد بكتاب
سطر 750: سطر 750:
}}</ref>
}}</ref>


== إندلاع الحرب العالمية الأولى ==
== اندلاع الحرب العالمية الأولى ==


=== موقف الشريف الحسين من الحرب ===
=== موقف الشريف الحسين من الحرب ===
[[ملف:Ottoman Empire declaration of war during WWI.png|تصغير|[[لقب شيخ الإسلام في الدولة العثمانية|شيخ الإسلام]] في الدولة العثمانية يعلن بدأ الحرب المقدسة ضد قوات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى]]
[[ملف:Ottoman Empire declaration of war during WWI.png|تصغير|[[لقب شيخ الإسلام في الدولة العثمانية|شيخ الإسلام]] في الدولة العثمانية يعلن بدأ الحرب المقدسة ضد قوات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى]]
في أوائل شهر أغسطس من عام 1914، أندلعت [[الحرب العالمية الأولى]]،<ref name=":18" /> أُبلغ الشريف الحسين بوساطة ولديه عبد&nbsp;الله وفيصل أنَّ الاتحاديين يعتزمون دخول الحرب إلى جانب ألمانيا، فبعث الشريف الحسين إلى السلطان [[محمد الخامس العثماني|محمد رشاد]] برقية يحذِّره فيها من مغبة الدخول في الحرب ضد دول [[قوات الحلفاء (الحرب العالمية الأولى)|الحلفاء]] القوية والتي تحيط بأراضي الدولة العثمانية، مشيرًا إلى ضعف الدولة العثمانية بعد الحرب البلقانية ومستعرضًا فيها حالة أوروبا والاتفاقيات القائمة بين دولها، إذ قال في برقيته:<ref name=":18">{{استشهاد بكتاب
في أوائل شهر أغسطس من عام 1914، اندلعت [[الحرب العالمية الأولى]]،<ref name=":18" /> أُبلغ الشريف الحسين بوساطة ولديه عبد&nbsp;الله وفيصل أنَّ الاتحاديين يعتزمون دخول الحرب إلى جانب ألمانيا، فبعث الشريف الحسين إلى السلطان [[محمد الخامس العثماني|محمد رشاد]] برقية يحذِّره فيها من مغبة الدخول في الحرب ضد دول [[قوات الحلفاء (الحرب العالمية الأولى)|الحلفاء]] القوية والتي تحيط بأراضي الدولة العثمانية، مشيرًا إلى ضعف الدولة العثمانية بعد الحرب البلقانية ومستعرضًا فيها حالة أوروبا والاتفاقيات القائمة بين دولها، إذ قال في برقيته:<ref name=":18">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
سطر 782: سطر 782:
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| صفحة = 114
| صفحة = 114
}}</ref> ولا شك أنَّ هذه المراسلات بقيت سرية على الجانب العثماني حتى أعلان الثورة عام 1916، على الرغم من مراقبتهم على ما يبدو لمقابلات الأمير عبد&nbsp;الله - كتشنر في [[القاهرة]]، الذين أبدوا شكوكهم وأعلنوا عدم ارتياحهم منها، بل وأبلغوا ذلك للأمير عبد&nbsp;الله.<ref name=":20" />
}}</ref> ولا شك أنَّ هذه المراسلات بقيت سرية على الجانب العثماني حتى إعلان الثورة عام 1916، على الرغم من مراقبتهم على ما يبدو لمقابلات الأمير عبد&nbsp;الله - كتشنر في [[القاهرة]]، الذين أبدوا شكوكهم وأعلنوا عدم ارتياحهم منها، بل وأبلغوا ذلك للأمير عبد&nbsp;الله.<ref name=":20" />


=== الدعوة إلى الجهاد الديني ===
=== الدعوة إلى الجهاد الديني ===
سطر 792: سطر 792:
}}</ref> إذ أصدر شيخ الإسلام (صاحب أرفع منصب ديني في الدولة) الفتوى بذلك.<ref name=":21" /> وطلبت الحكومة العثمانية من الشريف الحسين أنْ يصدر اعلانًا بالجهاد الديني والسياسي في أرجاء العالم الإسلامي، نظرًا لما للشريف من مكانة دينية فريدة مستمدة من نسبه ومنصبه معًا، فهو من حفدة [[محمد|النبي محمد]]، لذا فان سلطة الشريف الحسين لا تقتصر بحدود الحجاز فحسب، بل تمتد تأثيراتها في أرجاء العالم الإسلامي.<ref name=":21" />
}}</ref> إذ أصدر شيخ الإسلام (صاحب أرفع منصب ديني في الدولة) الفتوى بذلك.<ref name=":21" /> وطلبت الحكومة العثمانية من الشريف الحسين أنْ يصدر اعلانًا بالجهاد الديني والسياسي في أرجاء العالم الإسلامي، نظرًا لما للشريف من مكانة دينية فريدة مستمدة من نسبه ومنصبه معًا، فهو من حفدة [[محمد|النبي محمد]]، لذا فان سلطة الشريف الحسين لا تقتصر بحدود الحجاز فحسب، بل تمتد تأثيراتها في أرجاء العالم الإسلامي.<ref name=":21" />


أخذت حكومة الأستانة تمطر الشريف الحسين بسيل من البرقيات والرسائل حملت تواقيع كبار شخصياتها، من [[صدر أعظم|الصدر الأعظم]] و[[أنور باشا]] و[[طلعت باشا]] يطلبون منه وبألحاح أنْ يُصدر إعلانًا بالجهاد الديني والإسهام فعليًا في الحرب.<ref name=":21" /> كما أرسل [[جمال باشا]] الذي عُين قائد للجيش العثماني الرابع في بلاد الشام عند اندلاع الحرب، رسالة يطلب فيها من الشريف الحسين أنْ يصدر أعلانًا صريحًا بالدعوة إلى الجهاد الديني ضد بريطانيا وحليفاتها على غرار ما سبق أنْ صدر عن السلطان العثماني وعن شيخ الإسلام وكبار العلماء،<ref name=":21" /> ويطلب فيها أيضًا إرسال راية النبي محمد إلى دمشق ليأخذها الجيش الرابع من قبيل التبرك في زحفه المرتقب على مصر عبر [[شبه جزيرة سيناء]] و[[قناة السويس]].<ref name=":21" /> كما تضمَّنت رسالة «جمال باشا» مطلبًا ثالثًا، وهو أنْ يحشد الشريف الحسين جيشاً من القبائل الحجازية وضمِّه إلى الجيش الرابع المرابط في سورية والموكلة اليه مهمة الهجوم على قناة السويس.<ref name=":21" /> تردد الشريف الحسين في الرد على مطالب الحكومة العثمانية بتأييد الدعوة إلى الجهاد، فعمِد إلى تغليف ردوده بالحماس الديني والغموض في العبارات بهدف التهرُّب من إصدار الإعلان، وحاول أنْ يسوق للدولة أعذارًا من أجل ألا يندفع في تحديد موقف مُؤيد للاتحاديين من جهة، ولا يَسمح لهم باستدراجه إلى تحقيق هدفهم المنشود في إصدار الجهاد الديني من جهة أخرى.<ref name=":21" />
أخذت حكومة الأستانة تمطر الشريف الحسين بسيل من البرقيات والرسائل حملت تواقيع كبار شخصياتها، من [[صدر أعظم|الصدر الأعظم]] و[[أنور باشا]] و[[طلعت باشا]] يطلبون منه وبإلحاح أنْ يُصدر إعلانًا بالجهاد الديني والإسهام فعليًا في الحرب.<ref name=":21" /> كما أرسل [[جمال باشا]] الذي عُين قائد للجيش العثماني الرابع في بلاد الشام عند اندلاع الحرب، رسالة يطلب فيها من الشريف الحسين أنْ يصدر أعلانًا صريحًا بالدعوة إلى الجهاد الديني ضد بريطانيا وحليفاتها على غرار ما سبق أنْ صدر عن السلطان العثماني وعن شيخ الإسلام وكبار العلماء،<ref name=":21" /> ويطلب فيها أيضًا إرسال راية النبي محمد إلى دمشق ليأخذها الجيش الرابع من قبيل التبرك في زحفه المرتقب على مصر عبر [[شبه جزيرة سيناء]] و[[قناة السويس]].<ref name=":21" /> كما تضمَّنت رسالة «جمال باشا» مطلبًا ثالثًا، وهو أنْ يحشد الشريف الحسين جيشاً من القبائل الحجازية وضمِّه إلى الجيش الرابع المرابط في سورية والموكلة اليه مهمة الهجوم على قناة السويس.<ref name=":21" /> تردد الشريف الحسين في الرد على مطالب الحكومة العثمانية بتأييد الدعوة إلى الجهاد، فعمِد إلى تغليف ردوده بالحماس الديني والغموض في العبارات بهدف التهرُّب من إصدار الإعلان، وحاول أنْ يسوق للدولة أعذارًا من أجل ألا يندفع في تحديد موقف مُؤيد للاتحاديين من جهة، ولا يَسمح لهم باستدراجه إلى تحقيق هدفهم المنشود في إصدار الجهاد الديني من جهة أخرى.<ref name=":21" />
[[ملف:British and Indian machine gunners with a Vickers machine gun, Lewis gun and range-finder, 1917.jpg|يمين|تصغير|صورة لجنود هنود وبريطانيين مشاركين فيما يعرف بـ [[حملة بلاد الرافدين]] ضد الدولة العثمانية]]
[[ملف:British and Indian machine gunners with a Vickers machine gun, Lewis gun and range-finder, 1917.jpg|يمين|تصغير|صورة لجنود هنود وبريطانيين مشاركين فيما يعرف بـ [[حملة بلاد الرافدين]] ضد الدولة العثمانية]]
امتنع الشريف الحسين عن تأييد الجهاد المقدس،<ref>{{استشهاد بكتاب
امتنع الشريف الحسين عن تأييد الجهاد المقدس،<ref>{{استشهاد بكتاب
سطر 798: سطر 798:
| مؤلف1 = كارل بروكلمان
| مؤلف1 = كارل بروكلمان
| صفحة = 72/5
| صفحة = 72/5
}}</ref> وحاول الاتحاديون أنْ يُغطُّوا امتناع الشريف عن إعلان الجهاد بحملات إعلامية عريضة ونشيطة مضللة، فصدر عن حكومة الأستانة أنَّ الشريف الحسين قد بارك الدعوة إلى الجهاد التي أصدرها جلالة السلطان الخليفة، كما طلبت حكومة الأستانة من خطباء المساجد والوعاظ أنْ يعلنوا هذا النبأ بدون تحفظ في خطبة الجمعة في جميع مساجد الشام والعراق، وقد تكرر إعلان هذا النبأ في ثنايا خطب الجمعة أسبوعًا بعد أسبوع وشهرًا بعد شهر، في محاولة لإقناع الناس بأنَّ شريف مكة وأميرها الحسين بن علي مؤيد للدولة العثمانية قلبًا وقالبًا في استنفار المسلمين للجهاد الديني ضد بريطانيا وحليفاتها دفاعًا عن الإسلام والأماكن المقدسة،<ref name=":21" /> بل أنَّ الصحف العثمانية لعبت دوراً مؤثراً في هذه الحملة الإعلامية المضللة، ففي [[بيروت]] صدرت صحيفة «الاتحاد العثماني» والتي جاء فيها: (لقد نشرنا أحسن نقلًا عن مصادر رسمية أنَّ الأمير عبد&nbsp;الله أبن شريف مكة قد تطوع للعمل في سبيل الجهاد، ومعه فرقة كبيرة من رجال القبائل الحجازية، وبوسعنا الآن أنَّ نؤكد أنَّ شريف مكة قد أعلن الجهاد في جميع أنحاء الحجاز ملبيًا في ذلك رغبة الخليفة، وأنَّ القبائل يستجيبون من كل ناحية لهذه الدعاية بأسلحتهم الكاملة)، وفي بغداد نشرت صحيفة موالية للاتحاديين تدعى «صدر الإسلام» مثل هذه البيانات الاعلامية.<ref name=":21" />
}}</ref> وحاول الاتحاديون أنْ يُغطُّوا امتناع الشريف عن إعلان الجهاد بحملات إعلامية عريضة ونشيطة مضللة، فصدر عن حكومة الأستانة أنَّ الشريف الحسين قد بارك الدعوة إلى الجهاد التي أصدرها جلالة السلطان الخليفة، كما طلبت حكومة الأستانة من خطباء المساجد والوعاظ أنْ يعلنوا هذا النبأ بدون تحفظ في خطبة الجمعة في جميع مساجد الشام والعراق، وقد تكرر إعلان هذا النبأ في ثنايا خطب الجمعة أسبوعًا بعد أسبوع وشهرًا بعد شهر، في محاولة لإقناع الناس بأنَّ شريف مكة وأميرها الحسين بن علي مؤيد للدولة العثمانية قلبًا وقالبًا في استنفار المسلمين للجهاد الديني ضد بريطانيا وحليفاتها دفاعًا عن الإسلام والأماكن المقدسة،<ref name=":21" /> بل أنَّ الصحف العثمانية لعبت دوراً مؤثراً في هذه الحملة الإعلامية المضللة، ففي [[بيروت]] صدرت صحيفة «الاتحاد العثماني» والتي جاء فيها: (لقد نشرنا أحسن نقلًا عن مصادر رسمية أنَّ الأمير عبد&nbsp;الله أبن شريف مكة قد تطوع للعمل في سبيل الجهاد، ومعه فرقة كبيرة من رجال القبائل الحجازية، وبوسعنا الآن أنَّ نؤكد أنَّ شريف مكة قد أعلن الجهاد في جميع أنحاء الحجاز ملبيًا في ذلك رغبة الخليفة، وأنَّ القبائل يستجيبون من كل ناحية لهذه الدعاية بأسلحتهم الكاملة)، وفي بغداد نشرت صحيفة موالية للاتحاديين تدعى «صدر الإسلام» مثل هذه البيانات الإعلامية.<ref name=":21" />


ومع ذلك فإنَّ موقف الشريف الحسين قد أثار غضب واستياء الاتحاديين، فشرعوا يسعون لعزله وليخلفه أميرًا آخر لمكة يكون مواليًا لهم، وصدرت الأوامر إلى «وهيب باشا» والي الحجاز سرًا لإعتقال الشريف الحسين بحيث لا يثير اعتقاله ثائرة القبائل، واذا تعذر ذلك فسيتم عزله عن طريق استدعائه إلى سورية، وبالفعل وجَّه الاتحاديون دعوة للشريف الحسين لزيارة دمشق بحجة إجراء مباحثات مع «[[جمال باشا]]»، كما صدرت الأوامر إلى الصحافة بأنْ تنشر أنَّ الشريف الحسين وافق على تلبية دعوة «جمال باشا» وأنه ينوي السفر إلى دمشق تعبيرًا عن ولائه وإخلاصه للدولة، ولكنَّ الشريف الحسين الذي عاش في [[إسطنبول|الأستانة]] أكثر من خمس عشرة سنة كان يعرف تمامًا معنى هذه الدعوة، وما يمكن أنْ تُسفر عنه من نتائج قد تودي بحياته أو بأحسن الأحوال تنتهي باعتقاله عدَّة سنين.<ref name=":21" />
ومع ذلك فإنَّ موقف الشريف الحسين قد أثار غضب واستياء الاتحاديين، فشرعوا يسعون لعزله وليخلفه أميرًا آخر لمكة يكون مواليًا لهم، وصدرت الأوامر إلى «وهيب باشا» والي الحجاز سرًا لاعتقال الشريف الحسين بحيث لا يثير اعتقاله ثائرة القبائل، واذا تعذر ذلك فسيتم عزله عن طريق استدعائه إلى سورية، وبالفعل وجَّه الاتحاديون دعوة للشريف الحسين لزيارة دمشق بحجة إجراء مباحثات مع «[[جمال باشا]]»، كما صدرت الأوامر إلى الصحافة بأنْ تنشر أنَّ الشريف الحسين وافق على تلبية دعوة «جمال باشا» وأنه ينوي السفر إلى دمشق تعبيرًا عن ولائه وإخلاصه للدولة، ولكنَّ الشريف الحسين الذي عاش في [[إسطنبول|الأستانة]] أكثر من خمس عشرة سنة كان يعرف تمامًا معنى هذه الدعوة، وما يمكن أنْ تُسفر عنه من نتائج قد تودي بحياته أو بأحسن الأحوال تنتهي باعتقاله عدَّة سنين.<ref name=":21" />


=== الهجوم على قناة السويس ===
=== الهجوم على قناة السويس ===
سطر 809: سطر 809:


=== انكشاف المؤامرة ضد الشريف الحسين ===
=== انكشاف المؤامرة ضد الشريف الحسين ===
وقع في ذلك الوقت حادث أدَّى إلى&nbsp; تدهور العلاقات بين أمير مكة المكرمة وشريفها الحسين بن علي وبين الدولة العثمانية،<ref>{{استشهاد بكتاب
وقع في ذلك الوقت حادث أدَّى إلى تدهور العلاقات بين أمير مكة المكرمة وشريفها الحسين بن علي وبين الدولة العثمانية،<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = فيصل ملك العراق
| عنوان = فيصل ملك العراق
| مؤلف1 = ستورث ارسكين
| مؤلف1 = ستورث ارسكين
| صفحة = 54
| صفحة = 54
}}</ref> إذ سقطت محفظة الأوراق السرية الخاصة بالوالي العثماني «وهيب باشا»&nbsp;أثناء الطريق من [[مكة]] إلى&nbsp; المدينة المنورة، والتي كان قد ائتمنها عند «السيد محمد» نائب الحرم لثقته به.<ref name=":21" />
}}</ref> إذ سقطت محفظة الأوراق السرية الخاصة بالوالي العثماني «وهيب باشا» أثناء الطريق من [[مكة]] إلى المدينة المنورة، والتي كان قد ائتمنها عند «السيد محمد» نائب الحرم لثقته به.<ref name=":21" />


لا يُعرف بالضبط كيف فُقدت الحقيبة، فهناك من يرى بأنها سقطت سهوًا ولم ينتبه مؤتمنها لسقوطها،<ref>{{استشهاد بكتاب
لا يُعرف بالضبط كيف فُقدت الحقيبة، فهناك من يرى بأنها سقطت سهوًا ولم ينتبه مؤتمنها لسقوطها،<ref>{{استشهاد بكتاب
سطر 819: سطر 819:
| مؤلف1 = أمين سعيد
| مؤلف1 = أمين سعيد
| صفحة = 105
| صفحة = 105
}}</ref> في حين يرى البعض الآخر بأنَّ الحادث كان نتيجة تدبير مسبق، مبررِّين ذلك بأنَّ الشريف الحسين قد لاحظ تغييرًا ملموسًا في موقف «وهيب باشا» منه،<ref name=":21" /> إذ اعتقد الشريف الحسين بأنَّ هذا التغيير جاء نتيجة تعليمات سرية أرسلتها حكومة الأستانة إلى&nbsp; وهيب، فعندئذٍ بعث الشريف الحسين العيون لرصد تحركات الوالي العثماني، وبينما كان هذا الأخير في طريقه إلى&nbsp; المدينة المنورة، قام العيون الذين كلَّفهم الحسين بالأمر بأخذ الحقيبة من بين الأمتعة بعد أنْ تيقَّنوا من أهمية ما تحويه.<ref>{{استشهاد بكتاب
}}</ref> في حين يرى البعض الآخر بأنَّ الحادث كان نتيجة تدبير مسبق، مبررِّين ذلك بأنَّ الشريف الحسين قد لاحظ تغييرًا ملموسًا في موقف «وهيب باشا» منه،<ref name=":21" /> إذ اعتقد الشريف الحسين بأنَّ هذا التغيير جاء نتيجة تعليمات سرية أرسلتها حكومة الأستانة إلى وهيب، فعندئذٍ بعث الشريف الحسين العيون لرصد تحركات الوالي العثماني، وبينما كان هذا الأخير في طريقه إلى المدينة المنورة، قام العيون الذين كلَّفهم الحسين بالأمر بأخذ الحقيبة من بين الأمتعة بعد أنْ تيقَّنوا من أهمية ما تحويه.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = يقظة العرب
| عنوان = يقظة العرب
| مؤلف1 = جورج أنطونيوس
| مؤلف1 = جورج أنطونيوس
سطر 825: سطر 825:
}}</ref>
}}</ref>


اطلع [[علي بن الحسين|الأمير علي]] على ما في الحقيبة من مراسلات سرية كانت تدور بين حكومة الأستانة وبين والي الحجاز «وهيب باشا»، وكانت هذه المراسلات تحتوي على تعليمات تستهدف الفتك بالشريف وأنجاله والقضاء على ما كان يتمتع به اقليم الحجاز من استقلال ذاتي،<ref>{{استشهاد بكتاب
اطلع [[علي بن الحسين|الأمير علي]] على ما في الحقيبة من مراسلات سرية كانت تدور بين حكومة الأستانة وبين والي الحجاز «وهيب باشا»، وكانت هذه المراسلات تحتوي على تعليمات تستهدف الفتك بالشريف وأنجاله والقضاء على ما كان يتمتع به إقليم الحجاز من استقلال ذاتي،<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الحركة العربية
| عنوان = الحركة العربية
| مؤلف1 = سليمان موسى
| مؤلف1 = سليمان موسى
سطر 831: سطر 831:
}}</ref> كما اطلع [[علي بن الحسين|الأمير علي]] على وثائق تتضمن الخطط والتدابير لتنفيذ هذه المؤامرة، ولكنَّ الذي حال دون تنفيذها هو نشوب [[الحرب العالمية الأولى]] وانشغال الدولة العثمانية فيها.<ref name=":21" />
}}</ref> كما اطلع [[علي بن الحسين|الأمير علي]] على وثائق تتضمن الخطط والتدابير لتنفيذ هذه المؤامرة، ولكنَّ الذي حال دون تنفيذها هو نشوب [[الحرب العالمية الأولى]] وانشغال الدولة العثمانية فيها.<ref name=":21" />
[[ملف:Ottoman Empire 16-17th century-fr.svg|يمين|تصغير|lang=ar|خارطة تُبيِّن أقصى اتساع بلغته الدولة العُثمانيَّة أواخر القرن السادس عشر الميلادي]]
[[ملف:Ottoman Empire 16-17th century-fr.svg|يمين|تصغير|lang=ar|خارطة تُبيِّن أقصى اتساع بلغته الدولة العُثمانيَّة أواخر القرن السادس عشر الميلادي]]
وقد انفردت جريدة الاستقلال البغدادية بنشر هذه الوثائق، والتي تؤكد ارتكاز الإتحاديين على الوالي «وهيب باشا» لتنفيذ سياستهم ضد الشريف الحسين، بجانب المراقبة الدقيقة للأخير من قبل الاتحاديين وواليهم، فقد كان وهيب يمطر المسؤولين في الأستانة بالرسائل المتعلقة بتحركات الشريف الحسين، ومما جاء في رسائله إلى&nbsp;«[[طلعت باشا]]» قوله:<ref>{{استشهاد بخبر
وقد انفردت جريدة الاستقلال البغدادية بنشر هذه الوثائق، والتي تؤكد ارتكاز الاتحاديين على الوالي «وهيب باشا» لتنفيذ سياستهم ضد الشريف الحسين، بجانب المراقبة الدقيقة للأخير من قبل الاتحاديين وواليهم، فقد كان وهيب يمطر المسؤولين في الأستانة بالرسائل المتعلقة بتحركات الشريف الحسين، ومما جاء في رسائله إلى «[[طلعت باشا]]» قوله:<ref>{{استشهاد بخبر
| عنوان = صحيفة الإستقلال البغدادية
| عنوان = صحيفة الإستقلال البغدادية
| تاريخ = 6 كانون الثاني 1927
| تاريخ = 6 كانون الثاني 1927
| العدد = 1225
| العدد = 1225
}}</ref> {{اقتباس مضمن|بسبب زيادة قوة الحكومة فالأمير اليوم في مركز دقيق، وقد بدأ يحرض القبائل على سفك الدماء بين مكة وجدة، قبل أن تقع الحوادث، أرجو أن تخبروا الصدارة العظمى أن فرمان تعيين الشريف يفرض عليه تأمين الطرق والمحافظة عليها}}. وكان «[[أنور باشا]]» يُؤكد في رسائله إلى&nbsp;«وهيب باشا» ضرورة المراقبة الدقيقة في الحجاز.<ref name=":21" />
}}</ref> {{اقتباس مضمن|بسبب زيادة قوة الحكومة فالأمير اليوم في مركز دقيق، وقد بدأ يحرض القبائل على سفك الدماء بين مكة وجدة، قبل أن تقع الحوادث، أرجو أن تخبروا الصدارة العظمى أن فرمان تعيين الشريف يفرض عليه تأمين الطرق والمحافظة عليها}}. وكان «[[أنور باشا]]» يُؤكد في رسائله إلى «وهيب باشا» ضرورة المراقبة الدقيقة في الحجاز.<ref name=":21" />


ولم يلبث الأمير علي أنْ أمر رجاله بالتوقف عن السفر والاشتراك في حرب السويس بعد اطلاعه على تلك الوثائق، وانتحل الأعذار للبقاء في [[المدينة المنورة]] للدفاع عنها، ولم تحاول القيادة العثمانية إرغامه تجنبًا للاحتكاك المباشر، وسارت القوات العثمانية وحدها إلى&nbsp; [[معان]]، وعندئذٍ عاد الأمير علي إلى&nbsp; مكة وسلم الأوراق إلى&nbsp; والده، وما أنْ القى الشريف الحسين نظره عليها حتى عرف الحقيقة بكاملها، فأبرق إلى&nbsp; الصدر الأعظم «[[طلعت باشا]]» يقول أنه عثر بأُناس يحفرون له ضريحًا، ويسأله السماح لأحد ابنائه بالسفر إلى&nbsp; الأستانة ليطلعه على المكيدة، فأجابه الصدر الأعظم إلى&nbsp;ذلك، واختار الشريف الحسين نجله [[فيصل الأول|فيصل]] لهذه المهمة وكان معروفًا بالميل إلى&nbsp; مصادقة العثمانيين والتعاون معهم.<ref name=":21" /> كان في سفر الأمير فيصل غاية ظاهرة وهي عرض الوثائق التي عُثر عليها مع «وهيب باشا» على الصدر الأعظم، وغاية مُبطَّنة تتمثل في الإتصال بزعماء دمشق واستشارتهم في ما تعرِضه بريطانيا على العرب بواسطة الشريف الحسين.<ref>{{استشهاد بكتاب
ولم يلبث الأمير علي أنْ أمر رجاله بالتوقف عن السفر والاشتراك في حرب السويس بعد اطلاعه على تلك الوثائق، وانتحل الأعذار للبقاء في [[المدينة المنورة]] للدفاع عنها، ولم تحاول القيادة العثمانية إرغامه تجنبًا للاحتكاك المباشر، وسارت القوات العثمانية وحدها إلى [[معان]]، وعندئذٍ عاد الأمير علي إلى مكة وسلم الأوراق إلى والده، وما أنْ القى الشريف الحسين نظره عليها حتى عرف الحقيقة بكاملها، فأبرق إلى الصدر الأعظم «[[طلعت باشا]]» يقول أنه عثر بأُناس يحفرون له ضريحًا، ويسأله السماح لأحد أبنائه بالسفر إلى الأستانة ليطلعه على المكيدة، فأجابه الصدر الأعظم إلى ذلك، واختار الشريف الحسين نجله [[فيصل الأول|فيصل]] لهذه المهمة وكان معروفًا بالميل إلى مصادقة العثمانيين والتعاون معهم.<ref name=":21" /> كان في سفر الأمير فيصل غاية ظاهرة وهي عرض الوثائق التي عُثر عليها مع «وهيب باشا» على الصدر الأعظم، وغاية مُبطَّنة تتمثل في الاتصال بزعماء دمشق واستشارتهم في ما تعرِضه بريطانيا على العرب بواسطة الشريف الحسين.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = فيصل ملك العراق
| عنوان = فيصل ملك العراق
| مؤلف1 = ستورث ارسكين
| مؤلف1 = ستورث ارسكين
سطر 870: سطر 870:
}}</ref> حاول الشريف الحسين أنْ يستغل حاجة الإنكليز إليه وإلى العرب للحصول منهم على اعتراف باستقلال ووحدة الأقطار العربية في قارة آسيا، وجاءت هذه الرسالة مماثلة لمطالب الجمعيات العربية في سورية، والتي أُطلق عليها اسم [[بروتوكول دمشق|ميثاق دمشق 1915]].<ref name=":26" />
}}</ref> حاول الشريف الحسين أنْ يستغل حاجة الإنكليز إليه وإلى العرب للحصول منهم على اعتراف باستقلال ووحدة الأقطار العربية في قارة آسيا، وجاءت هذه الرسالة مماثلة لمطالب الجمعيات العربية في سورية، والتي أُطلق عليها اسم [[بروتوكول دمشق|ميثاق دمشق 1915]].<ref name=":26" />


كان الشريف الحسين قد انتدب إبنه الأمير [[فيصل الأول|فيصل]] للذهاب للأستانة ليقابل الصدر الأعظم ويخبره بأمورٍ خطيرة بعد انكشاف المؤامرة ضد الشريف الحسين وأنجاله،<ref name=":26" /> وخلال وجود الأمير فيصل في الاستانة التقى بقادة الحركة العربية وأعضاء الجمعيتين العربية الفتاة التي أصبح عضوًا فيها، حيث أطلعوه على نص الميثاق، الذي تضمن شروط العرب لعقد اتفاق مع بريطانيا والوقوف إلى جانبها في الحرب، وطلبوا منه أنْ يُقدم الميثاق إلى والده كي يجعله أساسًا لمفاوضاته مع بريطانيا.<ref name=":53" /> كان الميثاق ينص على اعتراف بريطانيا العظمى بالاستقلال للبلاد العربية الواقعة ضمن الحدود التالية:<ref name=":26" />
كان الشريف الحسين قد انتدب ابنه الأمير [[فيصل الأول|فيصل]] للذهاب للأستانة ليقابل الصدر الأعظم ويخبره بأمورٍ خطيرة بعد انكشاف المؤامرة ضد الشريف الحسين وأنجاله،<ref name=":26" /> وخلال وجود الأمير فيصل في الاستانة التقى بقادة الحركة العربية وأعضاء الجمعيتين العربية الفتاة التي أصبح عضوًا فيها، حيث أطلعوه على نص الميثاق، الذي تضمن شروط العرب لعقد اتفاق مع بريطانيا والوقوف إلى جانبها في الحرب، وطلبوا منه أنْ يُقدم الميثاق إلى والده كي يجعله أساسًا لمفاوضاته مع بريطانيا.<ref name=":53" /> كان الميثاق ينص على اعتراف بريطانيا العظمى بالاستقلال للبلاد العربية الواقعة ضمن الحدود التالية:<ref name=":26" />


* شمالًا: خط [[مرسين]] – [[أضنة]] إلى حدود [[إيران الكبرى|إيران]].
* شمالًا: خط [[مرسين]] – [[أضنة]] إلى حدود [[إيران الكبرى|إيران]].
سطر 885: سطر 885:
=== استبداد الاتحاديين في الحكم ===
=== استبداد الاتحاديين في الحكم ===
[[ملف:030Arab.jpg|تصغير|عدد من أفراد جيش الشريف الحسين بن علي، يرفعون علم الثورة العربية الكبرى]]
[[ملف:030Arab.jpg|تصغير|عدد من أفراد جيش الشريف الحسين بن علي، يرفعون علم الثورة العربية الكبرى]]
كانت لسياسة الإتحاديين الدور الأساسي في إشعال الثورة، التي بدأت بإقصاء السلطان [[عبد الحميد الثاني]] واغتصاب السلطة،<ref>{{استشهاد بكتاب
كانت لسياسة الاتحاديين الدور الأساسي في إشعال الثورة، التي بدأت بإقصاء السلطان [[عبد الحميد الثاني]] واغتصاب السلطة،<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الدولة العثمانية في التاريخ الإسلامي الحديث
| عنوان = الدولة العثمانية في التاريخ الإسلامي الحديث
| مؤلف1 = إسماعيل أحمد ياغي
| مؤلف1 = إسماعيل أحمد ياغي
سطر 964: سطر 964:
اعتدت بعض العصابات المؤلفة من ذوي الطمع والفساد، ومن بعض جماعة العربان وقد استميلوا بالمال على بعض المخافر المجاورة للمدينة المنورة بالسلاح، وخربوا التلغراف وسكة الحديد، فبادرت القوى العسكرية إلى التنكيل بتلك العصابات الواقفة في الطريق، وتمكَّنت من دخول المدينة وشرعت في إصلاح السكة، كما أنشأت دارًا للمخابرات اللاسلكية في المدينة تجرى المخابرات بواسطتها. وفي الليلة البارحة زحفت قواتنا العسكرية على العصاة المجتمعين والمتحصنين في موقع الحسا (اول مرحلة للحاج السائر من المدينة إلى مكة وتبعد عن الأولى ثلاث ساعات وتسمى بير علي ايضًا بجوار المدينة؛ واستولت على المواقع التي كان ممتنعًا بها العصاة المذكورون وطردتهم منها بعد تبديد شملهم. وقد تبلغنا برقية من محافظ المدينة المنورة تشعر بأن أهل المدينة سروا سروًا عظيمًا بما وقع وهذا نصها:
اعتدت بعض العصابات المؤلفة من ذوي الطمع والفساد، ومن بعض جماعة العربان وقد استميلوا بالمال على بعض المخافر المجاورة للمدينة المنورة بالسلاح، وخربوا التلغراف وسكة الحديد، فبادرت القوى العسكرية إلى التنكيل بتلك العصابات الواقفة في الطريق، وتمكَّنت من دخول المدينة وشرعت في إصلاح السكة، كما أنشأت دارًا للمخابرات اللاسلكية في المدينة تجرى المخابرات بواسطتها. وفي الليلة البارحة زحفت قواتنا العسكرية على العصاة المجتمعين والمتحصنين في موقع الحسا (اول مرحلة للحاج السائر من المدينة إلى مكة وتبعد عن الأولى ثلاث ساعات وتسمى بير علي ايضًا بجوار المدينة؛ واستولت على المواقع التي كان ممتنعًا بها العصاة المذكورون وطردتهم منها بعد تبديد شملهم. وقد تبلغنا برقية من محافظ المدينة المنورة تشعر بأن أهل المدينة سروا سروًا عظيمًا بما وقع وهذا نصها:
ولقد سر اهل البلدة الطيبة قلبًا وقالبًا بمحو القبائل الباغية والتنكيل بها في المعركة الشديدة التي دارت أمس وعادت الراحة إلى ربوعها كما أنَّ هذه الحادثة قد اثَّرت تأثيرًا عظيمًا في العربان المجاورة ونبتهل إلى الله بتوالي توفيقات دولتكم.|align=left|width=250|المصدر=المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين، كليب سعود الفواز، ص 250|bgcolor=#EDEAE0}}
ولقد سر اهل البلدة الطيبة قلبًا وقالبًا بمحو القبائل الباغية والتنكيل بها في المعركة الشديدة التي دارت أمس وعادت الراحة إلى ربوعها كما أنَّ هذه الحادثة قد اثَّرت تأثيرًا عظيمًا في العربان المجاورة ونبتهل إلى الله بتوالي توفيقات دولتكم.|align=left|width=250|المصدر=المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين، كليب سعود الفواز، ص 250|bgcolor=#EDEAE0}}
بعد عودة الأمير فيصل إلى الحجاز بإسبوعين، وقف الشريف الحسين بن علي على شرفة قصره في [[مكة]] في 10 يونيو 1916 معلنًا ثورة العرب على الظلم والاستعباد، مفتتحًا الجهاد في سبيل الحرية والاستقلال بإطلاق الرصاصة الأولى من بندقيته على «[[قلعة أجياد|قلعة جياد]]» مقر الجيش العثماني.<ref name=":54" /> ثم دقت طبول الحرب وأُوقدت النيران على شعاب الجبال، وشرع العرب بمهاجمة العثمانيين في جميع ثكناتهم بالحجاز، وقد ردَّ العثمانيون من القلعة بإطلاق النار على قصر الإمارة، فتهدم جانب من القصر وكان الشريف الحسين واقفًا على الشرفة، يحث رجاله ويثير حماسهم، وكان الرجال وهم يقاتلون من حوله يُلحّون عليه بمغادرة القصر خوفًا على حياته.<ref name=":54">{{استشهاد بكتاب
بعد عودة الأمير فيصل إلى الحجاز بأسبوعين، وقف الشريف الحسين بن علي على شرفة قصره في [[مكة]] في 10 يونيو 1916 معلنًا ثورة العرب على الظلم والاستعباد، مفتتحًا الجهاد في سبيل الحرية والاستقلال بإطلاق الرصاصة الأولى من بندقيته على «[[قلعة أجياد|قلعة جياد]]» مقر الجيش العثماني.<ref name=":54" /> ثم دقت طبول الحرب وأُوقدت النيران على شعاب الجبال، وشرع العرب بمهاجمة العثمانيين في جميع ثكناتهم بالحجاز، وقد ردَّ العثمانيون من القلعة بإطلاق النار على قصر الإمارة، فتهدم جانب من القصر وكان الشريف الحسين واقفًا على الشرفة، يحث رجاله ويثير حماسهم، وكان الرجال وهم يقاتلون من حوله يُلحّون عليه بمغادرة القصر خوفًا على حياته.<ref name=":54">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الثورة العربية الكبرى
| عنوان = الثورة العربية الكبرى
| مؤلف1 = قدري قلعجي
| مؤلف1 = قدري قلعجي
سطر 970: سطر 970:
}}</ref>
}}</ref>


أصيبت الحكومة الإتحادية بالذهول عند إبلاغها نبأ قيام الثورة العربية الكبرى، وكان «جمال باشا» أشد الإتحاديين حسرة وتألمًا لأنه كان مخدوعًا، وأدرك أنه لم يحسن التصرف مع الحسين وأبناءه الذين أفلتوا من يده بعد أنْ أخذوا المال والسلاح.<ref>{{استشهاد بكتاب
أصيبت الحكومة الاتحادية بالذهول عند إبلاغها نبأ قيام الثورة العربية الكبرى، وكان «جمال باشا» أشد الاتحاديين حسرة وتألمًا لأنه كان مخدوعًا، وأدرك أنه لم يحسن التصرف مع الحسين وأبناءه الذين أفلتوا من يده بعد أنْ أخذوا المال والسلاح.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الثورة العربية
| عنوان = الثورة العربية
| مؤلف1 = أمين سعيد
| مؤلف1 = أمين سعيد
سطر 984: سطر 984:
وبلغ ما أطلقته المدفعية التركية في مكة في ذلك اليوم وحده ما يقارب مائتين وثلاثين قنبلة، واستمرت مقاومة القلعة حتى 25 يونيو، وبسقوطها قُضي على الجيش العثماني في مكة، واستولى جنود الشريف الحسين على مراكز الجند والمخافر ودور الحكومة كافة بما فيها من سلاح وعتاد، أمّا حامية جدة فقد استسلمت في 16 يونيو أي بعد 6 أيام من هجوم العرب عليها.<ref name=":54" />
وبلغ ما أطلقته المدفعية التركية في مكة في ذلك اليوم وحده ما يقارب مائتين وثلاثين قنبلة، واستمرت مقاومة القلعة حتى 25 يونيو، وبسقوطها قُضي على الجيش العثماني في مكة، واستولى جنود الشريف الحسين على مراكز الجند والمخافر ودور الحكومة كافة بما فيها من سلاح وعتاد، أمّا حامية جدة فقد استسلمت في 16 يونيو أي بعد 6 أيام من هجوم العرب عليها.<ref name=":54" />


وظلت نيران المدافع  والبنادق التركية تتساقط على القصر الهاشمي خمسة وعشرون يوما والشريف الحسين (كما يروي [[خير الدين الزركلي|الزركلي]]) يثابر على عادته الجلوس به ولم يغير مجلسه ولا اختار غير غرفته الخاصة المعروفة باسم (المخلوان) يمكُث فيها طوال النهار والربع الأول من الليل.<ref name=":54" />
وظلت نيران المدافع والبنادق التركية تتساقط على القصر الهاشمي خمسة وعشرون يوما والشريف الحسين (كما يروي [[خير الدين الزركلي|الزركلي]]) يثابر على عادته الجلوس به ولم يغير مجلسه ولا اختار غير غرفته الخاصة المعروفة باسم (المخلوان) يمكُث فيها طوال النهار والربع الأول من الليل.<ref name=":54" />


انتهج الشريف الحسين الأسلوب الثوري لتخليص البلاد العربية من الحكم العثماني، فأصدر منشور الثورة الأول بتاريخ 26 يونيو 1916 والذي بدأه بقوله: {{اقتباس مضمن|هذا منشورنا العام إلى أخواننا المسلمين، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين}}.<ref name=":54" /><ref>{{استشهاد بكتاب
انتهج الشريف الحسين الأسلوب الثوري لتخليص البلاد العربية من الحكم العثماني، فأصدر منشور الثورة الأول بتاريخ 26 يونيو 1916 والذي بدأه بقوله: {{اقتباس مضمن|هذا منشورنا العام إلى أخواننا المسلمين، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين}}.<ref name=":54" /><ref>{{استشهاد بكتاب
سطر 990: سطر 990:
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| صفحة = 158
| صفحة = 158
}}</ref> وانتقل الشريف الحسين في منشوره إلى ذكر الخدمات العسكرية التي أسداها للدولة العثمانية، ثم هاجم هجومًا عنيفًا سياسة جمعية الاتحاد والترقي في حكم الدولة، وكان من بين المآخذ التي سجلها الشريف الحسين على الإتحاديين:<ref name=":24">{{استشهاد بكتاب
}}</ref> وانتقل الشريف الحسين في منشوره إلى ذكر الخدمات العسكرية التي أسداها للدولة العثمانية، ثم هاجم هجومًا عنيفًا سياسة جمعية الاتحاد والترقي في حكم الدولة، وكان من بين المآخذ التي سجلها الشريف الحسين على الاتحاديين:<ref name=":24">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
سطر 998: سطر 998:
* قيام الجمعية بسلب سلطة السلطان العثماني وسلب حقوقه في اختيار المرشحين لشغل المناصب الكبرى في الدولة مثل منصب الصدر الأعظم وشيخ الإسلام.<ref name=":24" />
* قيام الجمعية بسلب سلطة السلطان العثماني وسلب حقوقه في اختيار المرشحين لشغل المناصب الكبرى في الدولة مثل منصب الصدر الأعظم وشيخ الإسلام.<ref name=":24" />
* تلاعبهم بأموال الدولة وإثقالها بالقروض.<ref name=":24" />
* تلاعبهم بأموال الدولة وإثقالها بالقروض.<ref name=":24" />
* زجوا الدولة العثمانية في حروب أوروبية عقيمة خرجت منها خاسرة، واتخذوا من هذه الحروب وسيلة لإستنزاف ثروة الأمة كما استنزفوا من قبل ثروة الدولة، ثم اتخذوا من هذه الحروب ذريعة للتنكيل بجميع المخالفين لرأيهم في سياستهم وادارتهم.<ref name=":24" />
* زجوا الدولة العثمانية في حروب أوروبية عقيمة خرجت منها خاسرة، واتخذوا من هذه الحروب وسيلة لاستنزاف ثروة الأمة كما استنزفوا من قبل ثروة الدولة، ثم اتخذوا من هذه الحروب ذريعة للتنكيل بجميع المخالفين لرأيهم في سياستهم وادارتهم.<ref name=":24" />
* أضاعوا على الدولة الكثير من ولاياتها التي كانت خاضعة لها مثل [[البوسنة والهرسك]] وألبانيا ومقدونيا وطرابلس الغرب وبرقة.<ref name=":24" />
* أضاعوا على الدولة الكثير من ولاياتها التي كانت خاضعة لها مثل [[البوسنة والهرسك]] وألبانيا ومقدونيا وطرابلس الغرب وبرقة.<ref name=":24" />
* اثاروا الأحقاد بانتهاجهم سياسة تتريك شعوب الدولة العثمانية وإيجاد هوة سحيقة بين العرب والعثمانيين والأرمن والعثمانيين. وكان من نتائج إثارة هذه النعرات أنَّ الدولة فقدت الشعب الألباني الذي كان سياجًا أمام الشعوب البلقانية ثم الفتك بالأرمن رجالًا ونساءً وأطفالًا، وهو أمر يتنافى مع قواعد الشريعة الإسلامية ويتعارض مع تعاليم [[محمد|النبي محمد]] في عدم قتل النساء والأطفال والرجال غير المحاربين أثناء المعارك.<ref name=":24" />
* اثاروا الأحقاد بانتهاجهم سياسة تتريك شعوب الدولة العثمانية وإيجاد هوة سحيقة بين العرب والعثمانيين والأرمن والعثمانيين. وكان من نتائج إثارة هذه النعرات أنَّ الدولة فقدت الشعب الألباني الذي كان سياجًا أمام الشعوب البلقانية ثم الفتك بالأرمن رجالًا ونساءً وأطفالًا، وهو أمر يتنافى مع قواعد الشريعة الإسلامية ويتعارض مع تعاليم [[محمد|النبي محمد]] في عدم قتل النساء والأطفال والرجال غير المحاربين أثناء المعارك.<ref name=":24" />
سطر 1٬007: سطر 1٬007:
* صادروا ممتلكات وأموال عدد كبير من العائلات العربية المغضوب على أفرادها لأسباب سياسية وأخرجوهم من ديارهم مع النساء والأطفال إلى بلاد [[الأناضول]] بلا كافل شرعي، وعرَّضوهم إلى الهلاك من الجوع والبرد والحر، وقال الشريف الحسين أنَّ الهدف من كل هذا الاضطهاد البشع هو أنْ من ينجو من الهلاك من هؤلاء النساء والأطفال يكون كالإماء والعبيد للترك في [[الأناضول]].<ref name=":24" />
* صادروا ممتلكات وأموال عدد كبير من العائلات العربية المغضوب على أفرادها لأسباب سياسية وأخرجوهم من ديارهم مع النساء والأطفال إلى بلاد [[الأناضول]] بلا كافل شرعي، وعرَّضوهم إلى الهلاك من الجوع والبرد والحر، وقال الشريف الحسين أنَّ الهدف من كل هذا الاضطهاد البشع هو أنْ من ينجو من الهلاك من هؤلاء النساء والأطفال يكون كالإماء والعبيد للترك في [[الأناضول]].<ref name=":24" />
[[ملف:Ahmet Cemal Paşa on the shore of the Dead Sea2.jpg|تصغير|[[جمال باشا]]، والي سورية المُلقب بالسفّاح، على شاطئ [[البحر الميت]] سنة [[1915]].]]
[[ملف:Ahmet Cemal Paşa on the shore of the Dead Sea2.jpg|تصغير|[[جمال باشا]]، والي سورية المُلقب بالسفّاح، على شاطئ [[البحر الميت]] سنة [[1915]].]]
ثم أتبع الشريف الحسين منشوره الأول بمنشور ثانٍ مؤرخ في أغسطس 1916، انتقد فيه الدولة لدخولها في الحرب العالمية الأولى وهي منهكة عسكريًا وإقتصاديًا وماليًا.<ref name=":55">{{استشهاد بكتاب
ثم أتبع الشريف الحسين منشوره الأول بمنشور ثانٍ مؤرخ في أغسطس 1916، انتقد فيه الدولة لدخولها في الحرب العالمية الأولى وهي منهكة عسكريًا واقتصاديًا وماليًا.<ref name=":55">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| صفحة = 165
| صفحة = 165
}}</ref> ثم نشر الشريف الحسين منشورًا ثالثًا جعل عنوانه الآية القرآنية:{{قرآن|يوسف|108}} هاجم فيه سياسة الاتحاديين وبيَّن فيه حقائق الأمور التي كانوا فيها والتي صاروا إليها من الدين والقومية، ثم شرح ما قام به لدفع الأذى عن المسلمين وديارهم بعد أنْ بذل النُصح لرجالهم في الأستانة بمكاتبات محفوظة لديه صورها،<ref name=":55" /> واختتم منشوره بقوله: وإنه لم يبقَ لأحد عذر في التقصير بشيئٍ من أسباب الإرتقاء واستشهد بالآية القرآنية: {{قرآن|التوبة|105}}.<ref name=":55" />
}}</ref> ثم نشر الشريف الحسين منشورًا ثالثًا جعل عنوانه الآية القرآنية:{{قرآن|يوسف|108}} هاجم فيه سياسة الاتحاديين وبيَّن فيه حقائق الأمور التي كانوا فيها والتي صاروا إليها من الدين والقومية، ثم شرح ما قام به لدفع الأذى عن المسلمين وديارهم بعد أنْ بذل النُصح لرجالهم في الأستانة بمكاتبات محفوظة لديه صورها،<ref name=":55" /> واختتم منشوره بقوله: وإنه لم يبقَ لأحد عذر في التقصير بشيء من أسباب الارتقاء واستشهد بالآية القرآنية: {{قرآن|التوبة|105}}.<ref name=":55" />


كانت القوات التركية في الحجاز في بداية الثورة العربية الكبرى تتألف من ما يقارب 23,300 جندي يقودهم 600 ضابط، وكان للأتراك أيضًا قوات عسكرية كبيرة ترابط على طول سكة الحديد من المدينة المنورة إلى [[معان]]، وكانت تُؤازر هذه القوات الطائرات الألمانية فتغير على القبائل محاولة تحطيم معنويات المحاربين.<ref>{{استشهاد بكتاب
كانت القوات التركية في الحجاز في بداية الثورة العربية الكبرى تتألف من ما يقارب 23,300 جندي يقودهم 600 ضابط، وكان للأتراك أيضًا قوات عسكرية كبيرة ترابط على طول سكة الحديد من المدينة المنورة إلى [[معان]]، وكانت تُؤازر هذه القوات الطائرات الألمانية فتغير على القبائل محاولة تحطيم معنويات المحاربين.<ref>{{استشهاد بكتاب
سطر 1٬029: سطر 1٬029:
}}</ref>
}}</ref>


في ذلك الوقت كان الأمير فيصل يزحف بجيشه على ساحل [[البحر الأحمر]]، متقدمًا إلى الشمال ويحقق الإنتصارات الواحد تلو الآخر، حتى احتل منطقة [[الوجه]] واتخذها قاعدة للعمليات العسكرية في الشمال، فلم تقم للعثمانيين بعد ذلك قائمة في الحجاز.<ref name=":111" /> وفي يوليو سنة 1917 أي بعد أحد عشر شهرًا على إعلان الثورة، حررت قوات الأمير فيصل العقبة وبمعاونة [[عودة أبو تايه]] ورجال قبيلة [[الحويطات]]، وكان استيلاء العرب على العقبة نهاية معارك الثورة العربية في الحجاز وابتدائُها في بلاد الشام.<ref>{{استشهاد بكتاب
في ذلك الوقت كان الأمير فيصل يزحف بجيشه على ساحل [[البحر الأحمر]]، متقدمًا إلى الشمال ويحقق الانتصارات الواحد تلو الآخر، حتى احتل منطقة [[الوجه]] واتخذها قاعدة للعمليات العسكرية في الشمال، فلم تقم للعثمانيين بعد ذلك قائمة في الحجاز.<ref name=":111" /> وفي يوليو سنة 1917 أي بعد أحد عشر شهرًا على إعلان الثورة، حررت قوات الأمير فيصل العقبة وبمعاونة [[عودة أبو تايه]] ورجال قبيلة [[الحويطات]]، وكان استيلاء العرب على العقبة نهاية معارك الثورة العربية في الحجاز وابتدائُها في بلاد الشام.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الثورة العربية الكبرى
| عنوان = الثورة العربية الكبرى
| مؤلف1 = قدري قلعجي
| مؤلف1 = قدري قلعجي
سطر 1٬053: سطر 1٬053:
| مؤلف1 = أمين سعيد
| مؤلف1 = أمين سعيد
| صفحة = 158
| صفحة = 158
}}</ref> وكانت مهمة علي حيدر بث دعاية واسعة للأتراك بين أوساط القبائل الحجازية، عن طريق إنفاق الأموال لإستمالتهم وإغرائهم على الإنفضاض عن الشريف الحسين.<ref name="مولد تلقائيا7">{{استشهاد بكتاب
}}</ref> وكانت مهمة علي حيدر بث دعاية واسعة للأتراك بين أوساط القبائل الحجازية، عن طريق إنفاق الأموال لاستمالتهم وإغرائهم على الانفضاض عن الشريف الحسين.<ref name="مولد تلقائيا7">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| عنوان = المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والعثمانيين
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
| مؤلف1 = كليب سعود الفواز
سطر 1٬060: سطر 1٬060:


=== محاولات القضاء على الثورة ===
=== محاولات القضاء على الثورة ===
عمل الشريف علي حيدر على تشويه صورة الشريف الحسين مدعيًا بأنه ضلَّ بتحالفه مع الإنجليز.<ref name="مولد تلقائيا7" /> فقد وجَّه الشريف علي حيدر منشورًا إلى أهالي الحجاز، يُبين فيه قيمة الحجاز التاريخية منذ ظهور الإسلام وحتى مُضي 12 قرنًا من الزمان عليه، وما مرَّت به من أحوال كثيرة وأدوارٍ مختلفة من بسط وقبض ورفع وخفض وزلزال وتمكين الأرض، ورغم ذلك كله بقي الحجاز بكرًا من الممالك لم يطمثها فاتح.<ref name="مولد تلقائيا7" /> وبيَّن بعد ذلك الشريف علي حيدر ما لحق بمصر والسودان والهند وبعض البلاد الإسلامية الأخرى من الاستعمار البريطاني الذي نجا منه الحجاز وذلك حُرْمه من الله تعإلى لبيته المُعظّم ومعجزة للنبي محمد.<ref name="مولد تلقائيا7" />
عمل الشريف علي حيدر على تشويه صورة الشريف الحسين مدعيًا بأنه ضلَّ بتحالفه مع الإنجليز.<ref name="مولد تلقائيا7" /> فقد وجَّه الشريف علي حيدر منشورًا إلى أهالي الحجاز، يُبين فيه قيمة الحجاز التاريخية منذ ظهور الإسلام وحتى مُضي 12 قرنًا من الزمان عليه، وما مرَّت به من أحوال كثيرة وأدوارٍ مختلفة من بسط وقبض ورفع وخفض وزلزال وتمكين الأرض، ورغم ذلك كله بقي الحجاز بكرًا من الممالك لم يطمثها فاتح.<ref name="مولد تلقائيا7" /> وبيَّن بعد ذلك الشريف علي حيدر ما لحق بمصر والسودان والهند وبعض البلاد الإسلامية الأخرى من الاستعمار البريطاني الذي نجا منه الحجاز وذلك حُرْمه من الله تعالى لبيته المُعظّم ومعجزة للنبي محمد.<ref name="مولد تلقائيا7" />
[[ملف:Cemal Paşa Colored.jpg|يمين|تصغير|174x174px|[[جمال باشا]]. وزير البحرية سنة 1914 وحاكم [[سوريا العثمانية|سورية العثمانية]] في [[الحرب العالمية الأولى]].]]
[[ملف:Cemal Paşa Colored.jpg|يمين|تصغير|174x174px|[[جمال باشا]]. وزير البحرية سنة 1914 وحاكم [[سوريا العثمانية|سورية العثمانية]] في [[الحرب العالمية الأولى]].]]
وخلص الشريف حيدر من ذلك بأن الشريف الحسين قد أضاع حرمة الحجاز ومجده في الاستقلال بتحالفه مع دولة مسيحية تفرض حمايتها على بيت الله ومسجد الرسول، وهي في ذات الوقت محاربة لدولة الإسلام الدولة العثمانية.<ref name="مولد تلقائيا7" /> ثم بيّن الشريف حيدر في منشوره مساوئ الإنجليز ومعاملتهم الدنيئة مع حلفائهم ونقضهم العهود، وأوضح الفرق بين اتفاق الدولة العثمانية وألمانيا وما استهدفت من ضرب الأعداء المسيحين ببعضهم والفرق بين حلف الشريف الحسين وبريطانيا والذي يُخوّل للمسيحيين ضرب الدولة العثمانية المسلمة، وبعد ذلك أوضح الأسباب التي جعلته يقبل إمارة مكة المكرمة وهو إشفاقه على [[الحرمان الشريفان (توضيح)|الحرمين الشريفين]] من لوث مداخلة الأعداء.<ref name="مولد تلقائيا7" /> ثم أهاب بأهالي الحجاز أن يُلبوا دعوة القرآن ودعوة السلطان ودعوة أجداده آل زيد بأنْ ينفردوا لقتال العساكر المنفذة لأوامر النصارى الإنجليز، واختتم منشوره بآيات من القرآن الكريم.<ref name="مولد تلقائيا7" />
وخلص الشريف حيدر من ذلك بأن الشريف الحسين قد أضاع حرمة الحجاز ومجده في الاستقلال بتحالفه مع دولة مسيحية تفرض حمايتها على بيت الله ومسجد الرسول، وهي في ذات الوقت محاربة لدولة الإسلام الدولة العثمانية.<ref name="مولد تلقائيا7" /> ثم بيّن الشريف حيدر في منشوره مساوئ الإنجليز ومعاملتهم الدنيئة مع حلفائهم ونقضهم العهود، وأوضح الفرق بين اتفاق الدولة العثمانية وألمانيا وما استهدفت من ضرب الأعداء المسيحين ببعضهم والفرق بين حلف الشريف الحسين وبريطانيا والذي يُخوّل للمسيحيين ضرب الدولة العثمانية المسلمة، وبعد ذلك أوضح الأسباب التي جعلته يقبل إمارة مكة المكرمة وهو إشفاقه على [[الحرمان الشريفان (توضيح)|الحرمين الشريفين]] من لوث مداخلة الأعداء.<ref name="مولد تلقائيا7" /> ثم أهاب بأهالي الحجاز أن يُلبوا دعوة القرآن ودعوة السلطان ودعوة أجداده آل زيد بأنْ ينفردوا لقتال العساكر المنفذة لأوامر النصارى الإنجليز، واختتم منشوره بآيات من القرآن الكريم.<ref name="مولد تلقائيا7" />
سطر 1٬068: سطر 1٬068:
| مؤلف1 = سليمان موسى
| مؤلف1 = سليمان موسى
| صفحة = 129
| صفحة = 129
}}</ref> واعتُبر إرسال وفد من أعيان دمشق إلى الحسين حملة دبلوماسية إتحادية لكسب الرأي العام الإسلامي، ولكن الشريف الحسين رفض استقبال الوفد.<ref name="مولد تلقائيا33">{{استشهاد بكتاب
}}</ref> واعتُبر إرسال وفد من أعيان دمشق إلى الحسين حملة دبلوماسية اتحادية لكسب الرأي العام الإسلامي، ولكن الشريف الحسين رفض استقبال الوفد.<ref name="مولد تلقائيا33">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = سياسة الإتحاديين
| عنوان = سياسة الإتحاديين
| مؤلف1 = عبد الجليل التميمي
| مؤلف1 = عبد الجليل التميمي
سطر 1٬078: سطر 1٬078:
}}</ref>
}}</ref>


بعث الشريف حيدر بكتاب إلى الشريف [[علي بن الحسين]] يلومه ووالده لخروجهم على الدولة، فأجابه الشريف الحسين بكتاب في محرم سنة 1335 هـ قال فيه إنّ خروج العرب على الإتحاديين أصبح فرضًا على العرب والمسلمين،<ref name=":59" /> وأضاف أنَّ أسباب خروج العرب هي أعمال الاتحادين ضدّ الإسلام والعرب، وأنَّ هدف الثورة حفظ استقلال البلاد العربية بعد سقوط الدولة العثمانية الذي أصبح وشيكًا.<ref name=":59">{{استشهاد بكتاب
بعث الشريف حيدر بكتاب إلى الشريف [[علي بن الحسين]] يلومه ووالده لخروجهم على الدولة، فأجابه الشريف الحسين بكتاب في محرم سنة 1335 هـ قال فيه إنّ خروج العرب على الاتحاديين أصبح فرضًا على العرب والمسلمين،<ref name=":59" /> وأضاف أنَّ أسباب خروج العرب هي أعمال الاتحادين ضدّ الإسلام والعرب، وأنَّ هدف الثورة حفظ استقلال البلاد العربية بعد سقوط الدولة العثمانية الذي أصبح وشيكًا.<ref name=":59">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = مذكراتي عن الثورة العربية
| عنوان = مذكراتي عن الثورة العربية
| مؤلف1 = فايز الغصين
| مؤلف1 = فايز الغصين
سطر 1٬086: سطر 1٬086:
| مؤلف1 = أحمد السباعي
| مؤلف1 = أحمد السباعي
| صفحة = 609
| صفحة = 609
}}</ref> مما دفعه إلى الانسحاب في مايو&nbsp;سنة 1917 إلى [[دمشق]] ثم إلى لبنان حيث بقي حتى نهاية الحرب،<ref>{{استشهاد بكتاب
}}</ref> مما دفعه إلى الانسحاب في مايو سنة 1917 إلى [[دمشق]] ثم إلى لبنان حيث بقي حتى نهاية الحرب،<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الأعلام
| عنوان = الأعلام
| مؤلف1 = الزركلي
| مؤلف1 = الزركلي
سطر 1٬162: سطر 1٬162:
=== المنتقدين للثورة ===
=== المنتقدين للثورة ===
{{تاريخ الأردن}}
{{تاريخ الأردن}}
كان لأنباء الثورة العربية تأثير سيئ في الدولة العثمانية، وعزا بعضهم قيامها إلى سوء إدارة الإتحاديين وسلوك «جمال باشا»، واعتبروا الثورة قاضية على الدولة والخلافة الإسلامية، إلا أنّ أصحاب هذا الرأي كانوا غير متنفذين في الدولة.<ref>{{استشهاد بكتاب
كان لأنباء الثورة العربية تأثير سيئ في الدولة العثمانية، وعزا بعضهم قيامها إلى سوء إدارة الاتحاديين وسلوك «جمال باشا»، واعتبروا الثورة قاضية على الدولة والخلافة الإسلامية، إلا أنّ أصحاب هذا الرأي كانوا غير متنفذين في الدولة.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = تاريخ مقدرات العراق
| عنوان = تاريخ مقدرات العراق
| مؤلف1 = محمد طاهر العمري
| مؤلف1 = محمد طاهر العمري
سطر 1٬222: سطر 1٬222:
| مؤلف1 = أمين سعيد
| مؤلف1 = أمين سعيد
| صفحة = 165
| صفحة = 165
}}</ref> كان مركز الحسين في [[شبه الجزيرة العربية|الجزيرة العربية]] ضعيفًا عند الثورة بسبب ولائه الطويل للدولة العثمانية ضِدّ زعماء الجزيرة،<ref name="مولد تلقائيا11" /> على الرغم من ذلك بارك [[عبد العزيز آل سعود|ابن سعود]] وشيخ الكويت وشيخ المحمرة «[[خزعل الكعبي]] » ثورة الحسين في نوفمبر 1916.<ref>{{استشهاد بكتاب
}}</ref> كان مركز الحسين في [[شبه الجزيرة العربية|الجزيرة العربية]] ضعيفًا عند الثورة بسبب ولائه الطويل للدولة العثمانية ضِدّ زعماء الجزيرة،<ref name="مولد تلقائيا11" /> على الرغم من ذلك بارك [[عبد العزيز آل سعود|ابن سعود]] وشيخ الكويت وشيخ المحمرة «[[خزعل الكعبي]]» ثورة الحسين في نوفمبر 1916.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = يقظة العرب
| عنوان = يقظة العرب
| مؤلف1 = جورج أنطونيوس
| مؤلف1 = جورج أنطونيوس
سطر 1٬234: سطر 1٬234:
| مؤلف1 = محمد السوادي
| مؤلف1 = محمد السوادي
| صفحة = 48
| صفحة = 48
}}</ref> وكانت أول ردة فعل رسمية لحكومة نجد على خلافة الحسين إصدار بيان إلى العالم الإسلامي والشعب العربي في 1 يونيو 1924 حمل توقيع فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ودعا البيان العرب إلى  النهضة من أجل استقلالهم ومنع الوصاية عليهم.<ref>{{استشهاد بخبر
}}</ref> وكانت أول ردة فعل رسمية لحكومة نجد على خلافة الحسين إصدار بيان إلى العالم الإسلامي والشعب العربي في 1 يونيو 1924 حمل توقيع فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ودعا البيان العرب إلى النهضة من أجل استقلالهم ومنع الوصاية عليهم.<ref>{{استشهاد بخبر
| عنوان = صحيفة الكرمل
| عنوان = صحيفة الكرمل
| تاريخ = 21 يونيو 1924
| تاريخ = 21 يونيو 1924
سطر 1٬287: سطر 1٬287:
| تاريخ = 18 أغسطس 1924
| تاريخ = 18 أغسطس 1924
| العدد = 812
| العدد = 812
}}</ref> وكان [[عبد الله الأول بن الحسين|الأمير عبد الله]] في [[العقبة]] قادمًا من الحجاز، فتصدّى الجيش النظامي وقبائل شرق الأردن للقوات السعودية وشاركت المصفحات والطائرات البريطانية، ونجحت جميعها في صِدٌ القوات السعودية وقتل منهم ما يقارب ثلاثمائة شخص بالإضافة إلى العديد من الأسرى.<ref name=":410" /> وذكرت [[المقتبس (صحيفة)|صحيفة  المقتبس]] أنه عُثر مع الأسرى السعوديين على منشورات تتهم الحسين بإعلان نفسه خليفة بوجود أمراء عرب أحقّ منه.<ref>{{استشهاد بخبر
}}</ref> وكان [[عبد الله الأول بن الحسين|الأمير عبد الله]] في [[العقبة]] قادمًا من الحجاز، فتصدّى الجيش النظامي وقبائل شرق الأردن للقوات السعودية وشاركت المصفحات والطائرات البريطانية، ونجحت جميعها في صِدٌ القوات السعودية وقتل منهم ما يقارب ثلاثمائة شخص بالإضافة إلى العديد من الأسرى.<ref name=":410" /> وذكرت [[المقتبس (صحيفة)|صحيفة المقتبس]] أنه عُثر مع الأسرى السعوديين على منشورات تتهم الحسين بإعلان نفسه خليفة بوجود أمراء عرب أحقّ منه.<ref>{{استشهاد بخبر
| عنوان = صحيفة المقتبس
| عنوان = صحيفة المقتبس
| تاريخ = 1924
| تاريخ = 1924
سطر 1٬301: سطر 1٬301:
| مؤلف1 = صلاح الدين المختار
| مؤلف1 = صلاح الدين المختار
| صفحة = 297/2
| صفحة = 297/2
}}</ref> ونجحت في الإستيلاء على مخفري [[كلاخ]] و[[الأخيضر (مكة)|الأخيضر]] وهي من المخافر الأمامية الحجازية من جهة نجد، وتقدمت القوات السعودية باتجاه [[الطائف]]،<ref name="مولد تلقائيا26">{{استشهاد بكتاب
}}</ref> ونجحت في الاستيلاء على مخفري [[كلاخ]] و[[الأخيضر (مكة)|الأخيضر]] وهي من المخافر الأمامية الحجازية من جهة نجد، وتقدمت القوات السعودية باتجاه [[الطائف]]،<ref name="مولد تلقائيا26">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الثورة العربية
| عنوان = الثورة العربية
| مؤلف1 = أمين سعيد
| مؤلف1 = أمين سعيد
سطر 1٬337: سطر 1٬337:
| تاريخ = 12 سبتمبر 1924
| تاريخ = 12 سبتمبر 1924
| العدد = 819
| العدد = 819
}}</ref> ودعا البيان [[عصبة الأمم]] باسم الإنسانية والمدنية والعدل إلى التدّخل، لوضع حدٍ لهذه الأعمال ورفعوا احتجاجهم هذا إلى نائب رئيس الوكلاء حجة الإسلام قاضي القضاة [[عبد الله بن عبد الرحمن سراج|عبد الله سراج]]،<ref name=":62" /> وأبلغوه قرارهم برفع احتجاجهٍ إلى قناصل الدول في جدة وعصبة الأمم ووزراء خارجيات دول أوروبا وأميركا وآسيا وأفريقيا وإلى ملوك المسلمين وأمرائهم وزعمائهم، وإلى الهيئات الإسلامية الكبرى وإلى جرائد العالم.<ref name=":62" /> ووضع البيان ووقَّعه لجنة خاصة من المسلمين المقيمين في مكة، بلغ عددها تسعة وعشرين شخصًا منهم: عبد الغفار المدني، والطيب المراكشي، ومحمد المختار، ومحمد شيخ، وعباس نظام الدولة.<ref name=":62" /> ورفعت اللجنة احتجاجها إلى قناصل الدول بجدة.<ref name=":72">{{استشهاد بخبر
}}</ref> ودعا البيان [[عصبة الأمم]] باسم الإنسانية والمدنية والعدل إلى التدّخل، لوضع حدٍ لهذه الأعمال ورفعوا احتجاجهم هذا إلى نائب رئيس الوكلاء حجة الإسلام قاضي القضاة [[عبد الله بن عبد الرحمن سراج|عبد الله سراج]]،<ref name=":62" /> وأبلغوه قرارهم برفع احتجاجهٍ إلى قناصل الدول في جدة وعصبة الأمم ووزراء خارجيات دول أوروبا وأميركا وآسيا وإفريقيا وإلى ملوك المسلمين وأمرائهم وزعمائهم، وإلى الهيئات الإسلامية الكبرى وإلى جرائد العالم.<ref name=":62" /> ووضع البيان ووقَّعه لجنة خاصة من المسلمين المقيمين في مكة، بلغ عددها تسعة وعشرين شخصًا منهم: عبد الغفار المدني، والطيب المراكشي، ومحمد المختار، ومحمد شيخ، وعباس نظام الدولة.<ref name=":62" /> ورفعت اللجنة احتجاجها إلى قناصل الدول بجدة.<ref name=":72">{{استشهاد بخبر
| عنوان = صحيفة القبلة
| عنوان = صحيفة القبلة
| تاريخ = 15 سبتمبر 1924
| تاريخ = 15 سبتمبر 1924
سطر 1٬413: سطر 1٬413:
}}</ref> جاء هذا التصريح على أثر طلب الحسين المساعدة من بريطانيا.<ref name=":92" /> وقيل على لسان ناجي الأصيل مندوب الحسين في لندن إنَّ توقيع المعاهدة العربية البريطانية أصبح قربيًا، وأن اعتراض الحسين على المعاهدة قد زال.<ref name=":92" /> وتوقعت صحيفة فلسطين أنًّ الحرب في الحجاز نتيجة لذلك ستتوقف وستكون فلسطين هي الضحية، وقالت: يعتمد أمر الحرب على موقف بريطانيا، فإذا استمرت على حيادها فيحتل ابن سعود الحجاز وإذا تدخلت لصالح الحسين فيبقى الحسين في الحجاز ويوقّع على المعاهدة.<ref name=":92" />
}}</ref> جاء هذا التصريح على أثر طلب الحسين المساعدة من بريطانيا.<ref name=":92" /> وقيل على لسان ناجي الأصيل مندوب الحسين في لندن إنَّ توقيع المعاهدة العربية البريطانية أصبح قربيًا، وأن اعتراض الحسين على المعاهدة قد زال.<ref name=":92" /> وتوقعت صحيفة فلسطين أنًّ الحرب في الحجاز نتيجة لذلك ستتوقف وستكون فلسطين هي الضحية، وقالت: يعتمد أمر الحرب على موقف بريطانيا، فإذا استمرت على حيادها فيحتل ابن سعود الحجاز وإذا تدخلت لصالح الحسين فيبقى الحسين في الحجاز ويوقّع على المعاهدة.<ref name=":92" />


كانت بريطانيا غير راضية عن الحسين فلم تتدخل في الحرب، واصفة النزاع بأنه: قضية مذهبية غايتها تسوية بعض الخلافات الناجمة عن انتقال الخلافة، وأنهم عملًا بالتقاليد البريطانية لن يتدخلوا في نزاع من هذا النوع إلا بطلب الفريقين.<ref name=":92" /> ولم يكن ابن سعود يطلب ذلك وهو متأكد من النصر.<ref name=":92" /> وذُكر أنَّ الحسين طلب مساعدة بريطانيا ولكن بريطانيا أعلنت حيادها.<ref name=":92" /> وبعث قناصل الدول الأجنبية في جدة إلى أميري جيش ابن سعود معلنين حياد حكوماتهم تجاه الحرب النجدية الحجازية، وأنَّ ما يهمهم فقط سلامة رعاياهم في الحجاز.<ref name=":92" /> كانت المفاوضات حول المعاهدة البريطانية الحجازية على حالها منذ أربع سنوات، وبيدو ذلك سببًا في إعلان الحياد البريطاني.<ref name=":92" />
كانت بريطانيا غير راضية عن الحسين فلم تتدخل في الحرب، واصفة النزاع بأنه: قضية مذهبية غايتها تسوية بعض الخلافات الناجمة عن انتقال الخلافة، وأنهم عملًا بالتقاليد البريطانية لن يتدخلوا في نزاع من هذا النوع إلا بطلب الفريقين.<ref name=":92" /> ولم يكن ابن سعود يطلب ذلك وهو متأكد من النصر.<ref name=":92" /> وذُكر أنَّ الحسين طلب مساعدة بريطانيا ولكن بريطانيا أعلنت حيادها.<ref name=":92" /> وبعث قناصل الدول الأجنبية في جدة إلى أميري جيش ابن سعود معلنين حياد حكوماتهم تجاه الحرب النجدية الحجازية، وأنَّ ما يهمهم فقط سلامة رعاياهم في الحجاز.<ref name=":92" /> كانت المفاوضات حول المعاهدة البريطانية الحجازية على حالها منذ أربع سنوات، ويبدو ذلك سببًا في إعلان الحياد البريطاني.<ref name=":92" />


=== تنازل الحسين عن الملك لابنه علي ===
=== تنازل الحسين عن الملك لابنه علي ===
سطر 1٬430: سطر 1٬430:
}}</ref>
}}</ref>


دعا المجتمعون [[علي بن الحسين|الأمير علي]] للحضور إليهم من مكة، فوصل علي إلى جدة  في 3 أكتوبر 1924، وأبلغوه قرارهم بخلع والده، ومبايعته بالملك حقنًا للدماء،<ref>{{استشهاد بكتاب
دعا المجتمعون [[علي بن الحسين|الأمير علي]] للحضور إليهم من مكة، فوصل علي إلى جدة في 3 أكتوبر 1924، وأبلغوه قرارهم بخلع والده، ومبايعته بالملك حقنًا للدماء،<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الثورة العربية
| عنوان = الثورة العربية
| مؤلف1 = أمين سعيد
| مؤلف1 = أمين سعيد
سطر 1٬747: سطر 1٬747:
=== الوصول إلى قبرص وحياته في المنفى ===
=== الوصول إلى قبرص وحياته في المنفى ===
[[ملف:علم الثورة العربية الكبرى في متحف صرح الشهيد.jpg|تصغير|267x267بك|علم [[مملكة الحجاز]] في متحف صرح الشهيد في [[عمان (مدينة)|عمان]]]]
[[ملف:علم الثورة العربية الكبرى في متحف صرح الشهيد.jpg|تصغير|267x267بك|علم [[مملكة الحجاز]] في متحف صرح الشهيد في [[عمان (مدينة)|عمان]]]]
وصل  الحسين إلى قبرص ونزل في مدينة [[نيقوسيا]] في 22 يونيو 1925<ref name=":32">{{استشهاد بكتاب
وصل الحسين إلى قبرص ونزل في مدينة [[نيقوسيا]] في 22 يونيو 1925<ref name=":32">{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الإمام العادل
| عنوان = الإمام العادل
| مؤلف1 = عبد الحميد الخطيب
| مؤلف1 = عبد الحميد الخطيب
سطر 1٬755: سطر 1٬755:
| مؤلف1 = جيسم موريس
| مؤلف1 = جيسم موريس
| صفحة = 85
| صفحة = 85
}}</ref> وأرسل الأمير عبد الله ولده الأكبر [[طلال بن عبد الله بن الحسين|طلال]]  ليقوم على خدمة جده.<ref name=":32" /> وشاع في الجرائد أنَّ الحسين أسير حرب لدى الحكومة البريطانية، فأرسل الحسين في 22 أغسطس 1925 كتابًا إلى رئيس وزراء بريطانيا [[ستانلي بلدوين]]، تذمَّر فيه من تلك الإشاعة وما تُحدثه من قلق له ولذويه، واتهم بريطانيا في كتابه بمساعدة ابن سعود على غزو الحجاز.<ref>{{استشهاد بكتاب
}}</ref> وأرسل الأمير عبد الله ولده الأكبر [[طلال بن عبد الله بن الحسين|طلال]] ليقوم على خدمة جده.<ref name=":32" /> وشاع في الجرائد أنَّ الحسين أسير حرب لدى الحكومة البريطانية، فأرسل الحسين في 22 أغسطس 1925 كتابًا إلى رئيس وزراء بريطانيا [[ستانلي بلدوين]]، تذمَّر فيه من تلك الإشاعة وما تُحدثه من قلق له ولذويه، واتهم بريطانيا في كتابه بمساعدة ابن سعود على غزو الحجاز.<ref>{{استشهاد بكتاب
| عنوان = الثورة العربية
| عنوان = الثورة العربية
| مؤلف1 = أمين سعيد
| مؤلف1 = أمين سعيد
سطر 1٬797: سطر 1٬797:
| مؤلف1 = أحمد شفيق باشا
| مؤلف1 = أحمد شفيق باشا
| صفحة = 291،154
| صفحة = 291،154
}}</ref>  والتقى هناك مع [[أحمد وفيق باشا|أحمد شفيق باشا]] الذي كان يصطاف في قبرص، وزار أحمد شفيق الحسين يوم 27 أغسطس  1927، وقال على لسان الحسين إنه عندما طلبت بريطانيا مغادرة الحسين العقبة طلب الحسين منها أن تختار له بلدًا غير مصر وتركيا وأوروبا فاختارت له قبرص.<ref name=":33" /><ref name=":34" />
}}</ref> والتقى هناك مع [[أحمد وفيق باشا|أحمد شفيق باشا]] الذي كان يصطاف في قبرص، وزار أحمد شفيق الحسين يوم 27 أغسطس 1927، وقال على لسان الحسين إنه عندما طلبت بريطانيا مغادرة الحسين العقبة طلب الحسين منها أن تختار له بلدًا غير مصر وتركيا وأوروبا فاختارت له قبرص.<ref name=":33" /><ref name=":34" />


جرت مراسلات بين الحاج [[أمين الحسيني|محمد أمين الحسيني]] والحسين سنة 1929 جاءت بطلب من الحاج الحسيني،<ref name=":33" /> الذي بعث إلى الحسين طالبًا إرسال ما لديه من عهود ووثائق تنفع أهل فلسطين أمام لجنة التحقيق البريطانية،<ref name=":33" /> فأجاب الحسين على طلب الحاج الحسيني، وأرفق إجابته بكتاب كان قد بعثه إليه [[آرثر جيمس بلفور|اللورد بلفور]]، وحمله إلى الحسين «الكولونيل باست» سنة 1918،<ref name=":33" /> وكتب الحاج الحسيني مرة ثانية إلى الحسين فأجابه الحسين بعد ثمانية أيام، وأرفق بجوابه صور مراسلاته مع مكماهون.<ref>{{استشهاد بكتاب
جرت مراسلات بين الحاج [[أمين الحسيني|محمد أمين الحسيني]] والحسين سنة 1929 جاءت بطلب من الحاج الحسيني،<ref name=":33" /> الذي بعث إلى الحسين طالبًا إرسال ما لديه من عهود ووثائق تنفع أهل فلسطين أمام لجنة التحقيق البريطانية،<ref name=":33" /> فأجاب الحسين على طلب الحاج الحسيني، وأرفق إجابته بكتاب كان قد بعثه إليه [[آرثر جيمس بلفور|اللورد بلفور]]، وحمله إلى الحسين «الكولونيل باست» سنة 1918،<ref name=":33" /> وكتب الحاج الحسيني مرة ثانية إلى الحسين فأجابه الحسين بعد ثمانية أيام، وأرفق بجوابه صور مراسلاته مع مكماهون.<ref>{{استشهاد بكتاب
سطر 1٬811: سطر 1٬811:
}}</ref>
}}</ref>


وذُكر أنَّ أولاد الحسين علي وعبد الله وفيصل عقدوا اجتماعًا مع والدهم في قبرص بتديير بريطاني للضغط على ابن سعود،<ref name=":33" /> فكان جواب الحسين لأبنائه:<ref name="مولد تلقائيا12" /> {{اقتباس مضمن|إياكم يا أولادي من الوقوع في شرك الانكليز مرة أخرى، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، عليكم بالاتفاق مع ابن سعود، إنه خير لكم من الانجليز، أوليس أنه عربي مثلكم، دمه دمكم ولحمه لحمكم ولغته لغتكم. إني أوثر أن يظل ابن سعود مسيطرًا على الحجاز بل على البلاد العربية كلها من أنْ أرى الإنكليز مسيطرين عليها}}. اعتبر المؤرخ عيسى السفري هذه الوصية إحدى حسنات الحسين، بالإضافة إلى إعلانه الثورة ورفضِه [[وعد بلفور]] وتضحيته بملكه لأجل فلسطين.<ref name="مولد تلقائيا12" />
وذُكر أنَّ أولاد الحسين علي وعبد الله وفيصل عقدوا اجتماعًا مع والدهم في قبرص بتدبير بريطاني للضغط على ابن سعود،<ref name=":33" /> فكان جواب الحسين لأبنائه:<ref name="مولد تلقائيا12" /> {{اقتباس مضمن|إياكم يا أولادي من الوقوع في شرك الانكليز مرة أخرى، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، عليكم بالاتفاق مع ابن سعود، إنه خير لكم من الانجليز، أوليس أنه عربي مثلكم، دمه دمكم ولحمه لحمكم ولغته لغتكم. إني أوثر أن يظل ابن سعود مسيطرًا على الحجاز بل على البلاد العربية كلها من أنْ أرى الإنكليز مسيطرين عليها}}. اعتبر المؤرخ عيسى السفري هذه الوصية إحدى حسنات الحسين، بالإضافة إلى إعلانه الثورة ورفضِه [[وعد بلفور]] وتضحيته بملكه لأجل فلسطين.<ref name="مولد تلقائيا12" />


== وفاته ==
== وفاته ==
سطر 2٬111: سطر 2٬111:
* {{استشهاد بكتاب
* {{استشهاد بكتاب
| عنوان = الأعلام
| عنوان = الأعلام
| سنة = 2002
| وصلة = https://archive.org/details/ZAR2002ARAR
| مؤلف1= خير الدين الزركلي
| مؤلف1= خير الدين الزركلي
| ناشر =  
| ناشر =  
| سنة =
| طبعة =  
| طبعة =  
}}
}}

قائمة التصفح